تحت عنوان "كلمة رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف" نشرت وكالة أنباء JAHON، يوم 20/9/2010 نص الكلمة التي ألقاها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف أمام جلسة مؤتمر "أهداف التنمية خلال الألفية الحالية" الذي عقدته منظمة الأمم المتحدة. ولأهميتها البالغة أقدم ترجمة كاملة لها:
السيد الرئيس المحترم !
الأصدقاء المحترمين !
من أهم العوائق التي أشار إليها بيان التنمية خلال الألف سنة الحالية، مكافحة الفقر، والعوز، والجوع، وإزدياد وفيات الأمهات والأطفال، والأوبئة وغيرها من مشاكل الإنسانية المستمرة على الأرض من حروب وصراعات مستمرة بين الدول، والجماعات العرقية، والأديان.
وما يثبت ذلك حقيقة أننا نرى على مثال أفغانستان التي عانت الكثير، لأكثر من 30 سنة لم تنقطع فيها العمليات الحربية.
ومن الواضح اليوم حقيقة أنه لا حلول عسكرية للمشكلة الأفغانستانية، وأن الإستراتيجية التي تتبعها قوى التحالف لإحلال السلام في أفغانستان لم تعطي النتائج المنتظرة منها. وفي كل يوم تستمر الحرب فيها تتعقد الأوضاع المأساوية للشعب الأفغانستاني ويصعب أكثر حل المشاكل ذاتها.
وفي أوضاع الطوارئ المتشكلة يتمتع بأهمية خاصة البحث عن طرق بديلة للتوصل إلى السلام والإستقرار في أفغانستان. ومن بينها برأيينا، يمكن أن يلعب دوراً هاماً إحداث تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة مجموعة الإتصال 6+3، التي اقترحتها أوزبكستان في عام 2008.
وفكرة وجوهر مبادارتنا إنطلقت من أن مشاكل بلادهم يجب أن يحلها الأفغان أنفسهم بمساعدة الدول إنطلاقاً من مصالحها الأمنية، واهتماماتها بإنهاء الحرب وتحقيق المستقبل المستقر لأفغانستان.
ومن بين تلك الدول قبل كل شيئ من الضروري أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية، والناتو، وروسيا، الذين لهم علاقات محددة بمهمة السلام، وكذلك الدول المجاورة مباشرة لأفغانستان.
والهدف الهام من مجموعة الإتصال 6+3 هو إقتراح برنامج لوقف العمليات العسكرية في أفغانستان على الأطراف المتصارعة، وإيجاد حلول مقبولة للمشاكل الرئيسية وللمشاكل والتناقضات المشتركة في البلاد، تستطيع توفير الأمن وتقدم الضمانات الضرورية.
والمحادثات برأيينا يجب أن تجري بين كل القوى المتصارعة الرئيسية.
وفي هذا يجب أن ينصب الإهتمام بالدرجة الأولى في البرنامج على تقديم المساعدات الإقتصادية، وتنفيذ مشاريع إجتماعية، وفي البنية التحتية، والإنسانية، وحل مشاكل توفير فرص العمل للسكان، والمشاكل الحادة كمكافحة الفقر، والعوز، وانعدام العدالة. ومن الضروري الاحترام الكامل للتقاليد والعادات والقيم الدينية الإسلامية التي تراكمت عبر القرون ويتمسك بها الشعب الأفغانستاني.
وللوصول إلى الأهداف الموضوعة يمكن أن تسهم بها قوات التحالف من أجل السلام والمتواجدة حالياً في أفغانستان.
والتهديدات الجدية التي تزعزع الأوضاع في منطقة آسيا المركزية تحملها الأحداث التراجيدية التي جرت في يونيه/حزيران عام 2010 في قرغيزستان.
واقصاء الرئيس عن السلطة في أبريل/نيسان من العام الجاري وهو الذي قدم الحجج ضد نفسه وكانت سبباً في تأزم الأوضاع والصراعات، وإحداث فراغ في السلطة الشرعية في البلاد، وكانت من أسباب إثارة الأحداث الدموية القاسية التي جرت في جنوب قرغيزستان على أرضية الصراعات الإثنية، وكان من نتيجتها مقتل المئات من الناس وإلحاق الأضرار بآلاف المواطنين المسالمين.
ولدينا اليوم الأساس الكامل لإعلان أن القرغيز أنفسهم والجالية الأوزبكية كثيرة العدد، اللذين يعيشون في جنوب الجمهورية كانوا رهينة لأفعال خطط لها بعمق وبشكل جيد من قبل قوة ثالثة.
والهدف من تلك الأفعال كان ليس إثارة الفوضى وتأزيم الأوضاع وإثارة الفوضى في البلاد فقط، بل والإتجاه لأهداف بعيدة بهدف جر أوزبكستان إلى المذبحة القاسية وفي النهاية تحويل الصراع الإثني إلى صراع بين الدولتين الجارتين قرغيزستان وأوزبكستان.
وفي هذه الأوضاع الصعبة جداً والمتفجرة كان لا بد من عدم السماح بتمرير السيناريو المعد لتطور الأحداث، وشكل مشكلة ثقيلة بالنسبة لنا، استقبال على أراضينا أكثر من مائة ألف لاجئ، أطفال، ونساء، وكبار في السن، وإيوائهم، وتوفير كل الضروريات لهم، وتحمل الضغوط القوية والكبيرة والكثير من الموارد، من أجل أن لا نسمح بزيادة الأوضاع القاسية للسكان، والحفاظ على الهدوء في المناطق الحدوية، وتجاوز أية إمكانية لتفجر الغضب والتطرف الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
والعقل فقط، وفهم الحقيقة البسيطة، بأنه على هذه الأرض عبر آلاف السنين والقرون العديدة عاش جنباً إلى جنب الأوزبك والقرغيز وسيعيش أولادهم وأحفادهم معاً لقرون طويلة، وكلها أعطتنا وأعطت شعبنا القوة من أجل أن نمنع هذه المأساة من أن تتحول إلى مصدر للصراع في آسيا المركزية.
ومن دون شك أن القرغيز يحتاجون اليوم لتقديم المساعدات الإنسانية والدعم من قبل الجيران والمجتمع الدولي.
ولكن المهمة الأهم هي إجراء تحقيقات دولية مستقلة حول أعمال التخريب، والقتل والإغتصاب التي جرت ما بين الـ 11 و14 من يونيه/ حزيران في جنوب قرغيزستان من أجل تقديم كل المسؤولين عنها من مخططين، ومنظمين، ومنفذين لهذه الأفعال الحاقدة والدامية إلى المحاكمة.
وأنا مقتنع من أن إجراء تحقيقات دولية موضوعية ومستقلة ستمنع أية مداخلات فردية أحادية الجانب، ويمكن للمواقف المبدئية الثابتة للمجتمع الدولي أن تفتح الطريق نحو تحقيق المصالحة والإتفاق بين القرغيز والأقلية الأوزبكية في جنوب قرغيزستان. وأي تنازل عن هذه المواقف يمكن أن تؤدي إلى تكرار الأحداث المأساوية التي هي مصدر خطر كبير يهدد الأوضاع المتفاقمة في جنوب قرغيزستان.
وفي هذا المجال لنا الحق أن ننتظر من منظمة الأمم المتحدة كل المساعدة لإجراء تحقيقات دولية مستقلة حول الأحداث المأساوية، تسمح بمنع إمكانية تسخين الأوضاع في قرغيزستان المجاورة.
وأهمية بالغة تتمتع بها قضايا حماية البيئة والمحافظة على الأوساط المحيطة من أجل الوصول إلى الأهداف الموضوعة في بيان التنمية خلال الألف سنة الحالية، وخاصة في ظروف التبدلات الطبيعية المعاصرة والصعبة.
ومن الأمثلة المرئية عليها علاقتنا غير المسؤولة بالمشاكل البيئية التي تسببت بماساة الأورال، والتي عملياً تحولت خلال حياة جيل واحد من بحر كان فريداً بجماله إلى بحر تجف وتختفي مياهه.
وخلال أربعين عاماً تقلصت مساحة سطع ماء بحر الأورال لأكثر من 7 مرات، وقلت كمية مياهه بنحو 13 مرة، وزادت أملاحه لعشرات المرات، وحولت البحر إلى مكان لا يصلح لحياة الكائنات الحية، وبالنتيجة تشكل حاجز كامل اختفت معه عملياً كل أشكال الحياة.
وظهرت اليوم في المنطقة المحيطة ببحر الأورال مجموعة معقدة من المشاكل البيئية والإجتماعية والاقتصادية والسكانية، لها تأثيرات تشمل الكرة الأرضية، وهو ما اقتنع به الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان غي مون أثناء زيارته لمنطقة الأورال في هذا العام.
ونظراً لاستمرار جفاف بحر الأورال والكارثة الإنسانية المتشكلة حوله، نعتبر أن أهم مهمة اليوم هي الحفاظ على الحياة البيولوجية الطبيعية في المنطقة المحيطة بالأورال، والتخفيف من التأثيرات المميتة لأزمة الأورال على الوسط المحيط والأهم على حياة ونشاطات السكان الذين يعيشون فيها من مئات الآلاف وملايين الناس.
ومن الضروري أن نأخذ باعتبارنا أن منطقة الأورال تحصل على المياه من مجرى نهرين رئيسيين هما أموداريا، ووسرداريا وأن أي تخفيض في المياه الجارية فيهما يعتبر تناقض كبير وحتى من دونه التوازن البيئي ضعيف في منطقة واسعة.
وأي محاولة في هذه الظروف لتنفيذ مشاريع أعدت قبل 30 أو 40 سنة ماضية، في العهد السوفييتي، لبناء منشآت كهرومائية واسعة مع سدود ضخمة في أعالي هاذين النهرين، آخذين باعتبارنا أن المنطقة الجغرافية المعدة للبناء تتعرض لأخطار الزلازل التي تتراوح شدتها مابين الـ 8 والـ 9 درجات، وكل هذا يمكن أن يعرض المنطقة لخسائر بيئية، ويعتبر سبباً لأخطار كوارث تكنولوجية، من التي كنا شهوداً عليها خلال السنوات الأخيرة.
وكان من الأفضل كما اقترحت الكثير من المنظمات البيئية الدولية، والخبراء البارزين، من أجل الحصول من هذه الأنهار على تلك الكميات من الطاقة بناء محطات كهرومائية صغيرة أكثر إقتصاداً وأقل خطورة.
ومشاكل جفاف الأورال هي مشاكل لملايين الناس، الذين يعيشون في هذه المنطقة، والذين بأمل الحصول على المساعدة يتوجهون إلى منظمة هامة مثل منظمة الأمم المتحدة.
السيد الرئيس !
منتهزاً هذه الفرصة، أريد أن أعرض على المؤتمر باختصار شديد بعض الخطوات المحددة، التي قامت بها أوزبكستان على طريق الوصول إلى الأهداف الواردة في بيان الألفية الحالية.
فقد مضى نحو 19 عاماً منذ أن أصبحت جمهورية أوزبكستان دولة مستقلة، ودخلت في عداد الأعضاء كاملي الأهلية بمنظمة الأمم المتحدة.
وخلال سنوات التنمية المستقلة للجمهورية وبخطوات من جانب واحد، إقتصاد الخامات، والإحتكار المدمر لإنتاج القطن الخام، والإنتاج البسيط والبنية التحتية الإجتماعية، والطلب الإستهلاكي الرخيص تجاوزت الحدود التي تبدل شكلها بالكامل ووتبدلت مكانتها في المجتمع الدولي.
ونمى الناتج الوطني في هذه السنوات بمعدل 3.5 مرات، وبحسابه على مستوى الفرد من السكان فقد كان بمعدل 2.5 مرة، ووسطي الدخل بمعدل 14 مرة. وزاد الإنفاق الحكومي في المجالات الإجتماعية والحماية الإجتماعية لأكثر من 5 مرات. وسنوياً وجه أكثر من 50 % من موازنة الدولة للمجالات الإجتماعية.
ووصل توفير المياه النقية للشرب للسكان اليوم إلى 82.5%، والغاز الطبيعي إلى 83.5%، وتمت خطوات جادة في مجال الإصلاحات الجذرية وتطوير الخدمات الصحية والقضاء أو الإقلال عملياً من الأمراض السارية الخطيرة.
وانخفض مستوى وفيات الأمهات بنحو أكثر من 2 مرة، ووفيات الأطفال بنحو 3 مرات. وزاد وسطي أعمار الناس خلال تلك الفترة من 67 عاماً إلى 73 عاماً، وبين النساء إلى 75 عاماً. واليوم 48% من كل المشتغلين في البلاد هم من النساء.
وبغض النظر عن التأثيرات الجدية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية كانت أوزبكستان من بين الدول القلائل في العالم التي حافظت على استقرار المؤشرات المرتفعة لنموها الإقتصادي وتعمل فيها وبشكل مضمون النظم المالية والمصرفية.
وخلال عامي 2008 و2009 بلغت حركة النمو الإقتصادي 9 و8.1%، وخلال العام الجاري من المنتظر أن تكون بمستوى 8.5%، والديون الخارجية للدولة لم تزد عن 10% من الناتج الوطني.
وكان أساس هذه المنجزات نموذجنا الخاص للديمقراطية الذي اتخذناه خلال سنوات إستقلالنا، والانتقال إلى السوق الحر للإقتصاد بتوجهات إجتماعية، الذي يعتمد على مبادئ تخليص الإقتصاد من الأيديولوجية وبأفضليات على السياسة، وإلقاء دور المصلح الرئيسي على الدولة، وتوفير سيادة القانون، واتباع سياسة إجتماعية قوية، وتحقيق الإصلاحات عل مراحل وبالتتابع.
ونحن بشكل كبير امتنعنا عن طرق علاج الصدمة التي فرضت علينا، و امتنعنا عن المقدمات الخادعة التي تقول أن السوق الإقتصادية تنظم نفسها، واخترنا المداخل الطبيعية في عملية الإنتقال من النظام الفرض الإداري إلى نظام إدارة السوق، التي تعمل على مبدأ: "إن لم تبن البيت الجديد، لا تهدم البيت القديم"، و"الإصلاحات ليست للإصلاحات بل من أجل الإنسان" أيضاً.
وأريد خاصة أن أشير إلى الدور الكبير والأهمية التي أخذتها كل هذه التغييرات في عمليات التعليم وزيادة نمو مستوى الوعي عند الناس.
وفي كل عام تبلغت نفقات التعليم في أوزبكستان من 10 إلى 12% من الناتج الوطني، في الوقت الذي أظهرت فيه الخبرة العالمية أن هذه المؤشرات لا تتجاوز الـ 3 و5%. وطبق في البلاد برنامجاً وطنياً فريداً لإعداد الكوادر، ومن عام 2009 طبق التعليم الإجباري لمدة 12 عاماً.
والآفاق الهامة لمستقبل أوزبكستان تؤدي إلى دخولها في عداد الدول المتطورة في العالم، والإستمرار في تعميق إصلاحات المجالات السياسية، والإقتصادية وترشيد البلاد، وتشكيل المجتمع المدني، ومن خلال هذه الأسس توفير مستوى حياة لائقة لمواطنيها.
وفي الختام أريد أن أشير إلى أن أوزبكستان تدعم مقترحات الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان غي مون الواردة في خطة العمل العالمية لتسريع التقدم من أجل الوصول إلى أهداف التطور في الألفية الحالية، وأننا ننوي المشاركة النشيطة فعلياً في تنفيذها.
شكراً لإهتمامكم.
ترجمها إلى اللغة العربية أ.د. محمد البخاري بروفيسور كلية الصحافة بالجامعة القومية الأوزبكية.
السيد الرئيس المحترم !
الأصدقاء المحترمين !
من أهم العوائق التي أشار إليها بيان التنمية خلال الألف سنة الحالية، مكافحة الفقر، والعوز، والجوع، وإزدياد وفيات الأمهات والأطفال، والأوبئة وغيرها من مشاكل الإنسانية المستمرة على الأرض من حروب وصراعات مستمرة بين الدول، والجماعات العرقية، والأديان.
وما يثبت ذلك حقيقة أننا نرى على مثال أفغانستان التي عانت الكثير، لأكثر من 30 سنة لم تنقطع فيها العمليات الحربية.
ومن الواضح اليوم حقيقة أنه لا حلول عسكرية للمشكلة الأفغانستانية، وأن الإستراتيجية التي تتبعها قوى التحالف لإحلال السلام في أفغانستان لم تعطي النتائج المنتظرة منها. وفي كل يوم تستمر الحرب فيها تتعقد الأوضاع المأساوية للشعب الأفغانستاني ويصعب أكثر حل المشاكل ذاتها.
وفي أوضاع الطوارئ المتشكلة يتمتع بأهمية خاصة البحث عن طرق بديلة للتوصل إلى السلام والإستقرار في أفغانستان. ومن بينها برأيينا، يمكن أن يلعب دوراً هاماً إحداث تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة مجموعة الإتصال 6+3، التي اقترحتها أوزبكستان في عام 2008.
وفكرة وجوهر مبادارتنا إنطلقت من أن مشاكل بلادهم يجب أن يحلها الأفغان أنفسهم بمساعدة الدول إنطلاقاً من مصالحها الأمنية، واهتماماتها بإنهاء الحرب وتحقيق المستقبل المستقر لأفغانستان.
ومن بين تلك الدول قبل كل شيئ من الضروري أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية، والناتو، وروسيا، الذين لهم علاقات محددة بمهمة السلام، وكذلك الدول المجاورة مباشرة لأفغانستان.
والهدف الهام من مجموعة الإتصال 6+3 هو إقتراح برنامج لوقف العمليات العسكرية في أفغانستان على الأطراف المتصارعة، وإيجاد حلول مقبولة للمشاكل الرئيسية وللمشاكل والتناقضات المشتركة في البلاد، تستطيع توفير الأمن وتقدم الضمانات الضرورية.
والمحادثات برأيينا يجب أن تجري بين كل القوى المتصارعة الرئيسية.
وفي هذا يجب أن ينصب الإهتمام بالدرجة الأولى في البرنامج على تقديم المساعدات الإقتصادية، وتنفيذ مشاريع إجتماعية، وفي البنية التحتية، والإنسانية، وحل مشاكل توفير فرص العمل للسكان، والمشاكل الحادة كمكافحة الفقر، والعوز، وانعدام العدالة. ومن الضروري الاحترام الكامل للتقاليد والعادات والقيم الدينية الإسلامية التي تراكمت عبر القرون ويتمسك بها الشعب الأفغانستاني.
وللوصول إلى الأهداف الموضوعة يمكن أن تسهم بها قوات التحالف من أجل السلام والمتواجدة حالياً في أفغانستان.
والتهديدات الجدية التي تزعزع الأوضاع في منطقة آسيا المركزية تحملها الأحداث التراجيدية التي جرت في يونيه/حزيران عام 2010 في قرغيزستان.
واقصاء الرئيس عن السلطة في أبريل/نيسان من العام الجاري وهو الذي قدم الحجج ضد نفسه وكانت سبباً في تأزم الأوضاع والصراعات، وإحداث فراغ في السلطة الشرعية في البلاد، وكانت من أسباب إثارة الأحداث الدموية القاسية التي جرت في جنوب قرغيزستان على أرضية الصراعات الإثنية، وكان من نتيجتها مقتل المئات من الناس وإلحاق الأضرار بآلاف المواطنين المسالمين.
ولدينا اليوم الأساس الكامل لإعلان أن القرغيز أنفسهم والجالية الأوزبكية كثيرة العدد، اللذين يعيشون في جنوب الجمهورية كانوا رهينة لأفعال خطط لها بعمق وبشكل جيد من قبل قوة ثالثة.
والهدف من تلك الأفعال كان ليس إثارة الفوضى وتأزيم الأوضاع وإثارة الفوضى في البلاد فقط، بل والإتجاه لأهداف بعيدة بهدف جر أوزبكستان إلى المذبحة القاسية وفي النهاية تحويل الصراع الإثني إلى صراع بين الدولتين الجارتين قرغيزستان وأوزبكستان.
وفي هذه الأوضاع الصعبة جداً والمتفجرة كان لا بد من عدم السماح بتمرير السيناريو المعد لتطور الأحداث، وشكل مشكلة ثقيلة بالنسبة لنا، استقبال على أراضينا أكثر من مائة ألف لاجئ، أطفال، ونساء، وكبار في السن، وإيوائهم، وتوفير كل الضروريات لهم، وتحمل الضغوط القوية والكبيرة والكثير من الموارد، من أجل أن لا نسمح بزيادة الأوضاع القاسية للسكان، والحفاظ على الهدوء في المناطق الحدوية، وتجاوز أية إمكانية لتفجر الغضب والتطرف الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
والعقل فقط، وفهم الحقيقة البسيطة، بأنه على هذه الأرض عبر آلاف السنين والقرون العديدة عاش جنباً إلى جنب الأوزبك والقرغيز وسيعيش أولادهم وأحفادهم معاً لقرون طويلة، وكلها أعطتنا وأعطت شعبنا القوة من أجل أن نمنع هذه المأساة من أن تتحول إلى مصدر للصراع في آسيا المركزية.
ومن دون شك أن القرغيز يحتاجون اليوم لتقديم المساعدات الإنسانية والدعم من قبل الجيران والمجتمع الدولي.
ولكن المهمة الأهم هي إجراء تحقيقات دولية مستقلة حول أعمال التخريب، والقتل والإغتصاب التي جرت ما بين الـ 11 و14 من يونيه/ حزيران في جنوب قرغيزستان من أجل تقديم كل المسؤولين عنها من مخططين، ومنظمين، ومنفذين لهذه الأفعال الحاقدة والدامية إلى المحاكمة.
وأنا مقتنع من أن إجراء تحقيقات دولية موضوعية ومستقلة ستمنع أية مداخلات فردية أحادية الجانب، ويمكن للمواقف المبدئية الثابتة للمجتمع الدولي أن تفتح الطريق نحو تحقيق المصالحة والإتفاق بين القرغيز والأقلية الأوزبكية في جنوب قرغيزستان. وأي تنازل عن هذه المواقف يمكن أن تؤدي إلى تكرار الأحداث المأساوية التي هي مصدر خطر كبير يهدد الأوضاع المتفاقمة في جنوب قرغيزستان.
وفي هذا المجال لنا الحق أن ننتظر من منظمة الأمم المتحدة كل المساعدة لإجراء تحقيقات دولية مستقلة حول الأحداث المأساوية، تسمح بمنع إمكانية تسخين الأوضاع في قرغيزستان المجاورة.
وأهمية بالغة تتمتع بها قضايا حماية البيئة والمحافظة على الأوساط المحيطة من أجل الوصول إلى الأهداف الموضوعة في بيان التنمية خلال الألف سنة الحالية، وخاصة في ظروف التبدلات الطبيعية المعاصرة والصعبة.
ومن الأمثلة المرئية عليها علاقتنا غير المسؤولة بالمشاكل البيئية التي تسببت بماساة الأورال، والتي عملياً تحولت خلال حياة جيل واحد من بحر كان فريداً بجماله إلى بحر تجف وتختفي مياهه.
وخلال أربعين عاماً تقلصت مساحة سطع ماء بحر الأورال لأكثر من 7 مرات، وقلت كمية مياهه بنحو 13 مرة، وزادت أملاحه لعشرات المرات، وحولت البحر إلى مكان لا يصلح لحياة الكائنات الحية، وبالنتيجة تشكل حاجز كامل اختفت معه عملياً كل أشكال الحياة.
وظهرت اليوم في المنطقة المحيطة ببحر الأورال مجموعة معقدة من المشاكل البيئية والإجتماعية والاقتصادية والسكانية، لها تأثيرات تشمل الكرة الأرضية، وهو ما اقتنع به الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان غي مون أثناء زيارته لمنطقة الأورال في هذا العام.
ونظراً لاستمرار جفاف بحر الأورال والكارثة الإنسانية المتشكلة حوله، نعتبر أن أهم مهمة اليوم هي الحفاظ على الحياة البيولوجية الطبيعية في المنطقة المحيطة بالأورال، والتخفيف من التأثيرات المميتة لأزمة الأورال على الوسط المحيط والأهم على حياة ونشاطات السكان الذين يعيشون فيها من مئات الآلاف وملايين الناس.
ومن الضروري أن نأخذ باعتبارنا أن منطقة الأورال تحصل على المياه من مجرى نهرين رئيسيين هما أموداريا، ووسرداريا وأن أي تخفيض في المياه الجارية فيهما يعتبر تناقض كبير وحتى من دونه التوازن البيئي ضعيف في منطقة واسعة.
وأي محاولة في هذه الظروف لتنفيذ مشاريع أعدت قبل 30 أو 40 سنة ماضية، في العهد السوفييتي، لبناء منشآت كهرومائية واسعة مع سدود ضخمة في أعالي هاذين النهرين، آخذين باعتبارنا أن المنطقة الجغرافية المعدة للبناء تتعرض لأخطار الزلازل التي تتراوح شدتها مابين الـ 8 والـ 9 درجات، وكل هذا يمكن أن يعرض المنطقة لخسائر بيئية، ويعتبر سبباً لأخطار كوارث تكنولوجية، من التي كنا شهوداً عليها خلال السنوات الأخيرة.
وكان من الأفضل كما اقترحت الكثير من المنظمات البيئية الدولية، والخبراء البارزين، من أجل الحصول من هذه الأنهار على تلك الكميات من الطاقة بناء محطات كهرومائية صغيرة أكثر إقتصاداً وأقل خطورة.
ومشاكل جفاف الأورال هي مشاكل لملايين الناس، الذين يعيشون في هذه المنطقة، والذين بأمل الحصول على المساعدة يتوجهون إلى منظمة هامة مثل منظمة الأمم المتحدة.
السيد الرئيس !
منتهزاً هذه الفرصة، أريد أن أعرض على المؤتمر باختصار شديد بعض الخطوات المحددة، التي قامت بها أوزبكستان على طريق الوصول إلى الأهداف الواردة في بيان الألفية الحالية.
فقد مضى نحو 19 عاماً منذ أن أصبحت جمهورية أوزبكستان دولة مستقلة، ودخلت في عداد الأعضاء كاملي الأهلية بمنظمة الأمم المتحدة.
وخلال سنوات التنمية المستقلة للجمهورية وبخطوات من جانب واحد، إقتصاد الخامات، والإحتكار المدمر لإنتاج القطن الخام، والإنتاج البسيط والبنية التحتية الإجتماعية، والطلب الإستهلاكي الرخيص تجاوزت الحدود التي تبدل شكلها بالكامل ووتبدلت مكانتها في المجتمع الدولي.
ونمى الناتج الوطني في هذه السنوات بمعدل 3.5 مرات، وبحسابه على مستوى الفرد من السكان فقد كان بمعدل 2.5 مرة، ووسطي الدخل بمعدل 14 مرة. وزاد الإنفاق الحكومي في المجالات الإجتماعية والحماية الإجتماعية لأكثر من 5 مرات. وسنوياً وجه أكثر من 50 % من موازنة الدولة للمجالات الإجتماعية.
ووصل توفير المياه النقية للشرب للسكان اليوم إلى 82.5%، والغاز الطبيعي إلى 83.5%، وتمت خطوات جادة في مجال الإصلاحات الجذرية وتطوير الخدمات الصحية والقضاء أو الإقلال عملياً من الأمراض السارية الخطيرة.
وانخفض مستوى وفيات الأمهات بنحو أكثر من 2 مرة، ووفيات الأطفال بنحو 3 مرات. وزاد وسطي أعمار الناس خلال تلك الفترة من 67 عاماً إلى 73 عاماً، وبين النساء إلى 75 عاماً. واليوم 48% من كل المشتغلين في البلاد هم من النساء.
وبغض النظر عن التأثيرات الجدية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية كانت أوزبكستان من بين الدول القلائل في العالم التي حافظت على استقرار المؤشرات المرتفعة لنموها الإقتصادي وتعمل فيها وبشكل مضمون النظم المالية والمصرفية.
وخلال عامي 2008 و2009 بلغت حركة النمو الإقتصادي 9 و8.1%، وخلال العام الجاري من المنتظر أن تكون بمستوى 8.5%، والديون الخارجية للدولة لم تزد عن 10% من الناتج الوطني.
وكان أساس هذه المنجزات نموذجنا الخاص للديمقراطية الذي اتخذناه خلال سنوات إستقلالنا، والانتقال إلى السوق الحر للإقتصاد بتوجهات إجتماعية، الذي يعتمد على مبادئ تخليص الإقتصاد من الأيديولوجية وبأفضليات على السياسة، وإلقاء دور المصلح الرئيسي على الدولة، وتوفير سيادة القانون، واتباع سياسة إجتماعية قوية، وتحقيق الإصلاحات عل مراحل وبالتتابع.
ونحن بشكل كبير امتنعنا عن طرق علاج الصدمة التي فرضت علينا، و امتنعنا عن المقدمات الخادعة التي تقول أن السوق الإقتصادية تنظم نفسها، واخترنا المداخل الطبيعية في عملية الإنتقال من النظام الفرض الإداري إلى نظام إدارة السوق، التي تعمل على مبدأ: "إن لم تبن البيت الجديد، لا تهدم البيت القديم"، و"الإصلاحات ليست للإصلاحات بل من أجل الإنسان" أيضاً.
وأريد خاصة أن أشير إلى الدور الكبير والأهمية التي أخذتها كل هذه التغييرات في عمليات التعليم وزيادة نمو مستوى الوعي عند الناس.
وفي كل عام تبلغت نفقات التعليم في أوزبكستان من 10 إلى 12% من الناتج الوطني، في الوقت الذي أظهرت فيه الخبرة العالمية أن هذه المؤشرات لا تتجاوز الـ 3 و5%. وطبق في البلاد برنامجاً وطنياً فريداً لإعداد الكوادر، ومن عام 2009 طبق التعليم الإجباري لمدة 12 عاماً.
والآفاق الهامة لمستقبل أوزبكستان تؤدي إلى دخولها في عداد الدول المتطورة في العالم، والإستمرار في تعميق إصلاحات المجالات السياسية، والإقتصادية وترشيد البلاد، وتشكيل المجتمع المدني، ومن خلال هذه الأسس توفير مستوى حياة لائقة لمواطنيها.
وفي الختام أريد أن أشير إلى أن أوزبكستان تدعم مقترحات الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان غي مون الواردة في خطة العمل العالمية لتسريع التقدم من أجل الوصول إلى أهداف التطور في الألفية الحالية، وأننا ننوي المشاركة النشيطة فعلياً في تنفيذها.
شكراً لإهتمامكم.
ترجمها إلى اللغة العربية أ.د. محمد البخاري بروفيسور كلية الصحافة بالجامعة القومية الأوزبكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق