العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي
طشقند 2008
المعيقات الاقتصادية لعملية التبادل الإعلامي الدولي: معروف أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيري تخضع بالكامل لسلطة رأس المال، الذي يقوم على دعائم اقتصادية وصناعية وتجارية تتطلب استثمارات هائلة قد تفتقر لها موارد دولة أو حتى عدة دول مجتمعة، مما وضعها في حالة من التبعية تراوحت ما بين التبعية لدولة أو عدة دول مجتمعة. وأدى التطور الاقتصادي والعلمي الهائل خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، إلى تطور مماثل شمل وسائل وشبكات الاتصال الحديثة في العالم، وجعلها حكراً في أيدي الدول المصنعة والغنية، بعيدة عن متناول ومقدرات بعض الدول الصغيرة والفقيرة، لأن الحصول عليها واستثمارها، أو تصنيعها يتطلب أموالاً طائلة واستثمارات كبيرة، وخبرات علمية وتكنولوجية متطورة تفتقر إليها معظم الدول النامية في العالم، ولهذا نرى أن الأوضاع الاقتصادية، ومدى التقدم التقني والعلمي في أي دولة، قد ترك بصماته على وسائل الاتصال المتطورة، ووسائل الإعلام الجماهيري الحديثة. مما سمح لبعض الدول الغنية والمتطورة والأكثر تقدماً اقتصادياً وعلمياً وتقنياً، بالسيطرة على وكالات الأنباء العالمية، وقنوات الإذاعة والتلفزيون الفضائية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، تلك التي تشكل بمجلها المصدر الرئيسي للأنباء في العالم. لأن الاستثمارات الصناعية الضخمة في مجال وسائل وأجهزة الاتصال تتركز في الدول المتقدمة، بينما الدول المتخلفة والنامية والفقيرة هي مستهلكة لبعض منتجات هذه الاستثمارات من خلال الاستيراد وبرامج المساعدات الاقتصادية، وهو ما يخلق في بعض الأحيان مشاكل تقنية في مجال استثمار واستخدام تلك الأجهزة أمام الدول المستوردة أو المستفيدة من برامج المعونة الاقتصادية، بسبب تعدد مصادر تلك الأجهزة وعدم ملاءمتها تكنولوجياً للإسثمار في تلك البلاد، بحيث يتطلب الأمر إجراء بعض التعديلات عليها قبل إدخالها حيز الاستثمار الفعلي مما يرفع من الأعباء التقنية والمالية المترتبة على تلك الدول. خاصة وأن عملية الحصول على الأخبار الدولية وتوزيعها بحد ذاتها باهظة التكاليف، ولا تستطيع تحمل نفقاتها إلا الدول المتقدمة والغنية، كما هو الحال دائماً، بينما نرى أن الدول النامية والفقيرة لم تزل كما كانت دائماً، تعاني من نقص حاد في الخدمات الإعلامية، ونقص في وسائل الاتصال الإلكترونية ومحطات البث والاستقبال الإذاعي المسموع والمرئي، هذا إن لم نشر إلى مشاكل استفادة هذه الدول من خدمات شبكة الأقمار الصناعية في مجال الاتصال وقنوات البث التلفزيوني الفضائية، والاستفادة من خدمات شبكات الكمبيوتر الدولية.
ومن هنا نرى أن التقدم التكنولوجي يعتمد على الثروة المتوفرة لدى الدول الغنية والكبيرة، قليلة العدد في المجتمع الدولي وهي وحدها القادرة على تمويل المشاريع الضخمة في مجال إنتاج أجهزة وتكنولوجيا الاتصال عن بعد الضرورية لوسائل الإعلام الجماهيرية، مما يتيح لها وضعاً ممتازاً لنشر سياستها الخارجية وفرضها في بعض الظروف على الدول الأخرى الأقل تطوراً. وكما هو معروف فإن وسائل الإعلام الجماهيرية لكل دولة من دول العالم تركز في برامجها على الأخبار الداخلية، وما يتصل بقضاياها ومشاكلها من الأخبار العالمية، وقد أوضحت بعض الدراسات العلمية، أن عملية التبادل الإعلامي الدولي تركز بالدرجة الأولى على أخبار الدول الكبرى المتطورة والغنية، وأخبار بعض الدول الأقل تطوراً المؤثرة في ميدان الأحداث والسياسة الدولية، والسبب سيطرة هذه الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبشكل أقل روسيا وغيرها من الدول المتطورة على وسائل الإعلام الدولية، مما يتيح لتلك الدول فرض وجهة نظرها من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي أحادي الجانب.
وتركز وسائل الإعلام الجماهيرية في موادها الإعلامية على أخبار دولها والدول الحليفة لها، إلى جانب أهم الأحداث العالمية من وجهة النظر السياسية الرسمية للدولة، فوكالات الأنباء الدولية مثل اليونيتد بريس، والأسوشيتد بريس والقنال التلفزيونية الدولية CNN وما تنقله شبكة الكمبيوتر العالمية INTERNETالأمريكية، ووكالة الأنباء رويترز، وهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية BBC، ووكالة فرنس بريس الفرنسية، ووكالة إتار تاس الروسية، وغيرها من الدول المؤثرة في السياسات الدولية وما تتمتع به من علاقات واسعة مع مختلف دول العالم، ولتفوقها العلمي والصناعي والاقتصادي والعسكري تطغي أخبارها على أخبار غيرها من الدول، وبمعنى أوضح تسيطر على عملية التبادل الإعلامي الدولي وتوجهها لصالحها وصالح حلفائها من دول العالم الأخرى. وقد وصل الخلل في بعض الأحيان إلى درجة أصبح معها أبناء الكثير من دول العالم يعرفون عن الدول الكبرى أكثر مما يعرفون عن بلدانهم، ويعرفون عن تلك الدول الواقعة خلف البحار والمحيطات أكثر مما يعرفون عن البلدان المجاورة لهم، ويعتمدون أساساً في الحصول على المعلومات والأنباء على المصادر الإعلامية للدول الكبرى الموجهة إليهم والناطقة بلغاتهم القومية ويشمل هذا بشكل خاص الصراع العربي الصهيوني.
وبينما تنتج الدول المتقدمة كل متطلبات الإنتاج الإعلامي من آلات التسجيل السمعية والبصرية وآلات التصوير وآلات الطباعة وورق الكتابة والطباعة، والحاسبات الالكترونية (الكمبيوتر)، وأجهزة البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني، وتنتج أعداداً هائلة من المواد الإعلامية من صحف ومجلات وكتب، وبرامج إذاعية وتلفزيونية وأفلام، ووسائل تعليمية مختلفة، نرى الدول النامية والفقيرة التي لا تملك ولا تنتج مثل هذه المنتجات الإعلامية والتقنية، بل وتفرض أحياناً قيوداً ورسوماً جمركية على استيراد المواد والمعدات الإعلامية وحتى على ورق الطباعة، بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة. وهكذا نرى مدى تأثر عملية التبادل الإعلامي الدولي بالأوضاع الاقتصادية في كافة دول العالم، التي نستطيع تقسيمها إلى دول متطورة غنية مسيطرة، تمتلك وتتحكم بالمصادر الإعلامية الدولية وتقنياتها، وتوجه عملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول متوسطة تؤثر وتتأثر بعملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول نامية فقيرة على هامش عملية التبادل الإعلامي الدولية، ولا تملك حتى صحيفة يومية واحدة تنطق باسمها، متأثرة بالسيل المتدفق للإعلام الدولي الأجنبي. وبالطبع فإن إدراك الجمهور الإعلامي في الدول التي لا تنتشر فيها وسائل الإعلام الجماهيرية على نطاق واسع، أو التي ترتفع فيها نسبة الأمية الأبجدية أو الحضارية، أو التي ينتشر فيها الفقر، الذي نعتبره صعوبات مادية واقتصادية، يكون إدراكهم لمختلف الموضوعات التي تعرضها وسائل الإعلام الجماهيرية، أقل إدراكاً من الجمهور الإعلامي للدول المتقدمة.
والخلاصة: أن وسائل الإعلام والاتصال تعتبر من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمعات وهي أساس التفاعلات الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة فيما لو أحسن استخدامها، وهي سلاح ذو حدين في الحوار القائم والمفترض بين الثقافات والحضارات.
خصائص التبادل الإعلامي الدولي: أشار مارشال ماكلوهين، إلى أن مضمون الرسائل الإعلامية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التقنيات التي تستخدمها وسائل الإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسالتها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، تحدد طبيعة وكيفية معالجتها لمشاكل المجتمع. وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظل ظروف معينة، وتؤثر على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها. فوسيلة الإعلام هي امتداد لحواس الإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة الإليكترونية توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني، ووسائل الإعلام الجماهيرية الحديثة، كامتداد لحواس الإنسان، توفر للإنسان الزمن والإمكانيات، وتشكل تهديداً له، لأنه عندما تمتد يد الإنسان وحواسه عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، تستطيع هذه الوسائل أن تمد يد المجتمع إليه، كي تستغله وتسيطر عليه. ولكي نمنع احتمالات التهديد يجب مراعاة أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لأنه بمعرفة كيفية تشكيل التكنولوجيا الحديثة للبيئة المحيطة بنا نستطيع أن نسيطر عليها ونتغلب تماماً على نفوذها أو قدرتها الحتمية. وفي الواقع، بدلاً من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن متلقي الرسالة الإعلامية يجب أن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأ نتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم، كما ويجب اعتبار التغيير التكنولوجي حتمياً لا مفر منه، وهو ما يحدث فعلاً، لأننا إذا فهمنا عناصر التغيير يمكننا أن نسيطر عليه ونستخدمه لصالحنا في أي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهه، كما يحدث لدى البعض أحياناً !.
ومن المشاكل التي تواجه عملية التبادل الإعلامي الدولية أهمية مراعاة الظروف البيئية المحيطة بالإنسان، واختلافها من دولة إلى دولة، بل واختلافها من منطقة إلى أخرى داخل الدولة ذاتها، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن يحيط خبراء الإعلام والصحفيين بالاعتبارات البيئية والظروف المحيطة بالإنسان، وإذا كان هذا الإلمام أكثر سهولة في الإعلام الداخلي، فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للإعلام الخارجي، حيث تتعدد الاعتبارات البيئية وتتنوع الظروف واللغات، وتختلف من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى منطقة، ومن قارة إلى قارة. ومع تزايد وسائل الإعلام الجماهيرية وتطورها واتساعها، أصبح العالم أقرب إلى القرية العالمية، ومما ساعد على ذلك تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال الأفراد والسياح، وهجرة السكان من أماكن سكنهم الأصلية، والإقامة الطويلة لرعايا دولة معينة لدى دولة أخرى بقصد الدراسة أو العمل، وتزايد حجم وسرعة وتنوع المراسلات، ودخولها عصر الحوار المباشر عبر شبكات الاتصال العالمية بين مختلف دول العالم، وتطور البث الإذاعي والتلفزيوني واتساع استخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصال ونقل المعلومات، وهو ما ساعد على الاحتكاك بالأمم المتقدمة وحدوث تحول ثقافي واجتماعي عالمي، برزت معه قيم ومعتقدات جديدة لم تكن متوقعة من قبل، لم يجر تقدير أثرها بالكامل بعد. ومن هنا فإن على خبراء الإعلام والصحفيين أن يدركوا كل تلك المتغيرات عند إعدادهم وتنفيذهم للحملات الإعلامية الموجهة للداخل والخارج على السواء، كي لا تحدث إخفاقات تؤدي إلى عدم استجابة المستقبل لمضمون الرسائل الإعلامية الموجهة إليه، وأن لا يكون رد فعله مغاير لأهداف الحملة الإعلامية الموجهة. وأن يؤخذ في الحسبان أيضاً اختلاف درجات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وتباين النظم والمعتقدات السياسية والإيديولوجية بين دول العالم المختلفة، ودرجات التباين بين دول النظام المتشابه.
الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي: رغم أن العالم لم يزل يتجه باضطراد نحو تحطيم الحواجز القائمة بين الشعوب، واتجاه وسائل الإعلام الجماهيرية في العديد من دول العالم نحو الاتسام بطابع العولمة، ورغم التقدم الهائل لوسائل الاتصال نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية في العالم، لم تزل تعتمد في القسط الأكبر من أخبارها على وكالات الأنباء العالمية: رويتر، والأسوشيتد بريس، واليونيتد بريس، ووكالة الأنباء الفرنسية، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها وكالات الأنباء الوطنية، وشبكة المراسلين الأجانب في جميع دول العالم تقريباً، والذين يراسلون مباشرة وسائل الإعلام الجماهيرية التي ينتمون إليها والمنتشرة في مختلف دول العالم. ونرى أن الاحتكار والتركيز في عملية التبادل الإعلامي الدولي لم تزل مرتبطة بالمشاكل السياسية والاقتصادية التي سبق وأشرنا إليها، والتي نتج عنها احتكار قلة قليلة من دول العالم لمصادر الأنباء العالمية من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف والمجلات الهامة والمنتشرة عالمياً، إضافة لاحتكارها وسائل الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الأقمار الصناعية التي تتولى نقل ما تبثه وسائل الإعلام الجماهيرية إلى كافة أنحاء العالم.
تأثير التبادل الإعلامي الدولي على عملية اتخاذ القرارات: تتمتع وسائل الإعلام الجماهيرية بتأثير هام على الجمهور وخاصة في الميدان السياسي، ولذلك كان لابد عند دراسة تأثير وسائل الإعلام الجماهيرية على عملية اتخاذ القرارات، من الأخذ بعين الاعتبار تأثير هذه الوسائل على الزعماء السياسيين، واستناداً لعدة أبحاث وجدنا أن قائد الرأي لا يبحث غالباً عن دور قائد الرأي، وأحياناً ليس لديه شعور بدوره كقائد رأي، ولكن قادة الرأي هؤلاء يتميزون بعدة خصائص منها: أنهم يمثلون الجماعات التي ينتمون إليها ويؤثرون فيها جيداً؛ وأنهم قادة للرأي في مجال اختصاصهم الذي يتناسب والمجموعات التي يؤثرون فيها؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعة التي ينتمون إليها معرضون لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعات التي ينتمون إليها على اتصال مع غيرهم من قادة الرأي؛ وأنهم متواجدون في كل الأوساط الاجتماعية. ولما كان لوسائل الإعلام الجماهيرية من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي، المقدرة على تقرير ما ينبغي أن يعرف وما ينبغي الاحتفاظ به، فإنها بقيت تتمتع بأهمية خاصة في إطار العلاقات الدولية، وقد تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بمجرد نقل المعلومات الصادرة من قبل واضعي السياسة إلى الجمهور الإعلامي، دون أي اعتبار لدور الرأي العام في وضع تلك السياسة، كما يحدث في أكثر البلدان النامية. أو قد تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية لدعم أهداف سياسية معينة، أو لخلق أحداثاً معينة من خلال التمهيد لها، والمساهمة في خلق ودعم وجهة النظر المعارضة، وهذا يفسر قيام بعض المخططين السياسيين، في البلدان المتقدمة بوجه الخصوص، بوضع وسائل الإعلام الجماهيرية والرأي العام في مرتبة واحدة، يؤثر كلاً منها بالآخر ويعكس صورة الآخر، ويشمل هذا الوضع أيضاً، واضعي السياسة الخارجية للدولة، من خلال تعاملهم مع وسائل الإعلام الجماهيرية المحلية والإقليمية والدولية، والرأي العام المحلي الإقليمي والعالمي.
وهناك ميل من بعض المخططين السياسيين إلى اعتبار أن وسائل الإعلام الجماهيرية تعكس في الحقيقة مواقف الرأي العام، وكثيراً ما يقبل المخطط السياسي ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية على أنها انعكاساً للحقيقة التي يراعيها عند رسم الخطة السياسية المطلوبة. ولكن الحقيقة أن المؤسسات الإعلامية في أي بلد من بلدان العالم غالباً ما تحدد أسبقيات ما تنشره وما لا تنشره من خلال ظروف تقنية بحتة لا علاقة لها البتة بالموضوع المنشور، وتتحكم بالزمن المتاح في الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، والمساحة المتاحة على صفحات الصحف والمجلات. ويؤثر التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية للدولة، من خلال مساهمته بإمداد أصحاب القرار بالمعلومات اللازمة، التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار معين. ويبرز دور التبادل الإعلامي الدولي من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون العالمية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، إبان الأزمات السياسية والاقتصادية، والكوارث الطبيعية، والأخطار التي تهدد بلادهم أو تهدد البشرية، والصدامات العسكرية الساخنة، أو التهديد باستخدام القوة العسكرية على الساحة الدولية. حيث يعتمد أصحاب القرارات الحاسمة عند دراستهم للظروف والأوضاع من كل الجوانب، قبل اتخاذ القرار اللازم، على ما توفره مصادر الإعلام الدولية، والمصادر الدبلوماسية، ومصادر أجهزة أمن الدولة، ولهذا تعكف بعض المؤسسات العلمية على دراسة العلاقة بين عملية التبادل الإعلامي الدولي وعملية اتخاذ القرارات السياسية، من قبل الزعماء السياسيين، كواحدة من مؤشرات العلاقات الدولية بشكل عام.
ومن الأبحاث الإعلامية الكثيرة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، الدراسة التي قامت بها مجلة Public Opinion Quarterly لمعرفة عادات القراءة لدى قادة الرأي الأمريكيين، وأظهرت أن وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة من قبل كبار قادة المؤسسات السياسية والاقتصادية الأمريكية، تعتبر مصادر معلومات يؤخذ بها من قبلهم، لاتخاذ القرارات ومزاولة مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية. وتناولت الدراسة 545 شخصاً من بينهم: منفذون في المجالات الصناعية؛ ومنفذون في المجالات غير الصناعية؛ وأصحاب ثروات كبيرة؛ وزعماء الجمعيات الخيرية؛ وأعضاء في الكونغرس الأمريكي؛ ورؤساء اتحادات عمالية؛ وموظفون فيدراليون؛ وكبار موظفي الخدمة المدنية؛ وشخصيات رسمية في الأحزاب السياسية؛ وعاملين في المؤسسات الصحفية؛ وشخصيات من البيت الأبيض؛ وأكاديميون اقتصاديون؛ وغيرهم. وأظهرت نتائج الدراسة أن الشرائح الاجتماعية المدروسة تطالع الصحافة الدورية بنسب مؤوية تتراوح ما بين 84% و2%، وأن أكثر الصحف مطالعة بين رجال الكونغرس هي "الواشنطن بوست" 82%، وأقلها مطالعة هي الـ"وول ستريت جورنال" 31 %، ومن بين المجلات "يو إس نيوز إند وورلد ريبورت" 70% وأقلها "فورين إفيرز" 16% أي أن رجال الكونغرس يفضلون مطالعة الصحف أكثر من المجلات، بفارق واضح. وبقي أن نؤكد هنا على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة. وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والدولي.
فاعلية التبادل الإعلامي الدولي: تساعد وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها، وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين، كما وتساعد على تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال، أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه من مضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها، ولا بد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية، ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة، والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، تعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق أزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر: المناهج الاستقرائية التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم في جيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند وزملائه، وجرى من خلال تلك الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجريب المحكم بالتركيز على العناصر التالية: القائم بالاتصال وتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية، وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية، أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم الأثر النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال، وتبين أن الرسالة الإعلامية تزيد من فاعلية الحملة الإعلامية الدولية ويمكن أن يتم ذلك في حالة إذا توافقت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية، واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية، وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة.
وتبين أن الوسيلة الإعلامية والرسالة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها، وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة إعلامية جماهيرية في القطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية، وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة، لأن موقف مستقبل الرسالة الإعلامية يتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري، والإقليم الجغرافي والنظام الذي ينتمي إليه.
وتركز المناهج الاستنباطية المعتمدة على النظرية السلوكية، على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها. وتعمل نظرية المعرفة، على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، وتعتمد كلها على عملية الاتصال.
وعملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي هي مجموعة وسائل تربط بني البشر ببعضهم البعض، وتحقق التفاعل والعلاقات الإنسانية، وقد تعرَّف على أنها عملية لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة، وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم، وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم، ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام اللغة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و(الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة، لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين). وهذا إيضاح لمحور العلاقة التي حددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل، حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب؛ الخطبة؛ الجمهور، وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره لهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث تنشئته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بأن المرسل لا يعرف القصد مما عاين أو سمع، وينقل الخبر كما يظن ويخمن فيقع في الكذب في كثير من الأحيان، وأن الرسالة من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية – الرسالة، وقد أوجب ابن خلدون على المستقبل أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.
وهناك عدة نظريات للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن في الاتصال التي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي: المرسل: يستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر؛ الرسالة: يستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة؛ والتغذية العكسية: أو راجع الصدى وهي الاستجابة للرسالة (المثير) تلك التي تعود إلى المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية. وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال. أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال بـ"الإمتاع" على أساس أن "المستقبل" يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، وأنه لكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد فمن الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل. ويلاحظ أن الموقف الاتصالي في هذه النظرية من شروطه: إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية؛ وصياغة الرسالة بأسلوب شيّق وتعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال مستمر بمصادر المعلومات؛ وإتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات. أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي على النحو التالي: المرسل: وهو الذي يؤلف وينقل الرسالة؛ والرسالة: هي ما يرغب المرسل إرساله إلى المستقبل من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية؛ والمستقبل (الجمهور الإعلامي): وهذا الجمهور من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه تلك الرسالة مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال السمعية والبصرية مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل. أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباطه ببقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. وبذلك أعتبرها موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى. وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على: المرسل: وهو المجتمع؛ والرسالة: وهي التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها؛ والمستقبل: وهو المجتمع أيضاً؛ ووسائل الاتصال: مثل الإذاعة، والتلفزيون والصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما يجب أن ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، ولكي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي ليست حكراً على أحد. أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بـ: المرسل: (أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات؛ والرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي إلى مبحوث يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال؛ والمستقبل: وهو الذي يتلقى الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز الذي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي إلى إيصال التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات. أما هودينت فقد حدد العناصر الفعالة لعملية الاتصال في سبعة عناصر هي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة مستقبل؛ واستجابة.
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، هو: كيف تؤثر وسائل الإعلام في إشباع حاجات الفرد الاجتماعية ؟ لأن الوسائل تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل عملية الاتصال المتبادل، وهذا يعني أن وسائل الإعلام تقدم إلى جمهور واسع من الناس، معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة خاصة لها أهمية اجتماعية. ولكن ليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. إن هذا النقص في الارتباط بالعالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، ويستطيع الراديو أو التلفزيون أن يسديا له خدمة كبرى. فصوت الراديو يبعد شعوره بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها الراديو وهذا ينطبق على التلفزيون ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني، ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية، اهتماماً كبيراً لوسائل الإعلام ؟ والجواب لأن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تمنحه تعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي، وليستطيع أن يكوّن صلة اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك، وهكذا فإشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، قد أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. ويبدو كأنها قضية للتكيُّف وهو ليس متعلقاً بسؤال (ماذا) فقط، وإنما بـ (كيف) و(لماذا) أيضاً وهذا يعني أن الإنسان يحتاج للتكيُّف لكي يستوعب، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى في مواقف معينة، ليسدي له بالنصيحة عن كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الإعلام الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات مميزة لقيم المجتمع ومستجداته. ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوافر لموقف نقل الخبرة جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر تلك العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعلم المنتظر، ولتقدير فاعلية نقل الخبرة ينبغي مراعاة إعطاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
ويمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال أولاً: بالمصدر: سواء أكان فرداً أو مجموعة من الأفراد، وهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها، وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تنقص المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية، وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال؛ وثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر، ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين، وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها، وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التعلم يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو إلى مواد التعلم الأخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف التعليمي والاتصالي؛ ثالثاً: الرسالة الإعلامية: التي تعتبر أن عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي بدوره إلى إضعاف عملية الاتصال، ومثال على ذلك ما يحدث في تعلم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار، فمن غير المشكوك به أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم، ولهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعاد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال؛ ورابعاً: يمكن أن يكون التوافق بين المرسل والمستقبل عندما يراعى في عملية الاتصال بينهما مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية... الخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل، الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين مواطني البلد الواحد والمجتمعات المختلفة، وقد تسابقت فعلاً قنوات إذاعية عربية منذ خمسينات القرن الماضي، ومن ثم تلفزيونية عربية فضائية منذ تسعينات القرن الماضي لإنتاج برامج منوعات هامة هدفها نيل ثقة المجتمع العربي واستقطاب أكبر نسبة من المستمعين ومن ثم المشاهدين. وفي خضم الحملة الأخيرة برزت وانتشرت بقوة ظاهرة تعريب برامج أجنبية، رغم أنها تتطلب تحضيرات خاصة وفرق عمل محترفة إضافة لمبالغ هائلة من الأموال، مما يفرض الحاجة للتساؤل عن كيفية انتقاء تلك البرامج ومعايير اختيار أفكارها وتنفيذها من البداية وحتى النهاية، لتتلاءم مع المجتمعات العربية والتعديلات التي تجرى عليها كي تنسجم مع أذواق الجمهور العربي وأفكاره في وقت أصبح ما تبثه القنوات التلفزيونية الفضائية لا يتقيد لا بالقوانين المعمول بها ولا بالتقاليد ولا بالأعراف المتعارف عليها محليا في معظم الدول العربية، وكانت المؤسسة اللبنانية للبث التلفزيوني (LBC)، السباقة في تعريب وإنتاج برامج أجنبية، منها على سبيل المثال لا الحصر برامج: «يا ليل يا عين» و«ستار أكاديمي» و«حلها واحتلها» و«قسمة ونصيب» و«من سيربح المليون». وتبقى الأهداف الحقيقية من وراء تعريب تلك البرامج الأجنبية بالذات، والتسهيلات الكبيرة التي قدمها أصحاب حقوق تأليفها ونشرها الأجانب للناشر الجديد، بحاجة لدراسة أكاديمية بحتة تقوم بها جهات معنية مختصة في الدول العربية لمعرفة مدى تلبيتها لأذواق كل الشرائح الاجتماعية، وأسباب الاعتماد على تلك البرامج الأجنبية، ومدى تأثيرها على إنتاج البرامج المحلية وعلى اللغة العربية التي تتعرض في الوقت الحاضر لهجمة شعواء من قبل قوى كثيرة. وهل الدافع الحقيقي هو إشراك الجمهور في البرامج، وهل هذا الإشراك هو لإثبات الانتشار لتحقيق أرباح تجارية عن طريق الحصول على إعلانات تجارية باهظة الثمن، أم دفع الآلاف للتصويت هاتفياً وعبر خدمة الرسائل النصية القصيرة (SMS) بالغة التكاليف بمجموعها، وأخيراً من المستفيد منها، وهل هي لترسيخ بيئات ثقافية واجتماعية أوروبية وأميركية في أذهان المشاهدين العرب لإحداث تغيير مطلوب في طريقة وأسلوب التفكير عن الإنسان العربي، ولتحديد إيجابيات وسلبيات تلك التصرفات على المجتمع العربي في وقت يتعرض فيه لأقسى أنواع الغزو الثقافي ؟؟ وكلها تحتاج للدراسة وللتفكير والتحليل لمساعدة المسؤول في موقع مسؤوليته والبحث عن مخرج خوفاً من أن تكون تلك التصرفات شكلاً من أشكال الغزو الثقافي المبطن الذي يطال المجتمع العربي في الصميم.
العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي: تعتبر الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي، شكل من أشكال وظائف العلاقات الدولية، وبدأ الإعلام بالظهور كوظيفة من وظائف العلاقات الدولية المعاصرة إثر قيام عصبة الأمم في مطلع القرن الماضي، وتأصل هذا المفهوم بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة إثر الحرب العالمية الثانية، والمنظمات الدولية الأخرى. ويقوم الموظفون الدوليون العاملون في الجوانب الإعلامية، بخدمة أهداف المنظمة التي يعملون في إطارها، ولا يتلقون أية تعليمات من مصادر أخرى، متمتعين بالموضوعية والحياد، من خلال الإدلاء بالتصريحات الصحفية، وإصدار البيانات، ونشر الوثائق، وإلقاء المحاضرات، والعمل في المكاتب الإعلامية التابعة للمنظمة الدولية المعنية في مختلف دول العالم. وتعتبر المراكز الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة في أنحاء العالم، أداة لنشر وإبراز نشاطات المنظمة. وقد أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قراراً بتاريخ 1/2/1946 تضمن قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بوضع تنظيم إداري يمكنه من أداء المهام الموكولة إليه، وكانت إدارة الإعلام واحدة من بين ثماني إدارات شملها ذلك التنظيم، وأشار القرار المذكور إلى إنشاء مكاتب فرعية للإعلام، وبالفعل تم إنشاء مركز للإعلام تابع لمنظمة الأمم المتحدة في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن عام 1946، وفي عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق موسكو عام 1947، وتزايد عدد تلك المكاتب تباعاً في مختلف العواصم العالمية. كما وأصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قرارها رقم 595 بتاريخ 4/2/1952، طالبت فيه إدارة الإعلام بالمنظمة بوضع برنامج لعمل المنظمة في المجال الإعلامي، آخذة بعين الاعتبار النواحي الإقليمية واللغوية، وكلفت الإدارة بإنشاء شبكة من المراكز الإعلامية في مختلف دول العالم، للوصول إلى شعوب الأمم المتحدة، لتقوم: بنشر رسالة منظمة الأمم المتحدة؛ وتغطية نشاطاتها ومنجزاتها إعلامياً؛ وتسليط الأضواء على دور منظمة الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية من خلال: المواد الإعلامية التي يمكن توزيعها؛ وتوفير المراجع الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة في مكتباتها؛ والتنسيق مع وسائل الإعلام الجماهيرية في العواصم الموجودة فيها. وفي عام 1955 شكل الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة من الخبراء لدراسة أنشطة منظمة الأمم المتحدة خارج مقرها، بما فيها النشاطات الإعلامية، ودعت تلك اللجنة منظمة الأمم المتحدة لتوجيه اهتمام أكبر لمراكز الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في الخارج.
والجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1962، وافقت على برنامج منظمة اليونسكو الخاص بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول النامية، تأكيداً لدورها في مجال التبادل الإعلامي الدولي. بعد أن كان دورها محصوراً بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتدعيم التدفق الحر للمعلومات والأفكار، والتعليم، بعد مؤتمر لندن الذي انعقد خلال الفترة من 1 إلى 16/11/1945، وحضره مندوبون عن 45 دولة، وأسفر المؤتمر عن قيام "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO" المتخصصة بمسائل التعاون الدولي بين الحكومات، في ميادين الثقافة والفكر. وقامت منظمة اليونسكو في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، باستطلاع الاحتياجات التكنولوجية والتعليمية لوسائل الإعلام الجماهيرية، بعد أن أوفدت لهذا الغرض 29 باحثاً ميدانياً، تجولوا في 126 دولة من دول العالم، وتبادل المسؤولون في منظمة اليونسكو الرسائل مع شخصيات في 31 دولة. وظهرت بالنتيجة الحاجة للاهتمام بتدريس مادة الصحافة، وتوفير الوسائل السمعية والبصرية اللازمة لها، وضرورة قيام الحكومات بحل مشاكل الاتصال، وتقديم المساعدة لعدد من الدول لتطوير وسائل الإعلام الجماهيرية فيها، والاهتمام بربط حرية الإعلام بالتشريعات الإعلامية في دول العالم، وقامت منظمة اليونسكو بتشكيل لجنة مكونة من ستة عشر خبيراً دولياً بارزاً، ينتمون إلى أقاليم جغرافية وثقافية مختلفة لدراسة مشكلات الإعلام. ورأس اللجنة العالم الايرلندي ماكبرايد، الحائز على جائزة نوبل للسلام. ونشرت منظمة اليونسكو تقرير هذه اللجنة بخمس عشرة لغة تحت عنوان: "أصوات متعددة، وعالم واحد". وقد بحث التقرير بشكل مستفيض العلاقة بين عملية الاتصال والمجتمع، ببعديها التاريخي والمعاصر، وكذلك في إطارها الدولي، كما وبحث التقرير وأضاع عمليات الاتصال في عالم أواسط القرن العشرين، من حيث سماتها والإشكاليات التي تطرحها، وهموم مهنة الإعلام وإطارها المؤسسي والحرفي … الخ. وناقش التقرير ضمن العديد من القضايا، قضية احتكار بعض وكالات الأنباء العالمية للرسالة الإعلامية، وما تمارسه من سيطرة إعلامية تحمل في طياتها، خطر غزو ثقافي من نوع جديد، وتشويه مضمون الرسالة الإعلامية ذاتها، وسريانها في اتجاه واحد، قد لا يعبر عن الحقائق الموضوعية بالضرورة. وحدد التقرير الأسس والقواعد التي يتعين أن يقوم عليها نظام إعلامي جديد أكثر عدلاً وقدرة على خدمة السلام والتنمية البشرية والتقدم في العالم، ومن أهمها: استئصال أوجه الخلل وعدم التوازن أو التكافؤ التي يتميز بها الوضع القائم في ذلك الوقت؛ والقضاء على الآثار السلبية للاحتكارات العامة والخاصة والتركيز الزائد في وسائل الإعلام؛ وضمان تعدد مصادر الإعلام، وحصانة الإعلاميين … الخ؛ واحترام الذاتية الثقافية، وحق كل أمة في إعلام الرأي العام العالمي بوجهة نظرها، وبمصالحها وطموحاتها وقيمها الاجتماعية والثقافية؛ واحترام حق كل الشعوب في المشاركة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، على أساس من التوازن والتكافؤ والمصالح المتبادلة؛ وحق الجمهور والفئات الاجتماعية والإثنية، في الوصول إلى مصادر المعلومات، والمساهمة النشيطة في عملية الاتصال، وأثار هذا التقرير عند مناقشته في كل من المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو جدلاً صاخباً، وخصوصاً عندما حاولت الدول النامية أن تترجمه إلى برامج وسياسات تضطلع بها منظمة اليونسكو أو إلى قواعد واجبة الاحترام من جانب الاحتكارات العالمية. ورأت فيه بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومعظم وكالات الأنباء العالمية، محاولة لتقويض حرية الإعلام والإعلاميين. لكن أياً كان الأمر فإن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الخصوصيات والذاتيات الثقافية والحضارية، أصبحت في صلب المسألة الإعلامية التي يتوجب التوقف عندها طويلاً حتى الآن رغم مرور فترة زمنية طويلة والتطور العاصف في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في القرن الحادي والعشرين. وقامت منظمة اليونسكو بإصدار العديد من المطبوعات عن حرية الإعلام والتبادل الإعلامي الدولي ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم. وأصدرت عام 1952 سلسلة "تقارير وأراق الإعلام الجماهيري"، وحتى عام 1970 أصدرت المنظمة 600 دراسة عن وسائل الإعلام الجماهيرية في المناطق الريفية والنامية، وعن دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التعليم، وإعداد الكوادر الصحفية، ومعلومات إحصائية عن وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل الاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية. وقدمت منظمة اليونسكو مساعدات ملموسة لإنشاء مراكز التدريب الصحفي في أنحاء مختلفة من العالم، ومنها: المركز الدولي للتعليم العالي الصحفي في استراسبورغ، الذي بدأ التدريس فيه عام 1957؛ والمركز الدولي للدراسات العليا في الصحافة بأمريكا اللاتينية، الذي أفتتح في كيوتو Quoit عام 1959؛ ومركز دراسات الإعلام الجماهيري في جامعة داكار بالسنغال، لتدريب الكوادر الصحفية الإفريقية الناطقة بالفرنسية؛ ومعهد الإعلام الجماهيري في جامعة مانيلا بالفلبين؛ ومعهد الإعلام في بيروت بلبنان؛ ومعهد الإعلام في أنقرة بتركيا؛ ومعهد الإعلام في نيودلهي، بالهند. ونتيجة لجهود منظمة اليونسكو تم تأسيس: المنظمة الدولية لبحوث الإعلام، في عام 1957؛ والمجلس الدولي للفيلم والتلفزيون في عام 1959؛ ومعهد دراسة الأفلام في أمريكا اللاتينية بمكسيكو سيتي عام 1958؛ وجمعية جنوب وشرق آسيا للمدرسين في مجال الصحافة عام 1961؛ وإتحاد وكالات الأنباء الإفريقية عام 1963؛ وفي عام 1959 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بدعوة منظمة اليونسكو لدراسة المساعدات المقدمة للدول المتخلفة في المجال الإعلامي. ومن منتصف ستينات القرن العشرين، بدأت منظمة اليونسكو بصب اهتمامها نحو استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية، في المجالات التعليمية، وأقرت عام 1964 لهذا الغرض برنامجاً في السنغال مدته ست سنوات، وجه نحو استخدام الوسائل السمعية والبصرية وغيرها من الوسائل في مجال تعليم الكبار، وشجعت استخدام الأفلام والوسائل الإلكترونية الحديثة في التعليم. ولم تزل منظمة اليونسكو تتابع جهودها لزيادة فعالية مساعداتها لمختلف دول العالم المحتاجة للمساعدة في مجال الإعلام، وتشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بوسائل الإعلام، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتدعوا دائماً لاستخدام الأقمار الصناعية لأغراض التعليم ونشر المعلومات العلمية والثقافية. وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، برزت مشكلات جديدة أمام منظمة اليونسكو، في مجال تقديم المساعدة للدول المستقلة حديثاً، لتحديث أطرها الإعلامية، للولوج في عالم الأسرة الإعلامية الدولية، بشكل يضمن التدفق الحر للمعلومات، ويدعم حرية الإعلام في تلك الدول. وتظل اليونسكو، منظمة الحكومات الرئيسية في العالم، التي يمكن أن تسهم بدور فعال في تهيئة أفضل الشروط لمتابعة الحوار الثقافي بين الثقافات والحضارات في القرن الحادي والعشرين، على ضوء ما تفرضه ثورة الاتصال والمعلومات، التي لابد وأن تؤدي في النهاية إلى مزيد من العولمة، التي قد تؤدي إلى نجاحات أكثر لدول الشمال المتطورة التي تحتكر اليوم أحدث وسائل الاتصال والإعلام في العالم، في فرض نوع من الهيمنة السياسية الثقافية، والسياسية والاقتصادية، ترجح الكفة لسيطرة نموذجها الثقافي والحضاري، وتجعل من الثقافات القومية، ثقافات مغلوبة على أمرها، لا طائل لها، ولا صوت لها للدفاع عن نفسها، وعن بقائها واستمرارها في الحياة على كوكب الأرض.
العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي: معروف أن العلاقات في المجتمعات البدائية كانت تتسم بالمباشرة والبساطة، وأخذت تلك العلاقات بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي، وأدت التغييرات التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم، وخاصة مع نهاية الثمانينات من القرن العشرين، إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال التي أتاحتها وسائل الاتصال الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية العلاقات العامة في العلاقات الدولية، وتعتبر العلاقات العامة حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات البشرية في العالم، عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة، وانطلاقاً من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية المختلفة، وقوة وتأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وللعلاقات العامة تعريفين أساسيين هما:
التعريف المهني المتخصص: ويقصد به إقامة علاقات حسنة داخل المؤسسات وخارجها، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال إبراز والاهتمام بالوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في مؤسسة أو منظمة حكومية كانت أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة، وتبلور هذا التعريف مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة مع بداية القرن العشرين، أمثال إيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل. وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت المتخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية، خلال الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. وساهمت تلك الجمعيات والمنظمات بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها. وفي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها، والعاملين في مجال العلاقات العامة، وجاء فيها أن: "العلاقات العامة: هي وظيفة الإدارة التي تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفهمه". بينما اعتبر إيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، وتبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم. أما إدوارد بيرنيز خبير العلاقات العامة الأمريكي، فيعتبر العلاقات العامة: محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية أو حركة أو مؤسسة، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف، أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها، مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر. أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: نشاط أي صناعة أو إتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أي منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء والموظفين والمساهمين والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع. وقدم معهد العلاقات العامة البريطاني، تعريف للعلاقات العامة بأنها: الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المؤسسة وجمهورها. بينما جاء تعريف جمعية العلاقات العامة الفرنسية، بأن العلاقات العامة هي: طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، اللذان يهدفان إلى إقامة علاقات من الثقة، والمحافظة عليها، وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة ذات الشخصية الاعتبارية، التي تمارس وظائف وأنشطة محددة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات. أما جمعية العلاقات العامة الدولية، فقد توصلت إلى تعريف العلاقات العامة بأنها: وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة، التي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، إلى كسب التفاهم والتعاطف مع سياساتها وأنشطتها. وكسب المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل والمخطط.
والتعريف الاجتماعي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه د. محمد البادي، بأنه: الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، ويشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظاهر واستعدادات وتكوينات مادية لأن ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته، المعنوية على الجماهير، التي ترتبط مصالحها بها، وهذه التأثيرات هي التي تعطي لهذه العناصر طبيعتها، كأنشطة للعلاقات العامة، وهي أيضاً التي تعطي لاتجاه العلاقات العامة صفتها الاجتماعية. وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع وخدمات جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم، والمحافظة على البيئة، والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وعلمياً وحضارياً ومادياً. وعرف كانفيلد العلاقات العامة، بأنها: الفلسفة الاجتماعية للإدارة، التي ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه. أما نولت فقد عرف العلاقات العامة، بأنها: مسؤولية الإدارة التي تهدف إلى تكييف المنظمة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تماماً، كما تهدف إلى تكييف البيئة المحيطة لخدمة المنظمة لتحقيق مصلحة الطرفين. وهو ما يظهر بوضوح أن الربط بين المجتمع والسياسة والاقتصاد وإعطاء الأولية للاقتصاد كان ولم يزل في موقع الأهمية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن.
ومما سبق نستطيع استنتاج أن دور خبير العلاقات العامة ينحصر في: إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛ وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي. وأن دور العلاقات العامة ينحصر في: تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛ ووضع السياسات الملائمة لها؛ والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛ وخلق رأي عام مؤيد للمؤسسة، لدى الجمهور؛ وإنشاء مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛ وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛ وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة. ويشمل نشاط العلاقات العامة اليوم: في المجال الحكومي: التوعية والإرشاد والإعلام، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، للوصول إلى مساندة الجماهير لها، ومشاركتهم المعنوية والمادية في البرامج التنموية الشاملة التي تخطط لها الحكومة؛ وكسب الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛ والتعرف على توجهات الرأي العام، وتقييم الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛ والعمل على دحض الشائعات، والتصدي للحملات الإعلامية المضادة، وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛ والاهتمام بشؤون الموظفين الحكوميين. وفي مجال المنظمات والهيئات الحكومية: التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الهدف المطلوب؛ ودراسة مواقف الرأي العام، ونقل رغبات ومطالب الجماهير للمسؤولين فيها، تمهيداً لإيجاد الحلول لها، وتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛ والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المنظمات والهيئات الحكومية؛ والاتصال بالهيئات والمنظمات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها في الداخل والخارج؛ وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة، عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛ وتوثيق كل ما ينشر في وسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيرية في الداخل والخارج؛ وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة، وهناك مجالات أخرى تشمل المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات المهنية والسياسية وغيرها، ولا تختلف من حيث نشاطات العلاقات العامة عما تم تفصيله أعلاه.
والملاحظ اليوم أن العلاقات العامة في القارة الأوروبية تستخدم كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب القارة الأوروبية. لأنه من المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية فيها، وتوجهت تلك الدولة نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالعلاقات العامة، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام، يطلق عليها تسمية " أقسام العلاقات العامة". وقد تطورت العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من دول العالم، تطوراً خاصاً لمفهوم العلاقات العامة. لتصبح ممارسة العلاقات ذات مفهوم دولي يمارس فعلاً في العلاقات الدولية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً: تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي تم إنشاؤها في عام 1953، مسؤولية العلاقات العامة الدولية، وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر تلك السياسة، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة من خلال مجلس الأمن القومي. وفي بريطانيا أسس عام 1948 المعهد البريطاني للعلاقات العامة، بهدف تجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة في بريطانيا الذي يصب اهتمامه على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية، ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في دول العالم، وظيفة العلاقات العامة الدولية من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية. وفي فرنسا تطورت العلاقات العامة كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955، بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية. وفي إيطاليا تزايد الاهتمام بالعلاقات العامة، إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة. وظهر الاهتمام بالعلاقات العامة في بلجيكا مع تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953 لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا.
كما وتضطلع الهيئة العامة للاستعلامات في مصر وهي هيئة حكومية تتبع لوزارة الإعلام المصرية بدورها "كجهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة"، ومنذ إنشائها عام 1954 قامت الهيئة العامة للاستعلامات بأدوار عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وفى الوقت الراهن .. تقوم الهيئة بعدد من المهمات الأساسية منها: توفير التسهيلات للصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر لأداء عملهم على أفضل مستوى ممكن لنقل صورة حقيقية عما يجرى في مصر إلى العالم؛ وتقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم وذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية في العديد من العواصم والمدن الكبرى؛ وتوفير مصدر للمعلومات الدقيقة والصحيحة والحديثة عن مصر في مختلف المجالات كالتاريخ والحقائق الأساسية عن النظام السياسي والسياسة الخارجية والثقافية والمجتمع والفنون والاقتصاد والسياحة وغيرها، عبر موقع الهيئة على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانجليزية لتكون متاحة لكل من يحتاج إليها في كل مكان من العالم، كما يتم إصدار مطبوعات عن هذه الموضوعات باللغات المختلفة؛ وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضية زيادة السكان وقضايا البيئة) وبالقضايا المحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي؛ كما توفر الهيئة مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومة صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام؛ وللهيئة مقر يقع في ضاحية مدينة نصر بالعاصمة القاهرة، إضافة إلى مراكز الإعلام الداخلي التي تتبعها في جميع محافظات مصر ويعمل بالهيئة عدد كبير من الإعلاميين والفنيين والإداريين المدربين على استخدام تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة في أداء مهامهم.
أما في أوزبكستان فقد بدأ الاهتمام الجدي بالعلاقات العامة الدولية بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء "جهان" التابعة لوزارة الخارجية: لتوزيع الأخبار الموضوعية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان؛ وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية؛ وتسريع عملية دخول الجمهورية للساحة الإعلامية الدولية؛ وجمع وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية عن: الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها في الدول الأجنبية؛ واحتياجات السوق العالمية؛ ونشاطات المنظمات الدولية؛ وكبريات المؤسسات والشركات الأجنبية المهتمة بالتعاون مع جمهورية أوزبكستان. وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الإعلامي في ديوان رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العام بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية، عبر شبكة الإنترنيت.
ومؤسسات التعليم العالي في مختلف دول العالم سارعت مع انتشار مفهوم العلاقات العامة في العالم لافتتاح أقسام العلاقات العامة في معاهدها وكلياتها المتخصصة لتدريس هذه المادة للدارسين فيها. وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية والصحافة والمطبوعات والخدمات العامة، التي تعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف المنظمة. كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم العلاقات العامة الدولية من خلال الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل … الخ، وتوزع الأفلام وبرامج الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات، وتدلي بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق تفهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة. وزاد دخول شبكات الكمبيوتر العالمية، عالم الاتصال المعاصر من دور العلاقات العامة الدولية، وزاد اهتمام الشركات متعددة الجنسية بالعلاقات العامة الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين، وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي، وتساعد العلاقات العامة وسائل الإعلام الجماهيرية في الحصول على المعلومات والمواد الإعلامية، مما يزيد من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزيون، والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الإنترنيت، خير مثال على تحول العالم في المجال الإعلامي بالفعل إلى قرية كونية، والعلاقات العامة الدولية كوظيفة لم تستثنى من وظائف السلك الدبلوماسي، وأصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، وفق ما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم.
التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية: يعد العمل الدبلوماسي من الوسائل الأساسية لتنفيذ السياسات الخارجية للدول. ومن مهام وزارات الخارجية، مزاولة الوظيفة الدبلوماسية، من خلال إداراتها المركزية، وهي الإدارات: الجغرافية: كإدارات غرب وشرق أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط … الخ، والوظيفية: كالاقتصادية، والإعلامية … الخ، والإدارية: كالشؤون القنصلية، والبعثات الدبلوماسية … الخ؛ وتزود السفارات والقنصليات في الخارج عادة بمستشارين أو ملحقين في الشؤون الإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، يشرف عليهم رئيس البعثة الدبلوماسية (السفير)، ولكنهم يتبعون الجهة الرسمية التي أوفدتهم في الدولة المعنية. وكانت الدبلوماسية في السابق سرية إلى أن تحولت إلى دبلوماسية مفتوحة وعلنية أكثر، بعد الأحداث الهامة التي حدثت في تاريخ العمل الدبلوماسي وأقدمت عليها السلطة البلشفية بعد استيلائها على السلطة في الإمبراطورية الروسية عام 1917، بكشفها للالتزامات السرية لروسيا القيصرية أمام المجتمع الدولي. وإعلان الرئيس الأمريكي "ويلسون" لمبادئه الأربعة عشر عام 1918، وقيام عصبة الأمم بمطالبة الدول الأعضاء فيها بتسجيل معاهداتها والتزاماتها الدولية لتقوم عصبة الأمم بعد ذلك بتوثيقها، وهو الدور الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، إثر الحرب العالمية الثانية، وتنشر المعاهدات والالتزامات ضمن إطار الدبلوماسية المفتوحة. ورغم ذلك فهناك جوانب كثيرة في العمل الدبلوماسي، لم تزل تحمل طابع السرية، كالمفاوضات الخاصة بالمعاهدات، والاتفاقيات، واتفاق الأطراف المعنية على بعض البنود السرية، تمشياً مع ضرورات الأمن القومي، والمصلحة القومية العليا، وضرورات السياسة الخارجية لتلك الدول.
وينقسم العمل الدبلوماسي إلى: الدبلوماسية التقليدية: التي تتم من خلال المحادثات الثنائية التي تجري بين طرفين، ولم تزل متبعة حتى الآن؛ ودبلوماسية المؤتمرات: وهي الدبلوماسية الجماعية التي تمارس من خلال المؤتمرات الدولية، وتشمل كل الجوانب السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والمهنية ، والعلمية، والثقافية… الخ. وتحتم الدبلوماسية الجماعية أن يكون المندوب المشارك، على إطلاع ودراية بموضوع أو موضوعات المؤتمر، وأن يتمتع بقدرات إعلامية من خلال ما يدلي به داخل المؤتمر، أو خارجه من تصريحات لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ والدبلوماسية البرلمانية: وهي دبلوماسية المنظمات الدولية، ويتم ممارستها من خلال إلقاء البيانات، والمناورات الدبلوماسية، والاتصالات من وراء الكواليس. وهنا يظهر واضحاً الدور القوي الذي تلعبه التكتلات السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية. كما ويؤثر النظام الدولي على العمل الدبلوماسي، في إدارة الصراع بين الدول والسياسات الخارجية المتعلقة بها، والمواقف السياسية المتعددة في العلاقات الدولية، وخير مثال على ذلك: الدبلوماسية التي تدور في إطار منظمة الأمم المتحدة؛ ودبلوماسية القمة: وهي سمة أساسية من سمات العصر الراهن، وتتميز بالسرعة في اتخاذ القرارات الهامة، بعد التطور الهائل الذي شمل وسائل الاتصال والمواصلات، وأثر بدوره على العمل الدبلوماسي الذي كان في السابق يعتمد على الدبلوماسي نفسه، ليتحول إلى تنفيذ تعليمات دولته في أكثر الأحيان.
وأصبح المعتاد اليوم أن يجتمع رؤساء الدول والحكومات لبحث الأمور الهامة. يسبقها العمل الدبلوماسي الذي يمهد لتلك اللقاءات، والأشكال الأخرى للعمل الدبلوماسي الذي يؤمن استمرارية العمل الدبلوماسي، كالدبلوماسية الثقافية والاقتصادية … الخ؛ والدبلوماسية الشعبية: وتدخل في إطارها العلاقات العامة الدولية، والدبلوماسية الإعلامية، ودبلوماسية المنظمات المهنية والشعبية والمؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الاتصالات التي تتم مع مثيلاتها في مختلف دول العالم. وتسعى الدبلوماسية الشعبية دائماً لخدمة أهداف الدولة وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية.
ومما ذكر نستنتج أن العمل الدبلوماسي هو الوسيلة الهامة التي تنفذ من خلالها السياسة الخارجية للدولة، وهي إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض، كما وتعرف بفن التفاوض من أجل تحقيق الحد الأقصى للأهداف بالحد الأدنى من للنفقات، لحل مشاكل نظام سياسي أو اقتصادي يمكن أن تؤدي إلى نشوء أزمة أو حرب، ولو افترضنا بأنه هناك دبلوماسية إعلامية بحد ذاتها، فإننا نستطيع القول بأن تطور وظيفة العمل الدبلوماسي، قد جعل الدبلوماسي يقوم بمهام إعلامية من خلال إلقاء البيانات، وإطلاق التصريحات، ونشر الأخبار، وإجراء الاتصالات، وإقامة علاقات مع صانعي القرار السياسي، والصفوة الاجتماعية وقادة الرأي. وعملية الاتصال بالجماهير أصبحت اليوم من المهام المرتبطة بالعمل الدبلوماسي، وهكذا نرى أن العمل الدبلوماسي أصبح مرتبطاً بالعمل الإعلامي، وهذا يفسر الأسباب التي دعت بعض فروع العلوم السياسية لتعتبر الإعلام، والعلاقات العامة الدولية فرعاً من فروعها الدراسية التي يتحتم على الطالب دراستها حتى أن مظاهر العمل الدبلوماسي خلال القرن العشرين قد اتخذت منحى الرغبة في نشر ثقافة الدولة التي يمثلها الدبلوماسي، بالإضافة لممارسته الوظيفة الإعلامية الدولية.
المستشارون والملحقون الإعلاميون: بعد التطور الكبير الذي شمل مهام عمل البعثات الدبلوماسية المعتمدة منذ القرن العشرين وتزويدها بالمستشارين والملحقين الثقافيين والتجاريين والعسكريين وغيرهم، تمشياً مع وزن الدول التي يمثلونها، والرغبة بزيادة عدد أعضاء البعثة الدبلوماسية العاملة في الخارج بمختلف التخصصات لرعاية مصالحها في الدول المعتمدة فيها، وتنفيذ المهام المطلوبة منها ضمن إطار سياستها الخارجية، بدأت بعض الدول بتعيين مستشارين وملحقين إعلاميين، ضمن بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج. ونرى أن المستشارون والملحقون الإعلاميون، يمارسون الوظيفة الإعلامية الدولية، أو وظيفة التبادل الإعلامي الدولي من خلال الاتصال بالجماعات المؤثرة في الدول المعتمدين لديها، كالمسؤولين في الدولة، وأعضاء البرلمان، والأحزاب السياسية، وجماعات الضغط،، وقادة الرأي وغيرهم من القوى المؤثرة في صناعة القرارات السياسية بشكل عام. كما ويمارسون وظيفة الاتصال الجماهيري من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية، بكتابة المقالات ومتابعة والرد على ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية، وإلقاء المحاضرات، وعقد المؤتمرات الصحفية، والمشاركة في البرامج التلفزيونية والإذاعية، وإصدار المطبوعات، وإقامة المعارض الإعلامية والاقتصادية، والأسابيع الثقافية والفنية والسياحية، وتشجيع السياحة، وتبادل الوفود الإطلاعية … الخ. ويخطرون دولهم بأوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الإعلام المضاد واقتراح طرق مواجهته، والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواقف الرأي العام الرسمي والشعبي في الدولة المعتمدين فيها وغيرها من القضايا التي تهم دولهم. ولكن من الملاحظ أن الدول المستقلة حديثاً، والدول الأقل تطوراً، والدول النامية والفقيرة تعاني من انخفاض في مستوى كفاءة مستشاريها وملحقيها الإعلاميين، ومن اختيارهم في أكثر الأحيان انطلاقاً من اعتبارات أخرى خاصة بتلك الدول، خارجة عن إطار الكفاءة المطلوبة للوظيفة التي اختيروا من أجلها. ولهذا نعتقد بأن تلك الدول بحاجة دائماً لتطوير أجهزتها وكوادرها الإعلامية لتتماشى مع احتياجات العمل المطلوب في عصر تكنولوجيا الاتصال والإعلام المتطورة، وفي هذا المجال يمكن أن تسهم المنظمات الدولية والدول المتقدمة في العالم، بتقديم المساعدة لتلك الدول للولوج في عملية الحوار الثقافي العالمي.
ومن بين الدول التي عملت على تدعيم بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، بالملحقين الإعلاميين، جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، وأحدثت وكالة أنباء "جهان" التابعة لوزارة الخارجية، ويتبع لها الملحقون الإعلاميون المعتمدون في سفارات أوزبكستان بالخارج، ويتلقون تعليماتهم منها، ويرسلون تقاريرهم الإعلامية لها، عن أوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الرأي العام في الدول المعتمدين لديها، في القضايا التي تهم أوزبكستان، والتي كثيراً ما ينشر بعضها في وسائل الإعلام الجماهيرية الأوزبكستانية. ويخضع الملحقون الإعلاميون في الوقت نفسه لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الدول المعتمدين لديها. ومن الخبرة العالمية لوظيفة المستشار أو الملحق الصحفي في البعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج للولايات المتحدة الأمريكية، التابعين لوحدة خدمات الإعلام الأمريكية، وهي الجهة المسؤولة عن العمل الإعلامي الأمريكي في الخارج، وتتبع وكالة الاستعلامات الأمريكية، ويخضعون في نفس الوقت لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة في الخارج، ويشرفون على مراكز الإعلام التي تتوفر فيها المواد الإعلامية عن الولايات المتحدة الأمريكية اللازمة للإطلاع عليها في الدول الأجنبية. وقد تطور الإعلام الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد موافقة الرئيس السابق جيمي كارتر، على إنشاء وكالة جديدة للإعلام الدولي لتحل مكان وحدة خدمات الإعلام الأمريكية، ومارست الوكالة الجديدة مهامها الإعلامية رسمياً في 1/4/1978، ومهمتها العمل على زيادة التفاهم بين شعوب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى في العالم، وتوضيح معالم المجتمع الأمريكي، وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الثقافي والحريات الفردية، وتوضيح صورة العالم للولايات المتحدة الأمريكية بغية إثراء الثقافة الأمريكية، وتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من تفهم القضايا العالمية والتفاعل معها بشكل فعال. بينما يتبع ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في الخارج لوزارة الشؤون الخارجية والكومنولث، ويركزون في عملهم على إقامة علاقات شخصية مع كبار المحررين والصحفيين وغيرهم من رجال الإعلام. وفي هذا الصدد قال السير هارولد بيلي السفير السابق في الخارجية البريطانية "أنه لحد معين، فإن هذا يبين العودة للمفهوم التقليدي للملحق الصحفي، الذي يعمل بشكل وثيق مع القسم السياسي لسفارته… ويهتم بتوثيق العلاقات مع الصحف". بينما حددت لجنة بلودين البريطانية عام 1964 مواصفات الملحق الصحفي، من حيث المستوى السياسي، بالمواصفات الفنية من الدرجة الأولى، وأن الملحق الصحفي يحتاج بالدرجة الأولى للتعاون الوثيق مع زملائه في البعثة الدبلوماسية في الشؤون السياسية والتجارية، وتقدير ما يحاولون القيام به، كعضو في السفارة، وأن حصوله على موافقة رؤسائه وزملائه في السفارة سيزيد من وزنه وتأثيره في العمل. ومع ذلك فهو يحتاج إلى قدر كبير من المواد الإعلامية التي تساعده على أداء وظيفته الإعلامية، والتي يمده بها المكتب المركزي للإعلام في لندن وهو مؤسسة مهنية تتولى تزويد الإدارات الحكومية في داخل بريطانيا وخارجها بالمواد الإعلامية.
وفي الختام نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية قد عززت وجودها على ساحة الدبلوماسية الشعبية وتعمل إلى جانب الدبلوماسية الرسمية لتنفيذ المهام المنوطة بها ضمن السياسة الخارجية للدولة في عصر العولمة والانفتاح وأصبح لها دوراً لا يستهان به في إطار التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية المعاصر.
التبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القومي: وظائف الدولة بشكل عام تنحصر بثلاث وظائف رئيسية هي: حماية الاستقلال الوطني؛ وتأكيد سيادة الدولة؛ وحفظ الأمن الداخلي، بمفهومه الواسع، بما يتضمنه من وجود سلطات شرعية، تعمل على تحقيق الحياة الأفضل، والرفاهية، وإشباع رغبات الأفراد في كافة المجالات. وتسعى الدولة لتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الخطط تتعلق كل منها بتحقيق أحد تلك الأهداف، وتحاول أيضاً إحداث التوازن والتكامل بين هذه الأهداف، من خلال إستراتيجية واحدة تضعها في محاولة لأن يكون هناك تناسق، بين تلك الأهداف وبين متطلبات تحقيقها على المستويين الداخلي والخارجي، وهذه السياسة الواحدة هي سياسة الأمن القومي التي تهدف بشكل عام لدعم قوة الدولة في مواجهة غيرها من الدول بما يمكنها من المحافظة على استقلال كيانها الوطني ووحدة أراضيها، ولا تختلف الدول مهما تباعدت مصالحها في فهم وتطبيق الوظيفتين الأولى والثانية، ولكن عندما نأتي إلى الوظيفة الثالثة، أي تحقيق الحياة الأفضل لمواطنيها، تظهر لنا الخلافات الناتجة عن تباين الأنظمة والمصالح. وكان هذا الخلاف أكثر وضوحاً بين الدول التي تأخذ بالأفكار الرأسمالية، وتلك التي أخذت بالأفكار الاشتراكية أو الشيوعية، قبل انهيار المنظومة الاشتراكية، والإتحاد السوفييتي السابق. وتحاول الدولة من خلال سياسة الأمن القومي، الدفاع عن كيانها اعتماداً على قدراتها الذاتية في مواجهة ما قد يتهددها من أخطار، فتخصص من الموارد والإمكانيات ما يتناسب مع حجم وطبيعة هذه الأخطار، واضعة نصب أعينها، عجز الأمم المتحدة عن القيام بمسؤولياتها كاملة. وتأثير الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على كل تحرك تقوم به الأمم المتحدة. ولذلك تحاول الدولة أن تقدر بطريقة موضوعية المخاطر التي تواجهها في الداخل، أو من الخارج، آخذة بعين الاعتبار ما لديها من مقدرات عسكرية واقتصادية وسياسية، وكيف يمكن استخدام هذه المقدرات استخداماً سليماً، حينما يتطلب الأمر استخدامها، وبعبارة أخرى كيف توازن بين مواردها والغايات التي ترجوها. وسياسة الأمن القومي تتضمن كافة الإجراءات التي تراها الدولة كفيلة بحماية كيانها، وتحقيق أمنها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وتتولى عادة هيئات متخصصة داخل الدولة وضع تلك السياسات التي تشمل عادة ثلاثة مجالات رئيسية، وهي: المجال السياسي: وينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، تشمل السياسة الداخلية: وهي كل ما يتعلق بسياسة الدولة الداخلية، كنظام الحكم، وفق ما يحدده الدستور والقوانين والتشريعات النافذة، وتدخل ضمن هذا الإطار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على توفير الأمن والنظام والاستقرار داخل الدولة، والسياسة الخارجية: بعد أن أدى تشابك المصالح بين الدول بفعل التقدم العلمي والتقني في مجالات النقل والاتصال، إلى إلغاء الحدود والمسافات بين الدول، وأصبح لكل دولة مجموعة من العلاقات المتنوعة مع العديد من دول العالم بمختلف توجهاتها الإيديولوجية. وقد تتراوح السياسة الخارجية للدولة مع غيرها من الدول، بين التعاون الكامل الذي يصل أحياناً إلى الوحدة، أو الإتحاد بمختلف أشكاله، وبين الصراع باستخدام القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها، أو اللجوء إلى حالة من اللا حرب واللا سلم، أو اللجوء إلى الحرب الباردة، ومحاولة فرض السيطرة والنفوذ. والنشاط الدبلوماسي للدولة: لأن كل دولة تتصل بغيرها من الدول بالطرق الدبلوماسية، وتعمل على تدعيم أجهزة ووسائل الاتصال بتلك الدول، لتتجنب الصدام المباشر وغير المباشر مع الدول الأخرى عن طريق اللجوء إلى التفاوض والإقناع، أو إبرام المعاهدات والاتفاقيات، أو الدخول في تحالفات إقليمية ودولية، وتعمل على الاستفادة من نظام الأمن الجماعي، في إطار منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية لتحقيق أمنها وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية. وسياسة الأمن القومي التي تهدف التأكيد على مكانة الدولة في المجتمع الدولي، ومحاولة التأثير، وممارسة النفوذ على غيرها من الدول المجاورة وغير المجاورة.
والمجال الاقتصادي: ويعد الجانب الاقتصادي لسياسة الأمن القومي مهماً جداً لارتباطه أساساً بتوفير الاحتياجات الاقتصادية للدولة، وضمان قدراتها حيال الدول الأخرى، واستشفاف احتياجاتها الاقتصادية من الدول الأخرى، واستخدام ما تملكه الدولة من إمكانيات اقتصادية لتحقيق أمنها. وقد تكون تلك الإمكانيات رؤوس أموال تملكها الدولة، أو خبرات تتوفر لديها، أو منتجات صناعية جاهزة، أو ثروات باطنية ومواد أولية هامة، أو أسواق تستوعب النشاطات التجارية، أو استثمارية تستوعب رؤوس الأموال. ولهذا تسعى الدول لزيادة قدراتها الصناعية المتطورة، وتعمل على توفير المواد الأولية والمواد الغذائية اللازمة لاحتياجاتها. وترفع كفاءة العاملين في المجالات الصناعية والاقتصادية، وتدعم قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها دون المساس بالاحتياجات الأساسية للدولة. ويشمل الجانب الاقتصادي في هذا النطاق أيضاً، مجالاً واسعاً يتجاوز إمكانيات الدولة الفعلية، ومجموع نشاط مواطنيها، ليشمل العلاقات الداخلية والخارجية، وتطوير إمكانيات التطور العلمي والتقني لوسائل الإنتاج ومستلزماتها، والاستفادة من العوامل الاقتصادية لممارسة النفوذ من خلال العلاقات الدولية، وفق أساليب معينة تمليها سياستها الخارجية. ونتيجة لأهمية تأثير الجانب الاقتصادي على سياسة الأمن القومي، فقد أصبح للمعلومات الاقتصادية أهمية قصوى جعلها تماثل أهمية المعلومات العسكرية والدبلوماسية، فهي تشمل كل ما يتعلق بمصالح الدولة الاقتصادية من مختلف جوانبها، سواء المتعلقة بمصالحها الذاتية أو بمصالحها مع مختلف دول العالم، أياً كانت درجة علاقاتها بها، ولذلك فإن المجال الاقتصادي يمثل جانباً هاماً لما له من تأثير على الأمن القومي للدولة.
والمجال العسكري: ويهدف الجانب العسكري لسياسة الأمن القومي، حماية استقلال الدولة وسيادتها، وسلامة أراضيها ضد أي عدوان خارجي قد تتعرض له من الخارج، لذلك فهي تعمل على تدريب قواتها العسكرية، وتسليحها بالأسلحة الحديثة، وتهتمم بخططها الدفاعية سواء في أوقات النزاعات المسلحة أو الحرب، أو في أوقات السلم، وتقوم بإعداد الخطط الدفاعية، والدراسات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة أو المتوقعة، كما وتقوم الدولة في ذات الوقت بالارتباط بمجموعة من مواثيق الدفاع القادرة على ردع أي عدوان من أي نوع قد تتعرض له من الخارج. وعادة يكون الجانب العسكري في سياسة الأمن القومي للدول الصغيرة مقتصراً على دعم قدرة الدولة دفاعاً عن النفس، في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له من عدوان. أما الدول ذات السياسات التوسعية فتستغل قدراتها العسكرية لتهديد الدول الأخرى أو العدوان عليها. لذلك تسعى الدول إلى زيادة نفوذها من خلال مجموعة من مواثيق الدفاع أو التحالفات العسكرية مع غيرها من الدول التي يكون الهدف المعلن عنها عادة الدفاع عن النفس. وتجدر الإشارة إلى أن أثر القدرة العسكرية للدولة لا يقتصر على المسائل المرتبطة بالدفاع عن الدولة فحسب، رغم عدم إمكانية إنكار أهمية ما تملكه الدولة من قوة عسكرية حتى في مجال المفاوضات السياسية، لأن الدولة التي تملك قوة عسكرية هي في مركز قوة حيال الدول الأضعف عسكرياً.
ولتحقيق الأمن القومي الحقيقي والواقعي لابد من إيجاد التوازن بين المصادر المتاحة، والأهداف المراد تحقيقها، أي تقدير الموارد الاقتصادية والمالية المتاحة للدولة، آخذين بعين الاعتبار الحجم المطلوب من الموارد لدعم القدرات العسكرية للدولة، والحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات الدولة ومواطنيها في الداخل، ومدى قدرة البنية الاقتصادية للدولة على تحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن تحقيق سياستيها الداخلية والخارجية، إضافة لعوامل أخرى تشكل بمجملها سياسة الأمن القومي الداخلية والخارجية، وأسلوب تنفيذها، الذي ينبع أساساً من التصرفات البشرية، والرغبات الجماعية والفردية التي تمارس على نطاق الدولة بالكامل، وتستمد في نفس الوقت من خصائص مواطني تلك الدولة وقدراتهم ومستواهم الثقافي والعلمي، وشكل الحكومة التي تدير شؤونهم، والحالة الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع، والزعامات الموجودة داخل المجتمع في أوقات محددة، والنظريات والأفكار التي يتبناها الرأي العام داخل الدولة المعنية. ويرتبط نجاح سياسة الأمن القومي بالقوة البشرية التي تمتلكها الدولة، ومدى ما يمكن أن تقدمه من تضحيات من أجل أمن وسلامة الدولة، وشكل التنظيم السائد الذي ينظم الأوضاع الداخلية في المجتمع، ومصادر الثروة التي يملكها المجتمع، ومدى القوة العسكرية التي تملكها الدولة، وقدرتها على استخدامها. لأنها كلها عوامل حيوية وهامة وأساسية لنجاح أية سياسة للأمن القومي، وتحتاج وقبل كل شيء للمعلومات. فتمتع الدولة بنظام داخلي متين يتيح لها تيسير علاقاتها الخارجية لا يكفي وحده، بل لابد أن يكون للدولة الإمكانيات التي تيسر لها الاضطلاع على ما يدور حولها في أنحاء العالم المختلفة، وأن تملك القدرة على تحليل الموقف العام، ومواقف الأشخاص والزعامات القادرة على التوجيه والتأثير، لتصل إلى أهداف سياسة الأمن القومي المرجوة. والمعلومات بحد ذاتها لا تعني أية أهمية للدولة ما لم يحسن استغلالها والتصرف بها. ولهذا لابد من تواجد ثلاث أنواع من الأجهزة العاملة في مجال المعلومات، وهي: الجهاز الذي يناط به مهمة جمع المعلومات، وتوخي الدقة الكاملة قدر المستطاع؛ والجهاز الذي يتولى تفسير المعلومات التي وصلته من الجهاز الأول وغيره من مصادر المعلومات، وعادة ما يكون هذا الجهاز عبارة عن مجموعة من الأجهزة الفنية البحتة المتخصصة في مجالات محددة، ويعمل كل منها على دراسة وتحليل المعلومات الواردة، وتصنيفها حسب أهميتها ودلالاتها ومؤشراتها؛ والجهاز الذي يقوم بمراجعة تلك الدراسات والتحليلات، واتخاذ القرارات النهائية بشأنها، على ضوء المشاكل التي تواجه الدولة في سبيل تحقيق أهداف سياسة الأمن القومي بشقيها الداخلي والخارجي.
وقد أصبح من المتعارف عليه، قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والعلمية والصناعية والثقافية والاجتماعية والبشرية، على الرغم من عدم وجود سند قانوني يبيح لها هذا العمل، لأنه لم يأتي في القانون الدولي التقليدي ما ينص صراحة بالتزامات، ولم ينص على منح الدول حقوقاً في مجال جمع المعلومات أو الحصول عليها، أو تقديمها لغيرها من الدول. إلا إذا اعتبرنا ما منحه للدول من حقوق في إرسال البعثات الدبلوماسية المعتمدة، والالتزام باستقبال تلك البعثات، أساساً لحق جمع المعلومات والحصول عليها، على ضوء ما هو معروف من أساليب المراقبة بهدف الحصول على المعلومات، في نطاق القيود التي يفرضها القانون الدولي. وتعتبر الممارسة الفعلية لهذا الحق من الوظائف الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة المقر، ونتيجة لذلك يثير ما تقوم به البعثات الدبلوماسية المعتمدة من مراقبة وجمع للمعلومات الكثير من الخلاف، لأن التفرقة بين العمل الدبلوماسي البحت، والعمل الدبلوماسي الذي يقوم أساساً أو ينطوي على جمع للمعلومات هو من الأمور الدقيقة التي يصعب تحديدها والتفريق بينها. ومن الأمثلة على الخلافات الناتجة عن ذلك، ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من انقسام في الرأي حول نشاطات أجهزة الأمن السوفييتية التي عملت داخل الولايات المتحدة الأمريكية قبل انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، فالمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أبدو تململاً من الإجراءات الشديدة التي اتخذتها وزارة العدل ضدهم، ولا تتفق مع "القواعد العرفية غير المكتوبة" بين الدولتين في مجال الأمن، ولكنها تتعلق بمن يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية المنصوص عنها في الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي. ومن الأمثلة الأخرى ما أعلن في أيار/مايو 1996 عن قيام مجموعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين في موسكو بالتجسس، عن طريق قيامهم بالتحقق من شراء عملاء للجيش الجمهوري الإرلندي لأسلحة ومواد نووية من عصابات المافيا الروسية. مما دعى الحكومة الروسية إلى طرد أربعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين من الأراضي الروسية بتهمة التجسس، وهو ما ردده جهاز المخابرات البريطانية M16، وتبعه قيام بريطانيا بإجراء مماثل.
ومن أوجه النقد الجدية التي توجه للحصانة الدبلوماسية، أنها قد تستخدم كغطاء لأعمال غير دبلوماسية، لأن الحصانة الدبلوماسية تستوجب الموائمة بين اعتبارين اثنين، هما: الاعتبار الأول أمن وسلامة الدولة المستقبلة؛ والاعتبار الثاني دواعي الأمن التي يتطلبها العمل الدبلوماسي، من حصانة دبلوماسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة والعاملين فيها، من تسهيلات التنقل والمواصلات والإعفاء من الرقابة البريدية والبرقية والهاتفية، الخ، ولكن تبقى المشكلة في تحديد ما يعتبر من المعلومات التي تدخل في إطار السرية، وتلك التي هي خارج إطار السرية، وهي عملية شائكة ومعقدة بحد ذاتها، لأن الحد الفاصل بين النوعين من المعلومات يكاد يكون متداخلاً جداً. وتتزايد هذه المشكلة وتتعقد كل يوم على ضوء الثورة المعلوماتية الهائلة التي يشهدها العالم منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث أصبحت المعلومات نتيجة لتلك الثورة سهلة الحصول وفي متناول قاصدها، بعد أن أتاحها له التقدم العلمي المستمر في مجال جمع وتخزين ونقل واسترجاع المعلومات، بما فيها أحياناً تلك المعلومات التي تقع تحت طائلة "الأسرار" التي تهدد أمن الدولة واستقرارها. ويثير قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها عن غيرها من الدول قضية هامة وحساسة، وهي أن المعلومات التي قد تحصل عليها دولة ما بالطرق المباشرة أو عن طريق الغير من الدول، عن طريق دولة أخرى تؤثر على أمنها القومي، وخاصة إذا تعلق الأمر بمعلومات تراها الدولة المعنية مرتبطة بأمنها القومي وسلامتها كدولة، ومن ثم فمن الضروري التفرقة بين المعلومات التي يترتب عن الحصول عليها مساس بأمن الدولة وسلامتها، وتلك المعلومات التي لا ينطبق عليها هذا الوصف. ونظراً لأهمية المعلومات المتعلقة بأمن وسلامة الدولة، جرت العادة على استبعاد مجموعة منها، من نطاق المعاملات المباشرة، سواء داخل الدولة أو خارجها، وفرضت عليها نطاقاً من السرية والكتمان كفيل بحفظها من الأخطار، واعتبرت الدولة المعنية أن محاولة الحصول على هذه المعلومات، أو الحصول عليها، جريمة تعاقب عليها التشريعات الجنائية النافذة لديها. وتتعدد تلك المعلومات بتعدد المصالح المرتبة بها، وهي تنحصر عادة في إطار الأسرار السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، التي بطبيعتها يجب أن تبقى طي الكتمان، حرصاً على سلامة وأمن الدولة، ويقتصر العلم بها على أشخاص معينين، وخاصة تلك المعلومات التي يترتب عن كشفها تقييم المقدرات الاقتصادية والعسكرية والدفاعية للدولة من كافة جوانبها السلبية والإيجابية على السواء. وتختلف الدول من حيث طبيعة تلك المعلومات، وفي الصفة التي تضفيها عليها، لارتباط هذا الموضوع بنواح أخرى كالحريات العامة داخل الدولة ذاتها، ومشكلة تحقيق التوازن بين مقتضيات أمن الدولة، وما ينشده الفرد من حماية لحقوقه وحرياته، مما ينتج عنه أهمية قيام الدولة بتحقيق التوازن والتوافق بين حقها في الأمن والاستقرار، وحقوق مواطنيها في المعرفة والإطلاع بشكل لا يطغى أي منهما على الآخر.
ونجد في التشريعات النافذة في بعض الدول أنها ذهبت إلى تحديد طبيعة المعلومات التي تدخل في دائرة السرية، وهي التي قد تكون متعلقة بحماية الدولة إقليمياً وتأمين أمنها كما في بلجيكا ولكسمبورغ. أو تكون معلومات تتعلق بحقوق الدولة اتجاه دول أخرى كما في أيسلندا، أو الأمور التي يفترض بأنها تهم أمن الدولة كما في هولندا، أو التي تتعلق بمصالح الدفاع القومي، أو المتعلقة بالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية كما في سويسرا وفرنسا، بينما لم تتناول تشريعات دول أخرى كبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وسويسرا، وضع تعريف محدد للأسرار المتعلقة بالأمن والدفاع على اعتبار أنها فكرة واسعة تختلف وتتنوع إلى أشكال كثيرة، مما لا يجوز معه تقييدها بتعريف ضيق محدد. ويؤدي هذا الاتجاه عادة إلى تخويل القضاء سلطات واسعة في تفسير النصوص القانونية. بينما حاولت دول أخرى تعريف أسرار الأمن والدفاع وعددتها في صيغ عامة، كالتفرقة بين الأسرار وطبيعتها التي أقرها القانون الفرنسي في المادة 78/1/2، والقانون الإيطالي في المادة 257 من قانون العقوبات، تبعاً للطبيعة السرية للموضوع ذاته أو بناءاً على أوامر من السلطات المختصة. وراح المشرع الفرنسي أبعد من ذلك حيث لم يقتصر بحماية الأسرار المتعلقة بالدفاع والأمن القومي الفرنسي وحده، بل وسعها بالمرسوم الصادر في تموز/يوليو 1952 لتشمل أسرار الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
ومن الخبرات التشريعية للدول النامية نرى أن القانون المصري قد أخذ مجموعة الأسرار المرتبطة بالدفاع عن البلاد بحكم طبيعتها. فنصت الفقرة 1 من المادة 52 من قانون العقوبات المصري على أنه "يعتبر من أسرار الدفاع عن البلاد، المعلومات الحربية والسياسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم صفتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك، وتوجب مراعاة أنه لمصلحة الدفاع عن البلاد، يجب أن تبقى سراً على ماعدا أولئك الأشخاص". وأوضحها الدكتور ممدوح شوقي السفير بوزارة الخارجية المصرية، في مقالته "الأمن القومي والعلاقات الدولية" المنشورة في مجلة السياسة الدولية، على الشكل التالي: المعلومات الحربية: وهي الحقائق التي تتعلق باستعداد البلاد العسكري وكفايتها الحربية، ووسائل الدفاع عنها، وعملياتها الحربية في البر والبحر والجو، سواء في وقت السلم أم في وقت الحرب، كالمعلومات المتعلقة بسلاح سري، أو طرق الوقاية منه، والخطط العسكرية وتاريخ ومكان إجراء التجارب العسكرية، والتعليمات الصادرة من القيادة العسكرية لضباطها وجنودها. والمعلومات السياسية: وتتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية المتبعة، أو التي تنوي الدولة السير عليها، متى كانت ترتبط بشؤون الدفاع عن البلاد، ولو بطرق غير مباشرة. فلا عبرة بالمعلومات التي تتعلق بسياسة الحكومة في السابق. والمعلومات الدبلوماسية: وهي الحقائق المتعلقة بعلاقة الدولة دبلوماسياً مع غيرها من الدول، مثال: اعتزام الدولة قطع علاقاتها السياسية بدولة معينة، أو الاعتراف بهيئة ثورية تناهض الحكومة والاتصالات الدبلوماسية بين الدولة، ودولة أخرى أجنبية للتوسط في حل نزاع دولي يمس أمن الدولة. والمعلومات الاقتصادية: وهي ليست إلا نوعاً من المعلومات الاقتصادية التي ترتبط بالمجهود الصناعي للدولة، ولا يقتصر الأمر على الإنتاج الصناعي للدولة، بل يمتد إلى الشركات الخاصة التي تفيد الدولة في إنتاجها للدفاع عن البلاد، مثال: ما تورده إحدى الشركات من إنتاج للقوات المسلحة، لاستعمالها الخاص في العتاد الحربي. ولا ينبغي أن يفهم أن جمع المعلومات الحربية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية، تعد متعلقة بأسرار الدفاع عن البلاد، بل يجب توفر شرطين لذلك: أن تكون المعلومات متعلقة بالدفاع عن البلاد، أي تتعلق بسلامة الدولة وسيادتها، ووسائل الدفاع عنها وعن كيانها في شتى الميادين في زمن السلم وفي زمن الحرب، وأن تكون هذه المعلومات بطبيعتها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة بذلك، ومن ثم لا يقتصر معنى الدفاع عن البلاد على المدلول العسكري وحده، بل يتسع لكل ما يتعلق بأمن الدولة الخارجي، من النواحي العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية في زمن السلم وفي زمن الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وعلى ذلك فالسرية ليست صفة لصيقة بالمعلومات ولكنها صفة تخلعها الدولة عليها من زاوية معينة، فهي طبيعة اعتبارية للمعلومات، وهي مسألة نسبية، فما يعتبر سراً في فترة معينة، لا يعتبر سراً بعد مرور فترة زمنية معينة، فالسرية صفة تلحق بالمعلومات في لحظة معينة تمليها سلامة الدولة في تلك اللحظة. ولهذا على المراسلين الأجانب والمستشارين والملحقين الإعلاميين المعتمدين في أي دولة من دول العالم أن يتعرفوا على مضمون ليس القوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد المعتمدين فيها وحسب، بل والتعرف على مضمون قوانين العقوبات فيها، وخاصة ما يمس منها العمل الصحفي، رغم الحصانة الدبلوماسية التي يتمتعون بها. وهناك جملة أخرى من المشكلات التي ترتبط بقيام دولة ما، بالحصول على المعلومات عن غيرها من الدول بغير الطرق المشروعة أو العلنية. وهي مشكلة نتجت عن التقدم العلمي في مجال جمع وتخزين ونقل المعلومات، فالصورة التقليدية للحصول على المعلومات هي عبارة عن علاقة مباشرة بين دولة وأحد الأفراد الذين ينتمون إليها، أو من رعايا دولة أخرى، يقوم بنقل المعلومات إليها، أو قيام مواطن دولة محايدة بالتجسس لصالح إحدى الدول، ولكن الصورة التقليدية تغيرت اليوم، وأصبحت العلاقة مباشرة بين دولتين دون طرف آخر، يتوسط عملية نقل المعلومات، وذلك نتيجة لحصول الدولة على المعلومات اللازمة لها بصورة مباشرة بالاستشعار عن بعد عن طريق الأقمار الصناعية أو طائرات التجسس، وكان الهدف أو الغاية، فيما مضى هما اللذان يحددان طبيعة الفعل، ثم حدث تطور بظهور العنصر العام للدولة في هذه العلاقة فأصبحت الوسيلة هي التي تحدد طبيعة الفعل. وترتبط بذلك أيضاً، مشكلة أخرى يثيرها الحصول على المعلومات عن طريق الأقمار الصناعية، أو طائرات التجسس أو الاستشعار عن بعد بواسطة دولة معينة، دون علم الدولة صاحبة الشأن بذلك، وهو ما يطرح بدوره تساؤلات عن مدى التزام الدولة التي حصلت على تلك المعلومات، بإطلاع الدولة صاحبة الشأن عليها، أم أن لها أن تبقيها كورقة رابحة، تستخدمها في مجال الضغوط السياسية ! ومدى مسؤولية الدولة التي حصلت على هذه المعلومات، إذا قامت بتزويد دولة ثالثة بتلك المعلومات التي حصلت عليها. وقد حاولت منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1960 من خلال اللجان المتخصصة ولجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي، البحث عن إطار قانوني يحدد هذه العلاقة، بالإضافة إلى تنظيم اكتشاف ثروات الأرض عن طريق الاستشعار عن بعد، والمشكلات الأخرى المترتبة عن ثورة نقل المعلومات، أو ما يمكن أن يطلق عليه النظام الدولي الجديد للاتصالات والمعلومات والاستشعار عن بعد، واحتمالات تأثير هذا المجال الجديد على سيادة الدولة، وأمنها القومي، وقدراتها الاقتصادية والصناعية وغيرها. وكررت منظمة الأمم المتحدة محاولة التصدي للمشكلات الناتجة عن الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية في أعوام 1979، 1980، 1981. ولكن الجهود التي بذلتها اللجان الفرعية ومجموعات العمل الفنية، باءت بالفشل بسبب الخلاف على المصالح القومية للدول، وعلى وجه التحديد بين الدول المتقدمة في هذا المجال، وتلك التي لم تنل حظها من التقدم بعد، أي الخلاف بين الدول التي تستطيع الحصول على المعلومات وتلك التي تتلقى المعلومات من الغير فقط. وهو صراع بين حرية نقل المعلومات، والتمسك بالسيادة القومية، بما في ذلك الثروات الطبيعية وأية معلومات عنها.
والدول المتقدمة ترى أن المادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة للحقوق السياسية والمدنية نصت على مبدأ حرية نقل المعلومات في الوقت الذي تمسكت الدول الأخرى بالفقرة 3/ب من نفس المادة التي قيدت هذا الحق بمقتضيات الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة والأخلاقيات، وتبلور الخلاف بين فريقين: الأول: ويضم الدول الصناعية المتقدمة؛ والثاني: ويضم الدول التي تدافع عن النظام الاقتصادي الدولي الجديد، الذي نص عليه قرار منظمة الأمم المتحدة عام 1974. وبمعنى آخر الخلاف بين دول الشمال، ودول الجنوب. وقد توصلت المناقشات التي تمت بين أعضاء اللجان الفرعية الفنية إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين الدول في حالات الكوارث الطبيعية، وبضرورة إبلاغ الدول المعنية بأية معلومات قد تتوافر في هذا الشأن. أما بالنسبة للمعلومات الأخرى التي يتم الحصول عليها بواسطة الأقمار الصناعية، فكان هناك نوع من الاتفاق على بعض الموضوعات الخلافية، ومنها: أن تمتنع الدولة التي تقوم بالاستشعار عن بعد، دون موافقة الدول التي يتم تصوير أراضيها وكشف أسرارها، عن تقديم المعلومات لدولة أخرى، أو منظمة دولية أو المؤسسات العامة أو الخاصة. وقد أيدت غالبية الدول النامية هذا الاتجاه في حين عارضته الدول المتقدمة؛ وأن يكون الاستشعار عن بعد بما يتفق مع حق الدولة المعنية في التصرف بمواردها الطبيعية، بما في ذلك المعلومات المتاحة عنها، ولا يزال المجتمع الدولي في ظل قواعد قانونية دولية غير واضحة، ولم يزل بعيداً عن وضع مثل تلك القواعد، لتنظيم الحصول على المعلومات ونقلها عن طريق الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية. وهذا يدعو المجتمع الدولي ودول العالم داخل المنظمة الدولية إلى وضع بعض القواعد العامة التي يمكن أن يسترشد بها في هذا المجال، وأولها: تقييد حرية الفضاء الكوني باعتبارات أمن الدولة صاحبة الشأن؛ وثانيها: حق جميع الدول في الحصول على المعلومات التي تتعلق بأراضيها وثرواتها؛ وثالثها: ضرورة التعاون الدولي من أجل مساعدة جميع الدول على الحصول والاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها. مع الإبقاء على حق الدولة المعنية في إثارة المسؤولية الدولية ضد الدولة التي تحصل على معلومات عنها، وأن تطالبها بتقديم تلك المعلومات مع اعتبار أن ما قامت به يشكل عملاً غير مشروع.
ويبقى الحل في التعاون الدولي، وفي النوايا الحسنة بين الدول. لأن الصراع غير ملائم لعالم اليوم، ويؤدي إلى تشتيت الجهود الدولية التي يمكن أن توجه إلى ما فيه صالح المجتمع الدولي نفسه، وإلى حل المشاكل التي تهدد البيئة البشرية بأسرها، وخاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال النقل والاتصال، التي عملت على إلغاء الحواجز الجغرافية وتقريب المسافات بين أجزاء العالم المختلفة، ليصبح العالم معها اليوم أكثر ترابطاً من ذي قبل، وهو ما يؤكد على أن تحقيق الأمن القومي لا يتم من خلال الصراع بين الدول، بل من خلال التعاون الوثيق بينها. ولا ريب في أن تخلي الدول عن سياسة استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، والتزامها بمبادئ القانون الدولي وقواعده، بروح من التضامن والإخاء والثقة المتبادلة، لن يؤتي ثماره بتحقيق الأمن لدولة بعينها فحسب، بل سوف يحقق الأمن لكافة الدول في العالم. ويجنب البشرية ويلات الحروب المدمرة، التي ضاعف من خطورتها التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في كل ميادين الحياة، ومن بينها ميدان صناعة وإنتاج أسلحة التدمير الشامل الفتاكة والمدمرة. ولابد من أن تصب جهود التعاون الدولي في مجال مواجهة الآثار الناجمة عن المخاطر الاقتصادية داخل الدولة، وأن تسعى الدول إلى توفير الغذاء ورفع المستوى الثقافي والعلمي والاقتصادي لمواطنيها، وأن تعيد البناء الاجتماعي داخل الدولة، بما يحقق تنمية شاملة حقيقية، بدلاً من إضاعة الوقت والجهود في الصراع من أجل تركيز القوة للمواجهة مع الغير. خاصة وأن الاكتشافات العلمية في مجال النقل والاتصالات ونقل المعلومات عبر الأقمار الصناعية وقنوات الاتصال ونقل المعلومات الأخرى، قد أحدثت تغييراً شاملاً في مفهوم سيادة الدولة، وأصبحت الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة، تتحقق بقدر ما تحوزه الدولة، أو يتيسر لها من إمكانيات يوفرها التقدم العلمي في شتى مجالات الحياة. وأصبحت ممارسة السيادة كاملة لدى بعض الدول، ومحدودة لدى البعض الآخر، وأصبح كمال السيادة ونقصانها، من الناحية السياسية مرتبط بما لدى الدولة من إمكانيات علمية وتقنية متقدمة، تتيح لها فرصة معرفة ما يدور في منطقتها، بل وفي مناطق العالم الأخرى، وأصبح لبعض الدول معلومات تزيد كثيراً في بعض الأحيان عما يتوفر من معلومات لدى الدولة صاحبة الشأن. ولم تعد الحدود السياسية والموانع الجغرافية صعبة الاختراق، بل وأصبحت أقل صموداً أمام التقدم التكنولوجي، وعلى سبيل المثال: فإن موجات الإذاعتين المسموعة والمرئية، أصبحت تدخل حدود الدولة السياسية دون إذن منها، ولا تستطيع أية دولة حيالها شيئاً، إلا من خلال سن تشريعات تحظر هذا أو ذاك، أو بث موجات مضادة، أو الدخول في منافسة تكون غير متكافئة في أكثر الأحيان. وأصبح الإطار الجديد للتنافس بين الدول في العالم، اقتصاديا وإعلامياً، وأصبح التفوق أو التقدم الاقتصادي يعادل القوة العسكرية، كما أن التقدم الإنتاجي يعادل تطوير الأسلحة الفتاكة، وأن اقتحام الأسواق والساحات الإعلامية العالمية التي تساندها الحكومات، لا يقل أهمية عن إقامة القواعد العسكرية في أراضي الدول الأجنبية، ولا يقل عن النفوذ الدبلوماسي في تلك الدول.
الإعلان كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي: يعتمد الإعلان الدولي على أسس يسعى من خلالها إلى خلق المناخ الملائم لترويج السلع والبضائع والخدمات أو الأفكار، ومهمته الأولى الوصول إلى الأسواق الخارجية والجمهور الإعلامي الأجنبي، ومع ذلك يجب التنويه إلى أن أساليب الإعلان المحلي تختلف تماماً عن أساليب الإعلان الدولي، بسبب تباين خصائص مستقبل الرسالة الإعلانية في الخارج عنها في الداخل، ويجب أن يراعي الإعلان الدولي بدقة الخصائص المحلية لكل منطقة جغرافية وثقافية يتوجه إليها في العالم، بحيث لا يتعرض بالسوء لمشاعر ومقدسات أي شعب من شعوب العالم، سواء في النصوص أم في الصور الإعلانية، ويجب مراعاة المعاني التي ترمز إليها الألوان عند شعوب العالم المختلفة، فاللون الأبيض هو لون الحداد، واللون الأزرق هو رمز لقلة السعادة لدى الصينيين. واللون الأسود هو لون الحداد لدى شعوب الشرق الأوسط، واللون الأحمر هو رمز السعادة لدى شعوب القارة الإفريقية والشرقين الأدنى والأوسط. كما ويجب تجنب استخدام الرموز الدينية المقدسة لمختلف الأديان في الإعلان الدولي، كالهلال المقدس لدى المسلمين، والصليب المقدس لدى المسيحيين، ونجمة داوود السداسية المقدسة لدى اليهود، والبقرة المقدسة لدى الهندوس، وغيرها من الرموز الدينية المقدسة لدى شعوب العالم، كي لا ينقلب الإعلان الدولي رأساً على عقب، ويأتي بنتائج عكسية غير الأهداف التي صدر من أجلها. ويجب التنويه أيضاً إلى ضرورة الانتباه إلى الخصائص اللغوية عند ترجمة النصوص الإعلانية الدولية، من لغة إلى أخرى. وقدر الإمكان محاولة أن يتضمن النص المترجم، نفس المعاني التي يحملها النص الأصلي، حتى ولو تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات على كلمات النص الأصلي، من أجل مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية لكل شعب من شعوب العالم، كما هي الحال مثلاً للناطقين بالإنجليزية التي تختلف عنها في بريطانيا وأمريكا وأستراليا، والعامية السائدة في كل منطقة من مناطق انتشار اللغة الإنجليزية.
وظهر الإعلان الدولي في البداية على صفحات الصحف والمجلات المنتشرة دولياً، خدمة للمنتجين والتجار وأصحاب المهن الذين أرادوا من خلال إعلاناتهم في الصحف والمجلات اختصار الطريق إلى المستهلكين والأسواق التجارية في العالم. وتطور استخدام الإعلان الدولي فيما بعد ليشمل الإعلان على شاشات السينما، والبرامج الإعلانية الإذاعية والتلفزيونية. وبالتدريج أصبحت المعارض والأسواق التجارية من أهم منابر الإعلان الدولي لأنها أفسحت المجال واسعاً ليس أمام الإعلان فقط، بل ووفرت الفرصة ليلتقي من خلالها المنتج والمستهلك وجهاً لوجه حول نماذج من السلع المنتجة أو الخدمات المعروضة أمام المستهلك. وهو الدور الذي تلعبه اليوم أيضاً شبكات الكمبيوتر الدولية متجاوزة المسافات والزمن اللذان يفصلان بين المعلن والمستهلك. وشهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تطوراً ملحوظاً في مجال الإعلان الدولي وأساليبه عندما أصبح الإعلان يستخدم قنوات الاتصال الحديثة، وشبكات الكمبيوتر العالمية، التي وفرت فرصة ذهبية للمعلن والمستهلك لإجراء حوار بينهما عن بعد، وعقد الصفقات التجارية، وإبرام العقود ومتابعة تنفيذها خلال دقائق فقط، بعد أن كانت في السابق تتطلب فترة زمنية طويلة ومشقة وعناء، وهذا بدوره ساعد على تطوير أساليب وطرق الإعلان الدولي وزاد من فاعليته، ولم يقف التطور الهائل لوسائل الاتصال الجماهيرية عند هذا الحد، بل ساعد على انتشار الثقافات المختلفة، وتقريبها من بعضها البعض، من خلال الحوار الثقافي العالمي المفتوح عبر وسائل الاتصال الدولية الحديثة مما ساعد على خلق قيم إنسانية مشتركة بين مختلف الشعوب، رافقتها عادات استهلاكية مشتركة، سهلت للإعلان الطريق للوصول إلى أهدافه المرجوة، وأدخلت أفكاراً قريبة يمكن ترجمتها بسهولة ويسر من لغة إلى أخرى دون صعوبة تذكر. ومع ذلك فلم تزل الحاجة ماسة وملحة لمتابعة دراسة تأثير الإعلان الدولي، والتخطيط له من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف حماية الثقافات الوطنية في الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة من احتواءها من قبل ثقافات الدول المتطورة والغنية، وبالتالي اندثار ثقافة الدول الضعيفة إلى حد اللاعودة. ومن أجل حماية الأجيال الصاعدة من الانحراف عن الخط القويم للمجتمع الذين ينتمون إليه، وحماية المستهلكين بصورة عامة من الإعلانات المنحرفة والمضللة، وتوخي الدقة عند اختيار وكالات الإعلان الدولية، وتسجيلها في المنظمات الحكومية الدولية، وإلزامها بمراعاة الخصائص الثقافية المحلية للمناطق التي يتوجه إليها الإعلان الدولي. ولابد من أن تتحمل الحكومات، والمنظمات الدولية، ووكالات الإعلان الدولي، المسؤولية الإنسانية بصورة مشتركة، أمام البشرية جمعاء، لأن المعلن لا يهمه سوى: تسويق أفكاره وتصريف بضاعته أو خدماته؛ والتأثير على منافسيه في السوق الاستهلاكية الدولية. ولهذا نعتقد أن للدراسات الدقيقة لمشاكل الإعلان الدولي فائدة للجميع، دون أن تقتصر الفائدة على المعلن ووكالة الإعلان فقط. خاصة في العصر الراهن، عصر العولمة، بعد أن أصبح للمستهلك دوراً يلعبه ويضغط من خلاله عبر وسائل الاتصال الحديثة على المنتج، والمعلن، ووكالة الإعلان، وحتى على وسائل الاتصال الناقلة لمضمون الإعلان الدولي. ويدخل ضمن هذا الإطار التخطيط السليم للإعلان وللإعلام والحملات الإعلامية الدولية.
التخطيط الإعلامي من شروط نجاح الحملات الإعلامية: أصبح لاقتحام الساحات الإعلامية شروط على ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال وسائل الاتصال الجماهيرية، الذي أحدث آثاراً بالغة أحدث تغييرات جوهرية في العلاقات الدولية المعاصرة وهي التي أثرت بدورها على دور الدولة التي كانت تحتكر في السابق السياسة الدولية، وأضعفت من دورها، عندما تخلت الدولة عن بعض وظائفها لمؤسسات أخرى داخل المجتمع الواحد، ولم يعد هناك مجال للتحدث عن السيادة الإعلامية للدولة، أو التحكم شبه الكامل أو شبه المطلق بعملية التدفق الإعلامي إلى داخل الدول خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، وأصبح من شبه المستحيل السيطرة التامة على نوع وكمية المعلومات التي تتدفق إلى عقول الناس، بعد ظهور شبكة شبكات المعلوماتية العالمية "الإنترنيت" وغيرها من قنوات والتقنيات الحديثة للاتصال عن بعد. وساهمت شبكات الاتصال الجماهيرية الحديثة إلى حد كبير في تخطي حاجزي الزمان والمكان. بعد أن أصبح عدد هائل من الأشخاص مرتبطين فيما بينهم، من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصية المرتبطة بشبكة اتصال عالمية عبر الأقمار الصناعية وهو ما زاد من تفاعل المجتمعات الدولية، لتصبح عملية التبادل الإعلامي الدولي أكثر يسراً وسهولة، مما زاد من أهمية تخطيط العمل الإعلامي، ومن أهمية التنسيق بين جهود مختلف الجهات على الساحتين المحلية والدولية. ويعتبر تخطيط العمل الإعلامي من أساسيات التبادل الإعلامي الدولي، ويتم عادة من خلال تحديد الأهداف العامة للخطة الإعلامية التي يجب أن تراعي متطلبات الأمن الوطني والسياستين الداخلية والخارجية للدولة، وحشد الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية وتصنيفها، وتحديد الوسائل والفترة الزمنية اللازمة لتنفيذها، مع مراعاة دقيقة للمصاريف، والجدوى الاقتصادية والسياسية من الخطة الإعلامية.
ولتخطيط العمل الإعلامي عادة إطارين أساسيين هما: الإطار النظري للخطة الإعلامية، ويشمل: الأهداف المحددة، والغايات الواضحة، والعناصر المكونة؛ والأهداف المرنة، التي لا تحتوي على درجة كبيرة من التحديد ويمكن تطويرها وتكييفها مع الظروف أثناء التطبيق العملي. وتشمل عملية التخطيط عادة: مشاكل اختيار وسائل تحقيق أهداف الخطة الإعلامية من بين البدائل المتعددة؛ ومشاكل التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الخطة؛ ومشاكل التطبيق والتنفيذ الفعلي، للوصول إلى أهداف الخطة المرسومة. وعند وضع أي خطة إعلامية لابد من تحديد إطارها العام من أرقام ومؤشرات ليتم معالجتها مع المشاكل المحتملة عند التنفيذ الفعلي للخطة المرسومة وبعد الانتهاء من تحديد الإطار العام للخطة الإعلامية، تبدأ عملية تحديد الإطار التفصيلي للخطة الإعلامية، عن طريق دراسة تفاصيل الخطة، وتحويل الأهداف العامة، إلى أهداف تفصيلية، مع تحديد الوسائل انطلاقاً من الإمكانيات المتاحة، والمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ بدقة. وكما هو متعارف عليه من الناحية الزمنية للخطة الإعلامية، هناك خططاً: سنوية؛ وخططاً متوسطة الأمد، تتراوح عادة مابين الأربع والسبع سنوات، ولكنها في أكثر الحالات هي خطط خمسية، أي لمدة خمس سنوات؛ وخططاً طويلة الأمد، وهي الخطط التي تزيد عن السبع سنوات. وتقسم الخطط متوسطة الأمد، والخطط طويلة الأمد إلى خطط سنوية متكاملة، للاستفادة من إمكانية التجربة، وإجراء الإصلاحات على الخطط الفترات الزمنية اللاحقة لزيادة فاعليتها، وفقاً لمعطيات تنفيذ خطط السنوات السابقة، ومن المتعارف عليه أيضاً في الخطط الإعلامية تقسيم الخطط السنوية إلى خطط ربع سنوية، يطلق عليها عادة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية تسمية الدورة الإذاعية أو التلفزيونية، وهكذا. وهنا يجب على المخططين الإعلاميين أن يدركوا دائماً أن تخطيط العمل الإعلامي الدولي، ما هو إلا شكل من أشكال التخطيط السياسي، ويدخل في إطار العلاقات الدولية، ومن أجل تحقيق أهداف السياستين الداخلية والخارجية للدولة، اللتان لا يجوز تخطيهما أبداً. وعليهم إدراك أن ضمان التنفيذ الناجح لأي خطة كانت، مرتبط بمدى تحديد الأساليب الممكنة والملائمة لتحقيق الأهداف الموضوعة انطلاقاً من الإمكانيات الفعلية والمتاحة. وأن الأهداف الواقعية والواضحة، تسهل عملية التنفيذ، وبالتالي الوصول للأهداف المرتقبة، وأن من عوامل النجاح الأخرى، التقدير السليم للوسائل والإمكانيات والغايات، وبقدر ما تكون متناسقة، والغايات متوافقة مع الإمكانيات، بقدر ما يكون التنفيذ أكثر نجاحاً، ولهذا لا بد من دراسة صلاحية الأهداف، من وجهة نظر احتمالات تحقيقها من خلال الإمكانيات المتاحة، وتقييم احتمالات تحقيق الهدف مع متغيرات الإمكانيات المتاحة. وبعد الانتهاء من دراسة صلاحية الأهداف، يتم الانتقال إلى عملية اختيار الأساليب من خلال البدائل المتاحة، وبعد دراسة تلك البدائل من كافة الجوانب، يتم اختيار الأساليب الناجعة والملائمة من بين تلك البدائل، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التالية، وهي وضع تفاصيل الخطة الإعلامية، والتي يجب أن تراعى فيها الخطوات العشر التالية: تحديد الأهداف؛ ومضمون الرسالة الإعلامية؛ والأساليب؛ ومستقبل الرسالة الإعلامية؛ والإمكانيات المادية والبشرية؛ وتحديد مجالات التنفيذ؛ والمسؤول عن التنفيذ؛ والمسؤول عن متابعة التنفيذ؛ وتقييم الفاعلية؛ والمدة الزمنية؛ ووضع نظام لمتابعة التنفيذ. وعلى المخططين الإعلاميين أن يأخذوا في اعتبارهم: قوة وإمكانيات الإعلام المضاد، ومحاولة الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر الإمكان؛ وأن يبنوا خططهم على قدر كبير من المعلومات عن المستهدفين من الخطة الإعلامية الدولية؛ والاستعانة بفريق عمل من المتخصصين في مجالات التخطيط، وخبراء في الاقتصاد والسياسة الخارجية، والعلاقات الدولية، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، والنظم السياسية، وتكنولوجيا وسائل الاتصال الدولية، وغيرها من التخصصات حسبما تقتضي الظروف؛ وتوخي نتائج الخطط السابقة، والتجارب المحلية والإقليمية والعالمية في موضوع الخطة الإعلامية التي يعدونها؛ والأخذ بآراء الممارسين للعمل الإعلامي الدولي فعلاً، لأن في ملاحظاتهم الكثير مما يمكن أن يفيد نجاح تنفيذ الخطة الإعلامية، ووصولها لأهدافها المرسومة.
ويأتي الإطار التطبيقي للخطة الإعلامية تلبية للمبادئ والأهداف التي تضمنتها خطة العمل الإعلامي الدولي، ومن أهم مبادئها الأساسية التنسيق بين الأجهزة والوسائل المختلفة، للوصول إلى أفضل تنفيذ للخطة الإعلامية، وأعلى درجة من الفاعلية من خلال المعادلة التالية: { من يخاطب من ؟ } والدبلوماسية الرسمية المعتمدة في الخارج، والدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة الدولية)، والزيارات الرسمية والشخصية والإطلاعية والسياحية، والمعارض والمهرجانات الثقافية والفنية والرياضية، واللقاءات والمؤتمرات الدولية، ووسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها، تعتبر كلها من وسائل تنفيذ الخطة الإعلامية. من خلال مخاطبتها للقطاعات المستهدفة من الخطة الإعلامية الدولية، وهذه القطاعات يمكن أن تكون: قيادات حاكمة؛ أو قيادات وأعضاء في البرلمان، أو معارضة برلمانية؛ أو قيادات الأحزاب السياسية، سواء أكانت داخل السلطة أم في صفوف المعارضة؛ أو قيادات المنظمات الجماهيرية والمهنية والاجتماعية؛ أو قيادات إعلامية؛ أو رجال أعمال؛ أو أقليات أو تجمعات دينية، أو عرقية، أو ثقافية، أو قومية؛ أو الجاليات المقيمة في الخارج؛ أو هيئات ثقافية، أو دينية؛ أو مشاركين في المهرجانات الثقافية والفنية؛ أو مشاركين في اللقاءات الرياضية؛ أو مشاركين في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية والعلمية الدولية؛ أو زوار معارض اقتصادية أو تجارية أو صناعية أو سياحية أو إعلامية أو فنية دولية؛ أو جماهير عريضة عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية المتاحة. ومن خلال متابعة مراحل تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية من المفيد جداً دراسة المتغيرات على الساحة التي ينشطون فيها. وتشمل: الوجود الإعلامي الصديق والمحايد والمضاد في تلك الساحة؛ ومجال التأثير الإعلامي على الفئات والقطاعات المستهدفة، من خلال المفاهيم المتكونة مسبقاً لديها؛ وتزويد الجهات المسؤولة بالمعلومات عن تنفيذ مراحل الخطة الإعلامية الدولية. ومتابعة تلك المعلومات تباعاً، من أجل: المساعدة على تحديد المجموعات والفئات والقطاعات التي يجب مخاطبتها أكثر من غيرها؛ وتكييف القواعد التي يجب أن يلتزم بها كل المشاركين في تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية؛ وإعداد المواد الإعلامية الرئيسية من معلومات وأخبار وملفات إعلامية تفيد في إنجاح تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، وتساعد على الوصول لأقصى قدر ممكن من الفاعلية والتأثير. ومحاكاة أداء محطات مثل "الحرة" الأميركية، والخدمة العربية "فرنسا 24" و"روسيا اليوم"، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العريقة في العمل على الساحة الإعلامية العربية والذي يعود لثلاثينات القرن العشرين.
الخاتمة: وفي الختام لا بد من التأكيد على أهمية عملية التبادل الإعلامي الدولي في حياة الأمم المعاصرة، في ظل النظام الدولي الراهن، وأنها لم تزل من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة على ضوء التطور الهائل لوسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة التي أصبحت تمكن الإنسان من الحصول على أية معلومات يريدها بمنتهى السرعة واليسر والسهولة، عبر شبكات الاتصال والمعلومات الدولية الحديثة، التي تحولت تدريجياً إلى وسائل إعلام جماهيرية دولية تستخدمها الدول والهيئات والمنظمات والجماعات فعلاً، لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت أفكارها، وبأية لغة يفهمها الإنسان المعاصر الذي تميز بسعة الأفق والمعرفة، بفضل المعلومات التي وضعتها بين يديه تلك الوسائل أينما كان. لأنه هناك مجموعة من العوامل المشتركة في منطق عملية التبادل الإعلامي الدولي تنطلق من المجالات الإنسانية والحياتية الفعلية، وتنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها لتكوين علاقات تمكن الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك تجعل من تداول الخبرة أمراً ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات والدول. وعملية التبادل الإعلامي الدولي في هذا المعنى الواسع تحولت إلى أداة اتصال رئيسية بين بني البشر، وأصبحت أداة للحوار وتبادل الآراء والأفكار بين الأمم خاصة وأن القرن العشرين قد حمل للعالم ثورة شاملة في وسائل الاتصال والإعلام وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لتلك الوسائل المتطورة، وتم تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات وأخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وخرجت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتدريج عن إطارها المحلي لتصبح أداة اتصال وتواصل بين الأمم لها دوراً مرسوماً ومحدداً في إطار السياسات الخارجية والعلاقات الدولية المعاصرة، ودخلت عملية التبادل الإعلامي الدولي ضمن الأدوات والوسائل لتحقق من خلالها مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية والجماعات السياسية بعضاً من سياساتها الخارجية. وتعمل المؤسسات الصحفية اليوم على نشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المختلفة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات داخل مختلف المجتمعات، بعد أن خرجت تلك المؤسسات عن نطاقها المحلي واجتازت وسائلها الإعلامية الجماهيرية الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل تلك المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، في سعي منها لخلق نوع من الحوار الثقافي معها، متجاوزة الحواجز السياسية اللغوية. لأن الإعلام الدولي يعتبر جزأ لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة، ووسيلة فاعلة من الوسائل التي تحقق بعض الأهداف السياسة الخارجية لكل دولة داخل المجتمع الدولي. وتخدم من خلالها المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به الدول في المعادلات الدولية، وتأثيرها وتأثرها بالأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أم اقتصادية أم عسكرية، أو اضطرابات اجتماعية داخلية تطال تلك الدول، أو الدول المجاورة لها. أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى حيث وجدت في أنحاء العالم المختلفة أو في حال حدوث كوارث طبيعية وأوبئة أو أخطار تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض.
وينطلق الإعلام الدولي من دوافع متعددة، تعتمد على المصالح الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة، وتنبع تلك الدوافع من المصالح الوطنية العليا للدولة، ويعمل الإعلام الدولي من خلال هذا المنظور على التأثير على التفاهم الدولي وعلى عملية الحوار الثقافي والحضاري الجارية بين الأمم، وهو الحوار الذي يؤدي إلى خلق تصور معين للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الإنساني الدولي ويعمل على تطويره. ورغم دخول الجماعات السياسية غير المرخصة الصراع على الساحة الإعلامية الإلكترونية بقي دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي حول وجهة النظر الرسمية من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد تلك الصراعات وأسبابها، مما زاد من أهمية مراعاة خبراء الإعلام والصحفيين لخصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للقائم بعملية الاتصال من وجهة نظر الجهة المعنية في الصراع التي يمثلها، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية. لأن سلاح الإعلام في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، وهو الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوة البشرية في الدولة المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراع الدائر، والإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي. ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها عليها السياسات الاستعمارية وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية ورغم دخولها عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال المتطورة فإننا نلاحظ استمرار تخبط الدول النامية في مشاكلها الإعلامية والاتصالية التي ازدادت صعوبة وتعقيداً.
وخلاصة القول أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة بالدرجة الأولى. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم لها، والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها. وبقي التأكيد على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل (المواد) الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة، وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي، لأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي ركائز أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع الإنساني، وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة وبين مواطني البلد الواحد. ولكن الذي يحدث هنا وهناك لم تواته القوة المؤثرة بعد ولا زالت عملية التبادل الإعلامي الدولي بعيدة عن التكافؤ بين من يملك ومن لا يملك وسائل إعلام واتصال حديثة، كما ونجد أن الكثير من المحاولات الإعلامية والسياسية العالمية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياها العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، لم تزل دون المستوى المطلوب.
وتبقى الأمم المتحدة معنية بإعادة النظر في جميع الممارسات الإعلامية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا الذي يعني حق احتكار المعلومات فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية المشتركة من أجل الحياة الكريمة. والتعامل مع الظروف الجديدة الناتجة عن تسلل استثمارات الدول المتطورة للاستثمار الإعلامي في الدول الأقل تطوراً والدول النامية للسيطرة على أية محاولات للدول الأقل تطوراً والنامية للولوج إلى عالم تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة. وتحدثت عن جزء بسيط منها نتائج الدراسة التي أجراها الاتحاد الهندي للغرف التجارية والصناعية «برايس ووترهاوس كوبرز Price Waterhouse Coopers» مشيرة إلى أن قيمة قطاع الإعلام في الهند ستصل بنهاية عام 2010 إلى 19 مليار دولار أمريكي بسبب الطفرة الاقتصادية وارتفاع نسبة التعليم وارتفاع نسبة الذين لا تزيد أعمارهم عن الـ 30 عاماً بين السكان. واتجاه مجموعة من الشركات العالمية للقيام بعملياتها في الهند أمثال شركات «سوني»، و«باراماونت»، و«ديزني»، و«وفوكس»، و«تايم وورنر»، و«بيرسون»، والشركة الناشرة لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، و«انديبيندانت» و«تيرنر انترناشونال» و«بي بي سي وورلد وايد». وما أكده آشوتوش سيرفاستافا، الرئيس التنفيذي لشركة مينشار انديا وهي الفرع المحلي لمؤسسة ميديا انفستمنت مانجمنت ومقرها لندن «أن الصين والهند هما نقطتا الجذب بالنسبة للمستثمرين من الخارج في جميع المجالات، غير أن الصين مغلقة تماما بالنسبة للمستثمرين في مجال الإعلام وهو ما جعل الهند بديلا جيدا للاستثمار بالنسبة للمستثمرين الأجانب». وما أشار إليه باسكارا راو رئيس مركز الدراسات الإعلامية في نيودلهي إلى أن معدلات النمو في كل المجالات الإعلامية في الهند خلال السنتين الماضيتين كان أعلى بكثير من الولايات المتحدة وبريطانيا. وأن «قطاع الصحف ينمو بمعدل 14% سنويا ويوجد 27 قناة إخبارية تلفزيونية في الهند تعمل على مدار الساعة. ومعظم الشركات متعددة الجنسيات التي تنفق كميات كبيرة على الإعلانات موجودة في الهند أيضا»، وأكد على أن "كل ذلك يجعل الهند مجالا جيدا للاستثمارات بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الأجنبية وأن احتمالات النمو ضخمة ولم نتمكن من الاستفادة من جزء كبير منها بعد". وبعد أن أصبحت سياسات الحكومة ايجابية بالنسبة للاستثمار في الهند فيما يخص الإعلام المطبوع، وبالرغم من ارتفاع مستوى الأمية في المناطق الريفية، فإن حجم قطاع المطبوعات الهندي يصل إلى 2.3 مليار دولار أميركي ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى 5.8 مليار دولار بحلول عام 2010 وأن الحكومة الهندية غيرت سياستها في مجال الإعلام عام 2002 وخففت من قيود ملكية الأجانب للصحف بحيث يسمح القانون الهندي للأجانب بملكية 26 في المائة من أسهم المطبوعات الهندية، إلا أن الإدارة التحريرية يجب أن تبقى هندية. وأظهرت استبيانات عدد القراء في الهند، أن عدد قراء الصحف اليومية والمجلات مستمر في الزيادة من 206 ملايين قارئ إلى 222 مليون قارئ في عام 2005 وأن 12 صحيفة هندية يومية من بين 5 آلاف صحيفة يومية تبيع أكثر من مليون نسخة يومية، وتصل مبيعات الصحف اليومية إلى ما يتراوح بين 16 إلى 17 مليون نسخة يوميا. وقد دفعت صحيفة فاينانشيال تايمز الانجليزية المملوكة لشركة بيرسون 3.4 مليون دولار أميركي للحصول على 14% من صحيفة «بيزنيس ستاندرد» ثاني اكبر صحيفة يومية في الهند. بينما بدأ مؤشر داو جونز الأميركي في عام 2005 شراكة مع بينت وكولمان لطباعة النسخة الآسيوية من صحيفة وول ستريت المالية. واشترى هندرسون برايفت كابيتال آسيا فاند حصة قيمتها 20 مليون دولار في صحيفة هندوستان تايمز اليومية. كما بدأت صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون في طباعة نسخة في الهند في أوائل عام 2006. وأن مجموعة مترو وهي أسرع المجموعات الصحفية نموا في العالم، تعد نسخة للسوق الهندي. وأن مجموعة «اندبندنت نيوز وميديا لندن» اشترت 26 في المائة من مجموعة جاغران براكشان الهندية بقيمة 18.6 مليون جنيه إسترليني. وأوضح سنجاي غوبتا المدير التنفيذي ورئيس تحرير داينك جاغران أن رئيس مجلس إدارة «الاندبندنت نيوز وميديا لندن» توني اوريلي، كان السباق في اكتشاف إمكانات السوق الهندي. وأن عدد قراء داينك جاغران يصل 21 مليون قارئ وهي رسميا اكبر صحيفة تصدر في الهند. وقال غوبتا «سنطبع نسخة دولية من الاندبندنت في الهند قريبا ولكنها ستكون بالانجليزية»، لأن السلطات الهندية تسمح الآن بطباعة نسخ من الصحف الأجنبية في الهند، وهذه السياسة تساعد الصحف الأجنبية على توفير نفقات توزيعها في السوق الهندي. وتعتبر تكلفة الإنتاج الرخيصة نقطة جذب رئيسية بالنسبة لدور النشر. ويتوقع تقرير «اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية»، أن يجلب قطاع إذاعات الـ إف إم في الهند توظيفا ماليا أجنبيا يصل إلى 111 مليون دولار أميركي خلال الفترة القادمة، ليحقق نمواً قدره 22% من حجمه الحالي البالغ 53 مليون دولار أميركي وليصل إلى 145.9 مليون دولار قبل انتهاء عام 2010.
وأن قطاع المحطات التلفزيونية في الهند أصبح ثالث أكبر سوق للتلفزيون في العالم اليوم ويبلغ عدد القنوات التلفزيونية في الهند أكثر من 350 قناة تحقق دخلاً من الإعلانات عبر تلفزيونات الدارات المغلقة "الكبل" يبلغ 1.02 مليار دولار (عام 2005) ومن المتوقع أن يبلغ هذا الدخل 1.8 مليار دولار قبل انتهاء عام 2010 بزيادة قدرها 24%. وأن 50 قناة تلفزيونية تبدأ البث سنوياً. ولم تزل شركات البث التلفزيوني الهندية تبحث عن شركات منتجة للبرامج لتغطية ساعات بثها. بالإضافة إلى زيادة عدد البيوت التي تستخدم شبكات التوزيع عن طريق الكبلات لاستقبال البث عبر الأقمار الاصطناعية في الهند بنسبة 12% ليصبح عددها 68 مليون بيت عام 2006. وأن شركة والت ديزني اشترت حصة من أسهم «يو تي في» التي تمتلك قناة للأطفال مقابل 30 مليون دولار. بالإضافة لحصة قناة «سي إن إن ـ إي بي إن» في الشركة الهندية غلوبال برودكاست نيوز. واشترت رويترز حصة 26% بمبلغ 19 مليون دولار أميركي في الأخبار التي تبث على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم وقناة «تايمز تي في ناو». وإطلاق الشركة الإعلامية المتمركزة في الولايات المتحدة "بلومبيرغ" قناة لرجال الأعمال مع شركة «تي في غروب» الهندية.
وهذه صورة حديثة لتغلغل رؤوس الأموال الغربية إلى الساحات الإعلامية الوطنية والهند مثال جيد لها لاستثمارها والحد من نموها وربطها بالمصالح الغربية على حساب المصالح الوطنية ولن نتطرق للتغلغل الواضح في الساحات الإعلامية الأوروبية والروسية والدول الأقل تطوراً والنامية في العالم المستعدة طوعاً للقبول بمثل هذا التغلغل، والساحة الإعلامية العربية جزء منها وتحتاج للبحث والدراسة الحيادية خدمة للقائمين على تخطيط السياسات الإعلامية العربية ولوضع النقاط على حروف الأبجدية الإعلامية الوطنية.
المراجع المستخدمة في الكتاب
1. أحمد صوان: أوراق ثقافية.. عن الإعلام وعيد الصحفيين. // دمشق: تشرين، 19/8/2007.
2. أحمد ضوا: الرئيس الأسد لاتحاد الصحفيين: شرح الرؤية السورية.. الارتقاء بالإعلام .. إيصال الرسالة بشفافية. // دمشق: صحيفة الثورة، الأربعاء 22/11/2006،
3. أحمد السيد النجار: على ضوء خبرات نكبة العراق: التقدم العلمي ضرورة للاستقلال والمنعة والتطور الاقتصادي. ملفات الأهرام. // القاهرة: الأهرام، 22/8/2003.
4. أحمد طه محمد: حول التكتلات الاقتصادية المعاصرة. // القاهرة: السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1992.
5. د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983.
6. إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، القاهرة: مطابع الأهرام، 1977.
7. إدارة الصحافة والإعلام في الحكومة الاتحادية: حقائق عن ألمانيا. Societats-Verlag، 1997. (باللغة الروسية)
8. د. أسامة الغزالي حرب: الأحزاب السياسية في العالم الثالث. // القاهرة: سلسلة المعرفة. سبتمبر/1987.
9. إسلام كريموف: أوزبكستان، طريقها الخاص للتجديد والتقدم.ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان، نموذجها الخاص للانتقال إلى اقتصاد السوق. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان على طريق الإصلاحات الاقتصادية. شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. بيروت: 1996.
10. د. إسماعيل صبري مقلد: العلاقات السياسية الدولية. دراسة في الأصول والنظريات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991؛ و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968. و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968.
11. إسماعيل جرادات: العلاقة مع الإعلام .!دمشق: صحيفة الثورة، الخميس 30/11/2006.
12. أصوات متعددة: عالم واحد. باريس: اليونسكو، 1976.
13. الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. // دمشق: الثورة: 15/8/2006م.
14. الإعلام الجديد wwwekateb.net // الكويت: صحيفة القبس، 19 مايو 2003.
15. أندريه بوفر: مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1968.
16. أوتكين أ.ي.: العولمة: التفاعل والجوهر. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
17. أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970.
18. إيفانوف ي.س.: السياسة الخارجية لروسيا في عصر العولمة. مقالات وكلمات. موسكو: 2002. (باللغة الروسية)
19. إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 129/1997.
20. بريتيش فيديو غرام أسوسياشين ( غالوب - 1986).
21. بسام زيود: د. بلال: تطوير الإعلام مسؤولية جماعية. // دمشق: الثورة، 15/5/2006.
22. د. بطرس بطرس غالي: حقوق الإنسان في 30 عاماً. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، يناير/ 1979.
23. بليسييه روجيه: منظمة الصحافة في جمهورية الصين الشعبية. // جورناليزم، 34/1971.
24. تقارير الشركات: التقرير السنوي للمجلس الصحفي 1990.
25. التقرير السنوي لـ A P A . 1986-1985.
26. التقرير السنوي الـ 32 لمجلس الصحافة 1985 (1986).
27. التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد" 4-6/10/1982. // مجلة العمل العربي العدد 25/1982.
28. د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 1993.
29. جمال بركات: الدبلوماسية: ماضيها وحاضرها ومستقبلها. القاهرة: مطابع الأهرام، 1991.
30. د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. عمان: دار المسيرة، 1998.
31. جيمس كورّان، وجين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993.
32. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. القاهرة: دار الفكر العربي، 1978.
33. جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. // عمان: صحيفة الدستور، عدد 1/7/1997.
34. د. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. // القاهرة: الأهرام، 30/12/1997.
35. د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. // القاهرة: السياسة الدولية، 1997/127.
36. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983.
37. حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972.
38. الخارطـة الجديدة للشـرق الأوســط. صحيفة الوطن، 22/7/2006. عن موقع مجلة القوة العسكرية تموز 2006.
39. رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1984.
40. سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. بيروت: معهد الإنماء العربي. 1978.
41. د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. // مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982.
42. شمس الدين الرفاعي: تاريخ الصحافة السورية. جزأين. القاهرة: دار المعارف. 1969.
43. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
44. صحيفة الشعب الصينية. 1954 حزيران/ يونيو 25.
45. صفات سلامة: الإعلام العلمي العربي: الواقع.. والمأمول. // لندن: الشرق الأوسط، 21/8/2007.
46. د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. بيروت: دار الطليعة. 1971.
47. ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
48. عاطف الغمري: الأسلحة الجديدة في ترسانة الهجوم الاقتصادي العالمي. // القاهرة: الأهرام 30/1/1996.
49. د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. بغداد: معهد البحوث والدراسات العربية 1983.
50. د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت، 1972.
51. عزت السيد أحمد: العولمة وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. // دمشق: مجلة المعرفة، العدد: 416/. 1998.
52. عقبة زيدان: للإعلام (وجه آخر ).. هل ترونه??. // دمشق: الثورة، فضائيات، الأحد 7/5/2006.
53. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. // القاهرة: السياسة الدولية، العدد 123/1996.
54. فيصل عباس: مدير قسم الأخبار الدولية في الـ «بي. بي. سي»: لا نسعى لمجاراة «العربية» و«الجزيرة». // لندن: الشرق الأوسط، 19/8/2007.
55. فيصل عباس: مدير تسويق «إم بي سي»: نعمل على تطوير دخلنا من مصادر غير الإعلان. // الرياض: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
56. فيصل عباس: مردوخ يشتري «داو جونز».. و«حاجز» لمنع تدخله في تحرير «وول ستريت جورنال» // الرياض: الشرق الأوسط 1/8/2007.
57. القاموس الدبلوماسي. الجزء الأول، دار ناووكا، موسكو 1985. (باللغة الروسية)
58. القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
59. كاشليف يوري باريسوفيتش: العلاقات الدولية والثورة المعلوماتية. // موسكو: العلاقات الدولية، 1/2003. (باللغة الروسية)
60. كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007؛
61. كارولين عاكوم: ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
62. كارولين عاكوم: هل جاء عصر التحالفات الإعلامية العربية؟ اندماج «روتانا» و«إل بي سي» يسلط الضوء على مستقبل «التكتلات» في المنطقة. // الرياض: الشرق الأوسط 12/8/2007.
63. كارولين عاكوم: الصحافة.. علم يدرس أم مهارة تكتسب؟ // لندن: الشرق الأوسط، 9/9/2007؛
64. كازيماجو ج.، بورباجي ر.، كوهين أ.: الصحافة والإذاعة والتلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية. 1972.
65. الكتاب السنوي 1995. وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات. القاهرة، 1996.
66. الكتاب السنوي للفونوغراف البريطاني.1986.
67. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
68. د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. // تونس: مجلة الإعلام العربي. العدد 2/1982.
69. كوريا حقائق وأرقام. الخدمات الإعلامية الخارجية في كوريا، سيئول 1993. (باللغة الروسية)
70. كيف نصون لغتنا في عصر العولمة. // دمشق: الثورة، 17/9/2209.
71. ليستر يبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1971.
72. ليدل هارت: الإستراتيجية وتاريخها في العالم. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1967.
73. مجلة جوردان عن معطيات النشر والتسويق والنشر. 1984.
74. د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية السورية. // دمشق: صحيفة تشرين، 4/4/2007.
75. أ.د. محمد البخاري: التدفق الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 1/8/2007. http://www.dardolphin.org
76. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 2006. http://www.dardolphin.org
77. أ.د. محمد البخاري: المجتمع المعلوماتي وتداعيات العولمة. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 21/7/2006. http://dardolphin.com
78. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006.
79. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
80. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
81. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
82. د. محمد البخاري: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع، الاختصاص: 23.00.03 – الثقافة السياسية والأيديولوجيا؛ و23.00.04 – المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي". طشقند: 2005. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
83. د. محمد البخاري: الجوانب الثقافية في التبادل الإعلامي الدولي وفاعليتها. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004. (باللغة الروسية)
84. د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004.
85. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية)
86. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
87. د. محمد البخاري، غينادي غيورغيفيتش نيكليسا: الأسس السياسية والقانونية لتكامل وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان مع الساحة الإعلامية الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003.
88. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.
89. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.
90. د. محمد البخاري: الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)
91. د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)
92. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000.
93. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية. 1997.
94. د. محمد البخاري: أهمية البحوث الميدانية في نجاح السياسات الإعلامية العربية. // صنعاء: الثورة، العدد 9335/1990.
95. محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
96. محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
97. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
98. د. محمد علي البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975.
99. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. القاهرة: 1979.
100. د. محمد محمود الإمام: التخطيط من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. معهد الدراسات العربية العالية. جامعة الدول العربية، 1962.
101. د. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 1997.
102. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. 1979.
103. محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. بيروت: مطبعة كريدية. 1974؛
104. محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. // مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
105. د. محمد الختلان: أوزبكستان على طريق الإصلاح. // الرياض: صحيفة الجزيرة، 30/5/1996.
106. د. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971.
107. د. ممدوح شوقي: الأمن القومي والعلاقات الدولية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية العدد 127/1997.
108. معلومات أساسية عن جمهورية السودان. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، صيف 2002 العدد العاشر.
109. معلومات أساسية عن جمهورية موريتانيا. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2002 العدد التاسع.
110. معلومات أساسية عن جمهورية إثيوبيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثامن شتاء 2001/2002.
111. معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد السادس صيف 2001.
112. معلومات أساسية عن المملكة المغربية. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، ربيع 2001 العدد الخامس.
113. معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001 العدد الرابع.
114. معلومات أساسية عن جمهورية نيجيريا الاتحادية. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثاني/صيف 2000.
115. مقدمة ابن خلدون. بيروت: دار القلم، 1978.
116. من يملك ماذا؟ 1988.
117. موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 218-219. (باللغة الروسية)
118. مويسييف ن.ن.: أونيفيرسوم. المعلوماتية. المجتمع. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
119. ميشيو كاكو: رؤى، كيف سيثوِّر العلم القرن الواحد والعشرون. ترجمه للعربية: عدنان عضيمة. دبي: صحيفة البيان، 1998.
120. نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. دمشق: وزارة الثقافة، 1980.
121. د. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 134/1998.
122. د. هالة مصطفى: المشروع القومي في مصر: دور الدولة الأساسي. // القاهرة: الأهرام، 28/4/1997.
123. د. هالة مصطفى: المشروع القومي بناء الداخل أولاً. // القاهرة: الأهرام، 31/3/1997.
124. د. هالة مصطفى: وحقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. // القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان. العدد 3/ أكتوبر 1997.
125. الهيئة العامة للاستعلامات في مصر www.sis.gov.eg.
126. هيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية. كوللوكيوم، ألمانيا 1996، ص 128-130. (باللغة الروسية)
127. وحدة الأبحاث: اللاعبون الكبار في مجال المال والأعمال. // الرياض: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
128. وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. طشقند: وكالة أنباء "جهان"، 1997. (باللغة الروسية)
129. ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. دمشق: وزارة الثقافة، 1969.
130. اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
131. Argenti J., Corporate Planning, A practical Guide Edinburgh, G. Allen and Lenwin Ltd., 1968.
132. Bettran Canfield, Public Relations Principles, Cases and Problems, 5 th Ed. Honewood ILL., Richard Irwin, Inc., Illinois, 1968.
133. Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication.
134. Beeley H., The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
135. Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968.
136. Burnard Burnes; Manging Cahge. Pitman Publishing. London. 1992.
137. Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic Order, Vienna 1980.
138. Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological Perspective, New York, Random House. 1959.
139. Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971.
140. Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly - Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968.
141. Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996
142. Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989.
143. Goetz B.E., Management, Planning and control, Mc Grow-Hill Book Co., 1949.
144. Gordon E. Miracle, Client’s International Advertising Policies and Procedures, International Communication.
145. H. Beeley, The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
146. Habil Erhart Knauthe, Industrialization, Planning, financing in Developing Countries, Wdition Leipzig, German Democratic Republic, 1970.
147. Harold Sprout, Environmental Factors in the Study of International Politics, in James Rosenau, International Politics and Foreign Policy. (Free Press, New York) (1961).
148. Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28.
149. Heinz - Dietrich fischet and John C. Marrill: The International Situation of Magazines, in International Communication. Media Channels, Functions.
150. Huntington S., The Lonely Superpower. // “Foreign Affairs”, March/April 1999.
151. James N. Rosenau, New Dimensions of Security: The Interaction of Globalizing and Localizing Dynamics, Security Dialogue, 1994, Vol. 25 (3).
152. James W. Botkins, Jana B. Matthews; Winning Combinations. John Wiley & Sons, Inc. New York. 1993.
153. Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.
154. John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
155. Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960.
156. Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968.
157. Kurt London, The Making of Foreign Policy East and West, (J.B. Lippincott Company, New York, 1965).
158. Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, These de Docdorat de 3e. Cycle. Universite de Paris 2, 1975.
159. Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Petroliere. These de Doctorat de Specialite en Science de L'Information, Universite de Paris 2, 1973-1974.
160. Nizar Al-Khatib: British Airways and American Airlines Strategic. MA in Business and Management. East London Business Scholl. 1997.
161. Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 337 - 339.
162. Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996.
163. Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, Spring 1997.
164. Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Business, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989)
165. Robert Wohlstetter, Intelligence and Decision – Making, in, Readings in the Making of American Policy, edited by Andrew Scott & Raymond Dawson, (Macmillan, New York, 1965).
166. Robert p. Kright, UNESCI’S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions.
167. Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication.
168. Richard Snyder and Others, Foreign Policy Decision Making, (The Free Press of Glencos, 1963).
169. Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
170. Stevan Marganovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposiom Ljublljana 1968.
171. Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968.
172. UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985.
173. UNESCO: World Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels, Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New York, Hastings House Publishers, 1970.
174. UNESCO: The Structure of the World's Press, in International Communication Media, Channels, functions.
175. Wastson S., The International Language of Advertising, International Communication.
176. Ward H. H. Mainstreams of American Media History. Boston, 1997.
177. WorldBank, WorldDevelopmentIndicators2003,Table.5.12.
178. William Donovan, Intelligence. Key to Defense, Life, September 30, 1946.
179. W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965.
180. Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
Автор:
Мухаммад аль-Бухари, профессор, доктор политических наук, кафедры «Международные отношения, политология и право» ТашГИВ.
Рецензент:
Гафуров С.: арабист, профессор, доктор политических наук, декан факультета «Международные отношения и экономика» ТашГИВ.
МУХАММАД аль-БУХАРИ
СОВРЕМЕНЫЕ МЕЖДУНАРОДНЫЕ ОТНОШЕНИЯ И МЕЖДУНАРОДНЫЙ ОБМЕН ИНФОРМАЦИИ
Ташкент-2008
طشقند 2008
المعيقات الاقتصادية لعملية التبادل الإعلامي الدولي: معروف أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيري تخضع بالكامل لسلطة رأس المال، الذي يقوم على دعائم اقتصادية وصناعية وتجارية تتطلب استثمارات هائلة قد تفتقر لها موارد دولة أو حتى عدة دول مجتمعة، مما وضعها في حالة من التبعية تراوحت ما بين التبعية لدولة أو عدة دول مجتمعة. وأدى التطور الاقتصادي والعلمي الهائل خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، إلى تطور مماثل شمل وسائل وشبكات الاتصال الحديثة في العالم، وجعلها حكراً في أيدي الدول المصنعة والغنية، بعيدة عن متناول ومقدرات بعض الدول الصغيرة والفقيرة، لأن الحصول عليها واستثمارها، أو تصنيعها يتطلب أموالاً طائلة واستثمارات كبيرة، وخبرات علمية وتكنولوجية متطورة تفتقر إليها معظم الدول النامية في العالم، ولهذا نرى أن الأوضاع الاقتصادية، ومدى التقدم التقني والعلمي في أي دولة، قد ترك بصماته على وسائل الاتصال المتطورة، ووسائل الإعلام الجماهيري الحديثة. مما سمح لبعض الدول الغنية والمتطورة والأكثر تقدماً اقتصادياً وعلمياً وتقنياً، بالسيطرة على وكالات الأنباء العالمية، وقنوات الإذاعة والتلفزيون الفضائية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، تلك التي تشكل بمجلها المصدر الرئيسي للأنباء في العالم. لأن الاستثمارات الصناعية الضخمة في مجال وسائل وأجهزة الاتصال تتركز في الدول المتقدمة، بينما الدول المتخلفة والنامية والفقيرة هي مستهلكة لبعض منتجات هذه الاستثمارات من خلال الاستيراد وبرامج المساعدات الاقتصادية، وهو ما يخلق في بعض الأحيان مشاكل تقنية في مجال استثمار واستخدام تلك الأجهزة أمام الدول المستوردة أو المستفيدة من برامج المعونة الاقتصادية، بسبب تعدد مصادر تلك الأجهزة وعدم ملاءمتها تكنولوجياً للإسثمار في تلك البلاد، بحيث يتطلب الأمر إجراء بعض التعديلات عليها قبل إدخالها حيز الاستثمار الفعلي مما يرفع من الأعباء التقنية والمالية المترتبة على تلك الدول. خاصة وأن عملية الحصول على الأخبار الدولية وتوزيعها بحد ذاتها باهظة التكاليف، ولا تستطيع تحمل نفقاتها إلا الدول المتقدمة والغنية، كما هو الحال دائماً، بينما نرى أن الدول النامية والفقيرة لم تزل كما كانت دائماً، تعاني من نقص حاد في الخدمات الإعلامية، ونقص في وسائل الاتصال الإلكترونية ومحطات البث والاستقبال الإذاعي المسموع والمرئي، هذا إن لم نشر إلى مشاكل استفادة هذه الدول من خدمات شبكة الأقمار الصناعية في مجال الاتصال وقنوات البث التلفزيوني الفضائية، والاستفادة من خدمات شبكات الكمبيوتر الدولية.
ومن هنا نرى أن التقدم التكنولوجي يعتمد على الثروة المتوفرة لدى الدول الغنية والكبيرة، قليلة العدد في المجتمع الدولي وهي وحدها القادرة على تمويل المشاريع الضخمة في مجال إنتاج أجهزة وتكنولوجيا الاتصال عن بعد الضرورية لوسائل الإعلام الجماهيرية، مما يتيح لها وضعاً ممتازاً لنشر سياستها الخارجية وفرضها في بعض الظروف على الدول الأخرى الأقل تطوراً. وكما هو معروف فإن وسائل الإعلام الجماهيرية لكل دولة من دول العالم تركز في برامجها على الأخبار الداخلية، وما يتصل بقضاياها ومشاكلها من الأخبار العالمية، وقد أوضحت بعض الدراسات العلمية، أن عملية التبادل الإعلامي الدولي تركز بالدرجة الأولى على أخبار الدول الكبرى المتطورة والغنية، وأخبار بعض الدول الأقل تطوراً المؤثرة في ميدان الأحداث والسياسة الدولية، والسبب سيطرة هذه الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبشكل أقل روسيا وغيرها من الدول المتطورة على وسائل الإعلام الدولية، مما يتيح لتلك الدول فرض وجهة نظرها من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي أحادي الجانب.
وتركز وسائل الإعلام الجماهيرية في موادها الإعلامية على أخبار دولها والدول الحليفة لها، إلى جانب أهم الأحداث العالمية من وجهة النظر السياسية الرسمية للدولة، فوكالات الأنباء الدولية مثل اليونيتد بريس، والأسوشيتد بريس والقنال التلفزيونية الدولية CNN وما تنقله شبكة الكمبيوتر العالمية INTERNETالأمريكية، ووكالة الأنباء رويترز، وهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية BBC، ووكالة فرنس بريس الفرنسية، ووكالة إتار تاس الروسية، وغيرها من الدول المؤثرة في السياسات الدولية وما تتمتع به من علاقات واسعة مع مختلف دول العالم، ولتفوقها العلمي والصناعي والاقتصادي والعسكري تطغي أخبارها على أخبار غيرها من الدول، وبمعنى أوضح تسيطر على عملية التبادل الإعلامي الدولي وتوجهها لصالحها وصالح حلفائها من دول العالم الأخرى. وقد وصل الخلل في بعض الأحيان إلى درجة أصبح معها أبناء الكثير من دول العالم يعرفون عن الدول الكبرى أكثر مما يعرفون عن بلدانهم، ويعرفون عن تلك الدول الواقعة خلف البحار والمحيطات أكثر مما يعرفون عن البلدان المجاورة لهم، ويعتمدون أساساً في الحصول على المعلومات والأنباء على المصادر الإعلامية للدول الكبرى الموجهة إليهم والناطقة بلغاتهم القومية ويشمل هذا بشكل خاص الصراع العربي الصهيوني.
وبينما تنتج الدول المتقدمة كل متطلبات الإنتاج الإعلامي من آلات التسجيل السمعية والبصرية وآلات التصوير وآلات الطباعة وورق الكتابة والطباعة، والحاسبات الالكترونية (الكمبيوتر)، وأجهزة البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني، وتنتج أعداداً هائلة من المواد الإعلامية من صحف ومجلات وكتب، وبرامج إذاعية وتلفزيونية وأفلام، ووسائل تعليمية مختلفة، نرى الدول النامية والفقيرة التي لا تملك ولا تنتج مثل هذه المنتجات الإعلامية والتقنية، بل وتفرض أحياناً قيوداً ورسوماً جمركية على استيراد المواد والمعدات الإعلامية وحتى على ورق الطباعة، بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة. وهكذا نرى مدى تأثر عملية التبادل الإعلامي الدولي بالأوضاع الاقتصادية في كافة دول العالم، التي نستطيع تقسيمها إلى دول متطورة غنية مسيطرة، تمتلك وتتحكم بالمصادر الإعلامية الدولية وتقنياتها، وتوجه عملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول متوسطة تؤثر وتتأثر بعملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول نامية فقيرة على هامش عملية التبادل الإعلامي الدولية، ولا تملك حتى صحيفة يومية واحدة تنطق باسمها، متأثرة بالسيل المتدفق للإعلام الدولي الأجنبي. وبالطبع فإن إدراك الجمهور الإعلامي في الدول التي لا تنتشر فيها وسائل الإعلام الجماهيرية على نطاق واسع، أو التي ترتفع فيها نسبة الأمية الأبجدية أو الحضارية، أو التي ينتشر فيها الفقر، الذي نعتبره صعوبات مادية واقتصادية، يكون إدراكهم لمختلف الموضوعات التي تعرضها وسائل الإعلام الجماهيرية، أقل إدراكاً من الجمهور الإعلامي للدول المتقدمة.
والخلاصة: أن وسائل الإعلام والاتصال تعتبر من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمعات وهي أساس التفاعلات الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة فيما لو أحسن استخدامها، وهي سلاح ذو حدين في الحوار القائم والمفترض بين الثقافات والحضارات.
خصائص التبادل الإعلامي الدولي: أشار مارشال ماكلوهين، إلى أن مضمون الرسائل الإعلامية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التقنيات التي تستخدمها وسائل الإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسالتها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، تحدد طبيعة وكيفية معالجتها لمشاكل المجتمع. وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظل ظروف معينة، وتؤثر على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها. فوسيلة الإعلام هي امتداد لحواس الإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة الإليكترونية توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني، ووسائل الإعلام الجماهيرية الحديثة، كامتداد لحواس الإنسان، توفر للإنسان الزمن والإمكانيات، وتشكل تهديداً له، لأنه عندما تمتد يد الإنسان وحواسه عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، تستطيع هذه الوسائل أن تمد يد المجتمع إليه، كي تستغله وتسيطر عليه. ولكي نمنع احتمالات التهديد يجب مراعاة أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لأنه بمعرفة كيفية تشكيل التكنولوجيا الحديثة للبيئة المحيطة بنا نستطيع أن نسيطر عليها ونتغلب تماماً على نفوذها أو قدرتها الحتمية. وفي الواقع، بدلاً من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن متلقي الرسالة الإعلامية يجب أن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأ نتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم، كما ويجب اعتبار التغيير التكنولوجي حتمياً لا مفر منه، وهو ما يحدث فعلاً، لأننا إذا فهمنا عناصر التغيير يمكننا أن نسيطر عليه ونستخدمه لصالحنا في أي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهه، كما يحدث لدى البعض أحياناً !.
ومن المشاكل التي تواجه عملية التبادل الإعلامي الدولية أهمية مراعاة الظروف البيئية المحيطة بالإنسان، واختلافها من دولة إلى دولة، بل واختلافها من منطقة إلى أخرى داخل الدولة ذاتها، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن يحيط خبراء الإعلام والصحفيين بالاعتبارات البيئية والظروف المحيطة بالإنسان، وإذا كان هذا الإلمام أكثر سهولة في الإعلام الداخلي، فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للإعلام الخارجي، حيث تتعدد الاعتبارات البيئية وتتنوع الظروف واللغات، وتختلف من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى منطقة، ومن قارة إلى قارة. ومع تزايد وسائل الإعلام الجماهيرية وتطورها واتساعها، أصبح العالم أقرب إلى القرية العالمية، ومما ساعد على ذلك تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال الأفراد والسياح، وهجرة السكان من أماكن سكنهم الأصلية، والإقامة الطويلة لرعايا دولة معينة لدى دولة أخرى بقصد الدراسة أو العمل، وتزايد حجم وسرعة وتنوع المراسلات، ودخولها عصر الحوار المباشر عبر شبكات الاتصال العالمية بين مختلف دول العالم، وتطور البث الإذاعي والتلفزيوني واتساع استخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصال ونقل المعلومات، وهو ما ساعد على الاحتكاك بالأمم المتقدمة وحدوث تحول ثقافي واجتماعي عالمي، برزت معه قيم ومعتقدات جديدة لم تكن متوقعة من قبل، لم يجر تقدير أثرها بالكامل بعد. ومن هنا فإن على خبراء الإعلام والصحفيين أن يدركوا كل تلك المتغيرات عند إعدادهم وتنفيذهم للحملات الإعلامية الموجهة للداخل والخارج على السواء، كي لا تحدث إخفاقات تؤدي إلى عدم استجابة المستقبل لمضمون الرسائل الإعلامية الموجهة إليه، وأن لا يكون رد فعله مغاير لأهداف الحملة الإعلامية الموجهة. وأن يؤخذ في الحسبان أيضاً اختلاف درجات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وتباين النظم والمعتقدات السياسية والإيديولوجية بين دول العالم المختلفة، ودرجات التباين بين دول النظام المتشابه.
الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي: رغم أن العالم لم يزل يتجه باضطراد نحو تحطيم الحواجز القائمة بين الشعوب، واتجاه وسائل الإعلام الجماهيرية في العديد من دول العالم نحو الاتسام بطابع العولمة، ورغم التقدم الهائل لوسائل الاتصال نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية في العالم، لم تزل تعتمد في القسط الأكبر من أخبارها على وكالات الأنباء العالمية: رويتر، والأسوشيتد بريس، واليونيتد بريس، ووكالة الأنباء الفرنسية، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها وكالات الأنباء الوطنية، وشبكة المراسلين الأجانب في جميع دول العالم تقريباً، والذين يراسلون مباشرة وسائل الإعلام الجماهيرية التي ينتمون إليها والمنتشرة في مختلف دول العالم. ونرى أن الاحتكار والتركيز في عملية التبادل الإعلامي الدولي لم تزل مرتبطة بالمشاكل السياسية والاقتصادية التي سبق وأشرنا إليها، والتي نتج عنها احتكار قلة قليلة من دول العالم لمصادر الأنباء العالمية من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف والمجلات الهامة والمنتشرة عالمياً، إضافة لاحتكارها وسائل الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الأقمار الصناعية التي تتولى نقل ما تبثه وسائل الإعلام الجماهيرية إلى كافة أنحاء العالم.
تأثير التبادل الإعلامي الدولي على عملية اتخاذ القرارات: تتمتع وسائل الإعلام الجماهيرية بتأثير هام على الجمهور وخاصة في الميدان السياسي، ولذلك كان لابد عند دراسة تأثير وسائل الإعلام الجماهيرية على عملية اتخاذ القرارات، من الأخذ بعين الاعتبار تأثير هذه الوسائل على الزعماء السياسيين، واستناداً لعدة أبحاث وجدنا أن قائد الرأي لا يبحث غالباً عن دور قائد الرأي، وأحياناً ليس لديه شعور بدوره كقائد رأي، ولكن قادة الرأي هؤلاء يتميزون بعدة خصائص منها: أنهم يمثلون الجماعات التي ينتمون إليها ويؤثرون فيها جيداً؛ وأنهم قادة للرأي في مجال اختصاصهم الذي يتناسب والمجموعات التي يؤثرون فيها؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعة التي ينتمون إليها معرضون لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعات التي ينتمون إليها على اتصال مع غيرهم من قادة الرأي؛ وأنهم متواجدون في كل الأوساط الاجتماعية. ولما كان لوسائل الإعلام الجماهيرية من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي، المقدرة على تقرير ما ينبغي أن يعرف وما ينبغي الاحتفاظ به، فإنها بقيت تتمتع بأهمية خاصة في إطار العلاقات الدولية، وقد تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بمجرد نقل المعلومات الصادرة من قبل واضعي السياسة إلى الجمهور الإعلامي، دون أي اعتبار لدور الرأي العام في وضع تلك السياسة، كما يحدث في أكثر البلدان النامية. أو قد تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية لدعم أهداف سياسية معينة، أو لخلق أحداثاً معينة من خلال التمهيد لها، والمساهمة في خلق ودعم وجهة النظر المعارضة، وهذا يفسر قيام بعض المخططين السياسيين، في البلدان المتقدمة بوجه الخصوص، بوضع وسائل الإعلام الجماهيرية والرأي العام في مرتبة واحدة، يؤثر كلاً منها بالآخر ويعكس صورة الآخر، ويشمل هذا الوضع أيضاً، واضعي السياسة الخارجية للدولة، من خلال تعاملهم مع وسائل الإعلام الجماهيرية المحلية والإقليمية والدولية، والرأي العام المحلي الإقليمي والعالمي.
وهناك ميل من بعض المخططين السياسيين إلى اعتبار أن وسائل الإعلام الجماهيرية تعكس في الحقيقة مواقف الرأي العام، وكثيراً ما يقبل المخطط السياسي ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية على أنها انعكاساً للحقيقة التي يراعيها عند رسم الخطة السياسية المطلوبة. ولكن الحقيقة أن المؤسسات الإعلامية في أي بلد من بلدان العالم غالباً ما تحدد أسبقيات ما تنشره وما لا تنشره من خلال ظروف تقنية بحتة لا علاقة لها البتة بالموضوع المنشور، وتتحكم بالزمن المتاح في الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، والمساحة المتاحة على صفحات الصحف والمجلات. ويؤثر التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية للدولة، من خلال مساهمته بإمداد أصحاب القرار بالمعلومات اللازمة، التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار معين. ويبرز دور التبادل الإعلامي الدولي من خلال وكالات الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون العالمية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، إبان الأزمات السياسية والاقتصادية، والكوارث الطبيعية، والأخطار التي تهدد بلادهم أو تهدد البشرية، والصدامات العسكرية الساخنة، أو التهديد باستخدام القوة العسكرية على الساحة الدولية. حيث يعتمد أصحاب القرارات الحاسمة عند دراستهم للظروف والأوضاع من كل الجوانب، قبل اتخاذ القرار اللازم، على ما توفره مصادر الإعلام الدولية، والمصادر الدبلوماسية، ومصادر أجهزة أمن الدولة، ولهذا تعكف بعض المؤسسات العلمية على دراسة العلاقة بين عملية التبادل الإعلامي الدولي وعملية اتخاذ القرارات السياسية، من قبل الزعماء السياسيين، كواحدة من مؤشرات العلاقات الدولية بشكل عام.
ومن الأبحاث الإعلامية الكثيرة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، الدراسة التي قامت بها مجلة Public Opinion Quarterly لمعرفة عادات القراءة لدى قادة الرأي الأمريكيين، وأظهرت أن وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة من قبل كبار قادة المؤسسات السياسية والاقتصادية الأمريكية، تعتبر مصادر معلومات يؤخذ بها من قبلهم، لاتخاذ القرارات ومزاولة مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية. وتناولت الدراسة 545 شخصاً من بينهم: منفذون في المجالات الصناعية؛ ومنفذون في المجالات غير الصناعية؛ وأصحاب ثروات كبيرة؛ وزعماء الجمعيات الخيرية؛ وأعضاء في الكونغرس الأمريكي؛ ورؤساء اتحادات عمالية؛ وموظفون فيدراليون؛ وكبار موظفي الخدمة المدنية؛ وشخصيات رسمية في الأحزاب السياسية؛ وعاملين في المؤسسات الصحفية؛ وشخصيات من البيت الأبيض؛ وأكاديميون اقتصاديون؛ وغيرهم. وأظهرت نتائج الدراسة أن الشرائح الاجتماعية المدروسة تطالع الصحافة الدورية بنسب مؤوية تتراوح ما بين 84% و2%، وأن أكثر الصحف مطالعة بين رجال الكونغرس هي "الواشنطن بوست" 82%، وأقلها مطالعة هي الـ"وول ستريت جورنال" 31 %، ومن بين المجلات "يو إس نيوز إند وورلد ريبورت" 70% وأقلها "فورين إفيرز" 16% أي أن رجال الكونغرس يفضلون مطالعة الصحف أكثر من المجلات، بفارق واضح. وبقي أن نؤكد هنا على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة. وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والدولي.
فاعلية التبادل الإعلامي الدولي: تساعد وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها، وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين، كما وتساعد على تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال، أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه من مضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها، ولا بد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية، ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة، والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، تعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق أزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر: المناهج الاستقرائية التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم في جيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند وزملائه، وجرى من خلال تلك الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجريب المحكم بالتركيز على العناصر التالية: القائم بالاتصال وتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية، وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية، أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم الأثر النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال، وتبين أن الرسالة الإعلامية تزيد من فاعلية الحملة الإعلامية الدولية ويمكن أن يتم ذلك في حالة إذا توافقت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية، واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية، وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة.
وتبين أن الوسيلة الإعلامية والرسالة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها، وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة إعلامية جماهيرية في القطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية، وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة، لأن موقف مستقبل الرسالة الإعلامية يتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري، والإقليم الجغرافي والنظام الذي ينتمي إليه.
وتركز المناهج الاستنباطية المعتمدة على النظرية السلوكية، على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها. وتعمل نظرية المعرفة، على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، وتعتمد كلها على عملية الاتصال.
وعملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي هي مجموعة وسائل تربط بني البشر ببعضهم البعض، وتحقق التفاعل والعلاقات الإنسانية، وقد تعرَّف على أنها عملية لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة، وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم، وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم، ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام اللغة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و(الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة، لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين). وهذا إيضاح لمحور العلاقة التي حددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل، حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب؛ الخطبة؛ الجمهور، وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره لهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث تنشئته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بأن المرسل لا يعرف القصد مما عاين أو سمع، وينقل الخبر كما يظن ويخمن فيقع في الكذب في كثير من الأحيان، وأن الرسالة من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية – الرسالة، وقد أوجب ابن خلدون على المستقبل أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.
وهناك عدة نظريات للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن في الاتصال التي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي: المرسل: يستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر؛ الرسالة: يستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة؛ والتغذية العكسية: أو راجع الصدى وهي الاستجابة للرسالة (المثير) تلك التي تعود إلى المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية. وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال. أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال بـ"الإمتاع" على أساس أن "المستقبل" يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، وأنه لكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد فمن الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل. ويلاحظ أن الموقف الاتصالي في هذه النظرية من شروطه: إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية؛ وصياغة الرسالة بأسلوب شيّق وتعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال مستمر بمصادر المعلومات؛ وإتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات. أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي على النحو التالي: المرسل: وهو الذي يؤلف وينقل الرسالة؛ والرسالة: هي ما يرغب المرسل إرساله إلى المستقبل من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية؛ والمستقبل (الجمهور الإعلامي): وهذا الجمهور من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه تلك الرسالة مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال السمعية والبصرية مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل. أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباطه ببقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. وبذلك أعتبرها موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى. وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على: المرسل: وهو المجتمع؛ والرسالة: وهي التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها؛ والمستقبل: وهو المجتمع أيضاً؛ ووسائل الاتصال: مثل الإذاعة، والتلفزيون والصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما يجب أن ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، ولكي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي ليست حكراً على أحد. أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بـ: المرسل: (أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات؛ والرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي إلى مبحوث يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال؛ والمستقبل: وهو الذي يتلقى الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز الذي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي إلى إيصال التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات. أما هودينت فقد حدد العناصر الفعالة لعملية الاتصال في سبعة عناصر هي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة مستقبل؛ واستجابة.
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، هو: كيف تؤثر وسائل الإعلام في إشباع حاجات الفرد الاجتماعية ؟ لأن الوسائل تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل عملية الاتصال المتبادل، وهذا يعني أن وسائل الإعلام تقدم إلى جمهور واسع من الناس، معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة خاصة لها أهمية اجتماعية. ولكن ليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. إن هذا النقص في الارتباط بالعالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، ويستطيع الراديو أو التلفزيون أن يسديا له خدمة كبرى. فصوت الراديو يبعد شعوره بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها الراديو وهذا ينطبق على التلفزيون ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني، ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية، اهتماماً كبيراً لوسائل الإعلام ؟ والجواب لأن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تمنحه تعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي، وليستطيع أن يكوّن صلة اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك، وهكذا فإشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، قد أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. ويبدو كأنها قضية للتكيُّف وهو ليس متعلقاً بسؤال (ماذا) فقط، وإنما بـ (كيف) و(لماذا) أيضاً وهذا يعني أن الإنسان يحتاج للتكيُّف لكي يستوعب، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى في مواقف معينة، ليسدي له بالنصيحة عن كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الإعلام الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات مميزة لقيم المجتمع ومستجداته. ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوافر لموقف نقل الخبرة جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر تلك العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعلم المنتظر، ولتقدير فاعلية نقل الخبرة ينبغي مراعاة إعطاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
ويمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال أولاً: بالمصدر: سواء أكان فرداً أو مجموعة من الأفراد، وهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها، وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تنقص المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية، وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال؛ وثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر، ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين، وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها، وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التعلم يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو إلى مواد التعلم الأخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف التعليمي والاتصالي؛ ثالثاً: الرسالة الإعلامية: التي تعتبر أن عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي بدوره إلى إضعاف عملية الاتصال، ومثال على ذلك ما يحدث في تعلم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار، فمن غير المشكوك به أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم، ولهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعاد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال؛ ورابعاً: يمكن أن يكون التوافق بين المرسل والمستقبل عندما يراعى في عملية الاتصال بينهما مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية... الخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل، الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين مواطني البلد الواحد والمجتمعات المختلفة، وقد تسابقت فعلاً قنوات إذاعية عربية منذ خمسينات القرن الماضي، ومن ثم تلفزيونية عربية فضائية منذ تسعينات القرن الماضي لإنتاج برامج منوعات هامة هدفها نيل ثقة المجتمع العربي واستقطاب أكبر نسبة من المستمعين ومن ثم المشاهدين. وفي خضم الحملة الأخيرة برزت وانتشرت بقوة ظاهرة تعريب برامج أجنبية، رغم أنها تتطلب تحضيرات خاصة وفرق عمل محترفة إضافة لمبالغ هائلة من الأموال، مما يفرض الحاجة للتساؤل عن كيفية انتقاء تلك البرامج ومعايير اختيار أفكارها وتنفيذها من البداية وحتى النهاية، لتتلاءم مع المجتمعات العربية والتعديلات التي تجرى عليها كي تنسجم مع أذواق الجمهور العربي وأفكاره في وقت أصبح ما تبثه القنوات التلفزيونية الفضائية لا يتقيد لا بالقوانين المعمول بها ولا بالتقاليد ولا بالأعراف المتعارف عليها محليا في معظم الدول العربية، وكانت المؤسسة اللبنانية للبث التلفزيوني (LBC)، السباقة في تعريب وإنتاج برامج أجنبية، منها على سبيل المثال لا الحصر برامج: «يا ليل يا عين» و«ستار أكاديمي» و«حلها واحتلها» و«قسمة ونصيب» و«من سيربح المليون». وتبقى الأهداف الحقيقية من وراء تعريب تلك البرامج الأجنبية بالذات، والتسهيلات الكبيرة التي قدمها أصحاب حقوق تأليفها ونشرها الأجانب للناشر الجديد، بحاجة لدراسة أكاديمية بحتة تقوم بها جهات معنية مختصة في الدول العربية لمعرفة مدى تلبيتها لأذواق كل الشرائح الاجتماعية، وأسباب الاعتماد على تلك البرامج الأجنبية، ومدى تأثيرها على إنتاج البرامج المحلية وعلى اللغة العربية التي تتعرض في الوقت الحاضر لهجمة شعواء من قبل قوى كثيرة. وهل الدافع الحقيقي هو إشراك الجمهور في البرامج، وهل هذا الإشراك هو لإثبات الانتشار لتحقيق أرباح تجارية عن طريق الحصول على إعلانات تجارية باهظة الثمن، أم دفع الآلاف للتصويت هاتفياً وعبر خدمة الرسائل النصية القصيرة (SMS) بالغة التكاليف بمجموعها، وأخيراً من المستفيد منها، وهل هي لترسيخ بيئات ثقافية واجتماعية أوروبية وأميركية في أذهان المشاهدين العرب لإحداث تغيير مطلوب في طريقة وأسلوب التفكير عن الإنسان العربي، ولتحديد إيجابيات وسلبيات تلك التصرفات على المجتمع العربي في وقت يتعرض فيه لأقسى أنواع الغزو الثقافي ؟؟ وكلها تحتاج للدراسة وللتفكير والتحليل لمساعدة المسؤول في موقع مسؤوليته والبحث عن مخرج خوفاً من أن تكون تلك التصرفات شكلاً من أشكال الغزو الثقافي المبطن الذي يطال المجتمع العربي في الصميم.
العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي: تعتبر الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي، شكل من أشكال وظائف العلاقات الدولية، وبدأ الإعلام بالظهور كوظيفة من وظائف العلاقات الدولية المعاصرة إثر قيام عصبة الأمم في مطلع القرن الماضي، وتأصل هذا المفهوم بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة إثر الحرب العالمية الثانية، والمنظمات الدولية الأخرى. ويقوم الموظفون الدوليون العاملون في الجوانب الإعلامية، بخدمة أهداف المنظمة التي يعملون في إطارها، ولا يتلقون أية تعليمات من مصادر أخرى، متمتعين بالموضوعية والحياد، من خلال الإدلاء بالتصريحات الصحفية، وإصدار البيانات، ونشر الوثائق، وإلقاء المحاضرات، والعمل في المكاتب الإعلامية التابعة للمنظمة الدولية المعنية في مختلف دول العالم. وتعتبر المراكز الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة في أنحاء العالم، أداة لنشر وإبراز نشاطات المنظمة. وقد أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قراراً بتاريخ 1/2/1946 تضمن قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بوضع تنظيم إداري يمكنه من أداء المهام الموكولة إليه، وكانت إدارة الإعلام واحدة من بين ثماني إدارات شملها ذلك التنظيم، وأشار القرار المذكور إلى إنشاء مكاتب فرعية للإعلام، وبالفعل تم إنشاء مركز للإعلام تابع لمنظمة الأمم المتحدة في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن عام 1946، وفي عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق موسكو عام 1947، وتزايد عدد تلك المكاتب تباعاً في مختلف العواصم العالمية. كما وأصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قرارها رقم 595 بتاريخ 4/2/1952، طالبت فيه إدارة الإعلام بالمنظمة بوضع برنامج لعمل المنظمة في المجال الإعلامي، آخذة بعين الاعتبار النواحي الإقليمية واللغوية، وكلفت الإدارة بإنشاء شبكة من المراكز الإعلامية في مختلف دول العالم، للوصول إلى شعوب الأمم المتحدة، لتقوم: بنشر رسالة منظمة الأمم المتحدة؛ وتغطية نشاطاتها ومنجزاتها إعلامياً؛ وتسليط الأضواء على دور منظمة الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية من خلال: المواد الإعلامية التي يمكن توزيعها؛ وتوفير المراجع الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة في مكتباتها؛ والتنسيق مع وسائل الإعلام الجماهيرية في العواصم الموجودة فيها. وفي عام 1955 شكل الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة من الخبراء لدراسة أنشطة منظمة الأمم المتحدة خارج مقرها، بما فيها النشاطات الإعلامية، ودعت تلك اللجنة منظمة الأمم المتحدة لتوجيه اهتمام أكبر لمراكز الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في الخارج.
والجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1962، وافقت على برنامج منظمة اليونسكو الخاص بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول النامية، تأكيداً لدورها في مجال التبادل الإعلامي الدولي. بعد أن كان دورها محصوراً بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتدعيم التدفق الحر للمعلومات والأفكار، والتعليم، بعد مؤتمر لندن الذي انعقد خلال الفترة من 1 إلى 16/11/1945، وحضره مندوبون عن 45 دولة، وأسفر المؤتمر عن قيام "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO" المتخصصة بمسائل التعاون الدولي بين الحكومات، في ميادين الثقافة والفكر. وقامت منظمة اليونسكو في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، باستطلاع الاحتياجات التكنولوجية والتعليمية لوسائل الإعلام الجماهيرية، بعد أن أوفدت لهذا الغرض 29 باحثاً ميدانياً، تجولوا في 126 دولة من دول العالم، وتبادل المسؤولون في منظمة اليونسكو الرسائل مع شخصيات في 31 دولة. وظهرت بالنتيجة الحاجة للاهتمام بتدريس مادة الصحافة، وتوفير الوسائل السمعية والبصرية اللازمة لها، وضرورة قيام الحكومات بحل مشاكل الاتصال، وتقديم المساعدة لعدد من الدول لتطوير وسائل الإعلام الجماهيرية فيها، والاهتمام بربط حرية الإعلام بالتشريعات الإعلامية في دول العالم، وقامت منظمة اليونسكو بتشكيل لجنة مكونة من ستة عشر خبيراً دولياً بارزاً، ينتمون إلى أقاليم جغرافية وثقافية مختلفة لدراسة مشكلات الإعلام. ورأس اللجنة العالم الايرلندي ماكبرايد، الحائز على جائزة نوبل للسلام. ونشرت منظمة اليونسكو تقرير هذه اللجنة بخمس عشرة لغة تحت عنوان: "أصوات متعددة، وعالم واحد". وقد بحث التقرير بشكل مستفيض العلاقة بين عملية الاتصال والمجتمع، ببعديها التاريخي والمعاصر، وكذلك في إطارها الدولي، كما وبحث التقرير وأضاع عمليات الاتصال في عالم أواسط القرن العشرين، من حيث سماتها والإشكاليات التي تطرحها، وهموم مهنة الإعلام وإطارها المؤسسي والحرفي … الخ. وناقش التقرير ضمن العديد من القضايا، قضية احتكار بعض وكالات الأنباء العالمية للرسالة الإعلامية، وما تمارسه من سيطرة إعلامية تحمل في طياتها، خطر غزو ثقافي من نوع جديد، وتشويه مضمون الرسالة الإعلامية ذاتها، وسريانها في اتجاه واحد، قد لا يعبر عن الحقائق الموضوعية بالضرورة. وحدد التقرير الأسس والقواعد التي يتعين أن يقوم عليها نظام إعلامي جديد أكثر عدلاً وقدرة على خدمة السلام والتنمية البشرية والتقدم في العالم، ومن أهمها: استئصال أوجه الخلل وعدم التوازن أو التكافؤ التي يتميز بها الوضع القائم في ذلك الوقت؛ والقضاء على الآثار السلبية للاحتكارات العامة والخاصة والتركيز الزائد في وسائل الإعلام؛ وضمان تعدد مصادر الإعلام، وحصانة الإعلاميين … الخ؛ واحترام الذاتية الثقافية، وحق كل أمة في إعلام الرأي العام العالمي بوجهة نظرها، وبمصالحها وطموحاتها وقيمها الاجتماعية والثقافية؛ واحترام حق كل الشعوب في المشاركة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، على أساس من التوازن والتكافؤ والمصالح المتبادلة؛ وحق الجمهور والفئات الاجتماعية والإثنية، في الوصول إلى مصادر المعلومات، والمساهمة النشيطة في عملية الاتصال، وأثار هذا التقرير عند مناقشته في كل من المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو جدلاً صاخباً، وخصوصاً عندما حاولت الدول النامية أن تترجمه إلى برامج وسياسات تضطلع بها منظمة اليونسكو أو إلى قواعد واجبة الاحترام من جانب الاحتكارات العالمية. ورأت فيه بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومعظم وكالات الأنباء العالمية، محاولة لتقويض حرية الإعلام والإعلاميين. لكن أياً كان الأمر فإن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الخصوصيات والذاتيات الثقافية والحضارية، أصبحت في صلب المسألة الإعلامية التي يتوجب التوقف عندها طويلاً حتى الآن رغم مرور فترة زمنية طويلة والتطور العاصف في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في القرن الحادي والعشرين. وقامت منظمة اليونسكو بإصدار العديد من المطبوعات عن حرية الإعلام والتبادل الإعلامي الدولي ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم. وأصدرت عام 1952 سلسلة "تقارير وأراق الإعلام الجماهيري"، وحتى عام 1970 أصدرت المنظمة 600 دراسة عن وسائل الإعلام الجماهيرية في المناطق الريفية والنامية، وعن دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التعليم، وإعداد الكوادر الصحفية، ومعلومات إحصائية عن وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل الاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية. وقدمت منظمة اليونسكو مساعدات ملموسة لإنشاء مراكز التدريب الصحفي في أنحاء مختلفة من العالم، ومنها: المركز الدولي للتعليم العالي الصحفي في استراسبورغ، الذي بدأ التدريس فيه عام 1957؛ والمركز الدولي للدراسات العليا في الصحافة بأمريكا اللاتينية، الذي أفتتح في كيوتو Quoit عام 1959؛ ومركز دراسات الإعلام الجماهيري في جامعة داكار بالسنغال، لتدريب الكوادر الصحفية الإفريقية الناطقة بالفرنسية؛ ومعهد الإعلام الجماهيري في جامعة مانيلا بالفلبين؛ ومعهد الإعلام في بيروت بلبنان؛ ومعهد الإعلام في أنقرة بتركيا؛ ومعهد الإعلام في نيودلهي، بالهند. ونتيجة لجهود منظمة اليونسكو تم تأسيس: المنظمة الدولية لبحوث الإعلام، في عام 1957؛ والمجلس الدولي للفيلم والتلفزيون في عام 1959؛ ومعهد دراسة الأفلام في أمريكا اللاتينية بمكسيكو سيتي عام 1958؛ وجمعية جنوب وشرق آسيا للمدرسين في مجال الصحافة عام 1961؛ وإتحاد وكالات الأنباء الإفريقية عام 1963؛ وفي عام 1959 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بدعوة منظمة اليونسكو لدراسة المساعدات المقدمة للدول المتخلفة في المجال الإعلامي. ومن منتصف ستينات القرن العشرين، بدأت منظمة اليونسكو بصب اهتمامها نحو استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية، في المجالات التعليمية، وأقرت عام 1964 لهذا الغرض برنامجاً في السنغال مدته ست سنوات، وجه نحو استخدام الوسائل السمعية والبصرية وغيرها من الوسائل في مجال تعليم الكبار، وشجعت استخدام الأفلام والوسائل الإلكترونية الحديثة في التعليم. ولم تزل منظمة اليونسكو تتابع جهودها لزيادة فعالية مساعداتها لمختلف دول العالم المحتاجة للمساعدة في مجال الإعلام، وتشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بوسائل الإعلام، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتدعوا دائماً لاستخدام الأقمار الصناعية لأغراض التعليم ونشر المعلومات العلمية والثقافية. وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، برزت مشكلات جديدة أمام منظمة اليونسكو، في مجال تقديم المساعدة للدول المستقلة حديثاً، لتحديث أطرها الإعلامية، للولوج في عالم الأسرة الإعلامية الدولية، بشكل يضمن التدفق الحر للمعلومات، ويدعم حرية الإعلام في تلك الدول. وتظل اليونسكو، منظمة الحكومات الرئيسية في العالم، التي يمكن أن تسهم بدور فعال في تهيئة أفضل الشروط لمتابعة الحوار الثقافي بين الثقافات والحضارات في القرن الحادي والعشرين، على ضوء ما تفرضه ثورة الاتصال والمعلومات، التي لابد وأن تؤدي في النهاية إلى مزيد من العولمة، التي قد تؤدي إلى نجاحات أكثر لدول الشمال المتطورة التي تحتكر اليوم أحدث وسائل الاتصال والإعلام في العالم، في فرض نوع من الهيمنة السياسية الثقافية، والسياسية والاقتصادية، ترجح الكفة لسيطرة نموذجها الثقافي والحضاري، وتجعل من الثقافات القومية، ثقافات مغلوبة على أمرها، لا طائل لها، ولا صوت لها للدفاع عن نفسها، وعن بقائها واستمرارها في الحياة على كوكب الأرض.
العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي: معروف أن العلاقات في المجتمعات البدائية كانت تتسم بالمباشرة والبساطة، وأخذت تلك العلاقات بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي، وأدت التغييرات التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم، وخاصة مع نهاية الثمانينات من القرن العشرين، إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال التي أتاحتها وسائل الاتصال الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية العلاقات العامة في العلاقات الدولية، وتعتبر العلاقات العامة حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات البشرية في العالم، عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة، وانطلاقاً من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية المختلفة، وقوة وتأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وللعلاقات العامة تعريفين أساسيين هما:
التعريف المهني المتخصص: ويقصد به إقامة علاقات حسنة داخل المؤسسات وخارجها، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال إبراز والاهتمام بالوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في مؤسسة أو منظمة حكومية كانت أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة، وتبلور هذا التعريف مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة مع بداية القرن العشرين، أمثال إيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل. وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت المتخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية، خلال الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. وساهمت تلك الجمعيات والمنظمات بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها. وفي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها، والعاملين في مجال العلاقات العامة، وجاء فيها أن: "العلاقات العامة: هي وظيفة الإدارة التي تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفهمه". بينما اعتبر إيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، وتبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم. أما إدوارد بيرنيز خبير العلاقات العامة الأمريكي، فيعتبر العلاقات العامة: محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية أو حركة أو مؤسسة، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف، أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها، مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر. أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: نشاط أي صناعة أو إتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أي منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء والموظفين والمساهمين والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع. وقدم معهد العلاقات العامة البريطاني، تعريف للعلاقات العامة بأنها: الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المؤسسة وجمهورها. بينما جاء تعريف جمعية العلاقات العامة الفرنسية، بأن العلاقات العامة هي: طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، اللذان يهدفان إلى إقامة علاقات من الثقة، والمحافظة عليها، وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة ذات الشخصية الاعتبارية، التي تمارس وظائف وأنشطة محددة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات. أما جمعية العلاقات العامة الدولية، فقد توصلت إلى تعريف العلاقات العامة بأنها: وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة، التي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، إلى كسب التفاهم والتعاطف مع سياساتها وأنشطتها. وكسب المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل والمخطط.
والتعريف الاجتماعي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه د. محمد البادي، بأنه: الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، ويشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظاهر واستعدادات وتكوينات مادية لأن ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته، المعنوية على الجماهير، التي ترتبط مصالحها بها، وهذه التأثيرات هي التي تعطي لهذه العناصر طبيعتها، كأنشطة للعلاقات العامة، وهي أيضاً التي تعطي لاتجاه العلاقات العامة صفتها الاجتماعية. وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع وخدمات جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم، والمحافظة على البيئة، والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وعلمياً وحضارياً ومادياً. وعرف كانفيلد العلاقات العامة، بأنها: الفلسفة الاجتماعية للإدارة، التي ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه. أما نولت فقد عرف العلاقات العامة، بأنها: مسؤولية الإدارة التي تهدف إلى تكييف المنظمة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تماماً، كما تهدف إلى تكييف البيئة المحيطة لخدمة المنظمة لتحقيق مصلحة الطرفين. وهو ما يظهر بوضوح أن الربط بين المجتمع والسياسة والاقتصاد وإعطاء الأولية للاقتصاد كان ولم يزل في موقع الأهمية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن.
ومما سبق نستطيع استنتاج أن دور خبير العلاقات العامة ينحصر في: إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛ وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي. وأن دور العلاقات العامة ينحصر في: تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛ ووضع السياسات الملائمة لها؛ والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛ وخلق رأي عام مؤيد للمؤسسة، لدى الجمهور؛ وإنشاء مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛ وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛ وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة. ويشمل نشاط العلاقات العامة اليوم: في المجال الحكومي: التوعية والإرشاد والإعلام، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، للوصول إلى مساندة الجماهير لها، ومشاركتهم المعنوية والمادية في البرامج التنموية الشاملة التي تخطط لها الحكومة؛ وكسب الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛ والتعرف على توجهات الرأي العام، وتقييم الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛ والعمل على دحض الشائعات، والتصدي للحملات الإعلامية المضادة، وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛ والاهتمام بشؤون الموظفين الحكوميين. وفي مجال المنظمات والهيئات الحكومية: التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الهدف المطلوب؛ ودراسة مواقف الرأي العام، ونقل رغبات ومطالب الجماهير للمسؤولين فيها، تمهيداً لإيجاد الحلول لها، وتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛ والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المنظمات والهيئات الحكومية؛ والاتصال بالهيئات والمنظمات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها في الداخل والخارج؛ وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة، عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛ وتوثيق كل ما ينشر في وسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيرية في الداخل والخارج؛ وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة، وهناك مجالات أخرى تشمل المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات المهنية والسياسية وغيرها، ولا تختلف من حيث نشاطات العلاقات العامة عما تم تفصيله أعلاه.
والملاحظ اليوم أن العلاقات العامة في القارة الأوروبية تستخدم كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب القارة الأوروبية. لأنه من المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية فيها، وتوجهت تلك الدولة نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالعلاقات العامة، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام، يطلق عليها تسمية " أقسام العلاقات العامة". وقد تطورت العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من دول العالم، تطوراً خاصاً لمفهوم العلاقات العامة. لتصبح ممارسة العلاقات ذات مفهوم دولي يمارس فعلاً في العلاقات الدولية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً: تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي تم إنشاؤها في عام 1953، مسؤولية العلاقات العامة الدولية، وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر تلك السياسة، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة من خلال مجلس الأمن القومي. وفي بريطانيا أسس عام 1948 المعهد البريطاني للعلاقات العامة، بهدف تجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة في بريطانيا الذي يصب اهتمامه على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية، ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في دول العالم، وظيفة العلاقات العامة الدولية من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية. وفي فرنسا تطورت العلاقات العامة كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955، بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية. وفي إيطاليا تزايد الاهتمام بالعلاقات العامة، إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة. وظهر الاهتمام بالعلاقات العامة في بلجيكا مع تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953 لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا.
كما وتضطلع الهيئة العامة للاستعلامات في مصر وهي هيئة حكومية تتبع لوزارة الإعلام المصرية بدورها "كجهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة"، ومنذ إنشائها عام 1954 قامت الهيئة العامة للاستعلامات بأدوار عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وفى الوقت الراهن .. تقوم الهيئة بعدد من المهمات الأساسية منها: توفير التسهيلات للصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر لأداء عملهم على أفضل مستوى ممكن لنقل صورة حقيقية عما يجرى في مصر إلى العالم؛ وتقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم وذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية في العديد من العواصم والمدن الكبرى؛ وتوفير مصدر للمعلومات الدقيقة والصحيحة والحديثة عن مصر في مختلف المجالات كالتاريخ والحقائق الأساسية عن النظام السياسي والسياسة الخارجية والثقافية والمجتمع والفنون والاقتصاد والسياحة وغيرها، عبر موقع الهيئة على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانجليزية لتكون متاحة لكل من يحتاج إليها في كل مكان من العالم، كما يتم إصدار مطبوعات عن هذه الموضوعات باللغات المختلفة؛ وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضية زيادة السكان وقضايا البيئة) وبالقضايا المحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي؛ كما توفر الهيئة مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومة صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام؛ وللهيئة مقر يقع في ضاحية مدينة نصر بالعاصمة القاهرة، إضافة إلى مراكز الإعلام الداخلي التي تتبعها في جميع محافظات مصر ويعمل بالهيئة عدد كبير من الإعلاميين والفنيين والإداريين المدربين على استخدام تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة في أداء مهامهم.
أما في أوزبكستان فقد بدأ الاهتمام الجدي بالعلاقات العامة الدولية بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء "جهان" التابعة لوزارة الخارجية: لتوزيع الأخبار الموضوعية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان؛ وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية؛ وتسريع عملية دخول الجمهورية للساحة الإعلامية الدولية؛ وجمع وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية عن: الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها في الدول الأجنبية؛ واحتياجات السوق العالمية؛ ونشاطات المنظمات الدولية؛ وكبريات المؤسسات والشركات الأجنبية المهتمة بالتعاون مع جمهورية أوزبكستان. وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الإعلامي في ديوان رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العام بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية، عبر شبكة الإنترنيت.
ومؤسسات التعليم العالي في مختلف دول العالم سارعت مع انتشار مفهوم العلاقات العامة في العالم لافتتاح أقسام العلاقات العامة في معاهدها وكلياتها المتخصصة لتدريس هذه المادة للدارسين فيها. وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية والصحافة والمطبوعات والخدمات العامة، التي تعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف المنظمة. كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم العلاقات العامة الدولية من خلال الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل … الخ، وتوزع الأفلام وبرامج الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات، وتدلي بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق تفهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة. وزاد دخول شبكات الكمبيوتر العالمية، عالم الاتصال المعاصر من دور العلاقات العامة الدولية، وزاد اهتمام الشركات متعددة الجنسية بالعلاقات العامة الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين، وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي، وتساعد العلاقات العامة وسائل الإعلام الجماهيرية في الحصول على المعلومات والمواد الإعلامية، مما يزيد من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزيون، والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الإنترنيت، خير مثال على تحول العالم في المجال الإعلامي بالفعل إلى قرية كونية، والعلاقات العامة الدولية كوظيفة لم تستثنى من وظائف السلك الدبلوماسي، وأصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، وفق ما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم.
التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية: يعد العمل الدبلوماسي من الوسائل الأساسية لتنفيذ السياسات الخارجية للدول. ومن مهام وزارات الخارجية، مزاولة الوظيفة الدبلوماسية، من خلال إداراتها المركزية، وهي الإدارات: الجغرافية: كإدارات غرب وشرق أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط … الخ، والوظيفية: كالاقتصادية، والإعلامية … الخ، والإدارية: كالشؤون القنصلية، والبعثات الدبلوماسية … الخ؛ وتزود السفارات والقنصليات في الخارج عادة بمستشارين أو ملحقين في الشؤون الإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، يشرف عليهم رئيس البعثة الدبلوماسية (السفير)، ولكنهم يتبعون الجهة الرسمية التي أوفدتهم في الدولة المعنية. وكانت الدبلوماسية في السابق سرية إلى أن تحولت إلى دبلوماسية مفتوحة وعلنية أكثر، بعد الأحداث الهامة التي حدثت في تاريخ العمل الدبلوماسي وأقدمت عليها السلطة البلشفية بعد استيلائها على السلطة في الإمبراطورية الروسية عام 1917، بكشفها للالتزامات السرية لروسيا القيصرية أمام المجتمع الدولي. وإعلان الرئيس الأمريكي "ويلسون" لمبادئه الأربعة عشر عام 1918، وقيام عصبة الأمم بمطالبة الدول الأعضاء فيها بتسجيل معاهداتها والتزاماتها الدولية لتقوم عصبة الأمم بعد ذلك بتوثيقها، وهو الدور الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، إثر الحرب العالمية الثانية، وتنشر المعاهدات والالتزامات ضمن إطار الدبلوماسية المفتوحة. ورغم ذلك فهناك جوانب كثيرة في العمل الدبلوماسي، لم تزل تحمل طابع السرية، كالمفاوضات الخاصة بالمعاهدات، والاتفاقيات، واتفاق الأطراف المعنية على بعض البنود السرية، تمشياً مع ضرورات الأمن القومي، والمصلحة القومية العليا، وضرورات السياسة الخارجية لتلك الدول.
وينقسم العمل الدبلوماسي إلى: الدبلوماسية التقليدية: التي تتم من خلال المحادثات الثنائية التي تجري بين طرفين، ولم تزل متبعة حتى الآن؛ ودبلوماسية المؤتمرات: وهي الدبلوماسية الجماعية التي تمارس من خلال المؤتمرات الدولية، وتشمل كل الجوانب السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والمهنية ، والعلمية، والثقافية… الخ. وتحتم الدبلوماسية الجماعية أن يكون المندوب المشارك، على إطلاع ودراية بموضوع أو موضوعات المؤتمر، وأن يتمتع بقدرات إعلامية من خلال ما يدلي به داخل المؤتمر، أو خارجه من تصريحات لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ والدبلوماسية البرلمانية: وهي دبلوماسية المنظمات الدولية، ويتم ممارستها من خلال إلقاء البيانات، والمناورات الدبلوماسية، والاتصالات من وراء الكواليس. وهنا يظهر واضحاً الدور القوي الذي تلعبه التكتلات السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية. كما ويؤثر النظام الدولي على العمل الدبلوماسي، في إدارة الصراع بين الدول والسياسات الخارجية المتعلقة بها، والمواقف السياسية المتعددة في العلاقات الدولية، وخير مثال على ذلك: الدبلوماسية التي تدور في إطار منظمة الأمم المتحدة؛ ودبلوماسية القمة: وهي سمة أساسية من سمات العصر الراهن، وتتميز بالسرعة في اتخاذ القرارات الهامة، بعد التطور الهائل الذي شمل وسائل الاتصال والمواصلات، وأثر بدوره على العمل الدبلوماسي الذي كان في السابق يعتمد على الدبلوماسي نفسه، ليتحول إلى تنفيذ تعليمات دولته في أكثر الأحيان.
وأصبح المعتاد اليوم أن يجتمع رؤساء الدول والحكومات لبحث الأمور الهامة. يسبقها العمل الدبلوماسي الذي يمهد لتلك اللقاءات، والأشكال الأخرى للعمل الدبلوماسي الذي يؤمن استمرارية العمل الدبلوماسي، كالدبلوماسية الثقافية والاقتصادية … الخ؛ والدبلوماسية الشعبية: وتدخل في إطارها العلاقات العامة الدولية، والدبلوماسية الإعلامية، ودبلوماسية المنظمات المهنية والشعبية والمؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الاتصالات التي تتم مع مثيلاتها في مختلف دول العالم. وتسعى الدبلوماسية الشعبية دائماً لخدمة أهداف الدولة وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية.
ومما ذكر نستنتج أن العمل الدبلوماسي هو الوسيلة الهامة التي تنفذ من خلالها السياسة الخارجية للدولة، وهي إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض، كما وتعرف بفن التفاوض من أجل تحقيق الحد الأقصى للأهداف بالحد الأدنى من للنفقات، لحل مشاكل نظام سياسي أو اقتصادي يمكن أن تؤدي إلى نشوء أزمة أو حرب، ولو افترضنا بأنه هناك دبلوماسية إعلامية بحد ذاتها، فإننا نستطيع القول بأن تطور وظيفة العمل الدبلوماسي، قد جعل الدبلوماسي يقوم بمهام إعلامية من خلال إلقاء البيانات، وإطلاق التصريحات، ونشر الأخبار، وإجراء الاتصالات، وإقامة علاقات مع صانعي القرار السياسي، والصفوة الاجتماعية وقادة الرأي. وعملية الاتصال بالجماهير أصبحت اليوم من المهام المرتبطة بالعمل الدبلوماسي، وهكذا نرى أن العمل الدبلوماسي أصبح مرتبطاً بالعمل الإعلامي، وهذا يفسر الأسباب التي دعت بعض فروع العلوم السياسية لتعتبر الإعلام، والعلاقات العامة الدولية فرعاً من فروعها الدراسية التي يتحتم على الطالب دراستها حتى أن مظاهر العمل الدبلوماسي خلال القرن العشرين قد اتخذت منحى الرغبة في نشر ثقافة الدولة التي يمثلها الدبلوماسي، بالإضافة لممارسته الوظيفة الإعلامية الدولية.
المستشارون والملحقون الإعلاميون: بعد التطور الكبير الذي شمل مهام عمل البعثات الدبلوماسية المعتمدة منذ القرن العشرين وتزويدها بالمستشارين والملحقين الثقافيين والتجاريين والعسكريين وغيرهم، تمشياً مع وزن الدول التي يمثلونها، والرغبة بزيادة عدد أعضاء البعثة الدبلوماسية العاملة في الخارج بمختلف التخصصات لرعاية مصالحها في الدول المعتمدة فيها، وتنفيذ المهام المطلوبة منها ضمن إطار سياستها الخارجية، بدأت بعض الدول بتعيين مستشارين وملحقين إعلاميين، ضمن بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج. ونرى أن المستشارون والملحقون الإعلاميون، يمارسون الوظيفة الإعلامية الدولية، أو وظيفة التبادل الإعلامي الدولي من خلال الاتصال بالجماعات المؤثرة في الدول المعتمدين لديها، كالمسؤولين في الدولة، وأعضاء البرلمان، والأحزاب السياسية، وجماعات الضغط،، وقادة الرأي وغيرهم من القوى المؤثرة في صناعة القرارات السياسية بشكل عام. كما ويمارسون وظيفة الاتصال الجماهيري من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية، بكتابة المقالات ومتابعة والرد على ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية، وإلقاء المحاضرات، وعقد المؤتمرات الصحفية، والمشاركة في البرامج التلفزيونية والإذاعية، وإصدار المطبوعات، وإقامة المعارض الإعلامية والاقتصادية، والأسابيع الثقافية والفنية والسياحية، وتشجيع السياحة، وتبادل الوفود الإطلاعية … الخ. ويخطرون دولهم بأوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الإعلام المضاد واقتراح طرق مواجهته، والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواقف الرأي العام الرسمي والشعبي في الدولة المعتمدين فيها وغيرها من القضايا التي تهم دولهم. ولكن من الملاحظ أن الدول المستقلة حديثاً، والدول الأقل تطوراً، والدول النامية والفقيرة تعاني من انخفاض في مستوى كفاءة مستشاريها وملحقيها الإعلاميين، ومن اختيارهم في أكثر الأحيان انطلاقاً من اعتبارات أخرى خاصة بتلك الدول، خارجة عن إطار الكفاءة المطلوبة للوظيفة التي اختيروا من أجلها. ولهذا نعتقد بأن تلك الدول بحاجة دائماً لتطوير أجهزتها وكوادرها الإعلامية لتتماشى مع احتياجات العمل المطلوب في عصر تكنولوجيا الاتصال والإعلام المتطورة، وفي هذا المجال يمكن أن تسهم المنظمات الدولية والدول المتقدمة في العالم، بتقديم المساعدة لتلك الدول للولوج في عملية الحوار الثقافي العالمي.
ومن بين الدول التي عملت على تدعيم بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، بالملحقين الإعلاميين، جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، وأحدثت وكالة أنباء "جهان" التابعة لوزارة الخارجية، ويتبع لها الملحقون الإعلاميون المعتمدون في سفارات أوزبكستان بالخارج، ويتلقون تعليماتهم منها، ويرسلون تقاريرهم الإعلامية لها، عن أوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الرأي العام في الدول المعتمدين لديها، في القضايا التي تهم أوزبكستان، والتي كثيراً ما ينشر بعضها في وسائل الإعلام الجماهيرية الأوزبكستانية. ويخضع الملحقون الإعلاميون في الوقت نفسه لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الدول المعتمدين لديها. ومن الخبرة العالمية لوظيفة المستشار أو الملحق الصحفي في البعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج للولايات المتحدة الأمريكية، التابعين لوحدة خدمات الإعلام الأمريكية، وهي الجهة المسؤولة عن العمل الإعلامي الأمريكي في الخارج، وتتبع وكالة الاستعلامات الأمريكية، ويخضعون في نفس الوقت لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة في الخارج، ويشرفون على مراكز الإعلام التي تتوفر فيها المواد الإعلامية عن الولايات المتحدة الأمريكية اللازمة للإطلاع عليها في الدول الأجنبية. وقد تطور الإعلام الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد موافقة الرئيس السابق جيمي كارتر، على إنشاء وكالة جديدة للإعلام الدولي لتحل مكان وحدة خدمات الإعلام الأمريكية، ومارست الوكالة الجديدة مهامها الإعلامية رسمياً في 1/4/1978، ومهمتها العمل على زيادة التفاهم بين شعوب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى في العالم، وتوضيح معالم المجتمع الأمريكي، وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الثقافي والحريات الفردية، وتوضيح صورة العالم للولايات المتحدة الأمريكية بغية إثراء الثقافة الأمريكية، وتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من تفهم القضايا العالمية والتفاعل معها بشكل فعال. بينما يتبع ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في الخارج لوزارة الشؤون الخارجية والكومنولث، ويركزون في عملهم على إقامة علاقات شخصية مع كبار المحررين والصحفيين وغيرهم من رجال الإعلام. وفي هذا الصدد قال السير هارولد بيلي السفير السابق في الخارجية البريطانية "أنه لحد معين، فإن هذا يبين العودة للمفهوم التقليدي للملحق الصحفي، الذي يعمل بشكل وثيق مع القسم السياسي لسفارته… ويهتم بتوثيق العلاقات مع الصحف". بينما حددت لجنة بلودين البريطانية عام 1964 مواصفات الملحق الصحفي، من حيث المستوى السياسي، بالمواصفات الفنية من الدرجة الأولى، وأن الملحق الصحفي يحتاج بالدرجة الأولى للتعاون الوثيق مع زملائه في البعثة الدبلوماسية في الشؤون السياسية والتجارية، وتقدير ما يحاولون القيام به، كعضو في السفارة، وأن حصوله على موافقة رؤسائه وزملائه في السفارة سيزيد من وزنه وتأثيره في العمل. ومع ذلك فهو يحتاج إلى قدر كبير من المواد الإعلامية التي تساعده على أداء وظيفته الإعلامية، والتي يمده بها المكتب المركزي للإعلام في لندن وهو مؤسسة مهنية تتولى تزويد الإدارات الحكومية في داخل بريطانيا وخارجها بالمواد الإعلامية.
وفي الختام نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية قد عززت وجودها على ساحة الدبلوماسية الشعبية وتعمل إلى جانب الدبلوماسية الرسمية لتنفيذ المهام المنوطة بها ضمن السياسة الخارجية للدولة في عصر العولمة والانفتاح وأصبح لها دوراً لا يستهان به في إطار التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية المعاصر.
التبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القومي: وظائف الدولة بشكل عام تنحصر بثلاث وظائف رئيسية هي: حماية الاستقلال الوطني؛ وتأكيد سيادة الدولة؛ وحفظ الأمن الداخلي، بمفهومه الواسع، بما يتضمنه من وجود سلطات شرعية، تعمل على تحقيق الحياة الأفضل، والرفاهية، وإشباع رغبات الأفراد في كافة المجالات. وتسعى الدولة لتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الخطط تتعلق كل منها بتحقيق أحد تلك الأهداف، وتحاول أيضاً إحداث التوازن والتكامل بين هذه الأهداف، من خلال إستراتيجية واحدة تضعها في محاولة لأن يكون هناك تناسق، بين تلك الأهداف وبين متطلبات تحقيقها على المستويين الداخلي والخارجي، وهذه السياسة الواحدة هي سياسة الأمن القومي التي تهدف بشكل عام لدعم قوة الدولة في مواجهة غيرها من الدول بما يمكنها من المحافظة على استقلال كيانها الوطني ووحدة أراضيها، ولا تختلف الدول مهما تباعدت مصالحها في فهم وتطبيق الوظيفتين الأولى والثانية، ولكن عندما نأتي إلى الوظيفة الثالثة، أي تحقيق الحياة الأفضل لمواطنيها، تظهر لنا الخلافات الناتجة عن تباين الأنظمة والمصالح. وكان هذا الخلاف أكثر وضوحاً بين الدول التي تأخذ بالأفكار الرأسمالية، وتلك التي أخذت بالأفكار الاشتراكية أو الشيوعية، قبل انهيار المنظومة الاشتراكية، والإتحاد السوفييتي السابق. وتحاول الدولة من خلال سياسة الأمن القومي، الدفاع عن كيانها اعتماداً على قدراتها الذاتية في مواجهة ما قد يتهددها من أخطار، فتخصص من الموارد والإمكانيات ما يتناسب مع حجم وطبيعة هذه الأخطار، واضعة نصب أعينها، عجز الأمم المتحدة عن القيام بمسؤولياتها كاملة. وتأثير الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على كل تحرك تقوم به الأمم المتحدة. ولذلك تحاول الدولة أن تقدر بطريقة موضوعية المخاطر التي تواجهها في الداخل، أو من الخارج، آخذة بعين الاعتبار ما لديها من مقدرات عسكرية واقتصادية وسياسية، وكيف يمكن استخدام هذه المقدرات استخداماً سليماً، حينما يتطلب الأمر استخدامها، وبعبارة أخرى كيف توازن بين مواردها والغايات التي ترجوها. وسياسة الأمن القومي تتضمن كافة الإجراءات التي تراها الدولة كفيلة بحماية كيانها، وتحقيق أمنها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وتتولى عادة هيئات متخصصة داخل الدولة وضع تلك السياسات التي تشمل عادة ثلاثة مجالات رئيسية، وهي: المجال السياسي: وينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، تشمل السياسة الداخلية: وهي كل ما يتعلق بسياسة الدولة الداخلية، كنظام الحكم، وفق ما يحدده الدستور والقوانين والتشريعات النافذة، وتدخل ضمن هذا الإطار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على توفير الأمن والنظام والاستقرار داخل الدولة، والسياسة الخارجية: بعد أن أدى تشابك المصالح بين الدول بفعل التقدم العلمي والتقني في مجالات النقل والاتصال، إلى إلغاء الحدود والمسافات بين الدول، وأصبح لكل دولة مجموعة من العلاقات المتنوعة مع العديد من دول العالم بمختلف توجهاتها الإيديولوجية. وقد تتراوح السياسة الخارجية للدولة مع غيرها من الدول، بين التعاون الكامل الذي يصل أحياناً إلى الوحدة، أو الإتحاد بمختلف أشكاله، وبين الصراع باستخدام القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها، أو اللجوء إلى حالة من اللا حرب واللا سلم، أو اللجوء إلى الحرب الباردة، ومحاولة فرض السيطرة والنفوذ. والنشاط الدبلوماسي للدولة: لأن كل دولة تتصل بغيرها من الدول بالطرق الدبلوماسية، وتعمل على تدعيم أجهزة ووسائل الاتصال بتلك الدول، لتتجنب الصدام المباشر وغير المباشر مع الدول الأخرى عن طريق اللجوء إلى التفاوض والإقناع، أو إبرام المعاهدات والاتفاقيات، أو الدخول في تحالفات إقليمية ودولية، وتعمل على الاستفادة من نظام الأمن الجماعي، في إطار منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية لتحقيق أمنها وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية. وسياسة الأمن القومي التي تهدف التأكيد على مكانة الدولة في المجتمع الدولي، ومحاولة التأثير، وممارسة النفوذ على غيرها من الدول المجاورة وغير المجاورة.
والمجال الاقتصادي: ويعد الجانب الاقتصادي لسياسة الأمن القومي مهماً جداً لارتباطه أساساً بتوفير الاحتياجات الاقتصادية للدولة، وضمان قدراتها حيال الدول الأخرى، واستشفاف احتياجاتها الاقتصادية من الدول الأخرى، واستخدام ما تملكه الدولة من إمكانيات اقتصادية لتحقيق أمنها. وقد تكون تلك الإمكانيات رؤوس أموال تملكها الدولة، أو خبرات تتوفر لديها، أو منتجات صناعية جاهزة، أو ثروات باطنية ومواد أولية هامة، أو أسواق تستوعب النشاطات التجارية، أو استثمارية تستوعب رؤوس الأموال. ولهذا تسعى الدول لزيادة قدراتها الصناعية المتطورة، وتعمل على توفير المواد الأولية والمواد الغذائية اللازمة لاحتياجاتها. وترفع كفاءة العاملين في المجالات الصناعية والاقتصادية، وتدعم قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها دون المساس بالاحتياجات الأساسية للدولة. ويشمل الجانب الاقتصادي في هذا النطاق أيضاً، مجالاً واسعاً يتجاوز إمكانيات الدولة الفعلية، ومجموع نشاط مواطنيها، ليشمل العلاقات الداخلية والخارجية، وتطوير إمكانيات التطور العلمي والتقني لوسائل الإنتاج ومستلزماتها، والاستفادة من العوامل الاقتصادية لممارسة النفوذ من خلال العلاقات الدولية، وفق أساليب معينة تمليها سياستها الخارجية. ونتيجة لأهمية تأثير الجانب الاقتصادي على سياسة الأمن القومي، فقد أصبح للمعلومات الاقتصادية أهمية قصوى جعلها تماثل أهمية المعلومات العسكرية والدبلوماسية، فهي تشمل كل ما يتعلق بمصالح الدولة الاقتصادية من مختلف جوانبها، سواء المتعلقة بمصالحها الذاتية أو بمصالحها مع مختلف دول العالم، أياً كانت درجة علاقاتها بها، ولذلك فإن المجال الاقتصادي يمثل جانباً هاماً لما له من تأثير على الأمن القومي للدولة.
والمجال العسكري: ويهدف الجانب العسكري لسياسة الأمن القومي، حماية استقلال الدولة وسيادتها، وسلامة أراضيها ضد أي عدوان خارجي قد تتعرض له من الخارج، لذلك فهي تعمل على تدريب قواتها العسكرية، وتسليحها بالأسلحة الحديثة، وتهتمم بخططها الدفاعية سواء في أوقات النزاعات المسلحة أو الحرب، أو في أوقات السلم، وتقوم بإعداد الخطط الدفاعية، والدراسات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة أو المتوقعة، كما وتقوم الدولة في ذات الوقت بالارتباط بمجموعة من مواثيق الدفاع القادرة على ردع أي عدوان من أي نوع قد تتعرض له من الخارج. وعادة يكون الجانب العسكري في سياسة الأمن القومي للدول الصغيرة مقتصراً على دعم قدرة الدولة دفاعاً عن النفس، في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له من عدوان. أما الدول ذات السياسات التوسعية فتستغل قدراتها العسكرية لتهديد الدول الأخرى أو العدوان عليها. لذلك تسعى الدول إلى زيادة نفوذها من خلال مجموعة من مواثيق الدفاع أو التحالفات العسكرية مع غيرها من الدول التي يكون الهدف المعلن عنها عادة الدفاع عن النفس. وتجدر الإشارة إلى أن أثر القدرة العسكرية للدولة لا يقتصر على المسائل المرتبطة بالدفاع عن الدولة فحسب، رغم عدم إمكانية إنكار أهمية ما تملكه الدولة من قوة عسكرية حتى في مجال المفاوضات السياسية، لأن الدولة التي تملك قوة عسكرية هي في مركز قوة حيال الدول الأضعف عسكرياً.
ولتحقيق الأمن القومي الحقيقي والواقعي لابد من إيجاد التوازن بين المصادر المتاحة، والأهداف المراد تحقيقها، أي تقدير الموارد الاقتصادية والمالية المتاحة للدولة، آخذين بعين الاعتبار الحجم المطلوب من الموارد لدعم القدرات العسكرية للدولة، والحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات الدولة ومواطنيها في الداخل، ومدى قدرة البنية الاقتصادية للدولة على تحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن تحقيق سياستيها الداخلية والخارجية، إضافة لعوامل أخرى تشكل بمجملها سياسة الأمن القومي الداخلية والخارجية، وأسلوب تنفيذها، الذي ينبع أساساً من التصرفات البشرية، والرغبات الجماعية والفردية التي تمارس على نطاق الدولة بالكامل، وتستمد في نفس الوقت من خصائص مواطني تلك الدولة وقدراتهم ومستواهم الثقافي والعلمي، وشكل الحكومة التي تدير شؤونهم، والحالة الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع، والزعامات الموجودة داخل المجتمع في أوقات محددة، والنظريات والأفكار التي يتبناها الرأي العام داخل الدولة المعنية. ويرتبط نجاح سياسة الأمن القومي بالقوة البشرية التي تمتلكها الدولة، ومدى ما يمكن أن تقدمه من تضحيات من أجل أمن وسلامة الدولة، وشكل التنظيم السائد الذي ينظم الأوضاع الداخلية في المجتمع، ومصادر الثروة التي يملكها المجتمع، ومدى القوة العسكرية التي تملكها الدولة، وقدرتها على استخدامها. لأنها كلها عوامل حيوية وهامة وأساسية لنجاح أية سياسة للأمن القومي، وتحتاج وقبل كل شيء للمعلومات. فتمتع الدولة بنظام داخلي متين يتيح لها تيسير علاقاتها الخارجية لا يكفي وحده، بل لابد أن يكون للدولة الإمكانيات التي تيسر لها الاضطلاع على ما يدور حولها في أنحاء العالم المختلفة، وأن تملك القدرة على تحليل الموقف العام، ومواقف الأشخاص والزعامات القادرة على التوجيه والتأثير، لتصل إلى أهداف سياسة الأمن القومي المرجوة. والمعلومات بحد ذاتها لا تعني أية أهمية للدولة ما لم يحسن استغلالها والتصرف بها. ولهذا لابد من تواجد ثلاث أنواع من الأجهزة العاملة في مجال المعلومات، وهي: الجهاز الذي يناط به مهمة جمع المعلومات، وتوخي الدقة الكاملة قدر المستطاع؛ والجهاز الذي يتولى تفسير المعلومات التي وصلته من الجهاز الأول وغيره من مصادر المعلومات، وعادة ما يكون هذا الجهاز عبارة عن مجموعة من الأجهزة الفنية البحتة المتخصصة في مجالات محددة، ويعمل كل منها على دراسة وتحليل المعلومات الواردة، وتصنيفها حسب أهميتها ودلالاتها ومؤشراتها؛ والجهاز الذي يقوم بمراجعة تلك الدراسات والتحليلات، واتخاذ القرارات النهائية بشأنها، على ضوء المشاكل التي تواجه الدولة في سبيل تحقيق أهداف سياسة الأمن القومي بشقيها الداخلي والخارجي.
وقد أصبح من المتعارف عليه، قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والعلمية والصناعية والثقافية والاجتماعية والبشرية، على الرغم من عدم وجود سند قانوني يبيح لها هذا العمل، لأنه لم يأتي في القانون الدولي التقليدي ما ينص صراحة بالتزامات، ولم ينص على منح الدول حقوقاً في مجال جمع المعلومات أو الحصول عليها، أو تقديمها لغيرها من الدول. إلا إذا اعتبرنا ما منحه للدول من حقوق في إرسال البعثات الدبلوماسية المعتمدة، والالتزام باستقبال تلك البعثات، أساساً لحق جمع المعلومات والحصول عليها، على ضوء ما هو معروف من أساليب المراقبة بهدف الحصول على المعلومات، في نطاق القيود التي يفرضها القانون الدولي. وتعتبر الممارسة الفعلية لهذا الحق من الوظائف الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة المقر، ونتيجة لذلك يثير ما تقوم به البعثات الدبلوماسية المعتمدة من مراقبة وجمع للمعلومات الكثير من الخلاف، لأن التفرقة بين العمل الدبلوماسي البحت، والعمل الدبلوماسي الذي يقوم أساساً أو ينطوي على جمع للمعلومات هو من الأمور الدقيقة التي يصعب تحديدها والتفريق بينها. ومن الأمثلة على الخلافات الناتجة عن ذلك، ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من انقسام في الرأي حول نشاطات أجهزة الأمن السوفييتية التي عملت داخل الولايات المتحدة الأمريكية قبل انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، فالمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أبدو تململاً من الإجراءات الشديدة التي اتخذتها وزارة العدل ضدهم، ولا تتفق مع "القواعد العرفية غير المكتوبة" بين الدولتين في مجال الأمن، ولكنها تتعلق بمن يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية المنصوص عنها في الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي. ومن الأمثلة الأخرى ما أعلن في أيار/مايو 1996 عن قيام مجموعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين في موسكو بالتجسس، عن طريق قيامهم بالتحقق من شراء عملاء للجيش الجمهوري الإرلندي لأسلحة ومواد نووية من عصابات المافيا الروسية. مما دعى الحكومة الروسية إلى طرد أربعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين من الأراضي الروسية بتهمة التجسس، وهو ما ردده جهاز المخابرات البريطانية M16، وتبعه قيام بريطانيا بإجراء مماثل.
ومن أوجه النقد الجدية التي توجه للحصانة الدبلوماسية، أنها قد تستخدم كغطاء لأعمال غير دبلوماسية، لأن الحصانة الدبلوماسية تستوجب الموائمة بين اعتبارين اثنين، هما: الاعتبار الأول أمن وسلامة الدولة المستقبلة؛ والاعتبار الثاني دواعي الأمن التي يتطلبها العمل الدبلوماسي، من حصانة دبلوماسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة والعاملين فيها، من تسهيلات التنقل والمواصلات والإعفاء من الرقابة البريدية والبرقية والهاتفية، الخ، ولكن تبقى المشكلة في تحديد ما يعتبر من المعلومات التي تدخل في إطار السرية، وتلك التي هي خارج إطار السرية، وهي عملية شائكة ومعقدة بحد ذاتها، لأن الحد الفاصل بين النوعين من المعلومات يكاد يكون متداخلاً جداً. وتتزايد هذه المشكلة وتتعقد كل يوم على ضوء الثورة المعلوماتية الهائلة التي يشهدها العالم منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث أصبحت المعلومات نتيجة لتلك الثورة سهلة الحصول وفي متناول قاصدها، بعد أن أتاحها له التقدم العلمي المستمر في مجال جمع وتخزين ونقل واسترجاع المعلومات، بما فيها أحياناً تلك المعلومات التي تقع تحت طائلة "الأسرار" التي تهدد أمن الدولة واستقرارها. ويثير قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها عن غيرها من الدول قضية هامة وحساسة، وهي أن المعلومات التي قد تحصل عليها دولة ما بالطرق المباشرة أو عن طريق الغير من الدول، عن طريق دولة أخرى تؤثر على أمنها القومي، وخاصة إذا تعلق الأمر بمعلومات تراها الدولة المعنية مرتبطة بأمنها القومي وسلامتها كدولة، ومن ثم فمن الضروري التفرقة بين المعلومات التي يترتب عن الحصول عليها مساس بأمن الدولة وسلامتها، وتلك المعلومات التي لا ينطبق عليها هذا الوصف. ونظراً لأهمية المعلومات المتعلقة بأمن وسلامة الدولة، جرت العادة على استبعاد مجموعة منها، من نطاق المعاملات المباشرة، سواء داخل الدولة أو خارجها، وفرضت عليها نطاقاً من السرية والكتمان كفيل بحفظها من الأخطار، واعتبرت الدولة المعنية أن محاولة الحصول على هذه المعلومات، أو الحصول عليها، جريمة تعاقب عليها التشريعات الجنائية النافذة لديها. وتتعدد تلك المعلومات بتعدد المصالح المرتبة بها، وهي تنحصر عادة في إطار الأسرار السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، التي بطبيعتها يجب أن تبقى طي الكتمان، حرصاً على سلامة وأمن الدولة، ويقتصر العلم بها على أشخاص معينين، وخاصة تلك المعلومات التي يترتب عن كشفها تقييم المقدرات الاقتصادية والعسكرية والدفاعية للدولة من كافة جوانبها السلبية والإيجابية على السواء. وتختلف الدول من حيث طبيعة تلك المعلومات، وفي الصفة التي تضفيها عليها، لارتباط هذا الموضوع بنواح أخرى كالحريات العامة داخل الدولة ذاتها، ومشكلة تحقيق التوازن بين مقتضيات أمن الدولة، وما ينشده الفرد من حماية لحقوقه وحرياته، مما ينتج عنه أهمية قيام الدولة بتحقيق التوازن والتوافق بين حقها في الأمن والاستقرار، وحقوق مواطنيها في المعرفة والإطلاع بشكل لا يطغى أي منهما على الآخر.
ونجد في التشريعات النافذة في بعض الدول أنها ذهبت إلى تحديد طبيعة المعلومات التي تدخل في دائرة السرية، وهي التي قد تكون متعلقة بحماية الدولة إقليمياً وتأمين أمنها كما في بلجيكا ولكسمبورغ. أو تكون معلومات تتعلق بحقوق الدولة اتجاه دول أخرى كما في أيسلندا، أو الأمور التي يفترض بأنها تهم أمن الدولة كما في هولندا، أو التي تتعلق بمصالح الدفاع القومي، أو المتعلقة بالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية كما في سويسرا وفرنسا، بينما لم تتناول تشريعات دول أخرى كبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وسويسرا، وضع تعريف محدد للأسرار المتعلقة بالأمن والدفاع على اعتبار أنها فكرة واسعة تختلف وتتنوع إلى أشكال كثيرة، مما لا يجوز معه تقييدها بتعريف ضيق محدد. ويؤدي هذا الاتجاه عادة إلى تخويل القضاء سلطات واسعة في تفسير النصوص القانونية. بينما حاولت دول أخرى تعريف أسرار الأمن والدفاع وعددتها في صيغ عامة، كالتفرقة بين الأسرار وطبيعتها التي أقرها القانون الفرنسي في المادة 78/1/2، والقانون الإيطالي في المادة 257 من قانون العقوبات، تبعاً للطبيعة السرية للموضوع ذاته أو بناءاً على أوامر من السلطات المختصة. وراح المشرع الفرنسي أبعد من ذلك حيث لم يقتصر بحماية الأسرار المتعلقة بالدفاع والأمن القومي الفرنسي وحده، بل وسعها بالمرسوم الصادر في تموز/يوليو 1952 لتشمل أسرار الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
ومن الخبرات التشريعية للدول النامية نرى أن القانون المصري قد أخذ مجموعة الأسرار المرتبطة بالدفاع عن البلاد بحكم طبيعتها. فنصت الفقرة 1 من المادة 52 من قانون العقوبات المصري على أنه "يعتبر من أسرار الدفاع عن البلاد، المعلومات الحربية والسياسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم صفتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك، وتوجب مراعاة أنه لمصلحة الدفاع عن البلاد، يجب أن تبقى سراً على ماعدا أولئك الأشخاص". وأوضحها الدكتور ممدوح شوقي السفير بوزارة الخارجية المصرية، في مقالته "الأمن القومي والعلاقات الدولية" المنشورة في مجلة السياسة الدولية، على الشكل التالي: المعلومات الحربية: وهي الحقائق التي تتعلق باستعداد البلاد العسكري وكفايتها الحربية، ووسائل الدفاع عنها، وعملياتها الحربية في البر والبحر والجو، سواء في وقت السلم أم في وقت الحرب، كالمعلومات المتعلقة بسلاح سري، أو طرق الوقاية منه، والخطط العسكرية وتاريخ ومكان إجراء التجارب العسكرية، والتعليمات الصادرة من القيادة العسكرية لضباطها وجنودها. والمعلومات السياسية: وتتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية المتبعة، أو التي تنوي الدولة السير عليها، متى كانت ترتبط بشؤون الدفاع عن البلاد، ولو بطرق غير مباشرة. فلا عبرة بالمعلومات التي تتعلق بسياسة الحكومة في السابق. والمعلومات الدبلوماسية: وهي الحقائق المتعلقة بعلاقة الدولة دبلوماسياً مع غيرها من الدول، مثال: اعتزام الدولة قطع علاقاتها السياسية بدولة معينة، أو الاعتراف بهيئة ثورية تناهض الحكومة والاتصالات الدبلوماسية بين الدولة، ودولة أخرى أجنبية للتوسط في حل نزاع دولي يمس أمن الدولة. والمعلومات الاقتصادية: وهي ليست إلا نوعاً من المعلومات الاقتصادية التي ترتبط بالمجهود الصناعي للدولة، ولا يقتصر الأمر على الإنتاج الصناعي للدولة، بل يمتد إلى الشركات الخاصة التي تفيد الدولة في إنتاجها للدفاع عن البلاد، مثال: ما تورده إحدى الشركات من إنتاج للقوات المسلحة، لاستعمالها الخاص في العتاد الحربي. ولا ينبغي أن يفهم أن جمع المعلومات الحربية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية، تعد متعلقة بأسرار الدفاع عن البلاد، بل يجب توفر شرطين لذلك: أن تكون المعلومات متعلقة بالدفاع عن البلاد، أي تتعلق بسلامة الدولة وسيادتها، ووسائل الدفاع عنها وعن كيانها في شتى الميادين في زمن السلم وفي زمن الحرب، وأن تكون هذه المعلومات بطبيعتها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة بذلك، ومن ثم لا يقتصر معنى الدفاع عن البلاد على المدلول العسكري وحده، بل يتسع لكل ما يتعلق بأمن الدولة الخارجي، من النواحي العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية في زمن السلم وفي زمن الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وعلى ذلك فالسرية ليست صفة لصيقة بالمعلومات ولكنها صفة تخلعها الدولة عليها من زاوية معينة، فهي طبيعة اعتبارية للمعلومات، وهي مسألة نسبية، فما يعتبر سراً في فترة معينة، لا يعتبر سراً بعد مرور فترة زمنية معينة، فالسرية صفة تلحق بالمعلومات في لحظة معينة تمليها سلامة الدولة في تلك اللحظة. ولهذا على المراسلين الأجانب والمستشارين والملحقين الإعلاميين المعتمدين في أي دولة من دول العالم أن يتعرفوا على مضمون ليس القوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد المعتمدين فيها وحسب، بل والتعرف على مضمون قوانين العقوبات فيها، وخاصة ما يمس منها العمل الصحفي، رغم الحصانة الدبلوماسية التي يتمتعون بها. وهناك جملة أخرى من المشكلات التي ترتبط بقيام دولة ما، بالحصول على المعلومات عن غيرها من الدول بغير الطرق المشروعة أو العلنية. وهي مشكلة نتجت عن التقدم العلمي في مجال جمع وتخزين ونقل المعلومات، فالصورة التقليدية للحصول على المعلومات هي عبارة عن علاقة مباشرة بين دولة وأحد الأفراد الذين ينتمون إليها، أو من رعايا دولة أخرى، يقوم بنقل المعلومات إليها، أو قيام مواطن دولة محايدة بالتجسس لصالح إحدى الدول، ولكن الصورة التقليدية تغيرت اليوم، وأصبحت العلاقة مباشرة بين دولتين دون طرف آخر، يتوسط عملية نقل المعلومات، وذلك نتيجة لحصول الدولة على المعلومات اللازمة لها بصورة مباشرة بالاستشعار عن بعد عن طريق الأقمار الصناعية أو طائرات التجسس، وكان الهدف أو الغاية، فيما مضى هما اللذان يحددان طبيعة الفعل، ثم حدث تطور بظهور العنصر العام للدولة في هذه العلاقة فأصبحت الوسيلة هي التي تحدد طبيعة الفعل. وترتبط بذلك أيضاً، مشكلة أخرى يثيرها الحصول على المعلومات عن طريق الأقمار الصناعية، أو طائرات التجسس أو الاستشعار عن بعد بواسطة دولة معينة، دون علم الدولة صاحبة الشأن بذلك، وهو ما يطرح بدوره تساؤلات عن مدى التزام الدولة التي حصلت على تلك المعلومات، بإطلاع الدولة صاحبة الشأن عليها، أم أن لها أن تبقيها كورقة رابحة، تستخدمها في مجال الضغوط السياسية ! ومدى مسؤولية الدولة التي حصلت على هذه المعلومات، إذا قامت بتزويد دولة ثالثة بتلك المعلومات التي حصلت عليها. وقد حاولت منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1960 من خلال اللجان المتخصصة ولجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي، البحث عن إطار قانوني يحدد هذه العلاقة، بالإضافة إلى تنظيم اكتشاف ثروات الأرض عن طريق الاستشعار عن بعد، والمشكلات الأخرى المترتبة عن ثورة نقل المعلومات، أو ما يمكن أن يطلق عليه النظام الدولي الجديد للاتصالات والمعلومات والاستشعار عن بعد، واحتمالات تأثير هذا المجال الجديد على سيادة الدولة، وأمنها القومي، وقدراتها الاقتصادية والصناعية وغيرها. وكررت منظمة الأمم المتحدة محاولة التصدي للمشكلات الناتجة عن الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية في أعوام 1979، 1980، 1981. ولكن الجهود التي بذلتها اللجان الفرعية ومجموعات العمل الفنية، باءت بالفشل بسبب الخلاف على المصالح القومية للدول، وعلى وجه التحديد بين الدول المتقدمة في هذا المجال، وتلك التي لم تنل حظها من التقدم بعد، أي الخلاف بين الدول التي تستطيع الحصول على المعلومات وتلك التي تتلقى المعلومات من الغير فقط. وهو صراع بين حرية نقل المعلومات، والتمسك بالسيادة القومية، بما في ذلك الثروات الطبيعية وأية معلومات عنها.
والدول المتقدمة ترى أن المادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة للحقوق السياسية والمدنية نصت على مبدأ حرية نقل المعلومات في الوقت الذي تمسكت الدول الأخرى بالفقرة 3/ب من نفس المادة التي قيدت هذا الحق بمقتضيات الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة والأخلاقيات، وتبلور الخلاف بين فريقين: الأول: ويضم الدول الصناعية المتقدمة؛ والثاني: ويضم الدول التي تدافع عن النظام الاقتصادي الدولي الجديد، الذي نص عليه قرار منظمة الأمم المتحدة عام 1974. وبمعنى آخر الخلاف بين دول الشمال، ودول الجنوب. وقد توصلت المناقشات التي تمت بين أعضاء اللجان الفرعية الفنية إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين الدول في حالات الكوارث الطبيعية، وبضرورة إبلاغ الدول المعنية بأية معلومات قد تتوافر في هذا الشأن. أما بالنسبة للمعلومات الأخرى التي يتم الحصول عليها بواسطة الأقمار الصناعية، فكان هناك نوع من الاتفاق على بعض الموضوعات الخلافية، ومنها: أن تمتنع الدولة التي تقوم بالاستشعار عن بعد، دون موافقة الدول التي يتم تصوير أراضيها وكشف أسرارها، عن تقديم المعلومات لدولة أخرى، أو منظمة دولية أو المؤسسات العامة أو الخاصة. وقد أيدت غالبية الدول النامية هذا الاتجاه في حين عارضته الدول المتقدمة؛ وأن يكون الاستشعار عن بعد بما يتفق مع حق الدولة المعنية في التصرف بمواردها الطبيعية، بما في ذلك المعلومات المتاحة عنها، ولا يزال المجتمع الدولي في ظل قواعد قانونية دولية غير واضحة، ولم يزل بعيداً عن وضع مثل تلك القواعد، لتنظيم الحصول على المعلومات ونقلها عن طريق الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية. وهذا يدعو المجتمع الدولي ودول العالم داخل المنظمة الدولية إلى وضع بعض القواعد العامة التي يمكن أن يسترشد بها في هذا المجال، وأولها: تقييد حرية الفضاء الكوني باعتبارات أمن الدولة صاحبة الشأن؛ وثانيها: حق جميع الدول في الحصول على المعلومات التي تتعلق بأراضيها وثرواتها؛ وثالثها: ضرورة التعاون الدولي من أجل مساعدة جميع الدول على الحصول والاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها. مع الإبقاء على حق الدولة المعنية في إثارة المسؤولية الدولية ضد الدولة التي تحصل على معلومات عنها، وأن تطالبها بتقديم تلك المعلومات مع اعتبار أن ما قامت به يشكل عملاً غير مشروع.
ويبقى الحل في التعاون الدولي، وفي النوايا الحسنة بين الدول. لأن الصراع غير ملائم لعالم اليوم، ويؤدي إلى تشتيت الجهود الدولية التي يمكن أن توجه إلى ما فيه صالح المجتمع الدولي نفسه، وإلى حل المشاكل التي تهدد البيئة البشرية بأسرها، وخاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال النقل والاتصال، التي عملت على إلغاء الحواجز الجغرافية وتقريب المسافات بين أجزاء العالم المختلفة، ليصبح العالم معها اليوم أكثر ترابطاً من ذي قبل، وهو ما يؤكد على أن تحقيق الأمن القومي لا يتم من خلال الصراع بين الدول، بل من خلال التعاون الوثيق بينها. ولا ريب في أن تخلي الدول عن سياسة استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، والتزامها بمبادئ القانون الدولي وقواعده، بروح من التضامن والإخاء والثقة المتبادلة، لن يؤتي ثماره بتحقيق الأمن لدولة بعينها فحسب، بل سوف يحقق الأمن لكافة الدول في العالم. ويجنب البشرية ويلات الحروب المدمرة، التي ضاعف من خطورتها التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في كل ميادين الحياة، ومن بينها ميدان صناعة وإنتاج أسلحة التدمير الشامل الفتاكة والمدمرة. ولابد من أن تصب جهود التعاون الدولي في مجال مواجهة الآثار الناجمة عن المخاطر الاقتصادية داخل الدولة، وأن تسعى الدول إلى توفير الغذاء ورفع المستوى الثقافي والعلمي والاقتصادي لمواطنيها، وأن تعيد البناء الاجتماعي داخل الدولة، بما يحقق تنمية شاملة حقيقية، بدلاً من إضاعة الوقت والجهود في الصراع من أجل تركيز القوة للمواجهة مع الغير. خاصة وأن الاكتشافات العلمية في مجال النقل والاتصالات ونقل المعلومات عبر الأقمار الصناعية وقنوات الاتصال ونقل المعلومات الأخرى، قد أحدثت تغييراً شاملاً في مفهوم سيادة الدولة، وأصبحت الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة، تتحقق بقدر ما تحوزه الدولة، أو يتيسر لها من إمكانيات يوفرها التقدم العلمي في شتى مجالات الحياة. وأصبحت ممارسة السيادة كاملة لدى بعض الدول، ومحدودة لدى البعض الآخر، وأصبح كمال السيادة ونقصانها، من الناحية السياسية مرتبط بما لدى الدولة من إمكانيات علمية وتقنية متقدمة، تتيح لها فرصة معرفة ما يدور في منطقتها، بل وفي مناطق العالم الأخرى، وأصبح لبعض الدول معلومات تزيد كثيراً في بعض الأحيان عما يتوفر من معلومات لدى الدولة صاحبة الشأن. ولم تعد الحدود السياسية والموانع الجغرافية صعبة الاختراق، بل وأصبحت أقل صموداً أمام التقدم التكنولوجي، وعلى سبيل المثال: فإن موجات الإذاعتين المسموعة والمرئية، أصبحت تدخل حدود الدولة السياسية دون إذن منها، ولا تستطيع أية دولة حيالها شيئاً، إلا من خلال سن تشريعات تحظر هذا أو ذاك، أو بث موجات مضادة، أو الدخول في منافسة تكون غير متكافئة في أكثر الأحيان. وأصبح الإطار الجديد للتنافس بين الدول في العالم، اقتصاديا وإعلامياً، وأصبح التفوق أو التقدم الاقتصادي يعادل القوة العسكرية، كما أن التقدم الإنتاجي يعادل تطوير الأسلحة الفتاكة، وأن اقتحام الأسواق والساحات الإعلامية العالمية التي تساندها الحكومات، لا يقل أهمية عن إقامة القواعد العسكرية في أراضي الدول الأجنبية، ولا يقل عن النفوذ الدبلوماسي في تلك الدول.
الإعلان كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي: يعتمد الإعلان الدولي على أسس يسعى من خلالها إلى خلق المناخ الملائم لترويج السلع والبضائع والخدمات أو الأفكار، ومهمته الأولى الوصول إلى الأسواق الخارجية والجمهور الإعلامي الأجنبي، ومع ذلك يجب التنويه إلى أن أساليب الإعلان المحلي تختلف تماماً عن أساليب الإعلان الدولي، بسبب تباين خصائص مستقبل الرسالة الإعلانية في الخارج عنها في الداخل، ويجب أن يراعي الإعلان الدولي بدقة الخصائص المحلية لكل منطقة جغرافية وثقافية يتوجه إليها في العالم، بحيث لا يتعرض بالسوء لمشاعر ومقدسات أي شعب من شعوب العالم، سواء في النصوص أم في الصور الإعلانية، ويجب مراعاة المعاني التي ترمز إليها الألوان عند شعوب العالم المختلفة، فاللون الأبيض هو لون الحداد، واللون الأزرق هو رمز لقلة السعادة لدى الصينيين. واللون الأسود هو لون الحداد لدى شعوب الشرق الأوسط، واللون الأحمر هو رمز السعادة لدى شعوب القارة الإفريقية والشرقين الأدنى والأوسط. كما ويجب تجنب استخدام الرموز الدينية المقدسة لمختلف الأديان في الإعلان الدولي، كالهلال المقدس لدى المسلمين، والصليب المقدس لدى المسيحيين، ونجمة داوود السداسية المقدسة لدى اليهود، والبقرة المقدسة لدى الهندوس، وغيرها من الرموز الدينية المقدسة لدى شعوب العالم، كي لا ينقلب الإعلان الدولي رأساً على عقب، ويأتي بنتائج عكسية غير الأهداف التي صدر من أجلها. ويجب التنويه أيضاً إلى ضرورة الانتباه إلى الخصائص اللغوية عند ترجمة النصوص الإعلانية الدولية، من لغة إلى أخرى. وقدر الإمكان محاولة أن يتضمن النص المترجم، نفس المعاني التي يحملها النص الأصلي، حتى ولو تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات على كلمات النص الأصلي، من أجل مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية لكل شعب من شعوب العالم، كما هي الحال مثلاً للناطقين بالإنجليزية التي تختلف عنها في بريطانيا وأمريكا وأستراليا، والعامية السائدة في كل منطقة من مناطق انتشار اللغة الإنجليزية.
وظهر الإعلان الدولي في البداية على صفحات الصحف والمجلات المنتشرة دولياً، خدمة للمنتجين والتجار وأصحاب المهن الذين أرادوا من خلال إعلاناتهم في الصحف والمجلات اختصار الطريق إلى المستهلكين والأسواق التجارية في العالم. وتطور استخدام الإعلان الدولي فيما بعد ليشمل الإعلان على شاشات السينما، والبرامج الإعلانية الإذاعية والتلفزيونية. وبالتدريج أصبحت المعارض والأسواق التجارية من أهم منابر الإعلان الدولي لأنها أفسحت المجال واسعاً ليس أمام الإعلان فقط، بل ووفرت الفرصة ليلتقي من خلالها المنتج والمستهلك وجهاً لوجه حول نماذج من السلع المنتجة أو الخدمات المعروضة أمام المستهلك. وهو الدور الذي تلعبه اليوم أيضاً شبكات الكمبيوتر الدولية متجاوزة المسافات والزمن اللذان يفصلان بين المعلن والمستهلك. وشهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تطوراً ملحوظاً في مجال الإعلان الدولي وأساليبه عندما أصبح الإعلان يستخدم قنوات الاتصال الحديثة، وشبكات الكمبيوتر العالمية، التي وفرت فرصة ذهبية للمعلن والمستهلك لإجراء حوار بينهما عن بعد، وعقد الصفقات التجارية، وإبرام العقود ومتابعة تنفيذها خلال دقائق فقط، بعد أن كانت في السابق تتطلب فترة زمنية طويلة ومشقة وعناء، وهذا بدوره ساعد على تطوير أساليب وطرق الإعلان الدولي وزاد من فاعليته، ولم يقف التطور الهائل لوسائل الاتصال الجماهيرية عند هذا الحد، بل ساعد على انتشار الثقافات المختلفة، وتقريبها من بعضها البعض، من خلال الحوار الثقافي العالمي المفتوح عبر وسائل الاتصال الدولية الحديثة مما ساعد على خلق قيم إنسانية مشتركة بين مختلف الشعوب، رافقتها عادات استهلاكية مشتركة، سهلت للإعلان الطريق للوصول إلى أهدافه المرجوة، وأدخلت أفكاراً قريبة يمكن ترجمتها بسهولة ويسر من لغة إلى أخرى دون صعوبة تذكر. ومع ذلك فلم تزل الحاجة ماسة وملحة لمتابعة دراسة تأثير الإعلان الدولي، والتخطيط له من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف حماية الثقافات الوطنية في الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة من احتواءها من قبل ثقافات الدول المتطورة والغنية، وبالتالي اندثار ثقافة الدول الضعيفة إلى حد اللاعودة. ومن أجل حماية الأجيال الصاعدة من الانحراف عن الخط القويم للمجتمع الذين ينتمون إليه، وحماية المستهلكين بصورة عامة من الإعلانات المنحرفة والمضللة، وتوخي الدقة عند اختيار وكالات الإعلان الدولية، وتسجيلها في المنظمات الحكومية الدولية، وإلزامها بمراعاة الخصائص الثقافية المحلية للمناطق التي يتوجه إليها الإعلان الدولي. ولابد من أن تتحمل الحكومات، والمنظمات الدولية، ووكالات الإعلان الدولي، المسؤولية الإنسانية بصورة مشتركة، أمام البشرية جمعاء، لأن المعلن لا يهمه سوى: تسويق أفكاره وتصريف بضاعته أو خدماته؛ والتأثير على منافسيه في السوق الاستهلاكية الدولية. ولهذا نعتقد أن للدراسات الدقيقة لمشاكل الإعلان الدولي فائدة للجميع، دون أن تقتصر الفائدة على المعلن ووكالة الإعلان فقط. خاصة في العصر الراهن، عصر العولمة، بعد أن أصبح للمستهلك دوراً يلعبه ويضغط من خلاله عبر وسائل الاتصال الحديثة على المنتج، والمعلن، ووكالة الإعلان، وحتى على وسائل الاتصال الناقلة لمضمون الإعلان الدولي. ويدخل ضمن هذا الإطار التخطيط السليم للإعلان وللإعلام والحملات الإعلامية الدولية.
التخطيط الإعلامي من شروط نجاح الحملات الإعلامية: أصبح لاقتحام الساحات الإعلامية شروط على ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال وسائل الاتصال الجماهيرية، الذي أحدث آثاراً بالغة أحدث تغييرات جوهرية في العلاقات الدولية المعاصرة وهي التي أثرت بدورها على دور الدولة التي كانت تحتكر في السابق السياسة الدولية، وأضعفت من دورها، عندما تخلت الدولة عن بعض وظائفها لمؤسسات أخرى داخل المجتمع الواحد، ولم يعد هناك مجال للتحدث عن السيادة الإعلامية للدولة، أو التحكم شبه الكامل أو شبه المطلق بعملية التدفق الإعلامي إلى داخل الدول خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، وأصبح من شبه المستحيل السيطرة التامة على نوع وكمية المعلومات التي تتدفق إلى عقول الناس، بعد ظهور شبكة شبكات المعلوماتية العالمية "الإنترنيت" وغيرها من قنوات والتقنيات الحديثة للاتصال عن بعد. وساهمت شبكات الاتصال الجماهيرية الحديثة إلى حد كبير في تخطي حاجزي الزمان والمكان. بعد أن أصبح عدد هائل من الأشخاص مرتبطين فيما بينهم، من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصية المرتبطة بشبكة اتصال عالمية عبر الأقمار الصناعية وهو ما زاد من تفاعل المجتمعات الدولية، لتصبح عملية التبادل الإعلامي الدولي أكثر يسراً وسهولة، مما زاد من أهمية تخطيط العمل الإعلامي، ومن أهمية التنسيق بين جهود مختلف الجهات على الساحتين المحلية والدولية. ويعتبر تخطيط العمل الإعلامي من أساسيات التبادل الإعلامي الدولي، ويتم عادة من خلال تحديد الأهداف العامة للخطة الإعلامية التي يجب أن تراعي متطلبات الأمن الوطني والسياستين الداخلية والخارجية للدولة، وحشد الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية وتصنيفها، وتحديد الوسائل والفترة الزمنية اللازمة لتنفيذها، مع مراعاة دقيقة للمصاريف، والجدوى الاقتصادية والسياسية من الخطة الإعلامية.
ولتخطيط العمل الإعلامي عادة إطارين أساسيين هما: الإطار النظري للخطة الإعلامية، ويشمل: الأهداف المحددة، والغايات الواضحة، والعناصر المكونة؛ والأهداف المرنة، التي لا تحتوي على درجة كبيرة من التحديد ويمكن تطويرها وتكييفها مع الظروف أثناء التطبيق العملي. وتشمل عملية التخطيط عادة: مشاكل اختيار وسائل تحقيق أهداف الخطة الإعلامية من بين البدائل المتعددة؛ ومشاكل التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الخطة؛ ومشاكل التطبيق والتنفيذ الفعلي، للوصول إلى أهداف الخطة المرسومة. وعند وضع أي خطة إعلامية لابد من تحديد إطارها العام من أرقام ومؤشرات ليتم معالجتها مع المشاكل المحتملة عند التنفيذ الفعلي للخطة المرسومة وبعد الانتهاء من تحديد الإطار العام للخطة الإعلامية، تبدأ عملية تحديد الإطار التفصيلي للخطة الإعلامية، عن طريق دراسة تفاصيل الخطة، وتحويل الأهداف العامة، إلى أهداف تفصيلية، مع تحديد الوسائل انطلاقاً من الإمكانيات المتاحة، والمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ بدقة. وكما هو متعارف عليه من الناحية الزمنية للخطة الإعلامية، هناك خططاً: سنوية؛ وخططاً متوسطة الأمد، تتراوح عادة مابين الأربع والسبع سنوات، ولكنها في أكثر الحالات هي خطط خمسية، أي لمدة خمس سنوات؛ وخططاً طويلة الأمد، وهي الخطط التي تزيد عن السبع سنوات. وتقسم الخطط متوسطة الأمد، والخطط طويلة الأمد إلى خطط سنوية متكاملة، للاستفادة من إمكانية التجربة، وإجراء الإصلاحات على الخطط الفترات الزمنية اللاحقة لزيادة فاعليتها، وفقاً لمعطيات تنفيذ خطط السنوات السابقة، ومن المتعارف عليه أيضاً في الخطط الإعلامية تقسيم الخطط السنوية إلى خطط ربع سنوية، يطلق عليها عادة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية تسمية الدورة الإذاعية أو التلفزيونية، وهكذا. وهنا يجب على المخططين الإعلاميين أن يدركوا دائماً أن تخطيط العمل الإعلامي الدولي، ما هو إلا شكل من أشكال التخطيط السياسي، ويدخل في إطار العلاقات الدولية، ومن أجل تحقيق أهداف السياستين الداخلية والخارجية للدولة، اللتان لا يجوز تخطيهما أبداً. وعليهم إدراك أن ضمان التنفيذ الناجح لأي خطة كانت، مرتبط بمدى تحديد الأساليب الممكنة والملائمة لتحقيق الأهداف الموضوعة انطلاقاً من الإمكانيات الفعلية والمتاحة. وأن الأهداف الواقعية والواضحة، تسهل عملية التنفيذ، وبالتالي الوصول للأهداف المرتقبة، وأن من عوامل النجاح الأخرى، التقدير السليم للوسائل والإمكانيات والغايات، وبقدر ما تكون متناسقة، والغايات متوافقة مع الإمكانيات، بقدر ما يكون التنفيذ أكثر نجاحاً، ولهذا لا بد من دراسة صلاحية الأهداف، من وجهة نظر احتمالات تحقيقها من خلال الإمكانيات المتاحة، وتقييم احتمالات تحقيق الهدف مع متغيرات الإمكانيات المتاحة. وبعد الانتهاء من دراسة صلاحية الأهداف، يتم الانتقال إلى عملية اختيار الأساليب من خلال البدائل المتاحة، وبعد دراسة تلك البدائل من كافة الجوانب، يتم اختيار الأساليب الناجعة والملائمة من بين تلك البدائل، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التالية، وهي وضع تفاصيل الخطة الإعلامية، والتي يجب أن تراعى فيها الخطوات العشر التالية: تحديد الأهداف؛ ومضمون الرسالة الإعلامية؛ والأساليب؛ ومستقبل الرسالة الإعلامية؛ والإمكانيات المادية والبشرية؛ وتحديد مجالات التنفيذ؛ والمسؤول عن التنفيذ؛ والمسؤول عن متابعة التنفيذ؛ وتقييم الفاعلية؛ والمدة الزمنية؛ ووضع نظام لمتابعة التنفيذ. وعلى المخططين الإعلاميين أن يأخذوا في اعتبارهم: قوة وإمكانيات الإعلام المضاد، ومحاولة الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر الإمكان؛ وأن يبنوا خططهم على قدر كبير من المعلومات عن المستهدفين من الخطة الإعلامية الدولية؛ والاستعانة بفريق عمل من المتخصصين في مجالات التخطيط، وخبراء في الاقتصاد والسياسة الخارجية، والعلاقات الدولية، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، والنظم السياسية، وتكنولوجيا وسائل الاتصال الدولية، وغيرها من التخصصات حسبما تقتضي الظروف؛ وتوخي نتائج الخطط السابقة، والتجارب المحلية والإقليمية والعالمية في موضوع الخطة الإعلامية التي يعدونها؛ والأخذ بآراء الممارسين للعمل الإعلامي الدولي فعلاً، لأن في ملاحظاتهم الكثير مما يمكن أن يفيد نجاح تنفيذ الخطة الإعلامية، ووصولها لأهدافها المرسومة.
ويأتي الإطار التطبيقي للخطة الإعلامية تلبية للمبادئ والأهداف التي تضمنتها خطة العمل الإعلامي الدولي، ومن أهم مبادئها الأساسية التنسيق بين الأجهزة والوسائل المختلفة، للوصول إلى أفضل تنفيذ للخطة الإعلامية، وأعلى درجة من الفاعلية من خلال المعادلة التالية: { من يخاطب من ؟ } والدبلوماسية الرسمية المعتمدة في الخارج، والدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة الدولية)، والزيارات الرسمية والشخصية والإطلاعية والسياحية، والمعارض والمهرجانات الثقافية والفنية والرياضية، واللقاءات والمؤتمرات الدولية، ووسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها، تعتبر كلها من وسائل تنفيذ الخطة الإعلامية. من خلال مخاطبتها للقطاعات المستهدفة من الخطة الإعلامية الدولية، وهذه القطاعات يمكن أن تكون: قيادات حاكمة؛ أو قيادات وأعضاء في البرلمان، أو معارضة برلمانية؛ أو قيادات الأحزاب السياسية، سواء أكانت داخل السلطة أم في صفوف المعارضة؛ أو قيادات المنظمات الجماهيرية والمهنية والاجتماعية؛ أو قيادات إعلامية؛ أو رجال أعمال؛ أو أقليات أو تجمعات دينية، أو عرقية، أو ثقافية، أو قومية؛ أو الجاليات المقيمة في الخارج؛ أو هيئات ثقافية، أو دينية؛ أو مشاركين في المهرجانات الثقافية والفنية؛ أو مشاركين في اللقاءات الرياضية؛ أو مشاركين في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية والعلمية الدولية؛ أو زوار معارض اقتصادية أو تجارية أو صناعية أو سياحية أو إعلامية أو فنية دولية؛ أو جماهير عريضة عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية المتاحة. ومن خلال متابعة مراحل تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية من المفيد جداً دراسة المتغيرات على الساحة التي ينشطون فيها. وتشمل: الوجود الإعلامي الصديق والمحايد والمضاد في تلك الساحة؛ ومجال التأثير الإعلامي على الفئات والقطاعات المستهدفة، من خلال المفاهيم المتكونة مسبقاً لديها؛ وتزويد الجهات المسؤولة بالمعلومات عن تنفيذ مراحل الخطة الإعلامية الدولية. ومتابعة تلك المعلومات تباعاً، من أجل: المساعدة على تحديد المجموعات والفئات والقطاعات التي يجب مخاطبتها أكثر من غيرها؛ وتكييف القواعد التي يجب أن يلتزم بها كل المشاركين في تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية؛ وإعداد المواد الإعلامية الرئيسية من معلومات وأخبار وملفات إعلامية تفيد في إنجاح تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، وتساعد على الوصول لأقصى قدر ممكن من الفاعلية والتأثير. ومحاكاة أداء محطات مثل "الحرة" الأميركية، والخدمة العربية "فرنسا 24" و"روسيا اليوم"، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العريقة في العمل على الساحة الإعلامية العربية والذي يعود لثلاثينات القرن العشرين.
الخاتمة: وفي الختام لا بد من التأكيد على أهمية عملية التبادل الإعلامي الدولي في حياة الأمم المعاصرة، في ظل النظام الدولي الراهن، وأنها لم تزل من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة على ضوء التطور الهائل لوسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة التي أصبحت تمكن الإنسان من الحصول على أية معلومات يريدها بمنتهى السرعة واليسر والسهولة، عبر شبكات الاتصال والمعلومات الدولية الحديثة، التي تحولت تدريجياً إلى وسائل إعلام جماهيرية دولية تستخدمها الدول والهيئات والمنظمات والجماعات فعلاً، لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت أفكارها، وبأية لغة يفهمها الإنسان المعاصر الذي تميز بسعة الأفق والمعرفة، بفضل المعلومات التي وضعتها بين يديه تلك الوسائل أينما كان. لأنه هناك مجموعة من العوامل المشتركة في منطق عملية التبادل الإعلامي الدولي تنطلق من المجالات الإنسانية والحياتية الفعلية، وتنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها لتكوين علاقات تمكن الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك تجعل من تداول الخبرة أمراً ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات والدول. وعملية التبادل الإعلامي الدولي في هذا المعنى الواسع تحولت إلى أداة اتصال رئيسية بين بني البشر، وأصبحت أداة للحوار وتبادل الآراء والأفكار بين الأمم خاصة وأن القرن العشرين قد حمل للعالم ثورة شاملة في وسائل الاتصال والإعلام وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لتلك الوسائل المتطورة، وتم تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات وأخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وخرجت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتدريج عن إطارها المحلي لتصبح أداة اتصال وتواصل بين الأمم لها دوراً مرسوماً ومحدداً في إطار السياسات الخارجية والعلاقات الدولية المعاصرة، ودخلت عملية التبادل الإعلامي الدولي ضمن الأدوات والوسائل لتحقق من خلالها مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية والجماعات السياسية بعضاً من سياساتها الخارجية. وتعمل المؤسسات الصحفية اليوم على نشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المختلفة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات داخل مختلف المجتمعات، بعد أن خرجت تلك المؤسسات عن نطاقها المحلي واجتازت وسائلها الإعلامية الجماهيرية الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل تلك المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، في سعي منها لخلق نوع من الحوار الثقافي معها، متجاوزة الحواجز السياسية اللغوية. لأن الإعلام الدولي يعتبر جزأ لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة، ووسيلة فاعلة من الوسائل التي تحقق بعض الأهداف السياسة الخارجية لكل دولة داخل المجتمع الدولي. وتخدم من خلالها المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به الدول في المعادلات الدولية، وتأثيرها وتأثرها بالأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أم اقتصادية أم عسكرية، أو اضطرابات اجتماعية داخلية تطال تلك الدول، أو الدول المجاورة لها. أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى حيث وجدت في أنحاء العالم المختلفة أو في حال حدوث كوارث طبيعية وأوبئة أو أخطار تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض.
وينطلق الإعلام الدولي من دوافع متعددة، تعتمد على المصالح الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة، وتنبع تلك الدوافع من المصالح الوطنية العليا للدولة، ويعمل الإعلام الدولي من خلال هذا المنظور على التأثير على التفاهم الدولي وعلى عملية الحوار الثقافي والحضاري الجارية بين الأمم، وهو الحوار الذي يؤدي إلى خلق تصور معين للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الإنساني الدولي ويعمل على تطويره. ورغم دخول الجماعات السياسية غير المرخصة الصراع على الساحة الإعلامية الإلكترونية بقي دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي حول وجهة النظر الرسمية من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد تلك الصراعات وأسبابها، مما زاد من أهمية مراعاة خبراء الإعلام والصحفيين لخصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للقائم بعملية الاتصال من وجهة نظر الجهة المعنية في الصراع التي يمثلها، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية. لأن سلاح الإعلام في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، وهو الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوة البشرية في الدولة المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراع الدائر، والإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي. ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها عليها السياسات الاستعمارية وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية ورغم دخولها عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال المتطورة فإننا نلاحظ استمرار تخبط الدول النامية في مشاكلها الإعلامية والاتصالية التي ازدادت صعوبة وتعقيداً.
وخلاصة القول أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة بالدرجة الأولى. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم لها، والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها. وبقي التأكيد على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل (المواد) الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة، وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي، لأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي ركائز أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع الإنساني، وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة وبين مواطني البلد الواحد. ولكن الذي يحدث هنا وهناك لم تواته القوة المؤثرة بعد ولا زالت عملية التبادل الإعلامي الدولي بعيدة عن التكافؤ بين من يملك ومن لا يملك وسائل إعلام واتصال حديثة، كما ونجد أن الكثير من المحاولات الإعلامية والسياسية العالمية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياها العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، لم تزل دون المستوى المطلوب.
وتبقى الأمم المتحدة معنية بإعادة النظر في جميع الممارسات الإعلامية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا الذي يعني حق احتكار المعلومات فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية المشتركة من أجل الحياة الكريمة. والتعامل مع الظروف الجديدة الناتجة عن تسلل استثمارات الدول المتطورة للاستثمار الإعلامي في الدول الأقل تطوراً والدول النامية للسيطرة على أية محاولات للدول الأقل تطوراً والنامية للولوج إلى عالم تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة. وتحدثت عن جزء بسيط منها نتائج الدراسة التي أجراها الاتحاد الهندي للغرف التجارية والصناعية «برايس ووترهاوس كوبرز Price Waterhouse Coopers» مشيرة إلى أن قيمة قطاع الإعلام في الهند ستصل بنهاية عام 2010 إلى 19 مليار دولار أمريكي بسبب الطفرة الاقتصادية وارتفاع نسبة التعليم وارتفاع نسبة الذين لا تزيد أعمارهم عن الـ 30 عاماً بين السكان. واتجاه مجموعة من الشركات العالمية للقيام بعملياتها في الهند أمثال شركات «سوني»، و«باراماونت»، و«ديزني»، و«وفوكس»، و«تايم وورنر»، و«بيرسون»، والشركة الناشرة لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، و«انديبيندانت» و«تيرنر انترناشونال» و«بي بي سي وورلد وايد». وما أكده آشوتوش سيرفاستافا، الرئيس التنفيذي لشركة مينشار انديا وهي الفرع المحلي لمؤسسة ميديا انفستمنت مانجمنت ومقرها لندن «أن الصين والهند هما نقطتا الجذب بالنسبة للمستثمرين من الخارج في جميع المجالات، غير أن الصين مغلقة تماما بالنسبة للمستثمرين في مجال الإعلام وهو ما جعل الهند بديلا جيدا للاستثمار بالنسبة للمستثمرين الأجانب». وما أشار إليه باسكارا راو رئيس مركز الدراسات الإعلامية في نيودلهي إلى أن معدلات النمو في كل المجالات الإعلامية في الهند خلال السنتين الماضيتين كان أعلى بكثير من الولايات المتحدة وبريطانيا. وأن «قطاع الصحف ينمو بمعدل 14% سنويا ويوجد 27 قناة إخبارية تلفزيونية في الهند تعمل على مدار الساعة. ومعظم الشركات متعددة الجنسيات التي تنفق كميات كبيرة على الإعلانات موجودة في الهند أيضا»، وأكد على أن "كل ذلك يجعل الهند مجالا جيدا للاستثمارات بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الأجنبية وأن احتمالات النمو ضخمة ولم نتمكن من الاستفادة من جزء كبير منها بعد". وبعد أن أصبحت سياسات الحكومة ايجابية بالنسبة للاستثمار في الهند فيما يخص الإعلام المطبوع، وبالرغم من ارتفاع مستوى الأمية في المناطق الريفية، فإن حجم قطاع المطبوعات الهندي يصل إلى 2.3 مليار دولار أميركي ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى 5.8 مليار دولار بحلول عام 2010 وأن الحكومة الهندية غيرت سياستها في مجال الإعلام عام 2002 وخففت من قيود ملكية الأجانب للصحف بحيث يسمح القانون الهندي للأجانب بملكية 26 في المائة من أسهم المطبوعات الهندية، إلا أن الإدارة التحريرية يجب أن تبقى هندية. وأظهرت استبيانات عدد القراء في الهند، أن عدد قراء الصحف اليومية والمجلات مستمر في الزيادة من 206 ملايين قارئ إلى 222 مليون قارئ في عام 2005 وأن 12 صحيفة هندية يومية من بين 5 آلاف صحيفة يومية تبيع أكثر من مليون نسخة يومية، وتصل مبيعات الصحف اليومية إلى ما يتراوح بين 16 إلى 17 مليون نسخة يوميا. وقد دفعت صحيفة فاينانشيال تايمز الانجليزية المملوكة لشركة بيرسون 3.4 مليون دولار أميركي للحصول على 14% من صحيفة «بيزنيس ستاندرد» ثاني اكبر صحيفة يومية في الهند. بينما بدأ مؤشر داو جونز الأميركي في عام 2005 شراكة مع بينت وكولمان لطباعة النسخة الآسيوية من صحيفة وول ستريت المالية. واشترى هندرسون برايفت كابيتال آسيا فاند حصة قيمتها 20 مليون دولار في صحيفة هندوستان تايمز اليومية. كما بدأت صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون في طباعة نسخة في الهند في أوائل عام 2006. وأن مجموعة مترو وهي أسرع المجموعات الصحفية نموا في العالم، تعد نسخة للسوق الهندي. وأن مجموعة «اندبندنت نيوز وميديا لندن» اشترت 26 في المائة من مجموعة جاغران براكشان الهندية بقيمة 18.6 مليون جنيه إسترليني. وأوضح سنجاي غوبتا المدير التنفيذي ورئيس تحرير داينك جاغران أن رئيس مجلس إدارة «الاندبندنت نيوز وميديا لندن» توني اوريلي، كان السباق في اكتشاف إمكانات السوق الهندي. وأن عدد قراء داينك جاغران يصل 21 مليون قارئ وهي رسميا اكبر صحيفة تصدر في الهند. وقال غوبتا «سنطبع نسخة دولية من الاندبندنت في الهند قريبا ولكنها ستكون بالانجليزية»، لأن السلطات الهندية تسمح الآن بطباعة نسخ من الصحف الأجنبية في الهند، وهذه السياسة تساعد الصحف الأجنبية على توفير نفقات توزيعها في السوق الهندي. وتعتبر تكلفة الإنتاج الرخيصة نقطة جذب رئيسية بالنسبة لدور النشر. ويتوقع تقرير «اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية»، أن يجلب قطاع إذاعات الـ إف إم في الهند توظيفا ماليا أجنبيا يصل إلى 111 مليون دولار أميركي خلال الفترة القادمة، ليحقق نمواً قدره 22% من حجمه الحالي البالغ 53 مليون دولار أميركي وليصل إلى 145.9 مليون دولار قبل انتهاء عام 2010.
وأن قطاع المحطات التلفزيونية في الهند أصبح ثالث أكبر سوق للتلفزيون في العالم اليوم ويبلغ عدد القنوات التلفزيونية في الهند أكثر من 350 قناة تحقق دخلاً من الإعلانات عبر تلفزيونات الدارات المغلقة "الكبل" يبلغ 1.02 مليار دولار (عام 2005) ومن المتوقع أن يبلغ هذا الدخل 1.8 مليار دولار قبل انتهاء عام 2010 بزيادة قدرها 24%. وأن 50 قناة تلفزيونية تبدأ البث سنوياً. ولم تزل شركات البث التلفزيوني الهندية تبحث عن شركات منتجة للبرامج لتغطية ساعات بثها. بالإضافة إلى زيادة عدد البيوت التي تستخدم شبكات التوزيع عن طريق الكبلات لاستقبال البث عبر الأقمار الاصطناعية في الهند بنسبة 12% ليصبح عددها 68 مليون بيت عام 2006. وأن شركة والت ديزني اشترت حصة من أسهم «يو تي في» التي تمتلك قناة للأطفال مقابل 30 مليون دولار. بالإضافة لحصة قناة «سي إن إن ـ إي بي إن» في الشركة الهندية غلوبال برودكاست نيوز. واشترت رويترز حصة 26% بمبلغ 19 مليون دولار أميركي في الأخبار التي تبث على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم وقناة «تايمز تي في ناو». وإطلاق الشركة الإعلامية المتمركزة في الولايات المتحدة "بلومبيرغ" قناة لرجال الأعمال مع شركة «تي في غروب» الهندية.
وهذه صورة حديثة لتغلغل رؤوس الأموال الغربية إلى الساحات الإعلامية الوطنية والهند مثال جيد لها لاستثمارها والحد من نموها وربطها بالمصالح الغربية على حساب المصالح الوطنية ولن نتطرق للتغلغل الواضح في الساحات الإعلامية الأوروبية والروسية والدول الأقل تطوراً والنامية في العالم المستعدة طوعاً للقبول بمثل هذا التغلغل، والساحة الإعلامية العربية جزء منها وتحتاج للبحث والدراسة الحيادية خدمة للقائمين على تخطيط السياسات الإعلامية العربية ولوضع النقاط على حروف الأبجدية الإعلامية الوطنية.
المراجع المستخدمة في الكتاب
1. أحمد صوان: أوراق ثقافية.. عن الإعلام وعيد الصحفيين. // دمشق: تشرين، 19/8/2007.
2. أحمد ضوا: الرئيس الأسد لاتحاد الصحفيين: شرح الرؤية السورية.. الارتقاء بالإعلام .. إيصال الرسالة بشفافية. // دمشق: صحيفة الثورة، الأربعاء 22/11/2006،
3. أحمد السيد النجار: على ضوء خبرات نكبة العراق: التقدم العلمي ضرورة للاستقلال والمنعة والتطور الاقتصادي. ملفات الأهرام. // القاهرة: الأهرام، 22/8/2003.
4. أحمد طه محمد: حول التكتلات الاقتصادية المعاصرة. // القاهرة: السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1992.
5. د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983.
6. إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، القاهرة: مطابع الأهرام، 1977.
7. إدارة الصحافة والإعلام في الحكومة الاتحادية: حقائق عن ألمانيا. Societats-Verlag، 1997. (باللغة الروسية)
8. د. أسامة الغزالي حرب: الأحزاب السياسية في العالم الثالث. // القاهرة: سلسلة المعرفة. سبتمبر/1987.
9. إسلام كريموف: أوزبكستان، طريقها الخاص للتجديد والتقدم.ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان، نموذجها الخاص للانتقال إلى اقتصاد السوق. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان على طريق الإصلاحات الاقتصادية. شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. بيروت: 1996.
10. د. إسماعيل صبري مقلد: العلاقات السياسية الدولية. دراسة في الأصول والنظريات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991؛ و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968. و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968.
11. إسماعيل جرادات: العلاقة مع الإعلام .!دمشق: صحيفة الثورة، الخميس 30/11/2006.
12. أصوات متعددة: عالم واحد. باريس: اليونسكو، 1976.
13. الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. // دمشق: الثورة: 15/8/2006م.
14. الإعلام الجديد wwwekateb.net // الكويت: صحيفة القبس، 19 مايو 2003.
15. أندريه بوفر: مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1968.
16. أوتكين أ.ي.: العولمة: التفاعل والجوهر. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
17. أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970.
18. إيفانوف ي.س.: السياسة الخارجية لروسيا في عصر العولمة. مقالات وكلمات. موسكو: 2002. (باللغة الروسية)
19. إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 129/1997.
20. بريتيش فيديو غرام أسوسياشين ( غالوب - 1986).
21. بسام زيود: د. بلال: تطوير الإعلام مسؤولية جماعية. // دمشق: الثورة، 15/5/2006.
22. د. بطرس بطرس غالي: حقوق الإنسان في 30 عاماً. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، يناير/ 1979.
23. بليسييه روجيه: منظمة الصحافة في جمهورية الصين الشعبية. // جورناليزم، 34/1971.
24. تقارير الشركات: التقرير السنوي للمجلس الصحفي 1990.
25. التقرير السنوي لـ A P A . 1986-1985.
26. التقرير السنوي الـ 32 لمجلس الصحافة 1985 (1986).
27. التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد" 4-6/10/1982. // مجلة العمل العربي العدد 25/1982.
28. د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 1993.
29. جمال بركات: الدبلوماسية: ماضيها وحاضرها ومستقبلها. القاهرة: مطابع الأهرام، 1991.
30. د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. عمان: دار المسيرة، 1998.
31. جيمس كورّان، وجين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993.
32. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. القاهرة: دار الفكر العربي، 1978.
33. جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. // عمان: صحيفة الدستور، عدد 1/7/1997.
34. د. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. // القاهرة: الأهرام، 30/12/1997.
35. د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. // القاهرة: السياسة الدولية، 1997/127.
36. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983.
37. حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972.
38. الخارطـة الجديدة للشـرق الأوســط. صحيفة الوطن، 22/7/2006. عن موقع مجلة القوة العسكرية تموز 2006.
39. رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1984.
40. سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. بيروت: معهد الإنماء العربي. 1978.
41. د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. // مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982.
42. شمس الدين الرفاعي: تاريخ الصحافة السورية. جزأين. القاهرة: دار المعارف. 1969.
43. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
44. صحيفة الشعب الصينية. 1954 حزيران/ يونيو 25.
45. صفات سلامة: الإعلام العلمي العربي: الواقع.. والمأمول. // لندن: الشرق الأوسط، 21/8/2007.
46. د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. بيروت: دار الطليعة. 1971.
47. ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
48. عاطف الغمري: الأسلحة الجديدة في ترسانة الهجوم الاقتصادي العالمي. // القاهرة: الأهرام 30/1/1996.
49. د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. بغداد: معهد البحوث والدراسات العربية 1983.
50. د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت، 1972.
51. عزت السيد أحمد: العولمة وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. // دمشق: مجلة المعرفة، العدد: 416/. 1998.
52. عقبة زيدان: للإعلام (وجه آخر ).. هل ترونه??. // دمشق: الثورة، فضائيات، الأحد 7/5/2006.
53. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. // القاهرة: السياسة الدولية، العدد 123/1996.
54. فيصل عباس: مدير قسم الأخبار الدولية في الـ «بي. بي. سي»: لا نسعى لمجاراة «العربية» و«الجزيرة». // لندن: الشرق الأوسط، 19/8/2007.
55. فيصل عباس: مدير تسويق «إم بي سي»: نعمل على تطوير دخلنا من مصادر غير الإعلان. // الرياض: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
56. فيصل عباس: مردوخ يشتري «داو جونز».. و«حاجز» لمنع تدخله في تحرير «وول ستريت جورنال» // الرياض: الشرق الأوسط 1/8/2007.
57. القاموس الدبلوماسي. الجزء الأول، دار ناووكا، موسكو 1985. (باللغة الروسية)
58. القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
59. كاشليف يوري باريسوفيتش: العلاقات الدولية والثورة المعلوماتية. // موسكو: العلاقات الدولية، 1/2003. (باللغة الروسية)
60. كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007؛
61. كارولين عاكوم: ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
62. كارولين عاكوم: هل جاء عصر التحالفات الإعلامية العربية؟ اندماج «روتانا» و«إل بي سي» يسلط الضوء على مستقبل «التكتلات» في المنطقة. // الرياض: الشرق الأوسط 12/8/2007.
63. كارولين عاكوم: الصحافة.. علم يدرس أم مهارة تكتسب؟ // لندن: الشرق الأوسط، 9/9/2007؛
64. كازيماجو ج.، بورباجي ر.، كوهين أ.: الصحافة والإذاعة والتلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية. 1972.
65. الكتاب السنوي 1995. وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات. القاهرة، 1996.
66. الكتاب السنوي للفونوغراف البريطاني.1986.
67. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
68. د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. // تونس: مجلة الإعلام العربي. العدد 2/1982.
69. كوريا حقائق وأرقام. الخدمات الإعلامية الخارجية في كوريا، سيئول 1993. (باللغة الروسية)
70. كيف نصون لغتنا في عصر العولمة. // دمشق: الثورة، 17/9/2209.
71. ليستر يبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1971.
72. ليدل هارت: الإستراتيجية وتاريخها في العالم. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1967.
73. مجلة جوردان عن معطيات النشر والتسويق والنشر. 1984.
74. د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية السورية. // دمشق: صحيفة تشرين، 4/4/2007.
75. أ.د. محمد البخاري: التدفق الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 1/8/2007. http://www.dardolphin.org
76. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 2006. http://www.dardolphin.org
77. أ.د. محمد البخاري: المجتمع المعلوماتي وتداعيات العولمة. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 21/7/2006. http://dardolphin.com
78. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006.
79. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
80. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
81. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
82. د. محمد البخاري: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع، الاختصاص: 23.00.03 – الثقافة السياسية والأيديولوجيا؛ و23.00.04 – المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي". طشقند: 2005. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
83. د. محمد البخاري: الجوانب الثقافية في التبادل الإعلامي الدولي وفاعليتها. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004. (باللغة الروسية)
84. د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004.
85. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية)
86. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
87. د. محمد البخاري، غينادي غيورغيفيتش نيكليسا: الأسس السياسية والقانونية لتكامل وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان مع الساحة الإعلامية الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003.
88. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.
89. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.
90. د. محمد البخاري: الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)
91. د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)
92. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000.
93. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية. 1997.
94. د. محمد البخاري: أهمية البحوث الميدانية في نجاح السياسات الإعلامية العربية. // صنعاء: الثورة، العدد 9335/1990.
95. محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
96. محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
97. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
98. د. محمد علي البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975.
99. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. القاهرة: 1979.
100. د. محمد محمود الإمام: التخطيط من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. معهد الدراسات العربية العالية. جامعة الدول العربية، 1962.
101. د. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 1997.
102. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. 1979.
103. محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. بيروت: مطبعة كريدية. 1974؛
104. محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. // مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
105. د. محمد الختلان: أوزبكستان على طريق الإصلاح. // الرياض: صحيفة الجزيرة، 30/5/1996.
106. د. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971.
107. د. ممدوح شوقي: الأمن القومي والعلاقات الدولية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية العدد 127/1997.
108. معلومات أساسية عن جمهورية السودان. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، صيف 2002 العدد العاشر.
109. معلومات أساسية عن جمهورية موريتانيا. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2002 العدد التاسع.
110. معلومات أساسية عن جمهورية إثيوبيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثامن شتاء 2001/2002.
111. معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد السادس صيف 2001.
112. معلومات أساسية عن المملكة المغربية. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، ربيع 2001 العدد الخامس.
113. معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001 العدد الرابع.
114. معلومات أساسية عن جمهورية نيجيريا الاتحادية. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثاني/صيف 2000.
115. مقدمة ابن خلدون. بيروت: دار القلم، 1978.
116. من يملك ماذا؟ 1988.
117. موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 218-219. (باللغة الروسية)
118. مويسييف ن.ن.: أونيفيرسوم. المعلوماتية. المجتمع. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
119. ميشيو كاكو: رؤى، كيف سيثوِّر العلم القرن الواحد والعشرون. ترجمه للعربية: عدنان عضيمة. دبي: صحيفة البيان، 1998.
120. نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. دمشق: وزارة الثقافة، 1980.
121. د. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 134/1998.
122. د. هالة مصطفى: المشروع القومي في مصر: دور الدولة الأساسي. // القاهرة: الأهرام، 28/4/1997.
123. د. هالة مصطفى: المشروع القومي بناء الداخل أولاً. // القاهرة: الأهرام، 31/3/1997.
124. د. هالة مصطفى: وحقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. // القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان. العدد 3/ أكتوبر 1997.
125. الهيئة العامة للاستعلامات في مصر www.sis.gov.eg.
126. هيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية. كوللوكيوم، ألمانيا 1996، ص 128-130. (باللغة الروسية)
127. وحدة الأبحاث: اللاعبون الكبار في مجال المال والأعمال. // الرياض: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
128. وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. طشقند: وكالة أنباء "جهان"، 1997. (باللغة الروسية)
129. ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. دمشق: وزارة الثقافة، 1969.
130. اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
131. Argenti J., Corporate Planning, A practical Guide Edinburgh, G. Allen and Lenwin Ltd., 1968.
132. Bettran Canfield, Public Relations Principles, Cases and Problems, 5 th Ed. Honewood ILL., Richard Irwin, Inc., Illinois, 1968.
133. Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication.
134. Beeley H., The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
135. Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968.
136. Burnard Burnes; Manging Cahge. Pitman Publishing. London. 1992.
137. Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic Order, Vienna 1980.
138. Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological Perspective, New York, Random House. 1959.
139. Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971.
140. Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly - Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968.
141. Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996
142. Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989.
143. Goetz B.E., Management, Planning and control, Mc Grow-Hill Book Co., 1949.
144. Gordon E. Miracle, Client’s International Advertising Policies and Procedures, International Communication.
145. H. Beeley, The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
146. Habil Erhart Knauthe, Industrialization, Planning, financing in Developing Countries, Wdition Leipzig, German Democratic Republic, 1970.
147. Harold Sprout, Environmental Factors in the Study of International Politics, in James Rosenau, International Politics and Foreign Policy. (Free Press, New York) (1961).
148. Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28.
149. Heinz - Dietrich fischet and John C. Marrill: The International Situation of Magazines, in International Communication. Media Channels, Functions.
150. Huntington S., The Lonely Superpower. // “Foreign Affairs”, March/April 1999.
151. James N. Rosenau, New Dimensions of Security: The Interaction of Globalizing and Localizing Dynamics, Security Dialogue, 1994, Vol. 25 (3).
152. James W. Botkins, Jana B. Matthews; Winning Combinations. John Wiley & Sons, Inc. New York. 1993.
153. Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.
154. John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
155. Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960.
156. Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968.
157. Kurt London, The Making of Foreign Policy East and West, (J.B. Lippincott Company, New York, 1965).
158. Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, These de Docdorat de 3e. Cycle. Universite de Paris 2, 1975.
159. Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Petroliere. These de Doctorat de Specialite en Science de L'Information, Universite de Paris 2, 1973-1974.
160. Nizar Al-Khatib: British Airways and American Airlines Strategic. MA in Business and Management. East London Business Scholl. 1997.
161. Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 337 - 339.
162. Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996.
163. Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, Spring 1997.
164. Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Business, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989)
165. Robert Wohlstetter, Intelligence and Decision – Making, in, Readings in the Making of American Policy, edited by Andrew Scott & Raymond Dawson, (Macmillan, New York, 1965).
166. Robert p. Kright, UNESCI’S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions.
167. Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication.
168. Richard Snyder and Others, Foreign Policy Decision Making, (The Free Press of Glencos, 1963).
169. Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
170. Stevan Marganovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposiom Ljublljana 1968.
171. Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968.
172. UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985.
173. UNESCO: World Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels, Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New York, Hastings House Publishers, 1970.
174. UNESCO: The Structure of the World's Press, in International Communication Media, Channels, functions.
175. Wastson S., The International Language of Advertising, International Communication.
176. Ward H. H. Mainstreams of American Media History. Boston, 1997.
177. WorldBank, WorldDevelopmentIndicators2003,Table.5.12.
178. William Donovan, Intelligence. Key to Defense, Life, September 30, 1946.
179. W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965.
180. Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
Автор:
Мухаммад аль-Бухари, профессор, доктор политических наук, кафедры «Международные отношения, политология и право» ТашГИВ.
Рецензент:
Гафуров С.: арабист, профессор, доктор политических наук, декан факультета «Международные отношения и экономика» ТашГИВ.
МУХАММАД аль-БУХАРИ
СОВРЕМЕНЫЕ МЕЖДУНАРОДНЫЕ ОТНОШЕНИЯ И МЕЖДУНАРОДНЫЙ ОБМЕН ИНФОРМАЦИИ
Ташкент-2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق