طشقند 2/6/2018 أعده
للنشر أ.د. محمد البخاري:
تحت عنوان "رأي
الوطن: سوريا.. تحرير الأرض حق سيادي وقانوني" نشرت جريدة الوطن العمانية
يوم 2/6/2018 تعليقاً جاء فيه:
التأكيد السوري على
استكمال تحرير الأرض من الإرهاب ومن مخططات التقسيم ومشاريع التدمير والتخريب لا
يعبِّر فقط عن أن الدولة السورية (شعبًا وجيشًا وحكومةً) متمسكة بمواقفها
وخياراتها القومية، ومستعدة لمزيد من التضحيات نحو تحقيق هذا الهدف السيادي والحق
القانوني، وإنما يعني في جانبه الآخر هو إرسال رسالة حازمة وصارمة إلى ذوي مخطط
تدمير سوريا واستهدافها بأن القضايا القومية والثوابت الوطنية والمسائل الأمنية لا
تخضع للمساومات والابتزازات، أو بتنازل هنا مقابل تنازل هناك، ومن ضحى بالغالي
والنفيس من أجل مبادئه ومواقفه وثوابته وقضاياه القومية والوطنية والأمنية لن
يتنازل عن ما حققه من إنجازات ومكتسبات على هذا الصعيد، بل هو مستعد أن يضاعف
تضحياته حتى آخر قطرة دم.
الرسالة السورية التي
جاءت على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في المقابلة التي أجرتها معه قناة “روسيا
اليوم” جاءت صريحة ودون مواربة، وتؤكد العزم السوري على استكمال تطهير ما تبقى من
الأراضي السورية التي لا تزال مصابة بداء الإرهاب، والتي حولتها التنظيمات
الإرهابية إلى بؤر للفساد والقتل والنهب والتدمير والتخريب، وكذلك المناطق الواقعة
تحت سيطرة الشراكة بين تنظيم “داعش” والميليشيات الانفصالية المسماة بـ”قسد” والتي
تراهن عليها الولايات المتحدة في تحقيق مخططها التدميري والتخريبي ضد سوريا والذي
بدت تفاصيله واضحة منذ أول طلقة غادرة وجهت إلى صدر الدولة السورية، وإلى جيشها
العربي الباسل، وإلى مراكزها الأمنية، والقواعد والمطارات العسكرية وأنظمة
الرادار، وكذلك من خلال استباحة دماء الشعب السوري بجلب إرهابيي العالم وتكفيرييه
ومرتزقته، وتدريبهم على القتل والإرهاب والتدمير والتخريب وتسليحهم، وتزويدهم بكل
ما يحتاجون لمواصلة هذا المخطط الإرهابي التكفيري التدميري.
التحذير الأميركي
الذي جاء ردًّا على الرسالة السورية الواضحة والصارمة والحازمة من أي عمل عسكري
للدولة السورية تمارس به حقها السيادي والقانوني والشرعي في المناطق الخاضعة
للسيطرة المشتركة بين “داعش” و”قسد” والمناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” وحدها، يؤكد
النيات الأميركية الخبيثة المبيتة ضد سوريا، والعزم على الاستمرار في مخطط تقسيمها
وتدميرها، علاوة على أن المخطط ذاته هو أميركي ـ صهيوني، وما عدا الأميركي
والصهيوني ليس سوى أدوات خادمة، لها وظيفة التنفيذ ليس إلا.
من الواضح أن الصهيو
ـ أميركي باتا على يقين أنه مخططهما يقترب من نهايته، وأصبح في نزعه الأخير،
خصوصًا بعد تمكن الجيش العربي السوري من تأمين العاصمة دمشق، وتطهير محيطها في
الغوطة وحمص والحجر الأسود وجوبر ومخيم اليرموك، مع اليقين التام بأن الصهيو ـ
أميركي أن قناعتهما بانهيار مخططهما وانكسار مشروعهما بدأت منذ تطهير مدينة حلب
واستعادتها إلى حضن الوطن السوري الأم. لذلك وأمام هذا الراهن المستجد في حرب
الدولة السورية على الإرهاب ومواجهة مخطط تدميرها وتقسيمها، لم يبقَ أمام من يراهن
عليهم الصهيو ـ أميركي في إنجاح مخططهما أن يستلهموا الفرصة وينتهزوا العرض الذي
جاء في طي الرسالة السورية وعلى لسان الرئيس السوري، فكما أكدنا أن قضايا الأمن
القومي والثوابت الوطنية والحقوق السيادية والقانونية والشرعية لا مساومة فيها،
فضلًا عن أنها الفرصة الملائمة لهم للهروب من عار لن يمحى.
وتحت عنوان "ألغاز
الاستراتيجية الأميركية في سوريا" نشرت في نفس العدد مقالة كتبها: د.
محمد الدعمي، وجاء فيها:
ربما كان هذا التذبذب
والارتجالية وراء الطرائق “اللعوب” التي اعتمدها الرئيس الكوري الشمالي في سياق
متاهة من نوع آخر: يوجد اجتماع مع ترامب الشهر القادم، ولا يوجد اجتماع من هذا
النوع في سنغافورة! وربما كان هذا التذبذب الأميركي في سوريا وراء التشبث بمواقف
متشددة حيال البرنامج النووي الإيراني عبر الانسحاب منه وعبر التصعيد اللفظي بين
إدارة ترامب، من ناحية، وحكومة الرئيس روحاني، من الناحية المقابلة.
ينتقد المراقبون
الحاذقون في الولايات المتحدة الرئيس دونالد ترامب بسبب عدم تشكيل والتزام
استراتيجية أميركية ذات شخصية خاصة بإدارته تجاه الأحداث في الشقيقة سوريا، بدليل
اعتماد مواقف متذبذبة تعكس حيرة واضحة المعالم عمّا ينبغي لواشنطن أن تفعله في
سوريا، فتارة تعلن واشنطن بأنها لا ترغب في التورط بالحرب الأهلية الدائرة هناك
منذ سنوات، وتارة تنتقد الرئيس الأسد فتوجه لحكومته الهجمات تلو الهجمات وعلى نحو
يعكس سياسة “ارتجالية” لا يبدو بأنها ترتكن إلى استراتيجية واضحة المعالم.
ربما كان هذا التذبذب
والارتجالية وراء الطرائق “اللعوب” التي اعتمدها الرئيس الكوري الشمالي في سياق
متاهة من نوع آخر: يوجد اجتماع مع ترامب الشهر القادم، ولا يوجد اجتماع من هذا
النوع في سنغافورة! وربما كان هذا التذبذب الأميركي في سوريا وراء التشبث بمواقف
متشددة حيال البرنامج النووي الإيراني عبر الانسحاب منه وعبر التصعيد اللفظي بين
إدارة ترامب، من ناحية، وحكومة الرئيس روحاني، من الناحية المقابلة. وبالنسبة
لسوريا، ثانية، تعلن إدارة الرئيس ترامب بأنها لا تنوي الإقدام على محاولة إسقاط
نظام الرئيس الأسد، ولكنها تكرر عدم رغبتها بعقد محادثات مباشرة مع حكومته، الأمر
الذي يزيد من تعقيد إمكانيات التعامل مع الرئيس الكوري الشمالي، خاصة بعد تنويه
نائب الرئيس الأميركي “بنس”، إلى إمكانية تتبع خطى ما فعلته واشنطن مع الرئيس
الليبي السابق معمر القذافي. هذا، بكل دقة، ما قاد لأن يفقد الرئيس الكوري أعصابه،
باعتبار أنه تهديد مبطن بإسقاط نظامه، وهو نظام الأسرة التي ينتمي إليها، وتتوارثه
منذ بداية عهدها مع جده “كيم إيل سونج” قبل عدة عقود.
تشير جميع هذه
الارتجاليات إلى ما نؤكد عليه تكرارا عن عدم وجود استراتيجية أميركية، حيال الوضع
في سوريا: فمن ناحية أولى، تريد هذه الإدارة الأميركية لجم دور إيران، كحليف
لسوريا، كما أنها ترمي كذلك إلى بتر دور حزب الله اللبناني هناك، وهي (كما يبدو)
تأثيرات ضغوط إسرائيلية على إدارة الرئيس ترامب.
إذا ما قررت الإدارة
الأميركية عدم إسقاط نظام الرئيس الأسد، فإنها تقرر ضمنا بقاء الدور الإيراني في
الحرب الأهلية هناك، كما أنها تقرر (ضمنا كذلك) تواصل فعل حزب الله هناك، فالقوتان
الإيرانية والحزبية أعلاه لم تكن لتوجد هناك لولا بقاء حكم نظام الرئيس بشار
الأسد.
هذا الخليط العجيب من سياسات إدارة الرئيس ترامب في سوريا إنما يشكل معاكسا
موضوعيا مبهرا مقارنة بالاستراتيجية التي تعتمدها موسكو في سوريا، الأمر الذي يبرر
مساعدة الأخيرة على بقاء الأسد رئيسا وإخفاق واشنطن على هز أركان نظامه من أجل طرد
إيران والتخلص من تهديد حزب الله لإسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق