الأربعاء، 3 مارس 2010

تابع العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي


وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية كأدوات للنظم السياسية
تواجه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية مجموعة من التحديات الدولية رافقت التغيرات الهائلة في أشكال ملكيتها وهياكلها التنظيمية والإدارية وانتشارها الواسع خارج الحدود الوطنية بفضل التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية والإنتاج الصحفي خلال القرن الماضي، وأفرزت هذه التغييرات مجتمعة تعديلات جوهرية في السياسة الإعلامية، وفي مفاهيم المسؤولية المهنية والاجتماعية للإعلام والاتصال الجماهيرية داخل المجتمعات. وبقيت مشكلة التحديث والتطوير لتدعيم قدراتها على المنافسة عن طريق إحداث تغييرات ثقافية ومهنية وفي طرق وآليات التحكم بالعمل الصحفي، التي كانت دائماً العامل الرئيسي لما وصلت إليه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الوطنية.‏
ولعل تحديث وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، مرتبط بتغيير البيئة والأطر القانونية والمهنية التي تتحكم بأدائها لتعطي الصورة الشاملة لمؤشرات التعايش مع المشكلات، ومواجهتها وليبقى الإصرار على طرح المشكلات مفيدا للوصل إلى حلول تمكن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية من مواكبة عصر العولمة، سيما وأن الصحفيين هم صناع التفاؤل وزراع الثقة بالمستقبل.‏
وتميزت التجربة العربية السورية بعد ثورة 8/3/ 1963 على سبيل المثال بتغير النظرة إلى المهنة الصحفية ووسائل الإعلام والاتصال والجماهيرية باتجاه نحو إخراجها من واقع المشروع الاستثماري التجاري، إلى العمل التثقيفي والتوعية الفكرية التي تقدم خدمة تشمل جميع الشرائح الاجتماعية، من خلال الالتزام بمصالح الجماهير، ولكن دون نفي ما قامت به الصحافة قبل ذلك الحدث الهام في تاريخ الجمهورية العربية السورية لأن الصحافة قامت بالفعل بمثل تلك الخدمات والمهمات، وكان التزامها قائما من خلال مفهوم أنه لا حياد في العمل الصحفي، وكانت كل صحيفة ملتزمة بخط هذا الحزب أو ذاك، أو هذه الفئة أم تلك من الفئات والشرائح الاجتماعية وهو ما ينفي الحياد غير الملتزم.
وبعد قيام الثورة تبنت الدولة مشروعاً إعلامياً وطنياً يتضمن تمويل وإدارة وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وانتهى معه إصدار الصحف والنشرات والمجلات الخاصة.‏ ولكن البعض يشيرون إلى بروز حزمة من التأثيرات السلبية على الإدارة وبيئة العمل الصحفي والمهني والتمويلي في المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، نتجت عن ملكية الدولة لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية خلال الأربعين عاماً التي مضت وتحولها إلى مشكلات تكاد تكون مستعصية الحل.‏ ولوحظ معها استجابة الحكومة للتعامل مع الكثير من القضايا والمشكلات التي هي بحاجة للمعالجة وتخدم قضية التطوير والتحديث. ‏
وهذه مسألة غاية في الأهمية، لأن حالة من المصداقية تكرست بين وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وجمهورها، الأمر الذي دفع البعض لطرح المشكلات بروح عالية من المسؤولية الوطنية والأخلاقية في سعي لتصويب ما اعوج في إطار العلاقة الموضوعية بين وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وأجهزة الإدارة الحكومية، للارتقاء بتلك العلاقة لمستوى فريق العمل الواحد، غايته بناء الوطن على أسس قوية ومتينة،‏ وللارتقاء بالعمل الإعلامي وتحسين أدواته ليكون إعلاماً يواكب متطلبات العصر والتحديات التي يواجهها وليكون الإعلام العربي السوري بالحجم الذي تتمتع به السياسة العربية السورية،‏ وليكون الإعلام سلطة رابعة تبحث عن الحقائق وتقدمها للآخرين.‏
وهنا لابد أن نشير إلى ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد أكثر من مرة إلى دور الإعلام وضرورة وضع آليات وتصورات وحلول للمشكلات التي يواجهها الإعلام والإسهام في تطويره والنهوض به.‏ ودعوته إلى ضرورة تحديد دور جديد للإعلام مشدداً على أهمية المعلومة وتحليلها لتشكيل رؤية متكاملة، وإلى حاجة الإعلام لانسياب المعلومات الدقيقة والصحيحة إلى وسائل الإعلام مركزاً على دور الإعلاميين في توظيفها لتوضيح السياسة التي تنتهجها الدولة وتفنيد الحملات الإعلامية التي تتعرض لها سورية.‏ وهي إشارة واضحة لأوجه القصور التي تعاني منها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السورية في الوقت الراهن.
وفي هذا الاتجاه نرى أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في سورية هي اليوم أحوج من أي فترة مضت لدراسات في تحليل الأداء الوظيفي تسمح بالتعرف على الواقع الفعلي الذي تعيشه وتساعد المسؤول على اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب خاصة وأن المصادر العلمية تطالعنا بأن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية يملك نظامه السياسي الخاص به، ويشمل كل نظام آليات معينة لتحقيق وظائف السلطة السياسية كنظام اجتماعي متكامل، ومفهوم النظام السياسي هو من الأسس التي تعتمد عليها العلوم السياسة لدراسة جميع أوجه نشاطات الحياة السياسية وتمييزها عن غيرها من مكونات الحياة الاجتماعية الإنسانية. وتتفاعل تلك المكونات فيما بينها ضمن المحيط الذي تعيش داخله لتكوِّن علاقات معينة تربط بين البنى المكونة للمجتمع الواحد.
والنظام السياسي هو عبارة عن مجموعة من المكونات المتتالية المتفاعلة فيما بينها ومع غيرها من المكونات التي تشكل تركيبة البنى الأساسية للمجتمع الإنساني من اقتصادية وسياسية وفكرية وثقافية ودينية وتشريعية. ويعتمد اتساع النظام السياسي على مدى الحدود المشتركة للأطر المتفق عليها سياسياً ضمن النظام الملزم والواقعي والممكن تطبيقه. ويشمل النظام التشريعي جميع الأصعدة والمستويات التي تركز على مدى فعالية القوانين النافذة في إطار نظام لا مركزي يتيح تطبيق تلك القوانين.
ومفهوم النظام السياسي الحديث كما يشير البعض أخذ بالتشكل في أواسط القرن العشرين، واعتبر آنذاك تطوراُ منطقياً للعلوم السياسية وضرورة منطقية لمتابعة الحياة السياسية ومواقف النظم السياسية ومقارنتها مع غيرها من النظم والمواقف، ودراسة بعض نماذج النظم السياسية للوصول إلى تصور معين للمواقف وآليات أداء الوظيفة السياسية للنظام المدروس.
وتعتبر المراجع العلمية أن الأمريكيين أستون د.، وألموند غ. كانا من أوائل واضعي أسس نظرية النظم السياسية في العالم الغربي. فقد وضع الأمريكي د. أستون في أعماله "النظام السياسي" (1953)، و"حدود التحليل السياسي" (1965)، و"التحليل المنهجي للحياة السياسية" (1965) مدخلاً لتحليل النظم السياسية، شمل: البرلمانات والحكومات والإدارات المحلية والأحزاب السياسية والهيئات الاجتماعية، واعتبر أستون أن النظام السياسي هو نظام يتضمن آليات متطورة لضبط التفاعلات الذاتية لإدارة الحكم التي يمكنها ضبط التأثيرات الآتية من خارج النظام السياسي.
وتحتفظ النظم السياسية عادة بمداخل معينة تعبر من خلالها عن نفسها بالطرق والوسائل التي تعكس وتعبر عن تفاعلات التطور الاجتماعي، وتأتي تلك التفاعلات عادة على شكل مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية معينة، يطالب بها البعض ويؤيدها أو لا يؤيدها البعض الآخر داخل التركيبة الاجتماعية، وتتشكل تلك المطالب عادة داخل الوسط الاجتماعي المحيط بدائرة السلطة الحكومية، أو من داخل النظام السياسي السائد في المجتمع.
وتعبر الشرائح الاجتماعية عن تأييدها للنظام السياسي عن طريق التزامها بدفع الضرائب، وأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، والتقيد بالقوانين النافذة، والمشاركة الإيجابية بالتصويت في الاستفتاءات والانتخابات العامة، وبالتعاطف مع السلطات الحكومية من خلال تأييدها للشعارات المطروحة على الرأي العام. وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود مطالب محددة لدى بعض الشرائح الاجتماعية فإن التأييد العام المعبر عنه من قبل أكثرية الشرائح الاجتماعية، يصبح جزءاً من كيان النظام السياسي الذي يلتزم بأخذ المطالب المطروحة بعين الاعتبار، ولكن بما لا يتعارض مع مصالح مختلف عناصر التركيبة الاجتماعية، وتلتزم السلطة الحكومية باتخاذ إجراءات معينة لا تخل بالمصالح الوطنية العليا للدولة، وتلبي مطالب شريحة اجتماعية معينة من خلال إعادة النظر مثلاً بسلم الأجور المطبق تلبية لحاجات تلك الشريحة الاجتماعية وعلى ضوء مجريات الأحداث والتطورات الاقتصادية والاجتماعية المحققة فعلاً.
مصادر المعلومات: وتأتي الأفعال السياسية والقرارات المتخذة عادة استجابة للمعلومات المتوفرة عن كيفية أداء النظام السياسي لوظيفته المحددة والمؤثرة في المجتمع وينعكس تأثيرها عن طريق تأييد المجتمع لتصرفات النظام السياسي في حال إذا كانت القرارات أو الأفعال السياسية متفقة مع المنتظر أو المطلوب منها من قبل الجماعات أو الشرائح الاجتماعية بما يعزز الاستقرار الاجتماعي. ولكن في حال عدم تلبية القرار السياسي للمطلوب أو المنتظر بشكل كامل أو جزئي، فمن الممكن حدوث ردود فعل سلبية قد تؤدي إلى ظهور مطالب جديدة يمكن أن تؤدي بدورها إلى أزمات جزئية أو كاملة للنظام السياسي عن طريق تكاثر التفاعلات التي قد تهدد الاستقرار الاجتماعي لأن تلك المطالب ما هي إلا تعبير عن مصالح الشرائح الاجتماعية المختلفة.
وقسم أستون تلك المطالب إلى: مطالب تتعلق بالدخل وظروف العمل؛ ومطالب تتعلق بالظروف المتاحة للحصول على فرص التعليم، والخدمات؛ ومطالب تتعلق بنظام توفير الأمن في المجتمع، والتحكم بالأسواق وعيرها من المطالب المتعلقة بالإدارة الحكومية؛ ومطالب معلوماتية واتصالية ترتبط بالحصول على المعلومات السياسية، التي تظهر مدى تمتع الحكومة بالقوة السياسية وغيرها من المعلومات وسبل الحصول عليها.
ويعتبر النظام السياسي منفتحاً في حال خضوعه لجملة كبيرة من تأثيرات الوسط الاجتماعي المحيط به. وتكون تلك التأثيرات ضعيفة في حال افتقاره للمعلومات الكافية لاتخاذ قرارات تحافظ على الاستقرار الاجتماعي، وتكون تلك التأثيرات قوية وباتجاه واحد عندما يتخذ النظام السياسي قرارات تصب في مصلحة شريحة اجتماعية معينة، الأمر الذي يزعزع ويهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي. وقد تؤدي صعوبات التعامل مع سيل المعلومات المتدفقة بشكل كبير إلى اتخاذ قرارات خاطئة، وتأتي ردة فعل النظام السياسي بشكل أساسي من خلال الحقائق المستمدة من الأغراض التي ترغب السلطة السياسية تحقيقها، وردود الفعل الناتجة عن تأثير تلك القرارات على الشرائح الاجتماعية ومدى قبول تلك الشرائح للقرارات التي تمثل قيم توزيع السلطة السياسية.
ويرى ألموند عكس ما يراه أستون من أن للنظام السياسي تأثيرات متبادلة ناتجة عن التصرفات الحكومية وغير الحكومية تحتاج للدراسة والتحليل، ويرجح أن لكل نظام سياسي تركيبة خاصة به متعددة الوظائف؛ وأن كل نظام سياسي يسعى إلى تحقيق وظائف مختلطة تعكس وظائف النظام السياسي العام بكل خصائصه، ومنها مبادئ تقسيم السلطة السياسية عن طريق تدخل السلطة التشريعية (البرلمان) بإصدارها للقوانين الملزمة لصالح السلطة التنفيذية المتمثلة بسلطة رئيس الدولة والحكومة، وعن طريق تدخل السلطة التنفيذية في عملية إصدار تلك القوانين أو تعطيل إصدارها كما هو جار في مختلف دول العالم، أي أنه ليس هناك سلطة تنفيذية رئاسية خالصة، ولا سلطة تشريعية (برلمانية) خالصة.
ويحاول ألموند سد النقص الحاصل في نموذج أستون عن طريق وجهة نظره الداعية لمراعاة السيكولوجية الفردية عند تناول موضوع تبادل التأثيرات السياسية الآتية من خارج النظام السياسي، ومن داخل الطبقة الحاكمة نفسها خاصة عندما يكون الموضوع متعلقاً باتخاذ قرارات تسمح باستخدام القوة ضد شرائح اجتماعية معينة داخل الدولة، أو مصيرية باتخاذ قرار الحرب ضد عدو خارجي يهدد المصالح الحيوية للدولة أو وحدة أراضيها.
ويعتبر ألموند أن المعلومات اللازمة لتمكين الجهود الموجهة لتعبئة الرأي العام الاجتماعي حول السياسات المتبعة من قبل النظام السياسي، تستمد من تحليل المصالح الوطنية ومواقف القوى السياسية المختلفة على الساحة الوطنية منها، وتحليل العلاقات المتبادلة بين تلك القوى ومدى التزامها والتزام السلطة التنفيذية بتلك المصالح عند وضعها للسياستين الداخلية والخارجية، والتزامها بالقاعدة القانونية التي وضعتها السلطة التشريعية، وطريقة تعامل السلطة السياسية مع المشاكل المكتشفة.
وما تلك النماذج إلا محاولة لتحليل أطر المصالح المختلفة للشرائح الاجتماعية داخل النظام السياسي ومدى توافقها وتضاربها مع المصالح الوطنية العليا، ومدى تفاعل الأطر السياسية داخل نظام الإدارة الشاملة للمجتمع وطريقة ضبط العلاقات المتبادلة بين تلك الأطر لتوفير الاستقرار للنظام الاجتماعي وتوفير سبل استخدام السلطات الحكومية.
ويسمح التحليل السياسي:
أولاً: بالتعرف على الحياة السياسية كنظام يعكس تصرفات وردود فعل أفراد الطبقات والشرائح الاجتماعية، ويحدد آليات تأثير الفعاليات السياسية، وأداء المؤسسات السياسية وهياكلها.
ثانياً: بتوفير إمكانية فهم السياسة ككيان موحد، ويوفر إمكانيات تحليل طرق عملها المشتركة ضمن الوسط المحيط، والتعرف على أجزائها التي تكون طبيعة عملها سواء أكانت اقتصادية أم ثقافية أم شريحة اجتماعية معينة؛
ثالثاً: بالتعرف على طريقة أداء أهم الوظائف السياسية والمتمثلة بتأمين الوحدة الوطنية، وعدم تفتيت الكتلة الاجتماعية، وعدم تجاوز الخلافات الكثيرة، وتنوع الاتجاهات خلال مراحل العمل السياسي، أي أن النظام السياسي يمثل وسيلة من سائل التكامل والتضامن الاجتماعي، ويتضمن تأثيرات متبادلة تعكس الخلافات الاجتماعية حول طريقة أداء الأقسام الرئيسية المكونة للمجتمع لوظائفها.
ومفهوم النظم السياسية يعكس الوحدة الموضوعية بين نشاطات الأجهزة السياسية، والتفاعلات الجارية ضمنها، لأن دراسة كل منها يوفر إمكانية تحليل ومقارنة مختلف الأطر التي تمثل الحياة السياسية، وتحدد مقاييس وصفها وتحليلها، ويرتبط تشكل النظم السياسية إلى حد كبير بالعلاقات السياسية القائمة داخل المجتمع الواحد من خلال:
أولاً: الارتباطات المتبادلة والثابتة لمختلف عناصر الحياة السياسية لأنها ضرورية وغيابها يؤدي إلى نفي الوحدة التنظيمية، ويؤدي إلى تحلل النظام السياسي، وإلى خلق ظروف اجتماعية غير قابلة للتكامل.
ثانياً: تنظيم العلاقات السياسية في المجتمع لخلق الظروف المثالية لتوفير الاستقرار السياسي والتطور الاجتماعي المنشود الذي من دونه لا يمكن توفير الظروف الملائمة للإنتاج وإجراء التغييرات اللازمة لخلق علاقات اجتماعية سليمة ضرورية لقيام الدولة بواجباتها ودفع الجماعات السياسية للبحث عن بدائل تحول دون انفجار أزمات تهدد النظام القائم، لا يحمد عقباها في أكثر الأحيان.
ثالثاً: الأسس الثقافية التي هي قيم أخلاقية، ومجموعة شعارات سياسية، وقناعات، لأعضاء الجماعات السياسية وهي ضرورية لدى النظم السياسية لتوفر إمكانيات تكامل الجو السياسي العام وخلق الظروف المؤاتية لإيجاد علاقات وطنية معينة، تمكن أعضاء المجتمع من فهم بعضهم البعض، وتظهر الخبرات التاريخية أن النظم السياسية، قادرة ولفترات طويلة، على الاستقرار والبقاء من خلال قيم وعلاقات وطنية معينة، يتقاسمها أكثرية أعضاء المجتمع الواحد، ومتأصلة في نظام التربية الوطنية والتعليم العام وتربط بين الإيمان بالله أولاً، والعمل السياسي لرفعة الوطن ثانياً.
رابعاً: الاستجابات المشتركة لكل العناصر الداخلية وللتأثيرات الخارجية من قبل مختلف النظم السياسية بشكل يؤدي إلى فعاليات مشتركة، وتعاون يسمح للنظم السياسية بإمكانية تعبئة الموارد الضرورية لمواجهة المشاكل العامة بشكل سريع. وتوفر للأجهزة الحكومية فرصة الحصول على مساندة الجميع والحصول على تأييد الهيئات الاجتماعية والأحزاب والمنظمات السياسية والرأي العام.
وتتلخص فكرة المدخل المنهجي لتحليل التفاعلات السياسية في دراسة النظم السياسية بإطار شامل يشمل البنى التحتية للنظام السياسي والعناصر التي يتشكل منها. وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة تحديد المصطلحات، والمفاهيم والنظريات السياسية وإيضاح العلاقات المشتركة بينها، لأن النظم السياسية ما هي إلا عبارة عن أنظمة مفتوحة أمام التأثيرات الداخلية والخارجية وتدرس في نطاق العلوم السياسية. وتملك النظم السياسية آليات متباينة في مقاومتها للتأثيرات الخارجية، والأزمات الداخلية، والتفاعلات والتناقضات، وتفرض التفاعلات السياسية عادة إما تعديل السياسة، أو النظام السياسي، أو طبيعة العمل السياسي للشخصيات والأحزاب السياسية، وتهتم الدراسات السياسية حصراً بظواهر الأزمات وتفاعلاتها في مراحلها المبكرة في محاولة لضبطها والسيطرة عليها بأقل الخسائر الممكنة.
وللهيئات الدينية والاجتماعية دور هام في ما تطرحه وسائل الإعلام الجماهيرية وفي النظم السياسية أيضاً، لأن النظم السياسية بالنسبة للمتخصصين في العلوم السياسية ما هي إلا منظمات ومؤسسات سياسية لها معايير قانونية وأخلاقية وتقاليد سياسية تلتزم بها في نشاطاتها المختلفة، ولها وظائف تشمل ممارسات سياسية تؤدي إلى تفاعلات سياسية مختلفة وطرق وأساليب في ممارسة السلطة والحكم، وتستخدم وسائل للاتصال وتبادل المعلومات مع الهيئات والمنظمات والأحزاب والحكومات وتشمل تلك الاتصالات الأوجه السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية، وتتفق معظم المراجع العلمية العربية والأجنبية بالإشارة إلى وجود أربع مجموعات تكوِّن العناصر الأساسية لأي نظام سياسي تشمل: التنظيم السياسي؛ والعلاقات السياسية؛ والقواعد القانونية التي يستمد منها النظام السياسي شرعيته؛ ومدى الوعي والثقافة السياسية. والنظم السياسية تستمد عناصر أداء وظائفها الاجتماعية الأساسية من الدستور والقوانين النافذة التي تضبط مبادئ نشاطات أجهزة السلطة الحكومية من حقوق وواجبات تتمتع بها الأجهزة الحكومية والمنظمات والمؤسسات الحزبية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من عناصر المجتمع. ويعني تجاوز النظم السياسية للدستور والقوانين النافذة إلغاء شرعيتها.
والمؤسسات السياسية هي جزء أكثر حيوية في النظام السياسي. لأن أي شكل من أشكال النشاطات السياسية يتم من خلال الأشكال المنظمة للعمل المشترك، والانضواء تحت أهداف واحدة وقواعد خاصة، وحدوداً مشتركة اتفقت عليها جماعة معينة، ويعود الفضل للتنظيمات السياسية في تحقيق تحول القوة الأيديولوجية والأخلاقية إلى قوة ملموسة في المجتمع، من خلال الأفكار التي تصبح قواعد للسلوك العام، وبالتالي تتحول المنظمة إلى أهم وسيلة لتشكيل الإرادة الموحدة للتنظيم المعني، وعندما تعجز الجماهير في الدولة عن إقامة علاقات سياسية واضحة، وتفتقر إلى أي نوع من أنواع العلاقات السياسية، وتفشل في تطوير منظماتها السياسية، يحل محلها الجيش، أو العشيرة، أو القبلية، أو الهيئة الدينية لتقوم بالدور المطلوب من المؤسسات والمنظمات السياسية، وتعتمد شرعية التنظيمات السياسية على الشكل القانوني الذي تحصل عليه ويميزها عن غيرها من المؤسسات الاجتماعية ويساعدها على تحويل الأفكار والقواعد إلى أساليب تتصرف من خلالها كمنظمة سياسية في المجتمع. وانعدام الشكل القانوني يؤدي إلى انهيار تلك التنظيمات وشرذمة الأفراد المنتمين إليها مما يؤثر سلباً على التفاعلات السياسية الجارية في المجتمع.
والنظام السياسي في المجتمع عبارة عن تلاحم المنظمات والمؤسسات والهيئات التي تقوم بوظائف محددة بشكل مشترك لتحقيق السلطة السياسية في المجتمع. ويتضمن النظام السياسي: أجهزة السلطة الحكومية والأحزاب والمنظمات والهيئات الدينية والحركات الجماهيرية ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الفاعلة في المجتمع.
وتعتبر الحكومات والأحزاب الحاكمة منظمات سياسية وهذا يعني أنها تؤدي وظيفة السلطة السياسية بحجمها الكامل، وهو ما تسعى إليه الأحزاب السياسية من خارج السلطة، عبر الصراع الذي تخوضه من أجل الوصول إلى السلطة. بينما تعمل المؤسسات المهنية والاجتماعية: كالنقابات ومنظمات الشباب والنوادي الرياضية والاتحادات المهنية والجمعيات، للوصول إلى السلطة السياسية عن طريق وظيفة غير مباشرة تتمثل بدعم مرشحين في الانتخابات الجارية للحصول على مقاعد برلمانية مؤيدة لمصالحها.
وتعبر المنظمات السياسية والمهنية والاجتماعية عن تطلعاتها وأهدافها من خلال وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التابعة لها وتسهم من خلالها في دفع عملية التفاعلات السياسية في المجتمع، انطلاقاً من الإطار القانوني الذي تم من خلاله تسجيل تلك المنظمات وفقاً للأصول المتبعة لدى الأجهزة الحكومية وهو ما يعني وجود نوع من المتابعة أو الرقابة الحكومية على نشاطاتها.
وتتمتع سائل الإعلام والاتصال الجماهيرية بمكانة خاصة في النظام السياسي لأن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري هي مؤسسات معقدة تلعب دوراً هاماً ضمن التفاعلات السياسية الجارية في المجتمع من خلال تركيزها على نشر المعلومات وإعلام الشرائح الاجتماعية عما يجري من أحداث وظواهر في الدولة وغيرها من دول العالم.
وتعتبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في بعض الدول "سلطة رابعة" إلى جانب السلطات الدستورية الثلاثة الأخرى وهي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتتمتع باستقلال نسبي في صياغة الخبر السياسي لتشكيل رأي عام مؤثر بشكل مباشر في التفاعلات السياسية داخل المجتمع المعني من خلال توفيرها خدمات تربوية وثقافية وسياسية لأوسع الشرائح الاجتماعية.
ولوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في عصرنا الراهن جملة من التأثيرات الهامة على عمليات التفاعلات السياسية والاجتماعية الجارية في مختلف المجتمعات، فهي مؤسسات إعلامية تتبع أو تدور في فلك الحكومات أو الهيئات الاجتماعية أو المنظمات المهنية أو الشعبية أو الأحزاب السياسية، وأصبحت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تعمل ضمن ساحة إعلامية باتت مفتوحة، بعد التطور الهائل الذي حصل في مجال وسائل الاتصال العالمية ووفرت فرص الإطلاع على المواد الإعلامية الموجهة لشرائح اجتماعية معينة ولتحقيق وظائف معينة حيثما تتواجد تلك الشرائح، والمشاركة في الحوار الدائر بين المؤسسات الإعلامية والساحة الإعلامية بشكل مباشر عبر شبكات الاتصال الدولية "الانترنيت" وهو ما يعتبر تفاعلاً جديداً يضاف إلى جملة التفاعلات الجارية على الساحة الإنسانية ولم تكن متوفرة قبل الربع الأخير من القرن الماضي، ودخول عالم اليوم عصر العولمة الإعلامية.
ولوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وجهات نظرها الخاصة في إطار التفاعلات السياسية الجارية في المجتمع، وهي من خلال اهتمامها بمصالح الشرائح الاجتماعية المختلفة التي تتوجه إليها تعمل على تفعيل تكامل التفاعلات السياسية بين الإدارة الحكومية والشرائح الاجتماعية وتعمل على تكوين وجهات نظر معينة من القرارات الحكومية والقوانين، من خلال مساهمتها في صياغتها ونشر مشروعاتها وإدارة المناقشات الدائرة حولها بمشاركة أوسع الشرائح الاجتماعية.
وتختار وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في مختلف النظم السياسية بشكل دقيق المعلومات اللازمة لنشرها عن قرارات أجهزة السلطة السياسية وتراقب مدى التقيد بها بمختلف الطرق المباشرة وغير المباشرة. وكقاعدة عامة تتضمن المعلومات الواردة من قمة هرم السلطة السياسية جملة من الإبهامات تسبب مصاعب معينة للقنوات الإعلامية القائمة بالاتصال عند التعامل معها ومع سيل المعلومات المتدفق من البنية التحتية في هرم السلطة السياسية عبر مختلف قنوات الاتصال وتعبر عن رأي الجماهير الواسعة حول الموضوع المثار للمناقشة.
ومعروف أن الصلة بين قمة الهرم، والبنية التحتية في هرم السلطة السياسية تتم من خلال وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية ومن خلالها يتم التعبير عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعكس الحالة النفسية للرأي العام الذي تؤثر فيه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية بشكل مباشر سلباً وإيجاباً.
وتسعى السلطات السياسية دائماً لممارسة الرقابة لضبط ممارسات وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية بشتى الطرق، بعد أن أصبح من الواضح أن من يسيطر على التدفق المعلوماتي يؤثر في عملية تكوين الرأي العام والوعي وتوجيه ردود فعل الجماهير الواسعة في المجتمع المستهدف، وقد تؤدي الحملات الإعلامية المعارضة في النظم الديمقراطية إلى إثارة فضائح وأزمات سياسية، وحتى إلى استقالة بعض القادة السياسيين، أما في النظم السياسية الشمولية فعلى العكس من ذلك تماماً لأن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تمارس دور الرقيب على نشاطات الشخصيات الاجتماعية البارزة والجماعات بمختلف اتجاهاتها وحتى بعض الأفراد، وتشن هجمات مركزة ضدها لصالح النظام الشمولي الذي تتبع له.
وتبقى علاقة وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية بالدول والأجهزة الحكومية وبالقادة السياسيين والأحزاب والجماعات التي يمثلونها متناقضة إلى حد كبير ومع ذلك فإنها تلعب دوراً مهماً في فضح تجاوزات أجهزة السلطة لصلاحياتها، وفضح أي اختراقات للقانون قد تحدث، وتدافع عن مصالح الجماهير أمام التصرفات غير المسؤولة من قبل البعض في أجهزة الحكم، وفي نفس الوقت تبقى الأجهزة الحكومية والقيادات السياسية مضطرة للتعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية ومنحها قدراً من الاستقلالية وحرية التصرف كي لا تفقد ثقة الجماهير، وتستغل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تلك الحرية لتعزيز شخصيتها كمصدر هام للمعلومات لأجهزة السلطة الحكومية وللشرائح الاجتماعية في آن معاً.
ومع تحول وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية إلى اتحادات تجارية همها الأول تحقيق الربح ولو على حساب المصلحة العامة من خلال الحرية التي أصبحت تتمتع بها، وانعدام الرقابة الحكومية تقريباً على ما تنشره، برز نوع جديد وفعال للتأثير على وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تمثل بسلاح المعونات المالية وحجب أو تخصيص الإعلانات التجارية التي تعتبر من المصادر الأساسية لتمويل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في عالم اليوم، ومع ذلك تبقى وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العامل الهام في عمليات التفاعلات السياسية الجارية في المجتمع وتسهم إلى حد كبير في تطور الحياة السياسية فيه.
وهنا يجب أن لا ننسى الدور الهام الذي تلعبه المنظمات والهيئات الدينية ورجال الدين في عملية التفاعلات السياسية الجارية ضمن المجتمع من خلال الأفكار والمبادئ الأخلاقية والسلوكية التي يطرحونها وتؤثر مباشرة في الطبيعة الإنسانية وبالقناعات السياسية السائدة في المجتمع، هذا التأثير القائم منذ أقدم العصور يفسر التشابك الحاصل بين الدين والاقتصاد والسياسة دائماً والغاية منه ضبط السلوك الفردي منذ الولادة من خلال التربية في البيت وفي الحياة اليومية والمهنية، وأثناء تلقي التعليم المدرسي والجامعي والعالي، ومن خلال النشاطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو ما يفسر أسباب استغلال بعض القوى السياسية للمشاعر الدينية لدى الجماهير الواسعة لتحقيق مكاسب معينة. ويستخدم السياسيون الأفكار الدينية في جميع المجالات السياسية الداخلية والخارجية للوصول إلى أهداف معينة والمحافظة عليها قدر الإمكان ضمن القواسم المشتركة التي تربط المجتمع الواحد والمجتمعات التي تشترك بإتباع دين أو مذهب واحد، وكثيراً ما يتم إقحام الأفكار الدينية في المقولات السياسية لمواجهة النفوذ المتصاعد لرجال الدين أو لحركات دينية معينة حتى ولو كانت تلك المقولات موجهة ضد مصالح الجماهير العريضة المنتمية لدين معين.
وهنا تبرز أهمية دراسة علاقات التأثير المتبادل بين الدين والسياسة وعلاقة الأديان ببعضها البعض خاصة في المجتمعات متعددة الأديان والمذاهب بشكل دائم، ودراسة علاقة الدين بالهيئات والمنظمات والجماعات التي تدخل في إطار نظام سياسي وتشترك في إدارة المجتمع. وتشمل تلك الدراسات عادة دراسة العلاقات بين الطبقات والشرائح الاجتماعية الكبيرة التي يتشكل منها المجتمع، والعلاقة بين الثقافات والقوميات والدول، والعلاقة بين القيادات وأجهزة السلطة الحكومية المركزية والإدارة السياسية بمختلف مستوياتها، والتفاعلات الناتجة عن تلك القيادات اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، والعلاقة القائمة بين المؤسسات والمنظمات السياسية والاجتماعية.
وتأخذ هذه الدراسات في اعتباراتها الأسس الدستورية والقانونية التي يتم من خلالها تنظيم العلاقات وتقاليد العمل السياسي، والمكونات الداخلية للمنظمات والهيئات الاجتماعية وبرامج الأحزاب والحركات السياسية والقواعد التي يتم من خلالها الحصول على شرعية العمل السياسي والاجتماعي وتضبط التفاعلات الجارية بينها، ومدى تأثير تلك التفاعلات على عملية تشكل الوعي والسلوك العام الذي يتفق وتلك الأهداف والمبادئ التي تسيّر المجتمع، كما وتظهر هذه الدراسات مدى الوعي والثقافة السياسية التي تتمتع بها الطبقات والشرائح الاجتماعية المقصودة من الدراسة، والتي من خلالها يجري التنافس الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مع السلطات الإدارية في المجتمع ومدى مراعاة تلك السلطات لمشاعر الجماهير. وتأخذ باعتبارها النظام الذي يضبط التفاعلات السياسية في أي مجتمع ويؤدي وظائف معينة منها:
1- تحديد أهداف المجتمع؛
2- وإعداد البرامج الحياتية التي تتفق ومصالح الشرائح التي تدير المجتمع؛
3- وتعبئة إمكانيات المجتمع بما يتفق مع تلك المصالح؛
4- وتوزيع القيم الاقتصادية التي تتصادم فيها مصالح الجماعات والشرائح الاجتماعية، وتوفر وحدة المجتمع، وتمكن من السيطرة على الحياة السياسية لدى تلك الشرائح والطبقات الاجتماعية، تجنباً للوقوع في أزمات؛
5- وتؤدي إلى التفاف المجتمع حول تلك الأهداف والقيم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ومن المتفق عليه أن هذه الوظائف ممكنة التحقيق في حال توفر تطور معين في النظام السياسي السائد في المجتمع، يؤدي إلى تجنب ظهور متناقضات اجتماعية تؤدي إلى نشوب صراعات وقلاقل اجتماعية ناتجة عن الخلل في توزيع الموارد الاقتصادية، والامتيازات السياسية، والثقافية، والتعليمية، والخدمات بين جميع الطبقات والشرائح التي يتشكل منها المجتمع المعني.

آفاق التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية
معروف أنه هناك دوراً مطلوباً من الإعلام الدولي يؤديه في إطار العلاقات الدولية ويلبي من خلاله جوانب مختلفة من السياسة الخارجية للدول، ومعروف أن السياسة الخارجية لأي دولة مستقلة متمتعة بالسيادة الوطنية هي نتاج لعدة عوامل مشتركة داخلية وإقليمية ودولية. تتناول العوامل الداخلية التراث الفكري والثقافي والتاريخي، والأوضاع الاجتماعية والسكانية، والمقدرات الاقتصادية والعسكرية، إضافة للتركيبة السياسية في المجتمع. أما العوامل الإقليمية، فترتبط بالنظام الإقليمي السائد في الإقليم الذي تنتمي إليه تلك الدولة، ومدى تأثر السياسة الخارجية للدولة في هذا النظام، ومدى تفاعل عناصر القوة داخل الإقليم، وعلاقة النظام الإقليمي بالنظام العالمي، كإقليم جنوب شرق آسيا، وآسيا المركزية، والعالم العربي، وحوض البحر الأبيض المتوسط، وحوض الكاريبي، وإقليم جنوب شرق آسيا، وغيرها من الأقاليم. أما العوامل القارية فترتبط بتفاعل عناصر القوة على مستوى القارة بكاملها، والأنظمة السائدة فيها وإمكانية تأثيرها على السياسة الدولية كما هي الحال في الإتحاد الأوروبي ومنظمة الوحدة الإفريقية مثلاً.
بينما تتناول العوامل الدولية النظام الدولي وخصائصه، وتطوره وأبعاده، والعلاقة بين الدول الكبيرة والدول الصغيرة، والدول الغنية والدول الفقيرة، وعناصر قوة الأطراف الدولية المختلفة، وهيئاته الدولية كمنظمة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي مثلاً، ومدى تأثيرها على السياسات الخارجية لدول العالم. واعتماداً على كل تلك الحقائق يتم رسم وتشكيل السياسة الخارجية للدولة من قبل أجهزة رسم السياسة الخارجية للدولة، وكثيراً ما تكون هناك مؤسسات رسمية وأخرى غير رسمية، يفوق في بعض الحالات دور المؤسسات غير الرسمية على دور المؤسسات الرسمية، وإن كان ذلك يختلف باختلاف النظم السياسية ودرجة التطور في مختلف دول العالم.
ومن الملاحظ أن السياسة الخارجية المعاصرة، لم تعد تعتمد اليوم على فرد، بل أصبحت تعتمد على فريق عمل متكامل، مزود بأحدث تقنيات المعلوماتية والاتصال التي تمكنه من الوقوف على تطور الأحداث فور وقوعها، مما أفسح المجال لصاحب القرار في مجال السياسة الخارجية، الاعتماد على فريق عمل من المستشارين المتخصصين في تخصصات متنوعة، تعرض عليهم الموضوعات التي تدخل ضمن إطار تخصصاتهم، وفي بعض الأحيان يعرض الموضوع الواحد على أكثر من مستشار بتخصصات متعددة لها علاقة بالموضوع قيد البحث، وبناءً على ذلك توضع عدة بدائل تعالج موضوع واحد مع شرح للمساوئ والمحاسن التي ترجح كل بديل عن غيره، تاركين القرار لصاحب الحق في اتخاذ القرار المناسب في مجال سياسة الدولة الخارجية.
ورغم اعتماد السياسة الخارجية للدولة على الدراسات والأساليب والمناهج العلمية الحديثة المتطورة والمنطقية لاتخاذ القرار، إلا أن هذا لا ينفي دور المؤسسات الديمقراطية في المجتمع المدني من برلمان وأحزاب وتجمعات سياسية واستفتاء شعبي، لإضفاء الشرعية على قرار معين في السياسة الخارجية للدولة، وكثيراً ما تكون هناك سياسة خارجية معلنة للدولة وسياسة فعلية غير معلنة، ولظروف معينة قد تختلف السياسة المعلنة عن السياسة الفعلية غير المعلنة، وقد يعلن عن السياسة الفعلية بعد زوال الظروف التي حالت دون إعلانها.
وتدخل السياسة الخارجية للدولة حيز التنفيذ فور اعتمادها، بإتباع كل الوسائل المتاحة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً واجتماعياً وثقافياً، ويدخل في إطار الوسائل السياسية التمثيل الدبلوماسي المعتمد، والمقابلات والزيارات الرسمية، والمعاهدات، ودبلوماسية القمة التي يلجأ إليها في المسائل الملحة والهامة والمصيرية كالقمم الثنائية، ومؤتمرات القمة كالقمة العربية، وقمة منظمة المؤتمر الإسلامي، وقمة قادة دول الخليج العربية، وقمة رؤساء دول رابطة الدول المستقلة، وقمة الاتحاد الأوروبي، والقمة الإفريقية، وقمة منظمة شنغهاي للتعاون مثلاً، ويساعد على ذلك التطور الهائل الحاصل اليوم في وسائل المواصلات والاتصالات التي قصرت المسافات بين الدول، ووفرت الوقت والجهد.
ومن الوسائل المتبعة في تنفيذ السياسة الخارجية للدول، اتفاقيات التعاون الاقتصادي والمالي وتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارة الخارجية، وتقديم الهبات والمساعدات والقروض، وإقامة المشروعات الاقتصادية المشتركة، وإرسال الخبراء الاقتصاديين، وهو ما يسمى بدبلوماسية المساعدات الاقتصادية لتحقيق أغراض سياسية معينة. وهنا يبرز دور شبكة الإنترنيت العالمية، بعد أن تطور مفهوم التجارة الالكترونية، وظهور هذا المصطلح في قاموس التجارة الخارجية، في نفس الوقت مع التقدم الهائل الحاصل في تكنولوجيا الاتصال، وما رافقها من تطورات هامة أثرت في عمليات التبادل الإعلامي الدولي، والتبادل التجاري وتبادل السلع والخدمات بين الدول المختلفة، وينطوي مفهوم التجارة الالكترونية على أي نوع من أشكال التعاملات التجارية والمالية التي تتم الكترونياً عبر شبكة المعلومات الدولية (انترنيت) وتتم هذه التعاملات بين الشركات والبنوك بعضها البعض، أو بين الشركات والبنوك وعملائهم، أو بين الشركات والبنوك والإدارات المحلية. وبهذا أصبح بإمكان التجارة الالكترونية أن تقوم بوظائف عديدة في عمليات التبادل التجاري الدولي. من بينها الإعلان والتسويق والمفاوضات وتسوية المدفوعات والحسابات، ومنح الامتيازات والتراخيص، وإعطاء أوامر البيع والشراء. ولهذا بدأت البنوك والشركات الكبرى في العالم بتأسيس مواقع خاصة بها على شبكة الانترنيت التي بدأ يتزايد عدد مستخدميها ليصل إلى أكثر من خمسين مليون مشترك من كافة أنحاء العالم، وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 20 % من حجم الصفقات التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي 10 % منها في أوروبا يتم من خلال التجارة الالكترونية. ويتوقع أن تزيد هذه النسبة في الفترة المقبلة. بالإضافة لما تتيحه التجارة الالكترونية من المزايا العديدة لتسهيل عمليات التبادل الإعلامي الدولي، وإتاحة المزيد من الاختيارات أمام المستهلك، وتخفيض الوقت والتكلفة لكل من المستهلك والمنتج، واتساع دائرة التسويق من السوق المحلية إلى السوق العالمية، وسهولة النفاذ إلى أسواق جديدة. وتؤدي هذه المزايا التي تتمتع بها التجارة الالكترونية إلى تغييرات جوهرية في طبيعة وأساليب عمليات التبادل الإعلامي الدولي لأنها تعمل على تحقيق ثلاثة عناصر رئيسية تتمثل في الكفاءة من خلال تخفيض التكاليف في مراحل عديدة من بينها تكلفة الإعلان والتصميم والتصنيع، والفعالية من خلال توسيع نطاق السوق وتلبية احتياجات المستهلك، والابتكار وتحسين نوعية المنتج وذلك في ظل المنافسة الشديدة وتوفر المعلومات.
أما الوسائل العسكرية في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة فتكون بالتهديد أو التلويح باستخدام القوة أو استخدامها الكلي أو المحدود في بعض الأحيان، وسياسة تقديم المساعدات العسكرية، وإمدادات العتاد والسلاح بأنواعه المختلفة لتحقيق أهداف سياسية معينة. بالإضافة لاتفاقيات التعاون العسكري، والدخول في عضوية الأحلاف العسكرية. وتبادل المعلومات لاستخدامها في الحروب المعلوماتية في ظل الثورة التكنولوجية التي أحدثتها تكنولوجيا وسائل الاتصال عن بعد المتطورة، غير أن التحليل الدقيق لمفهوم الثورة التكنولوجية يظهر أن ظاهرة الحروب المعلوماتية ليست قاصرة على الجوانب التقنية المعقدة لنظم المعلوماتية والاتصال عبر شبكات الكمبيوتر الحديثة المستخدمة في إدارة العمليات الحربية فقط، بل تتعدى ذلك لتشمل طبيعة الحرب نفسها مع قدوم عصر المعلوماتية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الذي أفرزها. وقد واكب الاهتمام المتزايد بالحرب المعلوماتية داخل أروقة البنتاغون الأمريكي، ظهور إدراك متنامي في أوساط المفكرين ورجال الأعمال بمدى عمق التحولات التي تشهدها مجالات السياسة والاقتصاد وأنماط التفاعل الاجتماعي، التي تتمثل في السمة المشتركة بينها في زيادة الاعتماد على جمع وتحليل كم هائل من المعلومات للتعامل مع درجة التعقيد التي وصلت إليها البيئة الإنسانية والتكنولوجية في نهاية القرن العشرين، والتي بلا شك ستكون السمة الغالبة التي ستميز القرن الواحد والعشرين. باتجاه نحو التعقيد واستمرار التأثير على حركة التطور، حتى أصبحت وظيفة تحليل المعلومات تفوق في أهميتها الوظائف التقليدية التي ميزت عصر الثورة الصناعية وهي ظاهرة برزت بوضوح أثناء تحول اقتصادات بأكملها من النمط الصناعي الذي يعتمد على الإنتاج الشامل إلى اقتصاد المعلوماتية الذي تدار فيه عمليات الإنتاج والتجارة عن طريق شبكات الاتصال وتبادل وتحليل المعلومات إلكترونياً. وظهر جانبها العسكري واضحاً أثناء عملية اجتياح العراق من قبل قوات التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003.
وتشتمل الجوانب الإعلامية والثقافية والعلمية والاجتماعية في إطار تنفيذ السياسة الخارجية للدولة، إضافة لاتفاقيات التعاون المشترك، تبادل المعلومات والأفلام التسجيلية وأشرطة الفيديو والكتب والمعارض، وتدعيم التعاون بين المؤسسات الإعلامية الاجتماعية والثقافية والتعليمية ومراكز البحث العلمي، وتبادل المنح الدراسية، وتشجيع الدبلوماسية الشعبية وتبادل الزيارات والوفود والمجموعات السياحية.
ويعد التبادل الإعلامي الدولي من الوسائل الفعالة لتنفيذ سياسة الدولة الخارجية ويمارسها الجميع من رئيس الدولة إلى أصغر المناصب الإدارية في الدولة كل في اختصاصه، في الوقت الذي تسعى فيه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الموجهة للخارج إلى تحقيق أهداف السياسة الخارجية من خلال مؤسساتها الإعلامية المختصة بالإعلام الخارجي، إلى جانب قيام البعثات الدبلوماسية المعتمدة، بوظيفة إعلامية بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال إصدارها للنشرات الإعلامية، أو ما تتناقله وكالات الأنباء العالمية من تصريحات، أو ما تنشره الإذاعات المسموعة والمرئية والصحف والمجلات واسعة الانتشار من مواد أصبحت اليوم بمتناول الجميع بسبب التطور العلمي والتقني الهائل الذي حدث خلال تسعينات القرن العشرين، وسمح باستقبال البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية، ومطالعة الصحف من خلال شبكات الكمبيوتر وخاصة شبكة الإنترنيت العالمية، ومن لا يعرف اليوم وكالات الأنباء العالمية ومحطات الإذاعة والتلفزيون العالمية الأمريكية والفرنسية والبريطانية، الموجهة إلى جميع دول العالم تقريباً وبأكثر اللغات العالمية انتشاراً، كالإنكليزية والفرنسية والإسبانية والعربية والصينية والروسية والبرتغالية والفارسية والتركية والألمانية وغيرها من اللغات الحية.
والتبادل الإعلامي الدولي اليوم يعكس أساساً الأوضاع القائمة من ثقافية وعلمية وسياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، ولكن لا يمكن التقليل من أهمية وإمكانيات الإعلام الموجه، وتأثيره وفعاليته من خلال التخطيط المحكم للحملات الإعلامية، وتكتيكات وأساليب عملها، ومتابعتها ورصدها للإحداث وشرحها وتحليلها، ومراعاتها لخصائص المستقبل المحلي والأجنبي للرسائل والمواد الإعلامية.
ويتمتع الإعلام الدولي بأهمية خاصة كوسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية للدول الكبرى والمتقدمة، تتناسب مع حجم مصالح هذه الدول على الصعيد الدولي، وتعاظم دورها وتأثيرها في السياسة على الساحة الدولية، فهي تعمل من خلال وسائل إعلام متطورة تملكها، وتوجهها نحو تحقيق أهداف سياستها الخارجية وحماية مصالحها في الخارج.
ومن نظرة موضوعية للوظيفة الإعلامية، فإننا لا نستطيع الفصل بين الإعلام الداخلي والإعلام الخارجي لأنهما عملياً يكملان بعضهما البعض ويقومان بعمل واحد يخدم سياسة الدولة ويدعم مواقفها على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتخطئ الدولة التي تدعم الإعلام الداخلي على حساب الإعلام الخارجي، أو بالعكس، لأن هذا يضر بمصالح هذه الدولة على الصعيد العالمي ويفسح المجال واسعاً أمام وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية، للإضرار بسياسة تلك الدولة وتشويه سمعتها أمام الرأي العام المحلي والعالمي، أو الإقلال من أهميتها في المجتمع الدولي، أو على الأقل التعريف بتلك الدولة من خلال وجهات نظر تلك الوكالات والوسائل الإعلامية الأجنبية التي لا تتطابق والمصالح الوطنية العليا للدولة المعنية، حتى وعلى الصعيد الداخلي في تلك الدولة بعد انهيار الحواجز الجغرافية واللغوية والزمنية أمام وسائل الاتصال عن بعد الحديثة والمتطورة. وكلما أمسكت من خلالها وسائل الإعلام الوطنية الموجهة للخارج بزمام المبادرة، وتميزت بالسرعة في الحركة، وتمشت مع التطور العلمي والتقني، وكلما كانت أكثر فاعلية وتأثيراً وخدمة لأهداف السياسة الخارجية للدولة كانت أكثر فاعلية، ولكن هذا يخضع لعدة مؤثرات أخرى يدخل ضمنها الإعلام المضاد، والخلفية الثقافية للمستقبل الأجنبي، التي تحدد مدى راجع صدى المادة الإعلامية الموجهة للمستقبل الأجنبي. وطبيعي أن أية حملة إعلامية مهما بلغت من الدقة في الإعداد والتوجيه لتحقيق أهداف معينة، فإنها قد تحقق جزءاً من تلك الأهداف أو كلها حسب ظروف المستقبل الأجنبي ومدى تعاطفه وردة فعله على مضمون المادة الإعلامية، لأن الإنسان بحد ذاته يشكل جملة أحاسيس ومشاعر ومعتقدات وأفكار، وليس آلة يمكن توجيهها من قبل صاحب المادة الإعلامية الموجهة حيث يشاء. وتتحكم بردة فعله على المادة الإعلامية جملة مؤثرات داخلية وخارجية، وعلى الخبير الإعلامي السعي لمعرفتها والاستجابة لها، عند الإعداد لأية حملة إعلامية أو عند إعداد أية مادة إعلامية للمتلقي الأجنبي. ومن العوامل الأخرى التي تحد من فعالية وتأثير الإعلام الوطني الموجه للخارج، التأخر في نشر المادة الإعلامية، أو نشرها بعد فوات الأوان، أو مواجهته لإعلام مضاد قوي يستند على حقائق تاريخية وثقافية ولغوية، ومنطق إعلامي مقبول لدى المستقبل الأجنبي، من المنطق الذي تخاطبه به وسائل الإعلام الوطنية الموجهة للخارج. إضافة للإمكانيات المادية الكبيرة التي يحتاجها نجاح الإعلام الخارجي الموجه في الدول الصغيرة والفقيرة، مما يجعلها عاجزة أمام الإعلام الموجه للدول الكبيرة والمتطورة والغنية، وهو ما يفسر نجاح الحملات الإعلامية لتلك الدول بغض النظر عن الموضوعية والمنطق والحجج التي يلجأ إليها إعلام تلك الدول.

التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية
ويعد التبادل الإعلامي وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، وتختلف هذه الوظيفة باختلاف طبيعة عمل هذه المنظمات وأنشطتها ووظائفها في المجتمع الدولي. كما وتعتبر المداولات الجارية في المؤتمرات واللقاءات الدولية التي تدعو لها تلك المنظمات على مختلف الأصعدة والمستويات، والمواد الإعلامية التي تصدرها من تقارير ومعلومات وكتب ومجلات ونشرات ومواد إحصائية وإعلامية وأفلام فيديو ومراسلات إعلاماً دولياً، تجد طريقها للنشر جزئياً أو بالكامل في وسائل الإعلام الجماهيرية للعديد من دول العالم. كما وتستفيد الدول الصغيرة والفقيرة التي لا تملك إعلاماً خارجياً، من منابر تلك المنظمات لتوجيه بيانات ومذكرات تجد طريقها في أكثر الأحيان للنشر في وسائل الإعلام الدولية المختلفة، وتعتبر مشاكل التبادل الإعلامي الدولي والاتصال والتدفق الحر للمعلومات، والتعاون السلمي بين الشعوب، من أولى المشاكل التي تصدت لها منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، عقب الحرب العالمية الثانية. حيث أصدرت العديد من المبادرات ودعت لانعقاد العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية لبحث مشاكل التبادل الإعلامي الدولي، وأصدرت الكثير من التقارير والوثائق الدولية حول هذا الموضوع. وكان لمنظمة الأمم المتحدة دوراً كبيراً في تقديم المساعدة للدول الفقيرة لإنشاء وسائلها الإعلامية الوطنية. وبحثت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة العديد من المسائل التي مازالت تعتبر من المشاكل الرئيسية للتبادل الإعلامي الدولي، منها تعريف حرية الإعلام والحقوق المترتبة عن حرية الإعلام وطرق تنفيذها على الصعيد الدولي، هذه المشكلة المدرجة في جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة منذ سنوات قيامها الأولى وحتى الآن، بالإضافة للتدفق الحر للمعلومات، والتغلب على الحواجز المعيقة للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي، ومن ضمنها تحديد موجات الإرسال الإذاعي المسموع والمرئي. كما وافقت المنظمة على بعض الاتفاقيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية وحرية التعبير، وتنظيم وضع المراسلين الأجانب في البلدان المضيفة، ولاسيما أثناء الأزمات حيث يعتمد وضعهم على حسن النوايا وتفهم حكومات الدول والأفراد في تلك الدول.
ويستنكر ميثاق منظمة الأمم المتحدة التحريض على الحرب، والاستعداد النفسي لها، والدعاية لها، ووفقاً لأحكام القانون الدولي: فإن التخطيط للحرب والإعداد لها وإعلانها، جريمة ترتكب بحق البشرية وتهدد السلام العالمي، ويدخل في هذا الإطار الأنشطة الدعائية التي تمهد للعدوان، ونشر الكراهية ضد الشعوب الأخرى، ونشر المعلومات الكاذبة والمشوهة لتبرير نوايا عدوانية مبيتة، كحجة نزع القدرات النووية للعراق قبل اجتياح أراضيه حتى دون موافقة مجلس الأمن الدولي وثبت عدم وجود تلك القدرات لديه بعد احتلاله من قبل قوات التحالف الدولية.
ومنظمة الأمم المتحدة بالإضافة لتناولها مشاكل التبادل الإعلامي الدولي بحثاً عن حلول ملائمة لها، فإنها تقوم بوظائف إعلامية محددة، من خلال نشر مطبوعاتها المختلفة باللغات الرسمية المستخدمة في هذه المنظمة، وهي الإنكليزية والفرنسية والاسبانية والصينية والعربية والروسية على نطاق واسع. كما وأنشأت منظمة الأمم المتحدة مكاتب لها في العديد من دول العالم، ويشمل نشاط كل مكتب منها الدولة المقر والدول المجاورة لها، على سبيل المثال: مركز منظمة الأمم المتحدة في بانكوك عاصمة تايلاند ويشمل نشاطه إضافة لتايلاند: كمبوديا ولاوس وماليزيا وسنغافورة وفيتنام؛ ومركز منظمة الأمم المتحدة في القاهرة عاصمة مصر، ويشمل نشاطه إضافة لمصر: المملكة العربية السعودية واليمن؛ ومكتب الأمم المتحدة في جينيف عاصمة سويسرا، ويشمل نشاطه إضافة لسويسرا: إسبانيا والبرتغال والنمسا وبلغاريا وألمانيا وبولندا والمجر.
وأدى تضخم كميات المعلومات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة إلى أن يصبح التعامل معها صعب رغم استخدام أحدث السبل والتقنيات الحديثة لنشر وحفظ وفهرسة تلك المعلومات، وهو ما يسمى اليوم بالانفجار الإعلامي الدولي. ومن المنظمات الدولية المتخصصة في مجال التبادل الإعلامي الدولي:
المنظمة العالمية لحماية حقوق التأليف التي أسستها منظمة الأمم المتحدة عام 1967 بدلاً عن المنظمة التي كانت قائمة منذ عام 1893، وتضم في عضويتها أكثر من 109 دول؛ وإتحاد البريد العالمي الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة عام 1947 بدلاً عن الإتحاد الذي كان قائماً منذ عام 1874 ويضم في عضويته أكثر من 168 دولة؛ والمنظمة العالمية للاتصالات البحرية عبر الأقمار الصناعية التي تأسست في لندن عام 1976 وتضم في عضويتها أكثر من 43 دولة؛ والمنظمة العالمية للإذاعة والتلفزيون التي تأسست عام 1946 بدلاً عن منظمة الإذاعات العالمية؛ والمنظمة العالمية للاتصالات الإليكترونية عبر الأقمار الصناعية التي تأسست في واشنطن عام 1964 وتضم في عضويتها أكثر من 109 دول؛ والمنظمة العالمية للاتصالات الإليكترونية التي تأسست عام 1865 وتضم في عضويتها أكثر من 160 دولة؛ ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة التي أنشأتها منظمة الأمم المتحدة عام 1945 من خلال المؤتمر الذي انعقد في لندن وضم ممثلين عن 44 دولة، وتضم في عضويتها أكثر من 160 دولة؛ ومنظمة الصحفيين الدولية التي تأسست عام 1946 وتضم منظمات الصحفيين لأكثر من 120 دولة في العالم.
وتقوم المنظمات الإقليمية بوظائف إعلامية من خلال وسائل إعلامها الخاصة بها، وتغطي أخبار مؤتمراتها ونشاطاتها الخاصة، وتشرح وجهة نظرها من القضايا الإقليمية والدولية. ومن هذه المنظمات الإقليمية: مجلس آسيا والمحيط الهادي الذي تأسس عام 1966 ويضم في عضويته أستراليا وماليزيا ونيوزيلنديا وتايلاند والفيليبين واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وتايوان؛ ورابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) التي تأسست في بانكوك عام 1967 وتضم في عضويتها بروني وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين؛ ومنظمة حوض الكاريبي التي تضم دول حوض الكاريبي. ونشأت من خلال رابطة الكاريبي للتجارة الحرة وضمت في عضويتها خلال الأعوام 1965 / 1968 غيانا وأنتيغوا وباربادوس ورينيداد وتاباغو وغرينادا ودومينيكان ومونت سيرات وسينت فينسينت وسينت كريستوفير نيفيس أنغليا وسينت لوسيا وجامايكا وفي عام 1970 بيليز؛ وجامعة الدول العربية التي تأسست في القاهرة 22/3/1945 وتضم 22 دولة عربية هي: الجزائر والبحرين وجيبوتي ومصر والأردن والعراق واليمن وقطر والكويت ولبنان وموريتانيا والمغرب والإمارات العربية المتحدة وعمان والعربية السعودية وسورية والسودان وتونس وليبيا والصومال وفلسطين وجزر القمر؛ ورابطة الدول المستقلة: التي تأسست عام 1990 في مينسك وتضم معظم الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي السابق؛ ورابطة أوروآسيا الاقتصادية: التي تضم روسيا وبيلاروسيا وقازاقستان أوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان؛ ومنظمة شنغهاي للتعاون: التي تأسست في شنغهاي عام 2000 وتضم في عضويتها: الصين وروسيا وقازاقستان أوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان.
ويخضع التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من الوظائف المتعددة للمنظمات الدولية والإقليمية، للحدود التي تخضع لها تلك المنظمات الدولية والإقليمية، وتخضع قراراتها وفق أنظمة تلك المنظمات للمداولة تحت تأثير الظروف والضغوط الخارجية، ومصالح أعضائها ومصالح الدول المتقدمة المهيمنة على الساحة الدولية. رغم أن قرارات هذه المنظمات غير ملزمة وفقاً لمبدأ "المنظمات الدولية ليست فوق الدول ولكنها تشكل إرادة مستمدة من إرادة الدول الأعضاء في تلك المنظمات"، ووظيفة التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية والإقليمية، هي المساهمة في تشجيع التعاون السلمي والتفاهم بين الشعوب، ودفع التطور الإنساني ونشر المعرفة لما فيه مصلحة الإنسان والمجتمع، مستخدمة في ذلك كل وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية.

التبادل الإعلامي والتفاهم الدولي
ويتحدد الإطار المثالي للتفاهم الدولي من خلال التبادل الإعلامي الدولي بتوخي الموضوعية المجردة، والدقة في إبراز الوقائع والصدق ووضع الجوانب المختلفة للموضوع والابتعاد عن التشويه، والسعي نحو الحقيقة، وهو ما يصعب تحقيقه. وتعتبر هذه الصورة مثالية بحد ذاتها وترتبط في معظم الأحيان بالحديث عن السلام العالمي والتفاهم والتعاون الدولي، ونبذ الصراع بكل أشكاله، واللجوء إلى التفاوض في حل المشاكل والخلافات المحلية والإقليمية والدولية، والسعي إلى ما فيه خير البشرية، بما فيها إقامة سلطة تتعدى سلطة الدول، مثال المحاكم الدولية، وهو ما نجده في بعض نصوص القانون الدولي وخاصة عندما توضع في محك التطبيق العملي، كما ونصادفها في كتابات الفلاسفة على مر العصور عندما تناولوا مواضيع التفاهم الدولي والتعاون بين الأمم. وعلى كل حال فإن العلاقات الدولية والظواهر الاجتماعية المختلفة تتسم بالدينامكية وسرعة الحركة والتغيير، وما هو مثالي صعب التحقيق اليوم قد يصبح سهلاً وواقعياً في فترة لاحقة. وما كان مثالياً وضرباً من الخيال قبل انهيار المنظومة الاشتراكية التي كان يقودها الإتحاد السوفييتي السابق، أصبح واقعياً بعد انهيارهما السريع والمفاجئ، وانتهاء الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، بين الشرق والغرب.

اللغات القومية والتفاهم الدولي
من المعروف أن العالم المعاصر يستخدم اليوم ما يقرب من 2900 لغة، بالإضافة إلى اللهجات المحلية المنبثقة عن تلك اللغات، تجعل من عملية التفاهم الدولي مهمة شاقة وصعبة، وباهظة التكاليف المطلوبة للترجمة الفورية والتحريرية، إن كان في المؤتمرات واللقاءات الدولية، أم في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الموجهة للساحة الإعلامية الأجنبية. ولهذا حاول الاتحاد الدولي للغة الاسبيرانتو por l'Esperanto L'Association Universlle نشر لغة خليط من اللغات الأوربية، وخاصة منها: الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية، وتدريسها ، واستخدامها في العلاقات الدولية، كوسيلة لتحقيق التعاون الثقافي والتقارب بين الشعوب.
ورغم اعتراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بالنتائج التي أمكن تحقيقها بفضل لغة الاسبيرانتو في مجال التبادل الفكري العالمي، وتحقيق التعاون بين الشعوب، ورغم تأييد هذه المحاولة من قبل العديد من رؤساء الدول والوزراء والبرلمانيين، وعلماء اللغة وأعضاء الأكاديميات العلمية والمعاهد وأساتذة الجامعات، والكتاب والفنانين والصحفيين والعلماء، وعدد من الحائزين على جائزة نوبل للسلام، لم تستطع هذه اللغة أن تنتشر بالشكل المطلوب.
لأن الدول الكبرى تسعى إلى نشر لغاتها عالمياً بشتى الأشكال، وفق سياسات القوة في العالم وما ارتبط بها من حركات استعمارية أدت إلى نشر لغات المستعمِرين في أوساط الشعوب المستعمَرة، لتصبح هذه اللغات من أكثر اللغات انتشاراً في العالم. ورغم انحسار الاستعمار خلال النصف الثاني من القرن العشرين، نرى وبوضوح استمرار التراث الاستعماري في الدول المستقلة، وبقاء لغة المستعمر السابق في الدول المستقلة، كذريعة للاستفادة من التقدم العلمي والتقني والثقافي في تلك الدول التي تتحدث بتلك اللغات كلغة أم، واندفاع أبناء الشعوب الأخرى لتعلم لغات الدول الكبرى الأكثر تقدماً في العالم لاستخدامها في مجالات الدراسة والإطلاع والبحث العلمي، والتعامل مع وسائل الإعلام والاتصال الإلكترونية المتقدمة، وفي العلاقات الدولية وللتفاهم بين الشعوب من خلال التبادل الإعلامي الدولي الذي يعد في كثير من الحالات معوقاً للتفاهم الدولي، عندما لا يلتزم أطرافه بالموضوعية، ويشوهون الوقائع ويبرزون وجهة نظر معينة على حساب وجهة النظر الأخرى، وكثيراً ما يتناول أطرافه جوانب الموضوع التي تفيدهم فقط، ويتعمدون التشويه خدمة لطرف واحد من أطراف الصراع، مهاجمين أو مواجهين الطرف الآخر من الصراع الدائر. بطريقة يتم فيها احتكار تفكير الإنسان، وتوجيهه دون إرادة منه، بمفاهيم تحتوي على جانب واحد من الحقيقة، وبتكرارها بصور وأشكال مختلفة يصبح الإنسان مقتنعاً بها، معرضاً عن الجانب الآخر من الحقيقة حتى ولو اطلع عليها بطريقة أو أخرى.
ويفسر ذلك بأن التبادل الإعلامي الدولي، بالأساس هو وسيلة من وسائل تنفيذ السياسات الخارجية للدول، وبالتالي فهو يسعى لخدمة هذه السياسات والتفاعل من أجل ذلك مع الوسائل الأخرى لخدمة تلك السياسات، ومن هنا فإن الموضوعية أو عدم تشويه الوقائع، أو الكذب الذي تصاغ به المادة الإعلامية بشكل يصعب فيه اكتشاف الحقيقة، واستخدامه ببراعة للهجوم على الخصم، من خلال توجيه جوانب الموضوع بتكتيك معين يسير في إطار تحقيق أهداف السياسات الخارجية للدول.
ومن هنا نستطيع إدراك الواقع المر لسوء توزيع المصادر الإعلامية في العالم، عندما توظف الدول المتقدمة إمكانياتها الاقتصادية، وتقدمها العلمي والتكنولوجي في خدمة سياساتها الخارجية، الأكثر نضجاً من غيرها في الدول الأقل تطوراً، ويبرز الواقع أيضاً أن هذه الدول المتقدمة والغنية، تتحكم بوكالات الأنباء المؤثرة والرئيسية المسيطرة على توزيع الأنباء في العالم، بالإضافة إلى محطات الإذاعة المسموعة والمرئية وشبكات المعلومات العالمية، والصحف والمجلات المنتشرة على نطاق عالمي، ووسائل الاتصال الحديثة وشبكة الأقمار الصناعية المخصصة للاتصالات ونقل البث الإذاعي المسموع والمرئي، التي مكنت تلك الدول من إيصال واستقبال المعلومات الفورية دون أية حواجز تذكر من وإلى أية نقطة في العالم باللغة التي تحرص على نشرها عالمياً وفي مقدمتها اليوم اللغة الإنكليزية.
وجعل التطور العلمي والتكنولوجي في مجال الاتصال، من وسائل الإعلام الجماهيرية سلاحاً خطيراً في أيدي القوى الكبرى والدول المتقدمة والغنية، للتأثير على الرأي العام العالمي وتوجيهه، وخاصة فيما إذا استخدمت وسائل الإعلام الجماهيرية القوية والمسيطرة تلك، للتحريض على الحرب وإثارة التعصب الديني والقومي والعنصري، دون الدعوة للسلام والتعاون والتفاهم بين الشعوب، ونبذ أي نوع من التعصب مهما كان نوعه، خدمة للتقدم الإنساني.

المعيقات السياسية لعملية التبادل الإعلامي الدولي
تزايد الدور العالمي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، واسعة الانتشار وخاصة منها برامج الإذاعات المرئية المنقولة عبر الأقمار الصناعية، منذ العشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين رغم تباين النظم السياسية والإيديولوجية ودرجات النمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لدول العالم المختلفة، ورغم عدم التكافؤ الواضح بين القلة القليلة التي تبث السيل الهائل من المعلومات على مدار الساعة يومياً، وبين الغالبية العظمى من دول العالم التي تستقبل ما يرسل إليها، بغض النظر عن وضعها الاقتصادي غنية كانت أم فقيرة، لأن من يصنع ويملك تقنيات وتكنولوجيا الاتصال ويتحكم بصياغة المادة الإعلامية هو المسيطر على عملية التبادل الإعلامي الدولي دون منازع يذكر، ومن عداه فهو مستهلك لتكنولوجيا وتقنيات الاتصال وللمادة الإعلامية باهظة النفقات والتكاليف. لأن العلاقة شديدة الصلة بين السياسات الخارجية للدول، والرأي العام الوطني والإقليمي والعالمي، كل منها يؤثر ويتأثر بالآخر، وهذا بحد ذاته يبرز مشكلة سياسية عويصة أمام عملية التبادل الإعلامي الدولي، مفادها ضخامة وتضارب المصالح الحيوية لمختلف دول العالم وخاصة الدول المتطورة والغنية، التي تتجاوز حدودها الجغرافية المعترف بها لمناطق أخرى بعيدة كل البعد جغرافياً عنها، وتعدد المشاكل السياسية والاقتصادية والإيديولوجية بينها يجعل عملية التبادل الإعلامي تؤثر وتتأثر حتماً بوسائل تنفيذ السياسات الخارجية للدول الأخرى، وهذا مرتبط بمدى قوة وفاعلية وسائل الإعلام الجماهيرية الموجهة للخارج لكل دولة. لأن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولية، تسعى لخدمة سياسة معينة كثيراً ما لا تتماشى هذه السياسة مع متطلبات التفاهم الدولي، ولأن هذه الوسائل بالأساس تتصدى لمشكلة أو مشاكل سياسية معينة، وتسير في خط معين مرسوم لها ضمن السياسة الخارجية للدولة، وكثيراً ما يبتعد هذا الخط عن الموضوعية والدقة في عرض الوقائع، وقد ينجح في إقناع عدد كبير من مستقبلي الرسائل الإعلامية، بعدالة وصدق موقفه من المشكلة المطروحة، رغم أن الحقيقة عكس ذلك، ومرد ذلك إما الظروف المتاحة دولياً والتفاهم والتعاطف الدولي مع سياسة خارجية معينة، أو قوة أساليب عمل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية التي يملكها هذا الطرف أو ذاك، أو ضعف أساليب عمل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية للطرف المواجه، أو غيابها تماماً عن الساحة الدولية مما يتيح للخصم ظروفاً ممتازة لإقناع الرأي العام العالمي بعدالة وصدق مواقفه كما يشاء دون منازع.
وقد أدى انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي، إلى انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وإلى انفراج نسبي في العلاقات الدولية، وخفف نوعاً ما من الصراع الإيديولوجي الذي كان قائماً، ولكن سرعان ما استبدل بصراع من نوع جديد أخذ طابعاً آخر كأنه يدعم الديمقراطية والانفراج الدولي ومحاربة التطرف الديني، والإرهاب الدولي من وجهة نظر القوي المسيطر على عملية التدفق الإعلامي الدولي. وأدى غياب الصراع الإيديولوجي إلى تخفيف السباق المتسارع بين التكتلات الإقليمية والدولية المتصارعة للإمساك بزمام المبادرة في توجيه الحملات والضربات الإعلامية ضد بعضها البعض، ولكن لا أحد ينكر فضلها الأكبر في دفع التطور السريع لتقنيات ومعدات الاتصال، التي نعرفها اليوم، وكانت محض خيال قبل نصف قرن من الزمن. وتقوم وسائل الإعلام الجماهيرية لأية دولة في العالم، بتوجيه حملات إعلامية مركزة للتأثير على الرأي العام الدولي وتقوية الرأي العام المحلي داخلياً وتحصينه ضد الحملات الإعلامية الخارجية، وتشترك بنفس النشاط تقريباً مع وسائل إعلام الدول الأخرى التي تشترك معها في تحالفات وتكتلات إقليمية ودولية، ويظهر من خلالها مدى ضلوع عملية التبادل الإعلامي الدولي في مشاكل ومتناقضات السياسة الدولية، محلياً وإقليمياً ودولياً.
ومن المشاكل العويصة التي تواجه وسائل الإعلام الجماهيرية كوسيلة من وسائل السياسة الخارجية للدولة، العلاقة الموضوعية بين السياسة الخارجية للدولة، والرأي العام الوطني، والرأي العام الإقليمي، والرأي العام الدولي، خاصة عندما يبرز تضارب واضح وتباين بينها. فبينما تعمل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية على تهيئة الرأي العام العالمي لاتخاذ موقف معين من قضية معينة تتفق والسياسة الخارجية للدولة المعنية، نراها في أكثر الأحيان مضطرة لاتخاذ موقف آخر قد يكون مغايير تماماً، لتهيئة الرأي العام المحلي من القضية ذاتها، وهذه مشكلة عويصة بحد ذاتها أمام المخططين والمنفذين للسياسات الإعلامية الداخلية والإقليمية والخارجية. خاصة بعد التطور الهائل الحاصل في مجال وسائل الاتصال الحديثة، وتعدد وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وتنوعها وتجاوزها للزمن والمسافات والحدود الجغرافية واللغوية والحضارية، ليصبح ما يحدث اليوم في أي جزء من العالم في متناول الإنسان أينما كان ومهما بعدت المسافات خلال دقائق عبر القنوات الإذاعية المرئية الفضائية وشبكات الكمبيوتر، ولتصبح قدرة الدول في التحكم الفعلي بالرأي العام المحلي محض خيال، بعد أن طالته وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، وأصبح الخيار في أيدي من يملك وسائل الاتصال الحديثة، ومن يوجه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، ويسيطر على صياغة الخبر بالطريقة التي تحلو له. وإذا كان العالم اليوم يتجه حسيساً نحو الانفراج والتعاون الإيجابي بين الأمم، فإن هذا لا يعني انتهاء المشاكل والصراعات الدولية القديمة منها والجديدة والمتجددة، وكل ما يحدث هو تغير في الظروف الدولية وديناميكية العلاقات الدولية، وزيادة في عملية التفاعل والتبادل الإعلامي الدولي. وهذا يفرض على خبراء الإعلام الإلمام بالعلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية الدولية، ومسارها التاريخي، والنظم والاتجاهات السياسية السائدة في دول العالم، وخلفية مواقفها من العلاقات الدولية المعاصرة، ليستطيع كلاً منهم أخذ مكانه الفاعل والمؤثر في عملية التبادل الإعلامي الدولي المتجددة، وخدمة سياسات بلده الداخلية والإقليمية والدولية بعد أن تجاوزت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية فعلاً الحدود الفاصلة بين تلك السياسات.

المعيقات الاقتصادية لعملية التبادل الإعلامي الدولي
معروف أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية خاضعة بالكامل لسلطة رأس المال، الذي يقوم على دعائم اقتصادية وصناعية وتجارية تتطلب استثمارات هائلة قد تفتقر لها موارد دولة أو حتى عدة دول مجتمعة، مما وضعها في حالة من التبعية تراوحت ما بين التبعية لدولة أو عدة دول مجتمعة. وأدى التطور الاقتصادي والعلمي الهائل خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، إلى تطور مماثل شمل وسائل وشبكات الاتصال الحديثة في العالم، وجعلها حكراً في أيدي الدول المصنعة والغنية، بعيدة عن متناول ومقدرات بعض الدول الصغيرة والفقيرة، لأن الحصول عليها واستثمارها، أو تصنيعها يتطلب أموالاً طائلة واستثمارات كبيرة، وخبرات علمية وتكنولوجية متطورة تفتقر إليها معظم الدول النامية في العالم، ولهذا نرى أن الأوضاع الاقتصادية، ومدى التقدم التقني والعلمي في أي دولة، قد ترك بصماته على وسائل الاتصال المتطورة، ووسائل الإعلام الجماهيرية الحديثة. مما سمح لبعض الدول الغنية والمتطورة والأكثر تقدماً اقتصادياً وعلمياً وتقنياً، بالسيطرة على وكالات الأنباء العالمية، وقنوات الإذاعات المسموعة والمرئية الفضائية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، تلك التي تشكل بمجلها المصدر الرئيسي للأنباء في العالم. لأن الاستثمارات الصناعية الضخمة في مجال وسائل وأجهزة الاتصال تتركز في الدول المتقدمة، بينما الدول المتخلفة والنامية والفقيرة هي مستهلكة لبعض منتجات هذه الاستثمارات من خلال الاستيراد وبرامج المساعدات الاقتصادية، وهو ما يخلق في بعض الأحيان مشاكل تقنية في مجال استثمار واستخدام تلك الأجهزة أمام الدول المستوردة أو المستفيدة من برامج المعونة الاقتصادية، بسبب تعدد مصادر تلك الأجهزة وعدم ملاءمتها تكنولوجياً للإسثمار في تلك البلاد، بحيث يتطلب الأمر إجراء بعض التعديلات عليها قبل إدخالها حيز الاستثمار الفعلي مما يرفع من الأعباء التقنية والمالية المترتبة على تلك الدول. خاصة وأن عملية الحصول على الأخبار الدولية وتوزيعها بحد ذاتها باهظة التكاليف، ولا تستطيع تحمل نفقاتها إلا الدول المتقدمة والغنية، كما هو الحال دائماً، بينما نرى أن الدول النامية والفقيرة لم تزل كما كانت دائماً، تعاني من نقص حاد في الخدمات الإعلامية، ونقص في وسائل الاتصال الإلكترونية ومحطات البث والاستقبال الإذاعي المسموع والمرئي، هذا إن لم نشر إلى مشاكل استفادة هذه الدول من خدمات شبكة الأقمار الصناعية في مجال الاتصال وقنوات البث التلفزيوني الفضائية، والاستفادة من خدمات شبكات الكمبيوتر الدولية.
ومن هنا نرى أن التقدم التكنولوجي يعتمد على الثروة المتوفرة لدى الدول الغنية والكبيرة، قليلة العدد في المجتمع الدولي وهي وحدها القادرة على تمويل المشاريع الضخمة في مجال إنتاج أجهزة وتكنولوجيا الاتصال عن بعد الضرورية لوسائل الإعلام الجماهيرية، مما يتيح لها وضعاً ممتازاً لنشر سياستها الخارجية وفرضها في بعض الظروف على الدول الأخرى الأقل تطوراً. وكما هو معروف فإن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لكل دولة من دول العالم تركز في برامجها على الأخبار الداخلية، وما يتصل بقضاياها ومشاكلها من الأخبار العالمية، وقد أوضحت بعض الدراسات العلمية، أن عملية التبادل الإعلامي الدولي تركز بالدرجة الأولى على أخبار الدول الكبرى المتطورة والغنية، وأخبار بعض الدول الأقل تطوراً المؤثرة في ميدان الأحداث والسياسة الدولية، والسبب سيطرة هذه الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبشكل أقل روسيا وغيرها من الدول المتطورة على وسائل الإعلام الدولية، مما يتيح لتلك الدول فرض وجهة نظرها من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي أحادي الجانب.
وتركز وسائل الإعلام الجماهيرية في موادها الإعلامية على أخبار دولها والدول الحليفة لها، إلى جانب أهم الأحداث العالمية من وجهة النظر السياسية الرسمية للدولة، فوكالات الأنباء الدولية اليونيتد بريس، والأسوشيتد بريس والقنال التلفزيونية الدولية CNN وما تنقله شبكة الكمبيوتر العالمية INTERNETالأمريكية، ووكالة الأنباء رويترز، وهيئة الإذاعة البريطانية BBC، ووكالة فرنس بريس الفرنسية، ووكالة إتار تاس الروسية، وغيرها من الدول المؤثرة في السياسات الدولية وما تتمتع به من علاقات واسعة مع مختلف دول العالم، ولتفوقها العلمي والصناعي والاقتصادي والعسكري تطغي أخبارها على أخبار غيرها من الدول، وبمعنى أوضح تسيطر على عملية التبادل الإعلامي الدولي وتوجهها لصالحها وصالح حلفائها من دول العالم الأخرى. وقد وصل الخلل في بعض الأحيان إلى درجة أصبح معها أبناء الكثير من دول العالم يعرفون عن الدول الكبرى أكثر مما يعرفون عن بلدانهم، ويعرفون عن تلك الدول الواقعة خلف البحار والمحيطات أكثر مما يعرفون عن البلدان المجاورة لهم، ويعتمدون أساساً في الحصول على المعلومات والأنباء على المصادر الإعلامية للدول الكبرى الموجهة إليهم والناطقة بلغاتهم القومية ويشمل هذا الوضع الصراع العربي الصهيوني.
وبينما تنتج الدول المتقدمة كل متطلبات الإنتاج الإعلامي من آلات التسجيل السمعية والبصرية وآلات التصوير وآلات الطباعة وورق الكتابة والطباعة، والحاسبات الالكترونية (الكمبيوتر)، وأجهزة البث والاستقبال الإذاعي المسموع والمرئي، وتنتج أعداداً هائلة من المواد الإعلامية من صحف ومجلات وكتب، وبرامج إذاعية مسموعة ومرئية وأفلام، ووسائل تعليمية مختلفة، نرى الدول النامية والفقيرة التي لا تملك ولا تنتج مثل هذه المنتجات الإعلامية والتقنية، بل وتفرض أحياناً قيوداً ورسوماً جمركية على استيراد المواد والمعدات الإعلامية وحتى على ورق الطباعة، بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة.
وهكذا نرى مدى تأثر عملية التبادل الإعلامي الدولي بالأوضاع الاقتصادية لكافة دول العالم، التي نستطيع تقسيمها إلى دول متطورة غنية مسيطرة، تمتلك وتتحكم بالمصادر الإعلامية الدولية وتقنياتها، وتوجه عملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول متوسطة تؤثر وتتأثر بعملية التدفق الإعلامي الدولية، ودول نامية فقيرة على هامش عملية التبادل الإعلامي الدولية، لا تملك حتى صحيفة يومية دولية واحدة تنطق باسمها، متأثرة بالسيل المتدفق للإعلام الدولي الأجنبي. وبالطبع فإن إدراك الجمهور الإعلامي في الدول التي لا تنتشر فيها وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري على نطاق واسع، أو التي ترتفع فيها نسبة الأمية الأبجدية أو الحضارية، أو التي ينتشر فيها الفقر، والتي تعتبر صعوبات مادية واقتصادية، يكون إدراكهم لمختلف الموضوعات التي تعرضها وسائل الإعلام الجماهيرية، أقل إدراكاً من الجمهور الإعلامي للدول المتقدمة.
والخلاصة: أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تعتبر من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمعات وهي أساس التفاعلات الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة فيما لو أحسن استخدامها، وهي سلاح ذو حدين في الحوار القائم والمفترض بين الثقافات والحضارات.

خصائص التبادل الإعلامي الدولي
ولا يمكن النظر إلى مضمون الرسائل الإعلامية بمعزل عن التقنيات التي تستخدمها وسائل الإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسالتها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، وتحدد طبيعة وكيفية معالجتها لمشاكل المجتمع. وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظل ظروف معينة، وتؤثر على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها.
ووسيلة الإعلام هي امتداد لحواس الإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة الإليكترونية توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الحديثة، كامتداد لحواس الإنسان توفر للإنسان الزمن والإمكانيات، وتشكل تهديداً له، لأنه عندما تمتد يد الإنسان وحواسه عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، تستطيع هذه الوسائل أن تمد يد المجتمع إليه، كي تستغله وتسيطر عليه. ولكي نمنع احتمالات التهديد يجب مراعاة أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لأنه بمعرفة كيفية تشكيل التكنولوجيا الحديثة للبيئة المحيطة بنا نستطيع أن نسيطر عليها ونتغلب تماماً على نفوذها أو قدرتها الحتمية. وفي الواقع، بدلاً من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن متلقي الرسالة الإعلامية يجب أن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأ نتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم، كما ويجب اعتبار التغيير التكنولوجي حتمياً لا مفر منه، وهو ما يحدث فعلاً، لأننا إذا فهمنا عناصر التغيير يمكننا أن نسيطر عليه ونستخدمه لصالحنا في أي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهه، كما يحدث لدى البعض أحياناً !.
ومن المشاكل التي تواجه عملية التبادل الإعلامي الدولية أهمية مراعاة الظروف البيئية المحيطة بالإنسان، واختلافها من دولة إلى دولة، بل واختلافها من منطقة إلى أخرى داخل الدولة ذاتها، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن يحيط خبراء الإعلام والصحفيون بالاعتبارات البيئية والظروف المحيطة بالإنسان، وإذا كان هذا الإلمام أكثر سهولة في الإعلام الداخلي، فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للإعلام الخارجي، حيث تتعدد الاعتبارات البيئية وتتنوع الظروف واللغات، وتختلف من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى منطقة، ومن قارة إلى قارة. ومع تزايد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وتطورها واتساعها، أصبح العالم أقرب إلى القرية العالمية. ومما ساعد على ذلك تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال الأفراد والسياح، وهجرة السكان من أماكن سكنهم الأصلية، والإقامة الطويلة لرعايا دولة معينة لدى دولة أخرى بقصد الدراسة أو العمل، وتزايد حجم وسرعة وتنوع المراسلات، ودخولها عصر الحوار المباشر عبر شبكات الاتصال العالمية بين مختلف دول العالم، وتطور البث الإذاعي والتلفزيوني واتساع استخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصال ونقل المعلومات، وهو ما ساعد على الاحتكاك بالأمم المتقدمة وحدوث تحول ثقافي واجتماعي عالمي، برزت معه قيم ومعتقدات جديدة لم تكن متوقعة من قبل، لم يجر تقدير أثرها بالكامل بعد. ومن هنا فإن على خبراء الإعلام والصحفيين أن يدركوا كل تلك المتغيرات عند إعدادهم وتنفيذهم للحملات الإعلامية الموجهة للداخل والخارج على السواء، كي لا تحدث إخفاقات تؤدي إلى عدم استجابة المستقبل لمضمون الرسائل الإعلامية الموجهة إليه، وأن لا يكون رد فعله مغاير لأهداف الحملة الإعلامية الموجهة. وأن يؤخذ في الحسبان أيضاً اختلاف درجات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وتباين النظم والمعتقدات السياسية والإيديولوجية بين دول العالم المختلفة، ودرجات التباين بين دول النظام المتشابه.

الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي
ورغم أن العالم لم يزل يتجه باضطراد نحو تحطيم الحواجز القائمة بين الشعوب، واتجاه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري في العديد من دول العالم نحو الاتسام بطابع العالمية، ورغم التقدم الهائل لوسائل الاتصال نرى أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في العالم، لم تزل تعتمد في القسط الأكبر من أخبارها على وكالات الأنباء العالمية: رويترز، والأسوشيتد بريس، واليونيتد بريس، ووكالة الأنباء الفرنسية، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها وكالات الأنباء الوطنية، وشبكة المراسلين الأجانب في جميع دول العالم تقريباً، والذين يراسلون مباشرة وسائل الإعلام الجماهيرية التي ينتمون إليها والمنتشرة في مختلف دول العالم. ونرى أن الاحتكار والتركيز في عملية التبادل الإعلامي الدولي لم تزل مرتبطة بالمشاكل السياسية والاقتصادية التي سبق وأشرنا إليها، والتي نتج عنها احتكار قلة قليلة من دول العالم لمصادر الأنباء العالمية من خلال وكالات الأنباء والإذاعات والقنوات المسموعة والمرئية والصحف والمجلات الهامة والمنتشرة عالمياً، إضافة لاحتكارها لوسائل الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الأقمار الصناعية التي تتولى نقل ما تبثه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية إلى كافة أنحاء العالم.

تأثير التبادل الإعلامي الدولي على عملية اتخاذ القرارات
وتتمتع وسائل الإعلام الجماهيرية بتأثير هام على الجمهور وخاصة في الميدان السياسي، ولذلك كان لابد عند دراسة تأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على عملية اتخاذ القرارات، من الأخذ بعين الاعتبار تأثير هذه الوسائل على الزعماء السياسيين، واستناداً لعدة أبحاث وجدنا أن قائد الرأي لا يبحثون غالباً عن دور قائد الرأي، وأحياناً ليس لديهم شعور بدورهم كقادة للرأي العام، ولكن قادة الرأي هؤلاء يتميزون بعدة خصائص منها: أنهم يمثلون الجماعات التي ينتمون إليها ويؤثرون فيها تأثيراً جيداً؛ وأنهم قادة للرأي في مجال اختصاصهم الذي يتناسب والمجموعات التي يؤثرون فيها؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعة التي ينتمون إليها معرضون لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ وأنهم أكثر من غيرهم من أعضاء المجموعات التي ينتمون إليها على اتصال مع غيرهم من قادة الرأي؛ وأنهم متواجدون في كل الأوساط الاجتماعية.
ولما كان لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيري من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي، المقدرة على تقرير ما ينبغي أن يعرف وما ينبغي الاحتفاظ به، فإنها بقيت تتمتع بأهمية خاصة في العلاقات الدولية، وقد تقوم وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية بمجرد نقل المعلومات الصادرة من قبل واضعي السياسة إلى الجمهور الإعلامي، دون أي اعتبار لدور الرأي العام في وضع تلك السياسة، كما يحدث في أكثر البلدان النامية. أو قد تستخدم وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية لدعم أهداف سياسية معينة، أو لخلق أحداثاً معينة من خلال التمهيد لها، والمساهمة في خلق ودعم وجهة النظر المعارضة، وهذا يفسر قيام بعض المخططين السياسيين، في البلدان المتقدمة بوجه الخصوص، بوضع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية والرأي العام في مرتبة واحدة، يؤثر كلاً منها بالآخر ويعكس صورة الآخر، ويشمل هذا الوضع أيضاً، واضعي السياسة الخارجية للدولة، من خلال تعاملهم مع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية المحلية والدولية، والرأي العام المحلي والعالمي.
ويميل المخططون السياسيون إلى اعتبار أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية تعكس في الحقيقة مواقف الرأي العام، وكثيراً ما يقبل المخطط السياسي ما تنشره وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على أنها انعكاساً للحقيقة التي يراعيها عند رسم الخطة السياسية المطلوبة. ولكن الحقيقة أن المؤسسات الإعلامية في أي بلد من بلدان العالم غالباً ما تحدد أسبقيات ما تنشره وما لا تنشره من خلال ظروف تقنية بحتة لا علاقة لها البتة بالموضوع المنشور، وتتحكم بالزمن المتاح في الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، والمساحة المتاحة على صفحات الصحف والمجلات. ويؤثر التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية للدولة، من خلال مساهمته بإمداد أصحاب القرار بالمعلومات اللازمة، التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار معين.
ويبرز دور التبادل الإعلامي الدولي من خلال وكالات الأنباء والقنوات الإذاعية المسموعة والمرئية العالمية، والصحف والمجلات الأكثر انتشاراً في العالم، إبان الأزمات السياسية والاقتصادية، والكوارث الطبيعية، والأخطار التي تهدد بلادهم أو تهدد البشرية، والصدامات العسكرية الساخنة، أو التهديد باستخدام القوة العسكرية على الساحة الدولية. حيث يعتمد أصحاب القرارات الحاسمة عند دراستهم للظروف والأوضاع من كل الجوانب، قبل اتخاذ القرار اللازم، على ما توفره مصادر الإعلام الدولية، والمصادر الدبلوماسية، ومصادر أجهزة أمن الدولة، ولهذا تعكف بعض المؤسسات العلمية على دراسة العلاقة بين عملية التبادل الإعلامي الدولي وعملية اتخاذ القرارات السياسية، من قبل الزعماء السياسيون، كواحدة من مؤشرات العلاقات الدولية بشكل عام.
ومن الأبحاث الإعلامية الكثيرة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، الدراسة التي قامت بها مجلة Public Opinion Quarterly لمعرفة عادات القراءة لدى قادة الرأي الأمريكيين، وأظهرت أن وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة من قبل كبار قادة المؤسسات السياسية والاقتصادية الأمريكية، تعتبر مصادر معلومات يؤخذ بها من قبلهم، لاتخاذ القرارات ومزاولة مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية. وتناولت الدراسة 545 شخصاً من بينهم: منفذون في المجالات الصناعية؛ ومنفذون في المجالات غير الصناعية؛ وأصحاب ثروات كبيرة؛ وزعماء الجمعيات الخيرية؛ وأعضاء الكونغرس الأمريكي؛ ورؤساء اتحادات عمالية؛ وموظفون فيدراليون؛ وكبار موظفي الخدمة المدنية؛ وشخصيات رسمية في الأحزاب السياسية؛ وعاملين في المؤسسات الصحفية؛ وشخصيات من البيت الأبيض؛ وأكاديميون اقتصاديون؛ وغيرهم. وأظهرت نتائج الدراسة أن الشرائح الاجتماعية المدروسة تطالع الصحافة الدورية بنسب مؤوية تتراوح ما بين 84% و 2%، وأن أكثر الصحف مطالعة بين رجال الكونغرس هي الواشنطن بوست 82%، وأقلها مطالعة هي الـوول ستريت جورنال 31 %، ومن بين المجلات يو إس نيوز إند وورلد ريبورت 70% وأقلها فورين إفيرز 16% أي أن رجال الكونغرس يفضلون مطالعة الصحف أكثر من المجلات، بفارق واضح. وبقي أن نؤكد هنا على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة. وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والدولي.

فاعلية التبادل الإعلامي الدولي
تساعد وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها، وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين، كما وتساعد وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية على تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية الدولية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال، أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه لمضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها، ولا بد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية الدولية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية الدولية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية الدولية، ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة، والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية الدولية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، تعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق أزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر:
المناهج الاستقرائية التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم في جيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند وزملائه، وجرى من خلال تلك الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجريب المحكم بالتركيز على العناصر التالية:
القائم بالاتصال وتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية، وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية، أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم الأثر النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال؛
وتبين أن الرسالة الإعلامية تزيد من فاعلية الحملة الإعلامية الدولية ويمكن أن يتم ذلك في حالة إذا توافقت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية، واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية، وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة. وتبين أن الوسيلة الإعلامية والرسالة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها، وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة إعلامية في القطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية، وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة؛
لأن موقف مستقبل الرسالة الإعلامية يتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري والإقليم الجغرافي والنظام الذي ينتمي إليه.
وتركز المناهج الاستنباطية المعتمدة على النظرية السلوكية، على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها. وتعمل نظرية المعرفة، على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، وتعتمد كلها على عملية الاتصال.
وعملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي هي مجموعة وسائل تربط بني البشر ببعضهم البعض، وتحقق التفاعل والعلاقات الإنسانية، وقد تعرَّف على أنها عملية لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة، وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم، وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم، ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام اللغة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و (الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة، لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين). وهذا إيضاح لمحور العلاقة التي حددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل، حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب؛ الخطبة؛ الجمهور، وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره لهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث تنشئته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بأن المرسل لا يعرف القصد مما عاين أو سمع، وينقل الخبر كما يظن ويخمن فيقع في الكذب في كثير من الأحيان، وأن الرسالة من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية – الرسالة، وقد أوجب ابن خلدون على المستقبل أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.
وهناك عدة نظريات للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن في الاتصال التي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي:
المرسل: يستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر؛ الرسالة: يستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة؛
والتغذية العكسية أو راجع الصدى: وهي الاستجابة للرسالة (المثير) تلك التي تعود إلى المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية.
وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال.
أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال بالإمتاع على أساس أن المستقبل يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، وأنه لكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد فمن الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل. ويلاحظ أن الموقف الاتصالي في هذه النظرية من شروطه:
إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية؛
وصياغة الرسالة بأسلوب شيّق تعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال مستمر بمصادر المعلومات؛
وإتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات.
أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي على النحو التالي:
المرسل: وهو الذي يؤلف وينقل الرسالة؛
والرسالة: هي ما يرغب المرسل إرساله إلى المستقبل من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية؛
والمستقبل (الجمهور الإعلامي): وهذا الجمهور من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه تلك الرسالة مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال السمعية والبصرية مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل.
أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباطه ببقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. وبذلك أعتبرها موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى. وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على:
المرسل: وهو المجتمع؛
والرسالة: وهي التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها؛
والمستقبل: وهو المجتمع أيضاً؛
ووسائل الاتصال: مثل الإذاعات المسموعة والمرئية أو الصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما يجب أن ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، ولكي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي هي ليست حكراً على أحد.
أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بـ:
المرسل: (أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات؛
والرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي إلى مبحوث يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال؛
والمستقبل: وهو الذي يتلقى الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز الذي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي إلى إيصال التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات.
أما هودينت فقد حدد العناصر الفعالة لعملية الاتصال في سبعة عناصر هي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة مستقبل؛ واستجابة.
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، هو: كيف تؤثر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في إشباع حاجات الفرد الاجتماعية؟ لأن الوسائل تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل عملية الاتصال المتبادل، وهذا يعني أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تقدم إلى جمهور واسع من الناس، معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة خاصة لها أهمية اجتماعية. ولكن ليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. إن هذا النقص في الارتباط بالعالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، وتستطيع الإذاعات المسموعة والمرئية أن تسدي له خدمة كبرى. فصوت المذياع يبعد شعوره بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها المذياع وهذا ينطبق على جهاز استقبال البث المرئي ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني، ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية، اهتماماً كبيراً لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؟ والجواب لأن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري أن تمنحه تعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي، وليستطيع أن يكوّن صلة اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك، وهكذا فإشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، قد أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. ويبدو كأنها قضية للتكيُّف وهو ليس متعلقاً بسؤال (ماذا) فقط، وإنما بـ (كيف) و(لماذا) أيضاً وهذا يعني أن الإنسان يحتاج للتكيُّف لكي يستوعب، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى في مواقف معينة، ليسدي له بالنصيحة عن كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات مميزة لقيم المجتمع ومستجداته.
ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوافر لموقف نقل الخبرة جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر تلك العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعليم المنتظر، ولتقدير فاعلية نقل الخبرة ينبغي مراعاة إعطاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
ويمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال:
أولاً: بالمصدر: سواء أكان فرداً أو جماعة من الأفراد، وهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها، وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تنقص المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية، وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال؛
وثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر، ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين، وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها، وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التأثير يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو أي مواد تعليمية أخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف التعليمي والاتصالي؛
ثالثاً: الرسالة الإعلامية: التي تعتبر أن عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي إلى إضعاف عملية الاتصال، ومثال على ذلك ما يحدث في تعلم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار، فمن غير المشكوك به أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم، ولهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعاد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال؛
ورابعاً: يمكن أن يكون التوافق بين المرسل والمستقبل عندما يراعى في عملية الاتصال بينهما مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية والعلمية... إلخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل، الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي من الركائز الأساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين مواطني البلد الواحد والمجتمعات المختلفة، وقد تسابقت فعلاً قنوات إذاعية مسموعة عربية منذ خمسينات القرن الماضي، ومن ثم قنوات إذاعية مرئية فضائية عربية منذ تسعينات القرن الماضي لإنتاج برامج منوعات هامة هدفها نيل ثقة المجتمع العربي واستقطاب أكبر نسبة من المستمعين ومن ثم المشاهدين. وفي خضم الحملة الأخيرة برزت وانتشرت بقوة ظاهرة تعريب برامج أجنبية، رغم أنها تتطلب تحضيرات خاصة وفرق عمل محترفة إضافة لمبالغ هائلة من الأموال، مما يفرض الحاجة للتساؤل عن كيفية انتقاء وتمويل تلك البرامج ومعايير اختيار أفكارها وتنفيذها من البداية وحتى النهاية، لتتلاءم مع المجتمعات العربية والتعديلات التي تجرى عليها كي تنسجم مع أذواق الجمهور العربي وأفكاره في وقت أصبح ما تبثه القنوات الإذاعية المرئية الفضائية لا يتقيد لا بالقوانين المعمول بها ولا بالتقاليد ولا بالأعراف المتعارف عليها محليا في معظم الدول العربية، وكانت المؤسسة اللبنانية للبث المرئي LBC، السباقة في تعريب وإنتاج برامج أجنبية، منها على سبيل المثال لا الحصر برامج: «يا ليل يا عين» و«ستار أكاديمي» و«حلها واحتلها» و«قسمة ونصيب» و«من سيربح المليون».
وتبقى الأهداف الحقيقية من وراء تعريب تلك البرامج الأجنبية بالذات، والتسهيلات الكبيرة التي قدمها أصحاب حقوق تأليفها ونشرها الأجانب للناشر الجديد، بحاجة لدراسة أكاديمية بحتة تقوم بها جهات معنية مختصة في الدول العربية لمعرفة مدى تلبيتها للعادات والتقاليد المتوارثة، وأذواق كل الشرائح الاجتماعية، وأسباب الاعتماد على تلك البرامج الأجنبية، ومدى تأثيرها على إنتاج البرامج المحلية، وعلى اللغة العربية التي تتعرض في الوقت الحاضر لهجمة شعواء من قبل قوى كثيرة. وهل الدافع الحقيقي هو إشراك الجمهور في البرامج، وهل هذا الإشراك هو لإثبات الانتشار لتحقيق أرباح تجارية عن طريق الحصول على إعلانات تجارية باهظة الثمن، أم دفع الآلاف للتصويت هاتفياً وعبر خدمة الرسائل النصية القصيرة SMS بالغة التكاليف بمجموعها، وأخيراً من المستفيد منها، وهل هي لترسيخ بيئات ثقافية واجتماعية أوروبية وأميركية في أذهان المشاهدين العرب لإحداث تغيير مطلوب في طريقة وأسلوب التفكير عن الإنسان العربي، ولتحديد إيجابيات وسلبيات تلك التصرفات على المجتمع العربي في وقت يتعرض فيه لأقسى أنواع الغزو الثقافي ؟؟ََ!! وكلها تحتاج للدراسة وللتفكير والتحليل لمساعدة المسؤول في موقع مسؤوليته والبحث عن مخرج خوفاً من أن تكون تلك التصرفات شكلاً من أشكال الغزو الثقافي المبطن الذي يطال المجتمع العربي في الصميم.

العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي
تعتبر الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي، شكل من أشكال وظائف العلاقات الدولية. وبدأ الإعلام بالظهور كوظيفة من وظائف العلاقات الدولية المعاصرة إثر قيام عصبة الأمم في مطلع القرن الماضي، وتأصل هذا المفهوم بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة إثر الحرب العالمية الثانية، وإنشاء المنظمات الدولية الأخرى. ويقوم الموظفون الدوليون العاملون في الجوانب الإعلامية، بخدمة أهداف المنظمة التي يعملون في إطارها، ولا يتلقون أية تعليمات من مصادر أخرى، متمتعين بالموضوعية والحياد، من خلال الإدلاء بالتصريحات الصحفية، وإصدار البيانات، ونشر الوثائق، وإلقاء المحاضرات، والعمل في المكاتب الإعلامية التابعة للمنظمة الدولية المعنية في مختلف دول العالم. وتعتبر المراكز الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة في أنحاء العالم، أداة لنشر وإبراز نشاطات المنظمة. وقد أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قراراً بتاريخ 1/2/1946 تضمن قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بوضع تنظيم إداري يمكنه من أداء المهام الموكولة إليه، وكانت إدارة الإعلام واحدة من بين ثماني إدارات شملها ذلك التنظيم، وأشار القرار المذكور إلى إنشاء مكاتب فرعية للإعلام، وبالفعل تم إنشاء مركز للإعلام تابع لمنظمة الأمم المتحدة في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن عام 1946، وفي عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق موسكو عام 1947، وتزايد عدد تلك المكاتب تباعاً في مختلف العواصم العالمية. كما وأصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قرارها رقم 595 بتاريخ 4/2/1952، طالبت فيه إدارة الإعلام بالمنظمة بوضع برنامج لعمل المنظمة في المجال الإعلامي، آخذة بعين الاعتبار النواحي الإقليمية واللغوية، وكلفت الإدارة بإنشاء شبكة من المراكز الإعلامية في مختلف دول العالم، للوصول إلى شعوب الأمم المتحدة، ولتقوم:
بنشر رسالة منظمة الأمم المتحدة؛ وتغطية نشاطاتها ومنجزاتها إعلامياً؛
وتسليط الأضواء على دور منظمة الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية من خلال: المواد الإعلامية التي يمكن توزيعها؛
وتوفير المراجع الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة في مكتباتها؛ والتنسيق مع وسائل الإعلام الجماهيرية في العواصم الموجودة فيها.
ووافقت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1962 على برنامج منظمة اليونسكو الخاص بتقديم المساعدة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الدول النامية، تأكيداً لدورها في مجال التبادل الإعلامي الدولي. بعد أن كان دورها محصوراً بتقديم المساعدة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتدعيم التدفق الحر للمعلومات والأفكار، والتعليم، بعد مؤتمر لندن الذي انعقد خلال الفترة من 1 وحتى 16/11/1945، وحضره مندوبون عن 45 دولة، وأسفر المؤتمر عن قيام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO المتخصصة بمسائل التعاون الدولي بين الحكومات، في ميادين الثقافة والفكر.
وقامت منظمة اليونسكو في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، باستطلاع الاحتياجات التكنولوجية والتعليمية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، بعد أن أوفدت لهذا الغرض 29 باحثاً ميدانياً، تجولوا في 126 دولة مدن دول العالم، وتبادل المسؤولون في منظمة اليونسكو الرسائل مع شخصيات في 31 دولة. وظهرت بالنتيجة الحاجة للاهتمام بتدريس مادة الصحافة، وتوفير الوسائل السمعية والبصرية اللازمة لها، وضرورة قيام الحكومات بحل مشاكل الاتصال، وتقديم المساعدة لعدد من الدول لتطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية فيها، والاهتمام بربط حرية الإعلام بالتشريعات الإعلامية في دول العالم، وقامت منظمة اليونسكو بتشكيل لجنة مكونة من ستة عشر خبيراً دولياً بارزاً، ينتمون إلى أقاليم جغرافية وثقافية مختلفة لدراسة مشكلات الإعلام. ورأس اللجنة العالم الايرلندي ماكبرايد، الحائز على جائزة نوبل للسلام. ونشرت منظمة اليونسكو تقرير هذه اللجنة بخمس عشرة لغة، تحت عنوان: "أصوات متعددة، وعالم واحد". وقد بحث التقرير بشكل مستفيض العلاقة بين عملية الاتصال والمجتمع، ببعديها التاريخي والمعاصر. وكذلك في إطارها الدولي، كما وبحث التقرير أوضاع عمليات الاتصال الجماهيري في عالم أواسط القرن العشرين، من حيث سماتها والإشكاليات التي تطرحها، وهموم مهنة الإعلام وإطارها المؤسسي والحرفي … الخ. وناقش التقرير ضمن العديد من القضايا، قضية احتكار بعض وكالات الأنباء العالمية للرسالة الإعلامية، وما تمارسه من سيطرة إعلامية تحمل في طياتها، خطر غزو ثقافي من نوع جديد، وتشويه مضمون الرسالة الإعلامية ذاتها، وسريانها في اتجاه واحد، قد لا يعبر عن الحقائق الموضوعية بالضرورة.
وحدد التقرير الأسس والقواعد التي يتعين أن يقوم عليها نظام إعلامي جديد أكثر عدلاً وقدرة على خدمة السلام والتنمية البشرية والتقدم في العالم، ومن أهمها:
- استئصال أوجه الخلل وعدم التوازن أو التكافؤ التي يتميز بها الوضع القائم في ذلك الوقت؛
- والقضاء على الآثار السلبية للاحتكارات العامة والخاصة والتركيز الزائد في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ وضمان تعدد المصادر الإعلامية، وحصانة الإعلاميين … الخ؛
- واحترام الذاتية الثقافية، وحق كل أمة في إعلام الرأي العام العالمي بوجهة نظرها، وبمصالحها وطموحاتها وقيمها الاجتماعية والثقافية؛
- واحترام حق كل الشعوب في المشاركة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، على أساس من التوازن والتكافؤ والمصالح المتبادلة؛
- وحق الجمهور والفئات الاجتماعية والإثنية، في الوصول إلى مصادر المعلومات، والمساهمة النشيطة في عملية الاتصال.
وأثار هذا التقرير عند مناقشته في كل من المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو جدلاً صاخباً، وخصوصاً عندما حاولت الدول النامية أن تترجمه إلى برامج وسياسات تضطلع بها منظمة اليونسكو أو إلى قواعد واجبة الاحترام من جانب الاحتكارات العالمية. ورأت فيه بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومعظم وكالات الأنباء العالمية، محاولة لتقويض حرية الإعلام والإعلاميين. لكن أياً كان الأمر فإن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الخصوصيات والذاتيات الثقافية والحضارية، أصبحت في صلب المسألة الإعلامية التي يتوجب التوقف عندها طويلاً حتى الآن رغم مرور فترة زمنية طويلة والتطور العاصف في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في القرن الحادي والعشرين.
وقامت منظمة اليونسكو بإصدار العديد من المطبوعات عن حرية الإعلام والتبادل الإعلامي الدولي ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم. وأصدرت عام 1952 سلسلة "تقارير وأراق الإعلام الجماهيري"، وحتى عام 1970 أصدرت المنظمة 600 دراسة عن وسائل الإعلام الجماهيرية في المناطق الريفية والنامية، وعن دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التعليم، وإعداد الكوادر الصحفية، ومعلومات إحصائية عن وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل الاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وفي عام 1955 شكل الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة من الخبراء لدراسة أنشطة منظمة الأمم المتحدة خارج مقرها، بما فيها النشاطات الإعلامية. ودعت تلك اللجنة منظمة الأمم المتحدة لتوجيه اهتمام أكبر لمراكز الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في الخارج.
وقدمت منظمة اليونسكو مساعدات ملموسة لإنشاء مراكز التدريب الصحفي في أنحاء مختلفة من العالم، ومنها:
- المركز الدولي للتعليم العالي الصحفي في استراسبورغ، الذي بدأ التدريس فيه عام 1957؛
- والمركز الدولي للدراسات العليا في الصحافة بأمريكا اللاتينية، الذي أفتتح في كيوتو Quoit عام 1959؛
- ومركز دراسات الإعلام الجماهيري في جامعة داكار بالسنغال، لتدريب الكوادر الصحفية الإفريقية الناطقة بالفرنسية؛
- ومعهد الإعلام الجماهيري في جامعة مانيلا بالفلبين؛
- ومعهد الإعلام في بيروت بلبنان؛
- ومعهد الإعلام في أنقرة بتركيا؛
- ومعهد الإعلام في نيودلهي، بالهند.
ونتيجة لجهود منظمة اليونسكو تم تأسيس:
- المنظمة الدولية لبحوث الإعلام، في عام 1957؛
- والمجلس الدولي للفيلم والتلفزيون في عام 1959؛
- ومعهد دراسة الأفلام في أمريكا اللاتينية بمكسيكو سيتي عام 1958؛
- وجمعية جنوب وشرق آسيا للمدرسين في مجال الصحافة عام 1961؛
- وإتحاد وكالات الأنباء الإفريقية عام 1963.
وفي عام 1959 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بدعوة منظمة اليونسكو لدراسة المساعدات المقدمة للدول المتخلفة في المجال الإعلامي.
ومن منتصف ستينات القرن العشرين، بدأت منظمة اليونسكو بصب اهتمامها نحو استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية، في المجالات التعليمية، وأقرت عام 1964 لهذا الغرض برنامجاً في السنغال مدته ست سنوات، وجه نحو استخدام الوسائل السمعية والبصرية وغيرها من الوسائل في مجال تعليم الكبار، وشجعت استخدام الأفلام والوسائل الإلكترونية الحديثة في التعليم. ولم تزل منظمة اليونسكو تتابع جهودها لزيادة فعالية مساعداتها لمختلف دول العالم المحتاجة للمساعدة في مجال الإعلام، وتشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتدعوا دائماً لاستخدام الأقمار الصناعية لأغراض التعليم ونشر المعلومات العلمية والثقافية. وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، برزت مشكلات جديدة أمام منظمة اليونسكو، في مجال تقديم المساعدة للدول المستقلة حديثاً، لتحديث أطرها الإعلامية، للولوج في عالم الأسرة الإعلامية الدولية، بشكل يضمن التدفق الحر للمعلومات، ويدعم حرية الإعلام في تلك الدول.
وتظل اليونسكو، منظمة الحكومات الرئيسية في العالم، التي يمكن أن تسهم بدور فعال في تهيئة أفضل الشروط لمتابعة الحوار الثقافي بين الثقافات والحضارات في القرن الحادي والعشرين، على ضوء ما تفرضه ثورة الاتصال والمعلوماتية، التي لابد وأن تؤدي في النهاية إلى مزيد من الكونية، التي قد تؤدي إلى نجاحات أكثر لدول الشمال المتطورة التي تحتكر اليوم أحدث وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في العالم، في فرض نوع من الهيمنة الحضارية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، ترجح الكفة لسيطرة نموذجها الثقافي والحضاري، وتجعل من الثقافات القومية، ثقافات مغلوبة على أمرها، لا طائل لها، ولا صوت لها للدفاع عن نفسها، وعن بقائها واستمرارها في الحياة على كوكب الأرض.

العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية)

كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي
معروف أن العلاقات في المجتمعات البدائية كانت تتسم بالمباشرة والبساطة، وأخذت تلك العلاقات بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي، وأدت التغييرات التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم، وخاصة مع نهاية ثمانينات القرن العشرين، إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال التي أتاحتها وسائل الاتصال الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية العلاقات العامة في العلاقات الدولية، وتعتبر العلاقات العامة حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات البشرية في العالم، عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة، وانطلاقاً من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية المختلفة، وقوة وتأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وللعلاقات العامة تعريفين أساسيين هما:
التعريف المهني المتخصص: ويقصد به إقامة علاقات حسنة داخل المؤسسات وخارجها، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال إبراز والاهتمام بالوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في مؤسسة أو منظمة حكومية كانت أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة؛ وتبلور هذا التعريف مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة مع بداية القرن العشرين، أمثال إيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل. وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت المتخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية، خلال الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. وساهمت تلك الجمعيات والمنظمات بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها. وفي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها، والعاملين في مجال العلاقات العامة، وجاء فيها أن: "العلاقات العامة: هي وظيفة الإدارة التي تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفهمه".
بينما اعتبر إيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، وتبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم.
أما إدوارد بيرنيز خبير العلاقات العامة الأمريكي، فيعتبر العلاقات العامة: محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية أو حركة أو مؤسسة، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف، أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها، مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر.
أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: نشاط أي صناعة أو إتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أي منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء والموظفين والمساهمين والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع.
وقدم معهد العلاقات العامة البريطاني، تعريف للعلاقات العامة بأنها: الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها.
بينما جاء تعريف جمعية العلاقات العامة الفرنسية، بأن العلاقات العامة هي: طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، اللذان يهدفان إلى إقامة علاقات من الثقة، والمحافظة عليها، وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة ذات الشخصية الاعتبارية، التي تمارس وظائف وأنشطة محددة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات.
أما جمعية العلاقات العامة الدولية، فقد توصلت إلى تعريف العلاقات العامة بأنها: وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة، التي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، إلى كسب التفاهم والتعاطف مع سياساتها وأنشطتها. وكسب المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل والمخطط.
والتعريف الاجتماعي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه د. محمد البادي، بأنه: الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، ويشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظاهر واستعدادات وتكوينات مادية لأن ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته، المعنوية على الجماهير، التي ترتبط مصالحها بها، وهذه التأثيرات هي التي تعطي لهذه العناصر طبيعتها، كأنشطة للعلاقات العامة، وهي أيضاً التي تعطي لاتجاه العلاقات العامة صفتها الاجتماعية. وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع وخدمات جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم، والمحافظة على البيئة، والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وعلمياً وحضارياً ومادياً.
وعرف كانفيلد العلاقات العامة، بأنها: الفلسفة الاجتماعية للإدارة، التي ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه.
أما نولت فقد عرف العلاقات العامة، بأنها: مسؤولية الإدارة التي تهدف إلى تكييف المنظمة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تماماً، كما تهدف إلى تكييف البيئة المحيطة لخدمة المنظمة لتحقيق مصلحة الطرفين.
وهو ما يظهر بوضوح في أن الربط بين المجتمع والسياسة والاقتصاد وإعطاء الأولية للاقتصاد كان ولم يزل في موقع الأهمية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن.
ومما سبق نستطيع استنتاج أن دور خبير العلاقات العامة ينحصر في: إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛ وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي. وأن دور العلاقات العامة ينحصر في:
- تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛
- ووضع السياسات الملائمة لها؛ والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛
- وخلق رأي عام مؤيد للمؤسسة، لدى الجمهور؛
- وإنشاء مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛
- وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛
- وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة.
ويشمل نشاط العلاقات العامة اليوم:
في المجال الحكومي:
- التوعية والإرشاد والإعلام، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، للوصول إلى مساندة الجماهير لها، ومشاركتهم المعنوية والمادية في البرامج التنموية الشاملة التي تخطط لها الحكومة؛
- وكسب الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛
- والتعرف على توجهات الرأي العام، وتقييم الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛
- والعمل على دحض الشائعات، والتصدي للحملات الإعلامية المضادة، وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛
- والاهتمام بشؤون الموظفين الحكوميين.
وفي مجال المنظمات والهيئات الحكومية:
- التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الهدف المطلوب؛
- ودراسة مواقف الرأي العام، ونقل رغبات ومطالب الجماهير العريضة للمسؤولين فيها، تمهيداً لإيجاد الحلول لها، وتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛
- والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المنظمات والهيئات الحكومية؛
- والاتصال بالهيئات والمنظمات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها في الداخل والخارج؛
- وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة، عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛
- وتوثيق كل ما تنشره وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيري في الداخل والخارج؛
- وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة.
وهناك مجالات أخرى تشمل المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات المهنية والسياسية وغيرها، ولا تختلف من حيث نشاطات العلاقات العامة عما تم تفصيله أعلاه.
ومن الملاحظ اليوم أن العلاقات العامة في القارة الأوروبية تستخدم كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب القارة الأوروبية. لأنه من المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية فيها، وتوجهت تلك الدولة نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالعلاقات العامة، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام، يطلق عليها تسمية "أقسام العلاقات العامة". وقد تطورت العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من دول العالم، تطوراً خاصاً لمفهوم العلاقات العامة. لتصبح ممارسة العلاقات العامة ذات مفهوم دولي يمارس فعلاً في العلاقات الدولية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً: تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي تم إنشاؤها في عام 1953، مسؤولية العلاقات العامة الدولية، وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر تلك السياسة، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة من خلال مجلس الأمن القومي.
وفي بريطانيا أسس عام 1948 المعهد البريطاني للعلاقات العامة، بهدف تجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة وصب الاهتمام على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية. هذا ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في دول العالم، وظيفة العلاقات العامة الدولية من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية.
وتطورت العلاقات العامة في فرنسا كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955، بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية.
وتزايد الاهتمام بالعلاقات العامة في إيطاليا إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة.
وظهر الاهتمام بالعلاقات العامة في بلجيكا مع تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953 لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا.
وتضطلع الهيئة العامة للاستعلامات في مصر وهي هيئة حكومية تابعة لوزارة الإعلام المصرية بدورها "كجهاز للإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة"، ومنذ إنشائها عام 1954 قامت الهيئة العامة للاستعلامات بأدوار عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وفى الوقت الراهن تقوم الهيئة بعدد من المهام الأساسية منها:
- توفير التسهيلات للصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر لأداء عملهم على أفضل مستوى ممكن لنقل صورة حقيقية عما يجرى في مصر إلى العالم؛
- وتقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم. وكذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية في العديد من العواصم والمدن الكبرى؛
- وتوفير مصدر للمعلومات الدقيقة والصحيحة والحديثة عن مصر في مختلف المجالات كالتاريخ والحقائق الأساسية عن النظام السياسي والسياسة الخارجية والثقافية والمجتمع والفنون والاقتصاد والسياحة وغيرها، وإتاحتها عبر موقع الهيئة على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانجليزية لكل من يحتاج إليها في كل مكان من العالم، كما تصدر مطبوعات عن هذه الموضوعات باللغات المختلفة؛
- وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضية زيادة السكان وقضايا البيئة) وبالقضايا المحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي؛
- كما توفر الهيئة مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومة صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام.
وللهيئة مقر يقع في ضاحية مدينة نصر بالعاصمة القاهرة، إضافة إلى مراكز الإعلام الداخلي التي تتبعها في جميع محافظات مصر ويعمل بالهيئة عدد كبير من الإعلاميين والفنيين والإداريين المدربين على استخدام تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة في أداء مهامهم.
أما في أوزبكستان فقد بدأ الاهتمام الجدي بالعلاقات العامة الدولية بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء JAHON التابعة لوزارة الخارجية:
- لتوزيع الأخبار الإيجابية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان؛
- وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية؛
- وتسريع عملية دخول الجمهورية إلى الساحة الإعلامية الدولية؛
وجمع وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية عن:
- الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها في الدول الأجنبية؛
- واحتياجات السوق العالمية؛
- ونشاطات المنظمات الدولية؛
- وكبريات المؤسسات والشركات الأجنبية المهتمة بالتعاون مع جمهورية أوزبكستان.
وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الإعلامي في ديوان رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العام بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية، عبر شبكة الإنترنيت.
ومع انتشار مفهوم العلاقات العامة في العالم سارعت مؤسسات التعليم العالي في مختلف دول العالم لافتتاح أقسام العلاقات العامة في معاهدها وكلياتها المتخصصة، وتدريس هذه المادة للدارسين فيها.
وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية والصحافة والمطبوعات والخدمات العامة، التي تعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف المنظمة. كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم العلاقات العامة الدولية من خلال الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل … الخ. وتوزع الأفلام وبرامج الإذاعتين المسموعة والمرئية والمطبوعات، وتدلي بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق تفهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة.
وزاد دخول شبكات الكمبيوتر العالمية، عالم الاتصال المعاصر من دور العلاقات العامة الدولية، وزاد من اهتمام الشركات متعددة الجنسية بالعلاقات العامة الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين، وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي، وتساعد العلاقات العامة وسائل الإعلام الجماهيرية في الحصول على المعلومات والمواد الإعلامية، مما يزيد من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزيون، والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الإنترنيت، خير مثال على تحول العالم في المجال الإعلامي بالفعل إلى قرية كونية، والعلاقات العامة الدولية كوظيفة لم تستثنى من وظائف السلك الدبلوماسي، وأصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، وفق ما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم.

الإعلان كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي
يعتمد الإعلان الدولي على أسس يسعى من خلالها إلى خلق المناخ الملائم لترويج السلع والبضائع والخدمات أو الأفكار، ومهمته الأولى الوصول إلى الأسواق الخارجية والجمهور الإعلامي الأجنبي، ولكن يجب التنويه إلى أن أساليب الإعلان المحلي تختلف تماماً عن أساليب الإعلان الدولي، بسبب تباين خصائص مستقبل الرسالة الإعلانية في الخارج عنها في الداخل، ويجب أن يراعي الإعلان الدولي بدقة الخصائص المحلية لكل منطقة جغرافية وثقافية يتوجه إليها في العالم، بحيث لا يتعرض بالسوء لمشاعر ومقدسات أي شعب من شعوب العالم، سواء في النصوص أم في الصور الإعلانية، ويجب مراعاة المعاني التي ترمز إليها الألوان عند شعوب العالم المختلفة، فاللون الأبيض هو لون الحداد، واللون الأزرق هو رمز لقلة السعادة لدى الصينيين. واللون الأسود هو لون الحداد لدى شعوب الشرق الأوسط، واللون الأحمر هو رمز السعادة لدى شعوب القارة الإفريقية والشرقين الأدنى والأوسط. كما ويجب تجنب استخدام الرموز الدينية المقدسة لمختلف الأديان في الإعلان الدولي، كالهلال لدى المسلمين، والصليب المقدس لدى المسيحيين، ونجمة داوود السداسية لدى اليهود، والبقرة المقدسة لدى الهندوس، وغيرها من الرموز الدينية المقدسة لدى شعوب العالم، كي لا ينقلب الإعلان الدولي رأساً على عقب، ويأتي بنتائج عكسية غير الأهداف التي صدر من أجلها.
ويجب التنويه أيضاً إلى ضرورة الانتباه إلى الخصائص اللغوية عند ترجمة النصوص الإعلانية الدولية، من لغة إلى أخرى. وقدر الإمكان محاولة أن يتضمن النص المترجم، نفس المعاني التي يحملها النص الأصلي، حتى ولو تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات على كلمات النص الأصلي، من أجل مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية لكل شعب من شعوب العالم، كما هي الحال مثلاً للناطقين بالإنجليزية التي تختلف عنها في بريطانيا وأمريكا وأستراليا، والعامية السائدة في كل منطقة من مناطق انتشار اللغة الإنجليزية.
والإعلان الدولي ظهر في البداية على صفحات الصحف والمجلات المنتشرة دولياً، خدمة للمنتجين والتجار وأصحاب المهن الذين أرادوا من خلال إعلاناتهم في الصحف والمجلات اختصار الطريق إلى المستهلكين والأسواق التجارية في العالم. وتطور استخدام الإعلان الدولي فيما بعد ليشمل الإعلان على شاشات السينما، ومن خلال البرامج الإعلانية عبر القنوات الإذاعية المسموعة والمرئية. وبالتدريج أصبحت المعارض والأسواق التجارية من أهم منابر الإعلان الدولي لأنها أفسحت المجال واسعاً ليس أمام الإعلان فقط، بل ووفرت الفرصة ليلتقي من خلالها المنتج والمستهلك وجهاً لوجه حول نماذج من السلع المنتجة أو الخدمات المعروضة أمام المستهلك. وهو الدور الذي تلعبه اليوم أيضاً شبكات الكمبيوتر الدولية التي ألغت المسافات الجغرافية والزمنية التي تفصل بين المعلن والمستهلك.
وشهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين، تطوراً ملحوظاً في مجال الإعلان الدولي وأساليبه، عندما أصبح يستخدم قنوات الاتصال الحديثة، وشبكات الكمبيوتر العالمية، التي وفرت الفرصة الذهبية للمعلن والمستهلك لإجراء الحوار بينهما عن بعد، وعقد الصفقات التجارية، وإبرام العقود ومتابعة تنفيذها خلال دقائق فقط، بعد أن كانت في السابق تتطلب فترة زمنية طويلة ومشقة وعناء، وهذا بدوره ساعد على تطوير أساليب وطرق الإعلان الدولي وزاد من فاعليته، ولم يقف التطور الهائل لوسائل الاتصال الجماهيرية عند هذا الحد، بل ساعد على انتشار الثقافات المختلفة، وتقريبها من بعضها البعض، من خلال الحوار الثقافي العالمي المفتوح عبر وسائل الاتصال والإعلام الدولية الحديثة مما ساعد على خلق قيم إنسانية مشتركة بين مختلف الشعوب، رافقتها عادات استهلاكية مشتركة، سهلت للإعلان الطريق للوصول إلى أهدافه المرجوة، وأدخلت أفكاراً قريبة يمكن ترجمتها بسهولة ويسر من لغة إلى أخرى دون صعوبة تذكر.
ومع ذلك فلم تزل الحاجة ماسة وملحة لمتابعة دراسة تأثير الإعلان الدولي، والتخطيط له من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف حماية الثقافات الوطنية في الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة من احتواء ثقافات الدول المتطورة والغنية لها، وبالتالي اندثار ثقافة الدول الضعيفة إلى اللاعودة. ومن أجل حماية الأجيال الصاعدة من الانحراف عن الخط القويم للمجتمع الذين ينتمون إليه، وحماية المستهلكين بصورة عامة من الإعلانات المنحرفة والمضللة، وتوخي الدقة عند اختيار وكالات الإعلان الدولية، وتسجيلها في المنظمات الحكومية الدولية، وإلزامها بمراعاة الخصائص الثقافية المحلية للمناطق التي يتوجه إليها الإعلان الدولي. ولابد من أن تتحمل الحكومات، والمنظمات الدولية، ووكالات الإعلان الدولية، المسؤولية الإنسانية بصورة مشتركة، أمام البشرية جمعاء، لأن المعلن لا يهمه سوى: تسويق أفكاره وتصريف بضاعته أو خدماته؛ والتأثير على منافسيه في السوق الاستهلاكية الدولية. ولهذا نعتقد أن للدراسات الدقيقة لمشاكل الإعلان الدولي فائدة للجميع، دون أن تقتصر الفائدة على المعلن ووكالة الإعلان فقط. خاصة في العصر الراهن، عصر العولمة، بعد أن أصبح للمستهلك دوراً يلعبه ويضغط من خلاله عبر وسائل الاتصال الحديثة على المنتج، والمعلن، ووكالة الإعلان، وحتى على وسائل الاتصال الناقلة لمضمون الإعلان الدولي. ويدخل ضمن هذا الإطار التخطيط السليم للإعلان والحملات الإعلامية الدولية.

العولمة والتبادل الإعلامي الدولي
العولمة تحمل معنى "جعل الشيء على مستوى عالمي، أي نقله من حيز المحدود إلى آفاق اللامحدود. واللامحدود هنا يعني العالم كله، فيكون إطار الحركة والتعامل والتبادل والتفاعل على اختلاف صوره السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، متجاوزاً الحدود السياسية والجغرافية المعروفة لدول العالم، ومن هذا المعنى تطرح العولمة ضمناً موضوع مستقبل الدولة القومية وحدود سيادتها، ودورها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي".
بينما عرف المفهوم الأمريكي العولمة بـ"تعميم نمط من الأنماط الفكرية والسياسية والاقتصادية لجماعة معينة، أو نطاق معين، أو أمة معينة على الجميع، أو العالم كله". وبما أن العولمة بدأت أساساً من الولايات المتحدة الأمريكية، فقد جاءت نظرياً كدعوة لتبني النموذج الأمريكي في الاقتصاد والسياسة والثقافة وبالتالي طريقة الحياة بشكل عام.
وجاءت العولمة أساساً كنتاج للثورة العلمية والتكنولوجية، التي كانت في العصر الحاضر بمثابة نقلة نوعية في تطور الرأسمالية العالمية، في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية التي ظهرت مع منتصف القرن 18 في أوروبا، نتيجة لاستخدام الطاقة، التي غيرت بشكل جذري أسلوب وعلاقات الإنتاج، لتبدأ معها مرحلة جديدة من مراحل التطور الإنساني، اتصف بالتوسع الاقتصادي، والبحث عن الموارد الطبيعية، وفتح الأسواق العالمية.
وكانت من مسببات ظهور الاستعمار التقليدي، وقيام الحروب الأوروبية لتلبية حاجات الرأسمالية الصاعدة. ومما سارع في شيوع العولمة استمرار التطور العلمي والتكنولوجي، وما رافقه من تطور هائل لوسائل الاتصال وجمع ونقل المعلومات الحديثة، التي شكلت بدورها تجديداً لنمط وطبيعة الإنتاج والتفاعلات والتعاملات الدولية.
ولم تعد الحروب وسيلة لحسم الخلافات بين الدول الرأسمالية، بل أصبحت الحاجة ملحة لتوحيد أسواق الدول الصناعية المتقدمة من خلال سوق عالمية واحدة، أي ضرورة تجاوز الحدود الجغرافية والسياسية القومية المعروفة، وإعادة توزيع الدخل، والعمل على رفع المستوى المعيشي للإنسان ليمكن معه توسيع سوق الدول الصناعية المتقدمة، لاستيعاب المنتجات الحديثة، أي خلق "مجتمع استهلاكي كبير".
وشكلت هذه السمات نقطة التحول من الرأسمالية القومية إلى الرأسمالية العابرة للقوميات، التي ارتبط فيها ظهور مفهوم العولمة الذي عبر عن ظاهرة اتساع مجال الإنتاج والتجارة، ليشمل السوق العالمية بأسرها. وتجاوز الفاعلية الاقتصادية التي كانت لمالكي رؤوس الأموال، من تجار وصناعيين، كانت تصرفاتهم محكومة في السابق بحدود الدولة القومية التي ينتمون إليها، لتصبح الفاعلية الاقتصادية مرهونة بالمجموعات المالية والصناعية الحرة، المدعومة من دولها، عبر الشركات متعددة الجنسيات، وهكذا لم تعد الدولة القومية هي المحرك الرئيسي للفاعلية الاقتصادية على المستوى العالمي، بل حل مكانها القطاع الخاص بالدرجة الأولى في مجالات الإنتاج والتسويق والمنافسة العالمية.
والعولمة ليست نظاماً اقتصادياً فقط، بل تعدته إلى كافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والعلمية والإعلامية، لأن النمو الاقتصادي الرأسمالي العالمي استلزم وجود أسواق حرة، ووجود أنظمة سياسية من شكل معين لإدارة الحكم. كما وتعددت مراكز القوة الاقتصادية العالمية في الرأسمالية العالمية الحديثة، وتعددت معها مراكز القوة السياسية، حتى أنها خلقت بدائل وتعددية في القوى على مستوى السلطة، وهو ما دعم إمكانيات التطور الديمقراطي بكل شروطه، من عدم احتكار السلطة، وتداولها، وتعدد وتنوع مراكز القوى والنفوذ في المجتمع، ومنع تركيز الثروة في يد الدولة وحدها، محققاً نوعاً من اللامركزية في الإدارة.
ومما ساعد على الانتشار السريع للعولمة انتصار الرأسمالية على الأنظمة الأخرى، من نازية وفاشية وشيوعية وانهيار الإتحاد السوفييتي السابق، لتحل محله جمهوريات مستقلة، وسقوط النظم الشمولية في أوروبا الشرقية، وتحول الأنظمة الجديدة في تلك الدول نحو أشكال ديمقراطية للحكم ارتبط جوهرها بالتطور الديمقراطي والنمط الرأسمالي، الذي يعتمد على الديمقراطية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأتاح الاتصال المباشر عبر القارات من خلال شبكات الاتصال العالمية ومحطات الإذاعة المسموعة والمرئية عبر الأقمار الصناعية في الفضاء الكوني، فرصة لإبراز ملامح العولمة التي أصبحت ملموسة حتى من قبل الأشخاص العاديين في أي مكان في العالم. ومن المنتظر أن يتيح هذا التطور الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة، إمكانية زيادة التواصل الثقافي بين شعوب العالم، ويساعد على إيجاد آمال وأهداف ومصالح مشتركة تتجاوز المصالح القومية ولا تتناقض معها، ولكن العديد من الحكومات أثارت مخاوف وشكوك سياسية كثيرة، يمكن أن تنجم عن بث بعض الدول برامج معادية لأنظمة الحكم، وأفكاراً وأيديولوجيات تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي داخل دول أخرى يستهدفها البث الإذاعي المسموع والمرئي. كما وعبرت بعض القوى السياسية والاجتماعية المؤثرة في العديد من دول العالم عن خشيتها من النظام الإعلامي المفتوح الذي قد يهدد ثقافات وتقاليد وعادات ومقدسات الشعوب المغلوبة على أمرها.
وإذا كانت العولمة ترتبط بسيادة نموذج اقتصاد السوق، فإن هذا النموذج بدوره يثير قضية العلاقة بالدولة ودورها، ولا يبرر الانتقال إلى اقتصاد السوق أبداً اختفاء دور الدولة، وكل ما هنالك سيؤدي إلى تغيير محدود لهذا الدور. ومعظم من كتب في أهمية نظام السوق، كان يقرن ذلك دائماً بضرورة وجود دولة قوية، من دونها لا تستطيع أن تقوم السوق بدورها، ومن هنا ليس هناك مجالاً للحديث عن محاولة إلغاء أو تقليص دور الدولة، بل بالعكس لابد من التأكيد على هذا الدور وأهميته وضرورته، مع تعديل هذا الدور ليتوافق ونظام السوق.
فالولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر دولة رأسمالية في العالم، تتدخل في الحياة الاقتصادية، وتحدد شروط النشاطات الاقتصادية، والسياسات النقدية والمالية والتجارية، والفارق المهم بين النظم المركزية، ونظم السوق، هو أن الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية باعتبارها سلطة، وليس باعتبارها منتجاً. لأن سلطة الدولة لا غنى عنها ولا تتناقض مع تطور الحياة الاقتصادية. والاقتصاد الحر لا يعني أبداً غياب الدولة عن النظام الاقتصادي والفرق بين النظام الليبرالي ونظام التخطيط المركزي، ليس في مبدأ التدخل ولكن في مضمونه، ففي ظل التخطيط المركزي تقوم الدولة بالإنتاج المباشر للسلع والخدمات، وتسيطر على النشاط الاقتصادي، عن طريق القطاع العام. أما في ظل الاقتصاد الحر، فإن الدولة تترك الإنتاج المباشر للسلع والخدمات للأفراد والمشروعات الخاصة، أي تحقيق التكامل بين دور الدولة ودور القطاع الخاص، ويكون تدخلها في سير الحياة الاقتصادية، بوسائل أخرى أكثر فعالية، من حيث الكفاءة الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال المحافظة على مستويات عالية لنمو الناتج الوطني. والقيام بتوفير الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة، والقضاء، والأمن، والدفاع، ويدخل فيها قيام الدولة بمشروعات البنية الأساسية.
ومبدأ الحرية الاقتصادية لا يعني أبداً إهمال مبدأ العدالة الاجتماعية، فالبلاد التي أخذت بهذا المبدأ، هي في مقدمة بلاد العالم من حيث الاهتمام بالفقراء، وتحقيق العدالة في التوزيع، وتوفير شبكة الأمان لكل المواطنين، ضد المخاطر الاجتماعية بما في ذلك البطالة والعجز والشيخوخة، وغيرها من الأمراض الاجتماعية. وهناك علاقة وثيقة بين الكفاءة في الأداء الاقتصادي وبين شروط العدالة. ذلك أن الكفاءة تعني نمو الاقتصاد الوطني بمعدلات عالية، وتعاظم طاقة النظام الاقتصادي لتوفير فرص العمل المنتج لكل القادرين عليه، التي هي من المقومات الأساسية للعدالة الاجتماعية. والدور الجديد هذا للدولة يؤهلها للتكيف مع المتغيرات العالمية الجديدة، دون انتقاص لسيادتها، في ظل انتشار مفهوم العولمة، وشروط النظام العالمي الجديد. الذي يقوم على مبدأ الاعتماد المتبادل بين دول وشعوب العالم.
والاندماج الإيجابي والواعي في النظام العالمي الجديد. انطلاقاً من حقائق أن العولمة ليست ظاهرة بلا جذور، بل هي ظاهرة تاريخية وموضوعية نتجت عن التطور الهائل لتكنولوجيا وسائل الاتصال وجمع ونقل المعلومات، والطبيعة التوسعية للإنتاج الرأسمالي. ولا يجوز البقاء خارجها، ويجب اللحاق بما يجري في العالم، والتعامل معه بوعي ووفق قواعد محددة تجنباً للبقاء خارج إطار التاريخ.
والنظام الاقتصادي الجديد جاء نتيجة لإنجازات كبرى في تاريخ تطور البشرية على كافة المستويات العلمية والثقافية والاقتصادية والتقنية والسياسية والفكرية، ويمثل نقطة جذرية مختلفة تماماً عن كل ما سبقتها من نظم. وأن الحضارة العالمية الحديثة قامت على أنقاض حضارات القرون الوسطى وثقافاتها، وفصلت الدين عن سلطة الدولة. وزودت الفكر البشري برؤية عقلانية تاريخية تنويرية، بتوجه ديمقراطي يقوم على أساس احترام الرأي والرأي الآخر، والتعددية، وحرية التعبير، وتكريس مبادئ حقوق الإنسان التي لا تعرف الحدود الجغرافية أو السياسية. وفرضت العولمة على الدول الأقل تقدماً واجب القيام بمزيد من خطوات التحديث الشامل الذي لا تمكن دون الدور الفاعل للدولة الذي تضطلع به من خلال الترشيد والأداء الاقتصادي، وتنظيم تفاعلات السوق.

التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية
يعد العمل الدبلوماسي من الوسائل الأساسية لتنفيذ السياسات الخارجية للدول. ومن مهام وزارات الخارجية، مزاولة الوظيفة الدبلوماسية، من خلال إداراتها المركزية، وهي الإدارات:
- الجغرافية: كإدارات غرب وشرق أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط … الخ، والوظيفية: كالاقتصادية، والإعلامية … الخ؛
- والإدارية: كالشؤون القنصلية، والبعثات الدبلوماسية … الخ.
وتزود السفارات والقنصليات في الخارج عادة بمستشارين أو ملحقين في الشؤون الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية، والإعلامية، يشرف عليهم رئيس البعثة الدبلوماسية (السفير)، ولكنهم يتبعون الجهة الرسمية التي أوفدتهم في الدولة المعنية. وكانت الدبلوماسية في السابق سرية إلى أن تحولت إلى دبلوماسية مفتوحة وعلنية أكثر، بعد الأحداث الهامة في تاريخ العمل الدبلوماسي التي أقدمت عليها السلطة البلشفية بعد استيلائها على السلطة في الإمبراطورية الروسية عام 1917، وكشفها للالتزامات السرية لروسيا القيصرية أمام المجتمع الدولي. وإعلان الرئيس الأمريكي ويلسون لمبادئه الأربعة عشر عام 1918، وقيام عصبة الأمم بمطالبة الدول الأعضاء فيها بتسجيل معاهداتها والتزاماتها الدولية لتقوم عصبة الأمم بعد ذلك بتوثيقها، وهو الدور الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، إثر الحرب العالمية الثانية، وتنشر المعاهدات والالتزامات ضمن إطار الدبلوماسية المفتوحة.
ورغم ذلك فهناك جوانب كثيرة من ممارسات العمل الدبلوماسي، لم تزل تحمل طابع السرية، كالمفاوضات الخاصة بالمعاهدات، والاتفاقيات، واتفاق الأطراف المعنية على بعض البنود السرية، تمشياً مع ضرورات الأمن القومي، والمصلحة القومية العليا، وضرورات السياسة الخارجية لتلك الدول.
وينقسم العمل الدبلوماسي إلى:
الدبلوماسية التقليدية: التي تتم من خلال المحادثات الثنائية التي تجري بين طرفين، ولم تزل متبعة حتى الآن؛
ودبلوماسية المؤتمرات: وهي الدبلوماسية الجماعية التي تمارس من خلال المؤتمرات الدولية، وتشمل كل الجوانب السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والمهنية، والعلمية، والثقافية… الخ.
وتحتم الدبلوماسية الجماعية أن يكون المندوب المشارك، على إطلاع ودراية بموضوع أو موضوعات المؤتمر، وأن يتمتع بقدرات إعلامية من خلال ما يدلي به داخل المؤتمر، أو خارجه من تصريحات لوسائل الإعلام الجماهيرية؛
والدبلوماسية البرلمانية: وهي دبلوماسية المنظمات الدولية، ويتم ممارستها من خلال إلقاء البيانات، والمناورات الدبلوماسية، والاتصالات من وراء الكواليس. وهنا يظهر واضحاً الدور القوي الذي تلعبه التكتلات السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية. كما ويؤثر النظام الدولي على العمل الدبلوماسي، في إدارة الصراعات بين الدول والسياسات الخارجية المتعلقة بها، والمواقف السياسية المتعددة في العلاقات الدولية، وخير مثال على ذلك: الدبلوماسية التي تدور في إطار منظمة الأمم المتحدة؛
ودبلوماسية القمة: وهي سمة أساسية من سمات العصر الراهن، وتتميز بالسرعة في اتخاذ القرارات الهامة، بعد التطور الهائل الذي شمل وسائل الاتصال والمواصلات، وأثر بدوره على العمل الدبلوماسي الذي كان في السابق يعتمد على الدبلوماسي نفسه، ليتحول إلى تنفيذ تعليمات دولته في أكثر الأحيان. وأصبح المعتاد اليوم أن يجتمع رؤساء الدول والحكومات لبحث الأمور الهامة. يسبقها العمل الدبلوماسي الذي يمهد لتلك اللقاءات، والأشكال الأخرى للعمل الدبلوماسي الذي يؤمن استمرارية العمل الدبلوماسي، كالدبلوماسية الثقافية والاقتصادية … الخ؛
والدبلوماسية الشعبية: وتدخل في إطارها العلاقات العامة الدولية، والدبلوماسية الإعلامية، ودبلوماسية المنظمات المهنية والشعبية والمؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الاتصالات المباشرة التي تتم مع مثيلاتها في مختلف دول العالم. وتسعى الدبلوماسية الشعبية دائماً لخدمة أهداف الدولة وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية.
ومما ذكر نستنتج أن العمل الدبلوماسي هو وسيلة هامة لتنفيذ مهام محددة للسياسة الخارجية للدولة، وهي إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض، كما وتعرف بفن التفاوض من أجل تحقيق الحد الأقصى للأهداف بالحد الأدنى من النفقات، لحل مشاكل تناقض النظم السياسية أو الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى نشوء نزاعات قد تؤدي إلى اندلاع حرب.
ولو افترضنا بأنه هناك دبلوماسية إعلامية بحد ذاتها، فإننا نستطيع القول بأن تطور وظيفة العمل الدبلوماسي، قد جعل الدبلوماسي يقوم بمهام إعلامية من خلال إلقاء البيانات، وإطلاق التصريحات، ونشر الأخبار، وإجراء الاتصالات، وإقامة علاقات مع صانعي القرار السياسي، والصفوة الاجتماعية وقادة الرأي.
وعملية الاتصال بالجماهير أصبحت اليوم من المهام المرتبطة بالعمل الدبلوماسي، وهكذا نرى أن العمل الدبلوماسي أصبح مرتبطاً بالعمل الإعلامي، وهذا يفسر الأسباب التي دعت بعض فروع العلوم السياسية لاعتبار الاتصال والإعلام، والعلاقات العامة الدولية فرعاً من الفروع الدراسية التي يتحتم على الطالب دراستها، حتى أن مظاهر العمل الدبلوماسي خلال القرن العشرين اتخذت منحى الرغبة في نشر ثقافة الدولة التي يمثلها الدبلوماسي، بالإضافة لممارسته الوظيفة الإعلامية الدولية.

المستشارون والملحقون الإعلاميون
بعد التطور الكبير الذي شمل مهام عمل البعثات الدبلوماسية المعتمدة منذ القرن العشرين وتزويدها بالمستشارين والملحقين التجاريين والثقافيين والعسكريين وغيرهم، تمشياً مع وزن الدول التي يمثلونها، والرغبة بزيادة عدد أعضاء البعثة الدبلوماسية العاملة في الخارج بمختلف التخصصات لرعاية مصالحها في الدول المعتمدة فيها، وتنفيذ المهام المطلوبة منها ضمن إطار سياستها الخارجية، بدأت بعض الدول بتعيين مستشارين وملحقين إعلاميين، ضمن بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج. ونرى أن المستشارون والملحقون الإعلاميون، يمارسون الوظيفة الإعلامية الدولية، أو وظيفة التبادل الإعلامي الدولي من خلال الاتصال بالجماعات المؤثرة في الدول المعتمدين لديها، كالمسؤولين في الدولة، وأعضاء البرلمان، والأحزاب السياسية، وجماعات الضغط،، وقادة الرأي وغيرهم من القوى المؤثرة في صناعة القرارات السياسية بشكل عام.
كما ويمارس المستشارون والملحقون الإعلاميون وظيفة الاتصال الجماهيري من خلال وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، عن طريق كتابة المقالات ومتابعة والرد على ما تنشره وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، وإلقاء المحاضرات، وعقد المؤتمرات الصحفية، والمشاركة في برامج الإذاعتين المسموعة والمرئية، وإصدار المطبوعات، وإقامة المعارض الإعلامية والاقتصادية، والأسابيع الثقافية والفنية والسياحية، وتشجيع السياحة، وتبادل الوفود الإطلاعية … الخ. ويخطرون دولهم بأوجه نشاطاتهم الإعلامية، وعن تطور الإعلام المضاد واقتراح طرق مواجهته، والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواقف الرأي العام الرسمي والشعبي في الدولة المعتمدين فيها وغيرها من القضايا التي تهم دولهم.
ولكن من الملاحظ أن الدول المستقلة حديثاً، والدول الأقل تطوراً، والدول النامية والفقيرة تعاني من انخفاض في مستوى كفاءة مستشاريها وملحقيها الإعلاميين، ومن اختيارهم في أكثر الأحيان انطلاقاً من اعتبارات أخرى خاصة بتلك الدول، خارجة عن إطار الكفاءة المطلوبة للوظيفة التي اختيروا من أجلها. ولهذا نعتقد بأن تلك الدول بحاجة دائماً لتطوير أجهزتها وكوادرها الإعلامية لتتماشى مع احتياجات العمل المطلوب في عصر تكنولوجيا الاتصال والإعلام المتطورة، وفي هذا المجال يمكن أن تسهم المنظمات الدولية والدول المتقدمة في العالم، بتقديم المساعدة لتلك الدول للولوج في عملية الحوار الثقافي العالمي الجاري بين الحضارات في عصرنا الراهن.
ويخضع الملحقون الإعلاميون في الوقت ذاته لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الدول المعتمدين لديها.
ومن الخبرة العالمية لوظيفة المستشار أو الملحق الصحفي في البعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج للولايات المتحدة الأمريكية، التابعين لوحدة خدمات الإعلام الأمريكية، وهي الجهة المسؤولة عن العمل الإعلامي الأمريكي في الخارج، وتتبع وكالة الاستعلامات الأمريكية، ويخضعون في نفس الوقت لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة في الخارج، ويشرفون على مراكز الإعلام التي تتوفر فيها المواد الإعلامية عن الولايات المتحدة الأمريكية اللازمة للإطلاع عليها في الدول الأجنبية.
وقد تطور الإعلام الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد موافقة الرئيس السابق جيمي كارتر، على إنشاء وكالة جديدة للإعلام الدولي لتحل مكان وحدة خدمات الإعلام الأمريكية، ومارست الوكالة الجديدة مهامها الإعلامية رسمياً في 1/4/1978، ومهمتها العمل على زيادة التفاهم بين شعوب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى في العالم، وتوضيح معالم المجتمع الأمريكي، وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الثقافي والحريات الفردية، وتوضيح صورة العالم للولايات المتحدة الأمريكية بغية إثراء الثقافة الأمريكية، وتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من تفهم القضايا العالمية والتفاعل معها بشكل فعال.
بينما يتبع ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في الخارج لوزارة الشؤون الخارجية والكومنولث، ويركزون في عملهم على إقامة علاقات شخصية مع كبار المحررين والصحفيين وغيرهم من رجال الإعلام. وفي هذا الصدد قال السير هارولد بيلي السفير السابق في الخارجية البريطانية: "أنه لحد معين، فإن هذا يبين العودة للمفهوم التقليدي للملحق الصحفي، الذي يعمل بشكل وثيق مع القسم السياسي لسفارته… ويهتم بتوثيق العلاقات مع الصحف". بينما حددت لجنة بلودين البريطانية عام 1964 مواصفات الملحق الصحفي، من حيث المستوى السياسي، بالمواصفات الفنية من الدرجة الأولى، وأن الملحق الصحفي يحتاج بالدرجة الأولى للتعاون الوثيق مع زملائه في البعثة الدبلوماسية في الشؤون السياسية والتجارية، وتقدير ما يحاولون القيام به، كعضو في السفارة، وأن حصوله على موافقة رؤسائه وزملائه في السفارة سيزيد من وزنه وتأثيره في العمل. ومع ذلك فهو يحتاج إلى قدر كبير من المواد الإعلامية التي تساعده على أداء وظيفته الإعلامية، والتي يمده بها المكتب المركزي للإعلام في لندن وهو مؤسسة مهنية تتولى تزويد الإدارات الحكومية في داخل بريطانيا وخارجها بالمواد الإعلامية.
ومن بين الدول التي عملت على تدعيم بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، بالملحقين الإعلاميين، جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها عام 1991، وأحدثت لذلك وكالة أنباء JAHON التابعة لوزارة الخارجية، ويتبع لها المستشارون والملحقون الإعلاميون المعتمدون في الخارج، ويتلقون تعليماتهم منها، ويرسلون تقاريرهم الإعلامية لها، عن أوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الرأي العام في الدول المعتمدين لديها، في القضايا التي تهم أوزبكستان، والتي كثيراً ما ينشر بعضها في وسائل الإعلام الجماهيرية الأوزبكستانية.
وفي الختام نرى أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية قد عززت وجودها على ساحة الدبلوماسية الشعبية وتعمل إلى جانب الدبلوماسية الرسمية لتنفيذ المهام المنوطة بها ضمن السياسة الخارجية للدولة في عصر العولمة والانفتاح وأصبح لها دوراً لا يستهان به في إطار التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية المعاصر.
التبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القوميتنحصر وظائف الدولة بشكل عام بثلاث وظائف رئيسية، هي:
- حماية الاستقلال الوطني؛
- وتأكيد سيادة الدولة؛
- وحفظ الأمن الداخلي، بمفهومه الواسع، بما يتضمنه من وجود سلطات شرعية، تعمل على تحقيق الحياة الأفضل، أو تحقيق الرفاهية، وإشباع رغبات الأفراد في كافة المجالات.
وتسعى الدولة لتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الخطط تتعلق كل منها بتحقيق أحد تلك الأهداف، وتحاول أيضاً إحداث التوازن والتكامل بين هذه الأهداف، من خلال إستراتيجية واحدة تضعها في محاولة لأن يكون هناك تناسق، بين تلك الأهداف وبين متطلبات تحقيقها على المستويين الداخلي والخارجي، ويطلق على هذه السياسة تسمية سياسة الأمن القومي وتهدف بشكل عام لدعم قوة الدولة في مواجهة غيرها من الدول بما يمكنها من المحافظة على استقلال كيانها الوطني ووحدة أراضيها، ولا تختلف الدول مهما تباعدت مصالحها في فهم وتطبيق الوظيفتين الأولى والثانية، ولكن عندما نأتي إلى الوظيفة الثالثة، أي تحقيق الحياة الأفضل لمواطنيها، تظهر لنا الخلافات الناتجة عن تباين الأنظمة والمصالح. وكان هذا الخلاف أكثر وضوحاً بين الدول الآخذة بالأفكار الرأسمالية، وتلك التي أخذت بالأفكار الاشتراكية أو الشيوعية، قبل انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق. وتحاول الدولة من خلال سياسة الأمن القومي، الدفاع عن كيانها اعتماداً على قدراتها الذاتية في مواجهة ما قد يتهددها من أخطار، فتخصص من الموارد والإمكانيات ما يتناسب مع حجم وطبيعة هذه الأخطار، واضعة نصب أعينها، عجز الأمم المتحدة عن القيام بمسؤولياتها كاملة. وتأثير الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على كل تحرك تقوم به الأمم المتحدة.
ولذلك تحاول الدولة أن تقدر بطريقة موضوعية المخاطر التي تواجهها في الداخل، أو من الخارج، آخذة بعين الاعتبار ما لديها من مقدرات عسكرية واقتصادية وسياسية، وكيف يمكن استخدام هذه المقدرات استخداماً سليماً، حينما يتطلب الأمر استخدامها، وبعبارة أخرى كيف توازن بين مواردها والغايات التي ترجوها.
وسياسة الأمن القومي تتضمن كافة الإجراءات التي تراها الدولة كفيلة بحماية كيانها، وتحقيق أمنها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وتتولى عادة هيئات متخصصة داخل الدولة وضع تلك السياسات التي تشمل عادة ثلاثة مجالات رئيسية، وهي:
المجال السياسي: وينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، تشمل:
- السياسة الخارجية: إذ أدى تشابك المصالح بين الدول بفعل التقدم العلمي والتقني في مجالات النقل والاتصال، إلى إلغاء الحدود والمسافات بين الدول، وأصبح لكل دولة مجموعة من العلاقات المتنوعة مع العديد من دول العالم بمختلف توجهاتها الإيديولوجية. وقد تتراوح السياسة الخارجية للدولة مع غيرها من الدول، بين التعاون الكامل الذي يصل أحياناً إلى الوحدة، أو الإتحاد بمختلف أشكاله، وبين الصراع باستخدام القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها، أو اللجوء إلى حالة من اللا حرب واللا سلم، أو اللجوء إلى الحرب الباردة، ومحاولة فرض السيطرة والنفوذ.
- والسياسة الداخلية: وهي كل ما يتعلق بسياسة الدولة الداخلية، كنظام الحكم، وفق ما يحدده الدستور والقوانين والتشريعات النافذة، وتدخل ضمن هذا الإطار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على توفير الأمن والنظام والاستقرار داخل الدولة.
- والنشاط الدبلوماسي للدولة: لأن كل دولة تتصل بغيرها من الدول بالطرق الدبلوماسية، وتعمل على تدعيم أجهزة ووسائل الاتصال بتلك الدول، لتتجنب الصدام المباشر وغير المباشر مع الدول الأخرى عن طريق اللجوء إلى التفاوض والإقناع، أو إبرام المعاهدات والاتفاقيات، أو الدخول في تحالفات إقليمية ودولية، وتعمل على الاستفادة من نظام الأمن الجماعي، في إطار منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية لتحقيق أمنها وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية. وتهدف سياسة الأمن القومي التأكيد على مكانة الدولة في المجتمع الدولي، ومحاولة التأثير، وممارسة النفوذ على غيرها من الدول المجاورة وغير المجاورة.
- والمجال الاقتصادي: ويعد الجانب الاقتصادي لسياسة الأمن القومي مهماً جداً لارتباطه أساساً بتوفير الاحتياجات الاقتصادية للدولة، وضمان قدراتها حيال الدول الأخرى، واستشفاف احتياجاتها الاقتصادية من الدول الأخرى، واستخدام ما تملكه الدولة من إمكانيات اقتصادية لتحقيق أمنها. وقد تكون تلك الإمكانيات رؤوس أموال تملكها الدولة، أو خبرات تتوفر لديها، أو منتجات صناعية جاهزة، أو ثروات باطنية ومواد أولية هامة، أو أسواق تستوعب النشاطات التجارية، أو استثمارية تستوعب رؤوس الأموال. ولهذا تسعى الدول لزيادة قدراتها الصناعية المتطورة، وتعمل على توفير المواد الأولية والمواد الغذائية اللازمة لاحتياجاتها. وترفع كفاءة العاملين في المجالات الصناعية والاقتصادية، وتدعم قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها دون المساس بالاحتياجات الأساسية للدولة.
ويشمل الجانب الاقتصادي في هذا النطاق أيضاً، مجالاً واسعاً يتجاوز إمكانيات الدولة الفعلية، ومجموع نشاط مواطنيها، ليشمل العلاقات الداخلية والخارجية، وتطوير إمكانيات التطور العلمي والتقني لوسائل الإنتاج ومستلزماتها، والاستفادة من العوامل الاقتصادية لممارسة النفوذ من خلال العلاقات الدولية، وفق أساليب معينة تمليها سياستها الخارجية. ونتيجة لأهمية تأثير الجانب الاقتصادي على سياسة الأمن القومي، فقد أصبح للمعلومات الاقتصادية أهمية قصوى جعلها تماثل أهمية المعلومات العسكرية والدبلوماسية، فهي تشمل كل ما يتعلق بمصالح الدولة الاقتصادية من مختلف جوانبها، سواء المتعلقة بمصالحها الذاتية أو بمصالحها مع مختلف دول العالم، أياً كانت درجة علاقاتها بها، ولذلك فإن المجال الاقتصادي يمثل جانباً هاماً لما له من تأثير على الأمن القومي للدولة.
- والمجال العسكري: ويهدف الجانب العسكري لسياسة الأمن القومي، حماية استقلال الدولة وسيادتها، وسلامة أراضيها ضد أي عدوان خارجي قد تتعرض له من الخارج، لذلك فهي تعمل على تدريب قواتها العسكرية، وتسليحها بالمعدات والأسلحة الحديثة، وتهتمم بخططها الدفاعية سواء في أوقات النزاعات المسلحة أو الحرب، أو في أوقات السلم، وتقوم بإعداد الخطط الدفاعية، والدراسات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة أو المتوقعة، كما وتقوم الدولة في ذات الوقت بالارتباط بمجموعة من مواثيق الدفاع القادرة على ردع أي عدوان من أي نوع قد تتعرض له من الخارج.
وعادة يكون الجانب العسكري في سياسة الأمن القومي للدول الصغيرة مقتصراً على دعم مقدرات الدولة دفاعاً عن النفس، في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له من عدوان. أما الدول ذات السياسات التوسعية فتستغل قدراتها العسكرية لتهديد الدول الأخرى أو العدوان عليها. لذلك تسعى الدول إلى زيادة نفوذها من خلال مجموعة من مواثيق الدفاع أو التحالفات العسكرية مع غيرها من الدول التي يكون الهدف المعلن عنها عادة الدفاع عن النفس. وتجدر الإشارة إلى أن أثر القدرة العسكرية للدولة لا يقتصر على المسائل المرتبطة بالدفاع عن الدولة فحسب، رغم عدم إمكانية إنكار أهمية ما تملكه الدولة من قوة عسكرية حتى في مجال المفاوضات السياسية، لأن الدولة التي تملك قوة عسكرية هي في مركز قوة حيال الدول الأضعف عسكرياً.
ولتحقيق الأمن القومي الحقيقي والواقعي لابد من إيجاد توازن بين المصادر المتاحة، والأهداف المراد تحقيقها، أي تقدير الموارد الاقتصادية والمالية المتاحة للدولة، آخذين بعين الاعتبار الحجم المطلوب من الموارد لدعم القدرات العسكرية للدولة، والحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات الدولة ومواطنيها في الداخل، ومدى قدرة البنية الاقتصادية للدولة على تحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن تحقيق سياستيها الداخلية والخارجية، إضافة لعوامل أخرى تشكل بمجملها سياسة الأمن القومي الداخلية والخارجية، وأسلوب تنفيذها، الذي ينبع أساساً من التصرفات البشرية، والرغبات الجماعية والفردية التي تمارس على نطاق الدولة بالكامل، وتستمد في نفس الوقت من خصائص مواطني تلك الدولة وقدراتهم ومستواهم الثقافي والعلمي، وشكل الحكومة التي تدير شؤونهم، والحالة الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع، والزعامات الموجودة داخل المجتمع في أوقات محددة، والنظريات والأفكار التي يتبناها الرأي العام داخل الدولة المعنية.
ويرتبط نجاح سياسة الأمن القومي بالقوى البشرية التي تملكها الدولة، ومدى ما يمكن أن تقدمه من تضحيات من أجل أمن وسلامة الدولة، وشكل التنظيم السائد الذي ينظم الأوضاع الداخلية في المجتمع، ومصادر الثروة التي يملكها المجتمع، ومدى القوة العسكرية التي تملكها الدولة، وقدرتها على استخدامها. لأنها كلها عوامل حيوية وهامة وأساسية لنجاح أية سياسة للأمن القومي، وتحتاج وقبل كل شيء للمعلومات. فتمتع الدولة بنظام داخلي متين يتيح لها تيسير علاقاتها الخارجية لا يكفي وحده، بل لابد أن يكون للدولة الإمكانيات التي تيسر لها الاضطلاع على ما يدور حولها في أنحاء العالم المختلفة، وأن تملك القدرة على تحليل الموقف العام، ومواقف الأشخاص والزعامات القادرة على التوجيه والتأثير، لتصل إلى أهداف سياسة الأمن القومي المرجوة.
والمعلومات بحد ذاتها لا تعني أية أهمية للدولة ما لم يحسن استغلالها والتصرف بها. ولهذا لابد من تواجد ثلاث أنواع من الأجهزة العاملة في مجال المعلومات، وهي:
- الجهاز الذي يناط به مهمة جمع المعلومات، وتوخي الدقة الكاملة قدر المستطاع؛
- والجهاز الذي يتولى تفسير المعلومات التي وصلته من الجهاز الأول وغيره من مصادر المعلومات، وعادة ما يكون هذا الجهاز عبارة عن مجموعة من الأجهزة الفنية البحتة المتخصصة في مجالات محددة، ويعمل كل منها على دراسة وتحليل المعلومات الواردة، وتصنيفها حسب أهميتها ودلالاتها ومؤشراتها؛
- والجهاز الذي يقوم بمراجعة تلك الدراسات والتحليلات، واتخاذ القرارات النهائية بشأنها، على ضوء المشاكل التي تواجه الدولة في سبيل تحقيق أهداف سياسة الأمن القومي بشقيها الداخلي والخارجي.
وقد أصبح من المتعارف عليه، قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والعلمية والصناعية والثقافية والاجتماعية والبشرية، على الرغم من عدم وجود سند قانوني يبيح لها هذا العمل، لأنه لم يأتي في القانون الدولي التقليدي ما ينص صراحة بالتزامات، ولم ينص على منح الدول حقوقاً في مجال جمع المعلومات أو الحصول عليها، أو تقديمها لغيرها من الدول. إلا إذا اعتبرنا ما منحه للدول من حقوق في إرسال البعثات الدبلوماسية المعتمدة، والالتزام باستقبال تلك البعثات، أساساً لحق جمع المعلومات والحصول عليها، على ضوء ما هو معروف من أساليب المراقبة بهدف الحصول على المعلومات، في نطاق القيود التي يفرضها القانون الدولي.
وتعتبر الممارسة الفعلية لهذا الحق من الوظائف الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة المقر، ونتيجة لذلك يثير ما تقوم به البعثات الدبلوماسية المعتمدة من مراقبة وجمع للمعلومات الكثير من الخلاف، لأن التفرقة بين العمل الدبلوماسي البحت، والعمل الدبلوماسي الذي يقوم أساساً أو ينطوي على جمع المعلومات هو من الأمور الدقيقة التي يصعب تحديدها والتفريق بينها. ومن الأمثلة على الخلافات الناتجة عن ذلك، ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من انقسام في الرأي حول نشاطات أجهزة الأمن السوفييتية التي عملت داخل الولايات المتحدة الأمريكية قبل انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، فالمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أبدو تململاً من الإجراءات الشديدة التي اتخذتها وزارة العدل ضدهم، ولا تتفق مع "القواعد العرفية غير المكتوبة" بين الدولتين في مجال الأمن، ولكنها تتعلق بمن يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية المنصوص عنها في الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي.
ومن الأمثلة الأخرى ما أعلن في أيار/مايو 1996 عن قيام مجموعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين في موسكو بالتجسس، عن طريق قيامهم بالتحقق في شراء عملاء للجيش الجمهوري الإرلندي لأسلحة ومواد نووية من عصابات المافيا الروسية. مما دعى الحكومة الروسية إلى طرد أربعة من الدبلوماسيين البريطانيين المعتمدين من الأراضي الروسية بتهمة التجسس، وهو ما ردده جهاز المخابرات البريطانية M16، وتبعه قيام بريطانيا بإجراء مماثل.
ومن أوجه النقد الجدية التي توجه للحصانة الدبلوماسية، أنها قد تستخدم كغطاء لأعمال غير دبلوماسية، لأن الحصانة الدبلوماسية تستوجب الموائمة بين اعتبارين اثنين، هما:
- الاعتبار الأول أمن وسلامة الدولة المستقبلة؛
- والاعتبار الثاني دواعي الأمن التي يتطلبها العمل الدبلوماسي، من حصانة دبلوماسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة والعاملين فيها، من تسهيلات التنقل والمواصلات والإعفاء من الرقابة البريدية والبرقية والهاتفية، الخ.
ولكن تبقى المشكلة في تحديد ما يعتبر من المعلومات التي تدخل في إطار السرية، وتلك التي هي خارج إطار السرية، وهي عملية شائكة ومعقدة بحد ذاتها، لأن الحد الفاصل بين النوعين من المعلومات يكاد يكون متداخلاً جداً.
وتتزايد هذه المشكلة وتتعقد كل يوم على ضوء الثورة المعلوماتية الهائلة التي يشهدها العالم منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث أصبحت المعلومات نتيجة لتلك الثورة سهلة الحصول وفي متناول قاصديها، بعد أن أتاحها التقدم العلمي المستمر في مجال جمع وتخزين ونقل واسترجاع المعلومات، بما فيها تلك المعلومات التي تقع تحت طائلة "الأسرار" التي تهدد أمن الدولة واستقرارها.
ويثير قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها عن غيرها من الدول قضية هامة وحساسة، وهي أن المعلومات التي قد تحصل عليها دولة ما بالطرق المباشرة أو عن طريق الغير من الدول، عن طريق دولة أخرى قد تؤثر على أمنها القومي، وخاصة إذا تعلق الأمر بمعلومات تراها الدولة المعنية مرتبطة بأمنها القومي وسلامتها كدولة، ومن ثم فمن الضروري التفرقة بين المعلومات التي يترتب عن الحصول عليها مساس بأمن الدولة وسلامتها، وتلك المعلومات التي لا ينطبق عليها هذا الوصف.
ونظراً لأهمية المعلومات المتعلقة بأمن وسلامة الدولة، جرت العادة على استبعاد مجموعة منها، من نطاق المعاملات المباشرة، سواء داخل الدولة أو خارجها، وفرضت عليها نطاقاً من السرية والكتمان كفيل بحفظها من الأخطار، واعتبرت الدولة المعنية أن محاولة الحصول على هذه المعلومات، أو الحصول عليها، جريمة تعاقب عليها التشريعات الجنائية النافذة لديها. وتتعدد تلك المعلومات بتعدد المصالح المرتبطة بها، وهي تنحصر عادة في إطار الأسرار السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، التي بطبيعتها يجب أن تبقى طي الكتمان، حرصاً على سلامة وأمن الدولة، ويقتصر العلم بها على أشخاص معينين، وخاصة تلك المعلومات التي يترتب عن كشفها تقييم المقدرات الاقتصادية والعسكرية والدفاعية للدولة من كافة جوانبها السلبية والإيجابية على السواء. وتختلف الدول من حيث طبيعة تلك المعلومات، وفي الصفة التي تضفيها عليها، لارتباط هذا الموضوع بنواح أخرى كالحريات العامة داخل الدولة ذاتها، ومشكلة تحقيق التوازن بين مقتضيات أمن الدولة، وما ينشده الفرد من حماية لحقوقه وحرياته، مما ينتج عنه أهمية قيام الدولة بتحقيق التوازن والتوافق بين حقها في الأمن والاستقرار، وحقوق مواطنيها في المعرفة والإطلاع بشكل لا يطغى أي منهما على الآخر.
ونجد في التشريعات أن بعض الدول ذهبت إلى تحديد طبيعة المعلومات التي تدخل في دائرة السرية، وهي التي قد تكون متعلقة بحماية الدولة إقليمياً وتأمين أمنها كما في بلجيكا ولكسمبورغ. أو تكون معلومات تتعلق بحقوق الدولة اتجاه دول أخرى كما في أيسلندا، أو الأمور التي يفترض بأنها تهم أمن الدولة كما في هولندا، أو التي تتعلق بمصالح الدفاع القومي، أو المتعلقة بالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية كم في سويسرا وفرنسا، بينما لم تتناول تشريعات دول أخرى كبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وسويسرا، وضع تعريف محدد للأسرار المتعلقة بالأمن والدفاع على اعتبار أنها فكرة واسعة تختلف وتتنوع إلى أشكال كثيرة، مما لا يجوز معه تقييدها بتعريف ضيق محدد. ويؤدي هذا الاتجاه عادة إلى تخويل القضاء سلطات واسعة في تفسير النصوص القانونية.
بينما حاولت دول أخرى تعريف أسرار الأمن والدفاع وعددتها في صيغ عامة، كالتفرقة بين الأسرار وطبيعتها التي أقرها القانون الفرنسي في المادة 78/1/2، والقانون الإيطالي في المادة 257 من قانون العقوبات، تبعاً للطبيعة السرية للموضوع ذاته أو بناءاً على أوامر من السلطات المختصة. وراح المشرع الفرنسي أبعد من ذلك حيث لم يقتصر بحماية الأسرار المتعلقة بالدفاع والأمن القومي الفرنسي وحده، بل وسعها بالمرسوم الصادر في تموز/يوليو 1952 لتشمل أسرار الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
ومن الخبرات التشريعية للدول النامية نرى أن القانون المصري قد أخذ مجموعة الأسرار المرتبطة بالدفاع عن البلاد بحكم طبيعتها. فنصت الفقرة 1 من المادة 52 من قانون العقوبات المصري على أنه "يعتبر من أسرار الدفاع عن البلاد، المعلومات الحربية والسياسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم صفتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك، وتوجب مراعاة أنه لمصلحة الدفاع عن البلاد، يجب أن تبقى سراً على ماعدا أولئك الأشخاص". وأوضحها الدكتور ممدوح شوقي السفير بوزارة الخارجية المصرية، في مقالته الأمن القومي والعلاقات الدولية المنشورة في مجلة السياسة الدولية، على الشكل التالي:
- المعلومات الحربية: وهي الحقائق التي تتعلق باستعداد البلاد العسكري وكفايتها الحربية، ووسائل الدفاع عنها، وعملياتها الحربية في البر والبحر والجو، سواء في وقت السلم أم في وقت الحرب، كالمعلومات المتعلقة بسلاح سري، أو طرق الوقاية منه، والخطط العسكرية وتاريخ ومكان إجراء التجارب العسكرية، والتعليمات الصادرة من القيادة العسكرية لضباطها وجنودها؛
- والمعلومات السياسية: وتتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية المتبعة، أو التي تنوي الدولة السير عليها، متى كانت ترتبط بشؤون الدفاع عن البلاد، ولو بطرق غير مباشرة. فلا عبرة بالمعلومات التي تتعلق بسياسة الحكومة في السابق؛
- والمعلومات الدبلوماسية: وهي الحقائق المتعلقة بعلاقة الدولة دبلوماسياً مع غيرها من الدول، مثال: اعتزام الدولة قطع علاقاتها السياسية بدولة معينة، أو الاعتراف بهيئة ثورية تناهض الحكومة والاتصالات الدبلوماسية بين الدولة، ودولة أخرى أجنبية للتوسط في حل نزاع دولي يمس أمن الدولة؛
- والمعلومات الاقتصادية: وهي ليست إلا نوعاً من المعلومات الاقتصادية التي ترتبط بالمجهود الصناعي للدولة، ولا يقتصر الأمر على الإنتاج الصناعي للدولة، بل يمتد إلى الشركات الخاصة التي تفيد الدولة في إنتاجها للدفاع عن البلاد، مثال: ما تورده إحدى الشركات من إنتاج للقوات المسلحة، لاستعمالها الخاص في العتاد الحربي. ولا ينبغي أن يفهم أن جمع المعلومات الحربية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية تعد متعلقة بأسرار الدفاع عن البلاد، بل يجب توفر شرطين لذلك:
- أن تكون المعلومات متعلقة بالدفاع عن البلاد، أي تتعلق بسلامة الدولة وسيادتها، ووسائل الدفاع عنها وعن كيانها في شتى الميادين في زمن السلم وفي زمن الحرب؛
- وأن تكون هذه المعلومات بطبيعتها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة بذلك؛
- ومن ثم لا يقتصر معنى الدفاع عن البلاد على المدلول العسكري وحده، بل يتسع لكل ما يتعلق بأمن الدولة الخارجي، من النواحي العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية في زمن السلم وفي زمن الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وعلى ذلك فالسرية ليست صفة لصيقة بالمعلومات ولكنها صفة تخلعها الدولة عليها من زاوية معينة، فهي طبيعة اعتبارية للمعلومات، وهي مسألة نسبية، فما يعتبر سراً في فترة معينة، لا يعتبر سراً بعد مرور فترة زمنية معينة، فالسرية صفة تلحق بالمعلومات في لحظة معينة تمليها سلامة الدولة في تلك اللحظة.
ولهذا على المراسلين الأجانب والمستشارين والملحقين الإعلاميين المعتمدين في أي دولة من دول العالم أن يتعرفوا على مضمون ليس القوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد المعتمدين فيها وحسب، بل والتعرف على مضمون قوانين العقوبات فيها، وخاصة ما يمس منها العمل الصحفي، رغم الحصانة الدبلوماسية التي يتمتعون بها.
وهناك جملة أخرى من المشكلات التي ترتبط بقيام دولة ما، بالحصول على المعلومات عن غيرها من الدول بغير الطرق المشروعة أو العلنية. وهي مشكلة نتجت عن التقدم العلمي في مجال جمع وتخزين ونقل المعلومات، فالصورة التقليدية للحصول على المعلومات هي عبارة عن علاقة مباشرة بين دولة وأحد الأفراد الذين ينتمون إليها، أو من رعايا دولة أخرى، يقوم بنقل المعلومات إليها، أو قيام مواطن دولة محايدة بالتجسس لصالح إحدى الدول، ولكن الصورة التقليدية تغيرت اليوم، وأصبحت العلاقة مباشرة بين دولتين دون طرف آخر، يتوسط عملية نقل المعلومات، وذلك نتيجة لحصول الدولة على المعلومات اللازمة لها بصورة مباشرة بالاستشعار عن بعد عن طريق الأقمار الصناعية أو طائرات التجسس، وكان الهدف أو الغاية، فيما مضى هما اللذان يحددان طبيعة الفعل، ثم حدث تطور بظهور العنصر العام للدولة في هذه العلاقة فأصبحت الوسيلة هي التي تحدد طبيعة الفعل.
وترتبط بذلك أيضاً، مشكلة أخرى يثيرها الحصول على المعلومات عن طريق الأقمار الصناعية، أو طائرات التجسس أو الاستشعار عن بعد بواسطة دولة معينة، دون علم الدولة صاحبة الشأن بذلك، وهو ما يطرح بدوره تساؤلات عن مدى التزام الدولة التي حصلت على تلك المعلومات، بإطلاع الدولة صاحبة الشأن عليها، أم أن لها أن تبقيها كورقة رابحة، تستخدمها في مجال الضغوط السياسية ؟! ومدى مسؤولية الدولة التي حصلت على هذه المعلومات، إذا قامت بتزويد دولة ثالثة بتلك المعلومات التي حصلت عليها.
وقد حاولت منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1960 من خلال اللجان المتخصصة ولجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي، البحث عن إطار قانوني يحدد هذه العلاقة، بالإضافة إلى تنظيم اكتشاف ثروات الأرض عن طريق الاستشعار عن بعد، والمشكلات الأخرى المترتبة عن ثورة الحصول على ونقل المعلومات، أو ما يمكن أن يطلق عليه النظام الدولي الجديد للاتصالات والمعلومات والاستشعار عن بعد، واحتمالات تأثير هذا المجال الجديد على سيادة الدولة، وأمنها القومي، وقدرتها الاقتصادية والصناعية وغيرها.
وقد كررت منظمة الأمم المتحدة محاولة التصدي للمشكلات الناتجة عن الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية في الأعوام 1979، 1980، 1981. ولكن الجهود التي بذلتها اللجان الفرعية ومجموعات العمل الفنية، باءت بالفشل بسبب الخلاف على المصالح الوطنية للدول، وعلى وجه التحديد بين الدول المتقدمة في هذا المجال، وتلك التي لم تنل حظها من التقدم بعد. أي الخلاف بين الدول التي تستطيع الحصول على المعلومات وتلك التي تتلقى المعلومات من الغير فقط. وهو صراع بين حرية نقل المعلومات، والتمسك بالسيادة القومية، بما في ذلك الثروة الطبيعية وأية معلومات عنها. والدول المتقدمة ترى أن المادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة للحقوق السياسية والمدنية نصت على مبدأ حرية نقل المعلومات في الوقت الذي تمسكت الدول الأخرى بالفقرة 3/ب من نفس المادة التي قيدت هذا الحق بمقتضيات الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة والأخلاقيات. وتبلور الخلاف بين فريقين:
الأول: ويضم الدول الصناعية المتقدمة؛
والثاني: ويضم الدول التي تدافع عن النظام الاقتصادي الدولي الجديد، الذي نص عليه قرار منظمة الأمم المتحدة عام 1974.
وبمعنى آخر الخلاف بين دول الشمال، ودول الجنوب. وقد توصلت المناقشات التي تمت بين أعضاء اللجان الفرعية الفنية إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين الدول في حالات الكوارث الطبيعية، وبضرورة إبلاغ الدول المعنية بأية معلومات قد تتوافر في هذا الشأن. أما بالنسبة للمعلومات الأخرى التي يتم الحصول عليها بواسطة الأقمار الصناعية، فكان هناك نوع من الاتفاق على بعض الموضوعات الخلافية، ومنها:
- أن تمتنع الدولة التي تقوم بالاستشعار عن بعد، دون موافقة الدول التي يتم تصوير أراضيها وكشف أسرارها، عن تقديم المعلومات لدولة أخرى، أو منظمة دولية أو المؤسسات العامة أو الخاصة. وقد أيدت غالبية الدول النامية هذا الاتجاه في حين عارضته الدول المتقدمة؛
- وأن يكون الاستشعار عن بعد بما يتفق مع حق الدولة المعنية في التصرف بمواردها الطبيعية، بما في ذلك المعلومات المتاحة عنها، ولا يزال المجتمع الدولي في ظل قواعد قانونية دولية غير واضحة، ولم يزل بعيداً عن وضع مثل تلك القواعد، لتنظيم الحصول على المعلومات ونقلها عن طريق الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية.
وهذا يدعو المجتمع الدولي ودول العالم داخل المنظمة الدولية إلى وضع بعض القواعد العامة التي يمكن أن يسترشد بها في هذا المجال:
وأولها: تقييد حرية الفضاء الكوني باعتبارات الأمن للدولة صاحبة الشأن؛
وثانيها: حق جميع الدول في الحصول على المعلومات التي تتعلق بأراضيها وثرواتها؛
- وثالثها: ضرورة التعاون الدولي من أجل مساعدة جميع الدول على الحصول والاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها. مع الإبقاء على حق الدولة المعنية في إثارة المسؤولية الدولية ضد الدولة التي تحصل على معلومات عنها، وأن تطالبها بتقديم تلك المعلومات مع اعتبار أن ما قامت به يشكل عملاً غير مشروع.
ويبقى الحل في التعاون الدولي، وفي النوايا الحسنة بين الدول. لأن الصراع غير ملائم لعالم اليوم، ويؤدي إلى تشتيت الجهود الدولية التي يمكن أن توجه إلى ما فيه صالح المجتمع الدولي نفسه، وإلى حل المشاكل التي تهدد البيئة البشرية بأسرها، وخاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال النقل والاتصالات والاستشعار عن بعد، التي عملت على إلغاء الحواجز الجغرافية وتقريب المسافات بين أجزاء العالم المختلفة، ليصبح العالم معها اليوم أكثر ترابطاً من ذي قبل، وهو ما يؤكد على أن تحقيق الأمن القومي لا يتم من خلال الصراع بين الدول، بل من خلال التعاون الوثيق بينها.
ولا ريب في أن تخلي الدول عن سياسة استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، والتزامها بمبادئ القانون الدولي وقواعده، بروح من التضامن والإخاء والثقة المتبادلة، لن يؤتي ثماره بتحقيق الأمن لدولة بعينها فحسب، بل سوف يحقق الأمن لكافة الدول في العالم. ويجنب البشرية ويلات الحروب المدمرة، التي ضاعف من خطورتها التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في كل ميادين الحياة، ومن بينها ميدان صناعة وإنتاج أسلحة التدمير الشامل الفتاكة والمدمرة.
ولابد من أن تصب جهود التعاون الدولي في مجال مواجهة الآثار الناجمة عن المخاطر الاقتصادية داخل الدولة، وأن تسعى الدول إلى توفير الغذاء ورفع المستوى الثقافي والعلمي والاقتصادي لمواطنيها، وأن تعيد البناء الاجتماعي داخل الدولة، بما يحقق تنمية شاملة حقيقية، بدلاً من إضاعة الوقت والجهود في الصراع من أجل تركيز القوة للمواجهة مع الغير. خاصة وأن الاكتشافات العلمية في مجال النقل والاتصالات ونقل المعلومات عبر الأقمار الصناعية وقنوات الاتصال ونقل المعلومات الأخرى، قد أحدثت تغييراً شاملاً في مفهوم سيادة الدولة، وأصبحت الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة، تتحقق بقدر ما تحوزه الدولة، أو يتيسر لها من إمكانيات يوفرها التقدم العلمي في شتى مجالات الحياة.
وأصبحت ممارسة السيادة كاملة لدى بعض الدول، ومحدودة لدى البعض الآخر، وأصبح كمال السيادة ونقصانها، من الناحية السياسية مرتبط بما لدى الدولة من إمكانيات اقتصادية وعلمية وتقنية متقدمة، تتيح لها فرصة معرفة ما يدور في منطقتها، بل وفي مناطق العالم الأخرى، وأصبح لبعض الدول معلومات تزيد كثيراً في بعض الأحيان عما يتوفر من معلومات لدى الدولة صاحبة الشأن.
ولم تعد الحدود السياسية والموانع الجغرافية صعبة الاختراق، بل وأصبحت أقل صموداً أمام التقدم التكنولوجي، وعلى سبيل المثال: أن موجات الإذاعتين المسموعة والمرئية، أصبحت تدخل حدود الدولة السياسية دون إذن منها، ولا تستطيع أية دولة حيالها شيئاً، إلا من خلال سن تشريعات تحظر هذا أو ذاك، أو بث موجات مضادة، أو الدخول في منافسة تكون غير متكافئة في أكثر الأحيان. وأصبح الإطار الجديد للتنافس بين الدول في العالم، اقتصاديا وإعلامياً، وأصبح التفوق أو التقدم الاقتصادي يعادل القوة العسكرية، كما أن التقدم الإنتاجي يعادل تطوير الأسلحة الفتاكة، وأن اقتحام الأسواق والساحات الإعلامية العالمية التي تساندها الحكومات، لا يقل أهمية عن إقامة القواعد العسكرية في أراضي الدول الأجنبية، ولا يقل عن النفوذ الدبلوماسي في تلك الدول.
التخطيط الإعلامي من شروط نجاح الحملات الإعلاميةلاقتحام الساحات الإعلامية شروط على ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال وسائل الاتصال الجماهيرية، الذي أحدث آثاراً بالغة أحدث تغييرات جوهرية في العلاقات الدولية المعاصرة وهي التي أثرت بدورها على دور الدولة التي كانت تحتكر في السابق السياسة الدولية، وأضعفت من دورها، عندما تخلت الدولة عن بعض وظائفها لمؤسسات أخرى داخل المجتمع الواحد، ولم يعد هناك مجال للتحدث عن السيادة الإعلامية للدولة، أو التحكم شبه الكامل أو شبه المطلق بعملية التدفق الإعلامي إلى داخل الدول خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، وأصبح شبه المستحيل السيطرة التامة على نوع وكمية المعلومات التي تتدفق إلى عقول الناس، بعد ظهور شبكة شبكات المعلوماتية العالمية الإنترنيت وغيرها من قنوات والتقنيات الحديثة للاتصال عن بعد. وساهمت شبكات الاتصال الجماهيرية الحديثة إلى حد كبير في تخطي حاجزي الزمان والمكان. بعد أن أصبح عدد هائل من الأشخاص مرتبطين فيما بينهم، من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصية المرتبطة بشبكة اتصال عالمية عبر الأقمار الصناعية وهو ما زاد من تفاعل المجتمعات الدولية، لتصبح عملية التبادل الإعلامي الدولي أكثر يسراً وسهولة، مما زاد من أهمية تخطيط العمل الإعلامي، ومن أهمية التنسيق بين جهود مختلف الجهات على الساحتين المحلية والدولية.
ويعتبر تخطيط العمل الإعلامي من أساسيات التبادل الإعلامي الدولي، ويتم عادة من خلال تحديد الأهداف العامة للخطة الإعلامية التي يجب أن تراعي متطلبات الأمن الوطني والسياستين الداخلية والخارجية للدولة، وحشد الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية وتصنيفها، وتحديد الوسائل والفترة الزمنية اللازمة لتنفيذها، مع مراعاة دقيقة للمصاريف، والجدوى الاقتصادية والسياسية من الخطة الإعلامية.
ولتخطيط العمل الإعلامي عادة إطارين أساسيين هما:
الإطار النظري للخطة الإعلامية، ويشمل:
- الأهداف المحددة، والغايات الواضحة، والعناصر المكونة؛
- والأهداف المرنة، التي لا تحتوي على درجة كبيرة من التحديد ويمكن تطويرها وتكييفها مع الظروف أثناء التطبيق العملي.
وتشمل عملية التخطيط عادة:
1. مشاكل اختيار وسائل تحقيق أهداف الخطة الإعلامية من بين البدائل المتعددة؛
2. ومشاكل التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الخطة؛ ومشاكل التطبيق والتنفيذ الفعلي، للوصول إلى أهداف الخطة المرسومة.
وعند وضع أي خطة إعلامية لابد من تحديد إطارها العام من أرقام ومؤشرات ليتم معالجتها مع المشاكل المحتملة عند التنفيذ الفعلي للخطة المرسومة وبعد الانتهاء من تحديد الإطار العام للخطة الإعلامية، وتبدأ عملية تحديد الإطار التفصيلي للخطة الإعلامية، عن طريق دراسة تفاصيل الخطة، وتحويل الأهداف العامة، إلى أهداف تفصيلية، مع تحديد الوسائل انطلاقاً من الإمكانيات المتاحة، والمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ بدقة.
وكما هو متعارف عليه من الناحية الزمنية للخطة الإعلامية، فهناك خططاً:
- سنوية؛
- وخططاً متوسطة الأمد، تتراوح عادة مابين الأربع والسبع سنوات، ولكنها في أكثر الحالات هي خطط خمسية، أي لمدة خمس سنوات؛
- وخططاً طويلة الأمد، وهي الخطط التي تزيد عن السبع سنوات.
وتقسم الخطط متوسطة الأمد، والخطط طويلة الأمد إلى خطط سنوية متكاملة، للاستفادة من إمكانية التجربة، وإجراء الإصلاحات على الخطط الفترات الزمنية اللاحقة لزيادة فاعليتها. وفقاً لمعطيات تنفيذ خطط السنوات السابقة.
ومن المتعارف عليه أيضاً في الخطط الإعلامية تقسيم الخطط السنوية إلى خطط ربع سنوية، يطلق عليها عادة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية تسمية الدورة الإذاعية المسموعة أو المرئية، وهكذا.
وهنا يجب على المخططين الإعلاميين أن يدركوا دائماً أن تخطيط العمل الإعلامي الدولي، ما هو إلا شكل من أشكال التخطيط السياسي، ويدخل في إطار العلاقات الدولية، ومن أجل تحقيق أهداف السياستين الداخلية والخارجية للدولة، اللتان لا يجوز تخطيهما أبداً. وعليهم إدراك أن ضمان التنفيذ الناجح لأي خطة كانت، مرتبط بمدى تحديد الأساليب الممكنة والملائمة لتحقيق الأهداف الموضوعة انطلاقاً من الإمكانيات الفعلية والمتاحة.
وأن الأهداف الواقعية والواضحة، تسهل عملية التنفيذ، وبالتالي الوصول للأهداف المرتقبة، وأن من عوامل النجاح الأخرى، التقدير السليم للوسائل والإمكانيات والغايات، وبقدر ما تكون متناسقة، والغايات متوافقة مع الإمكانيات، بقدر ما يكون التنفيذ أكثر نجاحاً، ولهذا لا بد من دراسة صلاحية الأهداف، من وجهة نظر احتمالات تحقيقها من خلال الإمكانيات المتاحة، وتقييم احتمالات تحقيق الهدف مع متغيرات الإمكانيات المتاحة.
وبعد الانتهاء من دراسة صلاحية الأهداف، يتم الانتقال إلى عملية اختيار الأساليب من خلال البدائل المتاحة، وبعد دراسة تلك البدائل من كافة الجوانب، يتم اختيار الأساليب الناجعة والملائمة من بين تلك البدائل، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التالية، وهي وضع تفاصيل الخطة الإعلامية، والتي يجب أن تراعى فيها الخطوات التالية:
1- تحديد الأهداف؛
2- ومضمون الرسالة الإعلامية؛
3- والأساليب؛
4- ومستقبل الرسالة الإعلامية؛
5- والإمكانيات المادية والبشرية؛
6- وتحديد مجالات التنفيذ؛
7- والمسؤول عن التنفيذ؛
8- والمسؤول عن متابعة التنفيذ؛
9- وتقييم الفاعلية؛
10- والمدة الزمنية؛
11- ووضع نظام لمتابعة التنفيذ.
وعلى المخططين الإعلاميين أن يأخذوا في اعتبارهم:
- قوة وإمكانيات الإعلام المضاد، ومحاولة الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر الإمكان؛
- وأن يبنوا خططهم على قدر كبير من المعلومات عن المستهدفين من الخطة الإعلامية الدولية؛
- والاستعانة بفريق عمل من المتخصصين في مجالات التخطيط، وخبراء في الاقتصاد والسياسة الخارجية، والعلاقات الدولية، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، والنظم السياسية، وتكنولوجيا وسائل الاتصال الدولية، وغيرها من التخصصات حسبما تقتضي الظروف؛
- وتوخي نتائج الخطط السابقة، والتجارب المحلية والإقليمية والعالمية في موضوع الخطة الإعلامية التي يعدونها؛
- والأخذ بآراء الممارسين للعمل الإعلامي الدولي فعلاً، لأن في ملاحظاتهم الكثير مما يمكن أن يفيد نجاح تنفيذ الخطة الإعلامية، ووصولها لأهدافها المرسومة.
ويأتي الإطار التطبيقي للخطة الإعلامية تلبية للمبادئ والأهداف التي تضمنتها خطة العمل الإعلامي الدولي، ومن أهم مبادئها الأساسية التنسيق بين الأجهزة والوسائل المختلفة، للوصول إلى أفضل تنفيذ للخطة الإعلامية، وأعلى درجة من الفاعلية من خلال المعادلة التالية: { من يخاطب من ؟ } والدبلوماسية الرسمية المعتمدة في الخارج، والدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة الدولية)، والزيارات الرسمية والشخصية والإطلاعية والسياحية، والمعارض والمهرجانات الثقافية والفنية والرياضية، واللقاءات والمؤتمرات الدولية، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وغيرها، وتعتبر كلها من وسائل تنفيذ الخطة الإعلامية، من خلال مخاطبتها للقطاعات المستهدفة من الخطة الإعلامية الدولية، وهذه القطاعات يمكن أن تكون:
- قيادات حاكمة؛
- أو قيادات وأعضاء في البرلمان، أو معارضة برلمانية؛
- أو قيادات الأحزاب السياسية، سواء أكانت داخل السلطة أم في صفوف المعارضة؛
- أو قيادات المنظمات الجماهيرية والمهنية والاجتماعية؛
- أو قيادات إعلامية؛
- أو رجال أعمال؛
- أو أقليات أو تجمعات دينية، أو عرقية، أو ثقافية، أو قومية؛
- أو الجاليات المقيمة في الخارج؛
- أو هيئات ثقافية، أو دينية؛ أو مشاركين في المهرجانات الثقافية والفنية؛
- أو مشاركين في اللقاءات الرياضية؛
- أو مشاركين في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية والعلمية الدولية؛
- أو زوار معارض اقتصادية أو تجارية أو صناعية أو سياحية أو إعلامية أو فنية دولية؛
- أو جماهير عريضة عبر وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية المتاحة.
ومن خلال متابعة مراحل تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية من المفيد جداً دراسة المتغيرات على الساحة التي ينشطون فيها. وتشمل:
- الوجود الإعلامي الصديق والمحايد والمضاد في تلك الساحة؛
- ومجال التأثير الإعلامي على الفئات والقطاعات المستهدفة، من خلال المفاهيم المتكونة مسبقاً لديها؛
- وتزويد الجهات المسؤولة بالمعلومات عن تنفيذ مراحل الخطة الإعلامية الدولية.
ومتابعة تلك المعلومات تباعاً، من أجل:
- المساعدة على تحديد المجموعات والفئات والقطاعات التي يجب مخاطبتها أكثر من غيرها؛
- وتكييف القواعد التي يجب أن يلتزم بها كل المشاركين في تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية؛
- وإعداد المواد الإعلامية الرئيسية من معلومات وأخبار وملفات إعلامية تفيد في إنجاح تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، وتساعد على الوصول لأقصى قدر ممكن من الفاعلية والتأثير.
ومحاكاة أداء محطات مثل "الحرة" الأميركية، والخدمة العربية "فرنسا 24" و"روسيا اليوم"، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العريقة في العمل على الساحة الإعلامية العربية والذي يعود لثلاثينات القرن الماضي فد يفيد في إعداد وتنفيذ الخطط الإعلامية.
الخاتمة
وفي الختام لا بد من التأكيد على أهمية عملية التبادل الإعلامي الدولي في حياة الأمم المعاصرة، في ظل النظام الدولي الراهن، وأنها لم تزل من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة على ضوء التطور الهائل لوسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة التي أصبحت تمكن الإنسان من الحصول على أية معلومات يريدها بمنتهى السرعة واليسر والسهولة، عبر شبكات الاتصال والمعلومات الدولية الحديثة، التي تحولت تدريجياً إلى وسائل اتصال وإعلام جماهيرية دولية تستخدمها الدول والهيئات والمنظمات والجماعات فعلاً، لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت أفكارها، وبأية لغة يفهمها الإنسان المعاصر الذي تميز بسعة الأفق والمعرفة، بفضل المعلومات التي وضعتها بين يديه تلك الوسائل أينما كان.
لأنه هناك مجموعة من العوامل المشتركة في منطق عملية التبادل الإعلامي الدولي تنطلق من المجالات الإنسانية والحياتية الفعلية، وتنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها لتكوين علاقات إيجابية تمكن الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك تجعل من تداول الخبرة أمراً ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات والدول.
وعملية التبادل الإعلامي الدولي في هذا المعنى الواسع تحولت إلى أداة اتصال رئيسية بين بني البشر، وأصبحت أداة للحوار وتبادل الآراء والأفكار بين الأمم خاصة وأن القرن العشرين قد حمل للعالم ثورة شاملة في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لتلك الوسائل المتطورة، وتم تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات وأخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وخرجت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتدريج عن إطارها المحلي لتصبح أداة اتصال وتواصل بين الأمم لها دوراً مرسوماً ومحدداً في إطار السياسات الخارجية والعلاقات الدولية المعاصرة، ودخلت عملية التبادل الإعلامي الدولي ضمن الأدوات والوسائل لتحقق من خلالها مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية والجماعات السياسية بعضاً من سياساتها الخارجية.
وتعمل المؤسسات الصحفية اليوم على نشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المختلفة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات داخل مختلف المجتمعات، بعد أن خرجت تلك المؤسسات عن نطاقها المحلي واجتازت وسائل اتصالها الإعلامية الجماهيرية الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل تلك المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، في سعي منها لخلق نوع من الحوار الثقافي معها، متجاوزة الحواجز السياسية واللغوية.
لأن الإعلام الدولي يعتبر جزأ لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة، ووسيلة فاعلة من الوسائل التي تحقق بعض الأهداف السياسة الخارجية لكل دولة داخل المجتمع الدولي. وتخدم من خلالها المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به الدول في المعادلات الدولية، وتأثيرها وتأثرها بالأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أم اقتصادية أم عسكرية، أو اضطرابات اجتماعية داخلية تطال تلك الدول، أو الدول المجاورة لها. أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى حيث وجدت في أنحاء العالم المختلفة أو في حال حدوث كوارث طبيعية وأوبئة أو أخطار تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض.
وينطلق الإعلام الدولي من دوافع متعددة، تعتمد على المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والإنسانية بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة، وتنبع تلك الدوافع من المصالح الوطنية العليا للدولة، ويعمل الإعلام الدولي من خلال هذا المنظور للتأثير على التفاهم الدولي وعلى عملية الحوار الثقافي والتبادل الحضاري الجارية بين الأمم، وهو الحوار الذي يؤدي إلى خلق تصور معين للدول عن بعضها البعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الإنساني الدولي ويعمل على تطويره.
ورغم دخول الجماعات السياسية غير المرخصة الصراع على الساحة الإعلامية الإلكترونية يبقي دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي حول وجهة النظر الرسمية من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد تلك الصراعات وأسبابها، مما زاد من أهمية مراعاة خبراء الإعلام والصحفيين خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للقائم بعملية الاتصال من وجهة نظر الجهة المعنية في الصراع التي يمثلها، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية. لأن سلاح الإعلام في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، وهو الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوة البشرية في الدولة المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراع الدائر، والإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.
ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها عليها السياسات الاستعمارية وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية ورغم دخولها عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال المتطورة فإننا نلاحظ استمرار تخبط الدول النامية في مشاكلها الإعلامية والاتصالية التي ازدادت صعوبة وتعقيداً.
وخلاصة القول أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة بالدرجة الأولى. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم لها، والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال والمعلوماتبة الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها.
وبقي التأكيد على أن دراسات عادات المطالعة والاستماع والمشاهدة، لدى قادة الرأي، ومن ثم دراسة مضمون الرسائل (المواد) الإعلامية، المبنية على نتائج تلك الدراسات، تسمح للمخططين الإعلاميين بزيادة فاعلية وتأثير الحملات الإعلامية، وللمخططين السياسيين من زيادة فاعلية دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، كواحدة من أدوات تنفيذ السياسة الرسمية للدولة، وكمصدر نافع من مصادر المعلومات لرسم تلك السياسة، وتوسيع دورها في عملية التبادل الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي، لأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي ركائز أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع الإنساني، وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة وبين مواطني البلد الواحد.
ولكن الذي يحدث هنا وهناك لم تواته القوة المؤثرة بعد ولا زالت عملية التبادل الإعلامي الدولي بعيدة عن التكافؤ بين من يملك ومن لا يملك وسائل معلوماتية وإعلام واتصال جماهيرية حديثة، كما ونجد أن الكثير من المحاولات الإعلامية والسياسية العالمية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياها العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، لم تزل دون المستوى المطلوب.
وتبقى الأمم المتحدة معنية بإعادة النظر في جميع الممارسات الإعلامية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا الذي يعني حق احتكار المعلومات فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية المشتركة من أجل الحياة الكريمة.
والتعامل مع الظروف الجديدة الناتجة عن تسلل استثمارات الدول المتطورة للاستثمارات الإعلامية في الدول الأقل تطوراً والدول النامية للسيطرة على أية محاولات للدول الأقل تطوراً والنامية للولوج إلى عالم تكنولوجيا المعلوماتية والإعلام والاتصال الحديثة.
ومن الصور الحديثة لتغلغل رؤوس الأموال الأجنبية إلى الساحات الإعلامية الوطنية السوق الهندية التي دخلتها الاستثمارات الأجنبية للحد من نموها وربطها بالمصالح الغربية على حساب المصالح الوطنية، هذا إن لم نتطرق للتغلغل الواضح في الساحات الإعلامية الأوروبية والروسية والدول الأقل تطوراً والنامية في العالم المستعدة طوعاً للقبول بمثل هذا التغلغل، والساحة الإعلامية العربية جزء منها وتحتاج للبحث والدراسة الحيادية خدمة للقائمين على تخطيط السياسات الإعلامية العربية ولوضع النقاط على حروف الأبجديات الإعلامية الوطنية.
مراجع الكتاب:
1. أحمد صوان: أوراق ثقافية.. عن الإعلام وعيد الصحفيين. // دمشق: تشرين، 19/8/2007.
2. أحمد ضوا: الرئيس الأسد لاتحاد الصحفيين: شرح الرؤية السورية.. الارتقاء بالإعلام .. إيصال الرسالة بشفافية. // دمشق: صحيفة الثورة، الأربعاء 22/11/2006،
3. أحمد السيد النجار: على ضوء خبرات نكبة العراق‏:‏ التقدم العلمي ضرورة للاستقلال والمنعة والتطور الاقتصادي. ملفات الأهرام. // القاهرة: الأهرام، 22/8/2003.
4. أحمد طه محمد: حول التكتلات الاقتصادية المعاصرة. // القاهرة: السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1992.
5. د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983.
6. إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، القاهرة: مطابع الأهرام، 1977.
7. إدارة الصحافة والإعلام في الحكومة الاتحادية: حقائق عن ألمانيا. Societats-Verlag، 1997. (باللغة الروسية)
8. د. أسامة الغزالي حرب: الأحزاب السياسية في العالم الثالث. // القاهرة: سلسلة المعرفة. سبتمبر/1987.
9. إسلام كريموف: أوزبكستان، طريقها الخاص للتجديد والتقدم. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان، نموذجها الخاص للانتقال إلى اقتصاد السوق. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999. و- أوزبكستان على طريق الإصلاحات الاقتصادية. شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. بيروت: 1996.
10. د. إسماعيل صبري مقلد: العلاقات السياسية الدولية. دراسة في الأصول والنظريات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991؛ و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968. و- اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد أكتوبر 1968.
11. إسماعيل جرادات: العلاقة مع الإعلام .!دمشق: صحيفة الثورة، الخميس 30/11/2006.
12. أصوات متعددة: عالم واحد. باريس: اليونسكو، 1976.
13. الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. // دمشق: الثورة: 15/8/2006م.
14. الإعلام الجديد wwwekateb.net // الكويت: صحيفة القبس، 19 مايو 2003.
15.أكثر من 100 محطة تلفزيونية وإذاعية.. و1464 صحيفة تخدم 169 مليون باكستاني لعبت دورا كبيرا في أزمة القضاة وتنحي مشرّف. // لندن: الشرق الأوسط، 1/4/2010.
16. أندريه بوفر: مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1968.
17. أوتكين أ.ي.: العولمة: التفاعل والجوهر. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
18. أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970.
19. إيفانوف ي.س.: السياسة الخارجية لروسيا في عصر العولمة. مقالات وكلمات. موسكو: 2002. (باللغة الروسية)
20. إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 129/1997.
21. بريتيش فيديو غرام أسوسياشين ( غالوب - 1986).
22. بسام زيود: د. بلال: تطوير الإعلام مسؤولية جماعية. // دمشق: الثورة، 15/5/2006.
23. د. بطرس بطرس غالي: حقوق الإنسان في 30 عاماً. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، يناير/ 1979.
24. بليسييه روجيه: منظمة الصحافة في جمهورية الصين الشعبية. // جورناليزم، 34/1971. (باللغة الروسية)
25. تقارير الشركات: التقرير السنوي للمجلس الصحفي 1990.
26. التقرير السنوي لـ A P A . 1986-1985.
27. التقرير السنوي الـ 32 لمجلس الصحافة 1985 (1986).
28. التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد" 4-6/10/1982. // مجلة العمل العربي العدد 25/1982.
29. د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 1993.
30. جمال بركات: الدبلوماسية: ماضيها وحاضرها ومستقبلها. القاهرة: مطابع الأهرام، 1991.
31. د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. عمان: دار المسيرة، 1998.
32. جيمس كورّان، و جين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993.
33. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. القاهرة: دار الفكر العربي، 1978.
34. جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. // عمان: صحيفة الدستور، عدد 1/7/1997.
35. د. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. // القاهرة: الأهرام، 30/12/1997.
36. د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. // القاهرة: السياسة الدولية، 1997/127.
37. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983.
38. حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972.
39. الخارطـة الجديدة للشـرق الأوســط. صحيفة الوطن، 22/7/2006. عن موقع مجلة القوة العسكرية تموز 2006.
40. رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1984.
41. سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. بيروت: معهد الإنماء العربي. 1978.
42. د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. // مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982
43. شمس الدين الرفاعي: تاريخ الصحافة السورية. جزأين. القاهرة: دار المعارف. 1969.
44. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
44. صحيفة الشعب الصينية. 1954 حزيران/ يونيو 25.
46. صفات سلامة: الإعلام العلمي العربي: الواقع.. والمأمول. // لندن: الشرق الأوسط، 21/8/2007.
47. د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. بيروت: دار الطليعة. 1971.
48. ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007.
49. عاطف الغمري: الأسلحة الجديدة في ترسانة الهجوم الاقتصادي العالمي. // القاهرة: الأهرام 30/1/1996.
50. د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. . بغداد: معهد البحوث والدراسات العربية 1983.
51. د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت، 1972.
52. عزت السيد أحمد: العولمة وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. // دمشق: مجلة المعرفة، العدد: 416/. 1998.
53. عقبة زيدان: للإعلام (وجه آخر ).. هل ترونه??. دمشق: الثورة، فضائيات، الأحد 7/5/2006.
54. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. القاهرة: السياسة الدولية، العدد 123/1996.
55. فيصل عباس: مدير قسم الأخبار الدولية في الـ «بي. بي. سي»: لا نسعى لمجاراة «العربية» و«الجزيرة». // لندن: الشرق الأوسط، 19/8/2007. و- مدير تسويق «إم بي سي»: نعمل على تطوير دخلنا من مصادر غير الإعلان. // لندن: الشرق الأوسط، 12/8/2007. و- مردوخ يشتري «داو جونز».. و«حاجز» لمنع تدخله في تحرير «وول ستريت جورنال» // لندن: الشرق الأوسط 1/8/2007.
56. القاموس الدبلوماسي. الجزء الأول، دار ناووكا، موسكو 1985. و- القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
57. كاشليف يوري باريسوفيتش: العلاقات الدولية والثورة المعلوماتية. موسكو: العلاقات الدولية، 1/2003. (باللغة الروسية)
58. كارولين عاكوم: - «استيراد» البرامج التلفزيونية.. بين حاجة القنوات ورغبة الجماهير، شراء حقوقها يخضع إلى معايير النجاح الجماهيري والنوعية الجيدة والإنتاج الضخم. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007؛ و- ظاهرة «تلفزيون الواقع» وترجمتها على الشاشات العربية. // لندن: الشرق الأوسط، 16/9/2007؛ و- هل جاء عصر التحالفات الإعلامية العربية؟ اندماج «روتانا» و«إل بي سي» يسلط الضوء على مستقبل «التكتلات» في المنطقة. // لندن: الشرق الأوسط 12/8/2007؛ و- الصحافة.. علم يدرس أم مهارة تكتسب؟ // لندن: الشرق الأوسط، 9/9/2007؛
59. كازيماجو ج.، بورباجي ر.، كوهين أ.: الصحافة والإذاعة والتلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية.1972.
60. الكتاب السنوي 1995. وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة: 1996.
61. الكتاب السنوي للفونوغراف البريطاني.1986.
62. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
63. د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. // تونس: مجلة الإعلام العربي. العدد 2/1982.
64. كوريا حقائق وأرقام. الخدمات الإعلامية الخارجية في كوريا، سيئول 1993. (باللغة الروسية)
65. كيف نصون لغتنا في عصر العولمة. // دمشق: الثورة، 17/9/2007.
66. ليستر يبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1971.
67. ليدل هارت: الإستراتيجية وتاريخها في العالم. ترجمة: الهيثم الأيوبي. بيروت: دار الطليعة، 1967.
68. مجلة جوردان عن معطيات النشر والتسويق والنشر. 1984.
69. أ. د. محمد البخاري: الإعلام وتحديات العولمة في الدول الأقل حظاً. مواد المؤتمر الدولي الأول لتقنيات الاتصال والتغيير الاجتماعي، الرياض: جامعة الملك سعود، 18-20/3/1530هـ 15-17/3/2009م؛ و- التدفق الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 1/8/2007. http://www.dardolphin.org؛ و- العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 2006. http://www.dardolphin.org؛ و- المجتمع المعلوماتي وتداعيات العولمة. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 21/7/2006. http://dardolphin.com؛ و- العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006؛ و- التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ و- التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ و- مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ و- "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع، الاختصاص: 23.00.03 – الثقافة السياسية والأيديولوجية؛ و23.00.04 – المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي". طشقند: 2005. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)؛ و- الجوانب الثقافية في التبادل الإعلامي الدولي وفاعليتها. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004. (باللغة الروسية)؛ و- الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004؛ و- قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية)؛ و- العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م؛ المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003؛ و- الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)؛ و- العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)؛ و- العولمة والأمن الإعلامي الدولي. دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000؛ و- مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية. 1997؛ و- أهمية البحوث الميدانية في نجاح السياسات الإعلامية العربية. صحيفة الثورة، صنعاء العدد 9335/1990؛ و- "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)؛ و- "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
69. أ.د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
70. أ.د. محمد البخاري، غينادي غيورغيفيتش نيكليسا: الأسس السياسية والقانونية لتكامل وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان مع الساحة الإعلامية الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003.
71. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
72. د. محمد علي البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975.
73. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. القاهرة: 1979.
74. د. محمد محمود الإمام: التخطيط من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. معهد الدراسات العربية العالية. جامعة الدول العربية، 1962.
75. د. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 1997.
76. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. 1979.
77. محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. بيروت: مطبعة كريدية. 1974؛
78. محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. // مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
79. د. محمد الختلان: أوزبكستان على طريق الإصلاح. // الرياض: صحيفة الجزيرة، 30/5/1996.
80. د. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971.
81. د. ممدوح شوقي: الأمن القومي والعلاقات الدولية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية العدد 127/1997.
82. معلومات أساسية عن جمهورية السودان. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، صيف 2002 العدد العاشر.
83. معلومات أساسية عن جمهورية موريتانيا. // القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2002 العدد التاسع.
84. معلومات أساسية عن جمهورية إثيوبيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثامن شتاء 2001/2002.
85. معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد السادس صيف 2001.
86. معلومات أساسية عن المملكة المغربية. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، ربيع 2001 العدد الخامس.
87. معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. // القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001 العدد الرابع.
88. معلومات أساسية عن جمهورية نيجيريا الاتحادية. // القاهرة: آفاق إفريقية، العدد الثاني/صيف 2000.
89. مقدمة ابن خلدون. بيروت: دار القلم، 1978.
90. من يملك ماذا؟ 1988.
91. موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 218-219. (باللغة الروسية)
92. مويسييف ن.ن.: أونيفيرسوم. المعلوماتية. المجتمع. موسكو: 2001. (باللغة الروسية)
93. ميشيو كاكو: رؤى، كيف سيثوِّر العلم القرن الواحد والعشرون. ترجمه للعربية: عدنان عضيمة. دبي: صحيفة البيان، 1998.
94. نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. دمشق: وزارة الثقافة، 1980.
95. د. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 134/1998؛ و- المشروع القومي في مصر: دور الدولة الأساسي. // القاهرة: الأهرام، 28/4/1997؛ و- المشروع القومي بناء الداخل أولاً. // القاهرة: الأهرام، 31/3/1997؛ و- حقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. // القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان. العدد 3/ أكتوبر 1997.
96. الهيئة العامة للاستعلامات في مصر http://www.sis.gov.eg/.
97. هيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية. كوللوكيوم، ألمانيا 1996، ص 128-130. (باللغة الروسية)
98. وحدة الأبحاث: اللاعبون الكبار في مجال المال والأعمال. // الرياض: الشرق الأوسط، 12/8/2007.
99. وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. طشقند: وكالة أنباء "جهان"، 1997. (باللغة الروسية)
100. ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. دمشق: وزارة الثقافة، 1969.
101. اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
102. Argenti J., Corporate Planning, A practical Guide Edinburgh, G. Allen and Lenwin Ltd., 1968.
103. Bettran Canfield, Public Relations Principles, Cases and Problems, 5 th Ed. Honewood ILL., Richard Irwin, Inc., Illinois, 1968.
104. Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication.
105. Beeley H., The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
106. Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968.
107. Burnard Burnes; Manging Cahge. Pitman Publishing. London. 1992.
108. Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic Order, Vienna 1980.
109. Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological Perspective, New York, Random House. 1959.
110. Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971.
111. Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly - Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968.
112. Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996
113. Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989.
114. Goetz B.E., Management, Planning and control, Mc Grow-Hill Book Co., 1949.
115. Gordon E. Miracle, Client’s International Advertising Policies and Procedures, International Communication.
116. H. Beeley, The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
117. Habil Erhart Knauthe, Industrialization, Planning, financing in Developing Countries, Wdition Leipzig, German Democratic Republic, 1970.
118. Harold Sprout, Environmental Factors in the Study of International Politics, in James Rosenau, International Politics and Foreign Policy. (Free Press, New York) (1961).
119. Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28.
120. Heinz - Dietrich fischet and John C. Marrill: The International Situation of Magazines, in International Communication. Media Channels, Functions.
121. Huntington S., The Lonely Superpower. // “Foreign Affairs”, March/April 1999.
122. James N. Rosenau, New Dimensions of Security: The Interaction of Globalizing and Localizing Dynamics, Security Dialogue, 1994, Vol. 25 (3).
123. James W. Botkins, Jana B. Matthews; Winning Combinations. John Wiley & Sons, Inc. New York. 1993.
124. Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.
125. John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
126. Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960.
127. Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968.
128. Kurt London, The Making of Foreign Policy East and West, (J.B. Lippincott Company, New York, 1965).
129. Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, These de Docdorat de 3e. Cycle. Universite de Paris 2, 1975.
130. Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Petroliere. These de Doctorat de Specialite en Science de L'Information, Universite de Paris 2, 1973-1974.
131. Nizar Al-Khatib: British Airways and American Airlines Strategic. MA in Business and Management. East London Business Scholl. 1997.
132. Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Comprehension Internationale. Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 337 - 339.
133. Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996.
134. Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, Spring 1997.
135. Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Business, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989)
136. Robert Wohlstetter, Intelligence and Decision – Making, in, Readings in the Making of American Policy, edited by Andrew Scott & Raymond Dawson, (Macmillan, New York, 1965).
137. Robert p. Kright, UNESCI’S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions.
138. Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication.
139. Richard Snyder and Others, Foreign Policy Decision Making, (The Free Press of Glencos, 1963).
140. Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
141. Stevan Marganovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposiom Ljublljana 1968.
142. Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968.
143. UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985.
144. UNESCO: World Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels, Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New York, Hastings House Publishers, 1970.
145. UNESCO: The Structure of the World's Press, in International Communication Media, Channels, functions.
146. Wastson S., The International Language of Advertising, International Communication.
147. Ward H. H. Mainstreams of American Media History. Boston, 1997.
148. WorldBank, World DevelopmentIndicat-ors 2003,Table.5.12.
149. William Donovan, Intelligence. Key to Defense, Life, September 30, 1946.
150. W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965.
151. Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.


المؤلف في سطور

الأستاذ الدكتور محمد البخاري، مواليد دمشق 1948

الحياة الوظيفية: بروفيسور قسم العلاقات العامة والدعاية بكلية الصحافة بجامعة ميرزة ألوغ بيك الفومية الأوزبكية (من عام 2009)؛ أستاذ مادة التبادل الإعلامي الدولي بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون، كلية العلاقات الدولية والاقتصاد بمعهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية؛ مستشار رئيس معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية في العلاقات الدولية (من عام 1999 وحتى أيلول/سبتمبر 2004)؛ وعضو المجلس العلمي بكلية العلاقات الدولية في المعهد (حتى عام 2001)؛ وعضو هيئة تحرير المجلة العلمية "ماياك فاستوكا" التي يصدرها المعهد (من 1999 وحتى عام 2007)؛ وأستاذ مادة التبادل الإعلامي الدولي، بكلية الصحافة، قسم الصحافة الدولية، بجامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية في طشقند، ونائباً لرئيس القسم (1996/1999)، وعضو المجلس العلمي للكلية حتى 10/2000؛ أستاذ زائر بكلية الصحافة الدولية بجامعة اللغات العالمية بطشقند (من 1999 وحتى عام 2004)؛ موجه اللغات الشرقية ورئيس لجنة مناهج وطرق تدريس اللغات الشرقية بإدارة التعليم الوطني بمدينة طشقند، ومن ثم موجه اللغات الشرقية بوزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان (1993/1998)؛ خبير وعضو مجلس مناهج تدريس اللغات الشرقية بوزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان منذ عام 1993 وحتى الآن؛ كبير باحثين علميين في الشؤون السياسية والاقتصادية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (1993/1997)؛ ومستشار رئيس معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية في الشؤون العربية، ومدرس مادة لغة الإعلام العربي في كلية الآداب، وعضو هيئة تحرير مجلة "شرق مشعلي" العلمية في الجامعة (1990/1993)؛ باحث علمي بمعهد البحوث الستسيولوجية التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية/موسكو (1989/1990)؛ مراسل في مجلة كريسباندينت / طشقند (1988/1989)؛ طالب دراسات عليا في كلية الصحافة/جامعة طشقند الحكومية (1984/1988)؛ وطالب بكلية الصحافة بجامعة طشقند الحكومية (1979/1984)؛ وطالب في الكلية التحضيرية للأجانب بطشقد (9-1978/8-1979)؛ مشرف مكتب محو الأمية وتعليم الكبار، وأمين سر لجنة محو الأمية بمحافظة مدينة دمشق (1975/1978)؛ موظف إداري وعضو مجلس إدارة، بشركة دمشق للمنتجات الغذائية (1966/1975).
الدرجات والألقاب العلمية: لقب بروفيسور بترشيح من قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (2006)؛ ودرجة دكتوراه العلوم DC في العلوم السياسية من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان. عن بحث: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" الاختصاص: 23.00.03 – الثقافة السياسية والأيديولوجية؛ و23.00.04 – المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي (2005)؛ ولقب أستاذ مساعد بترشيح من قسم العلاقات الدولية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (2003)؛ ولقب أستاذ مساعد بترشيح من قسم اللغة العربية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (1993)؛ ودرجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية عن بحث: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" (1988)؛ وماجستير صحافة بدرجة امتياز من جامعة طشقند الحكومية عن بحث "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" (1984)؛ وشهادة مدرس لغة روسية في الدورات الخاصة، من جامعة طشقند الحكومية (1984)؛ ودبلوم أخصائي في التعليم الوظيفي للكبار من مركز اليونسكو بسرس الليان، مصر. (1975).
له أكثر من 40 كتاب، وكتاب مدرسي، ومقرر تعليمي جامعي منشورة منها: دولة الكويت. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: دار نشر مكتبة علي شير نوائي الوطنية، 2007. (باللغة الروسية)؛ والتبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ والتفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ ومبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)؛ وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة بصمة، 2004. (باللغة الروسية)؛ ودليل المعلم لكتابي تعليم اللغة العربية في الصفين الخامس والسادس من المدارس المتخصصة. طشقند: وزارة التعليم الوطني، مطبعة معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004. (باللغتين العربية والأوزبكية)؛ وكتاب اللغة العربية لتلاميذ الصف السادس في المدارس المتخصصة. طشقند: بيليم، 2003. (باللغتين العربية والأوزبكية)؛ وكتاب اللغة العربية لتلاميذ الصف الخامس في المدارس المتخصصة. طشقند: بيليم، 2003. (باللغتين العربية والأوزبكية)؛ وجمهورية مصر العربية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2002. ( باللغة الروسية)؛ والمملكة العربية السعودية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)؛ والعلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. طشقند 2000. (باللغة الروسية)؛ ومبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. جامعة ميرزة أولوغ بيك الحكومية، طشقند 1997. مقرر لطلاب السنة الثالثة صحافة. (باللغة العربية)؛ وكتاب اللغة العربية لتلاميذ الصف الختامي من المرحلة الابتدائية (التمهيدية). وزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان. طشقند 1994. (باللغة العربية)؛ وقواعد النطق والأداء والإملاء في اللغة العربية، لمعلمي اللغة العربية. وزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان. طشقند 1993. (باللغة العربية)؛ ومقترحات في أهداف وأساليب وطرق تعليم اللغة العربية للمعلمين. وزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان. طشقند 1993. (باللغة العربية).
وألف نحو 10 مناهج دراسية جامعية مقررة منها: منهاج تدريس مادة مقدمة في الدعاية والعلاقات العامة الدولية. تخصص: 5A320105 "علاقات عامة"؛ 5A320106 "الدعاية في وسائل الإعلام الجماهيرية"؛ لطلاب الدراسات العليا (ماجستير) كلية الصحافة جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. طشقند 2007؛ ومنهاج تدريس مادة العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. تخصص "العلاقات الدولية" لطلاب الدراسات العليا (ماجستير) معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. طشقند 2006.
وله نحو 10 كتب ودراسات مترجمة من اللغة الروسية إلى اللغة العربية منشورة منها: إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم. دار السروات، جدة 1999؛ وإبداع لا يقدر بثمن، الآثار المعمارية في أوزبكستان. آيدين، طشقند 1990.
وله أكثر من 80 دراسة ومقالة علمية باللغتين العربية والروسية والأوزبكية منشورة خلال الفترة الممتدة من عام 1980 وحتى عام 2007 في: أوزبكستان، والمملكة العربية السعودية، وسورية، ومصر، والكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة، واليمن، منها: الوفاق الوطني في التجربة الأوزبكستانية. // الرياض: صحيفة الجزيرة، السبت 14 أبريل 2007؛ والعولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 521/محرم 1428، شباط/فبراير 2007؛ والعلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 519/ ذي القعدة 1427، كانون أول/ديسمبر 2006؛ ورواد النهضة الحديثة في أوزبكستان شعارهم هوية لا تموت. // الكويت: جريدة الفنون، العدد 51 آذار/مارس 2005؛ والإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/2004 أكتوبر ونوفمبر؛ والعولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م؛ وأوزبكستان تنفتح على الاستثمارات الكويتية. // الكويت: القبس، العدد 10970، 26 ديسمبر 2003؛ والمعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003؛ وإحياء تراث أوزبكستان بين الأمس واليوم. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 318/2003 ذو الحجة/فبراير؛ والتجربة الديمقراطية في أوزبكستان على ضوء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد السادس عشر، 1422 هـ، 2002م؛ وآفاق التعاون العربي الأوزبكستاني. // الرياض: مجلة "تجارة الرياض"، العدد 482/2002 نوفمبر/تشرين الثاني؛ ووظيفة التبادل الإعلامي الدولي. // طشقند: ماياك فاستوكا،العدد 1-2/2001. (باللغة الروسية)؛ وعرب آسيا المركزية: آثار وملامح. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 445/2000 تشرين أول/أكتوبر؛ والعدد 460/2002 كانون الثاني/يناير؛ وواقع إستراتيجية السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. // أبو ظبي: الاتحاد، 7 يناير 2002؛ ووظيفة التبادل الإعلامي الدولي. // طشقند: مياك فاستوكا، العدد 1-2، 2001. (باللغة الروسية)؛ والمخطوطات العربية في جمهورية أوزبكستان. // دمشق: المعرفة، العدد 457/تشرين أول/أكتوبر 2001؛ والعولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (1-6). // أبو ظبي: الاتحاد، سبتمبر/ أكتوبر 2001؛ والعولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000؛ ونظرة في بعض مصادر الأدب الأوزبكي. // الكويت: مجلة وزارة الإعلام الكويتية (مجلة الكويت). العدد 168/1997 أكتوبر/تشرين أول؛ ومشاكل تدريس اللغات الشرقية. // طشقند: المجلة العلمية لوزارة التعليم الوطني بجمهورية أوزبكستان (تعليم اللغة والأدب). العدد 2-3/1994؛ وأهمية البحوث الميدانية في نجاح السياسات الإعلامية العربية. // صنعاء: صحيفة الثورة، العدد 9335/1990؛ والعلم والتعليم والتطبيق العملي فقرات لسلسة واحدة. // طشقند: مجلة كريسباندينت، العدد 5/1989. (باللغة الروسية)
شارك خلال العقدين الأخيرين في أكثر من 15 مؤتمر علمي، وقام بزيارات علمية منها: المؤتمر الدولي الأول لتقنيات الاتصال والتغيير الاجتماعي، الرياض: جامعة الملك سعود، 18-20/3/1530هـ 15-17/3/2009م؛ والمؤتمر العلمي الدولي الإسلام والمجتمع: وجهات نظر من أوروبا وآسيا المركزية. الذي نظمه معهد غوتة العالمي في طشقند خلال الفترة من 7 إلى 18 نيسان/أبريل 2003؛ والمؤتمر العلمي الدولي أديان العالم على طريق ثقافة السلام. الذي نظمته اليونسكو في طشقند خلال الفترة من 14 إلى 16/9/2000؛ وزار جامعة الملك سعود، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة نوقوس، وجامعة دمشق، وجامعة حلب، وجامعة صنعاء.
التكريم: جائزة وزارة التعليم العالي والمتوسط التخصصي بجمهورية أوزبكستان لأفضل مؤلف عن الكتاب الجامعي المقرر "مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي"، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (2001)؛ وشهادة تكريم من وزارة التعليم العالي الأوزبكستانية، رقم 008 تاريخ 15/9/1997 لقاء الإسهام في تنظيم وإعداد الفائزين بمسابقة طلاب كليات الصحافة في جامعات الجمهورية؛ وشارة الإخلاص في التعليم الوطني من إدارة التعليم الوطني بطشقند (1995)؛ وميدالية استقلال جمهورية أوزبكستان من المجلس الأعلى (البرلمان) بجمهورية أوزبكستان (1992)؛ وكتاب تقدير من رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى لمحو الأمية في الجمهورية العربية السورية لقاء الجهود في محو الأمية (1978)؛ وكتاب تقدير من مجلس محافظة مدينة دمشق لقاء الجهود في محو الأمية (1977).

الفهرس3 الإهداء.
5 المقدمة.
7 تمهيد: آفاق العلاقات الدولية.
8 مراحل تكوين الصحافة الدولية: التجمعات الصحفية (9)؛ الصحافة البريطانية (9)؛ الصحف الفرنسية (12)؛ الولايات المتحدة الأمريكية (14)؛ اليابان (17)؛ جمهورية الصين الشعبية (18)؛ جمهورية كوريا (19)؛ جمهورية أوزبكستان (19)؛ الهند (20)؛ المملكة العربية السعودية (21)؛ الجمهورية العربية السورية (23)؛ المملكة الأردنية الهاشمية (26)؛ دولة الكويت (26)؛ دولة الإمارات العربية المتحدة (27)؛ نيجيريا (27)؛ إثيوبيا (28)؛ جمهورية جنوب إفريقيا (28)؛ جمهورية مصر العربية (29)؛ المملكة المغربية (33)؛ موريتانيا (34)؛ السودان (34)؛ كينيا (34)؛ السنغال (35).
36 وكالات الأنباء العالمية ودورها في تحديد أطر السياسات الخارجية وتنفيذها: فرنسا (36)؛ بريطانيا (38)؛ ألمانيا (38)؛ الولايات المتحدة الأمريكية (39)؛ الاحتكار الدولي للأنباء (40)؛ روسيا (40)؛ وكالات الأنباء الوطنية (41)؛ وكالة أنباء الصين الجديدة (41)؛ اليابان (41)؛ جمهورية كوريا (42)؛ الوكالة العربية السورية للأنباء (42)؛ وكالة الأنباء السعودية (42)؛ وكالة أنباء بترا (42)؛ أوزبكستان (42)؛ إيطاليا (43)؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (43)؛ المملكة المغربية (43)؛ موريتانيا (43)؛ السودان (43)؛ تجمعات وكالات الأنباء (44)؛ الوكالات المتخصصة (44).
44 العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية.
46 سلبيات وأخطار العولمة.
48 الثورة المعلوماتية.
49 الإعلام الدولي والسياسة الخارجية.
50 وظائف الإعلام الدولي.
52 مشاكل الإعلام الدولي في الدول النامية.
53 الإعلام الدولي والصراعات الدولية.
55 مستقبل العلاقات الدولية.
58 الدول العربية والساحة الإعلامية الدولية.
59 وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري كأدوات للنظم السياسية.
66 آفاق التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية.
70 التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية.
71 التبادل الإعلامي والتفاهم الدولي.
72 اللغات القومية والتفاهم الدولي.
73 المعيقات السياسية لعملية التبادل الإعلامي الدولي.
74 المعيقات الاقتصادية لعملية التبادل الإعلامي الدولي.
76 خصائص التبادل الإعلامي الدولي.
77 الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي.
77 تأثير التبادل الإعلامي الدولي على عملية اتخاذ القرارات.
79 فاعلية التبادل الإعلامي الدولي.
84 العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي.
86 العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي.
91 الإعلان كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي.
92 العولمة والتبادل الإعلامي الدولي.
95 التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية.
96 المستشارون والملحقون الإعلاميون.
98 التبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القومي.
105 التخطيط الإعلامي من شروط نجاح الحملات الإعلامية.
109 الخاتمة.
112 مراجع الكتاب.
120 المؤلف في سطور.

Автор:

Мухаммад аль-Бухари, доктор политических наук (23.00.03 – Политическая культура и идеология; и 23.00.04 – Политические проблемы международных систем и глобального развития), и DOCTOR OF PHILOSOPHY (ph. D) in philology. (Журналистика – 10.01.10). и.о. профессор, факультета журналистики Национального университета Узбекистана им. Мирзо Улугбека.
Рецензент:
Ёвкачов Ш.: арабист, кандидат политических наук, заведующий кафедры «Политология» факультета «Политология» ТашГИВ.
Рекомендовано к печати кафедрой “Международные отношения, политология и право” ТашГИВ, протокол №: (7) от 10.01.2008г.

МУХАММАД аль-БУХАРИ
СОВРЕМЕНЫЕ МЕЖДУНАРОДНЫЕ ОТНОШЕНИЯ И МЕЖДУНАРОДНЫЙ ОБМЕН ИНФОРМАЦИИ
Ташкент-2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق