الجمعة، 6 نوفمبر 2009

خصائص التبادل الإعلامي الدولي

خصائص التبادل الإعلامي الدولي
دراسة كتبها في طشقند بتاريخ 9/12/2007 أ.د. محمد البخاري: عربي سوري مقيم في أوزبكستان، دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب ، اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
أشار مارشال ماكلوهين، إلى أن مضمون الرسائل الإعلامية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التقنيات التي تستخدمها وسائل الإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسالتها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، تحدد طبيعة وكيفية معالجتها لمشاكل المجتمع. وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظل ظروف معينة، وتؤثر على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها. فوسيلة الإعلام هي امتداد لحواس الإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة الإليكترونية توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني،[1] ووسائل الإعلام الجماهيرية الحديثة، - كامتداد لحواس الإنسان - توفر للإنسان الزمن والإمكانيات، وتشكل تهديداً له، لأنه عندما تمتد يد الإنسان وحواسه عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، تستطيع هذه الوسائل أن تمد يد المجتمع إليه، كي تستغله وتسيطر عليه. ولكي نمنع احتمالات التهديد يجب مراعاة أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لأنه بمعرفة كيفية تشكيل التكنولوجيا الحديثة للبيئة المحيطة بنا نستطيع أن نسيطر عليها ونتغلب تماماً على نفوذها أو قدرتها الحتمية. وفي الواقع، بدلاً من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن متلقي الرسالة الإعلامية يجب أن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأ نتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم، كما ويجب اعتبار التغيير التكنولوجي حتمياً لا مفر منه، وهو ما يحدث فعلاً، لأننا إذا فهمنا عناصر التغيير يمكننا أن نسيطر عليه ونستخدمه لصالحنا في أي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهه، كما يحدث لدى البعض أحياناً !.
ومن المشاكل التي تواجه عملية التبادل الإعلامي الدولية أهمية مراعاة الظروف البيئية المحيطة بالإنسان، واختلافها من دولة إلى دولة، بل واختلافها من منطقة إلى أخرى داخل الدولة ذاتها، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن يحيط خبراء الإعلام والصحفيين بالاعتبارات البيئية والظروف المحيطة بالإنسان، وإذا كان هذا الإلمام أكثر سهولة في الإعلام الداخلي، فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للإعلام الخارجي، حيث تتعدد الاعتبارات البيئية وتتنوع الظروف واللغات، وتختلف من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى منطقة، ومن قارة إلى قارة. ومع تزايد وسائل الإعلام الجماهيرية وتطورها واتساعها، أصبح العالم أقرب إلى القرية العالمية، ومما ساعد على ذلك تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال الأفراد والسياح، وهجرة السكان من أماكن سكنهم الأصلية، والإقامة الطويلة لرعايا دولة معينة لدى دولة أخرى بقصد الدراسة أو العمل، وتزايد حجم وسرعة وتنوع المراسلات، ودخولها عصر الحوار المباشر عبر شبكات الاتصال العالمية بين مختلف دول العالم، وتطور البث الإذاعي والتلفزيوني واتساع استخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصال ونقل المعلومات، وهو ما ساعد على الاحتكاك بالأمم المتقدمة وحدوث تحول ثقافي واجتماعي عالمي، برزت معه قيم ومعتقدات جديدة لم تكن متوقعة من قبل، لم بجر تقدير أثرها بالكامل بعد.[2] ومن هنا فإن على خبراء الإعلام والصحفيين أن يدركوا كل تلك المتغيرات عند إعدادهم وتنفيذهم للحملات الإعلامية الموجهة للداخل والخارج على السواء، كي لا تحدث إخفاقات تؤدي إلى عدم استجابة المستقبل لمضمون الرسائل الإعلامية الموجهة إليه، وأن لا يكون رد فعله مغاير لأهداف الحملة الإعلامية الموجهة. وأن يؤخذ في الحسبان أيضاً اختلاف درجات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وتباين النظم والمعتقدات السياسية والإيديولوجية بين دول العالم المختلفة، ودرجات التباين بين دول النظام المتشابه.
الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي: رغم أن العالم لم يزل يتجه باضطراد نحو تحطيم الحواجز القائمة بين الشعوب، واتجاه وسائل الإعلام الجماهيرية في العديد من دول العالم نحو الاتسام بطابع العالمية، ورغم التقدم الهائل لوسائل الاتصال نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية في العالم، لم تزل تعتمد في القسط الأكبر من أخبارها على وكالات الأنباء العالمية: رويتر، والأسوشيتد بريس، واليونيتد بريس، ووكالة الأنباء الفرنسية، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها وكالات الأنباء الوطنية، وشبكة المراسلين الأجانب في جميع دول العالم تقريباً، والذين يراسلون مباشرة وسائل الإعلام الجماهيرية التي ينتمون إليها والمنتشرة في مختلف دول العالم. ونرى أن الاحتكار والتركيز في عملية التبادل الإعلامي الدولي لم تزل مرتبطة بالمشاكل السياسية والاقتصادية التي سبق وأشرنا إليها، والتي نتج عنها احتكار قلة قليلة من دول العالم لمصادر الأنباء العالمية من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف والمجلات الهامة والمنتشرة عالمياً، إضافة لاحتكارها لوسائل الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الأقمار الصناعية التي تتولى نقل ما تبثه وسائل الإعلام الجماهيرية إلى كافة أنحاء العالم.
تأثير التبادل الإعلامي الدولي على عملية اتخاذ القرارات: وتتمتع وسائل الإعلام الجماهيرية بتأثير هام على الجمهور وخاصة في الميدان السياسي، ولذلك كان لابد عند دراسة تأثير وسائل الإعلام الجماهيرية على عملية اتخاذ القرارات، من الأخذ بعين الاعتبار تأثير هذه الوسائل على الزعماء السياسيين، واستناداً لعدة أبحاث وجدنا أن قائد الرأي لا يبحث غالباً عن دور قائد الرأي، وأحياناً ليس لديه شعور بدوره كقائد رأي، ولكن قادة الرأي هؤلاء يتميزون بعدة خصائص منها: أنهم يمثلون الجماعات التي ينتمون إليها ويؤثرون فيها جيداً؛ وأنهم قادة للرأي في مجال اختصاصهم الذي يتناسب والمجموعات التي يؤثرون فيها؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعة التي ينتمون إليها معرضون لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعات التي ينتمون إليها على اتصال مع غيرهم من قادة الرأي؛ وأنهم متواجدون في كل الأوساط الاجتماعية. ولما كان لوسائل الإعلام الجماهيرية من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي، المقدرة على تقرير ما ينبغي أن يعرف وما ينبغي الاحتفاظ به، فإنها بقيت تتمتع بأهمية خاصة في العلاقات الدولية،[3] وقد تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بمجرد نقل المعلومات الصادرة من قبل واضعي السياسة إلى الجمهور الإعلامي، دون أي اعتبار لدور الرأي العام في وضع تلك السياسة، كما يحدث في أكثر البلدان النامية. أو قد تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية لدعم أهداف سياسية معينة، أو لخلق أحداثاً معينة من خلال التمهيد لها، والمساهمة في خلق ودعم وجهة النظر المعارضة، وهذا يفسر قيام بعض المخططين السياسيين، في البلدان المتقدمة بوجه الخصوص، بوضع وسائل الإعلام الجماهيرية والرأي العام في مرتبة واحدة، يؤثر كلاً منها بالآخر ويعكس صورة الآخر، ويشمل هذا الوضع أيضاً، واضعي السياسة الخارجية للدولة، من خلال تعاملهم مع وسائل الإعلام الجماهيرية المحلية والدولية، والرأي العام المحلي والعالمي.
ويميل المخططون السياسيون إلى اعتبار أن وسائل الإعلام الجماهيرية تعكس في الحقيقة مواقف الرأي العام، وكثيراً ما يقبل المخطط السياسي ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية على أنها انعكاساً للحقيقة التي يراعيها عند رسم الخطة السياسية المطلوبة. ولكن الحقيقة أن المؤسسات الإعلامية في أي بلد من بلدان العالم غالباً ما تحدد أسبقيات ما تنشره وما لا تنشره من خلال ظروف تقنية بحتة لا علاقة لها البتة بالموضوع المنشور، وتتحكم بالزمن المتاح في الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، والمساحة المتاحة على صفحات الصحف والمجلات. ويؤثر التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية للدولة، من خلال مساهمته بإمداد أصحاب القرار بالمعلومات اللازمة، التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار معين.
ويبرز دور التبادل الإعلامي الدولي من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون العالمية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، إبان الأزمات السياسية والاقتصادية، والكوارث الطبيعية، والأخطار التي تهدد بلادهم أو تهدد البشرية، والصدامات العسكرية الساخنة، أو التهديد باستخدام القوة العسكرية على الساحة الدولية. حيث يعتمد أصحاب القرارات الحاسمة عند دراستهم للظروف والأوضاع من كل الجوانب، قبل اتخاذ القرار اللازم، على ما توفره مصادر الإعلام الدولية، والمصادر الدبلوماسية، ومصادر أجهزة أمن الدولة، ولهذا تعكف بعض المؤسسات العلمية على دراسة العلاقة بين عملية التبادل الإعلامي الدولي وعملية اتخاذ القرارات السياسية، من قبل الزعماء السياسيون، كواحدة من مؤشرات العلاقات الدولية بشكل عام.
ومن الأبحاث الإعلامية الكثيرة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، الدراسة التي قامت بها مجلة Public Opinion Quarterly لمعرفة عادات القراءة لدى قادة الرأي الأمريكيين،[4] وأظهرت أن وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة من قبل كبار قادة المؤسسات السياسية والاقتصادية الأمريكية، تعتبر مصادر معلومات يؤخذ بها من قبلهم، لاتخاذ القرارات ومزاولة مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية. وتناولت الدراسة 545 شخصاً من بينهم: منفذون في المجالات الصناعية؛ ومنفذون في المجالات غير الصناعية؛ وأصحاب ثروات كبيرة؛ وزعماء الجمعيات الخيرية؛ وأعضاء الكونغرس الأمريكي؛ ورؤساء اتحادات عمالية؛ وموظفون فيدراليون؛ وكبار موظفي الخدمة المدنية؛ وشخصيات رسمية في الأحزاب السياسية؛ وعاملين في المؤسسات الصحفية؛ وشخصيات من البيت الأبيض؛ وأكاديميون اقتصاديون؛ وغيرهم. وأظهرت نتائج الدراسة أن الشرائح الاجتماعية المدروسة تطالع الصحافة الدورية بنسب مؤية تتراوح ما بين 84% و 2%، وأن أكثر الصحف مطالعة بين رجال الكونغرس هي "الواشنطن بوست" 82%، وأقلها مطالعة هي الـ"وول ستريت جورنال" 31 %، ومن بين المجلات "يو إس نيوز إند وورلد ريبورت" 70% وأقلها "فورين إفيرز" 16% أي أن رجال الكونغرس يفضلون مطالعة الصحف أكثر من المجلات، بفارق واضح. وبقي أن نؤكد هنا على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة. وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والدولي.
فاعلية التبادل الإعلامي الدولي: تساعد وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها، وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين، كما وتساعد وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية على تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال، أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه من مضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها،[5] ولا بد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية، ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة، والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، تعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق أزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر: المناهج الاستقرائية التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم في جيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند وزملائه، وجرى من خلال تلك الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجريب المحكم بالتركيز على العناصر التالية:[6] القائم بالاتصال وتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية، وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية، أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم الأثر النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال، وتبين أن الرسالة الإعلامية تزيد من فاعلية الحملة الإعلامية الدولية ويمكن أن يتم ذلك في حالة إذا توافقت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية، واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية، وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة. وتبين أن الوسيلة الإعلامية والرسالة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها، وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة إعلامية جماهيرية في القطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية، وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة، لأن موقف مستقبل الرسالة الإعلامية يتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري والإقليم الجغرافي والنظام الذي ينتمي إليه.
وتركز المناهج الاستنباطية المعتمدة على النظرية السلوكية، على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها. وتعمل نظرية المعرفة، على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، وتعتمد كلها على عملية الاتصال.
وعملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي هي مجموعة وسائل تربط بني البشر ببعضهم البعض، وتحقق التفاعل والعلاقات الإنسانية، وقد تعرَّف على أنها عملية لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة، وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم، وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم،[7] ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام اللغة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و (الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة، لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين).[8] وهذا إيضاح لمحور العلاقة التي حددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل، حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب؛ الخطبة؛ الجمهور، وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره لهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث تنشئته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.[9]
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بأن المرسل لا يعرف القصد مما عاين أو سمع، وينقل الخبر كما يظن ويخمن فيقع في الكذب في كثير من الأحيان، وأن الرسالة من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية – الرسالة، وقد أوجب ابن خلدون على المستقبل أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.[10]
وهناك عدة نظريات للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن في الاتصال التي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي: المرسل: يستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر؛ الرسالة: يستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة؛ والتغذية العكسية: أو راجع الصدى وهي الاستجابة للرسالة (المثير) تلك التي تعود إلى المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية.[11] وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال.
أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال بـ"الإمتاع" على أساس أن "المستقبل" يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، وأنه لكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد فمن الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل. ويلاحظ أن الموقف الاتصالي في هذه النظرية من شروطه: إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية؛ وصياغة الرسالة بأسلوب شيّق وتعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال مستمر بمصادر المعلومات؛[12] وإتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات.[13]
أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي على النحو التالي: المرسل: وهو الذي يؤلف وينقل الرسالة؛ والرسالة: هي ما يرغب المرسل إرساله إلى المستقبل من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية؛ والمستقبل (الجمهور الإعلامي): وهذا الجمهور- من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه تلك الرسالة مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال السمعية والبصرية مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل.[14]
أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباطه ببقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. وبذلك أعتبرها موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى.[15] وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على: المرسل: وهو المجتمع؛ والرسالة: وهي التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها؛ والمستقبل: وهو المجتمع أيضاً؛ ووسائل الاتصال: مثل الإذاعة، والتلفزيون والصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما يجب أن ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، ولكي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي ليست حكراً على أحد.[16]
أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بـ: المرسل: (أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات؛ والرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي إلى مبحوث يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال؛ والمستقبل: وهو الذي يتلقى الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز الذي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي إلى إيصال التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات.[17]
أما هودينت فقد حدد العناصر الفعالة لعملية الاتصال في سبعة عناصر هي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة مستقبل؛ واستجابة.[18]
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، هو: كيف تؤثر وسائل الإعلام في إشباع حاجات الفرد الاجتماعية ؟ لأن الوسائل تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل عملية الاتصال المتبادل، وهذا يعني أن وسائل الإعلام تقدم إلى جمهور واسع من الناس، معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة خاصة لها أهمية اجتماعية. ولكن ليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. إن هذا النقص في الارتباط بالعالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، ويستطيع الراديو أو التلفزيون أن يسديا له خدمة كبرى. فصوت الراديو يبعد شعوره بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها الراديو وهذا ينطبق على التلفزيون ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني، ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية، اهتماماً كبيراً لوسائل الإعلام ؟[19] والجواب لأن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تمنحه تعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي، وليستطيع أن يكوّن صلة اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك،[20] وهكذا فإشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، قد أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. ويبدو كأنها قضية للتكيُّف وهو ليس متعلقاً بسؤال (ماذا) فقط، وإنما بـ (كيف) و(لماذا) أيضاً وهذا يعني أن الإنسان يحتاج للتكيُّف لكي يستوعب، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى في مواقف معينة، ليسدي له بالنصيحة عن كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الإعلام الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات مميزة لقيم المجتمع ومستجداته.[21] ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوافر لموقف نقل الخبرة جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر تلك العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعليم المنتظر، ولتقدير فاعلية نقل الخبرة ينبغي مراعاة إعطاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
ويمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال أولاً: بالمصدر: سواء أكان فرداً أو مجموعة من الأفراد، وهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها، وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تنقص المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية، وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال؛[22] وثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر، ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين، وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها، وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التعليم يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو إلى مواد التعلم الأخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف التعليمي والاتصالي؛ ثالثاً: الرسالة الإعلامية: التي تعتبر أن عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي إلى إضعاف عملية الاتصال، ومثال على ذلك ما يحدث في تعلم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار، فمن غير المشكوك به أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم، ولهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعاد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال؛ ورابعاً: يمكن أن يكون التوافق بين المرسل والمستقبل عندما يراعى في عملية الاتصال بينهما مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية... إلخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل، الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.[23]
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين مواطني البلد الواحد والمجتمعات المختلفة، وقد تسابقت فعلاً قنوات إذاعية عربية منذ خمسينات القرن الماضي، ومن ثم تلفزيونية عربية فضائية منذ تسعينات القرن الماضي لإنتاج برامج منوعات هامة هدفها نيل ثقة المجتمع العربي واستقطاب أكبر نسبة من المستمعين ومن ثم المشاهدين. وفي خضم الحملة الأخيرة برزت وانتشرت بقوة ظاهرة تعريب برامج أجنبية، رغم أنها تتطلب تحضيرات خاصة وفرق عمل محترفة إضافة لمبالغ هائلة من الأموال، مما يفرض الحاجة للتساؤل عن كيفية انتقاء تلك البرامج ومعايير اختيار أفكارها وتنفيذها من البداية وحتى النهاية، لتتلاءم مع المجتمعات العربية والتعديلات التي تجرى عليها كي تنسجم مع أذواق الجمهور العربي وأفكاره في وقت أصبح ما تبثه القنوات التلفزيونية الفضائية لا يتقيد لا بالقوانين المعمول بها ولا بالتقاليد ولا بالأعراف المتعارف عليها محليا في معظم الدول العربية، وكانت المؤسسة اللبنانية للبث التلفزيوني (LBC)، السباقة في تعريب وإنتاج برامج أجنبية، منها على سبيل المثال لا الحصر برامج: «يا ليل يا عين» و«ستار أكاديمي» و«حلها واحتلها» و«قسمة ونصيب» و«من سيربح المليون».[24] وتبقى الأهداف الحقيقية من وراء تعريب تلك البرامج الأجنبية بالذات، والتسهيلات الكبيرة التي قدمها أصحاب حقوق تأليفها ونشرها الأجانب للناشر الجديد، بحاجة لدراسة أكاديمية بحتة تقوم بها جهات معنية مختصة في الدول العربية لمعرفة مدى تلبيتها لأذواق كل الشرائح الاجتماعية، وأسباب الاعتماد على تلك البرامج الأجنبية، ومدى تأثيرها على إنتاج البرامج المحلية وعلى اللغة العربية التي تتعرض في الوقت الحاضر لهجمة شعواء من قبل قوى كثيرة. وهل الدافع الحقيقي هو إشراك الجمهور في البرامج، وهل هذا الإشراك هو لإثبات الانتشار لتحقيق أرباح تجارية عن طريق الحصول على إعلانات تجارية باهظة الثمن، أم دفع الآلاف للتصويت هاتفياً وعبر خدمة الرسائل النصية القصيرة (SMS) بالغة التكاليف بمجموعها، وأخيراً من المستفيد منها، وهل هي لترسيخ بيئات ثقافية واجتماعية أوروبية وأميركية في أذهان المشاهدين العرب لإحداث تغيير مطلوب في طريقة وأسلوب التفكير عن الإنسان العربي، ولتحديد إيجابيات وسلبيات تلك التصرفات على المجتمع العربي في وقت يتعرض فيه لأقسى أنواع الغزو الثقافي ؟؟؟؟ وكلها تحتاج للدراسة وللتفكير والتحليل لمساعدة المسؤول في موقع مسؤوليته والبحث عن مخرج خوفاً من أن تكون تلك التصرفات شكلاً من أشكال الغزو الثقافي المبطن الذي يطال المجتمع العربي في الصميم.
مصادر ومراجع إضافية:
1. أحمد صوان: أوراق ثقافية .. عن الإعلام وعيد الصحفيين. // دمشق: تشرين، 19/8/2007.
2. صفات سلامة: الإعلام العلمي العربي: الواقع.. والمأمول. // الرياض: الشرق الأوسط، 21/8/2007.
3. ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
4. أ. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006؛ - التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006؛ (باللغة الروسية)
5. أ. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006؛ (باللغة الروسية)
6. أ. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006؛ (باللغة الروسية)
7. أ. د. محمد البخاري: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع، الاختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجيا؛ والمشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي". طشقند: 2005؛ (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
8. أ. د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004؛ - قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004؛ (باللغة الروسية)
9. أ. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م؛ - المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320/2003.
10. أ. د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001؛ (باللغة الروسية)
11. أ. د. محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988؛ (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
12. أ. د. محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
13. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
14. فيصل عباس: مردوخ يشتري «داو جونز».. و«حاجز» لمنع تدخله في تحرير «وول ستريت جورنال» // لندن: الشرق الأوسط 1/8/2007؛ - مدير تسويق «إم بي سي»: نعمل على تطوير دخلنا من مصادر غير الإعلان. // لندن: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
15. كيف نصون لغتنا في عصر العولمة. // دمشق: الثورة، 17/9/2209.
16. كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007؛ الصحافة.. علم يدرس أم مهارة تكتسب؟ // لندن: الشرق الأوسط، 9/9/2007؛ - هل جاء عصر التحالفات الإعلامية العربية؟ اندماج «روتانا» و«إل بي سي» يسلط الضوء على مستقبل «التكتلات» في المنطقة. // الرياض: الشرق الأوسط 12/8/2007.
هوامش:
[1] للمزيد أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. القاهرة: دار الفكر العربي، 1978. ص 573.
[2] للمزيد أنظر: كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007. - ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
[3] للمزيد أنظر: جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. // عمان: صحيفة الدستور، عدد 1/7/1997.
[4] للمزيد أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1984. ص 631-658.
[5] للمزيد أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق. ص 97-100. و
- John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971, p. 61.
[6] Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960, pp. 108-109.
[7] للمزيد أنظر: ليستر يبرسون: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة: دار المعارف بمصر 1971. ص 35 وما بعدها؛ - د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 1993. ص 7-13.
[8] للمزيد أنظر: محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. بيروت: مطبعة كريدية. 1974؛ - سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. بيروت: معهد الإنماء العربي. 1978.
[9] Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic Order, Vienna 1980. p. 41.
[10] للمزيد أنظر: حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983. ص 105. - مقدمة ابن خلدون. بيروت: دار القلم، 1978.
[11] للمزيد أنظر: التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد" 4-6 تشرين أول/أكتوبر 1982. // مجلة العمل العربي العدد 25/1982. ص 105.
[12] [12] للمزيد أنظر: د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. // تونس: مجلة الإعلام العربي. العدد 2/1982. ص 78.
[13] للمزيد أنظر: أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970. ص 9 وما بعدها.
[14] للمزيد أنظر: ليستر يبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1971. ص 233.
[15] للمزيد أنظر: د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. بيروت: دار الطليعة. 1971. ص 74.
[16] للمزيد أنظر: محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. // مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
[17] للمزيد أنظر: إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، القاهرة: مطابع الأهرام، 1977. ص 28.
[18] للمزيد أنظر: اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
[19] للمزيد أنظر: د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983. ص 11.
[20] للمزيد أنظر: د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. // مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982. ص 82.
[21] للمزيد أنظر: ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. دمشق: وزارة الثقافة، 1969.
[22] للمزيد أنظر: د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. . بغداد: معهد البحوث والدراسات العربية 1983. ص 31 وما بعدها
[23] للمزيد أنظر: نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. دمشق: وزارة الثقافة، 1980. ص 150.
[24] للمزيد أنظر: كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.

هناك تعليق واحد: