يتبع ما قبله
الفصل الثالث
نشأة وتطور وكالات الأنباء العالمية
تعتبر وكالات الأنباء
العالمية من المصادر الإعلامية الهامة التي تعتمد عليها وسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية في جميع أنحاء العالم بشكل أساسي للحصول على المواد الإعلامية المختلفة
وخاصة آخر الأنباء عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم التغير. وتدخل هذه
الوكالات في إطار وسائل التبادل الإعلامي الدولي كجزءٍ من سياسات القوة Power Politics باوير بوليتيكس التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول المتقدمة في
العالم لتحقيق جزء هام من سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء
العالم. وتعتبر فرنسا المهد الذي رأت فيه النور أول وكالة أنباء في العالم عام
1845. (UNESCO: World
Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels,
Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New
York, Hastings House Publishers, 1970, pp. 57-65.)
ففي عام 1840 كتب أنوريه دي
بلزاك في مجلة باريسية مقالة قال فيها: "أن الجمهور يمكنه التصديق بأنه يوجد
صحف كثيرة، ولكن في الحقيقة لا توجد إلا صحيفة واحدة..... فللسيد هافاس مراسلين في
العالم بأسره، وتصله الصحف من البلدان المختلفة في الكون، وهو الأول.... لأن كل
صحف باريس امتنعت، لأسباب اقتصادية عن العمل لحسابها. بسبب المصاريف، ولكن
المصاريف التي يتحملها السيد هافاس أكبر، وله الآن الاحتكار. وكل الصحف التي
امتنعت في الماضي عن ترجمة الصحف الأجنبية، وعن اعتماد المراسلين، تتلقى اليوم
المساعدة من السيد هافاس الذي يزودها بالأخبار الأجنبية في ساعة محددة لقاء مبلغ
شهري .... وتقوم كل صحيفة بصبغ تلك الأخبار التي يرسلها إليها السيد هافاس باللون
الأبيض أو الأزرق أو الأخضر أو الأحمر....". (أنظر:
رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ص 101-102)
ويعتبر شارل هافاس اليهودي
الفرنسي، أول من أطلق اسم وكالة الأنباء على الوكالة التي حملت اسمه أي
"وكالة هافاس"، في باريس عام 1845، وكانت أول وكالة تمارس تجارة الأخبار
والإعلانات في العالم. (أنظر: نفس المصدر. ص 102؛ -
د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. ص 110؛ - د. عبد
العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول، الصحافة اليومي. ص80.) وقد استفاد هافاس من
الخبرة التي تكونت في أوروبا منذ القرن السادس عشر لدى الصرافين في مراسلاتهم،
واستفاد خاصة من الحادثة التي سمحت لأسرة روتشيلد التي كانت تمارس المراسلة مع
الصرافين أن تصبح من الأسر الثرية عندما علمت بخبر انتصار إنكلترا في معركة واترلو
قبل حكومة ملك إنكلترا بثمان ساعات. واستفاد هافاس كذلك من الموقع الهام لمكتبه
الذي افتتحه عام 1832، وسط العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من مركز البريد، وبورصة
باريس التجارية، والمحكمة، ومقرات الصحف الباريسية. ومنذ عام 1857 أخذت وكالة
هافاس تتمتع بشهرة واسعة، تتناسب وشعارها (المعرفة الجيدة والسريعة)، واستعملت
وكالة هافاس كل الوسائل المتاحة آنذاك لتأدية عملها. من استخدام الحمام الزاجل في
الاتصالات اليومية بين باريس ولندن وبروكسل. إلى استخدام التلغراف الذي أخترع عام
1837، ووضع في الخدمة العامة أمام الاتصالات الخاصة، اعتباراً من عام 1850 عبر
الكبل البحري الذي امتد تحت مياه بحر المانش عام 1851، وتحت المحيط الأطلسي عام
1866، واستخدمت كذلك التيليسكربتور من عام 1880. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية
وريثة وكالة هافاس أول من استخدم الراديو تيليسكربتور في العالم عام 1950. وعندما
عانت وكالة هافاس من أعراض الأزمة المالية الحادة، أثناء الأزمة الاقتصادية
العالمية، في الثلاثينات من القرن العشرين، قامت الحكومة الفرنسية بالتدخل
لمساعدتها مادياً.
ولما انهزمت فرنسا أمام
ألمانيا النازية مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقعت وكالة هافاس تحت السيطرة
الألمانية، وحكومة فيشي الفرنسية التابعة لألمانيا، وأصبحت بذلك تابعة للديوان
الفرنسي للإعلام، تخضع لرقابة الدولة الفرنسية وجماعة تجارية ألمانية اعتبارا من خريف
1940. (أنظر: - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة
والسمعية البصرية. ص 105؛ - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية
والتطبيق. ص 110؛ - تقارير خاصة عن وكالات الأنباء) في ذلك الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة
الفرنسية الحرة من لندن مقراً لها تقود منه المقاومة ضد النازية، وليتحول بذلك
مكتب وكالة هافاس في لندن وبعض مكاتبها الأخرى في العالم إلى أداة من أدوات كفاح
حكومة فرنسا الحرة والحكومة المؤقتة في الجزائر ضد الاحتلال النازي. وبعد هزيمة
النازيين وتحرير فرنسا من احتلالهم عام 1944، صدر مرسوم عن الحكومة الفرنسية
بتاريخ 30/9/1944 يقضي بإنشاء وكالة الأنباء الفرنسية أجنسي فرانس بريس AGENCE FRANCE PRESSE (AFP)، كوريثة لما تبقى من وكالة هافاس، تتمتع من الناحية القانونية
باستقلالية كمؤسسة عامة مستقلة مالياً، مع إمكانية حصولها على إعانات مالية من
الحكومة الفرنسية.
وفي عام 1954 ترأس AFP جان
ماران، وكان يعمل فيها آنذاك حوالي 2000 موظف و700 صحفي، ولها 18 مكتب في فرنسا، و
92 مكتباً في الخارج، ومراسلين في 157 دولة. وكانت توزع حوالي 500 ألف كلمة
يومياً، إضافة لمصالحها في 138 دولة، و12400 مشتركاً بين صحيفة ومحطة إذاعية ومحطة
تلفزيونية. و 447 مشتركاً خاصاً. وتوزع AFP أنباءها باللغات
الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والألمانية والعربية والبرتغالية. إضافة
لامتلاكها لمراكز استماع للإذاعات الأجنبية، وخاصة إذاعة موسكو وبعض الدول
الشرقية، والشرق الأوسط والشرق الأقصى. ومركزاها في ليما وسنغافورة اللذان يرسلان
الأنباء الهامة مباشرة لمشتركيها في أمريكا اللاتينية وقارة آسيا دون الحاجة
لإرسالها عبر باريس. وحققت أعمال AFP عام 1967 مبلغ 89.811.600 فرنك فرنسي، في الوقت الذي كانت فيه
ميزانيتها لذلك العام تبلغ 50 مليون فرنك فرنسي فقط. (أنظر:
رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ص 105-106)
وحسب مصادر AFP
فإنها تنقل الأنباء بصدق وموضوعية، وتتسم بطابع استقلالي. ولكن المتابعة الموضوعية
لما تنشره AFP يظهر لنا بوضوح أنها وسيلة من وسائل السياسة الخارجية الفرنسية،
من خلال تركيزها في نقل الأخبار على الأولويات التي تراها مناسبة لها، بما يتناسب
والمواقف الفرنسية. ومما يساعد AFP على الانتشار الواسع في العالم الخبرة الطويلة التي تتمتع بها،
والمناخ السياسي العام في فرنسا، وإمكانياتها المادية والتقنية وقدرات السياسة
الخارجية الفرنسية، إضافة لدعم الحكومة الفرنسية لها.
أما في المملكة المتحدة
لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية فقد افتتح عام 1851 جوليوس رويتر اليهودي
الألماني الذي اكتسب الجنسية الإنكليزية عام 1857، وتعلم في باريس على يد شارل
هافاس، مكتباً للأنباء في لندن كشركة تجارية عادية، وسرعان ما تحول هذا المكتب إلى
وكالة للأنباء ووسيلة هامة من وسائل السياسة الخارجية البريطانية، الأمر الذي ظهر
جلياً واضحاً إبان الحرب العالمية الثانية. واستفاد رويتر من مد الكابل البحري بين
دوفر وكالي، ليوفر عامل السرعة في إرسال واستقبال الأنباء. ومن ثم حصل على موافقة
سرية أثناء الحرب الأمريكية لمد كابل بحري عبر المحيط الأطلسي ربط بين مينائي كروك
وكروكابين على ساحل ايرلندا. وسير سفناً أبحرت بمحاذاة السفن الأمريكية لتلتقط
محافظ الأخبار الجاهزة منها وإيصالها لمراكز التلغراف التابعة له موفراً بذلك
حوالي ثمان ساعات عن الطرق المألوفة آنذاك. وأطلق على هذه الطريقة اسم: التلغراف
الناقص. وهي الفكرة التي استفادت منها الصحافة الأمريكية عندما أنشأت كبريات الصحف
في نيويورك أول وكالة للأنباء اتفقت مع سفن الركاب المتوجهة عبر المحيط الأطلسي
لالتقاط الأخبار الواردة من أوروبا عام 1848 بسرعة أكثر من انتظارها في نيويورك.
ومنذ العام 1941 أصبحت
وكالة رويتر للأنباء مؤسسة مستقلة "تروست" وفق المفهوم البريطاني. وضم
هذا التروست: نيوزبيبر بروبيتورز أسوسيشن، وشركة الصحف اللندنية، وشركة الصحافة،
وشركة الصحافة الجهوية، وشركة الصحافة الأسترالية، وصحافة نيوزيلندة، وتعاونية
الصحف الأسترالية والنيوزيلندية. ومعنى ذلك أن وكالة رويتر كانت ملكاً غير قابل
للتجزئة لعموم الصحف في المملكة المتحدة، باستثناء الصحافة الشيوعية غير الممثلة
في تلك الشركات. وعمل في الوكالة حوالي 2000 موظف و500 صحفي، وكان لها 75 مكتباً
في 69 دولة. ووزعت حوالي 1.3 مليون كلمة في اليوم على 6500 مشتركاً و4770 صحيفة في
120 بلداً في العالم. وكانت تملك أكثر مراكز الرصد الإذاعي في العالم، وأوسع خط
للتيليسكربتور في العالم، يبلغ طوله 990.7 ألف كلم حتى عام 1967 بامتياز استخدام
نافذ لمدة خمسين عاماً. ومنذ عام 1961 استخدمت الكبل البحري الممتد تحت مياه
المحيط الأطلسي بين لندن ونيويورك. (أنظر: نفس المصدر
السابق. ص 103-106، 568-569؛ - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية
والتطبيق. ص 111)
وأثناء الحرب العالمية
الثانية تعرضت وكالة رويتر لأزمة مالية حادة، مما دعى الحكومة البريطانية لتقديم
بعض المساعدات لها، إلا أنها سرعان ما استغنت عن تلك المساعدات. ويقول الرسميون في
وكالة رويتر، أن وكالتهم هي مؤسسة تمثل الصحافة البريطانية أساساً، وأنها تتوخى
الموضوعية والدقة في أخبارها. ولكن تحليل مضمون موادها الإعلامية يبين أنها وسيلة
من الوسائل الفعالة للسياسة الخارجية البريطانية، وأنها كسائر وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية البريطانية تستخدم أساليب غاية في الدقة لإخفاء نواياها
الحقيقية، الأمر الذي يساعدها على القول "بأنها تعمل بموضوعية".
أما في جمهورية ألمانيا
الاتحادية فقد أفتتح اليهودي الألماني برنارد وولف الذي تتلمذ في باريس على يد
شارل هافاس، في برلين مكتباً صحفياً أطلق عليه اسمه عام 1849. ومن ثم أنشأ الخط
التلغرافي للدولة البروسية الذي ربط بين برلين وأكس لاشبال. وبقيت وكالة وولف
للأنباء أكبر وكالة أنباء في أوروبا حتى هزيمة ألمانيا النازية على أيدي الحلفاء.
(أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية.
مصدر سابق ص 103-106، 568-569؛ - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية
والتطبيق. مصدر سابق ص 111؛ - هيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية
ألمانيا الاتحادية. ص 128-130. (باللغة الروسية))
وكانت هذه الوكالة واحدة من
أكثر الوسائل فعالية من بين وسائل تنفيذ السياسة الخارجية الألمانية، وخاصة أثناء
العهد النازي في ألمانيا، حيث أثبتت تفوقها حتى على وكالة معلمه هافاس الفرنسية.
وانتهت هذه الوكالة بهزيمة ألمانيا النازية، لتحل محلها وكالة الصحافة الألمانية DPA التي
تأسست عام 1949 في هامبورغ Hamburg كشركة تعاونية يملكها ناشري الصحف ومحطات البث الإذاعي، على قاعدة
وكالة الأنباء DENA في المنطقة الخاضعة للولايات المتحدة الأمريكية من ألمانيا،
ووكالة الأنباء DPD في المنطقة الخاضعة لبريطانيا، ووكالة الأنباء SUEDENA في
المنطقة الخاضعة لفرنسا، وافتتحت 46 مكتباً لها في ألمانيا و70 مكتباً في الدول
الأجنبية، وتحصل DPA من مراسليها في ألمانيا ومختلف العواصم العالمية يومياً على 200
ألف كلمة توزع منها الثلث على مشتركيها عبر شبكتها الإلكترونية للتوزيع، لتصبح
بذلك وسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية، وفق الدور
المسموح لها به في السياسة الدولية، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحلف وارسو،
والمنظومة الاشتراكية، وهدم جدار برلين الشهير، وانضمام الأراضي الشرقية التي كانت
تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية إلى ألمانيا الاتحادية في مطلع التسعينات من
القرن العشرين، جرت محاولة فاشلة خلال صيف 1990 لدمج وكالة الأنباء DPAمع منافستها وكالة أنباء جمهورية
ألمانيا الديمقراطية ADN:
DEUTSCHE NACHRICHTENDIENST ALLGEMEINE .
وفي عام 1992 سلم مجلس الوصاية وكالة الأنباء ADN
لبولكو هوفمان صاحب Effectenspiegel
A G في دوسلدورف، والذي يملك أيضاً القسم الأكبر من رأس مال وكالة: (DEUTSCHER DEPESCHEH - DIENST) لتصبح بذلك وكالة الأنباء الألمانية DPA،
ووكالة ADN، ووكالة DDP
(DEUTSCHE DEPESCHEN - DIENST) من وسائل تنفيذ
السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية. إلى جانب وكالات الأنباء الدينية EPD و KNA و VWD.
أما في الولايات المتحدة
الأمريكية فقد كونت بعض الصحف الأمريكية عام 1848 في نيويورك جمعية أطلقت عليها
اسم جمعية أخبار الميناء Harbour
News Association هاربور نيوز أسوسيشين، لتستفيد من
خدماتها الإخبارية. وفي عام 1856 تبدل اسم هذه الجمعية إلى نيويورك أسوشيتد بريس New York Associated Press وتبع ذلك قيام عدد من وكالات الأنباء الصغيرة في أنحاء مختلفة من
الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الهدف من إقامة تلك الوكالات، الاقتصاد في نفقات
الحصول على الأنباء، وأدى اتجاه هذه الوكالات نحو التركيز في نشاطاتها إلى نشوء
الاحتكارات الإعلامية داخل السوق الأمريكية.
ويشترك في عضوية مجلس إدارة
AP إي بي عدد من ممثلي الصحف والإذاعات الأمريكية، طبقاً لإسهاماتهم
المالية، ويتكون مجلس الإدارة من 18 عضواً يتم انتخابهم مرة كل ثلاث سنوات، ويعين
هذا المجلس المدير العام للوكالة. وتعمل الوكالة بشكل مستقل معتمدة في مواردها
المالية على اشتراكات المشتركين فيها، وكان لها 34 مكتباً رئيسياً دائماً، ومئات
المكاتب الصغيرة، وكانت تملك 600 ألف كم من خطوط التلغراف عبر أكثر من 100 دولة في
العالم، وبلغ عدد موظفيها 7500 موظفاً. وقد تشكلت الوكالة أساساً على شكل جمعية
تعاونية دون أهداف معلنة، وبلغ عدد المشتركين فيها 1778 صحيفة ومجلة أمريكية،
و2042 محطة إذاعية مرئية ومسموعة. وكانت توزع في اليوم أكثر من 3 ملايين كلمة، على
8500 مشترك في العالم. (أنظر: د. عبد العزيز الغنام:
مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. ص 81-81؛ - رولان كايرول: الصحافة
المكتوبة والسمعية والبصرية. ص 107)
وفي عام 1958 اندمجت كلاً
من: - United
Press Association وكالة يونايتيد بريس أسوسيشين. التي
تأسست عام 1907 نتيجة لاندماج عدد من وكالات الأنباء الأمريكية المحلية، ولم تشترك
هذه الوكالة منذ تأسيسها في الاحتكار الدولي للأنباء مفضلة العمل بحرية داخل سوق
الأنباء العالمية، كجمعية تعاونية (شركة تجارية). - و International News Service وكالة إنترناشيونال نيوز سيرفس. التي تأسست عام 1909 وكانت عضواً
في الاحتكار الدولي للأنباء. - وشكلتا مع بعضهما بعد الدمج وكالة اليونيتيد بريس
إنترناشيونال UPI. كمؤسسة تجارية عادية، لها 148 مكتباً في الولايات المتحدة
الأمريكية، و100 مكتباً موزعة في مختلف دول العالم. وبلغ عدد موظفيها حوالي 10
آلاف موظف دائم. ووزعت أكثر من 4 ملايين كلمة يومياً إلى 114 دولة في أنحاء العالم
بـ 48 لغة. إضافة لامتلاكها لقناة خاصة لتوزيع الصور الفوتوغرافية (أونيفاكس) تعمل
على مدار الساعة. وبلغ عدد المشتركين فيها 3609 صحف، و2325 محطة إذاعية مسموعة، و
528 محطة إذاعية مرئية، و622 مشتركاً خاصاً. (أنظر:
رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية. ص 107-108)
وتعتبر وكالات الأنباء
الأمريكية أداةً فعالة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة
الأمريكية، بفضل الانتشار العالمي الواسع الذي تتمتع به، ولاعتماد الكثير من وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية في شتى أنحاء العالم عليها كمصدر لتلقي الأخبار
العالمية. وهو ما أثبتته دراسات تحليل المضمون التي تناولت خدمات تلك الوكالات،
حيث تبين أنها تعرض مختلف الموضوعات وفقاً لمفهوم السياسة الخارجية للولايات
المتحدة الأمريكية، والأولويات التي تطرحها تلك السياسة، ومن خلال متابعتها
لتطورات الأحداث من خلال الخبر والتعليق، واستخدام المصطلحات Semantics سيمانتس. (أنظر: د. محمد علي العويني:
الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. ص 107)
ومن المعروف أن وكالات
الأنباء العالمية توزع أخبارها وفقاً لأولويات سياستها الإعلامية الخاصة بها رغم
مراعاتها لأفضليات السياسة الخارجية للدولة التي تعمل من أراضيها، وتسهم إلى حد
كبير في صنع الرأي العام الضاغط على أصحاب الحق باتخاذ القرار. وهي لذلك تتبع
سياسة خاصة في تحديد أهمية الخبر، فإذا كان هناك خبراً عاجلاً وضعت في مقدمته
عبارة Snap سنيب أو Urgent أورجنت التي كانت ترتبط بالأصوات العالية التي تحدثها أجراس أجهزة
استقبال الأخبار، بقصد التنبيه لأهمية الخبر، وأثبتت دراسات تحليل المضمون أن هذا
التوزيع كان مطابقاً للسياسة الخارجية المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية في أكثر
الحالات المدروسة. وهذا يعني أن وكالات الأنباء العالمية الأمريكية تعتبر أداة من
أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، وتعكس الأدوات الأخرى التي تعتمد عليها
السياسة الخارجية الأمريكية، إضافة لتمتع وكالات الأنباء بخصائص إضافية منها تعدد
المصادر التي تستقي منها الأخبار، ومنافستها لغيرها من وكالات الأنباء العالمية في
الحصول على الأخبار وتوزيعها على مشتركيها قبل حصول الوكالات المنافسة على تلك
الأخبار. وهو ما يعرف في عالم الصحافة بالسبق الصحفي. إضافة لتمتع وكالات الأنباء
الأمريكية بقدرات مالية وتكنولوجية هائلة، وكوادر مؤهلة كفوءة تجعل منها أكثر قدرة
على التنافس من وكالات الأنباء العالمية في دول العالم الأخرى.
أما في الفيدرالية الروسية
فقد أنشأ النظام الجديد في روسيا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة عام 1917
"وكالة التلغراف الروسية" التي باشرت عملها ابتداء من عام 1918، وبعد
قيام الاتحاد السوفييتي تغير اسمها إلى "الوكالة التلغرافية للاتحاد
السوفييتي TASS (تاس)" وكانت تابعة لمجلس الوزراء في الاتحاد السوفييتي
السابق ويديرها أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك، وجمعت
الوكالة الأخبار في 60 دولة، ووزعتها على المشتركين في 40 دولة، إضافة لاحتكارها
تجميع وتوزيع الأخبار داخل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، باعتبارها المصدر
الوحيد والإلزامي لجميع الصحف السوفييتية. وكان يعمل في هذه الوكالة حوالي 1500
موظف، ومقرها موسكو، ووزعت حوالي 1500 كلمة في اليوم كلها نصوص رسمية وشبه رسمية.
(أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ص
104-108؛ - د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول- الصحافة
اليومية. ص 84-85؛ - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. ص
108-109) وبعد
انهيار الاتحاد السوفييتي تحولت هذه الوكالة إلى "وكالة ITAR TASS (إيتار تاس)" بينما تحولت فروعها في الجمهوريات السوفييتية
السابقة إلى وكالات أنباء وطنية للجمهوريات المستقلة.
وفي عام 1961 أنشأت الحكومة
السوفييتية "وكالة نوفوستي الصحفية"، لإنتاج المواد الإعلامية التي تعكس
أوجه الحياة في الاتحاد السوفييتي السابق، وتعد هذه الوكالة مكملة لوكالة تاس في
الإعلام السوفييتي، الذي عمل في إطار السياسة السوفييتية الداخلية والخارجية. وقد
سارت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية، في إطار النظام الشيوعي
السوفييتي الذي استخدم الدعاية كوسيلة من الوسائل الأساسية لتحقيق أهدافه، من خلال
الإقناع وغسل الأدمغة، والتلقين الإيديولوجي، والتركيز على وجهة النظر السوفييتية
فقط، وإهمال كل وجهات النظر الأخرى. خاضعة تماماً لسيطرة الحزب الشيوعي السوفييتي
السابق، ولا سيما لجنته المركزية، ومكتبه السياسي. ولم تعرف وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية السوفييتية طيلة فترة حياتها السبق الصحفي، كما هي الحال في
وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية
والدول السائرة على النمط الغربي. وكثيراً ما كانت تحدث أحداث جسيمة في الاتحاد
السوفييتي نفسه وفي دول العالم الأخرى دون أن تنقلها وسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية السوفييتية بناءً على تقدير السلطات السوفييتية للموقف. ولهذا كان
المواطن السوفييتي ملماً بمسائل معينة فقط يحصل عليها بناءً على حسابات السلطة
السوفييتية وحدها، ولا يعرف الكثير مما يدور حوله من شؤون العالم. وكثيراً ما كانت
الأخبار تذاع بتأخير كبير قد يتجاوز عدة أيام بعد وقوع الحدث. (Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological
Perspective, New York, Random House. 1959. pp. 26-34.) وكانت تلك الأخبار بعيدة
عن الموضوعية، وتنشر الحقائق التي تدخل في إطار السياستين الداخلية والخارجية
للدولة السوفييتية فقط. وبهذا كانت تاس ونوفوستي أداة طيعة من أدوات الدعاية
للسياسة الخارجية السوفييتية، حتى أن الكثير من الدول غير الشيوعية كانت تتجنب
الاعتماد على وكالة تاس، وأن بعض تلك الدول اشتركت في وكالة تاس مجاملة للاتحاد
السوفييتي كقوة عظمى آنذاك. وكانت تنشر حيزاً ضئيلاً جداً من الأخبار التي يوزعها
الإعلام السوفييتي، وخاصة تلك التي تمس بشكل مباشر الاتحاد السوفييتي السابق
وحلفائه المقربين. واقتصر اعتمادها على ما توزعه وكالات الأنباء الغربية فقط.
وكالات الأنباء الوطنية
والوكالات الوطنية للأنباء
هي وكالات تمارس جمع وتوزيع الأنباء الداخلية في دولة معينة، وترتبط بوكالات
الأنباء العالمية وبغيرها من الوكالات باتفاقيات ثنائية تخولها التقاط الأخبار
التي توزعها تلك الوكالات ومن ثم توزيعها داخل الدولة المعنية من خلال شبكة
توزيعها الخاصة. وهناك وكالات أنباء وطنية تتمتع بشهرة دولية تتعدى حدود الدولة
المعنية، ومن أشهر هذه الوكالات في القارة الأوروبية:
في الجمهورية الإيطالية
"وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) Agenzia Nazional stamp associata (ANSA)": (أنظر: رولان كايرول: الصحافة
المكتوبة والسمعية البصرية. ص 544-546) التي أنشأت على أنقاض "وكالة أنباء ستفاني Stefani"
التي عملت دون انقطاع منذ عام 1853 وحتى هزيمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية.
وفي 13/1/1945 بدأت أنسا عملها كشركة تعاونية ذات مسؤولية محدودة، تضم كافة الصحف
اليومية الإيطالية.
وفي القارة الآسيوية:
أنشأت جمهورية الصين
الشعبية "وكالة أنباء الصين الجديدة Agence Hsin Hua"
في 1/9/1937 لتحل مكان "وكالة أنباء الصين الحمراء" التي أسست عام 1929.
(أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ص 607-609) وتخضع هذه
الوكالة للإشراف المباشر لمجلس الدولة والحزب الشيوعي الصيني، وهي المصدر الوحيد
للأنباء بالنسبة لوسائل الإعلام الجماهيرية الصينية. ومقرها في العاصمة بكين، ولها
مكاتب في شنغهاي، وشن يانغ، وهان كيو، وسيان، وتشينغ كينغ، وعدد كبير من المراسلين
في أنحاء الصين، و59 مكتباً خارج الصين منها 18 مكتباً في دول لا تقيم علاقات
دبلوماسية مع الصين. وتنشر وكالة أنباء الصين الجديدة يومياً حوالي 62 ألف كلمة،
منها 32 ألف كلمة تعالج الأخبار المحلية و 30 ألف كلمة تعالج الأخبار الدولية،
إضافة للتقارير الصحفية التي تعكس وجهة النظر الرسمية الصينية من الأحداث المحلية
والعالمية.
وفي اليابان "وكالة
أنباء كيودو نيوزسرفيس Kyodo
Tsushin”، و"وكالة أنباء جيجي بريس سرفيس Jiji Tsushin"،
اللتان أسستا عام 1945 بعد اختفاء الوكالة الرسمية للأنباء "Domei".
(المصدر السابق. ص 596) وتعتبر وكالة كيودو التعاونية أول وكالة استخدمت طريقة Telefax
تيليفاكس لإرسال المعلومات عام 1949، كما واستخدمت Tele type Kanji تيلي
تايب كانجي الذي أقيم بالقرب من طوكيو وافتتح نحو 50 مركزاً وشبكة من المراسلين
خارج اليابان، منذ عام 1960. أما وكالة أنباء جيجي فقد تشكلت كشركة مساهمة تهتم
بالأخبار الاقتصادية والمالية، ومن ثم بدأت بتوسيع خدماتها الإعلامية اعتبارا من
عام 1965 لتشمل كافة الأحداث.
وفي جمهورية كوريا الجنوبية
كانت "وكالة أنباء خيبان تخونسين" أول وكالة أنباء كورية تأسست عام 1945
مباشرة بعد إعلان قيام جمهورية كوريا الجنوبية. وتبعتها العديد من وكالات الأنباء
الوطنية الصغيرة التي بمعظمها لم تستطع الاستمرار في العمل لصعوبات عدة. وفي عام
1980 ونتيجة لاندماج وكالتي الأنباء الكوريتين الجنوبيتين "خابتون"،
و"تونيان" ظهرت "وكالة أنباء ينخاب تخونسين" التي استطاعت
السيطرة على الخدمات الإخبارية في كوريا بعد ابتلاعها لثلاث وكالات أنباء وطنية
صغيرة، لتصبح بذلك وكالة الأنباء المسيطرة في جمهورية كوريا. ويعمل في الوكالة 100
مراسل و300 صحفي، ولها 13 مكتباً إعلامياً في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق
الأوسط وجنوب شرق آسيا. وتتعامل مع 45 وكالة للأنباء بينها وكالات الأنباء
العالمية الكبيرة "أسوشيتد بريس"، و" “UPI،
و"رويتر" و"فرانس بريس". وتقدم خدماتها الإعلامية باللغة
الكورية لـ 500 مشتركاً محلياً، وتقدم خدمات إعلامية بحدود 5 آلاف كلمة يومياً
باللغة الإنكليزية لـ 110 مشتركين أجانب. (أنظر:
كوريا أرقام وحقائق. ص 118-119 (باللغة الروسية))
وفي الجمهورية العربية
السورية أحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بموجب المرسوم التشريعي رقم
150 تاريخ 24/6/1965، وباشرت أعمالها فعلياً عام 1966، باستقبال وإرسال الأخبار
والصور والتعليقات كمصدر وحيد للنشر والتوزيع لكافة الأنباء والصور في الجمهورية
العربية السورية. ويدير الوكالة مدير عام، ويعاونه مدير عام مساعد، ورئيس تحرير،
ورؤساء تحرير مساعدون، إضافة لمدير الشؤون الإدارية في الوكالة. ويضم الهيكل
التنظيمي في الوكالة: - مديرية التحرير وتضم: قسم الدراسات والبحوث، وقسم الأخبار
الداخلية، وقسم الأخبار الخارجية، وقسم أخبار وكالات الأنباء العربية والأجنبية،
وقسم الأرشيف، وقسم الاستماع السياسي، وقسم التصوير. - ومديرية الشؤون الإدارية
وتضم: الدائرة الإدارية وشؤون العاملين، ودائرة المحاسبة، وقسم المراسلين،
والديوان، وأمانة السر. - ومديرية الخدمات الفنية وتضم: قسم الإرسال، وقسم محطة
الإرسال، وقسم الصيانة، وقسم الكهرباء والميكانيك، وقسم الاستقبال اللاسلكي
والخدمات المصورة، وقسم اللوازم الفنية. - ودائرة العلاقات العامة والتخطيط وتضم:
قسم العلاقات العامة، وقسم التخطيط والتأهيل. وتملك الوكالة محطة للبث اللاسلكي
تمكنها من إيصال الخبر إلى كافة أنحاء العالم، إضافة لشبكة اتصالات لاسلكية هاتفية
موزعة في السيارات التابعة للوكالة، وشبكة متطورة من الأجهزة الإلكترونية
والحاسبات الإلكترونية التي تؤمن للوكالة النجاح في عملها، وبث واستقبال الأخبار
والصور. وللوكالة مكاتب في بعض العواصم العربية والعالمية، منها: الجزائر،
والكويت، وبيروت، وعمان، وطرابلس الغرب، والخرطوم، وبغداد، وموسكو، ولندن، وباريس،
وطهران، وتونس، وتتابع الوكالة جهودها لافتتاح مكاتب لها في العواصم العربية
والأجنبية الأخرى. وبالإضافة لمكاتب الوكالة في الخارج لها مراسلين معتمدين في بعض
العواصم العربية والعالمية، من بينها: أبو ظبي، وصوفيا، وبراغ، ووارسو، وكاراكاس،
وبخارست، وبرلين، ونيويورك، وهافانا، وأثينا، وبلغراد، وروما، وكندا، واسطنبول.
والوكالة العربية السورية للأنباء عضو في اتحاد وكالات الأنباء العربية، واتحاد
وكالات أنباء دول عدم الانحياز، واتحاد وكالات أنباء الدول الإسلامية، ولها علاقات
مباشرة مع ثلاثين وكالة عربية وأجنبية للأنباء. وتصدر الوكالة في دمشق العاصمة
السورية نشرة أنباء يومية باللغات العربية، والإنكليزية، والفرنسية، إلى جانب نشرة
للأنباء الاقتصادية.
وفي القارة الأفريقية:
تعد "وكالة أنباء
الشرق الأوسط" MIDDLE
EAST NEWS AGENCY (MENA) (أنظر:
الكتاب السنوي 1995. ص 380-382)
في جمهورية مصر العربية أول وكالة أنباء في مصر ومنطقة الشرق الأوسط والقارة
الإفريقية، وأنشأت عام 1956 كشركة مساهمة تمتلكها الصحف المصرية مناصفة مع الدولة،
وانتقلت ملكيتها بالكامل عام 1962 إلى الدولة وأصبحت إحدى الشركات التابعة لاتحاد
الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم انتقلت ملكيتها إلى مجلس الشورى المصري عام 1978.
وللوكالة مكتبين رئيسيين في القاهرة وباريس، ويعمل فيها 1067 موظفاً منهم 390
صحفياً، وتبث الوكالة يومياً: - نشرة أنباء الشرق الأوسط باللغة العربية نحو 57
ألف كلمة تقريباً. - ونشرة أنباء الشرق الأوسط باللغتين الإنكليزية والفرنسية نحو
23,800 كلمة تقريباً. - والنشرة الدولية الخاصة نحو 13,260 كلمة تقريباً. -
والنشرة الاقتصادية نحو 17,930 كلمة تقريباً. كما وتبث التحقيقات والصور للمشتركين
في داخل مصر وخارجها، وللوكالة 4 مكاتب و21 مراسلاً داخل مصر، و30 مكتباً ومراسلاً
في العواصم العالمية. وتتبادل الوكالة الأنباء والصور مع 25 وكالة أنباء عربية
وأجنبية، ولها إسهام في تطوير التعاون الإعلامي بين الدول العربية والأفريقية.
وتسهم في تدريب الكوادر الإعلامية للدول العربية والصديقة عن طريق دورات تدريبية
منتظمة في مجال التحرير والإدارة والهندسة الإعلامية. وتقيم الوكالة علاقات تعاون
مع وكالات الأنباء العالمية ووكالات الأنباء العربية ووكالات أنباء دول عدم
الانحياز ووكالات الأنباء الإفريقية عن طريق الاتفاقيات الثنائية. وهي وكالة
الأنباء الوحيدة في العالم الثالث التي تسمح بتدفق الأنباء محلياً إلى وسائل الإعلام
الجماهيرية المصرية من خلال كافة وكالات الأنباء الأجنبية مباشرة ودون تدخل أو
وصاية منها كوكالة قومية في مصر. وقد دخلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عالم الحاسبات
الإلكترونية منذ عام 1990، وبدأت باستخدام الأقمار الصناعية في نقل الأخبار
اعتبارا من 25/10/1994.
وفي جمهورية السنغال تتبع
"الوكالة السنغالية للأنباء APS" وزارة الإعلام والمواصلات التي أنشأتها في عام 1959 ومقرها
داكار. و"وكالة أنباء عموم إفريقيا PANA" التي أسست
عام 1979 وأعيد تنظيمها عام 92/1993 ومقرها داكار. بالإضافة لمكاتب وكالة الأنباء
الفرنسية AFP، ووكالة أنباء الشرق الأوسط MENA
المصرية، (أنظر:معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. ص
154-155)
وفي جمهورية نيجيريا
الاتحادية أسست "وكالة الأنباء النيجيرية ANA"
عام 1976 وبدأت العمل بالفعل عام 1978، وتقوم بتوزيع الخدمات الإخبارية للمشتركين
أو على أساس التبادل الإخباري. (أنظر: معلومات أساسية عن
جمهورية نيجيريا الاتحادية. ص 171)
وفي جمهورية جنوب إفريقيا
تأسست "مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية" عام 1938، ومقرها بريتوريا.
وبالإضافة للمؤسسة الوطنية تعمل في جمهورية جنوب إفريقيا وكالات الأنباء الأجنبية
التالية: يونيتد برس الأمريكية UPT. وأسوشيتد برس AP. ووكالة الأنباء الفرنسية AFP. ووكالة رويتر
الإنجليزية. ووكالة الأنباء الإيطالية IPS. (أنظر:
معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. ص 166 - 183)
وفي جمهورية غانا تعمل
وكالات الأنباء الأجنبية التالية: أسوشيتد برس، وويونيتد برس الأمريكيتين، ووكالة
الأنباء الألمانية، ووكالة إتار تاس الروسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة. (أنظر:
جمهورية غانا. ص 194-202)
وفي جمهورية كينيا تأسست
"وكالة الأنباء الكينية" بعد الاستقلال عام 1963، ومقرها في العاصمة
نيروبي. (أنظر: معلومات أساسية عن جمهورية كينيا. ص
153-166)
وفي المملكة المغربية
"وكالة المغرب العربي للأنباء" وهي الوكالة الوطنية للأنباء في المملكة
المغربية، وتم تأسيسها في نوفمبر/تشرين ثاني علم 1959، ثم تحولت إلى مؤسسة عامة في
19/9/1973 ومقرها الرئيسي في الرباط العاصمة، ولها ثمانية مكاتب إقليمية في المدن
الرئيسية، وسبعة عشر مكتباً دولياً في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة
الأمريكية. وتضم الوكالة أربعة أقسام هي: قسم الإعلان؛ وقسم الشؤون المالية
والإدارية؛ والقسم الفني؛ وقسم العلاقات الخارجية. وتصدر الوكالة نشرتين يومياً،
ونشرة دورية. (أنظر: معلومات أساسية عن المملكة المغربية. ص
142)
وفي جمهورية تونس: تأسست
وكالة أنباء تونس أفريقيا عام 1961، ولها مكاتب في كافة الولايات التونسية، وفي
بعض العواصم الدولية. وفي عام 1990 تأسست الوكالة التونسية للاتصال الخارجي، التي
تهتم بالمهاجرين للخارج وبالتواجد التونسي في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية
الأجنبية، والتعريف بالسياسة الوطنية التونسية على كافة الأصعدة. ويتبع لها مركزاً
صحفياً يعتمد 65 مراسلاً أجنبياً. (أنظر: معلومات أساسية
عن جمهورية تونس. ص 170)
اتحادات وكالات الأنباء:
كما وهناك تجمعات لوكالات الأنباء تأخذ إما طابعاً إقليمياً أو قارياً أو منحى
سياسياً معيناً أو تخصصاً، مثال: - اتحاد وكالات الأنباء الأوروبية الذي يضم أكثر
من 16 بلداً أوروبياً. - واتحاد وكالات الأنباء العربية الذي يضم وكالات أنباء
الدول العربية. - واتحاد وكالات الأنباء الإفريقية، الذي يضم وكالات أنباء الدول
الإفريقية. - واتحاد وكالات أنباء دول عدم الانحياز. - واتحاد وكالات أنباء الدول
الإسلامية. - واتحاد وكالات الأنباء الأسيوية، ...وغيرها من التكتلات والتجمعات.
وكالات الأنباء المتخصصة:
أما الوكالات المتخصصة فهي التي تقدم خدمات إعلامية في موضوع معين ديني أو رياضي....الخ.
أو مواد إعلامية جاهزة للنشر، أو الصور الصحفية، مثال: - وكالة فيدس في الفاتيكان،
- ووكالة الأنباء الإسلامية، - ووكالة جويس تلغرافيك، - ووكالة كيوسنون، - ووكالة
أجيب، - ووكالة دلماس، - ووكالة إنتربريس، - ووكالة فاما. - وتعتبر وكالة Opera Mundi
أوبيرا ماندي التي تمثل في أوروبا مصالح: King's Features Syndicate
americain كينغز فيتشرز سينديكات أميريكان، من أقدم الوكالات الصحفية
المتخصصة في تقديم النصوص الصحفية الجاهزة في العالم، وأنشأها بول وينلكار عام
1928، لتوزع المقالات بلغات العالم المختلفة عن الأحداث الهامة، ومقالات عن
الشخصيات الكبيرة في العالم، وريبورتاجات مصورة. وتتميز هذه الوكالات المتخصصة
بفهمها العميق لأذواق الجمهور، وميوله العلمية والاقتصادية والثقافية والفنية.
وفي الختام يجب أن نؤكد على
ملاحظة هامة مفادها أن معظم وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية تتميز
بمحدودية إمكانياتها التقنية والمادية والبشرية، وبخضوعها التام لسلطة الدولة
الموجودة فيها، أو خضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطها
الإعلامي داخلها. (أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام
الدولي بين النظرية والتطبيق. ص 112؛ - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية
البصرية. ص 111-113)
الاحتكار الإعلامي الدولي
لم يزل العالم وحتى اليوم
يتجه باضطراد نحو تحطيم الحواجز القائمة بين الشعوب، ويتضح هذا في اتجاه وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية في العديد من دول العالم نحو الاتسام بطابع العالمية.
ورغم التقدم الهائل لوسائل الاتصال نرى أن وسائل الإعلام الجماهيرية في العالم، لم
تزل تعتمد في القسط الأكبر من أخبارها على وكالات الأنباء العالمية الأربع رويترز،
والأسوشيتد بريس، واليونيتد بريس، ووكالة الأنباء الفرنسية. رغم الجهود الحثيثة التي
تقوم بها وكالات الأنباء الوطنية، وشبكة المراسلين الأجانب في جميع دول العالم
تقريباً، والذين يراسلون مباشرة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي ينتمون
إليها والمنتشرة في مختلف دول العالم، عبر وسائل الاتصال الحديثة وخاصة من خلال
البريد الإلكتروني الفوري الذي مكنته التقنيات الحديثة من نقل النص والصوت
والصورة. ويرتبط الاحتكار الإعلامي الدولي والتركيز في عملية التبادل الإعلامي
الدولي بالمشاكل السياسية والاقتصادية التي تتصدى لها مختلف دول العالم، والتي نتج
عنها احتكار قلة قليلة من دول العالم لمصادر الأنباء العالمية من خلال وكالات
الأنباء والإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف والمجلات الهامة والمنتشرة عالمياً،
إضافة لاحتكارها لشبكة وسائل اتصال حديثة وخاصة شبكة الانترنيت العالمية والأقمار
الصناعية التي تتولى نقل ما تبثه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية إلى كافة أنحاء
العالم. ومن الناحية التاريخية نرى أن وكالة الأنباء الفرنسية هافاس Havas،
ووكالة الأنباء البريطانية رويتر Reuter، ووكالة الأنباء الألمانية وولف Wolff قد
قامت بتقسيم العالم في نهاية القرن التاسع عشر، أي قبل أكثر من قرن ونيف من الزمن
إلى مناطق نفوذ إعلامية، تمشياً مع السياسة الاستعمارية التي كانت تتبعها آنذاك
الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وبروسيا وبريطانيا، الشركاء الثلاثة في الاحتكار
الدولي للأنباء. وكان همهم الوحيد آنذاك الحصول على الربح ودعم الحكومات المتعاونة
معها في الداخل، وتقديم المساعدة والمؤازرة لها للاحتفاظ بالسلطة والأوضاع السائدة
آنذاك. واتفقت وكالات الأنباء الثلاث على تنسيق أعمالها عام 1856 لتجنب المنافسة،
وتحقيق معدلات عالية من الربح، وتزايد الاحتكار الدولي للأنباء بعد توقيع اتفاقية
الأنباء عام 1870 حيث قسم العالم إلى عدد من مناطق النفوذ، يكون لكل منها وكالة
أنباء معينة لها الحق الكامل في جمع وتوزيع الأنباء فيها.
وعلى هذا الأساس منحت وكالة
الأنباء الألمانية وولف حق السيطرة على جمع ونقل الأنباء من وإلى ألمانيا والنمسا
وهولندا واسكندنافيا والإمبراطورية الروسية والبلقان، وكانت وكالة أنباء فيينا
آنذاك تابعة لوكالة الأنباء الألمانية وولف. بينما منحت وكالة الأنباء الفرنسية
هافاس نفس الحق في إيطاليا وسويسرا وإسبانيا والبرتغال وأمريكا الوسطى والجنوبية،
ومصر بالتعاون مع وكالة الأنباء البريطانية رويتر. ومنحت وكالة الأنباء البريطانية
رويتر نفس الحقوق في الإمبراطورية البريطانية والشرق الأقصى والإمبراطورية
العثمانية، ومصر بالاشتراك مع وكالة الأنباء الفرنسية هافاس. أما وكالة الأنباء
الأمريكية The
New York Associated Press نيويورك أسوشيتد
بريس، وكانت عضو صغير في الاحتكار الدولي فقد منحت نفس الحقوق داخل الولايات المتحدة
الأمريكية فقط. بينما اعتمدت The
Russian Telegraph Agency وكالة الأنباء
الروسية على وكالة الأنباء الألمانية وولف. ورغم تمتع وكالة الأنباء الأمريكية
الأسوشيتد بريس بعد إعادة تنظيمها، بكامل العضوية في هذا الاحتكار الدولي، خلال
السنوات العشر الأولى من القرن العشرين، إلا أنها لم تحقق نجاحاً ملحوظاً أمام
منافسة شركائها في الاحتكار. ورفضت طلب الصحف الأمريكية الجنوبية للتعاون معها بعد
أن ضاقت تلك الصحف ذرعاً من الدعاية الفرنسية والأنباء التي كانت تزودها بها وكالة
الأنباء الفرنسية هافاس.
وبدأ الاحتكار بالتداعي
عندما بدأت وكالة الأنباء الأمريكية اليونيتيد بريس التي لم تدخل في عضوية
الاحتكار العالمي للأنباء، بمنافسة وكالة الأسوشيتد بريس، في سوق الأنباء
العالمية، ودخولها سوق أمريكا الجنوبية، فما كان من الاحتكار الدولي إلا أن منح
وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتد بريس العضو في الاحتكار حق السيطرة المطلقة على
تلك السوق. واستمرت الحال حتى مطلع ثلاثينات القرن الحالي حين خرقت وكالة الأنباء
الأمريكية الأسوشيتد بريس الاتفاق المبرم مع الاحتكار الدولي، وبدأت باستغلال
السوق اليابانية الغنية متحدية الاحتكار القائم لوكالة الأنباء البريطانية رويتر
فيها. وكان من الطبيعي أن تهتم وتدعم وكالة الأنباء الفرنسية هافاس خط السياسة
الخارجية الفرنسية، ووكالة الأنباء البريطانية رويتر خط السياسة الخارجية
البريطانية، ووكالة الأنباء الألمانية وولف خط السياسة الخارجية الألمانية. وكانت
النتيجة اختفاء هذا الاحتكار الدولي بعد غياب الوكالة الألمانية في خضم الدعاية
النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وإحراق وكالة الأنباء الفرنسية هافاس
لاتهامها بالتفريط بالمصالح القومية الفرنسية، لتحل مكانها وكالة الأنباء الفرنسية
AFP كوكالة أنباء دولية بارزة، واستمرت وكالتي رويتر البريطانية،
والأسوشيتد بريس الأمريكية في العمل، مع ظهور وكالة الأنباء السوفييتية تاس TASS،
كوكالة أنباء دولية من نمط خاص. والتي تحولت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق
إلى وكالة إتار تاس الروسية وتحولت فروعها في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد
السوفييتي السابق، إلى وكالات وطنية للأنباء في تلك الدول.
ومن هنا نرى أنه إضافة
للاحتكار وتوزيع مناطق النفوذ في عملية التبادل الإعلامي الدولي، فإن وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، تحرص على نقل وتوزيع الأخبار والتعليقات
والتحليلات السياسية والاقتصادية والعسكرية من منظور المصالح التي تمثلها، أخذة
بعين الاعتبار مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة بها. وهذه معضلة لم تزل تعاني
منها الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة، المضطرة لاستخدام ما
يصلها من المصادر الإعلامية الدولية، متأثرة بمواقف تلك المصادر. وهذا يفسر
محاولات بعض الدول الأقل تطوراً والدول النامية، للتكتل عالمياً وإقليمياً لإنشاء
وسائل إتصال وإعلام جماهيرية قوية، يمكن أن تخلصها من احتكار وسائل الاتصال ووسائل
الإعلام الجماهيرية الدولية، لجمع ونقل وتوزيع ونشر الأنباء عالمياً. كمجمع وكالات
أنباء دول عدم الانحياز الذي كان يضم في عهده الزاهر دولاً متقاربة من التطلعات
وفي الآمال العريضة، بتجمع يأخذ باعتباره دول العالم الثالث فيرعى مصالحها ويذود
عن حقوقها، ويكسر احتكارات الدول الكبرى وسيطرتها على تدفق الأخبار على النحو الذي
يرضي احتكاراتها تلك، ويلبي بواعث سطوتها العسكرية ومصالحها الاقتصادية. وبرغم
الآمال التي علقت على ذلك التجمع وما كان يميزه من تقارب التطلعات والمساعي إلا
أنه لم يتمكن من مواجهة الوكالات الكبرى ولا استطاع أن يعدل مسار التدفق الإعلامي
غير المتوازن، فظلت الأخبار تصب من الشمال الغني المتطور إلى الجنوب الفقير فتغرقه
بمواقفها وتثير الفتن الدينية والعرقية والقومية فيه. (أنظر:
د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. ص 58-60؛ - د.
جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. ص 373؛ - د. محمد علي العويني:
الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. ص 61- 63؛ - عزت السيد أحمد: العولمة وإعادة
هيكلة الاقتصاد العالمي. ص 78-94؛ - Theodore E. Kruglak: The
International News Agencies and the Reduction of International Tensions,
Symposium Ljubljana, 1968. op. cit., pp. 240-244.؛ - Marshall McLuhan, Quentin Fiore: The
Medium is the Massage: An Inventory of Effect (N. Y. Bantam Books 1967) pp.
26-40.) وأبلغ مثال على ذلك
الحملة الإعلامية المضللة التي تتعرض لها بعض الدول النامية غير القادرة على الرد
أو إيصال وجهة نظرها إلى الرأي العام العالمي، وخاصة منها الدول الإسلامية
والعربية بعد أحداث 11/9/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، تحت غطاء الحملة
الدولية لمكافحة الإرهاب التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة
الأمريكية. وهو ما يمكن تسميته بحرب إعلامية مخططة بدقة متناهية ومركزة وواضحة
الأبعاد، تساند الجهد العسكري الذي يشمل ساحات القيادة والإمداد والتموين وحتى
ميادين القتال.
يتبع
أ.د. محمد البخاري المحترم
ردحذفحياكم الله
أقدم أنا الطالب: فضل موسى أحمد في قسم الإعلام مستوى ثاني تحية ألي هده الجهود التي بُدلت من قبلكم في هده الموضوع .
وأرجو أن تفيدونا عن الوكالات العالمية وأثارها في الشرق الأوسط.
فضل تركي
الطالب فضل أرسلت لك بالبريد الإلكتروني قائمة بدراساتي العلمية التي تجد فيها ردود عن تساؤلاتك، مع تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق بدراستك. أ.د. محمد البخاري
ردحذفاشكرك يا دكتور علي المجهود الرائع ده
ردحذف