الخميس، 24 سبتمبر 2009

الدراسات الإعلامية وتحليل المضمون الإعلامي 2 من 2

الدراسات الإعلامية وتحليل المضمون الإعلامي
طشقند – 2009
الأنواع المختلفة لنماذج عملية الاتصال: ونماذج عملية الاتصال تتعدد بتعدد الأسئلة التي يتم طرحها من خلال البحث عن المعرفة. ويميل بعض خبراء الاتصال إلى تقسيمها وفق مستويات الاتصال التالية: الاتصال الذاتي داخل الفرد؛ والاتصال بين فردين؛ والاتصال داخل الجماعة؛ والاتصال عبر الثقافات؛ والاتصال بشكل عام؛ والاتصال عبر وسائل الإعلام الجماهيرية. بينما يميل البعض الآخر إلى تقسيم النماذج الاتصالية على أساس الهدف والمادة، إلى نماذج بنائية تهدف إظهار الخصائص الأساسية لأي حدث. وتعتمد على عدد وحجم وترتيب الأجزاء المتصلة داخل النظام. وإلى نماذج وظيفية تتعرض للقوى التي تكون ذلك النظام، وتحدد اتجاهاتها وعلاقاتها بالتأثير. ويميل البعض الآخر إلى تقسيم النماذج الاتصالية إلى أربعة أنواع رئيسية، وهي: - النماذج اللفظية: وتتكون من سلسلة عبارات تحاول تحديد أهداف المشتركين في عملية الاتصال. ووصف طبيعة عملية الاتصال. وهي من أقدم النماذج على الإطلاق (الخطابة). ومن النماذج اللفظية الهامة، نموذج كينيث برك، ونموذج لازويل، ونموذج فرانكلين فيرنج. ويقسم كينيث برك المجالات الأساسية لدراسة دوافع الاتصال إلى خمسة مجالات هي: الحدث أو الفعل؛ وخلفية الحدث أو المشهد؛ والقائم بالاتصال؛ والوسائل؛ والدوافع أو الأغراض. وجاء نموذج كينيث كنموذج معاصر للنموذج الكلاسيكي السابق الذي وضعه أرسطو. أما هارولد لازويل رائد تحليل المضمون الإعلامي، فقد قدم خمسة أسئلة يمكن من خلالها وصف السلوك الاتصالي، وهي: من يقول؟ < ماذا يقول؟ < ومن خلال أي وسيلة؟ < ولمن يقول؟ < وبأي تأثير؟ وهذا النموذج أقرب لنموذج أرسطو الذي يتضمن: المصدر. من يقول ؟ الرسالة. ماذا يقول ؟ المتلقي. لمن يقول ؟ ولكن لازويل أعطى نفس الأهمية للوسيلة التي تنقل الرسالة، ولتأثير الرسالة الإعلامية. أما جربنر فقد حدد لعملية الاتصال عشرة عناصر متغيرة هي: - شخص ما؛ - يدرك حدث ما؛ - ويقوم برد فعل ما؛ - في ظرف ما؛ - بوسائل معينة؛ - لتقديم مادة ما؛ - بشكل ما؛ - وفي إطار محدد؛ - لنقل مضمون معين؛ - له نتيجة معينة. والنماذج الرياضية: وهي النماذج الإحصائية. والنماذج اللفظية المصورة: ( النماذج الرمزية) وهو امتداد للنموذج اللفظي. وهدفه توضيح عناصر النموذج اللفظي، وتقديم صورة للهدف عن طريق تفسير العلاقات المعقدة لعملية الاتصال التي لا تستطيع الكلمات عرضها. ويمثل المخطط التالي عناصر النموذج اللفظي المصور لعملية الاتصال، ويتضمن: مصدر، ينقل رسالة إعلامية إلى متلقي. آ- مصدر --< رسالة --< ب- متلقي. ومن النماذج اللفظية المصورة الهامة، نموذج شانون وويفر، ونموذج وستلي وماكلين، ونموذج بارتلند، ونموذج ولبر شرام. والنماذج التفسيرية: ومنها نموذج التوازن عند هيدر، ونموذج نيوكومب، ونموذج أسجود، وتاننباوم، ونموذج فستنجر عن التعارض في المعرفة. وعملية الاتصال، من خلال ثلاثة مسارات رئيسة، وهي: 1- نماذج الاتصال الذاتي: ومنها خمسة نماذج، هي: نموذج باركر، ووايزمان، ونموذج صامويل بويس، ونموذج بولدنغ، ونموذج بارتلند، ونموذج ابلباوم (الإنسان كمركز لتنسيق المعلومات). 2- نماذج الاتصال بين فردين: ومنها ستة نماذج، هي: نموذج روس، ونموذج شانون، وويفر، ونموذج ديفيد برلو، ونموذج التعليم، ونموذج بارتلند، ونموذج وستلي، وماكلين. 3- نماذج الاتصال الجماهيري: ومنها ثلاثة نماذج، وهي: نموذج ولبر شرام، ونموذج التحليل الوظيفي لتشارلس رايت، ونموذج ملفن ذوفلور.
الفصل السابع: نماذج الاتصال الذاتي. والاتصال الذاتي هو ما يحدث داخل الفرد، حينما يتحدث مع نفسه. ويحدث داخل عقل الإنسان ويتضمن أفكاره وتجاربه ومدركاته الشخصية. وفي هذه الحالة يكون المرسل والمستقبل شخصاً واحداً. فالفرد قد يناقش مع نفسه ما إذا كان سيقرأ كتاباً، أم لا يقرأ كتاباً من الكتب. أو يشاهد، أو لا يشاهد برنامجاً تلفزيونياً. أو يسمع، أو لا يسمع حديثاً إذاعياً. فإذاً الاتصال الذاتي هو عبارة عن أنماط يطورها الإنسان من خلال إدراكه، وهو الأسلوب الذي من خلاله يلاحظ الإنسان ويقيم ويعطي معنى للأفكار التي تدور داخله عن الأحداث والتجارب المحيطة به.
خلفية عملية الإدراك واكتساب المعاني: والإنسان يولد في هذا العالم مجرداً من المعاني، وسرعان ما يكتسب من محيطه معاني تجعل الحياة مفهومة من حوله. ومصطلح اتصال يعني التفاعل الذي يتطور من خلاله المعنى داخل الإنسان. فالاتصال ينشأ من الحاجة إلى اليقين وتحقيق الذات. وهدف الاتصال زيادة المعاني وتثبيتها في حدود الاتجاهات والدوافع وأنماط السلوك التي أثبتت نجاحها في الماضي، وما يبرز منها مستقبلاً، في ظروف سيكولوجية معينة. والاتصال ليس رد فعل، بقدر ما هو عملية يستنبط فيها الإنسان معاني للأشياء لتحقيق أهدافه الحياتية. وهنا يجب التأكيد على حقيقة أن المعنى هو شيء مستنبط من قبل الأفراد، ويتم إعطاؤه ولا يتلقاه الأفراد. فالرموز لا تتضمن معاني، ولكن المعاني تفرض عليها فرضاً. وتحليل أجزاء المعلومات الأساسية في المادة الإعلامية، لا يهتم بالوحدات الدلالية للمادة الإعلامية، لأن هذه الوحدات هي من أهداف الباحث الذي يدرس علاقة الاتصال بالظروف الاجتماعية المحيطة بالكائن الحي، بما فيها المواد والرسائل الإعلامية التي يتعرض الإنسان لها، ويمكن أن تزيد من تنوع المعاني التي يستنبطها. وعملية تراكم المعرفة، كما أشار كنيث بولدنج في نظريته الإنسان كقائم بالاتصال، تنمو من خلال مبدأ داخلي منظم تماماً، مثل الجهاز الذي ينظم نمو الجسم. هذا المبدأ الداخلي المنظم في حالة الإنسان يشار إليه عادة بالتجريد، وكل معنى جديد يأتي به الاتصال يريح الإنسان ويزيد من توتره في نفس الوقت، ويؤدي إلى عملية بحث لا تتوقف عن طرق جديدة يواجه بها ما يحيط به من حقائق.
وهدف الإدراك المساعدة على القيام بهذه العملية، ولمواجهة العالم من حولنا عن طريق إضفاء معاني على الأحداث يمكن أن تصمد أمام اختبار التجارب التالية. والإنسان يحدد ما يدركه، من خلال تصوره عن العالم، واتجاهاته وتجاربه السابقة، وتوقعاته للمستقبل. ويعمل الإدراك كمرشح تمر من خلاله مختلف المنبهات. وقد يعدل هذا المرشح الإدراك حيال أية تجارب سابقة، ويؤثر بها، ويؤثر الإدراك الذي كونه في الحاضر على أهداف المستقبل. وهناك ميول إدراكية يشترك بها أغلب الناس، وميول أخرى يختلفون بها. من خلال استخدام الحواس التي يتمتع بها البشر. وتتضاءل أوجه التماثل في الإدراك بين البشر أمام الاختلافات الموجودة في الأسلوب الذي يدرك بموجبه الناس رغم تماثلهم ككائنات حية. لأن كل فرد فريد من النواحي الثقافية والعاطفية والخبرة الذاتية. ويرى كلاً من وار، وكنابر، هذه الاختلافات من خلال ثلاثة عناصر، هي: - عنصر تخصيص المعاني وإعطاء الصفات: الذي يعطي الفرد خصائص معينة لإدراكه. مثل: النوع، والحجم، والوزن، واللون، والذكاء، والسلوك،..الخ. وهي التي تساعد الإنسان على تصنيف الأشياء والأحداث، وتخيلها. - عنصر الخروج بتوقعات: وينطوي على توقعات تنبع من الخصائص والصفات التي نعزوها للأشياء أو الفئات. وتؤثر على إدراكنا للحدث المستقبلي، ويدعم الدلالات والصفات المدركة لدينا عن أشياء معينة أو أحداث معينة أو أفرد معينين. - العنصر العاطفي: ويلعب دوراً هاماً في إدراكنا عن أفراد معينين، أو أشياء بحد ذاتها، نصفها ونخرج بتنبؤات عنها، ونخرج بردود فعل عاطفية حيالها. كالتقدير والاشمئزاز، والاحترام، والاحتقار، والتعاطف، والرفض... الخ.
وللغة تأثير كبير على الإدراك، لارتباطها بتفكير الإنسان وإدراكه ووجوده. فاللغة تملي على الإنسان الطريقة التي يرى من خلالها العالم ويفسر وجوده وتجاربه فيها. واللغة لا تعيد تقديم التجارب فقط، بل تشكل تلك التجارب. والفرد يختار منبهات معينة من العالم الذي يحيط به، ثم يفرض تصنيف لتلك المنبهات في فئات، تتكون من التجارب السابقة التي مر بها وتعتمد على اللغة والخلفية الثقافية. واللغة لا تستخدم بشكل علمي، بل تستخدم بشكل فيه قدر كبير من الذاتية، وقدر كبير من الفرض والإجبار، مما يجعل من عملية الفهم والاتصال بين الأفراد والجماعات والشعوب أكثر صعوبة. واللغة لا توازي الواقع بل تحاول وضعه في إطار قابل للاستخدام. وقد تضللنا اللغة عندما نقوم بتجريد ما ندركه جزئياً دون أن نفهم أن الجزء لا يمثل الكل. وتصورنا للعالم متصل بشكل عضوي بلغتنا وبالفئات التي نستخدمها في تصنيف مدركاتنا. وما نقوله لأنفسنا عما ندركه، يخضع بشكل مباشر لسيطرة عادات استخدامنا للغة. ولهذا فالاتصال يتأثر بشكل مباشر بعادات استخدام اللغة، وبهذا تصبح اللغة جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية.
نموذج وايزمان وباركر: يعتمد نموذج وايزمان وباركر على أن الكائن الحي يتأثر: بمنبهات داخلية، سيكولوجية وفسيولوجية، مثل: القلق، والجوع؛ ومنبهات خارجية، ملموسة تحيط بالإنسان، مثل: إشارة المرور؛ أو لا شعورية، مثل: الموسيقى التصويرية التي تصاحب مشهداً سينمائياً، وتنتقل هذه المنبهات على شكل نبضات عصبية إلى العقل، الذي يختار بعضها ويفكر بها تمهيداً لاتخاذ قرار بعد عملية تمييز تجري خلال التفكير. وبعد إعادة ترتيب المنبهات التي اختارها العقل خلال مرحلة التمييز، يتم ترتيب هذه المنبهات في إطار له معنى عند الفرد القائم بالاتصال. وبعد تجميعها في إطار معين يتم تفسير الرموز التي تم تمييزها ويقوم القائم بالاتصال بتحويلها إلى رموز فكرية لها معنى. فإذا كان القائم بالاتصال يقرأ كتاباً، وهو جالس في الحديقة فإنه يتعرض إلى منبهات عديدة، يقوم عقله بفك رموزها، مثل: إحساس يديه بنوعية ورق الكتاب، أو عدم الراحة، أو الكتلة الهوائية المحيطة به، أو حرارة الشمس المرتفعة. وبعد اختيار المنبهات، ينتقل العقل إلى التفكير والتخطيط وترتيب الأفكار، وربط الدلالات التي تتصل بالمعرفة والخبرة السابقة، وبعد تجميع وتقييم المعلومات التي لها علاقة بالمسألة المهمة، يقوم العقل بإعداد رسالة لإرسالها أو نقلها. ومن ثم ينتقل العقل لمرحلة التأهب للاحتضان التي تتيح الفرصة للأفكار بالنمو والتطور حتى تأخذ أشكالاً واتجاهات مفيدة. وتتميز هذه المرحلة بأن الدلالات الفكرية قد أصبحت جاهزة لوضعها في رموز لها معنى، ككلمات أو حركات. وفي مرحلة الإرسال النهائية يتم إخراج الكلمات والحركات التي وضعها القائم بالاتصال في الرموز بشكل مادي ملموس، بواسطة الكلام أو الكتابة أو الحركة... الخ، حتى يستطيع المستقبل تلقيها كمنبهات. والجانب الآخر من نموذج وايزمان وباركر، هو راجع الصدى أو التأثير المرتد. كسماع الفرد لنفسه عند الكلام في التأثير المرتد الخارجي. أو إحساساته الداخلية في التأثير المرتد الداخلي. ويسمح التأثير المرتد للقائم بالاتصال بتعديل وتصحيح موقفه الاتصالي أثناء عملية الاتصال.
نموذج صامويل بويس: يركز صامويل بويس في نموذجه الإنسان كمفاعل دلالي، على ما يفعله الإنسان، من خلال أربعة مجالات أساسية للنشاط الإنساني، تتفاعل مع بعضها في آن معاً داخل الإنسان، وهي: - المجال الكهروكيميائي: وهو عبارة عن ردود فعل كهربائية كيميائية في جسم الإنسان. - ومجال يتحرك ذاتياً: ويشمل الأحاسيس والحركات اللاإرادية لأعضاء جسم الإنسان, والحركات الإرادية له. - والشعور: ويشمل العواطف والدوافع والاحتياجات والقيم. - والتفكير: ويشمل عمليات فك الرموز، والاتصال الذاتي. والإنسان في نموذج بويس لا يعيش منعزلاً، لأنه محاط بظروف طبيعية متفاعلة دائماً، ومتصلة بالمجالات الأربع أنفة الذكر. والإنسان لا يعيش الحاضر فقط، بل يعود رد فعله الدلالي ويتأثر بردود أفعاله السابقة، ويتأثر بتنبآته المبدئية عن المستقبل. ويفسر هذا النموذج الأسلوب الذي يدرك به الإنسان الظروف المحيطة به، وكيف يفسرها ويتفاعل معها. وكيف يعطي لتجاربه معاني.
نموذج بولدينج: يهتم نموذج بولدينج أصلاً، بسلوك الإنسان، الذي يطور وينمي تصور منظم للعالم عند الإنسان، ويخلق لديه بناءاً شاملاً له معنى محدد. لأن مدركات الفرد مرتبطة بتجربة الحياة لديه، وكل تجربة جديدة تجد مكانها في التصور الذي تكون عند الإنسان عن العالم، وكل تجربة تؤيد التصور الأساسي لديه. ويتم تفسيرها بإحدى الطرق الأربع التالية: إضافة معلومات جديدة إلى التصور الحالي؛ أو تدعم التصور الحالي؛ أو تحدث تعديلات طفيفة على التصور الحالي؛ أو تؤدي إلى إعادة بناء التصور الحالي لواقع الفرد من جديد. وكل ذلك يعطي تلك المدركات معاني محددة عن التجربة التي يمر بها الإنسان.
نموذج بارنلند: يؤكد نموذج بارنلند حقيقة أن الاتصال له طبيعة دائرية ويسير في اتجاهين من المرسل إلى المتلقي، ومن المتلقي إلى المرسل. وأعطى هذا النموذج إضافة للخصائص البنائية للاتصال: المصدر، والرسالة، والوسيلة، والمتلقي. والعلاقة الوظيفية للاتصال التي تتحكم بالجوانب التكوينية. ويؤكد النموذج أن الاتصال هو عملية، مع التركيز على العلاقات الفعلية التي تدخل في ظاهرة الاتصال. وأدى تركيز نموذج بارنلند على الوظائف الاتصالية، إلى ازدياد الاهتمام بالإطار الذي يحدث فيه الاتصال، والقالب الاجتماعي الذي يحدث فيه التفاعل. وأكد على أهمية الدلالات المتنوعة التي تؤدي إلى التأثيرات الداخلية والخارجية. ويرى بارنلند أن نقل المعنى في الاتصال الشخصي هو أمر شديد التعقيد وديناميكي مستمر ودائري، لا يتكرر ولا يرتد. والمعنى يصنعه القائمون بالاتصال عندما يستجيبون للدلالات المادية والسيكولوجية للقائمين بالاتصال الآخرين. بالاشتراك مع دلالات أخرى موجودة داخل الظروف المحيطة والزمن والمساحة. والدلالات الإدراكية هي: - دلالات عامة: مثل درجة حرارة الأشياء، وتنقسم إلى: دلالات طبيعية: يوفرها العالم المادي دون تدخل الإنسان، الأحوال الجوية من حرارة ورطوبة، وخصائص البصر واللمس، وتمييز الألوان، والظواهر الطبيعية. ودلالات صنعية: ناتجة عن تأثير الإنسان وتعديله للظروف المحيطة. - ودلالات خاصة: مثل الإحساس بالألم، والطعم، والسماع، والمشاهدة بواسطة أدوات خاصة. - ودلالات سلوكية غير لفظية: وتتكون من الملاحظات التي يصنعها القائم بالاتصال بنفسه.
نموذج الإنسان كمركز لتنسيق المعلومات: مركز تنسيق المعلومات الآنية عند البشر يعمل على ضوء تفسير المعلومات على ضوء التجارب السابقة والتوقعات المستقبلية وهي حالة فردية. فكل فرد يتعرض لمنبهات داخلية وخارجية كثيرة ويختار ويصنف ويعطي معاني لما يختار أن يدركه، وتنقسم تلك المنبهات إلى ثلاثة مكونات، وهي: الفرد نفسه ومنبهاته الداخلية؛ والإطارات التي ينظر الفرد من خلالها إلى المنبهات الداخلية والخارجية؛ والمنبهات الخارجية والمجال الذي يستند على التجربة الفردية. وهذه المكونات متصلة ببعضها البعض اتصالاً وثيقاً ومن الصعب القول من أين تبدأ ومن أين تنتهي. وهكذا نرى أن كل نموذج من تلك النماذج يعطي صورة معينة عن الاتصال الذاتي، وللطريقة التي بمقتضاها يتصل الإنسان بذاته، ويحاول من خلاله فهم العالم المحيط به من حوله. وأن الاتصال الذاتي هو عبارة عن العمليات الشعورية التي تحدث داخل الفرد، نفسه مع نفسه، دون فهم للذات، ودون تكوين صورة واقعية للذات مما يؤدي إلى تحويل الاتصال بين الأفراد إلى عملية صعبة. ولابد لكل إنسان أن يلاحظ الاختلافات في الصور التي يكونها لنفسه خاصة وأن مفهوم الإنسان عن نفسه يتأثر بمحيط الناس من حوله، وفق المكان والزمان والمجتمع المحيط به. وتلك العوامل تحدد ردات الفعل التي سيقوم بها الإنسان من خلال عملية الاتصال. والفكرة من الذات هي تنظيم الخصائص التي يعزوها الفرد لنفسه. وتتضمن أهدافه وطموحاته وذكائه والدور الاجتماعي الذي يحدده لنفسه. وتنبع فكرة الفرد عن نفسه من خلال التفاعلات الاجتماعية، التي تؤثر بدورها على سلوكه. ومن المبادئ الأساسية لنظرية مفهوم الذات: - أن مفهوم الفرد عن نفسه يعتمد على فهمه للطريقة التي يستجيب بمقتضاها الآخرين له؛ - وأن مفهوم الفرد عن نفسه يوجه سلوكه؛ - وأن إدراك الفرد لاستجابات الآخرين له، يعكس الاستجابات الفعلية للآخرين نحوه؛ - وأن الأسلوب الذي يدرك بمقتضاه الفرد استجابات الآخرين نحوه تؤثر على سلوكه. ومن المبدأين الأول والثالث نستنتج: - أن الاستجابات الفعلية للآخرين، تحدد الطريقة التي ينظر الفرد من خلالها إلى نفسه (مفهومه عن ذاته). ومن جمع المبدأ الثاني والثالث والرابع والخامس نستنتج: - أن الاستجابات الفعلية للآخرين ستؤثر على سلوك الفرد. أي أن الاستجابات الفعلية للآخرين هامة لأنها تحدد الطريقة التي يحدد الفرد مواقفه من نفسه، وهذه المواقف تؤثر على مفهومه عن ذاته، وتؤدي إلى توجيه سلوكه.
نماذج الاتصال بين فردين: الاتصال بين فردين (الاتصال الشخصي) هو العملية التي تحدث يومياً، حين ندخل في مناقشة، أو نعطي أو نتلقى أوامر، أو نتبادل التحية. ومن فهم عملية الاتصال الشخصي، يمكن أن نفهم أنماط الاتصال الأكثر تعقيداً. ومن نماذج الاتصال بين فردين:
نموذج ر. س. روس : الذي يعتمد على خمس متغيرات يعتبر أنها مؤثرة على الاتصال الشخصي بين الأفراد، وهي: أن المرسل يحول معلومات لديه إلى أفكار؛ وينقلها من خلال رسالة؛ عبر وسيلة اتصال معينة إلى متلقي؛ يستجيب لها عن طريق؛ إعادة بناء الفكرة الأصلية للمرسل. وبذلك يحقق المرسل الهدف، وهو راجع الصدى. ويؤكد روس على أهمية الظروف المحيطة والجو العام الذي تتم فيها عملية الاتصال، والتي تتضمن بدورها المعرفة، والتجارب السابقة، والمشاعر، والعواطف، لدى المرسل والمستقبل على السواء. إضافة للرموز: اللغة، والصوت، وترتيب المعلومات، التي تشكل كلها مجتمعة الحدث الاتصالي.
نموذج شانون وويفر: تعتمد نظرية المعلومات التي قدمها كلود شانون في عام 1948، على مفاهيم رياضية للاتصال تشبه إلى حد ما الطريقة التي تقوم بها أجهزة نقل المعلومات. أما النظام الاتصالي في نموذج شانون، وويفر فيتكون من مصدر يختار رسالة ويضعها في رموز بواسطة جهاز إرسال يحولها إلى إشارات ثم يقوم جهاز الاستقبال بفك الرموز، ويحولها إلى رسالة يستطيع الهدف (المستهدف من عملية الاتصال) أن يستقبلها. أما التغييرات التي تطرأ على الرسالة في جهازي الإرسال والاستقبال فترجع إلى التشويش الذي يحدث أثناء عملية الاتصال. ويركز شانون على دراسة العملية الاتصالية من النواحي الفنية، والدلالية، والتأثيرية. وكيف يمكن للمصدر أن يوصل رسالته إلى الهدف بأقل قدر من التحريف والخطأ، أخذين بعين الاعتبار خصائص الوسيلة التي تقوم بنقل الإشارات مع وجود التشويش ؟ والجواب يكمن في نقل الرسالة بأقل قدر ممكن من التطويل والحشو، حتى يستطيع المتلقي من إعادة بناء الرسالة الأصلية من المادة التي وصلت إليه مع التشويش الذي طرأ على الرسالة أثناء عملية النقل. ومن أجل فهم نظرية المعلومات لابد من شرح بعض المفاهيم، كمفهوم التشويش الذي يؤدي إلى ظهور اختلاف بين الرسالة المرسلة، والرسالة المستقبلة. وللتشويش نوعان هما: - التشويش الميكانيكي: الناتج عن التداخل الفني، أو التغيير الذي يطرأ على الإشارة المرسلة، أثناء انتقالها من المصدر إلى الهدف المقصود، كضعف النطق أو التحدث بسرعة أثناء البث الإذاعي والتلفزيوني؛ - والتشويش الدلالي: الذي يحدث داخل الفرد حينما يسيء الناس فهم بعضهم بعضاً لأي سبب من الأسباب.
ومفهوم النظام في عملية الاتصال: هو تسلسل أي جزء من أجزاء المعلومات. ويمكن تسمية عملية التقوية: بترددات الاستقبال في أجهزة الاستقبال الإذاعية المسموعة والمرئية وأجهزة الهاتف كنظام؛والعصب السمعي والبصري لدى الإنسان نظام؛ والإطار الدلالي للفرد نظام. وكل نظام من هذه الأنظمة قادر على استقبال إشارات متعددة كما ويمكن وصل كل نظام منها بنظام آخر من أجل توفير تسلسل الاتصال. ويحدث الاتصال عادة عندما يتصل نظامين مختلفين أو متطابقين ببعضهما البعض بواسطة نظام واحد، أو عدة أنظمة غير متناظرة. مما يؤدي إلى حدوث حالة من التطابق نتيجة لنقل إشارة عبر كل سلسلة الاتصال. كانتقال الصوت عبر الهاتف مثلاً. ومفهوم المعلومات عند شانون غير عادي لأنه لم يتقيد بتصور سابق عن اللغة، واكتفى بمشاكل الإرسال الفنية لأي نظام من أنظمة الاتصال فقط. ومصدر المعلومات الذي يقوم باختيار ما لا يعرفه الهدف من عملية الاتصال. ومفهوم الحشو أو الإطالة من أكثر مفاهيم نظرية الإعلام أهمية، ويعتمد هذا المفهوم أساساً على مدى إمكانية الحذف والزيادة في الرسالة الإعلامية للحد من تأثير التشويش، والتقليل من المجازفة وضمان فهم مضمون الرسالة الإعلامية لدي المستقبل. ومفهوم راجع الصدى: هو من المفاهيم الأساسية في نظرية الاتصال ونقل المعلومات، لأن الاستجابة لرسالة ما، تسيطر وتتحكم دائماً في الرسالة التالية التي تليها.
علم التحكم الأوتوماتيكي: اشتهر نوبرت ويفير (1894- 1964) أستاذ الرياضيات في معهد ماساتشوسيت للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، بأبحاثه العلمية في مجال التحليل الرياضي، ونظريات الاحتمالات، والعلوم الفجائية. وكان أول من استخدم اصطلاح Cybernetics كيبرنيتيك، الذي أخذه من الكلمة اليونانية Cybernetics وتعني قيادة، ومنها اشتقت الكلمة الإنكليزية Governor التي تشير إلى السيطرة الميكانيكية. وعلم التحكم الميكانيكي، هو علم المراقبة بواسطة آلات إعلامية، سواء أكانت تلك الآلات طبيعية أو عضوية أو من صناعة الإنسان. وولد هذا العلم في الولايات المتحدة الأمريكية خلال أربعينات القرن العشرين. وشجعت الحرب العالمية الثانية تطوير أبحاث التحكم الأوتوماتيكي الذي يحتاج للدقة والسرعة لأداء المطلوب منه. وتمكن العلماء من ابتكار آلات قادرة على التفكير والاتصال، أطلق عليها اسم العقول الإليكترونية، وكانت تلك العقول قادرة على الخروج باستنتاجات استدلالية وقياسية، وقادرة على حل مشاكل رياضية، والتنبؤ منطقياً. وتمكن الإنسان من تعليم الآلات أن تفكر تفكيراً منطقياً وتتعلم وتتصل حتى توصلت عبقرية الإنسان لإدخال شبكة الانترنيت العالمية حيز الخدمة الفعلية. وقال العلماء: أن جسم الإنسان ما هو إلا عبارة عن نظام كيبيرنيتيكي معقد، تتحكم به أجهزة تنظيم ذاتية لا حصر لها، وأن كل خلية في الجسم البشري ما هي إلا جهاز تحكم أوتوماتيكي. وأن هناك ملايين من وحدات التحكم الأوتوماتيكي الدقيقة التي تعمل دون توقف داخل جسم الإنسان.. وهذه الوحدات هي التي تتحكم بدوران الدم داخل الجسم، وفي تركيب العصارات المعدية والهضم، وتحافظ على انتظام عملية انقباض القلب والرئتين، وآلاف العمليات الأخرى التي نسميها اصطلاحاً بالوظائف الحية لأي كائن حي. وتحقق ما تنبأ به وينر وأصبح العالم اليوم يستخدم عملية الاتصال، التي تقوم بها آلات ذكية الحاسب الآلي "الكمبيوتر" ، وتتصل مع بعضها البعض عبر شبكات معقدة تلف الكرة الأرضية والفضاء الكوني. وجاء ميتشو كاكو في النصف الثاني من القرن العشرين ليتنبأ بأن العلماء سينتجون آلات تمتلك أحاسيس مثل البشر، وأجهزة كمبيوتر تتفوق على الإنسان حسابياً، وتعجز أمام الحقائق البيولوجية في القرن القادم. وقال: أن ثورة الحاسوب ستغير أسلوب حياة البشر خلال القرن الواحد والعشرين، وأنها ستكون سبباً في تحول البشر من مجرد مراقبين سلبيين لأسرار الطبيعة، إلى أسياد لها يتحكمون في ظواهرها، وسوف يغدو في وسعهم صياغة المادة، والتحكم بأسس الحياة ووظائفها، وصناعة الذكاء ونشره في العالم المحيط بهم. ومنها الأنظمة الخبيرة التي تنطوي على برامج لكشف المعارف المتراكمة لخبرات الإنسان، ويمكنها أن تحلل المشاكل كالبشر تماماً، من الأمثلة على ذلك، ما تقوم به أجهزة الحاسب الآلي (الكمبيوتر) وشبكة الانترنيت العالمية اليوم من خلال البرامج المتقدمة التي وضعت قيد التداول الفعلي. وقد قسم نوبرت وينر الآلات إلى ثلاثة أنواع رئيسية، هي: آلات القرن السابع عشر، وأوائل القرن الثامن عشر التي اتسمت بالبساطة، مثل: الساعات الميكانيكية؛ وآلات القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والتي كانت آلات تتحرك بمصدر خارجي للطاقة، تحول الطاقة الكيميائية إلى قدرة حركية، مثل: الآلة البخارية؛ وآلات الإعلام، وهي الآلات التي تميز بها القرن العشرين. وأحدثت ثورة معلوماتية حقيقية شملت العالم كله مع نهاية القرن العشرين.
نموذج ديفيد برلو: نشر ديفيد برلو نموذجه عن الاتصال الشخصي بين فردين عام 1960. وافترض في نموذجه أن الفرد يجب أن يفهم السلوك البشري كي يستطيع أن يحلل عملية الاتصال، وتضمن نموذج برلو العناصر الرئيسة التالية: مصدر: ويتوقف نجاح عملية الاتصال على بعض الشروط في المصدر، منها: - مهارات الاتصال عند المصدر: وتتضمن خمسة مهارات أساسية، تتعلق اثنتان منها بفك الرموز، وهما القراءة والاستماع. والخامسة بالمقدرة على التفكير ووزن الأمور لتحديد الهدف من عملية الاتصال. إذ تؤثر مهارات الإنسان في قدرته على تحليل الأهداف، وعلى ما يقوم به من ردود فعل أثناء عملية الاتصال. وتؤثر على كيفية تحويل الرسائل إلى رموز تعبر عما يختزنه الذهن من معلومات وأفكار وخبرات؛ - واتجاه المصدر نحو نفسه: فإذا كان اتجاه الفرد نحو نفسه سلبياً، فيحتمل أن يؤثر ذلك على نوع الرسالة التي يضعها المصدر، وعلى تأثيرها؛ - واتجاه المصدر نحو الموضوع: عندما يقرأ الإنسان مقالاً أو كتاباً، أو يستمع إلى محاضر...، يبقى لديه انطباع عن اتجاه الكاتب أو المتحدث نحو الموضوع ايجابياً كان أم سلبياً؛ - واتجاه المصدر نحو المتلقي: لأن اتجاهات المصدر نحو المتلقي هي من العوامل التي تحدد مدى نجاح أو فشل عملية الاتصال. ولأن القارئ أو المستمع لن يقتنع بكلام شخص لا يشعر في أعماقه أنه يهتم به ويحترمه، بصرف النظر عما إذا كان ما يقوله صحيحاً ومنطقياً؛ - ومستوى المعرفة عند المصدر: لأن قدر المعرفة عن الموضوع يؤثر على الرسالة، فالإنسان لا يستطيع أن يقول ما لا يعرفه. ولا يمكن نقل مضمون رسالة غير مفهومة. ولهذا تستعين وسائل الإعلام الجماهيرية بالمحررين المتخصصين لتبسيط المعلومات، وصياغتها بلغة مفهومة للجمهور الإعلامي كي يفهمها. ولا يكفي معرفة الموضوع من قبل المصدر بل يجب أن يكون المصدر قادر على نقله بشكل مفهوم ومبسط؛ - والنظام الثقافي والاجتماعي: إذ يتأثر القائم بالاتصال بمركزه في النظام الاجتماعي والثقافي. وهذا يفرض علينا معرفة أنواع النظم الاجتماعية التي يعمل في إطارها القائم بالاتصال، ومكانته في النظام الاجتماعي، والأدوار التي يؤديها فيه، والمهام التي يجب أن يقوم بها، والوضع الذي سيراه فيه الجمهور الإعلامي.
ورسالة: ولكل رسالة عناصر وتكوين، فالأفكار هي عناصر، وطريقة تنظيم تلك العناصر هي التكوين. وهناك أمور ثلاثة على الأقل يجب أن نراعيها بالنسبة للرسالة الإعلامية، وهي: - رموز الرسالة: التي يجب أن توضع في ترتيب معين، وفي تكوين لغوي له معنى، ليصبح لها معنى عند المتلقي، وإلا ضاعت الرسالة وفقدت معناها؛ - ومضمون الرسالة: وهي المادة التي اختارها المصدر ليعبر عن أهدافه. ومضمون الرسالة هو العبارات التي تقال، والمعلومات التي تقدم، والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها، والأحكام التي يمكن اقتراحها. ويجب أن تقدم المادة بترتيب ما لبناء المضمون. - ومعالجة الرسالة: وتتعلق بالقرارات التي يتخذها المصدر، وبالطريقة التي يقدم بها المصدر رسالته. فهو قد يختار معلومة معينة ويتجاهل أخرى، وقد يكرر الدليل أكثر من مرة في سياق الرسالة ليثبت رأيه، وقد يلخص رأيه في البداية أو النهاية. وقد يذكر المصدر كل الحقائق في رسالته الإعلامية، أو أن يترك بعضها للمتلقي ليكمل بعض جوانبها التي لم تذكر في الرسالة صراحة (استنتاج). ووسيلة: وهي القناة التي ستحمل الرسالة الإعلامية من المصدر إلى المتلقي. ويتوقف اختيارها على قدرات كلاً من المصدر والمتلقي على حد سواء. ومتلقي: وما ينطبق على المصدر، ينطبق على المتلقي. لأن المصدر والمتلقي وفق نموذج برلو، متماثلان، وأحياناً هما شخصاً واحداً. وقد يتحول المصدر إلى متلقي أثناء عملية الاتصال، ويبقى المتلقي أهم حلقة في عملية الاتصال، وعلى المصدر أن يضع المتلقي في اعتباره دائماً عند اتخاذه لأي قرار يمس عوامل عملية الاتصال. ومن نقاط الضعف في نموذج برلو أنه لم يتناول موضوع التقييم، أو راجع الصدى، أو التأثير المرتد، إلا في سياق المناقشة فقط.
نموذج الاتصال في الإطار الشخصي (نموذج التعلم): التعلم هو التغيير الذي ينتج عن العلاقة الثابتة بين ما يدركه الفرد، والاستجابة التي يقوم بها، سواء أكانت هذه الاستجابة علنية أم خفية. ويحدث التعلم في حال استمرار الفرد القيام بنفس الاستجابات القديمة رداً على منبه جديد، أو قيامه باستجابة جديدة على منبه قديم. وهناك علاقة بين التعلم وعملية الاتصال، لأن هدف القائم بالاتصال أساساً تغيير سلوك المتلقي ليتعلم خبرات جديدة. ولنفرض أن شخصاً ما يسعى لينتخبه الناس لمنصب هام للمرة الأولى. والناخبون لا يعرفونه من قبل، ويريد جعلهم ينتخبونه. ويعرف أن الناخبين قد انتخبوا غيره في السابق أي مروا بتجربة الانتخاب، أي لديهم استجابة قديمة. فيسعى إلى تغيير الاستجابة القديمة إلى منبه جديد يدخل ضمن عناصره، وهذه العملية بحد ذاتها هي عملية اتصال وتكمن فيها أهداف التعلم. أو أن أحد المنتجين يريد الإعلان عن سلعة معينة، معروضة للبيع منذ فترة دون إقبال المستهلكين على شرائها. وعلى ضوء نظرية التعلم نستخلص أن السلعة (منبه) قديم، استجاب إليها المستهلك بعدم الشراء، وأصبح الهدف الآن جعل المستهلكين يغيرون استجاباتهم للمنبه القديم ويقدمون على شراء السلعة القديمة. وهذه العملية بدورها حالة اتصالية تنطوي على مهارات التعلم. وعملية التعلم تعتمد على استجابات الإنسان للمنبه من خلال إدراكه وحواسه. وتتضمن عملية التعلم: وجود المنبه، الذي يستطيع الفرد إدراكه بحواسه، وأن يدرك الفرد هذا المنبه، وأن يفسر الفرد المنبه الذي أدركه. ليكون استجابة معينة للمنبه. ومن ملاحظة الاستجابة نرى أن الفرد يحافظ على الاستجابة التجريبية إذا أدرك أن نتائجها مفيدة له، ويترك الاستجابة التجريبية إن أدرك أنها غير مفيدة. ومن ذلك نستنتج أن مكونات عملية التعلم هي: تقديم منبه، وإدراك هذا المنبه، وتفسير هذا المنبه، والإقدام على استجابة تجريبية، وتقييم نتائج الاستجابة التجريبية، والقيام باستجابات أخرى، وتطوير العلاقة الثابتة بين المنبه والاستجابة. أي تطوير ما تعود عليه الفرد. وتنشأ قوة العادة عند الإنسان عادة عن: - التكرار: عندما نتعلم مهارات جديدة، تؤدي الممارسة وتكرار الحدوث للوصول إلى الكمال؛ - والعزل: لأن الإنسان يتعرض لوسائل اتصال وإعلام جماهيرية مختلفة، ولكن إن استطاع مصدر الاتصال أن يعزل المتلقي، أو يقلل من الرسائل المتوافرة له، أصبح في إمكانه زيادة فرص تعرض ذلك المتلقي لرسالة المصدر هذا فقط، وليس للرسائل الأخرى المنافسة. وعمدت بعض الدول كالإتحاد السوفييتي السابق ودول المنظومة الاشتراكية التي كان يقودها إلى السيطرة التامة على وسائل الإعلام الجماهيرية، ولم تسمح بنقل رسائل إعلامية تنافس الرسائل الإعلامية للحكومة، وفرضت على الجمهور الإعلامي وجهة نظر واحدة فقط. ويرى البعض في تركيز ملكية وسائل الإعلام الجماهيرية في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، في أيدي قلة من المالكين أمراً يدعو للقلق. فقد ازداد عدد المدن الأمريكية التي لا يوجد فيها صحفاً منافسة، ويعزو البعض ذلك إلى أسباب اقتصادية بحتة، وليس لأسباب سياسية؛ - ومستوى الفائدة: فكلما زاد مستوى الفائدة من المنبه الجديد، كلما زاد مستوى الاستجابة له من قبل المتلقي؛ - وتأخير الفائدة: وتؤثر على قوة الاستجابة، لأن الفائدة المباشرة تزيد من احتمال استبقاء تلك الاستجابة أكثر. ومنه يمكن أن نخرج بحقيقتين هامتين، هما: أن المادة الإعلامية التي توفر الفائدة المباشرة والسريعة، يحتمل أن يستجيب لها كل شخص، بينما المواد التي توفر فائدة آجلة، فقد يقرؤها من كان له حظاً أوفر من التعليم فقط؛ - والجهد المطلوب للاستجابة: وإذا تساوت الظروف، يلجأ الفرد إلى استجابات تحتاج إلى مجهود بسيط، ويعرض عن الاستجابات التي تحتاج لمجهود كبير. ولهذا يجب التقليل من المجهود المطلوب من المتلقي لتحقيق الاستجابة المطلوبة. وعندما نقوم بإعداد الرسائل الإعلامية، أو عندما نتلقى رسائل إعلامية، أو نحلل عملية الاتصال علينا أن نأخذ بعين الاعتبار: الاستمرار في تقديم الرسالة الإعلامية، مع أو دون تحقيق فائدة للمتلقي؛ ووجود أو عدم وجود منافسة بين المنبه أو الاستجابة، ومنبه واستجابة أخرى؛ ومقدار الفائدة التي يشعر المتلقي أنه حصل عليها نتيجة للاستجابة؛ والفترة الزمنية بين القيام بالاستجابة والفائدة التي حصل عليها المتلقي؛ والمجهود المطلوب من المتلقي للقيام بالاستجابة المطلوبة.
والتعلم والفائدة مرتبطان ولهما دوراً أساسياً في تقوية العادات السلوكية لدي المتلقي، وجعل عملية الاتصال أكثر فاعلية. وللفائدة دوراً أساسياً في تقوية العادات وتحقيق أهداف عملية الاتصال. فنحن كمصدر للاتصال أو متلقين للاتصال، نريد إشباع حاجاتنا، وتحقيق أهدافنا. والهدف الرئيسي هو التأثير، فنحن نحاول التأثير على أنفسنا وعلى الآخرين وعلى الظروف المادية المحيطة بنا. والإنسان يسعى دائماً إلى التقليل من إحساسه بالتوتر، ويسعى للحصول على الحقائق التي تساعده على زيادة يقينه بما يحدث فعلاً. وهذه العلاقة بين الحقيقة، والتوتر، تكمن في نظرية هوميوستيز في التعلم، والتي تدخل في نظرية أسجود، وتانينباوم، عن مبدأ الاتفاق في الاتصال، ونظرية فستنجر عن تنافر وتآلف المعرفة في السلوك البشري. وكلها متصلة بمفهوم الفائدة. وفي أي ظرف اتصالي، علينا أن نختار موضوعات على ضوء النتيجة التي نتوقع أن يحصل عليها المتلقي، وكقائمين بالاتصال علينا أن نتذكر أن الاستجابة التي نريدها من المتلقي تكمن في الفائدة التي يحصل عليها، وإلا فإنه لن يكررها ولن يتعلمها. وأن الاتصال الفعال يجب أن يؤكد الجوانب الإيجابية ويقلل من الجوانب السلبية، ولو أن التعلم يتطلب خلق توتر، وتقليل اليقين الفردي، ولكن هذا التوتر يجب أن يكون خلاقاً ليصبح ذو فائدة.
نموذج بارنلند، للاتصال بين فردين: أشرنا عندما استعرضنا نموذج بارنلند للاتصال الذاتي إلى أن عملية الاتصال من وجهة نظره هي عملية دائرية، وأنه لا يهتم بالعناصر البنائية للاتصال بقدر اهتمامه بالعلاقات الوظيفية التي تحكم الجوانب التكوينية والقالب الاجتماعي الذي يحدث فيه التفاعل. وتناولنا مدى اهتمام بارنلند بالدلالات المتنوعة التي تصنع التأثيرات الداخلية والخارجية. أما في نموذجه عن الاتصال بين فردين، فعملية الاتصال تزداد تعقيداً. وتتضمن ثلاثة إطارات من الدلالات متصلة كلها بالظروف المحيطة، والظروف السلوكية، والظروف اللفظية، يجب مراجعتها لإضفاء معان عليها، ومقارنتها حتى يقدم كلاً من الفردين على الاستجابة المناسبة، وهي: دلالات خاصة؛ ودلالات سلوكية غير لفظية؛ ودلالات سلوكية لفظية. وبما أن الهدف من عملية الاتصال هو تقليل عدم اليقين، فإن لكل دلالة قيمة معينة في تحقيق هدف الاتصال. ويتطلب من الإنسان أن يبقى دائماً مستعداً لتلقي الدلالات المتوفرة، وتعديل معانيها حتى تتكون لديه صورة متكاملة عن الظرف الاتصالي. ولهذا يصبح التكيف مع الظروف هو معيار الاتصال الوظيفي الذي يتضمن الاتجاه للتفكير وفقاً لدرجات متنوعة ونسب متغيرة، واعتياد العمل أو التصرف المؤقت مع إدراك واع للتأثير المقيد أو المشروط بالزمن والمكان والأفراد والظروف والتطلعات والتوقعات، والتقدير العاطفي للمشاعر المتنوعة وما تبقيه تلك المشاعر أثناء عملية الاتصال. وما تعتبره بعض الدراسات الأكاديمية خطأ في الحكم، أو انهيار لعملية الاتصال، أو اضطراب الشخصية، ما هو إلا نوع من الإهمال الاتصالي، عرف بقانون الظرف الكلي، أي الدرجة التي يستطيع أو لا يستطيع الفرد بمقتضاها الاستجابة للظرف الكلي. فالفرد قد لا يرى الدلالات الهامة الموجودة في الظروف المحيطة، وقد يحرف الدلالات اللفظية وغير اللفظية التي تعرض لها، وقد يعجز عن مراجعة الافتراضات غير الملائمة عن المكان والزمان، فإذا حدث ذلك سيكون صعباً أو مستحيلاً على الفرد إدراك المعاني التي ستسمح له المشاركة بالعمل بشكل فعال. وأخذ قانون الظرف الكلي في الاعتبار أو إهمال، أمر يمكن إثباته من خلال عمليات الاتصال البشري بكل مستوياتها، وإن كانت بين شخصين، أو أكثر. وهذا الإهمال الاتصالي موجود ويحدث في كل مكان وزمان ومع كل إنسان.
نموذج وستلي وماكلين: يعتبر نموذج وستلي وماكلين ملائماً للاتصال الشخصي بين فردين، والاتصال الجماهيري. وينقسم هذا النموذج إلى أربعة مستويات، هي: - التركيز على وضع الفرد نفسه بين الأحداث والأشياء من حوله. وقد يكون الفرد هذا مراسلاً صحفياً، يختار ويكتب عن أحداث وأشياء لا حصر لها. ومن الطبيعي أنه لن يستطيع التأثر بكل المعلومات، ولا يستطيع استيعاب كل الأحداث التي تدور من حوله، لأن قدراته كفرد محدودة. لهذا فإنه يلجأ إلى التجريد وتحديد المعلومات التي يأخذها. فتنتقل هذه المعلومات إليه عن طريق حواسه كالسمع والبصر بشكل مباشر، ويختار منها المعلومات التي يعتبرها صحيحة وتدرب على سماعها ورؤيتها وسماعها، وتناسبه وتلبي حاجاته وتساعده على حل مشاكله؛ - والتركيز على المصدر الذي قد يكون فرد أو جماعة أو نظام اجتماعي، والمتلقي الذي يتأثر بوجود المصدر والأحداث والأشياء. فينقل المصدر للمتلقي معلومات إضافية بحكم وجوده، ويوفر المتلقي للمصدر راجع صدى، (تأثير مرتد)، يحيطه علماً بتأثير رسالته الإعلامية، ووجهة نظر المتلقي الأصلية من موضوع الرسالة. - ويتعلق ذلك باختيار المصدر لمعلومات غير متوفرة لدى المتلقي وتشبع احتياجاته. ينقلها عبر وسيلة اتصال مناسبة، وإلا أعرض المتلقي عن المصدر. والصحفي الناجح هو الذي يعرف كيف يشبع رغبات الجمهور الإعلامي ويجذب اهتمامهم. بينما تحتاج الدولة لشبكة معقدة من المراسلين، وهم طبعاً رجال السلك الدبلوماسي، لنقل المعلومات اللازمة التي تساعد على تخطيط السياسة الخارجية للدولة؛ - والتركيز على الرسالة الإعلامية التي يعتبرها النموذج: هادفة: وتسعى إلى تعديل إدراك المتلقي والتأثير عليه؛ وغير هادفة: لا يسعى القائم بالاتصال من خلالها التأثير على المتلقي. وهذا أمر هام جداً لتفسير عمل وسائل الإعلام الجماهيرية، على ضوء راجع الصدى المقصود ، وغير المقصود الذي تحدثه الرسالة الإعلامية، أو الوسيلة الإعلامية، أو القائم بالاتصال.
الفصل الثامن: نماذج الاتصال الجماهيري. عندما يزداد عدد متلقي الرسالة الإعلامية بشكل كبير، تحدث تغييرات جذرية في عملية الاتصال، ولابد للقائم بعملية الاتصال في هذه الحالة من التكيف معها ومواجهتها، ومن أهم هذه المتغيرات: نقص التفاعل بين المرسل والمتلقي، والمتغيرات التي تطرأ على طبيعة راجع الصدى من الجمهور الإعلامي. ونتيجة لثورة وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة (نقل ترددات البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الأقمار الصناعية، وشبكة الانترنيت العالمية) زاد استخدام الاتصال الجماهيري، وأصبحنا جميعاً نستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، مما فرض علينا أن نعرف خصائصها وطبيعتها وكيف تؤثر علينا. ومن النماذج الهامة للاتصال الجماهيري:
نموذج ولبر شرام: استخدم ولبر شرام في نموذجه الذي قام بتقديمه عام 1954، وطوره عام 1971 مستخدماً نفس العناصر الأساسية لنموذج شانون، وويفر، لراجع الصدى والتشويش. وأضاف إلى النظام التركيبي الذي أشار إليه شانون النظام الوظيفي، أي تأثير التعلم على السلوك والجوانب الدلالية وتأثيرها، وقدم في نموذجه مفاهيم هامة عن الإطار الدلالي للمرسل والمستقبل، وأهمية الخبرة المشتركة بينهما في تسهيل عملية الاتصال وتوصيل المعاني. وقام شرام بتطوير نموذجه الأول عن الاتصال الجماهيري، بعد أن مهد لذلك بسلسلة من النماذج. احتوت على: مصدر، وأداة لوضع الفكرة في رموز، وإشارة، وأداة لفك الرموز، وهدف. واعتبر المصدر وأداة ترميز الفكرة جزآن منفصلان موجودان في شخص واحد، وأداة فك الترميز والهدف هما جزآن منفصلان موجودان في شخص آخر. وهذا النموذج يبدو إلى حد ما مماثل لنموذج شانون، وويفر، ولكنه لا يتضمن عنصر التشويش. أما في نموذجه الثاني، قدم شرام فردين متصلين ضمن حالة تداخل بين خبراتهما، فالرسالة مكونة من إشارات تعني شيئاً لكل منهما. وكلما تشابه إطارهما الدلالي زاد احتمال تطابق معنى الرسالة الإعلامية عندهما. وهنا لابد من الإشارة إلى أن معنى كل كلمة في أي لغة له عدة أبعاد، وهذا المعنى يختلف بين فرد وفرد، ومن ثقافة إلى أخرى. والرسالة الإعلامية في نموذجه الثالث ليست سهلة وبسيطة كما يبدو للوهلة الأولى، فالكثير من المعاني التي تتضمنها تكمن خارج إطار الكلمات المنطوقة التي نسمعها، وطريقة نطق الكلمات والحركات الإيمائية التي يقوم بها المتحدث تعطي مدلولات ومعاني قد تختلف وتتناقض مع ما ينطق به من كلمات. ويحدث نفس الشيء للرسائل الإعلامية التي تنقلها وسائل الإعلام الجماهيرية، فالصفحة التي تنشر المادة الإعلامية، ومكان هذه المادة على الصفحة، والمؤثرات المحيطة بها على الصفحة ذاتها، ونوع الحروف المستخدمة، كلها عناصر تشترك في نقل معان تؤكد ما جاء في المادة الإعلامية، أو تسهم في إضعاف تأثير مضمونها، لأن المادة الإعلامية تتضمن عدداً كبيراً من الدلالات غير اللفظية، تسهم في تكوين المعنى الذي يخرج به القارئ. واختيار أي مادة إعلامية يتوقف على مدى صواب الاختيار، الذي يجب أن يعتمد على مدى الفائدة، ومدى الضرر الذي ستقدمه تلك المادة للجمهور الإعلامي. وأشار ولبر شرام إلى حقيقة هامة، وهي: أن التعرض للرسائل الإعلامية والأحداث كثيراً ما يحدث بالصدفة، لمجرد مصادفة وجود الفرد في مكان الحدث، أو مكان تواجد الرسالة الإعلامية. بينما نرى في حالات أخرى أن الإنسان يسعى دائماً نحو المواد الإعلامية المفيدة التي سبق وتعرض لها في الماضي، فهو يختار القنال الإذاعية المسموعة أو المرئية المفضلة، والبرنامج المفضل لديه. ويقرأ للكاتب الذي يفضله، والمفكر الذي يثق برأيه. وكلها تدخل ضمن عادات الاستماع والمشاهدة وتوقعات الفائدة التي سيجنيها من التعرض للرسائل الإعلامية وفهمه لدلالاتها المختلفة. ويؤكد في نموذجه الرابع، على حقيقة مفادها أن اشتراك كل فرد في عملية الاتصال لا يقتصر على كونه مرسلاً فقط أو متلقياً دائماً. فالفرد سواء أكان مرسلاً أم متلقياً يقوم بترميز المنبهات، ويقوم بتفسيرها انطلاقاً من خبراته الخاصة. ومهما كانت النتائج من عملية الاتصال فالإنسان يقوم بشكل دائم بفك رموز الرسائل الإعلامية التي يتلقاها وعلامات الظروف المحيطة به، ويفسر تلك الرموز والعلامات على ضوء ما يدور في ذهنه من رموز وعلامات. ومن الخطأ القول بأن عملية الاتصال تبدأ من نقطة، وتنتهي في نقطة، لأن عملية الاتصال هي عملية دائمة لانهاية لها تؤثر وتغير في تفسيراتنا وعاداتنا وقدراتنا المعرفية. ويقوم النموذج الخامس لشرام على نظامين للاتصال الذاتي، يرتبطان بالتأثير المرتد لراجع الصدى الذي يمر باتجاهين. فيعدل القائم بالاتصال بموجبه من رسائله الإعلامية ويحاول التقليل من التشويش الحاصل خلال عملية الاتصال، للتقليل من التحريف في مضمون الرسالة الإعلامية أثناء عملية نقلها.
والاتصال الجماهيري بطبيعته هو: السعي للوصول إلى جمهور إعلامي كبير، لا تعرف المؤسسات الإعلامية عنه سوى القليل. وتساعد البحوث الإعلامية التقليل من هذه المشكلة عن طريق توفير معلومات أكثر عن الجمهور الإعلامي للمؤسسات الإعلامية، تساعد على الاستخدام الأمثل لإمكانيات وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، وفي اختيار رسائل إعلامية أكثر فائدة، وأكثر فاعلية وتأثيراً. بمضمون يرضي أكبر قدر ممكن من الجمهور الإعلامي. مع مراعاة المتغيرات الحاصلة بشكل دائم. وإلا فشلت المؤسسة الإعلامية في أداء الدور المطلوب منها ضمن النظام الاجتماعي. والمؤسسة الإعلامية بحد ذاتها هي عبارة عن نظام معقد، له إضافة لمشاكله الخارجية مع الجمهور الإعلامي، مشاكله الداخلية المتعلقة بالاتصال داخل المؤسسة، والتعامل مع الأحداث ومصادر المعلومات، وسياسات العمل واتخاذ القرارات وتنفيذها، وأقلمة العاملين الجدد مع الجو العام للعمل... الخ. وعملية الاتصال الجماهيري تتم بين: مؤسسة إعلامية تحصل على أخبار من مصادر متنوعة، تقوم بفك رموزها، وتفسيرها، ومن ثم تعبر عن آرائها عن طريق إعادة ترميزها وإعدادها في مواد إعلامية كثيرة، توجه إلى جماهير غفيرة، مؤلفة من أفراد في جماعات صغيرة أو كبيرة، يقوم كل متلقي منهم بتفسير مضمون المادة الإعلامية وفهمها بطريقته الخاصة، على ضوء اتفاق أو عدم اتفاق الفرد مع أنماط تلك الجماعة، أو الجماعات. وتحصل المؤسسة الإعلامية على راجع صدى، هو أقل بكثير في عملية الاتصال الجماهيري من راجع الصدى في الاتصال الشخصي. وتمتلك وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية قدرات هائلة لتوسيع أفق الجمهور الإعلامي الكبير ومد سمعه وبصره إلى مسافات بعيدة بلا نهاية أو حدود، ومضاعفة أصواتنا وكلماتنا المكتوبة لتصل إلى أماكن بعيدة جداً حيث ينتظرها الجمهور الإعلامي، وتراقب الأحداث نيابة عنا وتخبرنا عما يجري من حولنا، ومع ذلك نجدها تواجه صعوبات كبيرة عندما تتنبأ بمدى التأثير على الجمهور الإعلامي بشكل عام. وأخيراً فإن نظرة ولبر شرام إلى الاتصال الجماهيري تقوم على أنها عملية دائرية واحدة تربط بين المرسل والمتلقي وبالعكس عن طريق راجع الصدى.
نموذج تشارلس رايت التحليل الوظيفي والاتصال الجماهيري: يركز التحليل الوظيفي على توضيح المهام التي يسعى القائم بالاتصال إلى الوظائف التي يريد تحقيقها، والنتائج التي تحدث من دون أن يهدف لها. ولمعرفة الأساليب التي يمكن بموجبها دراسة تأثير وسائل الإعلام الجماهيرية على النظم الاجتماعية، والثقافية، وعلى الأفراد. نلجأ إلى التحليل الوظيفي الذي قال عنه الباحث الأمريكي الشهير البروفيسور تشارلس رايت: بأنه يهتم بدراسة الوظائف التي تؤديها أي ظاهرة من ظواهر النظام الاجتماعي. وفي هذه الحالة، فإن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تعتبر من الظواهر التي تؤثر دون أدنى شك في النظام الاجتماعي وأدائه لوظائفه. وقد ناقش رايت بعض النقاط النظرية والمنهجية المتصلة بتطور النظريات الوظيفية للاتصال الجماهيري، وأشار إلى أن الأسلوب أو المنهاج الوظيفي أستخدم في دراسات كثيرة، لمعرفة جوانب الاتصال الجماهيري المختلفة. واستعان رايت بتلك الدراسات لإيضاح المشكلة التي عالجها، دون التعرض لتلك الدراسات. والاتصال الجماهيري وفق مفهوم رايت هو: نوع خاص من الاتصال يتضمن ظروفاً معينة للعمل تأخذ في اعتبارها: - طبيعة الجمهور الإعلامي، الكبير والمتنوع والمجهول للقائم بالاتصال؛ - وطبيعة عملية الاتصال، التي تنقل رسائل إعلامية علنية، وتراعي الوقت الذي يمكن من خلاله الوصول لغالبية الجمهور الإعلامي بسرعة وفي نفس الوقت؛ - وطبيعة القائم بالاتصال، الذي يعمل عادة في مؤسسة إعلامية ضخمة ومعقدة تحتاج لتكاليف باهظة.
ويستخدم التحليل الوظيفي لدراسة نظم معينة، سواء أكانت أفراداً أم جماعات أم نظماً اجتماعية أو ثقافية، لمعرفة نتائج الظواهر الاجتماعية التي تؤثر على الدور الطبيعي لأي نظام. والخطوة الأولى لاستخدام التحليل الوظيفي في دراسة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيري، تنحصر في تحديد نوع المادة القياسية، اللازمة للتحليل. فالاتصال الجماهيري هو عملية اجتماعية متكررة وفقاً لنمط معين، في المجتمعات الحديثة، ويلاءم التحليل الوظيفي لمعرفة نتائج عملية الاتصال الجماهيري، وتأثير المادة الإعلامية اجتماعيا، لاسيما وأن بعض الباحثين في مجال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية يعتبرون أن التأثير الاجتماعي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية مبالغ به. ومعروف أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تصل إلى جمهور واسع، يشمل قطاعات كبيرة من المجتمع المحلي والعالمي بعد التطور الهائل الذي شهدته وسائل الاتصال الجماهيرية خلال الربع الأخير من القرن العشرين. ولكن الأعداد الضخمة من الناس الذين يتعرضون يومياً لما تنقله وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، ليست سوى أرقام تحدد الجانب الاستهلاكي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. ولا تعكس البتة مدى تأثر هذه الأعداد الضخمة بما تنقله تلك الوسائل على مدار الساعة. ومعرفتنا بعدد ساعات البث اليومية، وعدد نسخ المطبوعات ومدى انتشارها في الأوساط الاجتماعية لا يوفر لنا حقائق عن تأثير تلك المواد الإعلامية التي نقلت عبر تلك الوسائل وتلقاها الجمهور الإعلامي فعلاً. ولا بد من دراسات دائمة تطلعنا على نتائجها والتأثير الفعلي لتلك المواد الإعلامية بالجمهور الإعلامي. وبغض النظر عن مبررات القلق الدائم من تأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، فالتحليل الوظيفي يحاول قياس تأثيرات عملية الاتصال الجماهيري بشكل عام كعملية اجتماعية تشارك فيها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الجمهور الإعلامي. ويعتمد التحليل الوظيفي على القياس والتخيل والتنبؤ والتصور والحدس وما يقدمه من نتائج يخدم بصورة مباشرة عملية تطوير نظرية الاتصال الجماهيري، بناءً على تجارب يمكن إثبات نتائجها. وهناك نوعاً آخر من التحليل الوظيفي يهتم بدراسة مضمون وسيلة أو أكثر من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية كمادة للتحليل. ولتحديد الوظائف التي تقوم بها تلك الوسيلة أو الوسائل ومدى تلبيتها للاحتياجات الإعلامية للمجتمع والأفراد، والعلاقة بين الوسيلة أو الوسائل والجمهور الإعلامي، من خلال تأثيرها الفعلي على عملية الاتصال بشكل عام. كما ويستخدم التحليل الوظيفي لدراسة مؤسسات الاتصال الجماهيري ودراسة أسلوب العمل الذي يتكرر دائماً وبشكل معين داخل تلك المؤسسات، وفي هذه الحالة يمكن الحصول على مادة علمية أساسية تثبت الافتراضات من خلال دراسة حالة معينة، كما ويمكن إجراء مقارنة بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المختلفة، وتحليل تأثير المواد والرسائل الإعلامية التي تقدمها تلك الوسائل عن طريق التجربة المباشرة. ومن الاستخدامات الفعالة للتحليل الوظيفي، دراسة أوجه النشاطات الإعلامية الأساسية التي تتم من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. من خلال ثلاثة أهداف للاتصال الجماهيري حددها لازويل، وهي: مراقبة البيئة المحيطة، والتعريف بالظروف العامة (الأخبار)؛ والتعليق على الأخبار والظروف المحيطة بها (مقالات)؛ ونقل التراث الثقافي الاجتماعي من جيل إلى جيل. إضافة لهدف الترفيه والتسلية التي تقوم به وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. ولا يقتصر التحليل الوظيفي على دراسة النتائج المطلوبة فقط، بل يتعداها للقيام بدراسات متكاملة، ولابد هنا من التمييز بين نتائج العملية الاتصالية الإعلامية وأهدافها فليس بالضرورة أن تتفق الأهداف مع نتائج العملية الاتصالية الإعلامية. وتسمى النتائج التي يهدف إليها القائم بالاتصال بالمهام الظاهرة، والنتائج التي تحققت دون أن يهدف إليها القائم بالاتصال بالمهام الخفية. ولمعرفة النتائج المرغوبة وغير المرغوبة للمواد الإعلامية (أخبار، مقالات، مواد ثقافية أو ترفيهية) عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لا بد من استخدام عناصر الافتراضات لاستخدامها بشكل مبدئي استكشافي بالأساليب التجريبية، وتتضمن: المهام: الظاهرة، والكامنة، والمطلوبة، وغير المطلوبة؛ والاتصال الجماهيري، الذي يقوم: بالتعريف بالظروف المحيطة (أخبار)، وبنشر المقالات التوجيهية، وبنقل التراث الثقافي، والترفيه، والإعلان؛ للتأثير على: المجتمع، والجماعات الفرعية، والشرائح الاجتماعية، والأفراد، والنظم الثقافية؛
النتائج المطلوبة وغير المطلوبة من نشر المواد الإعلامية على الفرد والمجتمع: النتائج المطلوبة للمجتمع: هي تقوية الشعور بالمساواة بين أعضاء المجتمع الواحد، وتعبئتهم لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية. وتأمين الخدمات الإعلامية لمؤسسات المجتمع المختلفة، وأخبار المال والأعمال، ونشرات الملاحة الجوية والبحرية، والنقل .... إلخ. أما النتائج المطلوبة للفرد: فهي التعريف والتنبيه بالظروف المحيطة، وتوفير الأخبار المحلية والدولية، وأخبار المجتمع، ونشرات الإذاعتين المسموعة والمرئية، والإعلانات التجارية.. وغيرها. وهناك وظائف أخرى لنقل المعلومات عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، منها إضفاء هالة من الهيبة والمكانة تزيد من تأثير الأفراد المضطلعين على الأحداث المحلية والعالمية داخل الجماعة، وتعزز دورهم كقادة للرأي داخل الجماعة. ويضيف لازرفيلد، ومرتون، وظيفة تعزيز مكانة وسطوة ونفوذ الأنظمة التي تركز عليها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وتسلط الأضواء عليها، داخل المجتمعات المستهدفة. ضمن المقولة الشائعة: "إذا كان لك شأن في المجتمع، ستصبح محوراً لاهتمام الجماهير وإذا أصبحت محوراً للاهتمام في المجتمع، فلا شك بأن لك شأناً". وهنا لابد من الإشارة إلى تأثير الحملات الإعلامية الكبير على أنماط التفكير الاجتماعية عندما تتصدى للفساد، وتعمل على تعزيز العادات السلوكية الصحيحة في المجتمع، كنمط للحياة الاجتماعية بشكل عام.
ونتائج نشر المعلومات غير المطلوبة اجتماعياً: تهدف تهديد كيان المجتمع وإثارة المشاكل والحسد والكراهية والبلبلة، نتيجة لنشر معلومات عن العالم دون سياسة إعلامية واضحة، ودون أي نوع من المتابعة أو التوجيه السليم. وأصبحت هذه المشكلة اليوم تهدد مجتمعات بأكملها بعد الثورة المعلوماتية التي شملت العالم بأسره مع نهاية القرن العشرين بفضل تطور تقنيات الاتصال ودخولها عصر العولمة. وإثارة الخوف والذعر في صفوف الجماهير، من تكرار التحذير من الأخطار المحيطة التي تهدد حياة الإنسان والمبالغة فيها.
ونتائج نشر المعلومات غير المطلوبة فردياً: تهدف إلى زيادة التوتر والخوف ووطأة حرب الأعصاب من المعلومات التي تحذر من الأخطار المحيطة. مما يؤدي إلى آثار وخيمة لا يحمد عقباها. وقد يؤدي تكرار التنبيه بالخطر لخلق شعور من العجز والإحباط لدى الفرد، تخلق عنده شعوراً من الإخفاق يمنعه عن مواجهة الأخطار بروية وهدوء، فيقع فريسة سهلة لتلك الأخطار. والتأثير التخديري لكثرة نشر المعلومات غير المرغوبة على الأفراد، وما ينتج عنها من اللامبالاة السياسية لديهم. لأن "وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من أكثر وسائل التخدير فاعلية وأن تأثيرها كبير إلى درجة أنها تجعل الفرد الذي يدمنها غير مدرك بأنه مريض". والتأثير الثقافي الذي أتاحته عولمة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، والذي أصبح من الصعب السيطرة عليه أو توجيهه. من ناحية يوفر نوعاً من الحوار الثقافي بين الشعوب، ومن ناحية أخرى يؤدي إلى سيطرة ثقافة الأقوى، ويهدد بغزو ثقافي حقيقي قد يؤدي إلى طمس الملامح الثقافية الأصيلة للشعوب الأضعف. كما وتقوم وظائف وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بوظائف أخرى، كتحليل وتفسير والتعليق على الأحداث. ونقل الثقافة من جيل إلى جيل وتعزيز الأفضل من الخبرات الثقافية المتوارثة، والترفيه والتسلية. وكلها يجب أن يتناولها التحليل الوظيفي بالدراسة والتمحيص.
نموذج ملفن دوفلور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية كأنظمة اجتماعية: يعتمد نموذج ملفن دوفلور على الفكرة التي أضافها عن المضمون منخفض التذوق لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وهو مصدر النقد اللاذع من قبل البعض. واعتبره دوفلور العنصر الأساسي الذي يحافظ على التوازن المالي للنظام الإعلامي. لأن المضمون منخفض التذوق للمادة الإعلامية يرضي أذواق القطاع الأكبر في السوق الإعلامية، وهذا يوفر لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الاستقرار رغم المضمون الهابط والهجوم المتواصل من قبل النقاد. ويشير دوفلور إلى مواضيع أخرى هامة غير تأثير المادة الإعلامية، ويجب أن تحظى باهتمام الخبراء والباحثين. منها حقيقة أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في المجتمعات المتقدمة، مستمرة في العمل والانتعاش رغم ما تقدمه من مضمون أدانته دائماً الصفوة من قادة المجتمع ورجال السياسة والتربية والتعليم. ويطالب دوفلور في نموذجه بدراسة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، كأنظمة اجتماعية تعمل في ظل نظام محدد، من الظروف الاجتماعية والثقافية التي يتألف منها المجتمع، بشكل تؤدي نتائج تلك الدراسات إلى تحقيق استقرار أكثر للنظام الاجتماعي والإعلامي بشكل عام. والنظام الاجتماعي هو تجميع للأنماط الثقافية المتوقعة، والتصرفات التي تحقق الاستقرار الاجتماعي، وتتكرر وفق نمط معين وهذا التكرار هو انعكاس للثقافة التي يشترك فيها أعضاء المجتمع من خلال دور كل منهم. ويعكس هذا النظام جوانب التكيف السيكولوجي، وبدوره يعتبر مصدراً للثقافة، ويمكن تحليله وظيفياً. والتحليل الوظيفي يركز على ظاهرة معينة تحدث في إطار نظام اجتماعي معين. ويحاول التحليل الوظيفي إظهار النتائج التي تسهم في استقرار النظام ككل. وقد وصف كارل همبل منطق التحليل الوظيفي، بـ: "أن موضوع التحليل هو مادة ما، تتسم بالاستمرار النسبي، وتحدث في نظام معين ويهدف التحليل إلى إظهار هذا النظام. ويحوي هذا النظام ظروف داخلية، وخارجية، وعند اشتراك الظروف الداخلية والخارجية، ينتج الاستعداد للتأثيرات الذي تشبع احتياجاً وظيفياً ضرورياً للنظام، كشرط لاستمرار النظام في العمل بشكل ملائم وفعال". ويطبق هذا النوع من التحليل على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، من أجل تحديد المضمون المنخفض ثقافياً لما تنقله وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية إرضاء لرغبات الجماهير العريضة وتحديد أنواع تلك المواد الإعلامية، وتصنيفها ضمن: - مضمون متسم بانخفاض الذوق توزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على نطاق واسع، وتتعرض له قطاعات واسعة من الجمهور الإعلامي ويثير حفيظة وغضب النقاد، لما يسببه من تدهور الذوق العام والآداب والأخلاق عن طريق إثارة العادات السيئة اجتماعيا؛ - ومضمون لا تختلف حوله وجهات النظر وتوزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على نطاق واسع، ولا يثير أية ردود فعل لدى النقاد. ولا يؤدي إلى رفع أو خفض الذوق العام، ولا يهدد المستوى الأخلاقي في المجتمع؛ - ومضمون يتسم بالذوق الرفيع وتوزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على نطاق واسع، ولكن بنسبة تعرض أقل من قبل الجمهور الإعلامي، ويعتقد النقاد أنه يسهم في رفع مستوى الذوق العام، والمستوى الأخلاقي في المجتمع، ويسهم في تعليم أفراد المجتمع ويرفع من سويتهم الثقافية. ويفترض دوفلور وجود تضاد في المضمون الإعلامي على شكل ثقافة عليا، وثقافة هابطة المستوى. متصل بخصائص الجمهور الإعلامي الذي يعتبر العنصر الأساسي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وينتقل المضمون الإعلامي في النظام الذي يعتمد على الربح والخسارة عن طريق موزع إلى الجمهور الإعلامي، تربط بينهما هيئة للبحث، كنظام متشابك يرتبط فيه منتج الرسائل الإعلامية مع ممولها وموزعها، ولكل منهم أهدافه الخاصة به. وتقوم وكالات الإعلان بالربط بين الممول والموزع والمنتج وهيئة البحث، عن طريق تقديم الأفكار والخدمات. وتسيطر عليها كلها أنظمة فرعية متمثلة بالمؤسسات التشريعية التي تسن القوانين الناظمة لعمل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، وتصبح بذلك عنصراً هاماً في النظام الإعلامي كله.
النماذج التفسيرية: لاشك أن إعداد افتراضات تجريبية يمكن التثبت من صحتها أو خطئها، من الأمور الهامة جداً للباحثين عند جمع المادة العلمية للدراسة والتحليل. وتأكيد النظريات التي اعتمدوها عن الاتصال واعتماد نظريات تنظر إلى عملية الاتصال كتفاعل. وسنستعرض هنا العديد من النماذج التفسيرية، مع التركيز على نظريات مختلفة تحاول تفسير الطريقة التي يؤثر من خلالها السلوك الإنساني على الاتصال وتغيير الاتجاه. وحاجات الإنسان لخلق توازن بين مشاعره وأفعاله من خلال نظريات هيدر، ونيو كومب، واسجود، وتاننباوم، وفستنجر، مع التركيز على اتجاهات تجعل الفرد أكثر تقبلاً للتغيير، وقياس مدى القبول والرفض وعدم الالتزام لديه، ونظرية التحصين التي تحصن المتلقي ضد الدعاية المضادة.
نموذج التوازن في الاتصال: وتركز نماذج التوازن والاتفاق والموازنة وهي من الأساليب التي تؤثر على حالة الفرد السيكولوجية المتوازنة أو غير المتوازنة عند الاستجابة. والمقصود هنا التوازن والتآلف التي تكون فيه المعتقدات والأفكار والاتجاهات السلوكية والعلاقات الاجتماعية قادرة على مقاومة التأثير الخارجي، بينما تتسم حالات عدم التوازن بوجود تناقض بين المشاعر والأعمال والتصرفات بحيث يصبح المرء معرضاً للتأثير الخارجي. ومفهوم الاتفاق يفترض بأن الإنسان منطقي، وتفترض هذه النظرية أن عدم الاتفاق هي حالة غير طبيعية تؤدي إلى حدوث ضغوط تقلل من عدم الاتفاق أو تنهيه رغم أن الطرق التي تحقق الاتفاق بين السلوك والاتجاهات عند الإنسان تكون غير منطقية عادة. وتعتبر نظريات التوازن أن طريقة تحقيق الاتفاق تكشف عن الطبيعة المنطقية، والطبيعة غير المنطقية عند الإنسان. ويشير ليون فستنجر في مثاله عن الرجل الذي حفر حفرة في أرضية حجرة الجلوس في بيته، حتى يوفق بين وجود الحفرة وما تعود عليه من القفز فوق جزء معين من الغرفة. وهو مثال غير طبيعي إلا أنه يظهر إلى أي مدى يكون الإنسان غير منطقي ليحقق الاتفاق أو التوازن لسلوكه. بينما قدم إلبورت ج. الحوار التالي كمثال آخر عن الأسلوب غير المنطقي الذي يتحقق من خلاله الاتفاق السلوكي: الشخص أ: مشكلة اليهود أنهم يهتمون بجماعاتهم فقط. الشخص ب: نعم، ولكن تقارير التبرعات للجمعيات الخيرية تشير إلى أنهم يتبرعون بسخاء أكثر من غير اليهود. الشخص أ: هذا يظهر أنهم يحاولون دائماً أن يكون لهم أفضال، كي يتدخلوا في الشؤون المسيحية، فهم لا يفكرون إلا بالمال، ولهذا نجد الكثيرين من رجال البنوك من اليهود. الشخص ب: نعم، ولكن آخر دراسة أظهرت أن النسبة المئوية للعاملين في المصارف من اليهود هي أقل بكثير من النسبة المئوية لغير اليهود. الشخص أ: هذه هي المشكلة، فهم لا يحاولون شغل الأعمال المحترمة، بل على العكس يفضلون أعمالاً أخرى غير محترمة كإدارة الملاهي الليلية. وبالرغم من أن أقوال الشخص ( أ ) كانت منطقية وتعبر عن اتجاهاته المتحيزة رغم اتسامها بالاتفاق، إلا أن الحجج التي استخدمها ليحافظ على الاتفاق كانت غير منطقية بشكل واضح. لأن الإنسان يعمل على فهم وتبرير التجارب المؤلمة بطريقة تجعلها معقولة ومنطقية. وقد اتفق كل العلماء الذين درسوا الاتفاق ونتائجه على السلوك والاتجاهات، على أن عدم الاتفاق هو حالة مؤلمة وغير مريحة سيكولوجياً واختلفوا في النواحي التطبيقية. وأكثر مفاهيم الاتفاق تقييداً وتحديداً، مبدأ الاتفاق الذي يقتصر على مشاكل تأثير المعلومات عن أشياء وأحداث معينة، وعلى الاتجاهات الفردية من مصدر المعلومات. وأكثر النظريات عمومية هي فكرة التنافر أو التعارض في إدراك المعلومات وتهتم بالاتفاق بين المعارف المختلفة لدى الفرد. وبين هاتين النظريتين نكتشف أفكار التوازن، والتناظر، التي تهتم بالاتجاهات نحو الناس والأشياء، وعلاقاتها ببعضها البعض، سواء داخل الأسس المعرفية عند الفرد الواحد، كما في نظرية التوازن عند هيدر، أو بين مجموعة من الأفراد، كما في حالة الضغط لتحقيق التناظر عند نيوكومب. فما يعرفه الفرد يعني تصوره للعالم الذي يعيش فيه. وتشكل استجابة الفرد للأشياء والأحداث والأفراد المحيطين به جزئياً من خلال الطريقة التي يراهم بها. ومعارف ومدركات الفرد ويتم تنظيمها بشكل انتقائي أثناء أداء الفرد لأعماله ومهامه اليومية بعد إدماج تلك المعارف في نظام له معنى عند الفرد الذي يتسم بالاستقرار بحيث تتصل ردود فعله بمعارفه التي تقوم على أساس الإدراك والتفكير والتخيل والتبرير، وتعكس الجهود التي يبذلها الفرد أثناء بحثه عن المعنى وهو يعمل على إيجاد علاقات تتسم بالتآلف مع بعضها البعض، وبين مكونات معرفته من أفكار ومعتقدات وقيم وسلوك، أو مجموعة من الأحداث. ولهذا فإن التعارض أو عدم الاتفاق سيؤدي إلى حدوث معاناة للفرد من التوتر السيكولوجي، يدفعه للتصرف بطريقة تقلل من حالة عدم الاتفاق وتعيد له التآلف. وتسعى عملية اكتساب المعرفة دائماً لتحقيق التوازن بين معارف الفرد.
نموذج التوازن عند فريتز هيدر: يعتبر النموذج الذي قدمه هيدر من نماذج الاتفاق، ويركز على علاقة ثلاثية بين: ش – شخص> ف - شخص آخر> آ - شيء آخر، أو شخص ثالث. واهتم هيدر بمدركات الشخص (ش)، وما يعرفه عن الشخص الآخر (ف)، والشيء الآخر أو الشخص الثالث (آ). ويرى هيدر أنه هناك نوعان من العلاقات بين الناس والأحداث: - علاقات تتصل بالمشاعر، وتتعلق بالاتجاهات، وتنتج عن الطريقة التي نشعر من خلالها ونقيم شيئاً ما. ويدخل ضمنها مشاعر الحب، والإعجاب، والقبول، ونقيض تلك المشاعر. وبذلك تكون المشاعر إما سلبية أو إيجابية، حسب اتجاه الفرد. وتعبر عن مشاعرنا واتجاهاتنا نحو الآخرين، ونحو الأشياء المحيطة بنا، وهي أقرب للاتفاق الذاتي. أو حسب تعبير هيدر: "نحن نميل إلى حب أو كره فرداً معيناً بشكل كامل ولكننا عندما نميز بين المشاعر، نجد أن تلك المشاعر تتماثل في علاماتها. كأن يتواجد الحب والإعجاب في آن واحد، ولكن إذا أحب الفرد شخصاً لا يحترمه فسوف تتسم هذه الحالة بعدم التوازن"؛ - وعلاقات تتصل بالوحدة، وهي كيانات تشكل وحدة متكاملة، أساسها التماثل: الهداف في فريق كرة القدم، والاتصال: الكاتب وما كتبه، أو الملكية: الرجل وكلبه. وتسمح لنا هذه العلاقات بالتعبير عن الحالة، إما أنها حالة متوازنة ينتج عنها اتفاق، أو أنها حالة غير متوازنة تسبب توتراً يؤدي إلى الشعور بالحاجة لتحقيق التوازن. وبالرغم من أن نظرية هيدر تفسر السلوك البشري، وعملية الإدراك الاجتماعي، إلا أن فيها عيوب كثيرة، وهي غير واضحة. ولا تحدد الوقت الذي تتواجد أو لا تتواجد فيه العلاقات بين الوحدات. ولا الأسلوب الذي يختار الفرد بموجبه طريقة من الطرق الكثيرة المتوفرة، وهي الطريقة التي تقلل من إحساسه بالتوتر، وتحقق له التوازن في أي ظرف من الظروف. ولا تذكر شيئاً عن درجات التوازن.
عملية الاتصال في نموذج تيودور نيو كومب: قام تيودور نيو كومب عام 1953 بتطوير نموذج التوازن الذي وضعه هيدر، إلى نموذج للاتصال بين فردين. مطبقاً فكرة التوازن داخل الفرد، على عملية الاتصال بين الناس. ونظرية نيو كومب في الحقيقة ليست نظرية توازن بالمعنى الكامل، بل هي نظرية للتفاعل بين فردين. وأشار نيو كومب إلى أن السلوك الاجتماعي في الكثير من الحالات يعتبر تفاعلاً متبادلاً يمكن دراسته كعملية اتصالية. فعندما يرسل شخصاً ما (آ) معلومات إلى شخص آخر (ب) عن شيء معين أو عمل معين (ع)، يفترض نيو كومب أن الفردين يتصلان بهدف التفاعل مع بعضهما البعض وفي نفس الوقت هما كقائمين بالاتصال لهما نفس الموضوعات التي تتحول إلى محور لاتصالهما. والإضافة الرئيسية التي أضافها نيو كومب كانت التوجه، الذي يعتبر الطريقة التي ينظم بموجبها فردين عمليات سلوكية معينة، واتجاهات وتفاعل يؤثر على سلوكهما من أشياء موجودة في الظروف المحيطة بهما. ويصنف تحديد المواقف حيال الأشياء بالتالي: - تحديد المواقف نحو موضوعات الاتصال (أشياء أفكار، أفراد)، وتسمى اتجاهات؛ - وتحديد المواقف من القائمين بالاتصال الآخرين، وتسمى تفاعلات. وكمثال على الموقف المشترك بين (آ) و(ب) حيال (ع)، موقف اثنان من الطلبة يتناقشان حول نظام تخصيص الدرجات المستخدم في علم من علوم الاتصال. فالطالب (آ) يريد تغيير النظام وجعل التحصيل العلمي بلا تقدير درجات وهو (ع)، والطالب (ب) يوافقه على رأيه ويزيد عليه بقوله أنه لا مبرر لتخصيص درجات لأوجه النشاطات التعليمية. وفي هذه الحالة دعم كل منهما موقف الآخر، وكانت هناك مشاركة وتماثل نتج عنه موقف مشترك. وهذه المواقف يمكن أن تتوازن عندما لا تكون هناك ضغوطاً أو قوى تعمل لإحداث تغيير في المواقف أو لا تتوازن عندما لا تتفق الاتجاهات مع بعضها البعض، وتتسم بالصراع حول (ع). كما هي الحال في أنظمة هيدر. ويعتبر الاتفاق أو المواقف المشتركة من ضروريات الحياة الإنسانية. ويتم الاتفاق عن طريق: - اتجاه الشخص (أ) نحو الشخص (ب)، إذا كانا قادران على الاتصال اللفظي. ولا يخلو الاتصال بين شخص وآخر طبعاً من إشارة للظروف المحيطة، والتأثر بتلك الظروف. - واتجاه الشخص (أ) نحو الشيء (ع)، ويتم من خلال موقف معين من الأشياء الموجودة في الظروف المحيطة، ونحو الأشخاص الآخرين الذين يملكون مواقف محددة نحو المواضيع والأشياء نفسها.
نموذج الاتفاق عند أسجود وتاننباوم: قام أسجود، وتاننباوم عام 1955 بتطوير نموذج الاتفاق (التوافق)، الذي يعتبر حالة من حالات التوازن، وخاصة في الاتجاه نحو التغيير. وكلاهما اعتبرا أن المتغيرات الأساسية في هذه الحالة هي: وجود اتجاه نحو مصدر الرسالة الإعلامية؛ ووجود اتجاه نحو المفهوم الذي يقيِّمه المصدر؛ وطبيعة العبارة أو الرسالة الإعلامية التي تنطوي على تقييم، والتي تربط المصدر بالمفهوم. ويتناول نموذج تغيير الاتجاه النواحي التالية: اتجاه التغيير المتوقع، سواء أكان ينطوي على تأييد أو عدمه؛ وقدر التغيير المتوقع، في المصطلحات كحد أدنى كـ "أكثر من" أو "أقل من"؛ ومحور التغيير أو التغييرات المتوقعة، حيث يتم ربط الموضوعات التي نصدر أحكاماً عليها في رسالة إعلامية. واعتبر الباحثان أن الإطارات الدلالية التي يصدر الناس على أساسها أحكامهم، تتسم بأقصى قدر من البساطة كالأحكام المتطرفة، مثل: كل شيء أو لاشيء، أبيض أو أسود التي تأتي أبسط من الأحكام الدقيقة المتميزة، وتحتاج لضغوط للوصول إليها، والأحكام المتطرفة هي من صفات البشر الأقل ذكاء، والأقل نضجاً وتعليماً، وتسيطر العاطفة على أحكامهم أكثر من المنطق العقلاني. ولهذا لابد من ضغوط مستمرة للتخلص من الاختلافات بين المفاهيم وتحقيق الائتلاف. وينظر نموذج الائتلاف إلى التفكير الإنساني بشكل محدد، من خلال التغييرات التي تطرأ على التقييم من ناحية اتجاهه نحو التآلف بين ما يعرفه الشخص، وما يصادفه من دلالات.
موضوع الائتلاف (التوافق): لكل فرد اتجاهات نحو العديد من الأشياء. فقد يكون لديه: اتجاهات إيجابية نحو الوطن، والتفكير المنطقي، والديمقراطية، والصحة؛ واتجاهات محايدة نحو الرياضة، والتدخين، والأجانب؛ واتجاهات سلبية نحو السرقة، والاغتصاب، والعدوان، والتخلف الحضاري. ومن الممكن أن يكون لدينا اتجاهات متنوعة نحو أشياء مختلفة، دون أن نشعر بأي نوع من عدم التآلف، أو الضغوط لتغيير الاتجاه، طالما لم يتم الربط بين الموضوعات التي لدينا اتجاهات متناقضة حولها. كما يعرفها علماء الأنثروبولوجيا، بأنها قد تكون لدى الأفراد الذين ينتمون لأي ثقافة من الثقافات واتجاهات لا تتفق مع بعضها نحو المواقف المتصلة بثقافاتهم، دون أن يتولد عن ذلك أي ضغوط طالما لا يتم الربط بين المواقف التي لا تتفق مع بعضها، لأن حالة عدم التآلف تتولد عن الموقف الذي يتعرض فيه الإنسان لرسالة إعلامية تربط بين موضوعين أو أكثر ولديه اتجاهات معينة نحوها.
مسار التغيير الذي يحقق أو لا يحقق التآلف (الاتفاق): للتنبؤ بالناحية التي سيتغير الاتجاه نحوها، لابد من أن نأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات الموجودة فعلاً نحو المواضيع قبل تلقي الرسالة الإعلامية، وطبيعة المادة التي تتضمنها تلك الرسالة. فالمادة أو الاتجاهات التي تتضمنها الرسالة الإعلامية قد تكون إيجابية (+)، أو محايدة (0)، أو سلبية (-). ولتحديد العلاقات التي تتسم بالتآلف نستطيع إتباع الأسلوب التالي: إذا كان لدى الإنسان اتجاهات معينة نحو موقفين، فستؤدي المادة أو الرسالة الإعلامية التي تربط بين الاتجاهات إلى إيجاد: علاقة متآلفة؛ أو علاقة غير متآلفة. ويعمل المتلقي وفقاً لنموذج الائتلاف على تقليل الاختلافات بين ما يقوله الناس، وبين وجهة نظره، بتحويل أو تغيير اتجاهاته، أو إعادة تقييم المصادر التي صدرت عنها المعلومات، أو كلاهما. والمبدأ الأساسي هو أن تقييم الفرد للمواقف يتغير دائماً إلى الناحية أو الاتجاه الذي يزيد من الائتلاف (التوازن) على ضوء الإطار الدلالي الموجود لدى المتلقي. والتآلف يحدث عندما تكون الاتجاهات نحو المصدر والموضوع متماثلة، وتكون المادة التي تربط بينهما سلبية، وحينما تختلف الاتجاهات نحو المصدر والموضوع، وتكون العبارة التي تربط بينهما إيجابية، وبالمقارنة يمكن تعريف الحالات غير المتوازنة بأنها واحدة من العلاقات السلبية. وعندما تكون الاتجاهات متآلفة مع مضمون المادة الإعلامية، تنتج حالة مستقرة، ولكن عندما لا تكون هناك علاقات متآلفة بين الاتجاهات نحو الشخص وبين مضمون المادة الإعلامية التي تربط بينهما، فسينتج عن ذلك ميل نحو تغيير الاتجاه نحو الفرد أو نحو المادة الإعلامية، لتحقيق زيادة في الائتلاف، وعندما تكون واحدة من الاتجاهات محايدة، والاتجاه الآخر متطرفاً، فيجب في هذه الحالة التنبؤ باتجاه التغيير والضغط الذي سيحدث من أجل تحقيق التآلف، وتكوين الاتجاه الإيجابي. وعندما يتم ربط موضوع ما بآخر بواسطة مادة أو رسالة إعلامية، فالوضع المتآلف طيلة التقييم سيكون مساوياً لدرجة التضاد بينه وبين الموضوع الآخر في نفس الاتجاه (مادة أو رسالة إعلامية إيجابية)، أو اتجاه مضاد (مادة أو رسالة إعلامية سلبية). ونتيجة لبحث أجراه تاننباوم على 405 من طلبة الجامعة، وشمل: معلوماتهم واتجاهاتهم نحو المصادر التالية: القادة العماليون؛ وصحيفة شيكاغو تربيون؛ والسيناتور روبرت تافت؛ ونحو المواضيع التالية: القمار المشروع؛ والفن التجريدي؛ وبرامج الدراسة الجامعية السريعة. وبعد فترة وجيزة من حصوله على المعلومات عن اتجاهاتهم، قام بتوزيع قصاصات صحف على العينة، تتضمن مواد إعلامية، ومفاهيم متعددة المصادر. فكانت النتيجة أنه: حين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفهوم إيجابية، وكانت المادة الإعلامية إيجابية، لم يحدث تغيير كبير في الاتجاهات؛ وحين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفاهيم سلبية، كانت المادة الإعلامية سلبية ولم يحدث أي تغيير. ولكن الذي حصل وكما كان يتوقعه تاننباوم، حين يأتي تصريح إيجابي من مصدر إيجابي عن مفهوم سلبي، فإن النتيجة تضعف من تأييد الفرد للمصدر، ويعوض عنه بتأييده المفهوم، وعلى العكس من ذلك، فعندما يأتي تصريح إيجابي من مصدر سلبي عن مفهوم إيجابي، فإن النتيجة تحسن الاتجاه نحو المصدر ويضعف من تأييد المفهوم.
مدى الضغط اللازم لتحقيق التآلف: يتناسب الاستعداد لتغيير الاتجاه عكسياً مع مدى وقوة الضغط الموجود. ولا يأخذ هذا المبدأ في الاعتبار نوعية العلاقات بين المواضيع التي نحكم عليها، لأنه عاجز عن التفرقة بين التحركات في اتجاه يزيد التضاد، والتحركات التي تقلل التضاد، حتى ولو افترضنا أن المتلقي يصدق الرسالة الإعلامية تماماً.
ونواحي القصور في مبدأ التآلف هي: أن المبدأ مقيد بموضوع لأنه يدور دائماً حول مادة إعلامية تربط بين متغيرين مما يجعل التنبؤ صعباً؛ وأن المبدأ لا يشير إلى أهمية المتغيرات المعينة المتصلة بالمتلقي؛ وأن المبدأ يتجاهل التأثير الذي تحدثه عملية اتصال الفرد بذاته وبالمصدر والموضوع. خاصة وأن اهتمام الفرد بالموضوع له دور هام في تحديد مدى استجابة كل العناصر في الظرف الاتصالي.
الفصل التاسع: نموذج التعارض في المعرفة. قدم ليون فستنجر نموذج يعتمد على مفهوم الاتفاق السيكولوجي، يفترض أن الإنسان يعمل على جعل اتجاهاته تتفق مع بعضها البعض ومع سلوكه الشخصي، وأن العلاقة بين ما يعرفه الفرد والطريقة التي يتصرف بمقتضاها، ليست بسيطة لأن الناس بشكل عام يتصرفون بطرق تتفق مع ما يعرفونه، فإذا أحس الفرد بأن هناك خطراً يتهدده، فإنه سيلتزم الحذر دون شك، وكذلك إذا علم بوجود مدرسة أفضل من غيرها فسيرسل ابنه إلى المدرسة الأفضل. ولكن كثيراً ما يحدث تعارض وتنافر بين تصرفات الفرد وما يعرفه وفي هذه الحالة فسوف تبدأ عمليات سيكولوجية هدفها تقليل هذا التعارض والتنافر. ومن الملاحظ دائماً أن بعض الأفراد يحاولون بين الحين والآخر تبرير السلوك الذي أقدموا عليه، كأن يردد الطالب الذي حضر لأجل الامتحان أن هذا الامتحان هام جداً، مبرراً الجهد الإضافي الذي حمله لنفسه دون مبرر. وأن يسهب الوالد الذي ألحق ابنه بمدرسة معينة، بمدح مزايا المدرسة التي اختارها لابنه، مبرراً النفقات التي حملها لنفسه دون مبرر، بما معناه أن الفرد يعمل على التقليل من التعارض بين الحقيقة والسلوك الذي أقدم عليه بتضخيم الجوانب التي تتفق مع سلوكه هذا. وهنا نستطيع القول بأن الإنسان لو أخذ بعين الاعتبار المعلومات المتوفرة لديه والتي تمنعه عن القيام بسلوك معين، لامتنع عنه. ولكنه عندما يقدم على تصرف يتناقض وتلك المعلومات، فسيحدث نوع من التنافر والتناقض بين ما يعرفه وبين سلوكه، وفي هذه الحالة فسوف يعمل على التقليل من هذا التناقض عن طريق تغيير سلوكه أو معتقداته وآرائه أي أن يبرر أفعاله. وتوصل فستنجر إلى جملة من النتائج الهامة نلخصها في: - أن التنبؤ بأية عملية تنطوي على اتخاذ قرار أو أي اختيار بين بدائل، ستؤدي إلى حدوث حالة من التناقض، خاصة إذا تضمن البديل الذي لم يتم اختياره خصائص إيجابية تجعله مرغوباً به. أو تضمن البديل الذي تم اختياره خصائص سلبية كانت يمكن أن تؤدي لرفضه. لهذا يلجأ الإنسان عادة بعد اختيار البديل للبحث عن أدلة تدعم القرار الذي اتخذه، بهدف التقليل من حالة التناقض والتنافر التي وقع فيها؛ - وأن حالة التنافر والتناقض التي تنشأ بعد اتخاذ القرار تجعل مزايا البديل الذي تم اختياره تزيد، ومزايا البديل الذي لم يتم اختياره تقل. مما يدفع الفرد إلى تضخيم مبررات قراره، وإيجاد ما يساند مبرراته. وحدد فستنجر ثلاثة أنواع من العلاقات بين عناصر المعرفة لدى الإنسان، وهي: قد لا تكون هناك علاقة بين عناصر معرفة الإنسان؛ وقد تكون هناك علاقة اتفاق بين عناصر معرفة الإنسان؛ وقد تكون هناك علاقة تعارض وتنافر بين المواضيع التي يعرفها. ويرى فستنجر أن التعارض ينشأ عن أحد الأسباب التالية: وجود تعارض أو عدم اتفاق منطقي: ويحدث عندما تبرز معلومة أخرى بشكل منطقي، كالفناء والحياة؛ والأنماط الثقافية الشعبية التي يقبلها الناس دون نقاش: لأنها تعكس وجهات النظر الأخلاقية الأساسية للجماعة؛ وشمولية الرأي: عندما يتواجد اختلاف بين معرفة محددة لدى الإنسان، ومعرفة أكثر شمولية؛ والتجارب السابقة.
ويتم التقليل من التنافر والتناقض، عن طريق: تغيير السلوك؛ والتأثير على الجانب المتصل بالظروف المحيطة؛ وإضافة عناصر معرفة جديدة. ويحدث التعارض والتنافر في المعرفة من خلال الظروف الاتصالية، وتشمل، ظرف اتخاذ القرار: وينشأ التنافر والتناقض نتيجة لاتخاذ قرار معين، استجابة لثلاثة عوامل، وهي: زيادة التنافر والتناقض مع ازدياد أهمية القرار المتخذ؛ وزيادة التنافر والتناقض كلما قلت جاذبية البديل الذي تم اختياره، وكلما زادت جاذبية البديل الذي لم يتم اختياره؛ ويقل التنافر والتناقض كلما تماثلت عناصر المعرفة عن الموضوع.
ظرف فرض الخضوع: وهو الظرف الذي يضطر فيه الفرد للقيام بسلوك معين لا يقدم عليه بإرادته، ويضمن قيام الفرد بهذا السلوك التعرض عادة لضغط يكون على شكل عقاب عن عدم الخضوع وكذلك بغية الحصول على جزاء الخضوع. وكلما قل الضغط الذي يفرض علينا السلوك الذي لا نريده كلما زادت حالة التنافر التناقض. وحينما يضطر الفرد إلى التعبير علانية عن رأي مخالف ومتناقض مع رأيه الخاص تحدث حالة من التنافر والتناقض يتوقع معها حدوث ضغوط معينة للتقليل منها. وقد يضطر شخصاً ما لسبب أو لآخر بغرض كسب تأييد من نوع معين أو لتجنب خطر ما إلى التصريح برأي علني مخالف لآرائه المعتادة. آخذاً بعين الاعتبار: قدر الجزاء الذي سيحصل عليه من سلوكه العلني المخالف؛ وقدر المضايقة التي يجنيها من سلوكه العلني المخالف. وباختصار، فإن إغراء الإنسان بأن يسلك سلوكاً مخالفاً لاعتقاده الخاص، لقاء جزاء موعود، ومضايقة بسيطة، فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث اتفاق بين رأيه الخاص وما صرح به علانية.
ظرف التعرض الانتقائي للمعلومات: من خلال بحث الإنسان عن المعلومات للتقليل من حالة التنافر والتعارض عنده، فإنه يلجأ لتغيير عنصر المعرفة المتصل بالظروف المحيطة به. وهو ما يسمى التعرض الانتقائي للمعلومات، وينظر إليه من خلال وجهتي نظر أساسيتين، هما: - التعرض غير الاختياري الذي يظهر من خلال تناقض المعلومات الجديدة مع المعرفة المختزنة لديه ليعبر من خلالها عن عدم الارتياح والتنافر من خلال: - إدراك المعلومات بشكل سيء أو محرف؛ وتجنب المعلومات الجديدة أو نسيان ما كان يعرفه عنها؛ وتغيير آراءه من خلال الاقتناع بالمعلومات الجديدة. - والتعرض الاختياري عن طريق البحث المتعمد عن المعلومات الجديدة، مما يدفع بالمرء لاتخاذ قرار بطرق عقلانية.
ظرف التأييد الاجتماعي: حينما يتفق الآخرون معنا بالرأي نشعر بالراحة الداخلية، وعندما يختلفون معنا، فإننا نشعر بحالة من القلق وعدم الراحة. ويتوقف مدى التنافر والتناقض أو نقص التأييد الاجتماعي على عدة عوامل، نلخصها بالتالي: توافر طريقة معينة لاختيار الموضوع الذي تختلف حوله وجهات النظر؛ وعدد الناس الذين يتفقون أو يختلفون معنا في الرأي؛ وأهمية الموضوع؛ ومدى رغبة الفرد في الاختلاف مع فرد أو جماعة؛ ودرجة الثقة بالشخص الذي نختلف معه بالرأي، فمن لا يهمنا أمرهم، التنافر معهم يكون أقل من الذين نهتم بهم. وإذا كان مسبب حالة التنافر والتناقض مشكلة عدم الاتفاق الاجتماعي فإن التقليل منه يمكن بواحدة من الطرق، التالية: إما تغيير الرأي حتى يتفق مع رأي أولئك الذين يستمد منهم التأييد الاجتماعي؛ أو مواصلة تقديم الحجج والحقائق للذين نختلف معهم بالرأي على أمل أن يغيروا رأيهم؛ أو محاولة إظهار الآخرين وكأنهم مختلفون عنا تماماً. مثال العبارات التالية: "إنهم لا يفهمون شيئاً"، "إنهم مختلفون عني"، إنك لا تتفق معي لأنك تنتمي لمجتمع آخر". ومن ذلك كله نستنتج أن نموذج التنافر والتعارض الذي قدمه ليون فستنجر هو نموذج عام للسلوك البشري، ويغطي مجال الاتصال الإنساني بشكل عام. ويهتم بالتغييرات السيكولوجية التي تحدث داخل الإنسان، وعلاقته الاتصالية بالآخرين. واتجاه التغيير والسلوك الذي يحدث عندما تتواجد علاقات لا تتسم بالاتفاق.
الإقناع في نموذج كرونكيت: ركز كرونكيت في نموذجه على الجوانب السيكولوجية التي تلعب دوراً عندما يحاول القائم بالاتصال التأثير من خلالها على اتجاهات فرد آخر. كما وركز كرونكيت في نموذجه أساساً على تغيير الاتجاه، بحيث يحاول من يقوم بالإقناع تغيير سلوك المتلقي عن طريق جعل سلوك المتلقي يتوازن مع المنبهات التي يقدمها المصدر. أي أن يصبح بذلك الإقناع موجهاً نحو تغيير السلوك بدلاً من تغيير الاتجاهات. والمفروض أن الاتجاهات التي لا يمكن رؤيتها تفسر السلوك، لهذا اهتم كرونكيت بالعلاقة بين المنبهات المستخدمة، وسلوك الإنسان الذي يتلقى المنبهات. وافترض أن الإنسان سوف يحاول تحقيق التوازن في العلاقات بين المنبه الذي يحصل عليه المتلقي واستجابته لهذا المنبه. وهو ما أسماه كرونكيت موضوع المفهوم أو المنبه الذي يحاول القائم بالاتصال تغييره. ولتحقيق هذا الهدف يلجأ القائم بالاتصال إلى منبه يؤثر على الدوافع أو مفهوم يؤثر على الدوافع. ويشترط هنا أن يقيِّم الإنسان هذا المنبه تقييماً إيجابياً وأن يقبل به. وعلى القائم بالاتصال أن يجعل المتلقي يرى علاقة إيجابية بين موضوع المنبه والمنبه الذي يؤثر على الدوافع. ويذكر كرونكيت عمليتين هامتين تدخلان ضمن عملية الإقناع: أن يقوم القائم بالاتصال، وهو القائم بالإقناع، باختيار المؤثرات التي تؤثر على الدوافع، والمفاهيم التي يعرف أنها سوف تؤدي إلى استجابة قوية وايجابية عند المتلقي، وتقنعه لتغيير سلوكه؛ وأن يبين القائم بالاتصال المفاهيم التي تهدف إلى التأثير على الدوافع المتصلة بشكل واضح بموضوع المفهوم، بحيث يستجيب المتلقي لموضوع المفهوم باستمرار وقوة كما يفعل حيال المفهوم الذي يؤثر على دوافعه. لأن المتلقي يقبل أو يرفض الاقتراح الذي يشير بأن أي مفهوم من المفاهيم متصل أو غير متصل بمفهوم آخر. وقد لا يربط بين مفهومين يعرفهما. لذلك على القائم بالاتصال أن يعرف الحجج التي سيقدمها ويقبلها المتلقي كحقائق.
نموذج الحكم الاجتماعي لشريف وهوفلاند: لا يهتم نموذج الحكم الاجتماعي الذي ابتكره مظفر شريف وكارل هوفلاند، بشكل مباشر بمفهوم التوازن، خلافاً للنماذج الأخرى. بل أن الهدف الأساسي منه هو دراسة مكونات الاتجاه وكيف نغيره، والمتغيرات التي تؤثر على بنائه. ويهدف هذا النموذج اكتشاف الظروف التي سوف تجعل الفرد أكثر أو أقل استعداداً للتغيير. ويؤكد نموذج الحكم الاجتماعي، على أن الاتجاه هو جزء من العمليات السيكولوجية المعقدة التي تحدث داخل الفرد، ولا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر. فالاتجاهات يمكن استنتاجها فقط من خلال سلوك الفرد الخارجي الظاهر. وتعتبر الأنماط الثابتة للسلوك الإنساني الأساس الذي يساعد على تفسير الاتجاه، والمعروف أن الإنسان لا يولد ولديه اتجاهات، بل يكتسب هذه الاتجاهات من خلال تفاعله مع الظروف المحيطة به. ويكونها من خلال تفاعله مع الأفراد والجماعات والأشياء المحيطة به. وتتحول هذه الاتجاهات بالتالي وبمجرد تكونها وتدعمها إلى حالات سيكولوجية ثابتة تصبح عملية تغييرها صعبة ومعقدة كثيراً. والاتجاهات وفقاً لمفهوم مظفر شريف وكارل هوفلاند هي: مجموعة من المهارات التي يتعلمها الإنسان ويستخدمها في تقييم المنبهات الجديدة بشكل إيجابي أو سلبي. وأن الإنسان يصنف الرسائل التي يتلقاها ضمن ثلاثة مجالات، هي: - مجال القبول: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي تحظى برضاه وقبوله أكثر من غيرها من الرسائل الإعلامية والمواقف الأخرى التي يعترض عليها، كما وتتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف الأخرى التي تتفق نسبياً مع اتجاهاته؛ - ومجال الرفض: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي يعترض عليها بشكل واضح. ويتضمن كذلك المواقف الأخرى التي يعترض عليها نسبياً بالمقارنة مع اتجاهاته؛ - ومجال عدم الالتزام: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي لا يقبلها أو يرفضها، والرسائل الإعلامية التي لا يوجد لديه معلومات عنها أو التي لاتهمه لا من قريب ولا من بعيد.
وتغيير الاتجاه وفقاً لنموذج الحكم الاجتماعي ينطوي على تغيير المجالات التي كونها الإنسان عن موضوع أو اتجاه معين، ولما كانت الاتجاهات حالات سيكولوجية تتسم نسبياً بالثبات، فإننا إذا قسنا اتجاه فرد من الأفراد في أوقات مختلفة، فإننا سوف نجد أن بناء مجال اتجاهه سيكون تقريباً واحداً في تلك الأوقات المختلفة. ولكن إذا قدمنا للفرد سلسلة من الرسائل الإعلامية عن موضوع ما لديه اتجاه نحوه، فإنه سوف يصنف تلك الرسائل الإعلامية في مجالات القبول، أو الرفض، أو عدم الالتزام المتوفرة لديه. وحينما يحاول شخص ما إقناعه فإنه سيتلقى العديد من الرسائل الإعلامية والمواقف المصنفة في مجالات محددة فإنها تضاف إلى المجالات المتوفرة لديه أو تعدل في تركيب تلك المجالات. وإضافة معلومة جديدة أو موقف جديد إلى مجالات الفرد ليس بالضرورة أن يحدث تغييراً في اتجاهاته. لأن البشر غير مستعدين جميعاً بنفس القدر لتغيير اتجاهاتهم واتصال الموضوع بذات الفرد أو أهميته بالنسبة له هو عنصر هام من عناصر استعداد المتلقي للتغيير. فالاتجاهات قد تكون هامة أو غير هامة، لأن البشر مختلفين في الاتجاهات نحو الأشياء الموجودة في الظروف المحيطة بهم. وكلما كان الموضوع مهماً بالنسبة لهم، كلما زاد اتصالهم بذاتهم، وكلما قلت أهميته بالنسبة لهم قل اتصالهم بذاتهم. وكلما زاد اتصال الموضوع بذات الفرد كلما كان تغيير الاتجاه نحوه صعباً لأنه في هذه الحالة تكون مجالات القبول وعدم الالتزام محدودة، ومجالات الرفض كبيرة مثال المواقف التالية: - إذا كنا نؤيد مرشح معين بشدة (الأفراد الذين يتصل الموضوع بذاتهم)، فالرسائل الإعلامية الوحيدة التي سنضعها في مجال القبول، هي تلك التي تؤيده. وسوف نرفض العبارات التي تهاجمه. وهنا استعداد الفرد للتغيير ضئيلة جداً؛ - والأفراد الذين لا يتصل الموضوع بذاتهم إلا اتصالاً بسيطاً أو معتدلاً، هم أكثر استعداداً للاقتناع لأن مجالات القبول وعدم الالتزام عندهم كبيرة بعض الشيء، ومجال الرفض عندهم أقل. وإذا كان اتجاه الأفراد نحو المرشح المعين معتدلاً، فسيقبلون الرسائل الإعلامية التي تعنيه أكثر. وفي هذه الحالة ستزيد نسبة العبارات التي لا تلزمهم بشيء نحوه، وستقل نسبة ما يرفضونه. أما الأفراد الذين لا يهمهم الموضوع، فإن مجالات القبول وعدم الالتزام عندهم كبيرة، ومجال الرفض ضئيل، وهم أكثر استعداداً لتغيير اتجاهاتهم؛ - والأفراد الذين يهمهم الموضوع ويتصل بذاتهم لا يرون إلا الجانب الذي يعتقدون بصحته، ويرفضون كل التفسيرات والبدائل الأخرى. وكلما قلت لديهم أهمية الموضوع كلما زاد استعدادهم لتلقي أفكار مختلفة عنه. وبمجرد أن يصبح الفرد مستعداً لتلقي البدائل فإن تغيير اتجاهاته تصبح أكثر احتمالاً، ومما يزيد الاستعداد للاقتناع، أن يؤمن المتلقي بصدق مصدر المعلومات، وصدق القائم بالاتصال ناقل الرسالة الإعلامية.
نموذج تحصين المتلقي ضد الإعلام المضاد: عرفنا مما سبق أسباب وطرق تغيير الاتجاهات والسلوك لدى الجمهور، ولكنا لم نتعرف على أساليب وطرق غرس مقاومة التغيير عند المتلقي. وهناك طرقاً عدة تجعل المتلقي يتصدى للتغيير في ظروف معينة. ومن الأساليب الفعالة لتحصين المتلقي ضد الإعلام المضاد: - استخدام أسلوب الالتزام السلوكي الذي يدفع المتلقي من خلال إيمانه برأي معين للتعبير عنه علناً. وهذه العلنية تفرض عليه التزاماً بما صرح به، وعدم محاولة التراجع كي لا يفقد مصداقيته بين مستمعيه. وبهذا يصبح المتلقي ملتزماً اجتماعياً بتأييد رأي معين، وهي طريقة فعالة للتأكد من مقاومته للإقناع المضاد؛ - وربط معتقداته بأشياء أخرى يعرفها. وبالقيم المشتركة المقبولة التي تجعل من المتلقي أكثر مقاومة للآراء التي تستهدف تغيير اتجاهاته. ولضمان مقاومته للإقناع المضاد، لابد من ربط الاعتقاد بجماعات مرجعية تحظى بتقدير واحترام كبير لديه؛ - وإثارة الخوف عند المتلقي والقلق وزيادة التوتر من نتائج غير مرغوبة لديه، مما يجعله يقاوم الرسائل الإعلامية المضادة. ومن المعروف أن تحصين الإنسان ضد مرض معين يتم من خلال إعطائه جرعة بسيطة من ميكروب المرض لتحقيق هدف التحصين ضد هذا المرض. وهو ما يمكن أن ينطبق على عملية الاتصال، عندما نزيد من مقاومته عن طريق إعطائه جرعات بسيطة من الحجج التي قد يستخدمها الإعلام المضاد بهدف تحويله عن رأي الإعلام المضاد. وهذا أفضل من إعطائه الحجج المساندة للرأي الذي نريده فقط. وقد أثبتت بعض التجارب أن الجمع بين تأثير الدفاع بالحجج المؤيدة، وتأثير الدفاع بالحجج التي تفند الإعلام المضاد، يعطي فاعلية أكثر من استخدام أي من الأسلوبين منعزلاً عن الآخر. وقد وجد كلاً من ماجواير، وباباجيورجيس، أن وجود الإنذار أو التحذير المسبق سيجعل من كل أساليب الدفاع، سواء أكانت بالتأييد أو التفنيد، أكثر فاعلية. فبمجرد معرفة أن هناك تهديداً بخطر محدق يدفع المتلقي للتيقن من استخدام جميع أساليب الدفاع المتوفرة لديه أفضل استخدام، كما أنه سيدرب نفسه على تقديم الحجج المضادة الجيدة، بل وقد يذهب إلى أبعد من ذلك فيبتكر بعض الحجج الإضافية.
مقارنة نماذج الإدراك المعرفي: تقوم كل نماذج الإدراك المعرفي على افتراضات تقول أن الفرد: يسعى لتطوير وإبقاء التوازن بين عناصر معرفته وحالاتها. ويتم إدراك عناصر المعرفة من خلال اتفاقها أو عدم اتفاقها مما يعرفه هذا الفرد؛ وحين يدرك الفرد منبه مختلف عما يعرفه، يشعر بتوتر مؤلم وغير سار؛ وأن التوتر السيكولوجي لدى الفرد يؤدي إلى بذل جهود للتقليل من الاختلاف بين عناصر المعرفة؛ وأن تقليل الاختلافات في إدراك الفرد تقلل بدورها من حالة التوتر لديه. وبهذا يتم إعادة التوازن بين مكونات أو عناصر المعرفة وتبقى درجة التقليل من الاختلافات مرتبطة بضخامة التوتر. وعلى أساس هذه الافتراضات، تفرز نماذج المعرفة نظريات تنطبق على مختلف الظروف والأحوال بالرغم من أن النتائج المستمدة من نماذج المعرفة هذه، تبدو للوهلة الأولى مختلفة ومتناقضة، إلا أن هذه الاختلافات يمكن تجنبها عن طريق تجديد شروط وظروف الأساليب المختلفة لمعالجة النظرية. ومنه نستنتج أن: - نماذج الاتصال الذاتي أو الاتصال بين فردين تختلف. وأن نموذج هيدر، ومبدأ أسجود، ونظرية فستنجر، تركز على البناء السيكولوجي، وبناء المعرفة داخل الفرد. بينما يركز نموذج نيوكومب على توجيه المشارك في عملية الاتصال. ولهذا يعتبر نموذجه مثالاً للاتصال بين فردين؛ - وتختلف عناصر المعرفة في النماذج. فنموذج هيدر، ونموذج نيوكومب، ومبدأ أسجود، أخذت في اعتبارها اتجاه الفرد نحو فرد آخر، واتجاهه نحو شيء آخر. بينما اهتم نموذج فستنجر بتقييم الفرد لشيئين أو لموضوعين؛ - واعتمدت النماذج الأربعة على وجود مادة تربط بين عناصر الإدراك. وهي في نموذج هيدر المصدر الإعلامي وله اتجاه إيجابي أو سلبي، نحو المتلقي أو شيء معين. وتضمن نموذج نيوكومب عبارة تختلف في درجتها وتسير في اتجاهات متعددة. بينما افترض مبدأ التآلف عند أسجود بعض الإلزام إما بالربط بين المصدر والفكرة، أو الفصل بين المصدر والفكرة. ولم يفترض نموذج فستنجر وجود رابطة محددة بين عناصر الإدراك؛ - وإستراتيجية تخفيض التوتر تختلف في جميع النماذج. والإستراتيجية عند هيدر، ونيوكومب، واسجود، تقول بوجود اختلاف في الاتجاهات، يحدث تغيير معين في الاتجاه. أما فستنجر فالإستراتيجية عنده هي الاختلاف بين الاتجاه المبدئي والسلوك، الذي يحدث تغيير معين في الاتجاه. ولكن هذا التغيير في الاتجاه يحدث فقط عندما تسد أو تبعد قنوات التهرب. ومبدأ سد المنافذ الأخرى يستخدم في النماذج الأربعة؛ - ويختلف أسلوب تخفيض التوتر من نموذج لآخر. فعند هيدر ينتج التغيير عن عملية الاختيار عند الفرد بين اتجاهات عديدة. وبذلك قد يغير الفرد اتجاه واحد أو عدة اتجاهات، وقد يتغير الإدراك عند الفرد أو قد يشوه إدراكه، بهدف إعادة حالة التوازن. أما نيو كومب فقد اتبع الأسلوب الذي اقترحه هيدر. وافترض نيوكومب أن الفرد قد يتهرب من تشكيل الاتجاه، سعياً لتحقيق التناظر. بينما أكد مبدأ التآلف عند أسجود أن كل الاتجاهات ستتعرض للتغيير، وتتجه نحو الوضع الذي يشكل حلاً وسطاً. بينما قدمت نظرية التنافر تبريراً لعنصر اختلاف المعرفة الذي يعتمد السلوك أساساً له، لأن الفرد سيغير اتجاهه ليحقق اتفاق أكثر مع سلوكه. والتغيير ينتج وفق هذا الاتجاه عن الجهود التي تبذل من أجل تبرير السلوك الذي اتبعه، أو القرار الذي أتخذه الفرد؛ - وتعتبر معادلات التآلف التي قدمها أسجود الأكثر دقة في القياس. وتوفر هذه المعادلات قياس دقيق لقدرة النموذج على التنبؤ. كما ويعتبر نموذج نيوكومب والتعديلات التي أدخلها عليه كلاً من كارتريت عام 1956 وهراري عام 1970 معادلات دقيقة القياس أيضاً؛ - وكلما زادت مرونة النموذج، كلما قلت الدقة فيه. ولهذا يعتبر مبدأ التآلف مبدأً غير مرن، بسبب جمود قدراته على التنبؤ الذي يتراوح فيه بين التدعيم أو عدمه. وتعدد البدائل في نماذج هيدر ونيوكومب. بينما تعتبر نظرية التنافر أكثر النماذج مرونة لأنها تفسر عملية تغيير الاتجاه؛
الخاتمة: وهكذا استعرضنا أهم الدراسات الإعلامية ونظريات تحليل المضمون الإعلامي التي جرت خلال القرن الماضي، ومعروف أن أساليب الاتصال والمعلوماتية المستخدمة والمنتشرة بشكل واسع حالياً، لم تكن إلا نتاجاً للتقدم العلمي في مجال وسائل الاتصال والمعلوماتية، ونتيجة للأبحاث العلمية التامة في مجال الإعلام بفروعه المختلفة: الاقتصادية، والسياسية، والعلمية، والزراعية، والصناعية، والتجارية، والثقافية، والاجتماعية، وغيرها من فروع المعرفة الإنسانية، التي جرت خلال النصف الأول من القرن العشرين ولم تزل مستمرة بالتطور في العالم المتقدم كله حتى اليوم، وطالت تأثيراتها العالم النامي بأسره.
وكما هو معروف كان نشر تلك المعلومات يتم بالطرق التقليدية عبر الكلمة المطبوعة، والمسموعة والمرئية أحادية الجانب أي من المرسل إلى المستقبل، دون أن تكون هناك أية إمكانية للتفاعل الإيجابي بين المرسل والمستقبل عبر الطرق التقليدية السائدة لنقل تلك المعلومات التي حملتها إليه شتى وسائل نقل وتخزين وإيصال المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية. ولكن الثورة التي تفجرت بشدة خلال الربع الأخير من القرن العشرين في مجال تقنيات ووسائل الاتصال والمعلوماتية والاستشعار عن بعد، وضعت البشرية أمام منعطف تاريخي حاسم تشارك فيه اليوم، كل عناصر التركيبة الاجتماعية القادرة على المشاركة في عملية التأثير والتفاعل المتبادل من خلال عملية التبادل الإعلامي المستمرة داخل المجتمع المحلي والعالمي، عبر وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت فيها تقنيات الحاسب الآلي الحديثة دائمة التطور تشكل العنصر الهام والفاعل في حسم القضية كلها لصالح العولمة بكل أشكالها وأبعادها.
وأصبح الحاسب الآلي الشخصي المرتبط اليوم بشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية، يخزن وينقل وينشر المعرفة بكل أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية، ليحدث بذلك ثورة حقيقية داخل أنظمة الاتصال والإعلام التقليدية، وأنظمة تراكم المعلومات واستعادتها. وأصبح يساهم في تطوير عملية نقل المعرفة التقليدية داخل المجتمعات بعد أن انتقلت لاستخدام تقنيات الأنظمة المعلوماتية الإلكترونية الحديثة في مجالات العلوم والبحث العلمي والتعليم إلى جانب فروع الأنشطة الإنسانية المختلفة. مما وفر فرصاً كبيرة لرفع مستوى الأداء العلمي والمعرفي وأفسح المجال أمام عملية الحصول على المعارف المختلفة ودمجها وإعادة نشرها، وتسهيل استخدامها في عملية تفاعل دائمة لا تتوقف. وأصبح هذا الواقع الجديد بديلاً عن الطرق الإعلامية التقليدية، وبمثابة التحول من المألوف في أساليب وطرق التعليم والإعداد المهني المتبعة حتى الآن في بعض دول العالم، إلى أساليب أكثر تطوراً وأكثر فاعلية من ذي قبل. ويرتبط هذا التحول بظاهرة العولمة والتكامل المتنامية في النشاطات الإعلامية الضرورية واللازمة لتطور الثقافة والعلوم والتعليم والبحث العلمي، في إطار ما أصبح يعرف اليوم بالمجتمع المعلوماتي. ولا أحد يستطيع إنكار حقيقة أن تكنولوجيا وسائل الاتصال والمعلوماتية المتقدمة فتحت آفاقاً جديدة واسعة أمام وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية المقروءة والمسموعة والمرئية. وأن استخدام شبكات الحاسب الآلي وخاصة شبكة الانترنيت العالمية قد أتاح سرعة إدخال وتلقي المعلومات وحفظها والتعامل معها، خاصة وأن تلك الشبكات قد ساعدت على انتقال ملفات كاملة تتضمن صحفاً ومجلات وكتباً بكاملها لتطبع في أماكن أخرى بعيدة جداً عن مقرات إدارة تلك الصحف والمجلات ودور النشر. وساعدت على انتقال ملفات برامج إذاعية مسموعة ومرئية كاملة لأشهر المحطات العالمية، لتبث عبر موجات محطات بث أخذت منذ تسعينات القرن العشرين تقيد كمحطات إذاعية مرئية ومسموعة وطنية في بلدان بعيدة جداً جغرافياً عن دولة المنشأ بسرعة كبيرة ووضوح خارق.
ولوحظ أن تكامل أداء وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية، ووسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة أدى بالضرورة إلى تحسين نوعية الأخبار المقدمة للجمهور الإعلامي، بسبب الازدحام الهائل للأخبار المنقولة من أطراف الاتصال عبر شبكة المعلومات الدولية "الانترنيت"، وساعد في نفس الوقت على تحسين شكل ومضمون الصحف والمجلات، وأتاح لأطراف الاتصال على الساحة الإعلامية الدولية استخدام الموارد المعلوماتية والتسجيلات الإخبارية والتحليلية الفريدة التي تملكها وسائل الاتصال والإعلام التقليدية وتراكمت لديها عبر السنين. ولكننا نرى أن هذا التكامل القائم والآخذ بالتوسع يوماً بعد يوم بين شبكات الاتصال والمعلومات الدولية ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية لم يتبلور ولم يدرس بعد بشكل كاف حتى اليوم، وهو يحتاج لدراسات معمقة وتحليل جدي لمعرفة مدى تأثيره على الأمن المعلوماتي الوطني، وفاعليته من الناحيتين السلبية والإيجابية على الدول النامية داخل ما يعرف اليوم بالمجتمع المعلوماتي المعاصر. والرد على التخوفات التي يطلقها البعض، والآمال التي يعقدها البعض الآخر بشكل علمي وتحليلي دقيق. ولعله من المناسب التذكير بما قيل عن الصحافة المطبوعة عند ظهور الإذاعة المسموعة في بدايات القرن العشرين، وتنبؤ البعض بقرب نهاية الصحف. وتنبؤهم بتضاؤل دور الصحافة المطبوعة والمسموعة مع ظهور الإذاعة المرئية في النصف الأول من القرن العشرين. والتذكير بأن تلك التوقعات والتنبؤات كلها لم تجد ما يبررها طيلة القرن العشرين. الأمر الذي يسمح لنا بالتنبؤ بأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية ستحافظ على وجودها وتأثيرها حتى في القرن الحادي والعشرين قرن مجتمع المعلوماتية. وأنه لابد من الحفاظ على أمن وسلامة الساحة المعلوماتية للدول النامية وتطويرها لتضمن حواراً ثقافياً متعدد الأطراف بين الأمم والأديان، ويضمن في الوقت نفسه انتقال المعلومات العلمية والتقنية المتطورة من العالم المتقدم إلى المستخدم في الدول النامية، وليساهم هذا الحوار بدوره في عملية تكامل وتطوير المجتمعات اقتصادياً وعلمياً وثقافياً واجتماعياً. ويضمن للدول النامية وجوداً أكثر فاعلية على الساحة المعلوماتية الدولية، وليكون لهذا الحوار تأثيراً أكبر على الرأي العام العالمي الذي هو اليوم أسيرا وحكراً لإعلام يسيطر عليه فكر أحادي يتحكم به. ولابد من النهوض بوسائل الاتصال والإعلام التقليدية عن طريق ابتكار صيغة عامة للمشاركة في عمليات الاتصال بين المؤسسات الإعلامية والجماعات المثقفة والعلماء والباحثين في الداخل والخارج، من أجل استنباط أطر جديدة ومتنوعة للتعاون. والقيام بالدراسات والبحوث العلمية ذات الصلة بالنشاطات الصحفية والإعلامية، وبحوث التسويق والتوزيع في الداخل والخارج وغيره من النشاطات المرتبطة بالتحقق من الانتشار والتوزيع. وإنشاء مراكز للبحوث والدراسات الإعلامية قادرة على العمل والأداء المثمر، وعقد ورشات عمل مشتركة، ومنح فرص أكبر للمفكرين والباحثين للإسهام بالرأي لتطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية، الرأي الذي يمكن أن يساعد على تقصير الطريق نحو ولوج الدول النامية المدروس والسليم لعصر العولمة والمجتمع المعلوماتي الذي أصبح يطرق أبوابها. خاصة وأنه ثبت أن الأخطار لا تواجه بالانغلاق، بل بالانفتاح وتحصين المتلقي لمواجه سيل المعلومات المتدفقة عليه. لأن الولوج في المجتمع المعلوماتي مرتبط بالعولمة الإعلامية التي تهيمن فيها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المتقدمة، ولا يمكن مواجهة أخطارها في دول العالم الثالث، ومن بينها الدول العربية والإسلامية عن طريق الانغلاق أو منع التدفق الإعلامي الخارجي، وإنما من خلال تحصين المتلقي أينما كان في مواجهة سيل المعلومات والإعلام الجماهيري المتدفق من الدول المتقدمة، بحيث يستطيع المتلقي العربي والإسلامي كغيره من المتلقين في دول العالم الثالث الاستفادة من إيجابيات الإعلام الخارجي، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، وتحييد سلبياته التي تستهدف كيان الإنسان ووجدانه، وتقتضي الضرورة زيادة قدرة وسائل الاتصال والإعلام في الدول النامية على المنافسة على الساحة الدولية.
المراجع المستخدمة في الكتاب
باللغة العربية
1. د. أحمد بدر الدين: الإعلام الدولي، دراسات في الاتصال والدعاية الدولية. دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع. القاهرة 1998.
2. أحمد عبد الله: السيادة الوطنية في ظل التغيرات العالمية، تعليقات وأفكار للمناقشة. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 123/1996.
3. إيلينا ساربارينا: بين الإنسان والآلة: السيبرناطيقا في داخلنا. ترجمة: صبحي أبو السعر. دار الكتاب العربي، بلا تاريخ.
4. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة: بلا تاريخ.
5. خالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999.
6. رسل نيومان و.: مستقبل الجمهور المتلقي. ترجمة: محمد جمول. منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية. دمشق 1996.
7. ريتشارد هيجوت: العولمة والأقلمة: اتجاهان جديدان في السياسات العالمية. أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 1998.
8. ريمون رويه: السبرنتيك وأصل الإعلام. ترجمة: د. عادل العوا. منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1971.
9. سليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ.
10. طلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000
11. عبد الرحمن الحلبي: الحاسوب الخارق // دمشق: مجلة المعرفة العدد21/1998 تشرين الأول/أكتوبر.
12. عبد الوهاب الحكمي: العولمة: معناها ومبناها ومفهومها في الثقافة العربية والإسلامية. صحيفة الشرق الأوسط، 27/10/1420هـ
13. علي راجح حميدان: الخليج وتحديات العولمة. أبو ظبي: صحيفة الإتحاد، 24/4/1997.
14. أ.د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة بصمة، 2004. (باللغة الروسية).
15. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية).
16. د. مصطفى المصمودي: شبكات الاتصال الدولية واقعها ومستقبلها. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
17. مواد ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
18. ميشيو كاكو: كيف سيثّور العلم القرن الواحد والعشرين. ترجمة وتقديم: عدنان عضيمة // دبي: صحيفة البيان. العدد 6493، الأحد 29 مارس 1998.
19. د. هدى راغب عوض: العولمة بين الحقائق والأوهام // مجلة السياسة الدولية أكتوبر 1997/العدد 130.
20. هيثم الكيلاني: العولمة والعسكرة وأثرها على العالم الإسلامي. الرياض: مجلة الحرس الوطني، العدد 202
21. نايف علي عبيد: العولمة والعرب. المستقبل العربي، العدد 120.
باللغات الأجنبية
22. H. Hastorf, D. J. Schneider, and J. Polefka, Person Perception (Readi.,li98ng, Mass,: Addition - Wesley, 1970.
23. Alan Hancock, Mass Communication (London, Longmans, 1966).
24. Allan R. Broad Hurst and Donald K. Darnell. "An Introduction to Cybernetics and Information Theory" in Sere no and Mortensen.
25. Alex S. Edelstein & J. Blaine Schulz, "The Leadership Role of the Weekly Newspaper as seen by Community Leaders" in Dexter and White (eds.) People, Society and Mass Communication (1961).
26. Alex Inkeles, Public Opinion. in Soviet Russia: A Study in Mass Persuasion (Harvard University Press, 1962).
27. Applbaum et al (1973).
28. Arthur Clark, "Messages from the Invisible Universe", New York Times Magazine, Nov. 30, 1958.
29. Arthur R. Cohen, Attitude Change and Social Influence (New York: Basic Books, 1964).
30. Arthur p. Cohen, Attitude Change and Social Influence (N.Y.: Basic Books, 1964) p.6; Hovland et al. Communication and Persuasion.
31. Arthur A. Lumezdaine & Irving L. Janis, "Resistance to Counter Propaganda Produced py One-Sided and Two-Sided Propaganda Presentations", Public Opinion Quarterly, 1953.
32. Bernard Berelson, "The State of Communication Research" in Dexter and White (eds.) People, Society and Mass Communication (Glencoe, The Free Press, 1964).
33. Bradley S. Greenberg & Percy H. Tannebaum, "Communicator Performance under Cognitive Stress", Journalism Quarterly, Vol. 39.
34. Barnlund, "A Transactional Model of Communication", in Sere no and Mortensen (eds.) (1970).
35. Berlo, The Process of Communication (1963).
36. Bruce Westley & Malcolm MacLean Jr., "A Conceptual Model for Communication Research", Journalism Quarterly, 1957, Vol. 84.
37. C. Harold Stone, "An Objective Personnel Study of Metropolitan Newspapermen", Journalism Quarterly, 1953.
38. Carl Hovland. Communication and Persuasion: Psychological studies of Opinion Change. (New Haven. Yale University Press, 1963).
39. C. Hovlland and M. Sherif, Social Judgment assimilation and Contrast Effects in Communication and Attitude Change (New Haven, Conn.; Yale University Press, 1961.).
40. C. I. Hovland A.A. Lumsdaine and F.D. Sheffield, Experiments on Mass Communication ( New York: John Wiley and Sons, 1965).
41. C. Sherif and M. Sherif, Attitude and Attitude Change (New York: Wiley, 1967).
42. Charles Bigelow, "Some Suggested Refinement in Newspaper Readership Studies", Journalism Quarterly, 1946.
43. Charles Wright, "Functional Analysis in Mass Communication" Public Opinion Quarterly, 1960. Vol. 24. pp 605-620. & C. Wright, Mass Communication: A Sociological Perspective (N. Y.: Random House, 1959).
44. Charles Morris, Signs, Language and Behavior (New York: Prentice-Hall, 1946).
45. Charles E. Osgood, and Perry H. Tannenbaum, "Attitude Change and the Principle of Congruity" in Schramm (ed.) The Process and Effects of Mass Communication (1963).
46. Charles Swanson, "Agitation through the Press: Study of the Personalities of Publicists", Public Opinion Quarterly, 1956.
47. Claude Moisy, Globalization: The Debate Myths of the Global Information Village. Foreign Policy, No. 107, Summer 1997.
48. Claude Shannon and Warren Weaver, The Mathematical Theory of Communication: (Urbana, University of Illinois Press 1964).
49. Colin Leys, "Models, Theories, and the Theory of Political Parties", in Harry Eckstein and David A. Apter, (eds.) Comparative Politics: A Reader (Glencoe, the Free Press, 1963).
50. David Manning White, "Mass Communication Research: A View in Perspective", in Lewis Anthony Dexter and David Manning White (eds.) People, Society and Mass Communication (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1964.
51. David K. Berlo, The Process of Communication: An Introduction to Theory and Practice (N. Y.: Holt, Rinehart and Winston, 1963).
52. D. L. Thistle Waite and Kamenetzky, "Attitude Change Through Refutations and Elaboration of Audience Counterarguments", Journal of Abnormal and Social Psychology, 1955.
53. D. M. White, "The Gatekeeper. A case study in the Selection of News", Journalism Quarterly, Fall 1950.
54. Dean C. Barnlund, Interpersonal Communication: Survey and Studies (Boston, Houghton Mifflin Company, 1968).
55. Dean Barnlund, "A Transactional Model of Communication", in Sere no and Mortensen (eds.) (1970).
56. Dexter and White. (ed.) People Society and Mass Communication, (1964).
57. Donald k. Darnell, "Information Theory" in, Joseph A. Devito (ed.) Communication: Concepts and Process (N. J.: Engle-wood Cliffs, Prentice - Hall, 1971).
58. Donald F. Cox, "Clues For Advertising Strategists" in Dexter and White (eds). People, Society and Mass Communication.
59. Edward Sapir, "Communication" Encydopedila of the Social Sciences (N. Y.: Macmillan, 1933).
60. Eliot Freidson, " Communications Research and the Concept of the Mass," in W. Schramm (ed.) The Process and Effects of mass Communication.
61. Elihu Katz, "The Two-Step-Flow of Communication," in W. Schramm (ed.) Mass Communications.
62. Elihu Katz and Paul Lazarsfeld, Personal Influence: The Part Played by People in the Flow of Mass Communication, (The Free Press of Glencoe, 1975).
63. Francis V. Prugger, "Social Composition and Training of the Milwaukee Journal News staff", Journalism Quarterly, 1941, Vol. 18.
64. F. Heider, The Psychology of Interpersonal Relations (N. Y.: Willy, 1958).
65. Fritz Heider, The Psychology of Impersonal Relations (Winery, 1958).
66. Gabriel Tarde, L'opinion et la Foul (1910) - Graham Walla's, Human Nature in Polities (1909) - A. F. Bentley, The Process of Government (1908).
67. G. Allport, The Nature of Prejudice (Cambridge Mass: Addison - Wesley, 1954).
68. G. Cronkite, Persuasion; Speech and Behavioral Change (Indianapolis, Ind: Bobbs-Merrill, 1969).
69. Gerhart D. Wiebe, "Merchandizing Commodities and Citizenship on Television", Public Opinion Quarterly, 1951.
70. George Gallup, "A Scientifle Method for Determining Reading Interest", Journalism Quartered, 1930.
71. George Lundberg, Foundations of Sociology (New York: Macmillan, 1939).
72. Gene F. Seehafer and Jack Laema, Successful Radio and Television advertising (N. Y.: Mc Grow-Hill 1959).
73. G. Grebner, "Toward a General Model of Communication," Audio-Visual Communication Review, 1956, Vol. 4, No. 3.
74. G. Cronkite, Persuasion; Speech and Behavioral Change (Indianapolis, Ind: Bobbs-Merrill, 1969).
75. G. H. Mead, Mind, Self, and Society. (Illinois, Chicago, University Press, 1934).
76. Gieber, "How Gatekeepers View Civil Liberties News". Journalism Quarterly, 1960, Vol, 37.
77. Goorge Aran Horn, "Analysis of AP News on Trunk and Wisconsin State Wires". Journalism Quarterly, 1952, Vol. 29.
78. G. Wiseman & L. Barker, Speech - International Communication (San Francisco; Chandler, 1967).
79. G. W. Hartmann. "A Field Experiment on the Comparative Effectiveness of Emotional and Rational political Leaflets in Determining Election Results" Journal of Abnormal and Social Psych0l0gy. 1936.
80. Harry Goldstein, "Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates", (N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
81. H. Blumer, Movies and Conduct. (N.Y.: the Macmillan Company 1933).
82. Herbert Blumer, "The Crowd, the public, and the Mass" in W. Schramm, (ed.) The Process and Effects of Mass Communication, (Urbana: University of Illinois Press 1961).
83. H. Menzel and Elihu Katz, "Social Relations and Innovation in the Medical Profession," Public Opinion Quarterly, 1955, Vol. 19.
84. Hovland C., Jans, and Kelley, Communication and Persuasion (New Haven: Yale University Press, 1953)
85. H. Toch and M. S. MacLean. Jr. " Perception and Communication: A Transactional View", in Sere no & Mortising (eds.) (1970).
86. International Press Institute, The Flow of The News (N. Y.: Arno Press, 1972).
87. IPI, The Flow of News (Ganguim & Laubscher, Zurich, 1933).
88. Ithiel de Sola Pool, "Newsmen's Fantasies, Audiences, and News writing" in Dexter and White (eds.), People, Society, and Mass Communication (The Free Press 1964).
89. Irving L. Janis, "Effects of Fear Arousal on attitude Change: Recent Developments in Theory and Experimental Research" in Be seeker et:1. (1972).
90. Jean M. Civikly (ed.) Messages a Reader in Human Communication. (New York: Random House, 1974).
91. Jean M. Civikly, Messages: A Reader in Human Communication (N. Y. Random House, 1947).
92. John C. Maloney, "Advertising Research and an Emerging science of Mass Persuasion", in Lee Richardson (ed.) Dimensions of Communication (N. Y.: Appleton Century Crofts, 1969).
93. John W. Kinch, "A Formalized Theory of the Self-Concept," in Jean Civilly (ed.) (1974).
94. Joseph B. Ford, "The Primary Group in Mass Communication," Sociology and Social Research, 1954.
95. Joseph Klapper, The Effects of Mass Communication (The Free Press, 1963.
96. J. Samuel Bois, The Art of Awareness (Dubuque Iowa, William C, Brown 1966).
97. Karl W. Deutsch, "The Nerves of Government: Models of Political Communication and Control" (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1963).
98. Karl W. Deutsch, the Nerves of Government: Models of Political Communication and Control. (Glencoe: Illinois: The Free Press, 1963).
99. Kat z and Lazarsfeld, Personal Influence (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1955).
100. K. Boulding, The Image (Ann Arbor, University of Michigan Press, 1950).
101. Kenneth Burke, A Grammar of Motive (N. Y.: Prenticeiiall, 1945). Harold Lass well, "The Structure and Function of Communication in Society", in Schramm and Roberts (eds). The Process and Effects of Mass Communications. 2nd. ed. (Urbana, Illinois, University of Illinois Press, 1971).
102. Kenneth Boulding, The Image (University of Michigan Press, 1961).
103. K. Sereno, "Ego - Involvement: A Neglected Variable in Speech Communication Research". Quarterly Journal of speech, 1969.
104. Kurt Lewin, "Channels of Group Life", Mum an Relations, 1947 - 48.
105. Kurt Lewin, Field Theory in Social Science (N. Y.: Harper, 1951).
106. Lazarsfeld and Merton, "Mass Communication, Poplar Taste cation of Ideas, (N. Y.: Harper. 1918).
107. Lazarsfeld and Merton, "Mass Communication, Popular Taste and Organized Social Action.
108. Leon Festinger, "The Theory of Cognitive Dissonance", in Schramm (ed.) The Science of Human Communication (N.Y.: Basic Books, 1963).
109. Leon Festinger, Theory of Cognitive Dissonance (Stanford, Calif.: Stanford University Press, 1957).
110. Leo Rosten, the Washington Correspondent (N. Y. Harcourt, Brace, 1937).
111. Llewellyn Gross, "The Construction and Partial Standardization of a Scale for Measuring Self-Insight", Journal of Social Psychology, No. 1948.
112. Lindley Fraser, Propaganda (N. Y.: Oxford University Press, 1957).
113. Leon Festinger, A Theory of Cognitive Dissonance (Paw Person, 1957).
114. Lucas and Britt, Measuring advertising Effectiveness (N. Y.: McGraw-Hill, 1959).
115. Marshall McLuhan, The Medium is The Message: An Inventory of Effects (1967).
116. Marshall McLuhan, the Gutenberg Galaxy: The Making of Typographic Man (1962).
117. Marshall McLuhan, Understanding Media: The Extensions of Man (1964);.Marshall McLuhan, The Mechanical Bride.: Folklore of Industrial Man, (1951).
118. Melvin B. Defleur, "Mass Media as Social Systems", in Theories of Mass Communication (N. Y.: David McKay, 1970).
119. Merton, Mass Persuasion (N. Y.: Harper, 1946).
120. Melvin De Fleur, "Mass as Social System" in Theories of Mass Communication (N. Y.: David McKay, 1970).
121. M. J. Rosenberg and R. P. Abelson, "An analysis of Cognitive Balancing" in Rosenberg et al., (eds.) Attitude Organization and Change (New Haven, Conn: Yale University Press, 1960).
122. M. U. Martel and G.J. McCaall, "Reality Orientation and the Pleasure Principle: A Study of American Mass Periodical Fiction(1880-1955)" in Dexter & White (1964).
123. Nathan Maccoby, "The New Scintilla Rhetoric", in W. Schramm, (ed). The Science of Human Communication (N. Y.: Basic Books, 1963)
124. Nan Lin, The Study of human communication (N. Y.: Bubs - Merrill Comp. 1973).
125. Nan Lin, The Study of Human Communication (N. Y.: Bops - Merrill, (1973).
126. Norbert Weiver, "Cybernetics", in Alfred G. Smith (ed.) Communication and culture: Readings in the Codes of Human Interaction (N. Y.: Holt, Rinehart, and Winston 1966).
127. Paul F. Lazarsfeld, "Audience Research" in Bernard Berelson and Morris Janowitz (eds.) Reader in Public Opinion and Communication (Glencoe, Illinois, the Free Press, 1953) pp. 337-346.
128. Paul F. Lazarfeld, Bernard Berelson, and Hazel Gaudet, The People's Choice (N. Y.: Colombia University Press.1948) p. 151
129. P. Lazarsfeld, Radio and the printed Page (N.Y.: Duell Sloan and Pearce, 1940); Lazarsfeld et al, The people's Choice; McGhee, New strategies for Research, Columbia University 1953); Leo Bogart, the Age of Television (N.Y.: Frederick Unger, 1956).
130. Raymond Bauer, "The Communicator and the Audience" Dexter & White (eds.) (1964).
131. Rebert B. Zajone, The Concepts of Balance. Congruity and Dissonance in Thomas D. Beseecher and Dunn W. Parson. The Process of Social Influence: Readings in Persuasion (N. J.: Englewood Cliffs, Prentice Hall, 1972).
132. Reed H. Blake and Edwin O. Haroldsen, A Taxonomy of Concepts in Communication (N. Y.: Hasting House, 1975).
133. Ronald H. Applbaum et al, Fundamental Concepts in Human Communication, (San Francisco: Canfield Press, 1973).
134. Ronald L. Applpaum, et. al, Fundamental Concepts in Human Communication (N. Y.: Harper Row, 1973).
135. Ronald L. Applbaum, Karl W. E. Anatol, Ellis R. Hay, Owen O. Jenson, Richard E. Porter, and Jerry E. Mandel, Fundamental Concepts in Human Communication.
136. R.S. Ross, Speech Communication: Fundamentals and Practice, 2 nd ed. (Englewood Cliffs. N. J.: Prentice-Hall 196
137. Robert L. Jones and Charles E. Swanson, "Small-City Daily Newspapermen: Their, Interests and Attitudes", Journalism Quarterly, 1954.
138. Robert L. Jones and Leslie A. Beldo, "Methodological Improvements in Readership Date Gathering" Journalism Quarterly, 1953.
139. Robert J. Cranford, "Elects of the Teletypsetter Uren Newspaper Practices" Journalism Quarterly, Vol. 29, 1952.
140. Robert K. Merton, "Patterns of Influence: A Study of Interpersonal Influence and Communications Behavior in a Local Community," in Paul F. Lazarfeld and Frank N. Stanton (Eds.) Communications Research, 1948-49 (N. Y.: Harper, 1949).
141. Samuel Stouffer, "Report on Radio and Newspapers as News Sources" Summarized in Lazarsfeld, Radio and the Printed Page (N.Y.: Duell, Sloan and Pearce. 1940).
142. Sere no and Mortensen (eds.) Foundation of Communication Theory. (New York: Harper and Row, 1970).
143. Schramm, "Communication Development and the Development Process" in Lucian Pye (ed.) Communication and Political Development. (N.J.: Princeton University Press 1963).
144. Schramm and Roberts (eds.) The Process and Effects of Mass Communication.
145. Scott M. Cutlip, "Content and Flow of AP News From Trunk to TTS to Reader", Journalism Quarterly, 1954.
146. Theodore M. Newcomb, "An Approach to the Study of Communicative Acts" in Smith, (ed.) (1966) Communication and Culture pp. 66-79, and "The Prediction of Interpersonal Attraction", American Psychologist, 1956.
147. T. Parsons and Winston White, "The Mass Media and the Structure of American Society". Journal of Social Issues 1960, Vol, 16, No. 3,
148. Thomas D. Beiseker and Denn Parson, The Process of Social Influence (New Jersey, Prentice Hall, 1972).
149. Waren Breed, "Mass Communication and Sociocultural Integration", in Dexter & White (Eds). People, Society, and Mass Communication (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1964).
150. Walter Gieber, "News Is What Newspapermen make it", in Dexter and White (eds.) (1964).
151. Wilbur Schramm, "The Nature of Communication between Humans" in Schramm and Roberts. (eds.) The process and Effects of Mass Communication (Urbana, Chicago: University of Illinois Press, 1971).
152. W. Schramm, "Communication Research in the United States", in W. Schramm (ed.) The Science of Human Communication (New York: Basic Books, 1963).
153. Wilbur Schramm, "How Communication Works" in The Process and Effects of Mass Communication (Urbana, Illinois, University f Illinois, 1961).
154. W. Schramm, Mass Communication. (1960).
155. W. Schramm, "The Gatekeeper: A Memorandum", in W. Schramm (ed.) Mass Communication, (1960).
156. W. Schramm, "The Challenge to Communication Research". in Ralph O. Nafziger and David Manning White (Eds.) Introduction to Mass Communications Research (Baton Rouge, Louisiana State University Press, 1958).
157. W. Schramm and David Manning White, "Age, Education, Economic Status: Factors in Newspaper Reading", Journalism Quarterly, 1949.
158. W. Schramm, One Day in the World's Press.
159. W. Charters, Motion Pictures and Youth (N.Y.: Macmillan 1933); Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935).
160. Winston Lamont Bareback and William Smiley Howell, Persuasion: A Means of social Control (N. J.: Prentice Hall, 1961).
161. W. P. Davison, International Political communication (N. Y.: Frederick A. Prager, 1965).
162. W. J. McGuire and Pappageorge, "Effectiveness of Forewarning in Developing Resistance to Persuasion" Public Opinion Quarterly 1962.
163. Walter Gieber, "News is what Newspapermen Make it" in Dexter and White (eds.) (1964).
164. W. Breed, "Social Control in the Newsroom: A Functional Analysis", Social Forces,1955, Vol, 33.
165. W. Breed, "Communication and Socio-Cultural Integration", Social Forces, Vol. 37.
166. Walter Gieber, "News is What Newspapermen Make it.", in Dexter and White (Eds.) (1964).
167. Watter Gieber, "Across the Desk: A Study of 16 Telegraph Editors" Journalism Quarterly, 1956.
168. Walter Gieber, "Newspaper Opinion Leader" and "Processes of Standardization", Journalism Quarterly, Summer 1955.
169. Warren Breed, "Social Control in the News Room", in Schramm (ed.) Mass Communications (Urbana: The University of Illinois Press, 1960).
170. William L. Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication (New York, Harper & Row, 1969).
انتهى يوم السبت 11 نيسان 2009

هناك 3 تعليقات: