تحت عنوان "رأي الوطن: سوريا .. عودة إلى لغة الماضي والتسول"
نشرت جريدة الوطن العمانية يوم
2/5/2015 تعليقاً جاء فيه:
يبدو أن القوى التي تحالفت مع الإرهاب وأدواته
لتدمير سوريا وإخراجها من جميع معادلات التوازن والصراع العربي ـ الإسرائيلي
ومعادلات التأثير، لا تزال مصرة على مواصلة رهانها في خوض هذه الحرب الإرهابية
الكونية المعلنة ضد الشعب السوري، والركون إلى هذا اللون من العمل غير الشرعي وغير
القانوني في تحقيق أي انتصار ـ ولو معنويًّا ـ يعطيها أوراق ضغط وقوة في الميدان
تسمح لها بصرفها في السياسة وحجز مقاعد لها على طاولة الحوار الذي يمهد له حاليًّا
ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، لتحفظ بذلك ماء وجهها في الوقت
ذاته، ولتظهر أمام العالم أنها أوفت بما زعمته وادعته من مساندة للشعب السوري.
لسنا بحاجة إلى قراءة الفنجان أو ضرب الودع أو
الخط على الرمل لمعرفة طالع أحداث المشهد في الأزمة السورية، وفك التداخل
والاختلاط للوصول إلى مقاربة نحو أبواب الحقيقة، فالالتواء والاستدارة في المواقف
دائمًا ما كانا علامتين دالتين على حالة الضيق والاختناق التي يشعر بها داعمو
الإرهاب ضد الشعب السوري قبل أدواتهم وعملائهم وخصوصًا بعد كل تقدُّم ينجزه الجيش
العربي السوري الذي لم يتوقف عن مواصلة دوره البطولي في الحفاظ على سوريا ووحدتها
وحماية شعبها.
ومع إطلاق دي ميستورا مساعيه الممهدة لمؤتمر
جنيف الثالث لوحظ تصدر الحملات الإرهابية المسعورة المشهد السوري وعمليات نقل
الموت المجاني إلى الشعب السوري في كل من إدلب وجسر الشغور وحلب ودرعا وحماة
والقنيطرة والتي تقودها غرف العمليات المشتركة التابعة لمعسكر التآمر والعدوان،
حيث وبإيعاز للمجموعات الإرهابية المسلحة ذات الكثافة الشيشانية وبقيادة ما يسمى
“جبهة النصرة” ـ المصنفة بقرار أممي بأنها تنظيم إرهابي ـ وبدعم ضخم وتخطيط كبير،
ارتكبت هذه المجموعات الإرهابية جرائم حرب بحق الأُسر والمدنيين السوريين في إدلب
وجسر الشغور كما باقي المحافظات والمدن السورية الأخرى التي دنستها بإرهابها،
وقضَّت مضاجع الوادعين فيها، ونغَّصت عليهم مظاهر عيشهم، ونهبت قُوتَ يومهم، ما
دفعهم إلى مقاومة الموت البطيء إلى أكل الحشائش والأعشاب وفق شهادات الناجين.
ومع تعاظم شرر هذا الإرهاب، وامتداد رقعة
الموت المجاني المنقول إلى الشعب السوري، بدت واضحة حالة الانتشاء التي ظهر عليها
المتبنون للإرهاب وداعموه، وبيادق العمالة والمتاجرون بحقوق الشعب السوري، من خلال
تصريحاتهم وتغير نبرتها أو محاولة استجرار أساليب التسول والتملق والتزلف، فقد كان
لافتًا تبدل نبرة موقف جون كيري وزير الخارجية الأميركي حول الرئيس السوري بشار
الأسد، حيث اعتبر أن الأسد “ليس شريكًا في محاربة الإرهاب” في تبدل واضح والتفاف
سريع على ما صرح به سابقًا بأن “الأسد جزء من الحل”، فيما حاولت بيادق العمالة في
ما يسمى بـ”معارضة الخارج” النبش في أوراق دفاترها القديمة، فلم تجد سوى ما تجيده
ولُقِّنت إياه وهو مصطلحات “التدخل العسكري الخارجي المباشر” و”فرض مناطق حظر
طيران، أو مناطق عازلة وآمنة”. وواضح أن هذا التبدل وهذا التسول معًا اللذين
يعبران عن إفلاس كبير والقبض على سواطير الإرهاب حتى النهاية، أنهما جاءا بناءً
على التقدم “المؤقت” في إدلب وريفها بما فيه مدينة جسر الشغور، حيث يتوهم معشر
المتآمرين والعملاء وتجار الحروب والمتاجرون بحقوق الشعب السوري أن هذا التطور
الميداني “المؤقت” في إدلب سيسمح لهم بالانتقال إلى ما كانت الظروف لم تسمح لهم به
من قبل، وسيعطيهم أوراقًا تفاوضية قوية تجعلهم يتربعون على عرش طاولة مؤتمر جنيف
الثالث.
إن إعمال الإرهاب ونقل الموت إلى الشعب السوري
والمتاجرة بحقوقه، لا يناقض ما يعلنه معشر المتآمرين على سوريا ويفضح نفاقهم على
الملأ فحسب، وإنما سيغدو جلوسهم على طاولة جنيف الثالث إرهابًا وعدوانًا
واستفزازًا إضافيًّا لمشاعر الشعب السوري، وإمعانًا في إيذائه، وبالتالي لا يمثلون
إلا أنفسهم، لأنهم لو كانوا صادقين فعلًا فيما يقولونه لمنعوا إرهابهم عن الشعب
السوري، ولاتجهوا إلى طاولة الحوار منذ أول ساعة، وبذلك يكونون قد ضمنوا دعم هذا الشعب
الصابر المثابر لهم أو على الأقل بعض المكونات السورية التي تقول إن لديها مطالب،
إذ لا يعقل أن يجلس أمثال هؤلاء على طاولة حوار باسم الشعب السوري وأياديهم ملطخة
بدماء الشعب السوري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق