السبت، 26 مارس 2016

الإعلام الجديد.. مدخل للإرهاب ونشر الفتن والشائعات 1,2 مليار أسرى وسائل التواصل


تحت عنوان "الإعلام الجديد.. مدخل للإرهاب ونشر الفتن والشائعات 1,2  مليار أسرى وسائل التواصل" نشرت جريدة "الإتحاد" يوم 10/3/2015 تحقيقاً كتبته: ثناء عبد العظيم، وجاء فيه:


مع التطور التكنولوجي والتقنيات الجديدة ظهر الإعلام الجديد مع الأقمار الاصطناعية، وتقنيات البث المباشر والإنترنت والحاسبات الآلية، مما جعل الأمور سهلة في التأثير على المتلقي بما يبث على شاشات الفضائيات، وعبر أجهزة المحمول «الهواتف» والآيباد وغيرها من وسائل الاتصالات. طفرة كبيرة جعلت من «لإعلام الجديد» نافذة سريعة لتداول الأخبار والمعلومات.. جمعت العالم في قرية كونية صغيرة يتلاقى أفرادها عبر شبكات التواصل الاجتماعي « فيسبوك وتويتر والانستجرام» ليتبادلوا الأخبار والمعلومات والفيديوهات المصورة. لقد طويت صفحة زمن بأكمله.. وبدأنا صفحة جديدة مع إعلام جديد، أصبح جزءا من حياتنا اليومية، وذكرت شبكة فيسبوك العالمية أن هناك أكثر من 1.2 مليار نسمة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل في نقل الأحداث والنشر والإعلام والتسويق.
كما أن دراسة أخرى صادرة عن برنامج الحوكمة والابتكار في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، ذكرت أن قاعدة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في 22 دولة عربية هي الأكثر شعبية في العالم الافتراضي حتى تجاوزت 81.3 مليون مستخدم يتواصلون وينشرون الأخبار بالمحتوى المكتوب أو بالصورة أو الفيديوهات يتبادلون كل ما يدور في حياتهم الشخصية بسهولة، بالإضافة إلى إنشاء المدونات وإجراء المحادثات الفورية التي تتيح التواصل مع الأصدقاء والزملاء وتقوي الروابط بين أعضائها في عالم افتراضي. إعلام جديد.. استغلته أيضا «المنظمات الإرهابية» لتطل علينا بوجهها الأسود وبأفعالها الإجرامية لتستهدف شباب العالم ببث سمومها المتطرفة وإغراءاتها الهدامة، وما الإرهابي «محمد أموازي» سفاح داعش، وقاطع الرقاب الملقب بالمجاهد «جون» الذي ظهر بفيديوهات الذبح وهو يرتدى ثيابه السوداء شاهراً خنجره مرتدياً ساعته ذات الماركة العالمية، مهدداً متوعداً ضحاياه وهم إلى جانبه، ما هو إلا شاب عادي كان يحلم بحياة آمنة يحقق من خلالها طموحه وآماله، لكن الأفكار الإرهابية المتطرفة استحوذت على كيانه، فانضم إلى تلك المنظمات وأصبح قاتلاً تبحث عنه يد العدالة في كل مكان.
«الاتحاد» التقت مع متخصصين في مجال الإعلام لمعرفة أهمية الإعلام الجديد بالنسبة للشباب، وكيف أصبح مدخلاً للإرهاب إلى بيوتنا وعقول شبابنا؟ وماذا على الحكومات أن تفعل لتتصدى لتلك التيارات المتطرفة والأفكار الظلامية لحماية شبابنا؟ مجتمع افتراضي
قالت ريتا معلوف «إعلامية»: «إن شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر مجتمعا افتراضيا ومكانا خصبا لنشر الشائعات وإثارة الفتن، وبالتالي أصبح مصدر قلق وخوف على شبابنا، بعد أن دخلت جهات إرهابية تديره باحتراف في ظل انعدام المصدر الإعلامي الموثوق به»، مضيفة: «إن المتلقي قد يصدق ما يقرأ من أخبار أويشاهد من فيديوهات، وعلى الجهات الحكومية مواكبة التطورات وعلى الإعلاميين والسياسيين مع تعقيد المشهد الإعلامي واختلاط الحابل بالنابل متابعة هذه الصفحات والتفاعل معها لأن الرأي العام لم يعد متعلقاً بجلسات خاصة وأحاديث متبادلة من مسؤولين كونه مجتمعا افتراضيا بات يشكل ركيزة أساسية لحياة حقيقية.
إعلام جديد
وتقول سهير القيسي «إعلامية»: إن الإعلام الجديد أصبح أداة من أدوات المنظمات الإرهابية في نشر الفتن والأفكار المتطرفة لسهولة تداوله، وهذا يعني أنه بات يستخدم ضمن أخطر الحروب على الإطلاق باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة، مما يجعلنا نصدق ما يدور، وعلينا مواجهته بالأساليب الإعلامية المماثلة، فلم تعد الحرب على الإرهاب تقليدية كما كان في السابق، ولكن أصبح الإعلام جزءا كبيراً منها». مضيفة: إن «توعية الشباب من الأفكار السلبية تأتي من خلال بث معلومات صحيحة والاعتماد على قنوات الاتصال يثق المتلقي في أخبارها، فكثير من القنوات التلفزيونية الناجحة تلجأ إلى ابتكارات حديثة في الإعلام وفتح حسابات على فيسبوك وتويتر لجذب المتابعين فليس كل الناس لديها القدرة على الجلوس أمام التلفاز لفترات طويلة».
رسائل مجهولة
بينما أكدت راغدة درغام «مديرة مكتب صحيفة الحياة في نيويورك» أن غالبية الرسائل التي تأتي على شبكات التواصل الاجتماعي من جهات مجهولة الهوية وغالبا ما تكون من أطراف لديها أجندات خفية يريدون تحقيقها في الشرق الأوسط وبث رسائل هي في الغالب فيديوهات دموية لمقاتلين يرتدون الملابس السوداء المفخخة حاملين أسلحتهم المتطورة يأخذون النساء سبايا ويتقاسمونها، وهذه رسائل تستهدف من ورائها منظمات إرهابية جمهوراً وفئات من الشباب بعينها لإقناعهم بأن الإرهابي قائد ناجح فيما يقوم به فينجذب الشباب إليهم».
انتشار سريع شبكات التواصل الاجتماعي لها أهمية بالغة
بحسب الدكتورة آمال حجازي «خبيرة تنمية بشرية» لافتة إلى أن الإعلام الجديد أعاد تشكيل خارطة العمل الاتصالي في المجتمعات المعاصرة بما يحمله من خصائص عالمية في سرعة الانتشار والتفاعل وتعدد الوسائط وقلة التكاليف».
مضيفة: «إن شبكات التواصل الاجتماعي انعكست بصورة كبيرة على حرية النشر والتعبير، وعلى الفكر الديموقراطي وحقوق الإنسان وغيرها، وتعمل على تغيير المفاهيم السياسية والاجتماعية والثقافية»، لافتة «إلى أن الدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب جعل الحكومات والمؤسسات بمختلف أنواعها وألوانها تهتم بها، حتى أصبح من السهل خلق ثقافة التواصل بين المسؤولين والجمهور وجعلها ضرورة وطنية تمكن الجمهور من معرفة المعلومات بشفافية وصدق، ويرفع مستوى الثقة بين الجمهور والحكومة ويجعلها بمثابة حوائط واقية للتعامل مع الانتشار السريع للأخبار المغلوطة والشائعات التي يتم تداولها، والتي من شأنها أن تصبح عاملاً مساعداً على مؤسسة الجهل والتطرف بكل أشكاله.
وحتى يكون الإعلام الجديد في خدمة دولة المؤسسات والمواطنة، قالت الدكتورة آمال حجازي: «إن شبكات التواصل الاجتماعي تحمل الكثير من الخصائص ما يجعلها في خدمة دولة المؤسسات والمواطنة والقانون من أجل تحقيق التنمية والمساهمة في خلق ثقافة التربية وحقوق الإنسان وبناء السلم الاجتماعي وإحداث تغييرات جوهرية في النظام الاجتماعي والثقافي والبنية الاقتصادية وتقديم تصورات حديثة للعمل السياسي». مشيراً إلى أن «توظيف الحكومة لشبكات التواصل الاجتماعي في كافة مؤسسات الدولة بشكل مخطط ومدروس يهدف إلى تسهيل تقديم الخدمات للمواطنين والتفاعل معهم ومعرفة شكواهم وملاحظاتهم حتى لا تترك مجالا للشائعات.
التأثير على السلوك وحول تأثير الإعلام الجديد على سلوك الشباب
قال الدكتور سعيد حامد «أستاذ الإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا فرع الفجيرة»: إن ما يبث في الإعلام ليس بالضرورة إيجابياً فقد يدس السم في العسل، فهناك المسلسلات التي تظهر على أنها قصة رومانسية واجتماعية، وهي في الحقيقة ترسل إشارات للشباب والفتيات كجمهور مستهدف لتغيير سلوكه وهدم قيمه التربوية والأخلاقية.
مضيفاً: «إن الإعلام الجديد يغزو عقول الشباب بأفكار جديدة موجهة ومعدة خصيصاً إلى الشباب تؤثر على سلوكهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم الشرقية الأصيلة في الملبس والمأكل وتسريحة الشعر من خلال وضع خطة طويلة المدى لاختراق المنظومة القيمية للمجتمع قد تصل إلى عشرات السنين ليجنى بعدها ثمار الفكر الموجه». متابعاً: «إن احترام الوالدين كقيمة أخلاقية بدأ الإعلام الجديد اختراقها فبدلاً من أن يقبل الابن يد والديه عليه أن يعبر بأي طريقة أخرى، وبذلك كسروا احترام الصغير للكبير وحنو الكبير على الصغير وعدم التراحم والتلاحم حتى من خلال جمع شمل الأسرة على مائدة واحدة، كما أن الشعارات التي ينادي بها الشباب من حرية التعبير والديمقراطية، غرست من خلال برامج موجهة يتبادل فيها الشباب الأفكار بينهم عبر فيسبوك وتويتر وكل مواقع التواصل الاجتماعي».
غياب القدرة
وقال: «إن غياب القدوة على الساحة الإعلامية وحملات التشكيك في القرآن والسنة من بعض الإعلاميين والخوض في أمور ليس من اختصاصهم هم مدعومون بأجندات مدروسة لإحداث عدم التوازن بعقلية الشباب المراهق فتتسلل الأفكار المتطرفة إلى عقولهم ويصبحوا فريسة سهلة للمنظمات الإرهابية».
مضيفاً: «إن ما يبثه الإرهابيون من مقاطع فيديوهات تبهر المتلقي في الإخراج والتصوير بتقنيات عالية، كما في حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وذبح الضحايا المصريين ونحرهم وقطع رقابهم وكأنها أفلام سينمائية، إضافة إلى ملابسهم السوداء والإكسسوارات والأسلحة عوامل لإقناع الشباب بأنهم مصدر قوة، معتمدين على أن اللقطة المصورة الواحدة في الإعلام تغني عن ألف كلمة، ويدركون أنها خير وسيلة للتأثير على الشباب».
وأكد الدكتور حامد «أن الجماعات الإرهابية تعتمد على دراسات نفسية وسيكيولوجية للشباب ودراسة حالاتهم الاجتماعية، ومخاطبة من يريد تحقيق أحلامه وطموحاته، فيتخيل أن ما يقوم به الإرهابي من قتل ودمار هي أعمال إنسانية، وجهاد، وتميز، وكثير من جرائم الشباب ارتكبت لتحقيق الشهرة والقيادة بين زملائه».
مشيراً إلى أن التفكك الأسري وغياب القدوة والواعظ الديني أدَّت إلى اتجاه بعض الشباب للتعامل مع الإرهابيين في الفكر والثقافة. منظمات إرهابية وعن الأسباب التي جعلت المنظمات الإرهابية تلجأ لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتستفيد منها كواجهة إعلامية.
قال الدكتور خالد الخاجة «عميد كلية الإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا»: إن سرعة تداول الأخبار وسهولة التخلص من حسابات فيسبوك وتويتر وصعوبة وصول الجهات الأمنية إلى المصدر، أسباب جعلت المنظمات الإرهابية تتخذها واجهة إعلامية لتوصيل رسائلهم.
الشباب يرفض العنف والإرهاب
أكد الدكتور علي الحرجان أن على المسؤولين في وسائل الإعلام أن يعرضوا بدائل مناسبة لعقل الشباب الوجداني وذهنيته بعد أن أصبح القتل بالمئات والآلاف في الوطن العربي، لافتاً إلى أن غالبية الشباب في العالم يرفض أعمال العنف وأن النسبة المغرر بها استغل حاجتهم المادية وحالة الفقر والبؤس والقهر الذي يعيشونه في بلدانهم، وهو ما يدفعهم لأن ينضموا للجماعات التكفيرية والفكر المتشدد المصحوب بالعنف وسفك الدماء، حتى أن بعض الشباب الأوروبي الذي يعيش نفس الظروف القاسية والبؤس وعدم العدالة هو ما يدفعهم إلى الانضمام مع تلك المنظمات الإرهابية المضللة فيتركوا بلدانهم وينضموا لهذه الأفكار المتطرفة.
تبني العقول والمواهب الشابة
أكد الدكتور خالد الخاجة، عميد كلية الإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أن «عدم تبني العقول والمواهب العلمية في مجتمعاتنا العربية جعل الطريق مفتوحاً أمام تلك الجماعات لنشر أفكارها المسمومة»، مشيراً إلى أن «فكر الفرد أصبح خاوياً، فهو يبحث عن أشياء مسلية تبعده عن الحياة التي يعيشها وبخاصة في المجتمعات التي يعاني فيها الفرد من البطالة أو يشعر بالظلم والعنصرية أو يعاني من عدم تبني أفكاره الجادة فتستغل المنظمات الإرهابية معاناتهم وإقناعهم في أن الحل موجود في الانضمام إليهم، ولا نستثني المجتمعات العربية والغربية المرفهة، فالفرد فيها يبحث عن أشياء تافهة ليست علمية أو ثقافية».
ويقول الخاجة: «على الدولة القيام بحملات توعية للشباب بشكل دائم ومستمر على شبكات التواصل الاجتماعي، ومتابعة المنظمات والأفراد التي تحرض على العنف وترويج الشائعات ومعاقبتها لتكون عبرة لغيرها وعلى الحكومة ألا تتأخر في إظهار الحقيقة للشعب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا تدفع المتابعين إلى اللجوء لأخبار مغلوطه».
وسائل الاتصال الحديثة تسيطر على عقول الشباب والمراهقين!! حول التأثير النفسي على مشاهدة الفيديوهات الدموية التي تبثها مواقع إرهابية
يقول الدكتور علي الحرجان «استشاري أمراض نفسية»: إن وسائل الاتصال الحديثة من فيسبوك وتويتر والانستجرام المستخدمة من خلال المحمول، أصبحت المسيطرة على تنشئة وتوجيه عقول الشباب والمراهقين، وتكمن خطورتها في استغلال بعض الجهات لنشر ثقافة العنف والقتل والأفكار المتطرفة واستخداماتها كواجهات إعلامية تعمل على غسل عقول الشباب بفتاوى دينية مضللة، وبث مقاطع فيديوهات القتل وقطع الرقاب والتفجير لتحدث تهيئة نفسية وفكرية، والوصول إلى حالة القبول بثقافة العنف والقتل والتدمير، وهذا ما كُنَّا نشاهده سابقاً في أفلام العنف وألعاب الجيم»، مشيراً إلى أن «تكرار مشاهد العنف يجعل مشاعر الفرد تتبلد ويعتاد عليها، بعد أن تحدث له صدمة نفسية وتهز مشاعره في أول مشاهدة له، ثم بعدها يتساءل كم عدد الذين ماتوا في التفجير أو القتل وهل قطعت أجسادهم أشلاء، كل ذلك من خلال مقارنة بين الواقع وما شاهده على اليوتيوب والتلفزيونات، وممارسة ألعاب الجيم سابقاً».
وأكد الدكتور على الحرجان «أن صفحات الفيسبوك وتويتر استغلها الإرهاب ليكون بوابته الخلفية التي يتوارى خلفها لبث سمومه وأفكاره المدمرة واستباحة القتل وعرضها بمقاطع فيديو تحدث تهيئة نفسية وذهنية لما تقوم به أميركا وأعوانها ودواعشها من جرائم ضد شعوب المنطقة العربية».
شبكات التواصل أصبحت مصدر قلق وخوف في ظل انعدام المصدر الإعلامي الموثوق به ريتا معلوف.
الإعلام الجديد أصبح أداة من أدوات الإرهاب في نشر الأفكار المتطرفة سهير القيسى.
أعاد تشكيل خريطة العمل الاتصالي نتيجة سرعة الانتشار وتعدد الوسائط آمال حجازي.
*****
وفي هذا المجال لي رأي أيضاً، وآمل مطالعة دراساتي:
الظروف المعاصرة لقضايا الأمن الإعلامي في العالم العربي. نشرت بتاريخ 10/1/2011 على الرابط:
الأمن الإعلامي وهموم المجتمع المعلوماتي في عصر العولمة. نشرت بتاريخ 5/9/2009 على الرابطين:
العولمة والأمن الإعلامي الوطني. نشرت بتاريخ 7/8/2009 على الرابط:

أ.د. محمد البخاري:  دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور متقاعد

الثلاثاء، 22 مارس 2016

سيل إحتفالي في حديقة بابور في طشقند


تحت عنوان "سيل إحتفالي في حديقة الراحة" نشرت وكالة أنباء "UzA" يوم 22/3/2016 خبراً كتبته: نظاكات عثمانوفا، وجاء فيه:


في حديقة بابور للثقافة والراحة بالعاصمة جرت نشاطات روحية وتنويرية بمناسبة عيد النوروز.
نظمها المركز الثقافي الأممي في الجمهورية، وحاكمية مدينة طشقند. ودعيت إليها شخصيات إجتماعية، والمراكز الثقافية القومية، والسلك الدبلوماسي المعتمد في البلاد.


وفي كلماتهم أشار مدير المركز الثقافي الأممي في الجمهورية نصرت محمدييف وآخرون إلى أن السلام والهدوء والتفاهم بين القوميات الذي وفر في البلاد بقيادة الرئيس إسلام كريموف، كان عاملاً هاماً للإنجازات والنجاحات الهائلة المحققة في جميع المجالات.
وفي أوزبكستان يعيش اليوم بسلام وتفاهم أبناء أكثر من 130 قومية وشعب، ويقدمون إسهاماً كبيراً في تطوير الوطن. ويحافظون ويتبعون عاداتهم وتقاليدهم القومية. ويعتبر النوروز عيداً شعبياً شاملاً ينتظره جميع المواطنين بغض النظر عن القومية واللغة والدين.

وقالت نائبة المركز الثقافي القومي الألماني في الجمهورية يلينا ميرونوفا: نحن سعداء لأننا نعيش في بلد يعم فيه السلام والهدوء وسعة الصدر، مثل أوزبكستان، وفي يوم عيد النوروز تحس قلوب كل منا بالطيبة والكرم، والشكر على هذه الأيام السعيدة، ونسعى للحفاظ على السلام كبؤبؤ العين. وهذا العيد يدعوا الناس إلى الطيبة ورعاية المحتاجين ومساعدة الناس. وفي إحتفالات اليوم قدم مركزنا برنامجاً خصص للصداقة والإنسانية.
وخلال سيل الإحتفالات صدحت أغاني عن الربيع والنوروز والإستقلال والسلام والتفاهم في البلاد. ونظم معرض يتحدث عن نشاطات المراكز الثقافية القومية.


الأحد، 20 مارس 2016

التفاهم عامل الإستقرار


تحت عنوان "التفاهم عامل الإستقرار" نشرت وكالة أنباء "UzA" يوم 18/3/2016 خبراً كتبه: ديلشود كريموف، الصورة: يولقين شمس الدينوف، وجاء فيه:


الشعب المحب للعمل والتوفيق يستقبل الأعياد، وفي البلاد التي يسود فيها السلام والهدوء، هناك كفاية ورفاهية. والنوروز هو العيد الذي يحافظ على القيم الطيبة.
عن هذا جرى الحديث في احتفال "التفاهم بين القوميات عامل الإستقرار" الذي جرى في العاصمة. وأشار رئيس لجنة شؤون الأديان في ديوان الوزراء بجمهورية أوزبكستان أرتيق يوسوبوف، ومدير المركز الثقافي الأممي في الجمهورية نصرت محمدييف، ورئيس إدارة المسلمين في أوزبكستان، المفتي و. عليموف، وميتروبوليتين طشقند وأوزبكستان، رئيس متروبوليتين منطقة آسيا الوسطى فيكينتي، وغيرهم، إلى أنه بقيادة الرئيس إسلام كريموف تسود في البلاد أجواء التفاهم بين القوميات، وسعة الصدر وهو ما يحمل أهمية خاصة في تطور الدولة.
ويعيش في البلاد بسلام وتفاهم ويعمل بإخلاص من أجل إزدهار الوطن أبناء أكثر من 130 قومية وشعب. ويعمل نحو 140 مركز ثقافي قومي.
وقال نائب رئيس المركز الثقافي القومي الأذربيجاني في الجمهورية فردوسي غوسينوف: خلال تجدد نهضة الطبيعة ومعها يتجدد الإنسان أيضاً، وفي كل عام أبناء مختلف القوميات والشعوب في بلادنا يحتفلون معاً بالنوروز خلف الموائد الخيرة للحوم الربيع. ويعزز النوروز أجواء الطيبة والكرم، والتفاهم والتوفيق في المجتمع.

وأشير خلال الإحتفال إلى أن أجواء التفاهم بين القوميات، والصداقة وسعة الصدر في أوزبكستان هي عامل هام يعترف بأن الإنسان هو القيمة العليا، لتربية الجيل الصاعد بروح إحترام القيم القومية والإنسانية، ومستقبل سمو شخصية الوطن في المجتمع الدولي. ولتعزز مشاعر العيد صدحت الأغاني بمختلف لغات المجتمعين.
وفي إطار الإحتفال نظمت المراكز الثقافية القومية معرض للمطبوعات عكست مظاهر أجواء التفاهم بين القوميات.

الثلاثاء، 8 مارس 2016

العالم التركي والحرب السورية. أول خرق لقرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة


في الوقت الذي تضرب مدفعية الجيش التركي وبشدة مناطق سكن الأكراد السوريين دون أي إهتمام من المجتمع الدولي، ومجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة، نرى أن تركيا تسعى للسيطرة على مناطق سكن التركمان السوريين، وحتى التمهيد على اقتطاع تلك الأراضي وضمها للأراضي الخاضعة لتركيا. وهو ما أشار إليه شهرت قاديروف، الدكتور في العلوم التاريخية، والباحث العلمي البارز بمركز دراسات القضايا العامة للشرق المعاصر بمعهد الإستشراق بأكاديمية العلوم الروسية, في مقالته التي حملت عنوان "العالم التركي والحرب السورية. أول خرق لقرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة"، ونشرت في الصفحة الإلكترونية ng.ru بتاريخ 1/3/2016، وأضعها بمتناول القراء باللغة العربية، وجاء فيها:


منذ أيام دخل قرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة عن وقف كل الأعمال القتالية حيز التنفيذ، ومن ضمنه ضربات القوات الجوية الفضائية الروسية والقوات الحربية الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. والإتفاق لم يشمل الضربات الموجهة إلى مواقع "الدولة الإسلامية"، و"جبهة النصرة" (المنظمات المحظورة في روسيا) وغيرها من المجموعات التي يعتبرها مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة أرهابية. وفي نفس اليوم وصلت أنباء عن أن القوات التركية قامت بقصف المدن الخاضعة للأكراد في سورية. وهذا أول خرق لقرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة رقم 2268، وعلى ما يبدو أنه ليس الأخير.
ويعتمد الهدف الرئيسي لتركيا على محاربة الأكراد. معتمدة بشكل رئيسي على التركمان هناك. وعلى ما يبدو أن تركيا لن تتوقف ابداً عن مساعدة الأخوة التركمان في سورية للحفاظ على مناطقهم، وفي نفس الوقت الحفاظ على التواجد التركي هناك. واستخدام الخارطة العرقية في السياسة، وهي لعبة عقلانية ولكنها غير منطقية. ورداً على الإقتراح الروسي باعتذار أردوغان على إسقاط الطائرة الروسية ومعاقبة المسؤولين عنها كافأ القائد التركي علناً التركمان، الذين قتلوا الطيار الروسي. وكل ذلك جرى على خلفية اقتراح أنقرة بالعودة إلى السلام. ولو لم يكن في سورية تركمان، لما كان الوضع أكثر أهمية وفهماً للمواطنين الأتراك على خلفية التدخل التركي في الشان السوري. ولو لم تكن هناك قوى داخلية في سورية تعتمد عليها تركيا لما كان كل ذلك.
وعلى ما يبدوا أن التركمان الأوغوز السوريين كانوا من ضمن القوى العسكرية المستوطنة منذ الإمبراطورية السلجوقية (قادمين من تركمانستان)، وهم ظهروا قبل وقت كبير قبل ظهور الأتراك كقومية (خلال القرنين الـ 16 و17). وحافظوا على أنفسهم كعرق تركماني مستقل خاضع لسورية. وعدد التركمان الذين يتحدثون باللغة التركمانية في تركيا، ليسوا أكثر من 200 ألف نسمة، في الوقت الذي كان فيه عدد التركمان في سورية أكثر من مليون نسمة. وبشكل كبير وحتى قبل الحرب، لم يجري الإهتمام بوجودهم لا في سورية ولا في روسيا. خاصة وأن التركمان السوريين لم يكونوا ضمن المعارضة أبداً، ولم يكونوا من المبادرين بالحرب، وهم اليوم لا يقاومون مجتمعين، بل ضمن مختلف الجماعات المناهضة للأسد. ومما يمكن من تفسير مشاركتهم في الأعمال الحربية كعرق قريب من الأتراك. وأكثريتهم لا ترى أي مستقبل لهم دون حماية أنقرة. والتركمان موجودون حالياً، وتركيا تملك إمكانية اللعب بورقة اللاعقلانية العرقية، وهذا ليس في سورية وحدها.
ويمكن النظر إلى إسقاط التركمان للطائرة الروسية كحدث عارض (الطائرة أسقطها سلاح الجو التركي، المترجم)، وكصدى لتجربة إستخدام تكنولوجيا سياسية حديثة غير منطقية. والإثنوغرافيون الروس مع الأسف لم ينموا إلى هذا القدر. وحتى أن الإثنوغرافيين الروس لم يستطيعوا الإجابة على سؤال: من هم التركمان السوريون، وهل هناك علاقة بينهم وبين الأتراك في القوقاز وآسيا المركزية ؟ وهذا العرق بشكل عام غير موجود في الطبيعة، وهو واقع تم اختراعه، هذا ما يعتبره اليوم أولئك الذين يديرون الإثنوغرافيا في روسيا. وفي الواقع أن الأعراق تتمتع بشباب دائم. ويقومون بتعبئة الناس "إفتراضياً"، معتمدين على فكرة توسيع (وهم وحقيقة) القرابة. ومما يعقد الأوضاع، هو أنه في الدول الإثنوقراطية الحديثة في آسيا المركزية أصبحت أفكار توسيع القرابة جزءاً من العقيدة الرسمية للبناء القومي، وهذا يعني أن السلطات تدخلها من المقاعد المدرسية. وهذا غير مهم، رغم أن هذا ما يفكر به الأتراك في آسيا الوسطى عن قرابتهم مع الأتراك أو مع التركمان السوريين، وهذا من الممكن أنه غير موجود. والأهم أن كل الدول التركية مسلحة بعلاقتها مع تركيا بشعارات القومية التركية (بان ترك): "دولتان، وشعب واحد".
والكتاب الروحي "روحنامة" لوريث تركمان باشا (أول رئيس لتركمانستان سابارمورات نيازوف) يعتبر أن كل الأتراك منحدرين من التركمان الأوغوز، ويربط ذروة إزدهار عظمة التركمان بأسرة السلجوق (التركمان) من تركمانستان، الذين أخضعوا العالم من إسبانيا وحتى الصين، ووضعوا البداية لتركيا العثمانية. وهو يساوي بين "روحنامة" والقرآن الكريم، بهدف إبعاد القوميين التركمان عن الأصولية الإسلامية. وبعد وفاة تركمان باشا نمى هذا الخطر إلى حد رتب له. ولكن لماذا يتحدث الكتاب عن القرابة بين التركومان والتركمين حتى الآن، وهي مادة رئيسية ليس للملحدين فقط، بل ولتركمانستان السوفييتية.
وروسيا كمشاركة بالحرب في سورية البعيدة، تخاطر بتدهور علاقاتها مع العالم التركي القريب في القوقاز وآسيا المركزية. وهذه العلاقة ومنذ عصر الإمبراطورية الروسية كانت وسادة لأمنها. وعلى هذا النموذج بنيت فكرة إتحاد يوروآسيا. وعدم أخذ هذا بعين الإعتبار يكون خطأ إستراتيجياً.
1/3/2016
المصدر:  ng.ruالعنوان الدائم للمقالة باللغة الروسية:
- http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1456809120



الأحد، 6 مارس 2016

في ذكرى رحيل الناقد في الفنون التشكيلية السوري طارق الشريف


تحت عنوان "صمت لا يليق بصاحبه.." منذ فترة قريبة أعيد نشر مقالة للناقد السوري سعد القاسم، على صفحات الشبكة العنكبوتية يوم 19/2/2013 في ذكرى رحيل المثقف والناقد في الفنون التشكيلية والشخصية الإجتماعية السورية الكبيرة الأستاذ طارق الشريف، وجاء فيها:


بصمت رحل طارق الشريف .. وهو الذي كان صوته يصدح في المشهد التشكيلي السوري والعربي .. صمتٌ هو النقيض المطلق لحيوية ملأت معارض وملتقيات الفن التشكيلي..
لم ينشر عنه ولو مجرد خبر صحفي وقد كانت كتاباته الصحفية شاغلة التشكيليين ومالئة فضائهم..
وكثيرون من معارفه وأصدقائه لم يعلموا برحيله حتى بعد انتهاء مراسم العزاء، فيما القلة القليلة عرفت ذلك عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت..
لكن فضل (الشبكة العنكبوتية) لم يكتمل ففي البحث ضمن أربعين صفحة تحمل اسم طارق الشريف على موقع (غوغل)، لن تجد عن الناقد التشكيلي العربي الشهير سوى ما يتعلق بحفل تكريمه الذي أقامه قبل عامين، مركز أدهم إسماعيل بمناسبة مرور الذكرى الخمسين لتأسيس المركز الذي كان طارق الشريف أحد أهم مديرية، أما معظم الأربعين صفحة فقد شغلت بأخبار أشخاص يحملون الاسم نفسه، يتقدمهم مغني شعبي، فلاعب كرة قدم، فطبيب أردني أقدم على قتل زوجتيه الاثنتين..
ولد طارق الشريف في دمشق عام 1935 ودرس الفلسفة في جامعتها حيث تعلق بالدراسات الجمالية والفنية، وتابع آراء كبار الفلاسفة في مجال علم الجمال والنقد الفني أمثال (كانت) و(هيغل) و(سارتر)، وفي الوقت ذاته، تابع المعارض الفنية المحلية، وأقام صلة وثيقة مع عدد من الفنانين التشكيليين السوريين أصحاب التجارب المميزة ومنهم الأخوان أدهم ونعيم إسماعيل، وعبد القادر أرناؤوط، ومروان قصاب باشي. فبدأ يكتب عن تجاربهم بتطبيق الدراسات النظرية على لوحاتهم وينشر مقالاته وترجماته في صحيفة "الوحدة" التي كانت تصدر في دمشق زمن الوحدة مع مصر (صحيفة "الثورة" حالياً) والتي حقق فيها سابقة غير مألوفة حين خصصت له صفحة كاملة لندوة أعدها عن معرض الخريف، المعرض الرسمي الذي كان يقام في دمشق سنوياً، والذي تولى فيما بعد مسؤولية إدارته في ذروة تألق الحياة التشكيلية السورية..
في عام 1959 نال درجة الإجازة في الفلسفة، وفي العام التالي عمل في وزارة الثقافة المؤسسة حديثاً ليبقى فيها حتى تقاعده عام 2001، وفي مرحلة تالية تركز اهتمامه حول الاتجاهات الراهنة في الفن التشكيلي السوري (أواخر الستينات) وسعي التجارب الرائدة للموائمة بين التأثيرات الغربية المعاصرة، والإرث الفني المحلي، وتجلى هذا في كتابه (عشرون فناناً من سورية) الذي أنجزه عام 1969 والصادر عن وزارة الثقافة عام 1972 متضمناً مقالات عن عشرين فناناً كتبها بين عامي 1967 و1968. وفي الوقت ذاته تابع بحثه حول بدايات الفن التشكيلي السوري الذي أسس لمحاولته الرائدة تأريخ هذا الفن، والتي نشرها في مطلع الثمانينات فكانت مستنداً لكثير من الأبحاث والدراسات التي جاءت بعده، ومنها كتاب (الفن التشكيلي المعاصر في سورية) الذي أصدرته (صالة أتاسي) عام 1998 وأثار اهتماماً واسعاً في الوسط التشكيلي..
عام 1965 تولى إدارة مركز أدهم إسماعيل للفنون الجميلة، وعلى مدى عشر سنوات استطاع أن يجعل منه حاضنة للمواهب الشابة التي اكتسبت فيه المعارف التقنية، ونمو مواهبها الإبداعية، وثقافة فنية هامة بفضل المحاضرات التي قدمها للطلبة عن المدارس الفنية. وإثر رحيل الفنان نعيم إسماعيل تولى مهام مديرية الفنون الجميلة في واحدة من أزهى مراحل الحياة التشكيلية السورية حين كانت السيدة الدكتورة نجاح العطار ترأس وزارة الثقافة، وقُدّم للفن التشكيلي دعم واسع واهتماماً كبيراً. فكان أن وصل المعرض السنوي إلى ذروة تألقه وترجمته للمشهد التشكيلي الإبداعي السوري، وكان أن اتسعت حركة المعارض والملتقيات والاقتناء، وكان أن صدرت فصلية (الحياة التشكيلية) التي قامت بشكل مطلق على جهده الشخصي كرئيس تحرير لها، والتي نالت سمعة عطرة على امتداد الوطن العربي..
إلى جانب عدد يصعب حصره من المقالات والبحوث والدراسات وقد نشر عدداً من الكتب، كان أخرها قبل سنتين عن الفنان لؤي كيالي وقد قمت بتدقيقه بتكليف من أمانة دمشق عاصمة الثقافة العربية بسبب الظرف الصحي الصعب للراحل حينذاك. أما آخر ظهور رسمي له فكان في حفل تكريمه في مركز أدهم إسماعيل، وفيه قال: ان عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعل هذا التراث غريباً عنا، وعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصلية، فالمرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود ما يستدعي من الفن الحقيقي أن يكون شاهداً على عصره، ومسؤوليات الفنان العربي حيال ذلك كثيرة جدا..
*****
ولابد من أن أضيف أني تعرفت على هذه الشخصية البارزة بمجال نقد الفنون الجميلة في سبعينات القرن الماضي، وشجعني على نشر مقالة عن تطور الفنون الجميلة في جمهورية أوزبكستان على صفحات (الحياة التشكيلية). ولم أزل أذكر خلال تلك الفترة ما لمسته من خلال النقاشات التي دارت بيننا في مبنى مديرية الفنون الجميلة القريبة من الجسر الأبيض في دمشق الحب، وفي عدد من مقاهي المدينة مدى حرصه على نشر الثقافة الفنية التشكيلية العالمية، وتشجيعه للفنانين التشكيليين الشباب وإبراز مواهب الفنانين التشكيليين وتسليط الضوء على الموهوبين منهم وتأريخ تطور حركة الفنون الجميلة في سورية، وتقديم الخبرات الفنية التشكيلية العالمية على صفحات المجلة. ولم أزل أذكر تشجيعه لإبني الطفل فراس البخاري وتنظيم معرض للوحاته التشكيلية في مركز أدهم إسماعيل وهو الذي بدأ إهتماماته الفنية في المركز بإشراف الفنان التشكيلي السوري خليل عكاري ومن ثم تابع إهتماماته الفنية في ثمانينات القرن الماضي بمدرسة الفنون بطشقند في ثمانينات القرن القرن الماضي. وأضم صوتي لكاتب هذه المقالة المعبرة سعد القاسم، وأقول أن الحركة الثقافية السورية وعلى رأسها وزارة الثقافة ظلمت هذا الناقد الكبير ولم تعطه حقه الذي يستحقة لجهودة التي لا أظن أن المهتمين بتاريخ حركة الفنون الجميلة السورية، والفنانون التشكيليون والناقدون في العالم العربي سينسون جهوده الكبيرة والنيرة. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته يا طارق الشريف.
*****
وفي هذا الإتجاه أضيف المقالة التي كتبها الناقد محمد سمير طحان تحت عنوان "الناقد سعد القاسم: ميزة النقاد التشكيليين السوريين أنهم على درجة عالية من الثقافة الفنية" ونشرتها وكالة أنباء سانا بتاريخ 4/2/2016 وجاء فيها:

قراءات في النقد التشكيلي السوري كانت عنوان الندوة التي أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة لؤي كيالي بالرواق العربي ضمن أنشطة الأربعاء الثقافي الذي يقيمه الاتحاد أسبوعيا.
وبين الناقد التشكيلي سعد القاسم خلال الندوة أن النقد الفني في سورية بدأ مترافقا مع الشكل المعاصر للفن التشكيلي لدينا في مطلع القرن العشرين مع الفنان توفيق طارق رائد التشكيل السوري المعاصر مع وجود مهم للفنان ميشيل كرشة حيث كان هناك الكثير من الحوارات والسجالات التشكيلية في تلك الفترة ولكنها لم تدون ووصلت إلينا من ذاكرة التشكيليين الرواد.
وأضاف القاسم.. “مع بدايات التشكيل السوري كان هناك سجال حاد بين تيارين تشكيليين تمثلا في الواقعية الكلاسيكية التسجيلية التي اعتبرها روادها أمثال توفيق طارق ومحمود جلال وناظم الجعفري بانها الفن التشكيلي الحقيقي وبين رواد تيار الفن التجريدي أمثال ميشيل كرشة ومن أتى بعده من الفنانين الذين يرون ان الفن حالة إبداعية ورؤية خاصة للواقع وليس توثيقا له.
وأوضح القاسم أنه تم افتتاح جناح الفن التشكيلي الحديث في متحف دمشق الوطني وكان أول خطوة لتوثيق الفن التشكيلي السوري لافتا إلى أن مدير الآثار والمتاحف في ذلك الوقت سليم عادل عبد الحق قدم الكثير من الكتابات والمقالات النوعية في الفن التشكيلي وبالفترة ذاته كان هناك نصوص تشكيلية مهمة للأديب صدقي إسماعيل ما فتح أفقا متطورا من خلال التعامل مع العمل الفني بمفهوم الفن والجمال وليس بمفهوم الفكرة.
ومن الأسماء التي قدمت مساهمات في النقد التشكيلي بحسب القاسم كان الدكتور عفيف بهنسي المتخصص بعلم الجمال والتشكيلي محمود حوام الذي تحدث في النقد الفني واستطاع إيجاد حالة فنية ومعرفية مهمة بين الفنانين التشكيليين السوريين.
وأكد القاسم أن كتابات الناقد طارق الشريف تعتبر مرحلة مهمة في تاريخ التشكيل السوري حيث تميز بمرافقته لجيل ما بعد الرواد من بداية عملهم وتردده إلى مراسمهم واستمر في عمله واطلاعه على التجارب التشكيلية المتنوعة إلى مراحل متأخرة ما جعل منه حالة ذاكرة لفننا التشكيلي.
وبين القاسم أن ما ميز النقاد التشكيليين السوريين أنهم كانوا على درجة عالية من الثقافة الفنية ومنهم الدكتور عبد العزيز علون كما أن أغلب من قدم نتاجا في النقد هم فنانون تشكيليون أمثال غازي الخالدي وأسعد عرابي وغازي عانا وأنور الرحبي وممدوح قشلان ونذير نبعة وعصام درويش وأكثم عبد الحميد وطلال معلا واحمد معلا وعبد الهادي شماع كما قدم التشكيلي محمود حماد كتابا مهما عن التشكيلي نصير شورى ويعتبر التشكيلي عز الدين شموط باحثا تشكيليا مهما بما قدمه من نصوص بحثية من أهم ما قدم للمكتبة التشكيلية العربية متجاوزا حالة النقد.
وأشار القاسم إلى أن الاتجاهات النقدية في سورية كانت منقسمة بين القيم الجمالية وقيم العمل الفني إلا أن هذا الاتجاه بدأ بالانحسار مع توجه اللوحة باتجاهات الحداثة وابتعادها عن الموضوع لمصلحة الشكلانية والاهتمام بالحالة البصرية أكثر من تقديم فكر.
ورأى القاسم أن النقد لا يمكن أن يكون سابقا على الإبداع ولا يحق للناقد أن يقول للفنان ما عليه أن يقدم من أعمال فنية وتأتي مهمة الناقد بعد انتهاء الفنان من عمله الفني من خلال مناقشته لافتا إلى أن العديد من النقاد حرصوا على تقديم نص نقدي بلغة عالية وصعبة لدرجة وصول هذا النص إلى الجمهور بشكل أصعب من العمل الفني ذاته.
ولفت القاسم إلى أن النقد التشكيلي السوري اليوم يعاني من فقدان جمهوره رغم وجوده في أغلب الوسائل الإعلامية وذلك لعدم تطوره وغياب النقاد الشباب مبينا أن هناك ظاهرة مبشرة أخذت بالتزايد في الفترة الأخيرة من خلال ظهور صحفيين ليسوا من الوسط التشكيلي استطاعوا تطوير ثقافتهم التشكيلية بشكل مهم وساعدوا في التعريف بالفن التشكيلي.
وتضمنت الندوة مداخلات من الحضور تناولت واقع النقد التشكيلي السوري وآفاق تطوره وخاصة مع الحاجة لوجود تعليم أكاديمي للنقد بموازاة التوسع في افتتاح كليات للفنون الجميلة والاهتمام بهذا التخصص الذي يعود بالفائدة على تطوير الفن التشكيلي السوري ويرتقي به وزيادة الثقافة الفنية في المجتمع.

*****

وأضيف المقالة التي كتبها الناقد مازن عباس، تحت عنوان "وداعاً.. طارق الشريف، نعتذر منك أيها «الراحل بصمت «" ونشرتها المحلة الإلكترونية "اكتشف سورية" بتاريخ 24/2/2013 جاء فيها:


» إن عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعلنا غرباء عن هذا التراث، فعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصلية. إن المرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود، ما يستدعي من الفن الحقيقي أن يكون شاهداً على عصره، ومسؤوليات الفنان العربي حيال ذلك كثيرة جداً«.
هذه فقرة من آخر ما قاله الراحل طارق الشريف الناقد والمؤرخ للتجربة التشكيلية العربية عموماً، والسورية على وجه الخصوص. برحيله يوم الثلاثاء 12 شباط 2013، تكون الحركة التشكيلية السورية قد خسرت أحد أهم رجالات الحركة النقدية التشكيلية، وذلك في الوقت الذي انشغلنا به بمفرزات وتداعيات الأزمة التي يعيشها الوطن.
نعم تأخرنا عن نعيك أيها الكبير، كما قال الناقد السوري سعد القاسم عبر صفحته على «فيسبوك»، عندما قال: «بصمت رحل طارق الشريف.. وهو الذي كان صوته يصدح في المشهد التشكيلي السوري والعربي.. صمتٌ هو النقيض المطلق لحيوية ملأت معارض وملتقيات الفن التشكيلي.. لم يُنشر عنه ولو مجرد خبر صحفي وقد كانت كتاباته الصحفية شاغلة التشكيليين ومالئة فضائهم.. وكثيرون من معارفه وأصدقائه لم يعلموا برحيله حتى بعد انتهاء مراسم العزاء، فيما القلة القليلة عرفت ذلك عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت«
ونحن في «اكتشف سورية» نشعر بالخجل في تأخرنا في تكريم «الراحل بصمت»، بعد أن غرفنا من معرفته وكلماته ودراساته ما أغنت صفحاتنا، نعتذر منك أيها الراحل، فقد تركتنا في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى من ينقد الجنون الذي نعيشه، وينقد من نسي أو تجاهل أو تحجج بعدم علمه برحيلك.
ماذا نقول عنك وأنت من تذوق وحلل بعقلانية العارف، فكنتَ المشجع والمهذب والمراقب الحيادي لأعمال الفنانين ولتجاربهم الإبداعية. لقد قمتَ أيها الراحل بتوثيق تجارب أهم التشكيليين السوريين يوم لم يكن هناك تقنيات تساعد على إنجاز مثل هذا العمل المميز، مئات الصفحات كتبتها بخط يدك في نقد الأعمال التشكيلية السورية، ورحلتَ صامتاً بعد مرض طويل، ولم يكلف أحد نفسه ممن كتبت عنهم صفحات عناء كتابة صفحة عنك لحظة رحيلك.
تعرفنا عليك أكثر أثناء تكريمك في مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية بدمشق بتاريخ 5 آذار 2011، عندها قال الجميع: «مرحباً طارق الشريف»، واليوم نقول كلمة «وداعاً طارق الشريف». لقد كنت شريفاً في حياتك، صادقاً في كتاباتك، وتركت لنا ميراثاً له فضله على الحراك التشكيلي السوري المعاصر، ويكفيك محبة الجميع لك في زمن أصبحت المحبة ضائعة في متاهات أزمتنا..
نستذكر أيها «الراحل بصمت» بعض ما قيل عنك:
الدكتور راتب الغوثاني: كتب طارق الشريف في الفن يوم كان الفن التشكيلي ظلاً باهتاً للثقافة السورية كما كان مسجلاً وموثقاً ومتابعاً للتحولات الفكرية والإبداعية عصراً بعصر، إضافة إلى ذلك فقد كتب طارق الشريف بحيوية الأطفال وصبر الشيوخ.. كتب بحب وصدق وإخلاص.‏ ربّى أجيالاً من المشتغلين بالفن ولا يمكن لأي مشتغل بالفن وعلى مدى أجيال إلا وفي مكتبته الكثير مما أنجزه، فقد كتب مقالات في الحياة التشكيلية حررها، أغناها، حماها، صنفها، ورعاها لعقود طويلة واليوم نستخدمها مرجعاً حقيقياً للفكر الإبداعي.. طارق الشريف وجه حاضر في كل تحولات المراحل الفنية، هذا هو طارق الشريف الفنان والناقد والإنسان.
الفنان التشكيلي بطرس خازم: طارق الشريف مجاز فلسفي، وفي الفلسفة يدرسون علم الجمال، ومن هنا استطاع الفنان "طارق" بأن يؤسس فلسفة فكرية أهلته للنجاح الكبير في مجاله، فقد كان مديراً لمركز "أدهم إسماعيل" للفنون، ومن ثم أصبح عميداً لكلية الفنون الجميلة، وكان من مؤسسي مجلة "الحياة التشكيلية" والمنضد الدائم لها لفترة طويلة، لقد كان من التشكيليين المهمين والرائعين في سورية، لما لديه من وثائق فنية في سورية.
الفنانة التشكيلية ريم الخطيب -مديرة مركز "أدهم اسماعيل"- التي سعت لتكريمه في المركز قالت عنه آنذاك: لهذا التكريم أهمية خاصة، وذلك لما للفنان "طارق الشريف" من أهمية نقدية تشكيلية على المستوى العربي والسوري بالتحديد، فهو منذ ستينيات القرن الماضي، مواكب للحراك التشكيلي السوري من خلال المقالات والدراسات العديدة التي أغنت الحركة التشكيلية في سورية، فقد امتاز الناقد "الشريف" بحيادية عالية في تقديم النص التشكيلي النقدي بموازاة اللوحة التشكيلية بكل أبعادها دون الانحياز إلا للجمال وقيمته الحقيقية.
ونذكر أيضاً حديث الفنانة التشكيلية عتاب حريب أثناء تكريم الراحل في مركز أدهم إسماعيل: لقد كان بصمة كبيرة في الفن التشكيلي السوري، وهو من الأشخاص المهمين الذين لعبوا دوراً كبيراً في تنشيط الحركة التشكيلية في سورية، المدهش فيما نقرأ لهذا الرجل أنه كتب بإجادة وإدهاش وبسوية عالية في كل مجالات الفن والجمال، كتب في فن الحفر وفن النحت وفن الإعلان والحداثة والتاريخ وفي الفن الإسلامي وفي فن الجمال. تابع طارق الشريف الكثير من التظاهرات الإبداعية في العالم الحديثة والجديدة ونقلها إلينا مدونة ومقروءة فكانت مرجعاً لنا نحن الذين كبرنا مع كتاباته ورؤاه وإنسانيته.
الأستاذ هشام التقي -مدير مديرية الثقافة بدمشق- قال: لقد كان لهذا الناقد والرائد في حركة الحداثة التشكيلية في سورية دور هام في تنشيط كافة المجالات النقدية وفي تعزيز الحياة التشكيلية في سورية، وقد كان تكريمه في مركز أدهم اسماعيل كهدية من رفاق الدرب وتلاميذه.
الفنان التشكيلي اسماعيل نصرة: اقد كان طارق الشريف كاتب عصري وموسوعي في الفن والجمال والنحت والغرافيك والحياة والحداثة المعاصرة، وحقيقة لم أجد موضوعاً ضعيفاً رغم اختلاف الموضوعات والفنون بل كان في كل ما كتبه راصداً بإجادة بالغة وبخبرة المؤرخ والباحث فجاءت كل هذه المواضيع مرجعاً للدارسين ومتعة للباحثين، وثقافة عميقة لكل الناهلين والمحبين للكلمة والمعنى.
أما الناقد التشكيلي أديب مخزوم فيقول في كتاب "تيارات الحداثة في التشكيل السوري": يوجد أشخاص درسوا النقد أكاديمياً ولكن لم يستطيعوا أن يوجدوا شيئا جديداً، أما طارق الشريف رئيس تحرير مجلة الحياة التشكيلية (سابقًا) لم يدرس النقد، ومع ذلك يعتبر من أهم النقاد التشكيليين العرب، ولقد ترأس تحرير المجلة على مدى أكثر من ربع قرن وهي تابعة لوزارة الثقافة.
طارق الشريف في سطور:
مواليد دمشق 1935
إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق 1959
عمل مديراً لمركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية بين عامي 1965-1975
عمل مديراً للمركز الثقافي بأبورمانة ومديراً للفنون الجميلة
من أهم مؤلفات طارق الشريف:
عشرون فناناً من سورية، 1970
الفنان بول سيزان، 1985
الفنان نعيم إسماعيل "قصة في لوحات"، 1977
الفن واللافن، 1983
الفنان فاتح المدرس "فن حديث بروح تعبيرية"، 1992
الفن التشكيلي المعاصر، 1997
خمس فنانين من سورية، 1996
أسهم في تأليف كتاب الفن التشكيلي المعاصر في سورية، عام 1998