الثلاثاء، 29 مايو 2012

تحليل سياسي يستحق المطالعة والتأمل


تحليل سياسي يستحق المطالعة والتأمل



في زاوية رأي الوطن نشرت صحيفة الوطن العمانية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 29/5/2012 مقالة تساءلت فيها: من هو الطرف الحقيقي وراء مجزرة الحولة ؟

هل يمكن القول إن المصير المحتوم بل والمرسوم لسوريا هو دفعها إلى أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وما مجزرة الحولة التي راح ضحيتها العشرات بينهم حوالي اثنين وثلاثين طفلًا سوى أحد فتايل الإشعال المعدة لهذه الحرب؟

إن هذه المجزرة البشعة التي ندينها بأقوى عبارات الإدانة وأقوى كلمات الاستنكار، تعتبر وصمة عار وتنم عن مدى الوحشية في النفس الإنسانية حين تتجرد من كافة المشاعر والأخلاق، وتتجرد من المبادئ والقيم والضمير الحي، وبالتالي فلا قوانين تردعها ولا عهود ومواثيق تكبحها.. وإزاء هذه المجزرة الوحشية أدان بشدة مجلس الشورى ـ في بيان له أمس ـ الأيدي الآثمة المتسببة في أحداث المجزرة، داعيًا جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي وجميع الشرفاء والأحرار في العالم إلى سرعة التحرك لاتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بإيقاف المذابح ونزيف الدماء البريئة في سوريا الحبيبة.

إن هذه المجزرة وبغض النظر عن مرتكبها، وعلى الرغم من جميع الإدانات وأيضًا إدانة الحكومة السورية التي أعلنت بدورها فتح تحقيق في معرفة الطرف المتسبب الحقيقي فيها، تعد نتيجة طبيعية في ظل عمليات التحريض والتأليب والقفز على الحلول السياسية إلى الحلول العسكرية والمطالبة بالتدخل العسكري الأجنبي المباشر على غرار السيناريو الليبي، الذي لم تنفك الأطراف المحرضة والممسكة والمتحكمة في مواقف قيادات المعارضة السورية والداعمة لها منذ نشوب الأزمة وإلى الآن، تدعو له وتطالب به، وبتشجيع وتحريض من أطراف عربية ودولية، التي أصبحت تطور أساليب التحريض والتأليب ليس فقط بعدم القبول بالحوار مع الحكومة السورية، بل بعدم القبول الحرفي الصادق والرصين لخطة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة جامعة الدول العربية إلى سوريا، حيث كانت عمليات تهريب شحنات الأسلحة مكشوفة ومُقرًّا بها، كما هو حال سفينة الأسلحة القادمة من ليبيا والتي تم ضبطها في لبنان من قبل السلطات اللبنانية ـ كمثال وليس حصرا ـ وإقرار الولايات المتحدة رسميًّا بقيامها بعمليات تسهيل وصول السلاح إلى المعارضة السورية المسلحة واعترافها بقيام دول خليجية بدفع ثمن الأسلحة المهربة إلى المعارضة السورية المسلحة، ما أدى بدوره إلى وصول أسلحة ثقيلة وذات فعالية وكفاءة عالية في الأداء بيد المعارضة السورية توازي ما بيد الجيش السوري، هذا بدوره شوَّش على الصورة وخلط أوراق الأزمة وعقدها، وهو أمر مقصود ومدروس بعناية، ولذلك من الصعب التكهن بمن مرتكب مجزرة الحولة قبل معرفة نتائج التحقيق، لأن قيام المعارضة السورية المسلحة بما عندها من أسلحة بفضل عمليات التهريب والتسليح غير القانونية واستهدافها القوات السورية والمنشآت العسكرية والمدنية وترويع المدنيين الآمنين، واضطرار الطرف الآخر إلى استخدام القوة لحماية نفسه والآخرين المروَّعين، من الممكن أن يسقط ضحايا، وإن كانت مجزرة الحولة تثير العديد من الأسئلة بالنظر إلى العدد وطريقة الإعدام والمكان نفسه. إلا أن ما يهمنا هو أن يلقى من يقف وراء هذه المجزرة أو المحرض لارتكابها عقابه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لو كانت النيات صادقة وخالصة تجاه سوريا وحل الأزمة فيها لاختلفت المعطيات على الأرض وطبيعة التعاطي والتصريحات الصادرة من المعارضة السورية ومن الأطراف الداعمة لها أولًا، وثانيًا لتكرست الجهود نحو الحل السياسي فعلاً وعلى الأرض وتم الابتعاد عن التحريض والتأليب، وعدم الإصرار على أحد الشرين؛ التدخل العسكري الأجنبي المباشر أو التسليح. ولذلك نقول إذا لم تكن هناك إرادة حقيقية ورغبة صادقة في تجنيب سوريا نزيف الدماء، فإن مجزرة الحولة لن تكون الأخيرة, وهذا مالا نرجوه ولا نتمناه ولا يرجوه ولايتمناه معنا كل حريص حقا على الدم السوري العزيز على قلب كل عربي غيور على أمته.

وتحت عنوان "مجلس الشورى يندد ويدين (الآيادي الآثمة( سوريا تبلغ الأمم المتحدة بتفاصيل المجزرة" نشرت صحيفة الوطن العمانية خبراً من دمشق نقلاً عن وكالات الأنباء جاء فيه: أبلغت سوريا الأمم المتحدة تفاصيل المجزرة التي راح ضحيتها العشرات بينهم أطفال حيث قالت إنها تمت على أيدي مجموعات إرهابية مسلحة فيما ندد مجلس الشورى بالمجزرة مدينا الآيادي الآثمة التي ارتكبتها.

ووجهت وزارة الخارجية السورية رسائل متطابقة إلى كل من مجلس الأمن والجمعية العامة وكل الهيئات المعنية بحقوق الإنسان في جنيف أدانت فيها بأشد عبارات الإدانة المجازر التي قامت بها المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الخارج في تلدو والشومرية والاعتداءات الأخرى على المواطنين السوريين في اليومين الأخيرين.

فقدمت الوزارة في رسائلها تفاصيل ما جرى يوم الجمعة 25/5/2012 وما رافقه من عمليات تضليل إعلامي قائلة إن مئات المسلحين تجمعوا بشكل منظم وممنهج حول منطقة المجزرة وهم يحملون أسلحة ثقيلة بما فيها صواريخ مضادة للدروع وفي ساعة الصفر التي حددوها لأنفسهم قاموا بالاعتداء على المنطقة وبشكل متزامن من ثلاثة محاور من الرستن وتلبيسة والقصير وقاموا بقتل وبوحشية لعدة عائلات من المنطقة مع أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وقدمت الوزارة في الرسائل أسماء الضحايا مؤكدة أن سوريا عازمة على العثور على المجرمين قتلة الأطفال وتقديمهم للمحاكمة وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.

وأكدت الوزارة في الرسائل أنه لم تدخل أي دبابة إلى المنطقة وقد كان الجيش السوري في حالة دفاع عن النفس مستخدما أقصى درجات ضبط النفس والتناسب في الرد وكل ما نشر خلاف ذلك هو محض أكاذيب فالمجموعات الإرهابية المسلحة هي من كانت مدججة بالأسلحة الثقيلة ودخلت بقصد القتل وما أدل على ذلك سوى القتل بالسكاكين الذي أصبح توقيع المجموعات الإرهابية .

كما قدمت الوزارة ما وصفته بـ(الحجج) التي تدل على التخطيط المبيت للجريمة.
جاء ذلك فيما وصل المبعوث الدولي كوفي أنان الى دمشق حيث بحث مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجهود الجارية لتطبيق الخطة ذات النقاط الست التي توافق عليها الجانبان.

وشرح المعلم لعنان حقيقة ما يجري في سوريا وما تتعرض له من استهداف بمختلف الوسائل لإثارة الفوضى فيها .

إلى ذلك أصدر مجلس الشورى بيانا حول تطورات الأحداث الدامية التي تشهدها جمهورية سوريا الشقيقة فيما يلي نصه:

"تابع مجلس الشورى تطور الأحداث الدامية في جمهورية سوريا الشقيقة وهاله العدد المتزايد من الضحايا المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال الذين يغتالون يوميا امام مرأى ومسمع العالم بأسره في خرق صارخ للقانون الدولي وجميع المواثيق الانسانية.

واذ يندد مجلس الشورى ويدين بشدة الأيدي الآثمة المتسببة في أحداث مجزرة الحولة الوحشية التي استشهد فيها أكثر من مائة شخص بينهم عشرات الأطفال فانه يدعو جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي وجميع الشرفاء والأحرار في العالم الى سرعة التحرك لاتخاذ الاجراءات العملية الكفيلة بإيقاف المذابح ونزيف الدماء البريئة في سوريا الحبيبة.

داعين المولى عز وجل أن يتغمد أرواح الشهداء بغامر رحمته وأن يلهم أهاليهم وشعب سوريا الشقيق الصبر والسلوان وأن يجعل لهم من بعد ضيقهم فرجا قريبا ونصرا مؤزرا بحوله وقوته إنه على ذلك قدير".

في غضون ذلك دعا ما يسمى المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية أطياف المعارضة بالخارج من وصفهم بـ "كل أصدقاء وأشقاء الشعب السوري" لتزويده "حالا بوسائل مجدية للدفاع عن النفس".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق