الأحد، 21 أكتوبر 2012

نظام للأمن المعلوماتي الدولي


نظام للأمن المعلوماتي الدولي.
دعت وفود أوزبكستان والصين والفيدرالية الروسية وطاجكستان في منظمة الأمم المتحدة لإصدار نظام دولي لتوفير الأمن المعلوماتي. ويبحث مشروع القرار الآن في إطار المشاورات الجارية بين الدول الأعضاء في الهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة.
وتضمنت الرسالة التي وجهها المندوبون الدائمون لأوزبكستان والصين وروسيا وطاجكستان للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أن "الهدف الرئيسي للنظام هو تقديم الضمانات لحقوق وإلتزامات الدول على الساحة المعلوماتية...". ويتحدث مشروع القرار عن أن النظام مفتوح لإنضمام أي دولة بشكل طوعي. ويشير إلى أنه على الدول "الإلتزام بعدم إستخدام تكنولوجيا المعلوماتية والإتصال ومن ضمنها الشبكات، من أجل القيام بأعمال مناهضة، وأعمالاً عدوانية، تحدث تهديدات للسلام العالمي والأمن أو نشر أسلحة معلوماتية أو أي تكنولوجيا مشابهة". ويدور الحديث في النظام حول تعاون الدول في مجال محاربة الجريمة والنشاطات الإرهابية عن طريق إستخدام تكنولوجيا المعلوماتية والإتصال. وتدعوا الوثيقة للتوقف عن نشر معلومات ذات طبيعة إرهابية وإنفصالية ومتطرفة، وكذلك المعلومات التي تهدد الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي للدول، وتهدد إسهاماتهم الثقافية والروحية.
وأشار مشروع القرار إلى أن على "الدول الإلتزام بتوظيف جهودها لتوفير تقديم المنتجات وتقديم الخدمات في مجال تكنولولوجيا المعلوماتية والإتصال في جميع مراحلها، ومنع إستخدام الدول الأخرى لمواردها، ومواقع بنيتها المعلوماتية الهامة، وتكنولوجيتها الرئيسية وغيرها، بشكل يمكن من تهديد حقوق الدول بإستخدام الرقابة المستقلة في مجال تكنولوجيا المعلوماتية والإتصال أو من أجل أيجاد تهديدات للأمن السياسي والإقتصادي والإجتماعي لغيرها من الدول". وتحدث عن إلتزام الدول المنضمة للنظام "بالإسهام في إحداث آلية دولية متعددة الأطراف بشفافة وديمقراطية لإدارة الإنترنيت، تسمح بتوفير العدالة في نشر الموارد، وتمكن الجميع من الوصول إليها، وتضمن الإستقرار والأمن في أداء الإنترنيت لوظائفها".
أعتقد أن مشروع القرار يمكن أن يحد من الإساءآت الحاصلة ضد الأمتين الإسلامية والعربية عبر شبكة الإنترنيت، وللدول الإسلامية والعربية مصلحة في الإنضمام لمشروع قرار إصدار نظام دولي لتوفير الأمن المعلوماتي للحد من الهجمات التي تتعرض لها الدول العربية ويتعرض لها الإسلام من بعض الجهات المسيئة في العالم عبر شبكة الإنترنيت خاصة وأن من بين مقدمي مشروع القرار دولاً لها علاقات طيبة مع الدول العربية، ودولاً أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
أ.د. محمد البخاري.      طشقند: 19/10/2012

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

نتائج الزيارة الرسمية للرئيس الأوزبكستاني إلى أذربيجان


نتائج الزيارة الرسمية للرئيس الأوزبكستاني إلى أذربيجان
تناولت الصحافة المحلية في أوزبكستان نتائج الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف إلى الجمهورية الأذربيجانية خلال يومي 11 و12/10/2012. وأشارت إلى أن علاقات الصداقة بين الدولتين لم تتعرض لهزات سياسة لأنها مبنية على أسس استمدت من الجذور التاريخية العميقة ومن تشابه التقاليد القومية وتقارب العادات واللغة والثقافة والدين، التي تتمتع بأهمية خاصة في العلاقات القائمة بين الدولتين والقائمة على المساعدة والدعم المتبادل بينهما على مختلف المستويات.
 الرئيسان إلهام علييف وإسلام كريموف
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن هدف الزيارة كان تعزيز مستقبل علاقات الصداقة بين البلدين، وتنفيذ الإتفاقيات التي تم التوصل إليها مسبقاً، وتحديد آفاق وأفضليات تطور العلاقات الثنائية. لأن أوزبكستان تعير دائماً أهمية خاصة لتعزيز العمل المشترك متعدد الجوانب مع أذربيجان. وأنها أقامت خلال سنوات الإستقلال علاقات تتميز بالثقة وغياب أي نوع من الخلافات أو المشاكل. وأن المباحثات بين الجانبين الأوزبكي والأذربيجاني جرت في أجواء من البرغماتية واستعرضت أوضاع العلاقات وآفاق تطويرها، وقضايا الأمن الإقليمي والدولي الهامة. وتم خلالها التوقيع على جملة من الوثائق الهامة تسمح برفع مستوى العلاقات الثنائية إلى مستوى نوعي جديد من الشراكة الإستراتيجية. وأثناء بحثهما قضايا الأمن الإقليمي عبر الجانبان عن أنهما يقفان إلى جانب التسوية السلمية للصراعات القائمة والتعامل مع مصادر التوتر من خلال الإلتزام بمبادئ وحدة أراضي الدول.
وأشارت إلى أن أذربيجان تواجه اليوم ظروفاً صعبة ناتجة عن إستمرار الصراعات في جنوب القوقاز، وأنها تقوم بخطوات ثابتة لتنفيذ برامج للتطور الإقتصادي، وتحقيق التقدم الإقتصادي، واستخدام الثروات الطبيعية الغنية للبلاد بفعالية. ولهذا أحدثت قاعدة صناعية تعتمد على التكنولوجيا المعاصرة، مما مكنها من توسيع صادراتها وساعد على تكاملها مع الأسواق العالمية. وأنها استفادت من موقها الجغرافي والإستراتيجي لتحتفظ بموقع هام في الإقليم.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أنه رغم عدم وجود حدود مشتركة لأوزبكستان مع أذربيجان إلا أنهما مرتبطتان من النواحي الجغرافية السياسية والجغرافية الإقتصادية التي تربط إقليمي جنوب القوقاز وآسيا المركزية. لأن أحداث السنوات الأخيرة أظهرت بوضوح أن في هذين الإقليمين الهامين في العالم تقع نقاط تشابك للسياسة العالمية، وتتركز فيها كميات ضخمة من المعادن والخامات وموارد الأوغليفودورود، وتتشابك فيها مقدرات ثقافية وتاريخية وإنسانية كبيرة، تتصام من أجلها مصالح مختلف القوى الخارجية والدول العظمى.
وأن الإقليمين يتميزان بخصائص مشتركة، تثبت ضرورة وأهمية وضع أساس إيجابي لتنسيق النشاطات والصلات المتبادلة من أجل توفير ظروف خارجية ملائمة من أجل توفير الأمن والتطور الإجتماعي والإقتصادي الثابت للبلدين والإقليمين. وأشارت إلى الدور الذي تلعبه أوزبكستان وأذربيجان لتحقيق الإستقرار من خلال ما تتحملانه من مسؤولية في المرحلة الراهنة، رافقها إزدياد الأخطار المستقبلية على الإقليمين، ويفرض على البلدين التجاوب معها بحرص.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن المحادثات تناولت مسائل تطور العلاقات الثنائية في المجالات التجارية والإقتصادية والنقل والمواصلات. وأن أوضاع التبادل التجاري الثنائي الراهنة لا تلبي المقدرات الإقتصادية التي تملكها أوزبكستان وأذربيجان ولابد من القيام بإجرءآت لرفع حجم التبادل التجاري إلى مستوى أعلى. وآخذين بعين الإعتبار المقدرات الأذربيجانية في مجالات صناعات النفط والغاز، أبدت أوزبكستان استعدادها لشراء معدات لصناعة النفط والغاز وقطع التبديل اللازمة لها، وشراء منتجات الصناعات البتروكيماوية وغيرها من المنتجات المنتجة في منشآت الجمهورية الأذربيجانية على المدى الطويل. وأبدت أوزبكستان استعداد منشآتها لتوريد السيارات الخفيفة وسيارت الشحن وحافلات نقل الركاب والمعدات الزراعية الحديثة ومنتجات التكنولوجيا الكهربائية، والصناعات الكيماوية، والنسيج، والإسمنت ومواد البناء، والأسمدة المعدنية وغيرها من البضائع إلى الجمهورية الأذربيجانية.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن رئيس جمهورية أوزبكستان أجرى خلال الزيارة لقاءآت ثنائية مع شركاء أذربيجانيين، بحث خلالها جملة واسعة من مسائل توسيع التعاون التجاري والإقتصادي. وخلال الجلسة الدورية الـ10 للجنة الحكومية المشتركة للتعاون بين أوزبكستان وأذربيجان عبر الجانبان عن إهتمامهما المتبادل لإستخدام إحتياطيات وإمكانيات البلدين من أجل تنمية العلاقات التجارية والإقتصادية، والتعاون في مجالات النقل والمواصلات والترانزيت، وتوسيع القاعدة الحقوقية والإتفاقيات المبرمة بين الجانبين. وخلال اللقاء التجاري الأوزبكي الأذربيجاني الذي جرى يوم 11/10/2012 وشارك فيه أكثر من 100 مندوب عن الشركات الأذربيجانية البارزة بحثت مقترحات محددة لتبادل جملة واسعة من البضائع. خاصة وأن الطلب في أذربيجان مرتفع على السيارات الخفيفة الحديثة المنتجة في مصانع شركة "جي إن أوزبكستان" بترخيص من شركة "شيفروليه". وأن أوزبكستان صدرت فعلاً لأذربيجان خلال السنوات الخمس الأخيرة نحو 4.5 ألف سيارة منتجة في أوزبكستان، ولهذا تم التوصل لاتفاقية تورد أوزبكستان بموجبها 3.3 ألف سيارة خلال السنوات القادمة لأذربيجان واتفقا على تقديم الموديل الجديد لسيارة "كوبالت" في باكو. كما تم الإتفاق على توريد حافلات الركاب، وسيارات شحن الحمولات الثقيلة، والتكنولوجيا المتخصصة، وتكنولوجيا الخدمات العامة في المدن، ومن بينها سيارات الإطفاء، وسيارات شطف الشوارع، والسيارت الرافعة وغيرها من الآليات المنتجة في أوزبكستان بترخيص من شركتي "مان" و"إسوزو" إلى أذربيجان.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن أكثر من 400 حافلة للركاب ماركة "سام أفتو" من إنتاج أوزبكستان تعمل على خطوط الركاب في أذربيجان في الوقت الحاضر وبفضل السمعة الجيدة التي حصلت عليها خطط لتوريد 150 منها إلى أذربيجان خلال عام 2013. كما واستعرض الجانبان إمكانية تصدير حصادات وتراكتورات من إنتاج المنشأة المشتركة "أوزكلاس أغرو"، والشركة المساهمة "ت ت ز"، والأسمدة المعدنية إلى الأسواق الأذربيجانية. وعبرت الشركات الأذربيجانية عن اهتمامها باستيراد القمح الأوزبكي للأسواق الأذربيجانية، وتم الإتفاق على استيراد كمية 50 ألف طن من القمح الأوزبكي سنوياً.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن المحادثات تناولت آفاق تطور ممرات النقل بين إقليمي آسيا المركزية والقوقاز، إلى دول أوروبا عبر ميناء بوتي على البحر الأسود، وميناء ميرسين (تركيا) على البحر الأبيض المتوسط. وأن مصلحة أوزبكستان في هذا الإتجاه تكمن باستخدام ممر النقل بالسكك الحديدية من نوائي إلى توركمينباشي وباكو وتيبليسي وكارس، الذي يربط السكك الحديدية الأوزبكستانية والتركمانستانية والأذربيجانية والجورجية مع الشبكات التركية التي تسمح بتأمين مخرج إلى البحر الأبيض المتوسط عبر ميناء ميرسين. وأن تنفيذ مشروع السكك الحديدية من باكو إلى تيبليسي وكارس يوفر ظروفاً جديدة تماماً لمشاريع النقل والمواصلات، تسمح بإقامة شريان جديد للنقل أقصر بكثير وبفعالية من وجهة النظر الإقتصادية.
وأشارت الصحافة المحلية إلى أن البيان المشترك الذي صدر في نهاية المحادثات أشار إلى ضرورة زيادة التعاون الإقتصادي واستخدام الإحتياطات الكبيرة والإمكانيات من أجل توسيع العلاقات التجارية والإقتصادية، وزيادة حجم التبادل التجاري والإستثمارات المتبادلة، وتنفيذ خطة نشاطات لتنفيذ برامج التعاون الإقتصادي خلال الفترة الممتدة من عام 2012 وحتى عام 2015، والموقعة أثناء زيارة الرئيس إسلام كريموف لأذربيجان، والتي تضمنت نشاطات محددة لتنفيذ التعاون التجاري والإقتصادي، وتفعيل عمل اللجنة الحكومية المشتركة لإثبات أن إقتصاد البلدين يكمل بعضه بعضاً. وأظهرت أوساط رجال الأعمال في أوزبكستان وأذربيجان إهتماماً كبيراً لتوسيع التعاون في تلك المجالات واتفقا على أستمرار العمل على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف بفاعلية أكثر وبمنافع متبادلة وإستخدام مقدرات النقل والمواصلات والترانزيت الضخمة للبلدين.
وأشار البيان المشترك إلى ضرورة تفعيل التعاون في المجالات الثقافية والإنسانية لتطور العلاقات الثنائية، لأن الصلات الثقافية القائمة منذ قرون، تعتبر من أسس التقارب الروحي والتقاليد والثقافة المشتركة للشعبين. وما يثبت ذلك إقامة نصب تذكاري لعلي شير نوائي في باكو، وإقامة نصب تذكاري لنظامي غنجوي في طشقند، وإطلاق اسم الجد والعالم العظيم ميرزة ألوغ بيك على أحد الشوارع في العاصمة الأذربيجانية، وإطلاق اسم الإبن العظيم للشعب الأذربيجاني حيدر علييف على أحد شوارع العاصمة الأوزبكستانية.
والجدير بالذكر أن جالية أذربيجانية تبلغ 40 ألف نسمة، تعيش بسلام وتفاهم مع العديد من الشعوب والقوميات بين مواطني أوزبكستان، ويقدمون إسهاماً لائقاً لتطور أوزبكستان. وأن 27 أذربيجاني كانوا من بين أبرز العلماء والمدرسين والبنائين والعسكريين وأساتذة الثقافة والفنون المحبوبين لجميع أفراد الشعب الأوزبكستاني، واستحقوا أعلى الأوسمة والألقاب الحكومية، وهي شهادة تعبر عن دورهم ومكانتهم اللائقة في المجتمع الأوزبكستاني. وأن ممثلي أذربيجان يشاركون تقليدياً في المهرجان الموسيقي الدولي "شرق تارونالاري" وحصلوا على جوائز المهرجان. وأكد البيان على ضرورة تنظيم أعمال علمية وتكنولوجية مشتركة، وتطوير صلات مباشرة بين أكاديميات العلوم ومؤسسات التعليم العالي في البلدين، وإجراء مختلف النشاطات في مجالات الثقافة.
وأشارت الصحف المحلية إلى أنه من نتائج الزيارة المثمرة لرئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف لأذربيجان يمكن القول وبثقة أنها تعتبر مرحلة هامة من مراحل مستقبل تطور التعاون متعدد الجوانب، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية ووضع برامج شاملة للعمل المشترك في القضايا الهامة في الحياة الدولية على أساس الإحترام المتبادل ومراعاة مصالح الجانبين.

الخميس، 11 أكتوبر 2012

محمد غنوم في تطلعاته التشكيلية الحروفية



تحت عنوان "محمد غنوم في تطلعاته التشكيلية الحروفية .. حيويــة التعامـل مـع تنويعــات الخـــط والكتابــة" كتب أديب مخزوم في صفحة ثقافة بصحيفة الثورة يوم 11/10/2012 مقالة قال فيها: مع رحلة الفنان محمد غنوم الطويلة في مجال إنتاج وعرض اللوحة الفنية التشكيلية، نجده ينحاز وبقوة نحو اللوحة الحروفية، وضمن النهج الحامل ملامح جمالية وإيقاعية خاصة ومتزنة ومقروءة في اكثر الاحيان، وبعيدة كل البعد عن الأجواء الحروفية العبثية والمتطرفة، التي ظهرت منذ مطلع السبعينات، في تجارب العديد من التشكيليين العرب، ولا سيما في لوحات شاكر حسن آل سعيد، صاحب فكرة وبيان البعد الواحد في التشكيل الحروفي العربي المعاصر.‏

د. محمد غنوم
حركات إنسيابية
ويذكر أن محمد غنوم بدأ حياته الفنية برسم الأحياء القديمة والطبيعة الصامتة والبورتريه بطريقة واقعية، مستخدماً كل أنواع التقنيات من زيتي ومائي وباستيل وخشب وأكريليك، ولم ينقطع في تلك المرحلة عن استعادة جماليات الخط العربي في لوحاته، الذي أدهشه منذ البداية بكل ما يحمله من خصوصيات جمالية خاصة ومتفردة.‏‏
ولقد سعى في لوحاته الحروفية، في مراحل سابقة، لإظهار المزيد من الإنسجام والتوافق بين إيقاعات الحروف والزخرفة العربية، وبين الرزانة والانسيابية، ثم بدأت تغيب عن لوحاته البنى الزخرفية، ما لبثت أن تحولت الحركات الخطية في لوحاته، إلى صياغات بصرية تفيض بالحروف والكلمات والجمل المتتابعة والمتداخلة كأنغام موسيقية، تمتد بين حركة الحروف والكلمات، في خطوات البحث عن العمق الجمالي والتشكيلي والإيقاعي والذاتي.‏‏

لوحة الخيل والليل
ولقد اتجه في معظم لوحاته، لإظهار العقلنة التي تتوازن مع حركة الانفعالات، وقدم التكوينات المدروسة، القائمة على دراسة متأنية لقواعد الخط العربي، مبتعدا في ذلك عن الارتجال والعبثية ومعطيات الصدفة، المتواجدة في أعمال عدد كبير من الفنانين الحروفيين العرب المعاصرين.‏‏
ففي أكثر الأحيان نجد في لوحاته ما يشبه الواحة أو الحديقة أو الأشكال الأخرى المكتنزة بالحروف والكلمات، حيث يجعل تكتلات الحروف تظهر أحيانا على هيئة رؤى تشكيلية، قادمة من تأملات مشاهد الطبيعة، ويخرج في أحيان كثيرة عن هذا السياق، محققا حرية وعفوية في تشكيل الحروف والكلمات، ومع ذلك فهو يعمل خلال تنقلاته وتحولاته، لإيجاد المزيد من الموازنة والموائمة، بين الاندفاعات العاطفية والرقابة العقلانية، رغم كل ما يبرزه من تحرر، في حركة الخطوط، من تلك السلطة الهندسية المعتمدة ضمن بعض عناصر اللوحة، وهو في كل الحالات، يعمل لتحويل الحروف إلى دلالات جمالية خالصة تتكرر وتتنوع من لوحة إلى أخرى.‏‏

لوحته موطني
دلالات مقروءة
ولقد استطاع محمد غنوم وخلال تجربة طويلة أن يكشف عن غنى حركة الحروف العربية وقدرتها على التواصل مع تطلعات الحداثة التشكيلية، وتجاوز الدلالات اللغوية المقروءة فيها أحيانا، وبذلك فهو يتطلع دائماً إلى بناء لوحة تلامس جوهر الحضارة العربية، وتنقل انفعالاته الحرة، بعيداً عن مأثورات التقاليد المألوفة في صياغة الكلمة والحرف، ذاهبا إلى ترجمة مشاعره وأحاسيسه الخاصة وتوجهه الجمالي الخارج على النظام الهندسي، وبالتالي فكل شيء في لوحاته يأتي بشكل عفوي، التكوين والإيقاع الحروفي والاسترسال العاطفي والوجداني، حيث يداخل ما بين الجمل والكلمات والحروف بكثير من التدفق الحيوي، و لقد سجل حروفياته السابقة في لوحات زيتية وقعت بين التجريد الهندسي الزخرفي والحروفي (معرضه في صالة الشعب في نهاية السبعينات) ثم ما لبث أن تحوّل نحو تجليات جديدة من خلال تعامله مع مادة الغواش (في لوحاته المتتابعة في الثمانينات والتسعينات والى اليوم) مؤكداً مسعاه الدائم والمتواصل في استلهام جمالية الخطوط العربية برؤية حديثة، تعمل على تصعيد حوارية المشهد البصري، وتركز على إبراز رشاقة الحرف وغنى حركته وانسيابيته.‏‏
ورغم هذا التضاد والتنافر، الذي هو في الأساس من المظاهر التي تتكرر في المخطوطات العربية القديمة، فإنه يقدم ألواناً مريحة وهادئة ونقية، يؤكد فيها أحيانا، على وجود اللون الذهبي كعلامة بارزة في الفنون الشرقية القديمة.‏‏
ورغم مظهر الانضباط التشكيلي الذي يعتمده، يمارس حريته داخل اللوحة، كأن يترك تكرارات الحروف تخرج على النظام الهندسي، أو يجعلها تنفلت من الإطار التسجيلي للكتابة التقليدية، لينقل من خلالها انفعالات حرة، حيث يصبح لتكرارات الحروف والكلمات وتدرج إيقاعاتها الأهمية الأولى، وبذلك يتجه في تشكيلاته الحروفية نحو الحيوية والحركة، وصولاً إلى التمسك بالمنطلقات التجريدية الحديثة لتسجيل فن معاصر بروح عربية.‏‏
تنويعات أشكال الخطوط
هكذا يتجه في لوحاته نحو استلهام عوالم ومعطيات الحركة الحروفية لبعض الخطوط، التي وجدها وعرفها واكتشف إمكانيتها التشكيلية منذ بداياته الفنية، حيث عمل ولا يزال، على إعادة تشكيلها من جديد وبطرق تقنية مختلفة على الورق والسطوح الأخرى، وهذا التنوع التقني والتشكيلي يمنحه انطباعات جديدة وإيقاعات لونية متفاوتة، كما لو أنه يستخدم المواد المختلفة والسطوح المتنوعة للوصول إلى شفافية وكثافة مختزنة في ذاكرة الكتابة، وتتواصل خطواته لإكمال مسيرته الفنية، والتعبير عن هواجسه الجمالية المرتبطة بثنائية التراث والمعاصرة، مؤكدا أحيانا على أيجاد جماليات التقارب والتباعد بين إنسيابية الحروف وبين المساحات اللونية المجاورة والمتداخلة.‏‏
وهو يركز لإبراز الإيقاعات الحروفية من خلال الحركات الرشيقة ومساحات اللون الموحدة، مبتعدا عن اللطخات واللمسات العفوية المتأثرة بأجواء اللوحة الأوروبية الحديثة ومحققا لوحة عربية حديثة، قائمة على دراسة أكاديمية متأنية لقواعد الخط العربي، بتنويعاته المختلفة: المتدرجة من فروع شجرة الخط الكوفي وأنواعه، إلى الأساليب اللينة وما تحمله من خطوط مثل (النسخي، الرقعي، التعليق، الثلث، الديواني) وبذلك فهو يبتعد كل البعد عن منزلقات الوقوع في هاوية التشكيل الحروفي العبثي، القائم على طروحات تنظيرية،لا علاقة لها بثقافة الخط العربي وبقواعده الإتباعية المتوارثة منذ قرون.
هكذا ازدادت قناعته، بضرورة التعلق بالحركة الخطية المتداولة في تراثنا وحياتنا اليومية، وساهم بدور إيجابي (منذ مطلع السبعينات) في إعادة الاعتبار لجمالية الكتابة العربية، وكان بذلك أحد أوائل الفنانين السوريين والعرب، الذين عملوا على ربط الاتجاهات الحديثة بالتراث وبتنويعات الذاتية الثقافية، ولقد استطاع أن يؤثر في مجريات الاتجاهات التشكيلية الشابة، ويساهم في دفعها خطوات الى الامام، وذلك بدفعها نحو استلهام مظاهر الفنون العربية، ودمجها بتنويعات الحداثة التشكيلية المعاصرة، ولاسيما ان تجربته انطلقت، منذ البداية، من دراسة لجميع أنواع الخطوط العربية، وبنيت على دراسة ا كاديمية، وبحث متعمق في جذور فن الخط العربي، الذي يحمل خصائص حضارية مستمرة ومتواصلة في كل الأزمنة والأمكنة العربية.‏‏
بطاقة
محمد غنوم من مواليد دمشق العام 1949، درس الفن في محترفات كلية الفنون الجميلة (من خريجي عام (1976 وحاز على درجة الدكتوراه في علوم الفن طشقند (أوزبكستان) عام 1992. ولقد أقام أكثر من 20 معرضا فرديا في سورية، و13 معرضا فرديا في عواصم ومدن عربية، و29 معرضا في عواصم ومدن عالمية، كما شارك في عدة بيناليات عربية ودولية، وعدد كبير من المعارض الجماعية والمشتركة، ودخلت بعض لوحاته في عدد من المتاحف داخل سورية وخارجها، وحاز على جوائز عربية ودولية (من ضمنها جائزة الشراع الذهبي بمعرض الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية السابع، والجائزة الأولى في مهرجان الخط في طهران، والجائزة الأولى في مسابقة الخط والموسيقى في فرنسا وغيرها، و تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة السورية عام 2004.‏‏
تحية
وهنا لابد من إضافة حقيقة قد يجهلها الكثيرون، في بداية تسعينات القرن الماضي وصل محمد غنوم إلى العاصمة الأوزبكستانية طشقند قادماً من موسكو حيث عمل في المدرسة العربية هناك. وفي معهد العلوم الفنية التابع لأكاديمية العلوم الأوزبكستانية بدأ بإعداد رسالة علمية مكنته من الحصول على درجة الدكتوراه، وخلال تواجده في طشقند إلتقى بأعلام الفنون التشكيلية الأوزبك وتبادل معهم الخبرات الفنية واسعدني الحظ وحضرت جزءاً من تلك المناقشات التي دفعته لتنظيم أول معرض شخصي له في متحف الفنون الجميلة بجمهورية أوزبكستان، وأتبعه بمعرض شخصي في متحف الفنون الجميلة بمدينة بخارى، ومن ثم في صالة المعارض بالمجلس الأوزبكستاني لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية، وكلها حصلت على صدى واسع في أوساط الفنانين التشكيليين وتردد صداها على صفحات الصحف والمجلات المحلية، والأكثر من ذلك أن صداها يقف ماثلاً حتى اليوم في لوحات اقتبسها فنانون تشكيليون شباب من الخط الفني الذي عرضه د. محمد غنوم في لوحاته الجميلة الموجودة اليوم بين مقتنيات متحف الفنون الجميلة بجمهورية أوزبكستان، ومدينة بخارى، وأكاديمية الفنون الجميلة. ولا يسعني بهذه المناسبة سوى أن أقدم الشكر لكاتب المقالة أديب مخزوم ولصحيفة الثورة التي تتحفنا دائماً بمقالات عن رواد النهضة الثقافية في سورية الحبيبة.

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

أوزبكستان وتركمانستان على طريق تعزيز علاقات الصداقة التقليدية


تحت عنوان "أوزبكستان وتركمانستان على طريق تعزيز علاقات الصداقة التقليدية" نشرت وكالة الأنباء الأوزبكستانية، يوم 3/10/2012 خبراً كتبه مراسلها أنور باباييف وجاء فيه: زار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف بدعوة من رئيس تركمانستان غوربانغولي بيرديموخميدوف تركمانستان بزيارة رسمية يومي 1 و2/10/2012. وأوزبكستان وتركمانستان تربطهما علاقات تقارب تاريخية تمتد لقرون عميقة، وربطت القيم الثقافية والروحية المشتركة، والتقارب اللغوي، والتقاليد والعادات دائماً بين الشعبين. وأثناء المحادثات التي جرت بين إسلام كريموف وغوربانغولي بيرديموخميدوف، بأجواء من الإنفتاح والثقة، أكد الجانبان على إهتمامهما المشترك والقوي والرغبة السياسية لتعميق التعاون متعدد الجوانب، والتقارب والتطابق في المواقف والمداخل العملية في كل القضايا الدولية والإقليمية الهامة التي جرى بحثها. وكلها تأخذ أهمية كبيرة إذا أخذنا بعين الإعتبار التبدل السريع للأوضاع في منطقة آسيا المركزية وخارجها، وإستمرار الأزمة المالية والإقتصادية العالمية وإمكانيات نتائجها. ولهذا أعار قائدي البلدين إهتماماً خاصاً لمسائل مواجهة واتخاذ إجراءآت مشتركة لمحاربة مظاهر الإرهاب، والتطرف، وتهريب المخدرات، والجريمة المنظمة، وتوفير الأمن والإستقرار. وتعتبر أوزبكستان وتركمانستان جارتين قريبتين لأفغانستان، وتسهمان واقعياً في إعادة السلام لهذه الدولة عن طريق تنفيذ مشاريع محددة لبناء طرق السكك الحديدية، وإقامة البنية التحتية الهامة للحياة، وتوريد الطاقة الكهربائية وغيرها من المنتجات الضرورية.

وأثناء المحادثات تم تركيز إهتمام خاص على مسائل استخدام الثروة المائية في المنطقة. وأشار الجانبان إلى مواقفهما المشتركة حول هذا الموضوع، وأنه من أجل حل مسائل المياه والطاقة يجب الانطلاق من أن بناء مجمعات لتوليد الطاقة الكهرومائية في أعالي الأنهار العابرة للحدود يجب أن يتم وفقاً لمبادئ القانون الدولي والحقوق المعترف بها والمثبتة في قرارات منظمة الأمم المتحدة. وأن هذه الوثائق تطالب بالإلتزام بمبادئ عدم إلحاق ضرر بالوسط المحيط ومصالح الدول المجاورة أثناء إستخدام ثروات الأنهار العابرة للحدود. وانطلاقاً من هذه المطالب من الضروري إخضاع مشروع بناء محطات توليد القدرة الكهرومائية لخبراء دوليين هامين.
وخلال المحادثات التي جرت بشكل موسع بحثت مسائل التعاون التجاري والإقتصاي والثقافي والإنساني. وعند الحديث عن حركة العلاقات التجارية تجب الإشارة إلى أنه وفق نتائج عام 2011 زاد حجم التبادل التجاري بنسبة 69 % ووصل إلى 500 مليون دولار أمريكي.
وعبر الجانبان عن قناعتهما بأنه مع إستمرار الدعم الحكومي هناك آفاق جيدة لمستقبل نمو حجم التبادل التجاري لمصلحة البلدين. وهناك إتجاة آخر لمستقبل التعاون وهو المواصلات والنقل. وأوزبكستان وتركمانستان تملكان نظاماً تكاملياً جيداً للسكك الحديدية وطرق السيارات، والذي يستطيع أن يلعب دوراً هاماً في توفير الصلات ين منطقة آسيا المركزية والقوقاز من أجل الخروج إلى أوروبا والخليج الفارسي. ويعتبر التعاون في المجالات الثقافية والإنسانية عاملاً هاماً لتعزيز علاقات الصداقة بين الشعبين. والتقاليد الطيبة في الحياة الثقافية الأوزبكستانية والتركمانستانية عن طريق إجراء مهرجانات الصداقة بمشاركة واسعة للأوساط الإجتماعية وأساتذة الفنون الذين يقدمون إسهاماً كبيراً لمستقبل تقارب التقارب الروحي والثقافي للشعبين.
وفي نهاية المحادثات صدر بيان مشترك عن الرئيسين. وجرى التوقيع على إتفاقية للتعاون الإقتصادي للأعوام الممتدة من عام 2013 وحتى عام 2017، واتفاقية لتقديم برامج تعاون مشتركة بين إدارات السياسة الخارجية لعامي 2013 و2014 وغيرها من الوثائق. وأشار البيان المشترك إلى التطور المستمر للعلاقات الثنائية، والإرتياح لمساعي الدولتين الشقيقتين نحو مستقبل تطوير وترشيد آليات العمل المشترك بين الدولتين والحكومتين من أجل التنفيذ الفعال للإتفاقيات التي تم التوصل إليها مسبقاً. وعكست الوثيقة آفاق تطوير التعاون بين الجانبين في المجالات التجارية والإقتصادية، والنقل والمواصلات، والثقافية والإنسانية، وحفظ الأمن، وغيرها من المجالات. وأشير إلى الموقف الموحد للبلدين حول قضايا المياه والطاقة في آسيا المركزية، والمسائل المتعلقة بتسوية الأوضاع في أفغانستان.
ووفقاً لاتفاقية التعاون الإقتصادي سيعمل الجانبان بشكل مشترك من أجل مستقبل تطوير الصلات التجارية والإقتصادية، عن طريق توفير الظروف المؤاتية لزيادة التبادل التجاري بين الجانبين، وزيادة حجم وأصناف البضائع والخدمات المتبادلة، وإقامة علاقات عمل مباشرة بين ممثلي الأجهزة التجارية الأوزبكستانية والتركمانستانية. وسيستمر الجانبان في العمل من أجل تكامل ممرات النقل والطرق المؤدية للخروج إلى الأسواق الخارجية، وتوفير الظروف الملائمة من أجل نقل حمولات الترانزيت لدول ثالثة. وراعت إتفاقية التوريد المتبادل تفعيل التعاون التجاري والإقتصادي الثنائي من أجل دعم وتشجيع العمل المشترك للوزارات والإدارات والمنظمات والمنشآت في الدولتين. وبعبارة أخرى سيعمل البلدان على التوريد المتبادل للمنتجات، ومن ضمنها سيارت الشحن والسيارات الخفيفة، وحافلات الركاب، والآليات الزراعية، وقطع التبديل، والأسمدة المعدنية، والمواد الكيماوية لحماية النباتات، ومواد البناء، والمعدات الإستخدام الكهروبائية والتكنولوجيا الكهربائية، والمنتجات الزراعية، من أوزبكستان إلى تركمانستان. وروعي توريد النفط، والغاز المضغوط، والبوليبروبلين، والبوليستيرول، والبيشوفيت، والمنتجات النسيجية، والزراعية والمواد المصنعة، ومصنوعات السجاد، من تركمانستان إلى أوزبكستان.
وخلال اللقاء مع مندوبي وسائل الإعلام الجماهيرية أشار الرئيسان إلى أن الزيارة الحالية تعتبر استمراراً منطقياً للحوار المثمر على أعلى المستويات بين البلدين، ووهو الحوار المبني على الثقة المتبادلة، ويوفر إمكانية بحث المسائل الهامة للعلاقات المتبادلة، وتبادل الاراء حول القضايا الإقليمية والدولية الهامة. وأشير إلى أن المحادثات جرت في جو من الإنفتاح والتفاهم المتبادل، وأن الوثائق الموقعة ستخدم مستقبل تعزيز علاقات الصداقة التقليدية بين أوزبكستان وتركمانستان على أساس من المساواة والمنافع المتبادلة لما فيه خير شعبي البلدين. وعبر رئيس جمهورية أوزبكستان عن شكره لرئيس تركمانستان غوربانغولي بيرديموخميدوف على دفئ الإستقبال ودعاه لزيارة أوزبكستان بزيارة رسمية في الوقت المناسب له.

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

فن صناعة السجاد اليدوي الأوزبكي



فن صناعة السجاد اليدوي الأوزبكي
منذ مدة فازت المائدة السورية المشاركة في مسابقة مهرجان "تسنو-2012" الذي نظمه المجلس الأوزبكستاني لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية بالجائزة الكبرى، وتسلم رئيس الجالية السورية المقيمة في أوزبكستان رجل الأعمال حازم إدلبي الجائزة وضمنها كانت سجاة يدوية زخرفت عليها صورة للشخصية الموسوعية الأوزبكية علي شير نوائي.

جائزة مهرجان "تسنو-2012"
ومعروف أن الأعمال اليدوية تحصل دائماً على تقدير عال جداً، لأنها تحمل مشاعر وأحاسيس منتجها. وتتمتع أعمال الحرفيين بطلب محبي الأعمال الفنية اليدوية رغم التطور الهائل للصناعة. وتعتبر صناعة السجاد اليدوي في أوزبكستان من الحرف اليدوية المتميزة، وينتج فيها الحرفيون حتى اليوم أصناف رائعة من السجاد اليدوي وهي: "كوكون"، و"بخارى"، و"خيوة"، و"كوشي كورا"، و"تشوبرانغ"، و"باخمال"، وتتميز كلها بزخارفها رائعة وفرادة في طرق صنعها.
وفي الآونة الأخيرة شهدت صناعة السجاد اليدوي في أوزبكستان تطوراً ملحوظاً نتيجة للدعم والتشجيع الذي حصلت عليه من الدولة بعد المبادرات التي قدمها الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف لدعم وتطوير الحرف القومية. وفي إطار البرنامج الذي أقرته الحكومية الأوزبكستانية لنشاطات "عام الأسرة" تمت أعمال واسعة لدعم وتطوير الحرف القومية.
ومن ضمنها أعير إهتمام خاص لصناعة السجاد اليدوي في البلاد. وشمل تقديم الدعم لممارسة حرفة صناعة السجاد اليدوي في البيوت داخل الأسر، وطبيعي أن تجذب الحرف اليدوية النساء لإنتاج مفيد إجتماعياً ولزيادة دخل الأسرة، وهكذا حصلت آلاف الأسر على مصدر دائم للدخل يزيد من كفايتها المادية ورفاهيتها.
ومنذ مدة نظم معرض للسجاد اليدوي بمدينة طشقند شدني الحدث الذي أشرت إليه أعلاه لمشاهدته والتحاور مع بعض المشاركات فيه ومن بينهن غولشهرة أكبرخوجاييفا واحدة من ممارسات حرفة صناعة السجاد اليدوي بمحلة "أوتشوك" بمنطقة باركينت، التي قالت: اهتممت بصناعة السجاد اليدوي منذ طفولتي، وبالإضافة لذلك أمارس حرفة خياطة الستائر وتطريز مختلف أنواع الملابس للأطفال. ونتيجة للإهتمام الكبير الذي يعار في البلاد لتطوير الحرف القومية أصبح الكثير من الشابات يمارسنها ويعملن في منازلهم ويسهمون بعملهم هذا بزيادة ميزانية الأسرة. وأفسحت الأعمال الجارية إحياء القيم القومية وإحياء تقاليد "الأستاذ وتلميذه" الممارسة منذ القدم في الحرف اليدوية الأوزبكية وبفضلها ازدادت فرص العمل لتشغيل الراغبين بممارسة الحرف اليدوية في المنازل مما يزيد من دخل الأسر ويزيد من رفاهيتها.

من معروضات المعرض
وعندما علمت أن المركز التعليمي في منشأة "كايس غيلام توكيش" بمنطقة باركينت بولاية طشقند ينوي تنظيم معرض للسجاد اليدوي سارعت للمشاركة فيه ببعض أعمالي. وهذا المركز يقوم ومنذ فترة طويلة بتعليم الشابات أسرار مهنة صناعة السجاد اليدوي، ويوفر للراغبات منهن ممارسة العمل بمنازلهن الأنوال وكل الحاجات والمستلزمات الضرورية للعمل.
وقالت ذولخمور إرماتوفا أنا من سكان محلة "سامارأوبود" وسمعت أن الكثيرات من النساء يعملن في الورشة العاملة في محلتنا، والتحقت بها كتلميذة لأتعلم أسرار مهنة صناعة السجاد اليدوي. ولكني لم أستطع ترك أولادي في البيت دون إشرافي، ولهذا طلبت وضع نول لنسيج السجاد اليدوي عندي في البيت. وفي الوقت الحاضر استغل أوقات فراغي من الأعمال المنزلية لأنسج السجاد، الأمر الذي أتاح لأولادي أيضاً تعلم هذه الحرفة. والسجاد الذي نعرضه اليوم وضعنا فيه أحاسيسنا وصبرنا وهو من نوعية جيدة ويتمتع بطلب كبير لدي المشترين دائماً.
وخلال حديثي مع أستاذة صناعة السجاد اليدوي تاج النساء مير عليموفا قالت: أني أعددت خلال سنتين نحو 40 تلميذة، ومن أجل إكتساب مهارات صناعة السجاد اليدوي يجب العمل باستمرار لفترة تتراوح مابين الستة أشهر والعام الكامل. وكل ما تحتاجه الراغبة بتعلم المهنة الموهبة والصبر وحب المهنة. والمألوف أن كل منهن عندما ينظرن إلى ما صنعن وعملته أيديهم ينسين الصعوبات والتعب مباشرة. ومنشأة "كايس غيلام توكيش" وفرت خلال العام الحالي العمل في المنازل لأكثر من 40 إمرأة.
ولم تقتصر معروضات المعرض على أعمال الحرفيات من منشأة "كايس غيلام توكيش" فقط، بل كان بين العارضات خريجة الكوليج المهني للمواصلات والخدمات بمنطقة باركينت، سارفينوز أيغامبيردييفا التي قالت: تعلمت مع صديقاتي صناعة سجاد "بوخورو"، و"كوكون"، وخلال فترة تعلمنا نسجنا 2.5 متر من السجاد اليدوي. وبصدق هذا لم يكن سهلاً. وعلى سبيل المثال من أجل نسج نحو 1.5 من السجاد اليدوي احتجنا لنحو 10 كيلو غرامات من الخيوط الصوفية، وعمل دؤوب استمر لفترة تراوحت ما بين الـ 5 والـ 6 أشهر، وعندما أصبحت السجادة جاهزة أزلناها من على النول، وبدأنا بعملية تنظيفها من الخيوط الزائدة بحرق أطرافها. وطبعاً سر جمال النقوش الرائعة لكل سجادة يدوية يكمن في التعامل مع النقوش بالنار.
وهكذا اقتنعت مرة أخرى بأن أوزبكستان نجحت في إحياء خبرات قرون عديدة وأعادت الحرف اليدوية القومية للحياة ومن بينها حرفة صناعة السجاد اليدوي الأوزبكي، وغدت مهنة صناعة السجاد اليدوي تمارس في إطار الأعمال الحرة وتشكل لممارسيها مصدراً جيداً للدخل. وما كان هذا النجاح لو لا الدعم اللازم الذي قدمته الدولة لأساتذة المهن الشعبية ليتمتعوا بالكفاية والرغبة بالعمل المبدع. والأهم من كل ذلك أن الدولة وفرت الظروف الملائمة للجميع لممارسة أعمالهم المحببة لهم. ووفرت كل الظروف لتطوير المواهب وممارسة الحرف اليدوية في المنازل، وتوفير دخل إضافي يحقق الرفاهية والنجاح للأسر كثيرة الأولاد.
أ.د. محمد البخاري، أستاذ جامعي متقاعد
طشقند 1/10/2012