السبت، 1 نوفمبر 2014

تحت عنوان "إلى المشاركين في المؤتمر الدولي "تطور التعاون بمنطقة بحر الأورال والتخفيف من آثار الكارثة البيئية"" نشرت وكالة أنباء UzA، يوم 29/10/2014 نص الكلمة التي وجهها إسلام كريموف، رئيس جمهورية أوزبكستان، رئيس الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال للمشاركين في المؤتمر، وهذه ترجمة كاملة لها:

تحت عنوان "إلى المشاركين في المؤتمر الدولي "تطور التعاون بمنطقة بحر الأورال والتخفيف من آثار الكارثة البيئية"" نشرت وكالة أنباء UzA، يوم 29/10/2014 نص الكلمة التي وجهها إسلام كريموف، رئيس جمهورية أوزبكستان، رئيس الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال للمشاركين في المؤتمر، وهذه ترجمة كاملة لها:
الضيوف الأعزاء !
المشاركون في المؤتمر المحترمون !
لمن دواعي ارتياحي الكبيرة أن أحيي وفود الدول الأعضاء في الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال، ومندوبي المنظمات الدولية والمؤسسات المالية، وحكومات الدول المتبرعة، والمنظمات البيئية، والسلك الدبلوماسي، والعلماء والخبراء البارزون، المشاركون في المؤتمر الدولي "تطور التعاون بمنطقة بحر الأورال والتخفيف من آثار الكارثة البيئية".


هذا اللقاء مخصص للنظر في المسائل المتعلقة بواحدة من أصعب القضايا المتشكلة في منطقة آسيا المركزية، قضية الكارثة البيئية في حوض بحر الأورال والتي نتجت عنها آثار ماساوية صعبة للكائنات الحية وصحة السكان، وظروف ونوعية الحياة في عالم النبات والحيوان بحوض بحر الأورال.
ومقارنة بوقت قريب كان لبحر الأورال دوراً هاماً في تطور اقتصاد آسيا المركزية، وإنتاج الغذاء، وتوفير فرص العمل للسكان وتشكيل البنية التحتية الإجتماعية القوية. وبلغ صيد الأسماك من مياه حوض بحر الأورال 35 ألف طن، ووفرت الأراضي الخصبة في دلتا نهري أوداريا وسرداريا، والمراعي الخصبة والمصادر المائية فرص العمل لملايين الناس في مجالات تربية الحيوان، وتربية الدواجن، وتربية الأسماك، وإنتاج المحاصيل الزراعية.
ولكن بناء منشآت ضخمة لإنتاج الطاقة الكهرومائية على الأنهار الكبيرة بالمنطقة وتغيير المجاري الطبيعية للأنهار العابرة للحدود أموداريا وسرداريا دون تفكير تحول إلى واحدة من أضخم الكوارث البيئية في تاريخ العالم المعاصر. وبحر الأورال، أحد أجمل البحيرات المائية الضخمة المغلقة والمتميزة في العالم، خلال فترة حياة جيل واحد عمليا وصل لحدود الإختفاء الكامل، وتحول إلى كارثة لا تقارن ولا يمكن مواجهة الخسائر التي ألحقتها بحياة ونشاطات السكان الذين يعيشون هنا، والنظام البيئي والتنوع البيولوجي في حوض بحر الأورال.
وخلال السنوات الـ 50 الأخيرة انخفضت الكمية الإجمالية لتدفق مياه نهري أموداريا وسرداريا إلى بحر الأورال لنحو الـ 5 مرات، وتقلصت كمية مياه بحر الأورال لأكثر من 14 مرة، وزاد مستوى الملوحة لنحو 25 مرة، وهو ما أدى إلى إختفاء الأسماك والعضويات البحرية بالكامل تقريباً، التي كانت تعيش سابقاً في مياه بحر الأورال.
ومنطقة بحر الأورال التي اشتهرت حتى وقت قريب بالتنوع الضخم، انخفض فيها بشدة عدد كبير من النباتات وانخفض تكاثر الحيوانات البرية، وعلى حافة الإختفاء التام 12 نوعاً من الحيوانات الصغيرة، و26 نوعاً من الطيور، و11 نوعاً من من النباتات. وتشكل مكان البحيرة صحراء الأورال الرملية بمساحة تبلغ أكثر من 5,2 مليون هكتار وتنتشر بالتدريج في كل منطقة حوض بحر الأورال، وسنوياً تحمل الأجواء نحو 100 مليون طن من الغبار والأملاح السامة، وتحملها العواصف والزوابع الرملية بعيداً خارج منطقة حوض بحر الأورال.
ولكن الأرقام الإحصائية الجافة لا تستطيع التعبير عن شمولية الكارثة الإنسانية المتنامية في حوض بحر الأورال، ولا تستطيع إعطاء أحاسيس ومعاناة ملايين الناس الذين يعيشون هنا. وعدم كفاية الموارد المائية وانخفاض نوعية مياه الشرب، وتأكل التربة، والتبدلات الجوية، وانتشار الأمراض بين السكان، وبالدور الأول بين الأطفال، وجملة الصعوبات المرتبطة بالمشاكل الإجتماعية والاقتصادية، والسكانية، وهذا الواقع القاسي، الذي يعايشه يومياً السكان بالمناطق المحيطة ببحر الأورال في أوزبكستان، وقازاقستان، وتركمانستان.
وجفاف بحر الأورال حمل معه تبدلات مأساوية بالأحوال الجوية في كل آسيا المركزية، وأدى إلى تفاقم العجز في مصادر المياه، وزيادة مواسم الجفاف، وإطالة الشتاء القاسية، وتسريع ذوبان الثلوج الأبدية المتجمدة في جبال بامير وتيانشان وإلى تدهور الظروف الملائمة للأعمال الزراعية في دول آسيا المركزية.
ومع الأسف الشديد أصبح واضحاً حتى اليوم أن إعادة بحر الأورال إلى ما كان عليه بالكامل لم يعد ممكناً.
والمهمة الهامة في الوقت الحاضر هي تخفيض التأثيرات القاتلة لأزمة بحر الأورال على الوسط المحيط والنشاطات الحياتية لملايين الناس الذين يعيشون في المناطق المحيطة ببحر الأورال، ومن ضمنها عن طريق تنفيذ مشاريع مدروسة بعمق وموجهة وممولة من مختلف المصادر.
والإحتياطيات الرئيسية لهذا برأينا يمكن أن تكون من خلال الإتجاهات التالية:
أولاً: الحفاظ على الأوضاع المتشكلة حتى اليوم للتوازن البيئي الضعيف في حوض بحر الأورال، ومحاربة التصحر، وتطوير نظم الإدارة، والاقتصاد، والاستخدام العقلاني للموارد المائية؛
ثانياً: إيجاد الظروف الملائمة من أجل إحياء والحفاظ على المخزون الجيني وصحة السكان في منطقة حوض بحر الأورال، وتطوير البنية التحتية الإجتماعية، والشبكة الواسعة من المؤسسات الطبية والتعليمية؛
ثالثاً: إيجاد الآليات الإجتماعية والاقتصادية والتحفيزات اللازمة من أجل رفع مستوى حياة السكان، وتطوير البنية التحتية القاعدية والاتصالات. وأعتقد أن الجميع موافقين معي على أننا لا نملك الحق بإعطاء الناس المولودين والذين يعيشون هنا الإحساس بعدم الجدوى، ومن اجبنا إيجاد كل الإمكانيات لهم من أجل العيش الكريم، وتطوير أعمالهم الخاصة، وتوفير فرص عمل جديدة ومصادر للدخل؛
رابعاً: الحفاظ وإعادة التنوع البيولوجي لعالم الحيوان والنبات، عن طريق إحداث تجمعات مائية مناسبة، والحفاظ على التميز الحيواني والنباتي الفريد في المنطقة.
وهذه المسائل الرئيسية بالذات هي في صلب اهتمام "برامج إجراءآت تصفية آثار جفاف بحر الأورال ومواجهة كارثة النظام البيئي في حوض بحر الأورال" الذي اقترحناه من على المنبر العالي لمنظمة الأمم المتحدة، والذي وزرع كوثيقة رسمية لدورة الهيئة العامة الـ 68 لمنظمة الأمم المتحدة.
وهذا يتحدث عن أن المجتمع الدولي ينظر إلى كارثة بحر الأورال ككارثة بيئية عالمية ويعترف بالأهمية العالية للتعامل العاجل مع تحديات الأمن البيئي والإجتماعي للملايين في المنطقة.
 ويشهد على هذا دعم منظمة الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء في تطوير ما قدمه الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال، الذي اسسته في عام 1993 منظمة الأمم المتحدة والدول الخمس في آسيا المركزية. وخلال الفترة الماضية نفذ الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال برنامجين بلغت كلفتهما أكثر من 2 مليار دولار لتقديم المساعدة لدول حوض بحر الأورال، من دعم تبرعات المجتمع الدولي.
وبهذه المناسبة اسمحوا لي أن أعبر عن الشكر للمؤسسات والدول المشاركة في الإسهام بحل المشاكل الحادة، الباقية أمام دول وسكان حوض بحر الأورال. ومن بين المشاركين النشطاء البنك الآسيوي للتنمية، والبنك الدولي، ووكالات منظمة الأمم المتحدة، وبنك التنمية الإسلامي، ويوسايد، والإتحاد الأوروبي، واليابان، وكوريا، والصين، وألمانيا، وفرنسا، وسويسرا، والكويت، وغيرها من الدول أيضاً.
ومن عام 2013 بدأ الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال بدعم من منظمة الأمم المتحدة، والإتحاد الأوروبي، والمنظمات الدولية البارزة والمؤسسات المالية بتنفيذ البرنامج الثالث لتقديم المساعدة لدول حوض بحر الأورال، والذي يتضمن أكثر من 300 مشروع تحتاج لضرورة تعبئة أكثر من 8,5 مليار دولار.
وعلينا في نفس الوقت الإعتراف علناً بأنه وبغض النظر عن المشاريع والبرامج المنفذة، علينا فعل الكثير. فدول المنطقة لا تملك الموارد والمواد والإمكانيات المادية والتقنية الخاصة الكافية من أجل تصفية الآثار البيئية، والإجتماعية والاقتصادية والإنسانية لكارثة بحر الأورال، وتأثيرها على الوسط المحيط وحياة ونشاطات الناس الذين يعيشون هنا. وفي هذه المجال أصبح واضحاً أنه دون المساعدة الملموسة لمنظمة الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية والدول المشاركة في التنمية لا يمكن حل هذه القضية، لأنها من حيث الجوهر هي قضية شاملة لكل الكرة الأرضية.
وجملة الآثار الصعبة والواسعة لمأساة بحر الأورال تحتاج لوضع برامج إسهام جديدة متعددة الجوانب، موجهة نحو التصدي الفعال للتحديات الكثيرة التي تقف أمام السكان، والمجالات الاقتصادية والإجتماعية والوسط المحيط بحوض بحر الأورال.
والدور الرئيسي في إعداد وتنفيذ مثل هذه البرامج الشاملة لمساعدة منطقة حوض بحر الأورال يجب أن يكون قبل كل شيء للمنظمات الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الممثلة بالبنك الدولي، والبنك الآسيوي للتنمية، وبنك التنمية الإسلامي، والمنظمات البيئية الدولية الهامة. وتسمح بتنفيذ هذه البرامج ليس موارد المنظمات الدولية والمؤسيات المالية فقط، بل وإمكانيات الدول الصديقة المشاركة.
وعملياً كل الدول الأعضاء في الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال، كغيرها من دول آسيا المركزية، تنفذ برامج قومية لتخزين المياه، وإعادة وتطوير حوض بحر الأورال. وتطبق واسعاً مبادئ التكامل الإداري للموارد المائية، والتكنولوجيا الحديثة للمحافظة على المياه، وتنفذ إجراءآت لتطوير الإنتاج الزراعي، والكثير غيرها.
ويعار اهتمام خاص لنوعية وظروف حياة الناس، وتطوير السكن والبنية التحتية الإجتماعية والنقل والمواصلات في حوض بحر الأورال، وبناء بيوت سكنية حديثة في الأرياف، ومدارس للتعليم العام وكوليجات مهنية، ومراكز طبية، وبناء وإعادة بناء طرق السيارات. وتنفيذ برامج لتحسين أوضاع ري الأراضي.
وأنا مقتنع بأن العمل المشترك والهادف ومتعدد الجوانب والمنظم بين الدول، وأجهزة منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات المالية والبيئية الدولية، المهتمة بمصير حوض بحر الأورال وسكانه، يسمح بإعداد وإخراج إلى حيز الحياة برامج ومشاريع عملية، موجهة نحو حل المشاكل الحادة بمنطقة حوض بحر الأورال.

المشاركون في المؤتمر الدولي المحترمون !
اسمحوا لي أن أعبر لكم جميعاً عن شكرنا الصادق على الإهتمام العميق والواسع بآثار كارثة جفاف بحر الأورال وإسهامكم الجاد في إنقاذ النظام البيئي في حوض بحر الأورال.
وأتمنى لجميع المشاركين في المؤتمر العمل المثمر، والصحة الطيبة والنجاح في نشاطاتكم الخيرة.
مع عميق الإحترام،
إسلام كريموف،
رئيس جمهورية أوزبكستان،
رئيس الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق