تحت عنوان "اتفاق يؤشر
على استكمال المؤامرة على سوريا" وفي زاوية راي الوطن، نشرت صحيفة الوطن
العمانية يوم 22/2/2015 مقالة جاء فيها:
إذا
كان يفهم من الاتفاق الأميركي التركي حول تدريب قوة عسكرية مما سمي بالمعارضة
المعتدلة من أجل قتال ”داعش” على أنه تغير نوعي ولمساعدة سوريا والعراق
في حربهما ضد هذا التنظيم، فإنه من الخطأ التمادي في هذا الاعتقاد الذي وراءه
موقفان مختلفان، فالأميركي
يريد من هذا الاتفاق القول بأنه على خط التحالف ولم يخرج عنه في مهمة مقاتلة
التنظيم، فيما يتأكد أن الموقف التركي لاتعنيه التسمية وإنما قد يجدها فرصة
سانحة لإضافة هذا العدد إلى القوى التي تقاتل النظام والدولة في سوريا، بل انه
تكريس لمفهوم تركيا القديم القائل بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
المضحك في هذا الاتفاق الثنائي، أن العدد
المقترح لـ ”الجيش” الجديد ضد ”داعش” قد لايصل إلى خمسة آلاف، وهو رقم متواضع إذا
عرفنا أن الجيش العراقي لوحده كرس عشرات الآلاف لهذه الغاية وهو مازال يعتبر نفسه
في بداية عمله العسكري. وكان السفير الأميركي السابق في سوريا فورد أكثر
الساخرين المستائين من هذا الاتفاق والإعلان عنه، معتبرا أنه لاقيمة لهذا الاتفاق
لأنه سيزيد من المعاناة السورية، بل ان فورد الذي انتقد سياسة أوباما
في سوريا، وجد بأن الاتفاق المشار إليه، لن يحقق شيئا في تلك الأزمة التي لاتحتاج
سوى لمنع التمويل عن المعارضة المسلحة كما سماها.
تركيا إذن على مايبدو، بحكم مسؤوليتها
المباشرة عن تدفق المسلحين والأسلحة والذخائر وشتى أنواع التمويل إليهم، تجد نفسها
أمام خيار صعب إما زعامتها وإما الرئيس الأسد، فقد باتت تعرف أن الرئيس
السوري باق وستطول مدى إقامته في بلاده. ولهذا السبب، يعمل الأتراك بلا هوادة على
إطالة عمر الأزمة، فلربما تحدث المفاجأة التي ينتظرونها برحيل الرئيس السوري.
يعني حتى الآن أن هذا الموقف الذي بات
انتحاريا، يمكن وصفه بأنه موقف عناد لا أكثر، وفي السياسة التي توصف بالمرنة، يصبح
موقف حكومة تركيا، بأنه ذهاب إلى الآخر وحتى النهايات طالما أن الموضوع بات يخصها
وبات تعبيرا عن نهج زعامتها.
لقد ظلت تركيا تنفي مسؤوليتها عن تأجيج الأزمة
في سوريا من خلال فتح أراضيها وحدودها ومنافذها لتسرب المقاتلين الأجانب وتدريبهم
وإدخالهم إلى الأراضي السورية، والتي كانت تترافق مع التصريحات العدائية للمسؤولين
الأتراك ضد الدولة السورية وقيادتها، ولكن ها هي بعد أربع سنوات من هذه التدخلات
تأتي لتؤكد ما كانت تنفيه بالأمس من خلال هذا الاتفاق المغلف بالزيف والنفاق الذي
تغذيه من كلا المتفقين أفكار خاصة وأحلام خاصة، فالأميركيون ليسوا صادقين في تصنيع
مسلحين معتدلين لمقاتلة ”داعش”، بل إن منطق تصنيع مقاتلين معتدلين منطق يثير
الضحك، أما تركيا فكما قلنا إن موقفها لب المشكلة وأساسها ومن غير المعقول أن يكون
للأتراك هدف سام طالما أنهم يراهنون على هدف تدمير الدولة السورية من خلال
مسؤوليتهم الكبرى عن تدفق السلاح والمسلحين إلى سوريا تحقيقا لأهداف أصبحت معروفة.
فإثبات صدقية محاربة “داعش” والإرهاب بشكل عام
في سوريا لا تحتاج إلى اتفاقات تبرم، وإنما تحتاج فقط إلى قرار بإغلاق الحدود
التركية في وجه السلاح والمسلحين وكل وسائل الإمداد والتموين فبذلك تغلق كل
إمكانيات الحياة لتلك المنظمات الإرهابية، ولكننا نعرف أن الهدف ليس هذا وإنما
الهدف كما قلنا هو تدمير سوريا وليس فقط إسقاط نظامها، وهو الهدف الذي تعد تركيا
من أكبر المستفيدين اقتصاديا أولا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق