رأي
صحيفة الوطن العمانية 23/6/2012 سوريا .. جهود الحل الآن وليس بعد
لا تزال جهود الغيورين على السلم الأهلي في
سوريا وحقن الدماء وحفظ تلك البلاد العزيزة من التفكك والتمزق وبقائها موحدة
تتواصل، حيث يشددون على أن خطة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول
العربية إلى سوريا هي الضمانة الوحيدة والمتاحة حاليًّا لإنهاء الأزمة، باعتبار أن
المدخل الحقيقي إلى ذلك هو الحلول السياسية والمنطقية التي يجب أن تفرض نفسها
بعيدًا عن العواطف أو المصالح والمطامح الشخصية لدى قيادات من المعارضة السورية
والتي بدت تطفو على السطح لتعطي مزيدًا من الأدلة على أن الاحتجاجات الجارية ما هي
إلا وسيلة للتعجيل لتحقيق تلك المصالح والمطامح، حيث يجري تصعيد تلك الاحتجاجات
وتأجيجها عبر وسائل عدة بالتحريض وارتكاب المجازر، بما لا يدع مجالًا للشك في أن
الأزمة السورية القائمة قد تجاوزت بمراحل مطالب المحتجين المتمثلة في المساواة
والعدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة إلى أبعاد أخطر تهدد ببقاء الدولة
السورية برمتها.
أنان
لم يهدأ له بال من أجل إقناع العالم الحر بأن لا حل في الأفق غير خطته، وهذه
سويسرا أيضًا لم يرضها الحال السوري فباشرت بالاتصال مع فريق أنان للبحث في احتمال
استضافة مؤتمر دولي حول سوريا، أما روسيا الخبيرة بتحركات الولايات المتحدة
وحلفائها ومخططاتهم الماكرة في المنطقة، فلم تقف مكتوفة الأيدي وتحاول إقناع أصحاب
الأجندة والمشاريع في سوريا بضرورة إشراك كل من له دور أو تأثير في سوريا في
المؤتمر القادم، ولأن الحل السياسي مرفوض، ولأن الحل المطلوب هو على طريقة راعي
البقر "الكاوبوي"، يتم تحت الكواليس إفشال كل جهد ممكن، في وقت تقول فيه
كل الأدلة والبراهين إن وقت الحل الآن وليس بعد.
وما
يزيد الأزمة تعقيدًا اليوم هو ظهور حالة الزاوج غير الشرعي بين تلك المصالح
والمطامح وبين الأبعاد الاستراتيجية التي أخذت تنكشف وتتأكد يومًا بعد يوم، لتفصح
بصورة لا تقبل الجدل عن مستقبل جديد اختير وفُصِّل منذ زمن، وما يجري الآن هو
محاولات إدخال سوريا عنوة في مستقبلها الجديد. وإلا ما معنى أن تقوم وكالة
الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" بالإشراف على تهريب الأسلحة إلى
الداخل السوري وضمان وصولها إلى المعارضة السورية المسلحة، والتمسك بخيار التسليح
من قبل قوى داعمة للمعارضة السورية وضخها الأموال من أجل تحقق ذلك.
وإزاء
ذلك تبقى جهود النزيهين والغيورين على السلم والأمن السوري والدولي صامدة لم تعرف
للمستحيل طريقًا، ولعل كوفي أنان نفسه يرى أن أي نجاح لخطته لن يكون نجاحًا لجهوده
وحده، وإنما نجاح لجهود المؤيدين لخطته والمتبنين لها صدقًا لا كذبًا، عملًا لا
قولًا، أمانة لا خيانة، ولا مراوغة ولا خداعًا، نجاح في انتشال الشعب السوري الأبي
من محنته والذي يتم جره إلى مصير غامض ومستقبل مبهم، يتجسد في عمليات التفجير
والمجازر من ناحية، والحصار الاقتصادي الخانق، واللعب بالمعارضة السورية وتشتيتها
وفكفكتها وبعثرتها حتى تستمر، ونشر مجاميع مسلحة هنا وهناك في الأرض السورية لتعبث
بالدم السوري ويتم نسبها للحكومة السورية، وواقع الحال يقول كيف يعقل أن يقوم من
يتولى حماية الدم السوري بسفحه، وهو واقع بين طرفي كماشة دولية تخنق وتزنق؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق