الأربعاء، 3 مارس 2010

العولمة وقضايا الأمن الإعلامي الوطني في إطار التبادل الإعلامي الدولي


أ‌.       د. محمد البخاري


العولمة وقضايا الأمن الإعلامي الوطني في إطار التبادل الإعلامي الدولي


طشقند - 2009


يضم هذا الكتاب خمسة فصول تناولت مواضيع: التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي؛ والعولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي؛ والمصطلح والحروب المعلوماتية، ومجالات تأثير الصراعات المعلوماتية الدولية؛ والتبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية والشعبية؛ والعلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية)، كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ وقائمة بالمراجع والمصادر المستخدمة، ويهم الصحفيين والمتخصصين وطلاب الإعلام والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والمهتمين بقضايا العولمة والأمن الإعلامي والتبادل الإعلامي والعلاقات الدولية المعاصرة.

تأليف:

أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة، دكتوراه فلسفة في الأدب PhD، بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة بجامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.

تمهيد:

مع تطور وسائل الاتصال وتقنياتها الحديثة في العصر الحديث ازدادت أهمية الاتصال بشكل كبير. وأصبحت المعلومات تحيط بنا في كل مكان ومن كل اتجاه كطبقة تحيط بالكرة الأرضية كالغشاء الهوائي الذي يوفر لنا الحياة، طبقة تعود الإنسان عليها حتى كاد ينساها أو يجهل وجودها، عدا قلة من الناس الذين يتعاملون مع هذه الطبقة المعلوماتية ويدركون مدى فاعليتها وتأثيرها.

وقد أطلق الباحث في علم الاتصال بيير تايلهارد على هذه الطبقة المعلوماتية التي تحيط بالكرة الأرضية اسم "نوسفير"[1] ويستفيد الإنسان المعاصر من هذه الطبقة متلقياً سيلاَ من المعلومات تتضمن حقائق وآراء مختلفة يستخدمها في مواقف اتصالية يدخل فيها مع آخرين كمتحدث أو مستمع، ولكنه لا يؤثر في عملية الاتصال كغيره من الفئات الاجتماعية الأكثر تأثيراً في عملية الاتصال كالمفكرين والصحفيين والكتاب والسياسيين ورجال الدين والأساتذة والمعلنين الذين يعطون من خلال وسائل الاتصال أفكاراً ومعلومات في المواقف الاتصالية أكثر مما يأخذون من معلومات، بحكم أدوارهم الاجتماعية التي تسمح لهم بالتأثير والتحكم بتفكير غيرهم من الناس.

وأصبح الاتصال اليوم حقيقة طاغية في حياتنا اليومية المعاصرة، وأصبح الناس أداة فاعلة في عملية الاتصال المستمرة على مدار اليوم مرسلين ومستقبلين على حد سواء بفضل تقنيات المعلوماتية والاتصال الحديثة التي حولت العالم بأسره إلى قرية الأمس في عمليات الاتصال المباشرة والمعقدة، والتي لم تعد تعترف لا بالحدود الجغرافية ولا بالحدود السياسية للدول المختلفة في العالم.

وفرض تطور التقنيات الحديثة للمعلوماتية والاتصال على الإنسان المعاصر تعلم مهارات جديدة لم يكن بحاجة لتعلمها قبل عدة عقود فقط، وأصبحت ضرورية له لمواكبة العصر واستخدام وسائل المعلوماتية والاتصال الحديثة المعقدة حتى في اتصالاته الشخصية عبر وسائل الاتصال الشخصية المحمولة وشبكات الحاسبات الإلكترونية (الكمبيوتر) التي جعلت من الاتصال عملية سريعة وفورية وسهلة باتجاهين. ومع تزايد أهمية الاتصال في حياتنا اليومية المعاصرة، ازدادت أهمية أبحاث المعلوماتية والاتصال.

ويميل بعض علماء الاجتماع إلى التفريق بين الأبحاث الصحفية، والأبحاث الإعلامية. رغم امتداد الدراسات التي استهدفت الصحافة خلال القرن العشرين إلى سائر مجالات الإعلام وقنواته انطلاقاً من مفهوم وحدة المجالات الإعلامية رغم تشعبها. ورغم اهتمام بعض المعاهد الصحفية في العالم بدراسة مجال واحد من المجالات الإعلامية، كدراسة الإذاعتين المسموعة والمرئية، أو الصحافة المطبوعة، أو الاتصال الشخصي كل على حدى. إلا أننا نعتبر أن مثل تلك الدراسات الناقصة لا تلبي حاجة البحث العلمي في مجال الإعلام والمعلوماتية والاتصال بشكله الملائم والمطلوب منذ بداية القرن الواحد العشرين، وهو زمن تشعب قنوات الاتصال وتداخلها من خلال شبكات المعلوماتية والاتصال الحديثة التي كانت سمة الحقبة الأخيرة من القرن العشرين.

فالأسلوب العلمي الصحيح اليوم يربط بين أساليب المعلوماتية والاتصال وتقنياته الحديثة كوحدة واحدة تتلاقى فيها قنوات الإعلام أصولاً وفروعاً. رغم التقسيم الذي سار عليه بعض الباحثين حينما فرقوا بين الأبحاث الصحفية، التي حاولوا حصرها بدراسة وسائل الإعلام والاتصال أو بمضمون الرسائل الإعلامية فقط، بينما حاول البعض الآخر حصر الأبحاث الصحفية بعملية الاتصال فقط. لأنه من الصعب جداً دراسة وسائل الإعلام الجماهيرية دون الاهتمام بعمليات المعلوماتية والاتصال والمواقف الاتصالية التي يتم من خلالها توجيه وتبادل المعلومات. فأي بحث يتناول الاتصال يجب أن يهتم بالجانبين معاً. فنحن لا نستطيع فهم ما تنشره وما تنقله أو تذيعه أو تبثه وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، دون أن ندرك عملية الاتصال، وكيف يؤثر مضمون وسائل الإعلام الجماهيرية على الأفراد والجماعات المختلفة.

وحينما نحاول أن نعرِّف المادة الإعلامية، نجد صعوبة بالغة في وضع حدود واضحة تحدد الأبحاث الإعلامية وتميزها عن غيرها من أبحاث العلوم الإنسانية. فأهداف واهتمامات أبحاث الاتصال واسعة جداً، لأنها لا تدرس وسائل الاتصال فقط، بل تتعداها لدراسة عمليات الاتصال. وهذا يحتم علينا الاهتمام بعلوم إنسانية أخرى منها التربية، وعلم النفس الفردي، وعلم النفس الاجتماعي، والاقتصاد، والأنثروبولوجيا، والقانون، والستسيولوجيا، والسياسة، والتاريخ... الخ،[2] فالإعلام يشارك العلوم الإنسانية مسؤولية الكشف عن مختلف أوجه المشاكل التي تتضمنها عملية الاتصال في مختلف مراحلها.

ولقد أدرك علماء الاتصال منذ أواسط القرن العشرين، حقيقة أنه لا يمكن فهم الاتصال عن طريق وسائل المعلوماتية والاتصال والإعلام الجماهيرية دون فهم عملية الاتصال المباشر بين شخص وآخر، وعملية الاتصال داخل الجماعة الصغيرة. فبدون إدراك وفهم عملية الاتصال الفردي، والاتصال داخل الجماعة الصغيرة، لا يمكن فهم عملية الاتصال عن طريق مؤسسات ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، ولا نستطيع كذلك تقدير تأثير تلك المؤسسات والوسائل.

ومن المسلم به أن فهم ودراسة وسائل المعلوماتية والاتصال الجماهيرية هي من مسؤولية علماء الإعلام أساساً، ولكننا لا نستطيع أن ننكر اشتراك علماء العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه المسؤولية بشكل أو بآخر. ولكن المسؤولية تبقى أساساً على عاتق علماء الإعلام والاتصال المسؤولين عن دراسة عمليات الاتصال الجماهيري، والتعرف على نظم مؤسسات الاتصال والإعلام، وأساليب السيطرة الاجتماعية عليها، ومركز تلك المؤسسات في التنظيم الاجتماعي بشكل عام، ووظيفة تلك المؤسسات وجمهورها ومسؤوليتها، وطريقة اضطلاعها بتلك المسؤوليات، ودراسة طبيعة تأثير تلك المؤسسات. واكتشاف السبل لتحقيق فاعلية الإعلام والاتصال، واختيار أنجع الوسائل، والتعرف على طبيعة كل وسيلة منها. وطبيعة الجمهور المتلقي، ومشاكل نقل المعاني والرموز عبر وسائل الاتصال المختلفة.[3]

ويمر التطور التاريخي لأي علم من العلوم الحديثة، بمراحل تطور متشابهة تبدأ بالمرحلة الفلسفية، حيث ينصب الاهتمام فيها على تحديد المسارات الأساسية، وتكوين مفاهيم كلية وافتراضات أساسية، وتحديد طرق وأساليب للبحث العلمي، ويعاد النظر فيها بشكل يمكن بواسطتها جمع المعلومات والحقائق عن العلم المقصود.[4] وتنتهي هذه المرحلة عند التوصل إلى اتفاق عام على بعض المبادئ والافتراضات الأساسية وبعض طرق وأساليب البحث العلمي.

وينتقل الاهتمام في المرحلة الثانية إلى تطبيق أساليب جديدة للبحث، مهمتها قياس صحة الافتراضات التي تم الاتفاق عليها في المرحلة الأولى الفلسفية، يرافقها تجميع حقائق مفصلة عن تلك الافتراضات. وتنتهي المراحل التجريبية بجمع جملة من الحقائق تستخدم في بناء نظرية علمية محددة، وهي المرحلة الثالثة التي تتابع فيها الأبحاث والتجارب التي تؤدي إلى تطور البحث العلمي والوصول إلى نتائج جديدة ومقترحات تؤدي للوصول إلى نظريات علمية جديدة.

وقد بدأت الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عشرينات القرن العشرين، وركزت الأبحاث الأولى على دراسات وصفية لتاريخ الصحافة، والشخصيات الصحفية التي قامت بإصدار وتحرير صحف كل مرحلة من المراحل المدروسة. وركزت على مفاهيم فلسفية معينة كحرية الصحافة وحق الأفراد في نشر آرائهم بدون تدخل السلطات، ودور الصحافة في المجتمع إلى آخره من الاهتمامات العلمية.

وظهرت في المرحلة التالية دراسات اعتمدت على الأبحاث التجريبية والميدانية الكمية. خرجت بدراسات موضوعية بعيدة عن تحيز الباحث، معتمدة على حقائق علمية ثابتة، مستخدمة أساليب القياس والتجربة للوصول إلى نتائج علمية مقنعة. توصل العلماء بفضلها إلى تكوين نظرية علمية تطورت خلال خمسينات وستينات القرن العشرين. وتوسع البحث العلمي في مجال الاتصال ليشمل دراسات الإعلام الدولي وطبيعة الإعلام في الدول الأخرى وخاصة تلك التي تختلف مع الولايات المتحدة الأمريكية إيديولوجياً، أو التي تدخل ضمن مجال اهتمامات سياستها الخارجية والمصالح الأمريكية في العالم عامة.

ورافق هذا التطور في الأبحاث العلمية بمجال الإعلام اهتمام علماء السياسة والاقتصاد والمجتمع وعلم النفس والأنثروبولوجيا بعلوم الاتصال، وهم الذين ساهموا في تطوير وبناء نظريات ومفاهيم أساسية لعلم الاتصال.[5] مما أعطى الدراسات الإعلامية طابعاً متميزاً ساهم في اتساعها وإثرائها خلال النصف الثاني من القرن العشرين خاصة بعد أن وظفت بعض اتجاهاتها لأغراض المعلوماتية العسكرية، وبقيت تلك الأبحاث حكراً على الدول المتقدمة فقط.

وفي تلك الفترة ذاتها تنبأ الكاتب الألماني شارل بروتس بأنه "سيأتي عصر للأمم الصغيرة المستقلة، يكون أول خط دفاعي لها هو خط المعرفة".[6] وهي المقولة التي اقتنع بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي قام في عام 1953 عندما كان رئيساً للوزارة في عهد الرئيس محمد نجيب، بتأسيس وحدة للشؤون العربية لجمع المعلومات عن العالم العربي كله ! ؟ وكان ذلك في وقت اشتد فيه الصراع بين الشرق الأحمر بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق، والغرب الديمقراطي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وكان ذلك في وقت لم تزل ترزح فيه أجزاء كبيرة من العالمين العربي والإسلامي للاستعمار البريطاني والفرنسي والإسباني والإيطالي والبرتغالي والروسي .. وغيره، وتخوض فيه الأمة العربية حرباً شرسة غير متكافئة مع عدو شرس اغتصب الأرض والحقوق والمقدسات في فلسطين المحتلة، معتمداً على الشرعية الدولية في تبرير عدوانه أمام الرأي العام العالمي من خلال إدراكه لأهمية الرأي العام في عملية اتخاذ القرارات الهامة، وبراعته في توجيه الخطاب الإعلامي إليه. وفي هذا دليل واضح يشير إلى نموذج من نماذج تعامل واحدة من الأقطار العربية والإسلامية المستقلة مع مشكلة المعرفة والإعلام (المعلوماتية) آنذاك، وتنبهها لأهمية المعرفة ودور الإعلام في الدفاع عن الذات الوطنية والسيادة والاستقلال.

ومعروف أن الإعلام هو قناة لنقل ونشر المعرفة (المعلومات)، وهو ما دفع ويدفع بعض الأقلام أحياناً لتتبارى في الإشارة إلى ضعف قناة المعرفة (المعلومات) تلك وضعف وتشتت الخطاب الإعلامي العربي والإسلامي الموجه للرأي العام العالمي، وبعده عن العلمية واستخدام نتائج الأبحاث الإعلامية الأجنبية من ضمن تقنيات الخطاب الإعلامي واختيار القناة الإعلامية المناسبة للتأثير على الرأي العام المحلي والعالمي، رغم الإشارة إلى تفوق الإعلام المضاد دون ذكر الأسباب الجوهرية لذلك التفوق، أو محاولة تقديم حلول مقترحة واقعية قابلة للتحقيق في الواقع الراهن للعالمين العربي والإسلامي كجزء من الدول النامية، تخرج الإعلام العربي والإسلامي من مأزقه، وخاصة بعد المنعطف الخطير الذي حدث إثر أحداث 11 أيلول/سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية وتداعياته المستمرة حتى الآن.

واليوم وبعد أن طورت الدول المتقدمة في العالم أحادي القطبية وأدخلت أسلوباً جديداً في العلاقات الدولية أطلقت عليه اسم "العولمة" قارعت به بعضها بعضاً وطرقت أبواب الدول الأقل تطوراً والدول النامية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ومنظومته الاشتراكية، لتضع أمام تلك الدول، والدول المستقلة حديثاً تحديات مصيرية تنال ليس السياسة والاقتصاد والمقدرات والمعتقدات وحسب، بل وتهدد شخصية وثقافات وسيادة واستقلال تلك الدول. اثر توسع الهوة المعرفية بين العالمين المتقدم والأقل تطوراً والنامي، رغم بساطة وتعقد قنوات المعرفة المتاحة اليوم في آن معاً، إثر الانفجار المعرفي والإعلامي الذي تسبب به التطور الهائل لوسائل الاتصال الجماهيرية وتنوع قنواتها. وتقف في طليعة تلك الوسائل المتطورة شبكات المعلومات العالمية التي وظفت لخدمتها ليس شبكات الاتصال الأرضية وحسب، بل وشبكات الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية، والمحطات الفضائية التي أصبحت مألوفة للإنسان منذ أواسط النصف الثاني من القرن المنصرم.

مما طرح تحديات جديدة سببتها "العولمة المعلوماتية" تهدد باكتساح كل شيء، حاملة معها أنواعاً جديدة من الأسلحة أصبحت معروفة بوضوح باسم "الأسلحة المعلوماتية"، وأصبحت تستخدم في الحروب والصراعات، لتأخذ حيزاً هاماً من تفكير بعض الدول في العالم المتقدم والأقل نمواً وحتى العالم النامي على حد سواء، وأنشأت له المؤسسات المتخصصة. ودفعت المشكلة ببعض الدول للعمل الجاد من أجل تحقيق أمن إعلامي وطني، وللمطالبة بتحقيق أمن إعلامي دولي يصون الحقوق، ويحمي المقدسات من التطاول والاعتداء والتحريف والتخريب.

ولهذا تناولت ضمن هذه الدراسة قضايا الأمن الوطني في إطار العولمة والتبادل الإعلامي الدولي لسد شيء من حاجة طلاب كليات الصحافة، والصحافة الدولية، والعلاقات الدولية، والعلوم السياسية، والتاريخ، للمراجع في هذا المجال.

واستعرضت في الفصل الأول: التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي. وفي الفصل الثاني: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. وفي الفصل الثالث: المصطلح والحرب المعلوماتية، ومجالات تأثير الصراع الإعلامي الدولي، والتهديدات المتوقعة للأمن الإعلامي الوطني؛ والخصائص الأساسية للأسلحة المعلوماتية وأهدافها، وسيناريوهات الحرب المعلوماتية. وفي الفصل الرابع: التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية. وفي الفصل الخامس: العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية)، كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي، والإعلان كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي، والتخطيط للحملات الإعلامية الدولية.

أملا أن يكون هذا الجهد العلمي المتواضع قد خدمة تمد الباحثين وطلاب الصحافة والعلاقات الدولية والعلوم السياسية والاجتماعية بالمعلومات عن بعض أوجه الأمن الوطني في ظل العولمة والتبادل الإعلامي الدولي للاستفادة منها في دراستهم وبحثهم في قضايا المعلوماتية والاتصال الدولي. المؤلف أ.د. محمد البخاري

الفصل الأول

التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي

تنحصر وظائف الدولة عامة في ثلاث وظائف رئيسية، هي: حماية الاستقلال؛ وتأكيد سيادة الدولة؛ وحفظ الأمن الداخلي، بمفهومه الواسع. بما يتضمنه من وجود سلطات شرعية، تعمل على تحقيق الحياة الأفضل، أو تحقيق الرفاهية، وإشباع رغبات الأفراد في كافة مجالات دولة الرفاه.

وتسعى الدولة لتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الخطط تتعلق كل منها بتحقيق واحدة من تلك الأهداف، وتحاول أيضاً إحداث التوازن والتكامل بين تلك الأهداف من خلال إستراتيجية واحدة تضعها في محاولة لأن يكون هناك تناسق بين تلك الأهداف وبين متطلبات تحقيقها على المستويين الداخلي والخارجي. وهذه السياسة الواحدة تسمى سياسة الأمن القومي التي تهدف بشكل عام دعم قوة الدولة في مواجهة غيرها من القوى والدول بما يمكنها من المحافظة على كيانها القومي ووحدة أراضيها.

ولا تختلف الدول مهما تباعدت مصالحها في فهم وتطبيق الوظيفتين الأولى والثانية، ولكن عندما نأتي إلى الوظيفة الثالثة، أي تحقيق الحياة الأفضل لمواطنيها، تظهر لنا الخلافات الناتجة عن تباين الأنظمة والمصالح. وكان الخلاف أكثر وضوحاً بين الدول التي تأخذ بالأفكار الرأسمالية، وتلك التي كانت تأخذ بالأفكار الاشتراكية أو الشيوعية، قبل انهيار المنظومة الاشتراكية، والاتحاد السوفييتي السابق.

وتحاول الدولة من خلال سياسة الأمن القومي، الدفاع عن كيانها اعتماداً على قدراتها الذاتية في مواجهة ما قد يتهددها من أخطار، فتخصص من الموارد والإمكانيات ما يتناسب مع حجم وطبيعة هذه الأخطار، واضعة نصب أعينها، عجز الأمم المتحدة عن القيام بمسؤولياتها كاملة، وتأثير الدول الكبرى على كل تحرك تقوم به الأمم المتحدة.

ولذلك تحاول الدولة أن تقدر بطريقة موضوعية المخاطر التي تواجهها في الداخل، أو من الخارج، آخذة بعين الاعتبار ما لديها من مقدرات عسكرية، واقتصادية، وسياسية، وكيف يمكن استخدام هذه المقدرات استخداماً سليماً حينما يتطلب الأمر استخدامها. وبعبارة أخرى كيف توازن بين مواردها والغايات التي ترجوها.

مجالات سياسة الأمن القومي: وسياسة الأمن القومي تتضمن كافة الإجراءات التي تراها الدولة كفيلة بحماية كيانها، وتحقيق أمنها في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وعادة تتولى هيئات متخصصة داخل الدول وضع تلك السياسات التي تشمل عادة ثلاثة مجالات رئيسية، وهي:

المجالات السياسية: وتنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، هي:

مجالات السياسة الخارجية: إذ أدى تشابك المصالح بين الدول بفعل التقدم العلمي والتقني في مجال النقل والاتصالات إلى إلغاء الحدود والمسافات بين الدول. وأصبح لكل دولة مجموعة من العلاقات المختلفة مع العديد من الدول بمختلف اتجاهاتها الإيديولوجية. وقد تتراوح السياسة الخارجية للدولة مع غيرها من الدول بين التعاون الكامل الذي يصل أحياناً إلى الوحدة أو الاتحاد بمختلف أشكاله، وبين الصراع واستخدام القوة المسلحة، أو اللجوء إلى الحرب الباردة، ومحاولة فرض السيطرة والنفوذ.

مجالات السياسة الداخلية: وهي كل ما يتعلق بسياسة الدولة الداخلية كنظام الحكم، كما تحدده دساتيرها وقوانينها وتشريعاتها المختلفة. ويدخل في ذلك الإطار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على توفير الأمن والنظام داخل الدولة.

مجالات النشاطات الدبلوماسية: إذ تتصل الدولة بغيرها من الدول بالطرق الدبلوماسية، وتعمل على تدعيم أجهزة هذا الاتصال ووسائله، حتى تتجنب الصدام المباشر مع الدول الأخرى عن طريق اللجوء إلى المفاوضات وإلى الإقناع، أو إبرام الاتفاقيات والدخول في تحالفات. كما تعمل على الاستفادة من نظام الأمن الجماعي، في إطار الأمم المتحدة، لتحقيق أهدافها. وتهدف سياسة الأمن القومي في هذه الحالة تأكيد مكانة الدولة في المجتمع الدولي، ومحاولة التأثير وممارسة النفوذ على غيرها من الدول المجاورة والبعيدة.

المجالات الاقتصادية: ويعد الجانب الاقتصادي لسياسة الأمن القومي من الأهمية بمكان، لارتباطه أساساً بتوفير الاحتياجات الاقتصادية للدولة أو بقدراتها تجاه الدول الأخرى. كما وتحس الدول باحتياجاتها الاقتصادية من الدول الأخرى، وتشعر بأهمية ما تملكه من إمكانيات اقتصادية تستطيع استخدامها كورقة رابحة لتحقيق أمنها. وقد تتمثل هذه الإمكانيات فيما تملكه الدولة من رؤوس أموال، أو خبرة، أو منتجات مصنعة، أو مواد أولية، أو أسواق لامتصاص التجارة ورؤوس الأموال. ولهذا تسعى الدولة لزيادة قدرتها الصناعية، وتعمل على توفير المواد الخام أو المواد الغذائية اللازمة، ورفع كفاءة العاملين في المجالات الصناعية، بالإضافة إلى دعم قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها المالية دون المساس باحتياجات الدولة الأساسية. ويشمل الجانب الاقتصادي في هذا النطاق مجالاً واسعاً يتجاوز إمكانيات الدولة الفعلية ومجموع نشاط الأفراد، ليشمل العلاقات الداخلية والخارجية، بما في ذلك تطوير إمكانيات التطور العلمي لوسائل الإنتاج وغيرها. وذلك عن طريق استغلال العوامل الاقتصادية لمباشرة النفوذ في ميدان العلاقات الدولية، من خلال أساليب معينة وفقاً لما تمليه عليه سياستها الخارجية. ونتيجة لأهمية تأثير الجانب الاقتصادي على سياسة الأمن القومي، فقد أصبح للمعلومات الاقتصادية أهمية قصوى جعلها تماثل أهمية المعلومات العسكرية والدبلوماسية، فهي تشمل كل ما يتعلق بمصالح الدولة الاقتصادية من مختلف جوانبها، سواء المتعلقة بمصالحها الذاتية أو بمصالحها مع مختلف دول العالم، أياً كانت درجة علاقاتها بها. لذلك فإن المجال الاقتصادي يمثل جانباً هاماً لما له من تأثير على الأمن القومي للدولة.

المجالات العسكرية: ويهدف الجانب العسكري لسياسة الأمن القومي حماية استقلال الدولة، وسلامة أراضيها ضد أي عدوان خارجي قد تتعرض له من الخارج، لذلك فهي تعمل على تدريب قواتها العسكرية، وتسليحها بالأسلحة الحديثة، والاهتمام بخطط الدفاع سواء في أوقات النزاع المسلح، أو في أوقات السلم، وتقوم بإعداد الخطط الدفاعية، والدراسات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة أو المتوقعة، كما تقوم الدولة في ذات الوقت بالارتباط بمجموعة من مواثيق الدفاع القادرة على ردع أي عدوان من أي نوع قد تتعرض له من الخارج. وعادة ما يكون الجانب العسكري في سياسة الأمن القومي للدول الصغرى مقتصراً على دعم قدرة الدولة دفاعاً عن النفس، في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له من عدوان. أما الدول ذات السياسات التوسعية فتستغل قدراتها العسكرية لتهديد الدول الأخرى أو العدوان عليها. لذلك تسعى تلك الدول إلى زيادة نفوذها من خلال مجموعة من مواثيق الدفاع أو التحالفات العسكرية مع غيرها من الدول التي يكون الهدف المعلن عنها عادة الدفاع عن النفس.

وتجدر الإشارة إلى أن أثر القدرة العسكرية للدولة لا يقتصر على المسائل المرتبطة بالدفاع عن الدولة فحسب، فمن الواضح أنه لا يمكن إنكار أهمية ما تملكه الدولة من قوة عسكرية حتى في مجال المفاوضات السياسية، حيث تكون الدولة ذات القوة العسكرية في مركز القوة في مواجهة الدولة الأضعف تسليحاً. ولتحقيق الأمن القومي الحقيقي لابد من إيجاد توازن بين المصادر المتاحة، والأهداف المطلوب تحقيقها، وبمعنى آخر تقدير الموارد الاقتصادية والمالية المتاحة للدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار القدر اللازم من الموارد لدعم قدرات الدولة العسكرية، والحد الأدنى الواجب الحفاظ عليه من أجل مواطني الدولة، ومدى قدرة البناء الاقتصادي للدولة على تحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن تحقيق سياستيها الداخلية والخارجية. إضافة للعوامل الأخرى التي تشكل بمجملها سياسة الأمن القومي الداخلية والخارجية، وأسلوب تنفيذها. والذي ينبع أساساً من التصرفات البشرية والرغبات الجماعية والفردية التي تمارس على نطاق الدولة، مستمدة من خصائص مواطني تلك الدولة ومدى ثقافتهم، وشكل الحكومة التي تدير شؤونهم، والأحوال الاقتصادية والاجتماعية السائدة بين أفراد المجتمع، والزعامات الموجودة فيه في وقت معين، وكذلك النظريات والأفكار التي يتبناها الرأي العام داخل الدول. وبعبارة أخرى، القوة البشرية التي تمتلكها الدولة ومدى ما يمكن أن تقدمه هذه القوة من تضحيات من أجل سلامة الدولة، والتنظيم الاجتماعي السائد الذي ينظم الأوضاع الداخلية، ومصادر الثروة التي تمتلكها الجماعة، ومدى قوتها العسكرية وقدرتها على استخدامها، وكلها عوامل هامة وأساسية لنجاح سياسة الأمن القومي، وتحتاج قبل كل شيء للمعلومات.

أجهزة جمع المعلومات: إذ لا يكفي أن تتمتع الدولة بنظام داخلي يحفظ لها تيسير علاقاتها الخارجية، بل يجب حتى تمارس الدولة علاقاتها بنجاح، أن يكون لديها الإمكانيات التي تيسر لها العلم بما يدور حولها في أرجاء العالم المختلفة، والقدرة على تحليل المواقف والأشخاص، والزعامات القادرة على حسن التوجيه حتى تصل إلى تحقيق أهدافها القومية. والمعلومات في حد ذاتها ليس لها أهمية للدولة، ما لم تحسن استغلالها، ولذلك يتطلب الأمر وجود ثلاث أنواع من الأجهزة:

الأول ويناط به جمع المعلومات وتوخي الدقة الكاملة قدر المستطاع؛

والثاني ويتولى تفسير المعلومات، وعادة ما تقوم به أجهزة فنية متخصصة تعمل على تحليل المعلومات وتصنيفها حسب أهميتها ودلالاتها؛

والثالث ويقوم بمراجعة هذه التحليلات واتخاذ القرارات النهائية بشأن المشاكل التي تواجهها الدولة.

الحصانة الدبلوماسية من وجهة نظر سلامة الدولة المضيفة، والحصول على المعلومات: وقد أصبح من المتعارف عليه قيام الدول بجمع المعلومات اللازمة لها في مختلف المجالات، على الرغم من عدم وجود سند قانوني يبيح لها هذا العمل، ولم يأت القانون الدولي التقليدي صراحة بالتزامات، ولم ينص على منح الدول حقوقاً في مجال الحصول على المعلومات، أو تقديمها لغيرها من الدول، إلا إذا اعتبرنا حق الدولة في إرسال البعثات الدبلوماسية والتزامها باستقبالها، هو الأساس في تحقيق هذا الحق على ضوء ما هو معروف من أساليب المراقبة بهدف الحصول على المعلومات في نطاق القيود التي يفرضها القانون الدولي.

والممارسة الفعلية لهذا الحق، هو أحد الوظائف الرئيسية للبعثات الدبلوماسية. ونتيجة لذلك يثير العمل الذي تقوم به البعثات الدبلوماسية كثيراً من الخلافات، خاصة وأن التفرقة بين العمل الدبلوماسي البحت، والعمل الدبلوماسي الذي يقوم أساساً، أو ينطوي على جمع للمعلومات، هو من الأمور الدقيقة التي يصعب وضع حدود بينها. ومن الأمثلة على هذا الخلاف أيام الحرب الباردة بين الشرق والغرب في النصف الثاني من القرن العشرين، ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من انقسام في الرأي حول نشاط أجهزة الأمن السوفييتية التي كانت تعمل داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، فالمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية شكوا دائماً من الإجراءات الشديدة التي اتخذتها وزارة العدل ضدهم، والتي لا تتفق مع "القواعد العرفية غير المكتوبة" بين الدولتين في مجال الأمن، خاصة إذا تعلق الأمر بأولئك الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.

ومن الأمثلة على ذلك بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي أيضاً ما أعلن في أيار/مايو 1996 عن قيام مجموعة من الدبلوماسيين البريطانيين العاملين في موسكو بالتجسس ، وقيامهم بالتحقق في شراء عملاء للجيش الجمهورية الأيرلندي IRA أسلحة ومواد نووية من عصابات المافيا الروسية، وهو ما دعى روسيا إلى طرد أربعة دبلوماسيين بريطانيين من روسيا بتهمة التجسس، وهو ما ردده جهاز المخابرات البريطانية M16 وقيام بريطانيا باتخاذ إجراء مماثل.[7]

ومن ثم كان من أوجه النقد الجدية التي توجه إلى الحصانات الدبلوماسية أنها قد تكون غطاء للعمل غير الدبلوماسي. فالحصانات الدبلوماسية تتطلب المواءمة بين اعتبارين:

الأول: سلامة الدولة المستقبلة.

والثاني: دواعي الأمن التي يتطلبها العمل الدبلوماسي من حصانات دبلوماسية، للبعثات الدبلوماسية أو العاملين فيها. كتسهيلات المواصلات، والإعفاء من الرقابة على البريد والبرقيات والمكالمات الهاتفية وحرية التنقل ... الخ.

وتحديد ما يعتبر من المعلومات التي تدخل في إطار السرية، وتلك التي لا تدخل في هذا الإطار، وهي مسألة معقدة، والحد الفاصل بين النوعين يكاد يكون متداخلاً. وتتزايد هذه المشكلة تعقيداً في عالم اليوم الذي يشهد ثورة معلوماتية، أصبح الحصول على المعلومات فيها أمراً هيناً بفعل التقدم العلمي المستمر في مجال تجميع ونقل المعلومات التي يسري عليها هذا القيد، فتدخل في إطار الأسرار التي تهدد أمن الدولة، وتلك التي تخرج عن دائرة السرية. ويثير قيام الدولة بجمع المعلومات اللازمة لها عن غيرها من الدول قضية هامة، هي أن المعلومات التي قد تحصل عليها دولة، من دولة أخرى تؤثر على أمنها القومي، خاصة إذا تعلق الأمر بمعلومات تراها الدولة المعنية مرتبطة بأمنها وسلامتها، ومن ثم فإنه من الضروري التفرقة بين المعلومات التي يترتب على الحصول عليها مساس بأمن الدولة وسلامتها وتلك التي لا ينطبق عليها هذا الوصف.

ونظراً لأهمية المعلومات المتعلقة بأمن الدولة وسلامتها، جرت العادة على استبعاد مجموعة منها من نطاق المعاملات المباشرة، سواء في داخل الدولة أو خارجها، وتفرض عليها نطاقاً من السرية والكتمان، معتبرة أن محاولة الحصول عليها، أو الحصول عليها يدخل في دائرة التجريم وفقاً لتشريعاتها الجزائية. وتتعدد هذه المعلومات بتعدد المصالح المرتبطة بها، وهي تنحصر عادة في الأسرار السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، التي هي بالنظر إلى طبيعتها يجب أن تبقى في طي الكتمان حرصاً على سلامة الدولة، أو التي يقتصر العلم بها على أشخاص محدودين بذواتهم، أو التي يترتب على كشفها تقييم المقدرة الدفاعية للدولة في جوانبها السلبية والإيجابية. وتختلف الدول فيما بينها من حيث طبيعة هذه المعلومات أو الصفة التي تلحق بها، نظراً لارتباط هذا الموضوع بموضوعات أخرى كالحريات العامة، داخل الدولة نفسها، أمام مشكلة تحقيق التوازن بين مقتضيات أمنها، وبين ما ينشده الفرد من حماية لحقوقه وحرياته، فمن الأهمية بمكان إحداث التوازن والتوافق بين حق الدولة في الأمن وحقوق الأفراد في المعرفة، دون أن يطغى أحدهما على الآخر.

وذهبت تشريعات بعض الدول إلى تحديد طبيعة المعلومات التي تدخل في دائرة السرية. فقد تكون هذه المعلومات متعلقة بحماية إقليم الدولة وتأمينها كما في بلجيكا ولوكسمبورغ، وقد تكون معلومات تتعلق بحقوق الدولة تجاه الدول الأخرى كما في أيسلندا، أو الأمور التي يفترض أنها تهم أمن الدولة كما في هولندا، أو تلك التي تتعلق بمصالح الدفاع القومي، أو المتعلقة بالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية كما في سويسرا، وفرنسا. ولا تتناول تشريعات دول أخرى كبلجيكا، ولوكسمبورغ، وهولندا، وسويسرا، ويوغوسلافيا، وضع تعريف محدد للأسرار المتعلقة بأمنها والدفاع عنها باعتبارها فكرة واسعة تختلف وتتنوع إلى صور كثيرة، مما لا يجوز معه تقييدها بتعريف ضيق محدد. ويؤدي هذا الاتجاه إلى تخويل القضاء سلطات واسعة في تفسير النصوص القانونية.

وتحاول دول أخري التصدي لمحاولة وضع تعريف لأسرار الدفاع، وتعدادها في صيغ عامة. مثال: التفرقة التي أقرها القانون الفرنسي في المادة 78/1/2، والقانون الإيطالي في المادة 257 من قانون العقوبات. بين الأسرار وطبيعتها، وبين الأسرار الحكيمة في المادة 258 من قانون العقوبات الفرنسي والإيطالي. وذلك تبعاً لكون السرية منبثقة من طبيعة الشيء ذاته، أو بناء على أمر من السلطة المختصة. ويلاحظ هنا أن المشرع الفرنسي لم يقصر الحماية على الأسرار المتعلقة بالدفاع القومي عن فرنسا وحدها فحسب، بل امتدت وفقاً للمرسوم الصادر 11 تموز/يوليو 1952 لتشمل أسرار الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.

ومن خبرات الدول النامية نرى أن المشرع المصري قد أخذ مجموعة الأسرار المرتبطة بالدفاع عن البلاد، بحكم طبيعتها، فنصت الفقرة 1 من المادة 52 من قانون العقوبات على أنه "يعتبر من أسرار الدفاع عن البلاد، المعلومات العسكرية والسياسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم صفتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك، ويجب مراعاة أنه لمصلحة الدفاع عن البلاد، يجب أن تبقى سراً على ماعدا أولئك الأشخاص". وأوضحها الدكتور ممدوح شوقي السفير بوزارة الخارجية المصرية، في مقالته "الأمن القومي والعلاقات الدولية" المنشورة في مجلة السياسة الدولية، على الشكل التالي:

المعلومات العسكرية: الحقائق التي تتعلق باستعداد البلاد العسكرية وكفايتها الدفاعية، ووسائل الدفاع عنها، وعملياتها الحربية في البر والبحر والجو، سواء في وقت السلم أم في وقت الحرب. كالمعلومات المتعلقة بسلاح سري، أو طرق الوقاية منه، والخطط العسكرية وتاريخ ومكان إجراء التجارب العسكرية، والتعليمات الصادرة من القيادة العسكرية لضباطها وجنودها.

المعلومات السياسية: وهي تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية المتبعة، أو التي تنوي الدولة السير عليها، متى كانت ترتبط بشؤون الدفاع عن البلاد، ولو بطرق غير مباشرة. فلا عبرة للمعلومات التي تتعلق بسياسة الحكومة في السابق.

المعلومات الدبلوماسية: الحقائق المتعلقة بعلاقة الدولة دبلوماسياً مع غيرها من الدول، مثال: اعتزام الدولة قطع علاقاتها السياسية بدولة معينة، أو الاعتراف بهيئة ثورية تناهض الحكومة، والاتصالات الدبلوماسية بين الدولة ودولة أخرى أجنبية للتوسط في حل نزاع دولي يمس أمن الدولة.

المعلومات الاقتصادية: وهي ليست إلا نوعاً من المعلومات الاقتصادية التي ترتبط بالمجهود الصناعي للدولة، ولا يقتصر الأمر على الإنتاج الصناعي للدولة، بل يمتد إلى الشركات الخاصة التي تفيد الدولة في إنتاجها في الدفاع عن البلاد، مثال: ما تورده إحدى الشركات من إنتاج للقوات المسلحة، لاستعمالها الخاص في العتاد الحربي.

ولا ينبغي أن يفهم أن جمع المعلومات العسكرية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية تعد متعلقة بأسرار الدفاع عن البلاد، بل يجب توافر شرطين لذلك:

الأول: أن تكون المعلومات متعلقة بالدفاع عن البلاد، أي تتعلق بسلامة الدولة وسيادتها، ووسائل الدفاع عنها وعن كيانها في شتى الميادين في زمن السلم وفي زمن الحرب.

الثاني: أن تكون هذه المعلومات بطبيعتها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك. ومن ثم لا يقتصر معنى الدفاع عن البلاد على المدلول العسكري وحده، بل يتسع لكل ما يتعلق بأمن الدولة الخارجي، من النواحي العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية في زمن السلم أو في زمن الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وعلى ذلك، فالسرية ليست صفة لصيقة بالمعلومات، ولكنها صفة تخلعها عليها الدولة من زاوية معينة، فهي طبيعة اعتبارية للمعلومات، وهي مسألة نسبية، فما يعتبر سراً في فترة معينة، لا يعتبر سراً بعد مرور فترة زمنية معينة. فالسرية صفة تلحق بالمعلومات في لحظة معينة تمليها سلامة الدولة في تلك اللحظة. ولهذا على المراسلين الأجانب والمستشارين والملحقين الإعلاميين المعتمدين في أي دولة أن يتعرفوا على مضمون ليس القوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد المعتمدين فيها وحسب، بل والتعرف على مضمون قوانين العقوبات فيها، وخاصة ما يمس منها العمل الصحفي.

وهناك طائفة أخرى من المشكلات التي ترتبط بقيام دولة ما بالحصول على المعلومات عن غيرها من الدول، بغير الطرق المشروعة أو العلنية، وهي مشكلة نتجت عن التقدم العلمي في مجال المعلومات ونقلها، فالصورة التقليدية للحصول على المعلومات هي عبارة عن علاقة مباشرة بين دولة وأحد الأفراد الذين ينتمون إليها، أو من رعايا دولة أخرى، يقوم بنقل المعلومات إليها، أو قيام مواطن دولة محايدة بجمع المعلومات لصالح إحدى الدول. ولكن الصورة التقليدية تغيرت وأصبحت العلاقة مباشرة بين دولتين دون طرف آخر، يتوسط عملية نقل المعلومات، وذلك نتيجة لحصول الدولة على المعلومات اللازمة لها بصورة مباشرة عن طريق المعلوماتية والاستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية أو طائرات التجسس والوسائل الإلكترونية الأخرى. فكان الهدف أو الغاية، فيما مضى هما اللذان يحددان طبيعة الفعل، ثم حدث تطور بظهور العنصر العام للدولة في هذه العلاقة فأصبحت الوسيلة هي التي تحدد طبيعة الفعل. ويرتبط بذلك أيضاً، مشكلة أخرى يثيرها الحصول على المعلومات عن طريق الأقمار الصناعية، أو طائرات التجسس أو الاستشعار عن بعد بواسطة دولة معينة، ولا تكون الدولة صاحبة الشأن على علم بذلك. وهو ما يطرح بدوره تساؤلات عن مدى التزام الدولة التي حصلت على هذه المعلومات باطلاع الدولة صاحبة الشأن عليها، أم أن لها أن تبقيها كورقة رابحة تستخدمها في مجال الضغوط السياسية! وما مدى مسؤولية الدولة التي حصلت على هذه المعلومات، إذا قامت بتزويد دولة ثالثة بما حصلت عليه من معلومات.

منظمة الأمم المتحدة، ومشكلات الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية: وقد حاولت منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1960 من خلال اللجان المتخصصة، ولجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي، البحث عن إطار قانوني يحدد هذه العلاقة، بالإضافة إلى تنظيم عمليات اكتشاف ثروات الأرض عن طريق الاستشعار عن بعد. والمشكلات الأخرى المترتبة على الثورة في مجال نقل المعلومات أو ما يمكن أن يطلق عليه النظام الدولي الجديد للاتصالات والمعلوماتية واحتمالات تأثير هذا المجال الجديد على سيادة الدولة. وأمنها القومي، وقدرتها الاقتصادية والصناعية وغيرها.

وكررت منظمة الأمم المتحدة محاولة التصدي للمشكلات الناتجة عن الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية في الأعوام 1979، 1980، 1981. ولكن جهود اللجان الفرعية ومجموعات العمل الفنية، باءت بالفشل بسبب الخلاف على المصالح القومية للدول، وعلى وجه التحديد بين الدول المتقدمة في هذا المجال وتلك التي لم تنل حظها منه بعد. وبمعنى آخر خلاف الدول التي تستطيع الحصول على المعلومات وتلك التي تتلقى المعلومات فقط، وهو صراع بين حرية نقل المعلومات والتمسك بالسيادة القومية، بما في ذلك مصادر الثروة الطبيعية وأية معلومات عنها.

فالدول المتقدمة ترى أن المادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة للحقوق السياسية والمدنية، قد نصت على مبدأ حرية نقل المعلومات. في الوقت الذي تمسكت فيه الدول الأخرى بالفقرة 3/ب من نفس المادة التي قيدت هذا الحق بمقتضيات الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة والأخلاقيات. ومن ثم تبلور الخلاف بين فريقين:

الأول: ويضم الدول الصناعية المتقدمة؛

والثاني: ويضم الدول التي تدافع عن النظام الاقتصادي الدولي الجديد، الذي نص عليه قرار منظمة الأمم المتحدة عام 1974. وبمعنى آخر الخلاف بين دول الشمال، ودول الجنوب.

وقد توصلت المناقشات التي تمت بين أعضاء اللجان الفرعية الفنية إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين الدول في حالات الكوارث الطبيعية، وبضرورة إبلاغ الدول المعنية بأية معلومات قد تتوافر في هذا الشأن. أما بالنسبة للمعلومات الأخرى، التي يتم الحصول عليها بواسطة الأقمار الصناعية فكان هناك نوع من الاتفاق على بعض الموضوعات الخلافية، ومنها:

أن تمتنع الدولة التي تقوم بالاستشعار عن بعد دون موافقة الدول التي يتم تصوير أراضيها، عن تقديم المعلومات لدولة أخرى أو منظمة دولية أو المؤسسات العامة أو الخاصة. وقد أيدت غالبية الدول النامية هذا الاتجاه في حين عارضته الدول المتقدمة؛

وأن يكون الاستشعار عن بعد بما يتفق مع حق الدولة المعنية في التصرف في مصادرها الطبيعية بما في ذلك المعلومات المتاحة عنها.

ومن ثم وفي ظل قواعد قانونية غير واضحة لا يزال المجتمع الدولي بعيداً عن وضع قواعد لتنظيم نقل المعلومات والحصول عليها عن طريق الأقمار الصناعية، مما يدعو إلى وضع بعض القواعد العامة التي يمكن أن يسترشد بها في هذا المجال.

أولها: تقييد حرية الفضاء الخارجي باعتبارات الأمن للدولة صاحبة الشأن.

وثانيها: حق جميع الدول في الحصول على المعلومات التي تتعلق بأراضيها وثرواتها.

وثالثها: ضرورة التعاون الدولي من أجل مساعدة جميع الدول على الحصول والاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها. مع الإبقاء على حق الدولة المعنية في إثارة المسؤولية الدولية ضد الدولة التي تحصل على معلومات عنها، وأن تطالبها بتقديم هذه المعلومات مع اعتبار أن ما قامت به يشكل عملاً غير مشروع.

التعاون الدولي والنوايا الحسنة بين الدول: ويبقى الحل في التعاون الدولي، وفي النوايا الحسنة بين الدول. لأن الصراع غير ملائم لعالم اليوم، ويؤدي إلى تشتيت الجهود الدولية التي يمكن أن توجه لما فيه صالح المجتمع الدولي نفسه. خاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجالات النقل والاتصالات والمعلوماتية التي عملت على تقريب المسافات بين أجزاء العالم المختلفة، وأصبح العالم معها اليوم أكثر ترابطاً من ذي قبل، وهو ما يؤكد أن تحقيق الأمن القومي لا يتم عبر الصراع بين الدول بل من خلال التعاون الوثيق بينها. ولا ريب في أن تخلي الدول عن سياسة القوة، والتزامها بمبادئ القانون الدولي وقواعده، بروح من التضامن والإخاء، لن يؤتي ثماره بتحقيق الأمن لدولة بعينها فحسب، بل سوف يحقق الأمن لكافة الدول في العالم. ويجنب البشرية ويلات الحروب المدمرة، التي ضاعف من خطورتها التطور التكنولوجي الهائل في كل ميادين الحياة ومن بينها ميدان صناعات وإنتاج الأسلحة التدمير الشامل الفتاكة والمدمرة.

ولا بد من أن تصب جهود التعاون الدولي في مجال مواجهة الآثار الناجمة عن المخاطر الاقتصادية داخل الدولة، وأن تسعى الدول إلى توفير الغذاء ورفع المستوى الثقافي والاقتصادي لمواطنيها، وأن تعيد البناء الاجتماعي داخل الدولة، بما يحقق تنمية حقيقية، بدلاً من إضاعة الوقت والجهود في الصراع من أجل تركيز القوة للمواجهة مع الغير. خاصة وأن الاكتشافات العلمية في مجال النقل والاتصالات ونقل المعلومات عبر الأقمار الصناعية وقنوات الاتصال ونقل المعلومات الأخرى، قد أحدثت تغييراً شاملاً في مفهوم السيادة، وأصبحت الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة تتحقق بقدر ما تحوزه الدولة أو ما يتيسر لها من إمكانيات يوفرها التقدم العلمي في شتى المجالات.

وأصبحت ممارسة السيادة كاملة لدى بعض الدول، ومحدودة لدى البعض الآخر، وأصبح كمال السيادة ونقصها، من الناحية السياسية، مرتبط بما للدولة من إمكانيات علمية وفنية متقدمة، تتيح لها معرفة ما يدور في منطقتها، بل وفي مناطق غيرها من الدول، وأصبح لبعض الدول معلومات، تزيد في كثير من الأحيان، عما يتوافر من معلومات لدى الدولة صاحبة الشأن، ولم تعد الحدود السياسية صعبة الاختراق، بل أصبحت أقل صموداً أمام التقدم التكنولوجي، وعلى سبيل المثال: فإن موجات الإذاعتين المسموعة والمرئية، وشبكات المعلوماتية الدولية أصبحت تدخل حدود الدولة السياسية دون إذن منها، ولا تستطيع الدولة حيالها شيئاً، إلا من خلال سن التشريعات التي تحظر ذلك، أو بث موجات مضادة، أو الدخول في منافسة تكون غير متكافئة في أكثر الأحيان.

وأن الإطار الجديد للتنافس بين الدول في العالم قد أصبح اقتصادياً، وأصبح تحقيق التفوق أو التقدم الاقتصادي يعادل القوة العسكرية، كما أن التقدم الإنتاجي يعادل تطوير الأسلحة الفتاكة، وأن اقتحام الأسواق العالمية الذي تسانده الدولة، لا يقل أهمية عن القواعد العسكرية في أراضي الدول الأجنبية، ولا يقل أهمية عن النفوذ الدبلوماسي في تلك الدول.

الفصل الثاني

العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي

تعريف العولمة: العولمة Globalization حسب تعبير خبراء السياسة في الدول النامية، تحمل معنى "جعل الشيء على مستوى عالمي، أي نقله من حيز المحدود إلى آفاق "اللا محدود". واللا محدود هنا يعني العالم بأسره، فيكون إطاره النشاط والعلاقات والتعامل والتبادل والتفاعل على اختلاف صوره السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والعلمية وغيرها، متجاوزاً الحدود الجغرافية المعترف بها لدول العالم، وهذا المعنى يجعل "العولمة" تطرح ضمناً مستقبل الدولة القومية وحدود سيادتها الوطنية، ودورها على الصعيدين الداخلي و الخارجي". بعد أن تمكنت وسائط الاستشعار عن بعد المتطورة من اختراق الحدود السياسية والجغرافية المعترف بها لكافة دول العالم.[8]

بينما جاء تعريف العولمة المعلوماتية حسب المفهوم الأمريكي "تعميم نمط من الأنماط الفكرية والسياسية والاقتصادية لجماعة معينة، أو نطاق معين، أو أمة معينة على الجميع، أو العالم بأسره". وبما أن "العولمة" بدأت أساساً من الولايات المتحدة الأمريكية، فقد جاءت نظرياً كدعوة لتبني النموذج الأمريكي في الاقتصاد والسياسة والثقافة والعلوم وبالتالي طريقة الحياة الأمريكية بشكل عام.

مقدمات العولمة: جاءت "العولمة" أساساً كنتاج للثورة العلمية والتكنولوجية، التي كانت نقلة نوعية في تطور الرأسمالية العالمية، في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية التي ظهرت في منتصف القرن 18 في أوروبا، ونتيجة لاستخدام الطاقة تغير بشكل جذري أسلوب وعلاقات الإنتاج، لتبدأ معه مرحلة جديدة من مراحل التطور الإنساني، اتصفت بالتوسع الاقتصادي، والبحث عن الموارد الطبيعية، وفتح الأسواق العالمية. وهي المسببات التي أدت لظهور الاستعمار التقليدي، وقيام الحروب الأوروبية لتلبية حاجات الرأسمالية الصاعدة.

ومما سرع في شيوع "العولمة" استمرار التطور العلمي والتكنولوجي، وما رافقه من تطور هائل لوسائل الاتصال والاستشعار والمعلوماتية الحديثة، التي شكلت بدورها تجديداً لنمط وطبيعة الإنتاج والتفاعلات والتعاملات الدولية. وبذلك لم تعد الحروب التقليدية، واستخدام القوة وسيلة لحسم الخلافات بين الدول الرأسمالية كما كان الوضع حتى الحرب العالمية الثانية، بل أصبحت الحاجة ملحة لتوحيد أسواق الدول الصناعية المتقدمة من خلال سوق عالمية واحدة، أي ضرورة تجاوز الحدود السياسية القومية المعترف بها، وإعادة توزيع الدخل القومي، والعمل على رفع المستوى المعيشي للإنسان ليمكن معه توسيع سوق الدول الصناعية المتقدمة، لاستيعاب المنتجات الحديثة، أي خلق مجتمع من نوع جديد أصطلح على تسميته بـ"المجتمع الاستهلاكي الكبير".

وشكلت هذه السمات كلها نقطة التحول من "الرأسمالية القومية" إلى "الرأسمالية العابرة للقوميات" التي نعيشها اليوم من خلال الشركات متعددة الجنسيات، التي ارتبط بها ظهور مفهوم العولمة الذي عبر عن ظاهرة اتساع مجال الإنتاج والتجارة، ليشمل السوق العالمية بأسرها. وتجاوز الفاعلية الاقتصادية التي كانت لمالكي رؤوس الأموال، من تجار وصناعيين، الذين كانت تصرفاتهم محكومة في السابق بحدود الدولة القومية التي ينتمون إليها، لتصبح الفاعلية الاقتصادية مرهونة بالمجموعات المالية والصناعية العالمية الحرة، المدعومة من قبل الدول المشاركة في رأس مالها، عبر الشركات متعددة الجنسيات. وهكذا لم تعد الدولة القومية هي المحرك الرئيسي للفاعلية الاقتصادية على المستوى العالمي، بل حل مكانها القطاع الخاص بالدرجة الأولى في مجالات الإنتاج والتسويق والمنافسة العالمية. ونعتقد أن الأزمة المالية والاقتصادية الحالية التي يواجهها عالم اليوم تفرض إعادة النظر بهذا المفهوم.

والعولمة ليست نظاماً اقتصاديا فقط، بل تعدته إلى كافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والعلمية والإعلامية. لأن النمو الاقتصادي الرأسمالي العالمي استلزم وجود أسواق حرة، ووجود أنظمة سياسية من شكل معين لإدارة الحكم. كما وتعددت مراكز القوة الاقتصادية العالمية للرأسمالية الدولية الحديثة، وتعددت معها مراكز القوة السياسية، مما خلق بدائل وتعددية في القوى على مستوى السلطة، وهو ما دعم إمكانيات التطور الديمقراطي بكل شروطه، من عدم احتكار السلطة، وتداولها، وتعدد وتنوع مراكز القوة والنفوذ في المجتمع، ومنع تركيز الثروة في يد الدولة وحدها، وفرض توزيعها لتحقق العولمة بذلك نوعاً من اللامركزية في الإدارة والحكم.[9]

ومما ساعد على الانتشار السريع لـ"العولمة" انتصار الرأسمالية على الأنظمة الأخرى، من نازية وفاشية وشيوعية، وكان أخر تلك الانتصارات انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ودول ما كان يعرف بالمنظومة الاشتراكية أو الكتلة الشرقية التي كان يقودها الاتحاد السوفييتي السابق، لتحل محله الجمهوريات المستقلة الخمس عشرة. وسقوط النظم الشمولية في أوروبا الشرقية، وتحول الأنظمة الجديدة في تلك الدول نحو أشكال جديدة من الحكم الديمقراطي، الذي يربط في جوهره بين التطور الديمقراطي والنمط الرأسمالي، الذي يعتمد على الديمقراطية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأتاح الاتصال المباشر عبر القارات من خلال شبكات الاتصال العالمية للحاسب الآلي ومحطات الإذاعة الفضائية المسموعة والمرئية، الفرصة لإبراز ملامح "العولمة الإعلامية" التي أصبحت ملموسة حتى من قبل الأشخاص العاديين في أي مكان من العالم. ومن المنتظر أن يتيح هذا التطور الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة، إمكانية زيادة التواصل والحوار الثقافي والحضاري بين شعوب العالم، ليساعد على إيجاد آمال وأهداف ومصالح مشتركة تتجاوز المصالح القومية للشعوب والدول ولا تتناقض معها،.فيما إذا لم يساء استخدامها.[10]

العولمة والدولة والسيادة الوطنية: ومع ذلك أثارت العديد من الحكومات مخاوف وشكوك كثيرة. منها المخاوف السياسية التي يمكن أن تنجم عن بث برامج معادية لأنظمة الحكم، وأفكاراً وأيديولوجيات تهدد الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي داخل الدول. وعبرت بعض القوى السياسية والاجتماعية المؤثرة في العديد من دول العالم عن خشيتها من النظام المعلوماتي المفتوح الجديد الذي قد يهدد ثقافات وتقاليد وعادات ومقدسات الشعوب، وانطلقت الأصوات تطالب بتحقيق أمن إعلامي وطني ودولي يراعي المصالح الوطنية ولا يتناقض مع المصالح الوطنية لكل دول العالم.

فإذا كانت العولمة ترتبط بسيادة نموذج اقتصاد السوق، فإن هذا النموذج بدوره يثير قضية العلاقة بالدولة ودورها، ولا يبرر الانتقال إلى اقتصاد السوق أبداً اختفاء دور الدولة، وكل ما هنالك حدوث تغييرات محدودة لذلك الدور الرتيب الذي اعتادت عليه بعض الدول بطيئة التطور. وهو ما أثبتته تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها عالم اليوم.

ومعظم من كتب في أهمية نظام السوق، كان يقرن طروحاته دائماً بضرورة وجود دولة قوية قادرة على تأمين الأمن والاستقرار، ودون تلك الدولة القوية لا تستطيع السوق أن تقوم بدورها. ومن هنا فليس هناك مجال للحديث عن محاولة إلغاء أو تقليص دور الدولة، بل بالعكس لابد من التأكيد على هذا الدور وأهميته وضرورته، مع ضرورة إجراء تعديلات معينة لهذا الدور ليتوافق مع نظام السوق المنفتح عالمياً.

فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً وهي أكبر دولة رأسمالية في العالم، تتدخل في الحياة الاقتصادية، وتحدد شروط النشاطات الاقتصادية، والسياسات النقدية والمالية والتجارية، والفارق المهم بين النظم المركزية، ونظم السوق، هو أن الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية باعتبارها سلطة، وليس باعتبارها منتجاً. لأن سلطة الدولة لا غنى عنها ولا تتناقض مع تطور الحياة الاقتصادية.

والاقتصاد الحر لا يعني أبداً غياب الدولة عن النظام الاقتصادي. والفرق بين النظام الليبرالي ونظام التخطيط المركزي، ليس في مبدأ "التدخل" ولكن في مضمونه. ففي ظل التخطيط المركزي تقوم الدولة بالإنتاج المباشر للسلع والخدمات، وتسيطر على مجمل النشاطات الاقتصادية، عن طريق القطاع العام. أما في ظل الاقتصاد الحر، فإن الدولة تترك الإنتاج المباشر للسلع والخدمات للأفراد والمشروعات الخاصة، أي تحقق التكامل بين دور الدولة ودور القطاع الخاص، ويكون تدخلها في سير الحياة الاقتصادية، بوسائل أخرى أكثر فعالية، من حيث الكفاءة الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال المحافظة على مستويات عالية في نمو الناتج القومي. والقيام بتوفير الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة، والقضاء، والأمن والدفاع، ويدخل فيها قيام الدولة بمشروعات البنية الأساسية.

ومبدأ الحرية الاقتصادية لا يعني أبداً إهمال مبدأ العدالة الاجتماعية، فالبلاد التي أخذت بهذا المبدأ، هي في مقدمة بلاد العالم من حيث الاهتمام بالفقراء، وتحقيق العدالة في التوزيع، وتوفير شبكة الأمان لكل المواطنين، ضد المخاطر الاجتماعية بما في ذلك البطالة والعجز والشيخوخة، وغيرها من الأمراض الاجتماعية. وهناك علاقة وثيقة بين الكفاءة في الأداء الاقتصادي وبين شروط العدالة. ذلك أن الكفاءة تعني نمو الاقتصاد القومي بمعدلات عالية، وتعاظم قدرة النظام الاقتصادي لتوفير فرص العمل المنتج لكل القادرين عليه، وهي من المقومات الأساسية للعدالة الاجتماعية التي تؤكدها وتحرص عليها الشريعة الإسلامية من خلال التكافل والتضامن.

والدور الجديد هذا للدولة يؤهلها للتكيف مع المتغيرات العالمية الجديدة، دون الانتقاص من سيادتها الوطنية، في ظل انتشار مفهوم العولمة، وشروط النظام العالمي الجديد. الذي يقوم على مبدأ الاعتماد المتبادل وليس على فرض الآراء بين دول وشعوب العالم. والاندماج الإيجابي والواعي في النظام العالمي الجديد. انطلاقا من حقائق أن العولمة ليست ظاهرة بلا جذور، بل هي ظاهرة تاريخية وموضوعية نتجت عن التطور الهائل لتكنولوجيا وسائط النقل ووسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة وتغير طبيعة دورها الاجتماعي، والطبيعة التوسعية للإنتاج الرأسمالي. وعدم جواز البقاء خارج الظاهرة التاريخية هذه، وضرورة اللحاق بما يجري في العالم، والتعامل معه بوعي ووفقاً لقواعد محددة تجنباً للبقاء خارج إطار التاريخ.

والنظام الاقتصادي الجديد جاء نتيجة لإنجازات كبرى في تاريخ تطور البشرية على كافة المستويات العلمية والثقافية والاقتصادية والتقنية والسياسية والفكرية، ويمثل نقطة جذرية مختلفة تماماً عن كل ما سبقتها من نظم. وأن الحضارة العالمية الحديثة قامت على ما خلفته حضارات القرون الوسطى وثقافاتها وخاصة منها الحضارة الإسلامية التي كانت في أوج ازدهارها آنذاك، وفسحت المجال أمام الجميع للانتماء إلى الوطن المشترك والعمل على رفعته وتقدمه دون تفريق، كما هي الحال في أكثر دول العالم الحديث. وزودت الفكر البشري برؤية عقلانية تاريخية تنويرية، بتوجه ديمقراطي يقوم على أساس الشورى واحترام الرأي، والرأي الآخر، والتعددية، وحرية التعبير، وتكريس مبادئ حقوق الإنسان التي لا تعرف الحدود القومية أو الجغرافية أو السياسية.

والعولمة المعلوماتية تفرض على الدول الأقل تقدماً، القيام بمزيد من خطوات التحديث الشامل الذي لا يمكن القيام بها دون الدور الفاعل للدولة، التي تضطلع به من خلال الترشيد والأداء الاقتصادي، وتنظيم تفاعلات السوق، وما تتطلبه تلك العملية من وسائل وتقنيات تجعل الساحة والموارد الإعلامية الخاصة والعامة متاحة للجميع ضمن الأطر والأنظمة التي تضبط عملها في إطار العلاقات على صعيد الدولة نفسها وفي علاقاتها مع غيرها من دول العالم. ولكن التجاوزات الكثيرة والأعمال التخريبية التي تعرضت لها الموارد الإعلامية لبعض الدول، إضافة للأخطار التي يتنبأ بها المختصون بين الفينة والأخرى، تفرض على المجتمع الدولي ضرورة النظر في خطر جديد أصبح يهدد المجتمع الإنساني وعرف بتهديد الأمن الإعلامي الدولي.[11]

موقف الأمم المتحدة من الأمن الإعلامي الدولي: وكانت منظمة الأمم المتحدة دائماً السباقة في دراسة مشاكل التدفق الحر للمعلومات منذ تأسيسها وحتى اليوم. ولهذا لم يكن غريباً أن تتضمن الوثائق الهامة التي صدرت عن الدورة 54 للهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وثيقة حملت في مضمونها أبعاداً سياسية وإنسانية عميقة، تناولت موضوع "العولمة المعلوماتية" واستقرار إستراتيجية العمل السياسي والدبلوماسي في القرن الحادي والعشرين، بعد أن اعترف المجتمع الدولي وللمرة الأولى بوجود مشكلة الأمن الإعلامي الدولي كنتيجة حتمية لـ"العولمة المعلوماتية"، على أنها مشكلة تهدد المجتمع الإنساني في المرحلة التالية للقرن النووي. وجاء هذا الاعتراف من خلال القرار 54/49 الذي تناول مشكلة "تحقيق الأمن الدولي في الإعلام والاتصالات المسموعة والمرئية".

وقد برزت تلك المشكلة بحدة بعد التقدم الهائل في تكنولوجيا الإعلام ووسائله المختلفة، وخلق هذا التقدم إلى جانب النواحي الإيجابية التي حملها للبشرية التي تنتظر منه الكثير في المستقبل، مجالاً جديداً تماماً من التهديد تمثل في خطر استخدام منجزات التقدم التكنولوجي في مجالات المعلوماتية والاتصال والاستشعار عن بعد لأغراض تتعارض والمهام المنتظرة منها في دعم وتعزيز التفاهم والأمن والاستقرار الدولي.

ومشكلة الأخطار التي تهدد الأمن الإعلامي للدول الأقل تطوراً، لم تعد مشكلة منتظرة بل حقيقة قائمة خلقت نوعاً من التبعية الواقعية للدول الأكثر تطوراً في كل مجالات النشاط الإنساني داخل المجتمعات المحلية في الدول ذات السيادة، وشملت كل النواحي الاقتصادية والسياسية والعلمية، والثقافية، والإعلامية، وأصبحت الحاجة معها ملحة لتأمين نوع من الأمن القومي داخل المصالح الدولية المتشابكة بفعل العولمة الإعلامية وابتعاد التبادل الإعلامي الدولي عن دوره الطبيعي، وابتعاد استخدام شبكات المعلوماتية الدولية وشبكات الاتصالات المرئية والمسموعة العالمية، وتقنياتها ووسائلها عن أداء وظيفتها الإيجابية المنتظرة منها.[12]

الأمن الإعلامي الوطني والدولي والتفوق في تكنولوجيا الاتصال: وأدى اتساع وشمولية تلك الشبكات بفضل تكنولوجيا وسائل المعلوماتية والاتصال الجماهيرية الحديثة، إلى زيادة تأثيرها على وعي الأفراد والمجتمعات. مما دفع بالكثير من الدول لإضافتها أو التفكير في إضافتها للإمكانيات العسكرية الهائلة المتوفرة لديها، والتي تملكها بالدرجة الأولى الدول عالية التطور، والمعدة للاستخدام في الصراعات والنزاعات الدولية. مما أدى بدوره إلى خلق تبدلات هائلة أصبحت تؤثر على توازن القوى الدولية والإقليمية.

هذا إن لم نقل أنها أضافت بذلك مصادر جديدة للتوتر بين مراكز القوى التقليدية والناشئة، وإلى خلق مجالات جديدة للصراع لم تكن في الحسبان لفترة قريبة. وقد أدى تفوق الدول المتقدمة في مجال تكنولوجيا ووسائل الاتصال والمعلوماتية الجماهيرية التي تملكها، إلى احتكار الوعي الفكري والاجتماعي، وأدى إلى استغلال التفوق التكنولوجي والإعلامي والسياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري، وإلى تشجيع تلك الدول على استخدام ما تملكه من إمكانيات كسلاح إعلامي لا يتعارض استخدامه وقواعد القانون الدولي الذي لم يتعرض جدياً حتى الآن لهذه المشكلة الهامة والعويصة التي أفرزتها العولمة المعلوماتية.[13]

فالتقدم الهائل في تقنيات وتكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية الجماهيرية أصبح اليوم يعادل في خطره، خطر السلاح النووي الذي كان سمة من سمات القرن العشرين. وأصبح فرعاً من فروع سباق التسلح، الذي أصبح مرة أخرى يستنزف موارد ضخمة، كان يجب أن توجه لخير البشرية وليس لتهديدها. خاصة وأن أكثر دول العالم غير مهيأة حالياً وغير مستعدة، أو غير قادرة على إقامة أو تحديث وسائلها الإعلامية المؤثرة، رغم أن الكثير منها بدأت بالميل نحو شراء وامتلاك مثل تلك الوسائل، من الدول المتقدمة التي أصبحت مسيطرة تماماً على الأشكال الجديدة من أسلحة الدمار الشامل ومن بينها سلاح المعلوماتية. ولم يقتصر الأمر على الدول فقط، بل اتسع ليشمل القوى السياسية المختلفة المتصارعة، والتنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، مما خلق نوعاً جديداً وسوقاً مربحة لتجارة الأسلحة الجديدة التي أصبحت تتضمن قوائمها تقنيات وتكنولوجيا وبرامج الحاسب الآلي وخدمات وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية.

البنى الإعلامية الدولية فوق الدولة: وفي ظروف العولمة المعلوماتية وتشابك الحياة على الكرة الأرضية، وظهور وتشكل شبكات وبنى إعلامية دولية فوق الدول، أصبحت بما لا يدع المجال لأي شك تستخدم كسلاح معلوماتي مؤثر على العقول والمواقف، ووسيلة لشن حروب واسعة النطاق تطال الإنسان أينما كان، بفاعلية يمكن أن تؤدي نتائجها بل وتعادل قوتها وتأثيرها التدميري وتتفوق في بعض الظروف على أسلحة الدمار الشامل التقليدية المعروفة.

وليس عبثاً أن ترصد بعض الدول المتقدمة في ميزانياتها مخصصات للأمن المعلوماتي تعادل بمستواها المخصصات التي ترصد لمواجهة أخطار استخدام أسلحة الدمار الشامل التقليدية. رغم اختلاف استخدام السلاح المعلوماتي في الحرب عن الأشكال التقليدية من أسلحة الدمار الشامل، لأن تأثيرها يمكن أن يطال الجبهة الداخلية في الصميم. مع إمكانية استخدام الأسلحة المعلوماتية الدولية التي تتميز بالقدرة المؤثرة الكبيرة ضد الأهداف المدنية، كوسيلة من وسائل الصراع على السلطة، وفي الصراعات القومية والعرقية والدينية. والأمثلة على ذلك في عالم اليوم كثيرة، ولا ينحصر تهديدها الواقعي على القوى البشرية فقط، بل اتسع ليشمل أنظمة المعلوماتية التي تملكها الدول، والمنظمات والهيئات الدولية، من قبل دول معادية أو قوى الإرهاب والإجرام المنظم على السواء، مما أعطى لطابع تأثيرها طبيعة كارثية من خلال ليس التسلل لداخل تلك الأنظمة وحسب، بل وفي تخريب تلك الأنظمة، والتأثير على محتوياتها من معلومات وإتلافها. وهو ما كان الدافع على ما أعتقد لاتخاذ القرار 54/49 أثناء الدورة 54 للهيئة العامة للأمم المتحدة في 1 من كانون أول/ديسمبر 1999.

التهديدات الجديدة لـلعولمة الإعلامية: وكان من الطبيعي أن تتوصل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتفاهم حول موضوع هام يمس البشرية بأسرها في ظل "العولمة المعلوماتية". سبق ونوقش في أيار/مايو 1996 أثناء المؤتمر الدولي للعولمة في المجتمع المعلوماتي الذي انعقد في ميدراند. واستعرض بجدية موضوع التهديدات الجديدة للعولمة، وأسفر عن نتائج واستجابة عاصفة من قبل كل المشاركين في المؤتمر. مما رفع من مستوى القضية لتصبح من بين القضايا الملحة التي تنتظر الحل من قبل المجتمع الدولي، وتتطلب إيجاد حل ملائم لها قبل أن تتفاقم وتصبح مستعصية كغيرها من المشاكل العالقة في إطار الدبلوماسية الدولية حتى اليوم.

وقد تبلورت المشكلة أكثر أثناء التحضيرات التي جرت للإعداد للقاء القمة بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الروسي في أيلول/سبتمبر 1998. فقد اقترح الجانب الروسي مشروع بيان مشترك للقاء القمة تناول مشكلة الأمن الإعلامي. لكن الأمريكيون اكتفوا بالإطلاع على المشروع، وامتنعوا عن مناقشته. ورغم ذلك فقد تضمن البيان الختامي للقاء القمة، إشارة صريحة للتهديدات العامة للأمن على عتبة القرن الحادي والعشرين، حيث أعلن الجانبان أنهما:[14]

1. وافقا على "تنشيط الجهود المشتركة للتصدي للتهديدات عبر القوميات في الاقتصاد والأمن للبلدين، بما فيها تلك التي تعتبر جرائم عن طريق استخدام تكنولوجيا الحاسب الآلي وغيرها من الوسائل التكنولوجية المتقدمة"؛

2. واعترفا "بأهمية الجهود الإيجابية المشتركة لإضعاف التأثيرات السلبية الجارية الآن نتيجة لثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، التي تعتبر مهمة وجادة في الجهود الرامية لحماية مصالح الأمن الإستراتيجي للبلدين في المستقبل".

وأصبح واضحاً بعد ذلك عزم روسيا إثارة المشكلة أبعد من ذلك، فقام وزير الخارجية الروسي ي.س. إيفانوف بتوجيه رسالة خاصة إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في 23 أيلول/سبتمبر 1998 تضمنت اقتراحا بإدراج مشكلة الأمن الإعلامي الدولي بين مواضيع جدول أعمال المنظمة الدولية، والنظر في مشروع قرار خاص حول هذا الموضوع. وأعلن في كلمته من على منبر الدورة 53 للهيئة العامة للأمم المتحدة، بأن جوهر الاقتراح الروسي يتضمن الاقتراح على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، التوصل لمفهوم محدد حول التهديد في مجال الأمن الإعلامي، وأن تقدم كل دولة تقديراتها الخاصة للمشكلة، بما في ذلك إعداد مبادئ دولية توفر الأمن في ظروف عولمة منظومات المعلوماتية الدولية. وأن تتضمن تلك التقييمات التي تقدمها الدول الأعضاء في المنظمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، إلزامه بتقديم تقرير خاص عن المشكلة يبحث خلال الدورة التالية للهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة. بشكل تتوضح معه جوانب الصراع المبدئي حول موضوع التهديد باستخدام المنجزات العلمية والتقنية والتكنولوجية الحديثة في أغراض تتعارض مع أهداف تعزيز الأمن والاستقرار العالمي.

اعتراف المجتمع الدولي ولأول مرة بوجود الحرب المعلوماتية على المستوى الدولي: وجاء القرار الذي استند على الاقتراح الروسي خلال الدورة 53 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة 53/70 عن "المنجزات في مجال الإعلام والاتصالات المرئية في إطار الأمن الدولي" في 4 كانون أول/ديسمبر 1998، بشكل ملطف عن المشروع الروسي حيث اختفت من القرار الكثير من المقترحات التي حددت الإجراءات اللازمة حسب التصور الروسي، لتنظيم عملية التصدي لإمكانية استخدام التكنولوجيا الإعلامية في الحرب، وشرح خطر تطوير الأسلحة المعلوماتية، وإشعال الحروب المعلوماتية. وبذلك اعترف المجتمع الدولي من خلال منظمة الأمم المتحدة ولأول مرة بوجود الحرب المعلوماتية على المستوى الدولي. واعتبر هذا الإنجاز تقدماً سياسياً هاماً رغم عدم استعداد أكثرية الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لتقبل القضية كمشكلة من كل جوانبها. وعاد المجتمع الدولي وغير من موقفه من المشكلة خلال الدورة 54 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة.[15]

فما الذي حدث بين الدورتين 53-54 لمنظمة الأمم المتحدة ؟ وهل جاء تغيير المواقف تلك نتيجة للجهود الدبلوماسية والمجاملات السياسية بين الدول ؟ أم لأن العالم استطاع خلال تلك الفترة من التعرف أكثر على أخطار العولمة المعلوماتية، والدور المتصاعد للمعلومات في عالم اليوم. واستخلاص العبر من استخدام سلاح المعلوماتية في الحروب التي جرت خلال تلك الفترة. ومن خلال أمثلة محددة تم فيها استخدام السلاح المعلوماتي في عمليات محددة، اجتاز من خلالها الحدود السياسية المعترف بها لمختلف دول العالم، جنباً إلى جنب مع الأسلحة التقليدية والمتقدمة الأخرى المستخدمة في الاستطلاع والعمليات العسكرية، للقضاء على الخصم أو الحد من إمكانيات دفاعاته الذاتية.

العولمة الإعلامية والسيطرة على الموارد الإعلامية: فالمعارك الجارية للسيطرة على عقول الكثير من الشخصيات السياسية في موقع القرار وتوجيهها هي "حرب غير مرئية" على الرغم من أنها أخذت خطاً واقعياً، وأصبحت بالتدريج تهدد جوهر الصراع من أجل السيطرة على وعي صاحب القرار، ولتحد من إمكانيات أي مواجهة جادة للأخطار الخارجية، إضافة لأخطار التأثير والتخريب المتعمد للموارد الإعلامية المتاحة لكل دولة، ووسائل الحصول عليها وحفظها ونشرها واستعادتها والتعامل معها.

مما دفع ببعض الدول إلى الشروع بتطبيق برامج حكومية طويلة المدى على المستوى القومي، الهدف منها تأمين الأمن الإعلامي القومي وسلامة البنى التحتية الإعلامية الوطنية الأساسية. في نفس الوقت الذي بدأت فيه بالتعامل مع "العولمة المعلوماتية" وآثار التشابك المتبادل بين المجالين الإعلامي الوطني والدولي. واضطرت مجبرة على الاعتراف بأن نجاح الجهود الوطنية للحفاظ على الموارد الإعلامية الخاصة بكل دولة، ليست في النهاية سوى جهود حثيثة لرفع مستوى "المناعة السلمية" للنظام الإعلامي الوطني في مواجهة الساحات الإعلامية للدول الأخرى التي أصبحت تشمل دولاً بعيدة عنها جغرافياً، وليس بالضرورة أن تكون تلك الدول مجاورة، ولكن يكفي أن تكون متشابكة معها من خلال شبكات الاتصال الدولية وفي الموارد المعلوماتية بشكل موضوعي ومتشعب يصعب فصله.

وموضوع الأسلحة المعلوماتية والحروب الإعلامية أصبح مثاراً للمناقشة من قبل المتخصصين بشكل واسع، منذ بداية ـتسعينات القرن العشرين. ومنذ ذلك الوقت بدأت تظهر أعداداً كبيرة من المقالات والدراسات حول هذا الموضوع الهام في العديد من الصحف والمجلات. وبدأ يناقش ضمن موضوعات الكثير من المؤتمرات واللقاءات العلمية الوطنية والإقليمية والدولية، التي صبت اهتمامها بمعظمها على مواضيع الأبحاث التي لا تتفق ومبادئ السلام العالمي، وبرامج تطوير التكنولوجيا الخاصة بطرق حماية الموارد الإعلامية من التأثير الخارجي. ولكن كل تلك المناقشات والمقالات والدراسات المنشورة حملت طابع المحلية، وكانت بعيدة كل البعد عن المناقشات الدولية التي كان يجب أن تتناول مشاكل العولمة المعلوماتية، والأمن الإعلامي. رغم أن المشكلة حظيت ليس باهتمام المتخصصين وحسب، بل واستحوذت على اهتمام عدد كبير من غير المتخصصين وقادة الرأي. ولهذا يمكننا اعتبار صدور القرار 53/70 عن منظمة الأمم المتحدة بمثابة إنذار يشير بجدية للخطر الجاثم، الذي وقعت فيه البشرية ويهدد صميم النظم الإعلامية الوطنية، ويهدد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

بعد أن ظهر جلياً للمجتمع الدولي بما لا يدع مجالاً للشك، أنه أصبح متوفراً لدى العديد من الدول المتقدمة تكنولوجيا معلوماتية متطورة، ونتائج أبحاث جاهزة وهامة يمكن استخدامها في التأثير على الموارد الإعلامية للغير. وحقائق لا تقبل الجدل من أن نتائج الأبحاث تلك أدت إلى صنع وسائل تستخدم في الأغراض العسكرية البحتة، حتى ولو لم يتم تسميتها بالأسلحة المعلوماتية.[16]

الأسلحة المعلوماتية في خدمة الدول الصناعية المتقدمة: وأصبح واضحاً أيضاً بعد توفر معلومات كافية، تتحدث عن شروع العديد من الدول الصناعية المتقدمة في إجراء أبحاث للحصول على تقنيات وتكنولوجيا متطورة في مجال الاتصال، وإعداد تكنولوجيا متطورة وتقنيات وطرق لاستخدامها بهدف السيطرة المباشرة على الموارد المعلوماتية للخصم، والتأثير المباشر عليه. حيث أشارت بعض المصادر إلى أن أكثر من 120 دولة من دول العالم وصلت وفي مستويات مختلفة لنتائج ملموسة في هذا المجال الذي لا يقل خطورة عن السلاح النووي. بينما تجرى أبحاثاً لتطوير السلاح النووي في 20 دولة فقط من دول العالم تقريباً.

وتذكر بعض المصادر أن بعض الدول أصبحت تملك وسائل جاهزة للدفاع ضد أخطار الأسلحة المعلوماتية ضد العدو المتوقع في ظروف الصراعات العسكرية على مختلف المجالات والمستويات، حتى في زمن السلم. ويشمل الإطارين الإستراتيجي والعملياتي التكتيكي، وصولاً إلى أرض المعركة. وأن الاهتمام منصب الآن على مواضيع تتعلق بحماية المجال الإعلامي الخاص بتلك الدول من تأثير استخدام الأسلحة المعلوماتية من قبل دول معادية، تفادياً لتأثير الحرب غير المعلنة في المجال الإعلامي. كما وبات معروفاً أيضاً من أن بعض الدول التي تقوم فعلاً بشن الحروب الإعلامية، أو شنتها قد أدخلت أسلحة المعلوماتية فعلاً في نظمها العسكرية وتقوم بإعداد وحدات عسكرية مدربة خاصة ومدعومة بالمتخصصين في هذا المجال الهام، للقيام بالعمليات المعلوماتية الهجومية كأداة من أدوات الصراع الأخرى لتحقيق النصر العسكري الحاسم على العدو.[17] والحروب التي جرت على الساحة اليوغسلافية والعراقية خلال ربع القرن الأخير تثبت ذلك.

ويعتبر المهتمون بالمشكلة أن الستار قد انكشف فعلاً عن استخدام الأسلحة المعلوماتية عملياً في الحروب الأهلية الجارية هنا وهناك، وفي الصراع على السلطة في معظم دول العالم، وفي الصراعات القومية والعرقية والدينية سمة الحقبة الأخيرة من القرن العشرين. وأن أسلحة المعلوماتية أظهرت مقدراتها الفريدة على أرض المعركة وتأثيرها النفسي والمادي والمعنوي سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب، وتجاوزها عملياً لكافة الحدود الوطنية والسياسية والجغرافية بتجاهل تام لاستقلال وسيادة تلك الدول.

السلاح الإعلامي وإدارة الصراع: ومن خلال الصراعات الداخلية الأخيرة والهامة، أكتشف المراقبون أنها تتم ومع الأسف بمساعدة ودعم كبيرين من الخارج. لنستشف من ذلك أن تلك الصراعات لم تنجو من استخدام بعض الوسائل الحديثة في الصراع ضمن المجال الإعلامي، والتي يمكن اعتبارها أسلحة إعلامية. وأصبح واضحاً: أن وقت الأشكال التقليدية من "التخريب الإيديولوجي" و"عمليات الاختراق الفكري" و"الحرب النفسية" قد ذهبت، لتحل محلها الوسائل الحديثة، وعلى مستوى جديد من التأثير. وأن مستوى استخدام تلك الوسائل قد أرتفع بشكل لا يوصف. إذ لا يمكن مقارنة الخطابة أمام حشد من الجمهور يمكن تفريقه، أو مقالة في صحيفة يمكن مصادرتها، أو برنامج إذاعي مسموع أو مرئي يمكن التشويش عليه، بسرعة انتشار المعلومات في كل أنحاء العالم، أو اختفاء تلك المعلومات مباشرة وبسرعة هائلة من كل أنحاء العالم، عبر شبكات الحاسب الآلي وأشهرها شبكة "الانترنيت" العالمية، وهي معلومات أصبحت اليوم مزودة بالصورة الثابتة والمتحركة، والتسجيلات المرئية والمسموعة. وكلها يمكن أن تعادل بفعاليتها الأسلحة المعلوماتية، التي يهدف من استخدامها أن تكون فوق القوميات، وفوق الدول، وثبت عملياً أن في كل أنواع "الحروب الإعلامية الأهلية" وبشكل غير مباشر هناك قوة ثالثة، وضعت ضمن أهدافها الحيوية الاختراق وتخطي الحدود لداخل ضمير تلك المجتمعات الضحية. وظهر ذلك جلياً خلال الأعوام الماضية عندما استخدمت أراض الغير لإدارة هذا النوع من الصراعات كما حدث في العراق (قبل وأثناء وبعد حرب تحرير الكويت، وأثناء احتلال العراق)، وإندونيسيا (أثناء انفصال تيمور الشرقية)، وجمهورية إشكيريا (الشيشان) في حربها من أجل الاستقلال، والحرب التي خاضتها بعض دول الاتحاد اليوغوسلافي السابق من أجل الاستقلال.

فعلى مثال يوغوسلافيا انكشفت محاولات توريط الاتحاد الدولي للاتصالات الإلكترونية من خلال مبادرة الأمم المتحدة في كوسفو، وقرار تحديد نهايات الأقنية المستقلة للاتصالات التلفونية والاستيلاء على الرمز الدولي لتلك الدولة، وكان من الممكن أن يبقى ذلك الإجراء شبه مجهول لو لم يعلن. ومثل تلك الخطوة يمكن اعتبارها بالكامل جهوداً إضافية، الهدف منها عزل الأقنية المعلوماتية للخصم وبالتالي الحد من تأثيرها وإخراجها من معادلة الصراع.

ومثال أدوات الصراع من أجل استقلال تيمور الشرقية، قيام منظمة East Timor campaign مباشرة بعد الاقتراع على استقلال المحافظة الإندونيسية السابقة تلك، ومن أراضي إسبانيا والبرتغال وفرنسا بهجوم كاسح استهدف مواقع الحكومية الإندونيسية في شبكة الانترنيت العالمية، خربت بنتيجتها صفحاتWEB ، الخاصة ليس بالحكومة وحدها، بل وصفحات المنظمات الإندونيسية، وأطلقت فيروسات كمبيوتر جديدة، بدأت بالعمل مباشرة للقضاء على المواقع الإعلامية الإندونيسية في شبكات الكمبيوتر العالمية. ولا يمكن أن تعتبر تلك العملية المعلوماتية المنفذة من أراضي دول أوروبية بعيدة جداً عن جنوب شرق آسيا، إلا حقيقة تثبت "لا حدودية" استخدام أسلحة المعلوماتية، ومثال لاستخدامات الأسلحة المعلوماتية بشكل مباشر من أجل الوصول إلى أهداف سياسية داخلية محددة رغم البعد الجغرافي الشاسع بين المؤثر والمتأثر من استخدام السلاح المعلوماتي.

وفي الصراع الدائر بين قوات الحكومة الإشكيرية المتطلعة للاستقلال عن الاتحاد الروسي، والمقاتلين الشيشان من جهة، والقوات الفيدرالية الروسية من جهة أخرى على الأرض الشيشانية في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، نرى أن الأسلحة المعلوماتية لم تبقى جانباً فقد استخدم المقاتلون الشيشان مختلف وسائل الإعلام، وكانت صفحات الانترنيت واحدة من ساحات القتال من أجل "استقلال إشكيريا" والتخلص من الظلم الروسي. وبفضلها اطلع العالم كله على مواد إعلامية ملموسة وواقعية تتحدث عن الوضع في شمال القوقاز، وعن جهود أعضاء الحكومة والدبلوماسية الإيشكيرية لإطلاع العاملين في مؤسسات العلاقات الخارجية الرسمية بالدول المتقدمة في العالم على الحقائق، من خلال محاضراتهم التي دعتهم لإلقائها بعض أقسام الجامعات في تلك الدول وتحدثوا من خلالها عن الشؤون الشيشانية.

وفي الحالة العراقية عندما وضعت بعض المواقع العراقية تحت المراقبة المستمرة من قبل أجهزة مراقبة متطورة ثبتتها فيها فرق التفتيش الدولية، وعندما أجبرت الحكومة العراقية على إغلاق مواقعها في الانترنيت بعد أن تم التسلل إليها، وتغيير مضمونها لصالح المعارضة العراقية، وفقاً للنبأ الذي أذاعته إذاعة صوت العراق الحر من براغ يوم 3/6/2000، وعندما سيطرت القوات الأمريكية على الساحة المعلوماتية العراقية تماماً قبل وأثناء وبعد دخول قوات التحالف الدولي للأراضي العراقية للقضاء على نظام حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003.

هذا إن لم نتحدث عن العزل الإعلامي والتعتيم الإعلامي شبه الكامل، من قبل أكثرية وسائل الإعلام الدولية المؤثرة والتي هي فوق الدول، لرأي الجانب العربي في الصراع الدائر من أجل تحقيق سلام عادل وحقيقي بين العرب وإسرائيل، والاستعاضة عنه بإبراز رأي الجانب الإسرائيلي فقط بشكل سافر، وزج الإسلام بأحداث لا علاقة له بها (وخاصة بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية)، وتحدث هنا وهناك في أنحاء مختلفة من العالم عن طريق تشويه الحقائق بشكل مقصود، مما يوحي بخلق رأي عام دولي متحيز أحادي الجانب يشوه الحقائق وينصر المعتدي على الضحية، ويؤدي إلى حرمان المعتدى عليه ضمن إطار هذا الوضع غير الطبيعي من التعبير عن رأيه وتوضيح الحقائق أمام الرأي العام العالمي. ناهيك عن الحرب الإعلامية غير المعلنة من الخارج لإشعال نار الفتنة وتفعيل الخلافات العربية العربية، والعربية مع دول الجوار الإقليمي، والإسلامية الإسلامية. وهي أحادية الجانب لا تواجه أية مقاومة تذكر لضعف أدوات وفعاليات الإعلام العربي والإسلامي الموجه نحو الساحة الدولية حالياً على الأقل.

ولابد أن تلك الصورة هي التي أثرت بشكل نهائي على تقدير المشكلة بالكامل من قبل دول العالم الأقل تطوراً. وهي التي أدت إلى تغيير مواقف الكثير منها بشكل جذري عما كان في السابق. وظهر هذا من خلال مؤتمر جنيف حول الأمن المعلوماتي الذي انعقد في آب/أغسطس 1999، والذي نظمه معهد الأمم المتحدة لمشاكل نزع السلاح (يونيدير)، وإدارة قضية نزع السلاح في الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، من ضمن إطار إجراءات تطبيق القرار 53/70 للهيئة العامة للأمم المتحدة. وشارك في المؤتمر ممثلين عن أكثر من 50 بلداً، من بينهم كان كل اللاعبين الأساسيين على أرض تكنولوجيا المعلوماتية الدولية المتقدمة، مما سمح برفع مستوى نتائجه، ولو في إثارة المشكلة على المستوى العالمي على الأقل، بعد أن كانت حصراً بلقاءات المتخصصين وحدهم.

مشكلة الأمن المعلوماتي والمصالح الوطنية والدولية: كما ويمكننا اعتبار أن الهدف الرئيسي لأكثرية المشاركين في المؤتمر آنف الذكر، كان إظهار الطريقة التي تتعامل فيها كل جهة من الجهات المشاركة، مع مشكلة الأمن الإعلامي الدولي، من خلال المناقشات التي جرت في إطار مواضيع الدورة 54 للهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة. ولكن كان من الملاحظ أنها لم تكن مستعدة لذلك مما أدى إلى حصر المناقشات حول الاقتراح الروسي فقط، ومتابعة إعداد كل المواضيع المتعلقة بالأمن الإعلامي الدولي على مستوى خبراء الدول المهتمة، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة. وهذا من حيث الجوهر يعتبر اعترافاً دولياً بأهمية المشكلة ونجاحاً للدبلوماسية الروسية التي أحسنت اختيار التوقيت لعرض الاقتراح سالف الذكر. ومحاولة التأثير على مضمون المشكلة وتوجيهها نحو مداخل تعتبر ذات أهمية خاصة لروسيا، واعتبارها المدخل للتحديد الدقيق لتصور دولي ونهائي تدور من خلاله المناقشات التالية لمشاكل الأمن المعلوماتي الدولي، حتى وإن لم تتفق وجهات نظر الكثيرين حول المشكلة، ولكنها قد تساعد على حلها.

أطر مشاكل الأمن المعلوماتي الوطني والدولي: ويرى البعض أن مشاكل الأمن المعلوماتي الوطني والدولي تنحصر في إطارين اثنين:

الإطار الأول: الذي يؤدي عملياً إلى إلغاء الوحدة الموضوعية للمشكلة ويحاول تجزئتها إلى قضيتين فرعيتين هما:

الأولى: وتتناول الجريمة المعلوماتية؛

والثانية: تتناول الإرهاب المعلوماتي.

وفي هذا الإطار يمكن الاستمرار في إعداد الأسلحة المعلوماتية وتطويرها مما يهدد بخطر اندلاع الحروب المعلوماتية. ولا يعترف المؤيدين لهذا الإطار بوجود المشكلة أساساً، بل يعتبرونها أعراضاً ثانوية يمكن علاجها. وبالتالي وبشكل منطقي كامل تصبح وفق وجهة النظر تلك مشكلة نزع الأسلحة المعلوماتية ملغاة تلقائياً، ولا حاجة لمناقشها. وهو ما يسمح بإخراجها من إطار منظمة الأمم المتحدة وتحويلها إلى المنابر الإقليمية والمتخصصة، لتبقى مشكلة هامشية عالقة إلى الأبد تتحول من لجنة إلى أخرى وهكذا دواليك.

الإطار الثاني: ويمثل خط الدول التي أظهرت استعدادها الفوري للمشاركة في إعداد آلية دولية محددة تواجه إقامة واستخدام وسائل مؤثرة على الموارد المعلوماتية خارج إطار الشرعية والقانون الدولي. واقترحت بذلك تقديم المشكلة للمجتمع الدولي، واتخاذ تدابير من بينها إحداث محكمة دولية خاصة للنظر في الجرائم المعلوماتية. والقيام في نفس الوقت بإعداد تكنولوجيا عالمية للوقاية من الهجمات والتعديات المعلوماتية الدولية.

ورغم ذلك فإنه يمكننا اعتبار الاعتراف بالمشكلة دولياً، والاعتراف بضرورة إيجاد حلول لها في إطار قرارات الشرعية الدولية من خلال قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة، ودفعها إلى الأمام لتصبح واحدة من المشاكل التي تناقش في إطار منظمة الأمم المتحدة من أهم نتائج المؤتمر. وبذلك يكون الهدف النهائي من القضية إعداد برامج عملية تمكن الدول من اتخاذ إجراءات ذاتية أو مشتركة لمواجهة خطر التهديدات المعلوماتية الدولية. لتتحول نتائج هذا المؤتمر من حيث الجوهر إلى مرحلة تحضيرية لنقل المشكلة الناتجة عن العولمة إلى إطار الهيئة العامة للأمم المتحدة، بغض النظر عن الخلافات في وجهات النظر حول الاعتراف بها، أو بطرق التعامل معها بشكل مكشوف، انطلاقا من مصالح الأمن الوطني والقومي والعالمي.

الفصل الثالث

المصطلح والحروب المعلوماتية، ومجالات تأثير الصراعات المعلوماتية الدولية

المصطلح والحرب المعلوماتية: ومن القضايا الهامة التي تنتظر الحل من قبل المجتمع الدولي، وخاصة منه الوسط الأكاديمي الدولي في إطار المنظمات الدولية المتخصصة، مشكلة الاتفاق من حيث المبدأ على المصطلح والتوصل لتعريف مشترك لماهية الحرب المعلوماتية غير المرئية تلك، وأسلحتها وأدواتها ووسائلها المشتركة في جوهر الصراع. لتؤدي في النهاية إلى الاعتراف بالحرب المعلوماتية، مثلها مثل الاعتراف بالحروب التقليدية، والمحدودة، والنووية، والباردة، والأسلحة التقليدية وغير التقليدية المستخدمة في الصراعات بين الدول. ورغم ضيق الهوة بين فهم الخبراء في الدول المختلفة حول المصطلح، فقد لوحظ تباين واضح في التوجهات. التي يمكن تحديدها ببعض الاتجاهات الرئيسية والتي نلخصها بالتالي:

الحروب المعلوماتية: ويمكن أن تعبر عن المواجهات المعلوماتية التي تهدف إلحاق الضرر أو تخريب الأنظمة المعلوماتية الهامة للخصم، وتخريب نظمه السياسية والاجتماعية، وزعزعة الأمن والاستقرار داخل المجتمع والدولة الخصم.

الصراع المعلوماتي: ويمكن أن يعبر عن شكل من أشكال الصراع بين الدول، من خلال تأثير دولة ما معلوماتياً على نظم إدارة الصراع في غيرها من الدول أو على قواتها المسلحة، والتأثير على القيادات السياسية والعسكرية وحتى المجتمع بأسره. وكذلك التأثير على الأنظمة المعلوماتية ووسائل الإعلام الجماهيرية لتلك الدول من أجل تحقيق أهداف محددة ومناسبة لها، والحد من تأثير أية ممارسات مشابهة قد تخرق المجال المعلوماتي للقائم بالصراع.

التأثير المعلوماتي: ويمكن أن يعبر عن الفعل الموجه ضد الخصم باستخدام الأسلحة المعلوماتية المختلفة.

الأسلحة المعلوماتية: ويمكن أن تعبر عن مجموعة من الوسائل التكنولوجية وغيرها من التقنيات والأساليب والتقنيات المستخدمة من قبل القائم بالصراع بغرض:

1. السيطرة على الموارد الإعلامية والإمكانيات المعلوماتية والتقنية المتاحة للخصم؛

2. والتدخل في عمل أنظمة إدارة الخصم وشبكاته المعلوماتية، ونظم اتصاله وغيرها، بهدف تخريبها عملياً، وإخراجها تماماً من حيز العمل؛

3. والتسلل للمواقع الإعلامية للخصم بهدف الاستيلاء على موارده المعلوماتية المخزنة فيها، وتحريف مضمونها أو إدخال معلومات مغايرة، أو استبدالها بمعلومات أخرى، أو تخريبها بشكل موجه ومدروس؛

4. ونشر معلومات أخرى منافية، أو معلومات مضللة من خلال نظم تشكيل الرأي العام ومراكز اتخاذ القرار، لصالح القائم بالصراع؛

5. وإتباع مجموعة من الأساليب الخاصة باستخدام وسائل تؤثر على وعي وسلوك القيادة السياسية والعسكرية، وتؤثر على الحالة المعنوية للقوات المسلحة، وأجهزة الأمن الوطني، ومواطني الدولة الخصم، لتحقيق التفوق عليها أو إضعاف تأثيرها الإعلامي.

الأمن المعلوماتي: ويمكن أن يعبر عن:

1. إجراءات محددة لحماية المجال الإعلامي والموارد المعلوماتية، بشكل يؤمن تشكلها وتطورها لصالح المواطنين والمؤسسات والمنظمات والدول؛

2. وإجراءات محددة لحماية النظم المعلوماتية الخاصة بالأفراد والمنظمات والدول، التي يتم من خلالها استخدام المعلومات ومواردها بأشكال محددة ودقيقة، وضمان عدم التأثير السلبي عليها أثناء الاستخدام؛

3. وإجراءات محددة لحماية المعلومات التي تحمل طابع السرية ومواردها، لضمان عدم وصول الغير إليها بسهولة، وتوفير إجراءات تؤكد صعوبة الوصول إليها أو تخريبها، والمحافظة على خصائصها وسريتها وسلامتها، واسترجاعها عند الحاجة من قبل الأشخاص والجهات المصرح لها بالوصول إلى تلك المعلومات.

المجال المعلوماتي: ويمكن أن يعبر عن مجال النشاط الإنساني الذي يتضمن إحداث وتشكيل واستخدام نظم المعلومات من أجل:

1. تشكيل الوعي المعرفي الفردي والاجتماعي؛

2. وتوفير الموارد الإعلامية، أي البنية التحتية للمعلوماتية بما فيها مجموعة الأجهزة والأنظمة، والتجهيزات التكنولوجية والتقنيات، والبرامج وغيرها، التي تؤمن تكوين وحفظ المعلومات، وإعدادها والتعامل معها وإرسالها واستردادها وتدفقها؛

3. وتكوين وتوفير المعلومات الخاصة وتأمين تدفقها.

الجرائم المعلوماتية، ويمكن أن تعبر عن: أي تصرف يؤدي إلى حدوث تأثير سلبي على المجال المعلوماتي وموارده، لفرد أو جماعة أو منظمة أو دولة، أو لأي جزء منه بشكل مخالف للقانون. وينتج عنها أضراراً اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية بما فيها تخريب المجال المعلوماتي للغير وموارده، لأهداف أيديولوجية أو اقتصادية أو سياسية أو عسكرية.

مجالات تأثير الصراعات المعلوماتية الدولية: لا يستطيع أحد في الوقت الحاضر، أن ينكر الصعاب الكثيرة التي تعترض توفير الأمن المعلوماتي في ظروف الصراعات المعلوماتية الإقليمية والدولية. التي أصبحت تستهدف كل مجالات حياة الإنسان اليومية. الأمر الذي دعى الكثير من الخبراء للنظر في ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة توفر الأمن المعلوماتي في المجالات:

السياسية: بما فيها بنية النظام السياسي والاجتماعي والحكومي للدولة، ونظم دراسة وإعداد واتخاذ القرار السياسي. والأجهزة المختصة بإجراء الانتخابات والاستفتاء العام وغيرها من أدوات قياس الرأي العام. ونظم الإدارة المحلية والمركزية والإقليمية، والهياكل الإعلامية ووسائل الاتصالات المرئية والمسموعة، وشبكات الحاسب الآلي التابعة لأجهزة السلطات الحكومية والإدارية؛

والوعي الاجتماعي والتربوي: وتشمل نظم التعليم، ووسائل تشكيل الرأي العام، ووسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية، والأحزاب السياسية والمنظمات والاتحادات والهيئات الاجتماعية والثقافية والدينية والقومية والوطنية؛

والاقتصادية: وتشمل نظم الإدارة الاقتصادية، ونظم جمع وتخزين واسترداد وإعداد المعلومات الخاصة بالمقدرات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، ونظم التحليل الاقتصادي العامة، وتوقعات تطور الاقتصاد الوطني العام والخاص، ونظم الإدارة والتنسيق في المجالات الصناعية والزراعية والمواصلات، ونظم الإدارة والإمداد المركزية للطاقة، ونظم اتخاذ القرار والتنسيق في حالات الطوارئ، ونظم الإعلام الاقتصادي المقروءة والمسموعة والمرئية، وشبكات الحاسب الآلي؛

والمالية: بما فيها بنوك المعلومات وشبكات الاتصال وتبادل المعلومات، بين البنوك والاتحادات المصرفية، ونظم الاتصال الخاصة بالتبادل المالي والحسابات المالية، الخاصة والحكومية والدولية؛

والدفاعية: وتشمل موارد المعلومات الخاصة بالقوات المسلحة، والهيئات العلمية والمنشآت العاملة في المجالات الصناعة الدفاعية، ونظم إمداد وإدارة القوات المسلحة، ونظم السيطرة والمراقبة الدائمة، وقنوات تدفق المعلومات ذات الطبيعة الإستراتيجية والعملياتية والاستطلاعية؛

والعلمية والتكنولوجية: بما فيها نظم إجراء البحوث العلمية النظرية والتطبيقية، ونظم جمع وتخزين واستعادة المعلومات الخاصة بالبحوث العلمية الجارية، والاكتشافات العلمية، والاختراعات التي تم التوصل إليها، سواء أكانت في المجالات التكنولوجية أم في مجالات العلوم الإنسانية أم في مجالات العلوم الحية وغيرها من المواضيع الخاصة بالملكية الفكرية؛

والأمن الداخلي: وتشمل نظم التحقيق، والتحقق، والنيابة العامة، والإجراءات العدلية، والموارد الإعلامية لأجهزة الأمن، ومنظومات جمع وحفظ وإعداد واسترجاع المعلومات والإحصائيات الخاصة بالجريمة، بما فيها بنوك معلومات الشرطة الدولية (الإنتربول).

التهديدات المتوقعة للأمن المعلوماتي الوطني: لما كان الأمن المعلوماتي الدولي أساساً لكل ما يدخل في مجالات تهديد الأمن المعلوماتي الوطني، من:

تهديدات البنى التحتية المعلوماتية: التي تستهدف تخريب مواقع تبادل المعلومات الفورية عبر شبكات الحاسب الآلي، وتكنولوجيا معالجة المعلومات، وتقنيات التسلل للمواقع الخاصة في شبكات الحاسب الآلي، وجمع وتخزين واستخدام ونشر المعلومات بشكل مخالف للقانون.

تهديدات الأمن المعلوماتي: الموجهة أصلاً ضد الخصائص الهامة التي يجب أن تتمتع بها المعلومات مثل السلامة والسرية وقيود أو حرية الوصول إليها.

تهديدات الحياة الأخلاقية للمجتمع: والتي تتم من خلال إدخال معلومات دينية أو سياسية مغلوطة في أجهزة المعلومات الحكومية ووسائل الإعلام الجماهيرية بشكل يهدد المصالح الوطنية العليا والمصالح الخاصة، ومصالح المجتمع والدولة بشكل عام. أو عن طريق الاحتكار والحجب المتعمد للمعلومات الموجهة للمواطنين. أو في ترويج وبث الأنباء الكاذبة، والإخفاء أو التحريف المتعمد للمعلومات بشكل يؤدي إلى تحريف وتشويه الوسط الإعلامي المحلي ويزعزع الحالة النفسية للمجتمع، ويخرب ويشوه التقاليد الدينية والثقافية، ويفسد الأخلاق العامة، ويشوه القيم الجمالية والتربوية لدى الفرد والمجتمع.

تهديدات حقوق الفرد والحريات العامة: والتي تطال المجال المعلوماتي، من خلال القواعد القانونية المتبعة، والتي تحد من حقوق وحريات المواطنين في مجالات الحياة الخاصة والعامة، والمعتقدات الدينية والسياسية، والنشاطات الإعلامية الفردية. بما فيها الأفعال التي تهدد نظم جمع وحفظ واسترداد وتدفق المعلومات الشخصية التي من خصائصها: السرية في التداول مثل المعلومات الطبية، والوثائق المدنية الشخصية، والمعلومات الخاصة بعمل ودخل المواطنين وغيرها. فالأمن الإعلامي الوطني مطالب في مجتمع الديمقراطية وسيادة القانون بتأمين سرية المعلومات عن الحياة الخاصة للمواطنين والأحاديث الصريحة والخاصة التي تتم بين شخصين عبر وسائل الاتصال الحديثة.

وهكذا نرى أن الهدف الرئيسي من استخدام الأسلحة المعلوماتية هو تحقيق أهداف إستراتيجية موجهة ضد الأجهزة الحكومية الحساسة، وتطال وعي وأمن المجتمع بأسره. وهو ما يسمح ولو بالتلميح بأن نقول أنه سلاح مدمر جديد قد دخل ترسانة أسلحة الدمار الشامل. وتلك هي بعض ملامح هذا السلاح الجديد الآخذ بالتطور والانتشار السريع. فماذا سيحدث لو لم تتمكن الأبحاث العلمية الحديثة من وضع أسس ملموسة للوقاية منه، أو الحد من تأثيره كما هي الحال مع الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى ؟ لأن الأسلحة المعلوماتية الجديدة تتميز عن غيرها من الأشكال التقليدية من الأسلحة السابقة بسرعة الانتشار والتأثير الفعال والسريع على الهدف الذي تستخدم ضده.

فما هي الخصائص الأساسية للأسلحة المعلوماتية وأهدافها ؟ ومن أجل الإجابة على هذا السؤال لابد من تحليل ما تم نشره من أبحاث حتى الآن ليمكننا إلقاء بعض الضوء على بعض الخصائص الأساسية للأسلحة المعلوماتية، انطلاقاً من إمكانياتها الأساسية في التأثير على الأهداف المستخدمة ضدها، وهي:[18]

أنظمة نقل المعلومات: من نظم وشبكات الاتصال، ونظم وشبكات المعلومات والحاسب الآلي، وبنوك خزن وإعداد وتوزيع وتبادل المعلومات الخ؛

الوعي الاجتماعي (الرأي العام) ونظم تشكيله: ويتضمن التأثير على الحالة النفسية الاجتماعية، وأدوات تشكل القيم الأخلاقية والدينية والتربوية في المجتمع، ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، ونظم إعداد وتنشئة وتربية الأطفال والشباب وغيرها؛

وأخيراً الوعي الفردي أو الشخصي: فالأسلحة الإعلامية ليست وسائل "للتخريب الفكري" فقط، بل هي وسائل يقصد منها أساساً التأثير على البنية التحتية لتدفق المعلومات الضرورية للنشاط الفكري والتي تطال وتصب داخل الوعي الاجتماعي. والهدف منها أساساً، هو:

التأثير الفعال على نظم المعلومات العلمية والسياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية والثقافية والتربوية والإحصائية. وحتى المعلومات المخزنة داخل أجهزة السيطرة على أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة المتطورة التي تستخدم الحاسب الآلي لمراقبة وتحديد واختيار والوصول إلى الأهداف وتدميرها، ووسائل نقل وإطلاق وتفجير تلك الأسلحة. أو تضليل أسلحة العدو المتطورة أو شلها أو إخراجها من ساحة المعركة. وهل يمكن تصور الأخطار المحدقة بالبشرية لو حدث تسلل إلكتروني لأجهزة التحكم بأسلحة الدمار الشامل التي تملكها إحدى الدول وهي كثيرة في عالم اليوم.

التأثير النفسي والتخدير وشل قدرات العدو على استخدام نظم معلوماته أو السيطرة عليها، والقضاء على إمكانياته المتاحة للاتصال والتنسيق داخل الدولة أو بالعالم الخارجي.

مجالات استخدام الأسلحة المعلوماتية: يتم استخدام السلاح المعلوماتي عادة من خلال حاسب آلي (كمبيوتر شخصي) مزود ببرامج خاصة، أو من خلال غيره من أشكال الأسلحة المعلوماتية الأخرى. فـ"الفيروس" المرسل من كمبيوتر شخصي عبر شبكة "الانترنيت" العالمية هو الآن أكثر فتكاً من تأثير السلاح النووي أو الجرثومي من حيث النتائج على الحضارة الإنسانية. فنشر الجراثيم الحية لحمى "إيبولا"، أو القرحة السيبيرية، أو مرض نقص المناعة "الإيدز" وغيرها من الأمراض الخطيرة، يمكن التصدي لها وحصرها ووقف انتشارها وحتى معالجتها، أما فيروسات الحاسب الآلي "الكمبيوتر" مثل: Melissa )) و( I Love you ) أو"تشر نوبل" أو(DIR ) وغيرها من الفيروسات الجديدة التي تظهر كل يوم، من خلال شبكات الحاسب الآلي الدولية، لها مفعول مدمر لا يمكن التصدي له حتى الآن، وخلال ثوان فقط تدمر محتويات ملفات كاملة، وجهود سنوات طويلة من جمع وإعداد وتخزين المعلومات لتختفي إلى الأبد من على شاشات الحاسب الآلي ومن ذاكرته.

والمصيبة أن ذلك يأتي في ظروف غير متوقعة، وفي لحظة حرجة، وتؤدي إلى إرباك كبير. ولنتصور معاً نتائج السيطرة أو تخريب مواقع شبكات الحاسب الآلي للعمليات المالية الدولية، أو شبكات خطوط النقل الجوي والبري والبحري العالمية، أو شبكات السيطرة على أسلحة التدمير الشامل، أو شبكات الشرطة الدولية "الإنتربول". فالإنسانية أصبحت اليوم أكثر تهديداً من قبل، بسلاح جديد فتاك يصعب مواجهته، ولا نقول لا يمكن مواجهته، لأن هذا يحتاج إلى رغبة الدول التي أصبحت تملك مثل تلك الأسلحة والقادرة على تطوير وسائل قادرة على التصدي لمثل تلك الأسلحة، وعلى الأقل ضد أولئك الذين يستخدمون تلك الأسلحة بشكل مخالف للقانون. وعلى مستوى قرار تلك الدول وجديتهم في تطوير واستخدام هذا السلاح الجديد ووسائل الوقاية منه يتوقف الكثير. ولابد أن قرار دولي من هذا النوع سيكون من الأهمية أكثر بكثير من الأهمية التي تمتعت بها اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم لعام 1968.

مجالات الرقابة أو الإشراف على المجال المعلوماتي الدولي: ولكن الخوف بعد مؤتمر جنيف أتي من إمكانية فرض الدول المتقدمة نوعاً من الرقابة أو الإشراف على المجال المعلوماتي العالمي ! وهنا برز خطر حقيقي يهدد التدفق الإعلامي الدولي الحر. ويحد من الدور الحقيقي للإعلام، ويجعل من الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة رهينة لمشيئة تلك الدول، لتصبح الساحات الإعلامية للدول الأقل تطوراً والنامية مكشوفة أمام تلك الدول، ويحرمها وهي من دون ذلك محرومة من التدفق الإعلامي المتطور القادم من الدول المتقدمة في الشمال الحريصة على عدم انتقال التكنولوجيا المتطورة للدول الأقل تطوراً والدول النامية في الجنوب بشكل عام. وهو ما يعني أيضاً إشراف بعض الدول المتقدمة على الساحة الإعلامية الدولية على الأرض وفي الفضاء الكوني في آن معاً، وعلى مختلف أوجه النشاط الإنساني وتوجيها لصالحها والسيطرة عليها.

سيناريوهات الحرب المعلوماتية: وانطلاقاً من تلك التوقعات نرى أن الكثير من مراكز البحث العلمي المتخصصة في مجالات الاتصال والإعلام والحروب المعلوماتية، راحت منذ مدة تعد خططاً وسيناريوهات للحرب المعلوماتية المحتملة. وراحت تعد إستراتيجيات خاصة بها، الغرض منها السيطرة على الساحة الإعلامية ليس للغير وحسب، بل ومن أجل أن تكون "عولمة معلوماتية" خاضعة لإشرافها فقط. ولنستعرض الآن بعضاً من نتائج تلك الأبحاث العلمية من خلال السيناريوهات التي أصبحت معروفة، وهي:

السيناريو الأول: وفيه تكون الدولة المبادر الأساسي في شن الحرب المعلوماتية بما تملك من تفوق ساحق في مجال الأسلحة المعلوماتية الهجومية، ومن إمكانيات الحد من صلاحية النظم الدفاعية لأي من الدول الأخرى، ومنها إخراج شبكات الاتصال والسيطرة والرادارات من ساحة المعركة (مثال: "الحالة على الجبهات العربية في عدواني عام 1967 و 1982، وحرب عام 1973" و"الحالة العراقية قبل وأثناء حرب تحرير الكويت وما بعدها" و"الحالة اليوغسلافية"). وفي هذه الحالة تفرز تلك الدولة قسماً مما تملكه من وسائل وأسلحة الحرب المعلوماتية لتستخدم من قبل حلفائها، أخذة على نفسها مهمة تنسيق الجهود والعمليات، في الهجوم وفي الحد من التهديدات المعلوماتية المشابهة التي قد تتعرض لها من قبل الخصم، والمواقع التي يمكن أن ينطلق منها الخصم لتوجيه الضربة المعاكسة. بحيث تضمن لنفسها التفوق وتحقيق النصر مهما كان نوع "العدوان المعلوماتي" الذي تقوم به بمفردها أو مع حلفائها ضد الخصم، أو الذي تتعرض له هي أو أي من حلفائها من قبل الخصم في الحرب المعلوماتية غير المعلنة وغير المرئية في أكثر الحالات.

السيناريو الثاني: احتفاظ عدد محدود من الدول المتقدمة بقدرات وإمكانيات شن الحرب المعلوماتية واحتكار تلك الدول للسلاح المعلوماتي، بشكل يسمح لها بالتفوق الكامل والقدرة على امتلاك أجهزة وشبكات معلومات مستقلة. في هذه الحالة لابد لواحدة من تلك الدول من الاحتفاظ بالتفوق في هذا المجال. وبذلك يصبح هذا الوضع عامل تخويف للدول الأخرى، تمنعها من استخدام الأسلحة المعلوماتية ضدها أو ضد أي من الدول التي تشرف عليها وبذلك تضمن التفوق حتى في المستقبل.

السيناريو الثالث: ويركز على الدولة المتفوقة معلوماتياً، ونظم دفاعاتها غير القابلة للقهر ضد أي شكل من أشكال الأسلحة المعلوماتية. مما يجبر أكثر دول العالم على الامتناع عن امتلاك أي شكل من أشكال الأسلحة المعلوماتية الهجومية، أي الرضوخ التام. لأنها لا تستطيع مواجهة الهجمات الإعلامية ضدها بسبب عدم امتلاكها للتكنولوجيا المعادلة للدولة المتفوقة. وفي هذه الحالة تستطيع الدولة المتفوقة إعلامياً فرض نظامها الخاص للإشراف الإجباري على الأسلحة المعلوماتية ونزعها وتدميرها، بما يشبه ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية من خلال برنامج تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية منذ مطلع تسعينات القرن العشرين في الرقابة الإلكترونية والاستطلاع الجوي والفضائي الدائم. وبالنتيجة يمكن منع الحرب المعلوماتية ضد الدولة المتفوقة أو تخفيض خطرها إلى الحد الأدنى، والسيطرة على وسائل استعمالها المتوفرة لدى الخصم المتوقع بما يمكن من إزالتها وتدميرها. مما يوفر أرضية منطقية لإعطاء مثل تلك الخطوات الشرعية في ظروف التفوق الساحق لتلك الدولة، لتفرض على المجتمع الدولي اتخاذ قرارات دولية مناسبة تتفق ومصالح تلك الدولة المتفوقة.

وإشراف كهذا على المجال المعلوماتي العالمي أصبح شبه واقعي على ضوء التفوق الشامل الذي يسمح لدولة معينة، أو لمجموعة قليلة من الدول، بالتأثير على النظم المعلوماتية الدولية من خلال الإمكانيات الفعلية التي تملكها تلك الدول، وهو ما يسمح لها بفرض رأيها على الآخرين، وهذا يعني أن تكون "العولمة المعلوماتية" مقرونة بإشراف المتفوق. وهو ما يؤكد وفق المعايير الإقليمية والإنسانية أنها ملكت وبالتأكيد الحد الأقصى من إمكانيات الإقناع أثناء الحروب المعلوماتية وفرض المعلومات التي تراها مناسبة، وعمليات حفظ السلام وفق منظورها الخاص.[19]

الأمن المعلوماتي الدولي من وجهة نظر المعارضين للمشكلة: ولهذا اعتمد خصوم وجهة النظر التي تطالب بالنظر العاجل في قضايا الأمن المعلوماتي في إطار منظمة الأمم المتحدة على حجج ترى من وجهة نظرهم:

1. أن المشكلة لا تتضمن جوانب عسكرية.

2. وأن الحقيقة هي في خطر استخدام المعلوماتية في المجالات الإجرامية والإرهابية فقط.

وهنا يبرز سؤال هام، ماذا سيفعل المجتمع الدولي حيال إرهاب الدولة، وحيال الجرائم المرتكبة من قبل دولة ضد دولة أخرى، أو شعب ضد شعب آخر لأهداف التطهير العرقي أو إبادة العرق الآخر أو لأهداف توسعية واقتصادية وسياسية، وعدم الاعتراف بالحقوق الشرعية للغير كما هي الحال في الصراع العربي الإسرائيلي من أجل تحقيق السلام العادل، وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإعادة المقدسات والأراضي المحتلة ؟ فهل يمكن تسمية ذلك بغير الحرب المستمرة ؟ أو ليست الحروب وفق المفاهيم الإنسانية جرائم ترتكب بحق البشرية ؟ حتى ولو قامت بها دولة معينة أو مجموعة من الدول ضد دولة أخرى أو مجموعة من الدول بقصد العدوان وليس الدفاع عن النفس. ومن يستطيع إثبات أن تلك الحروب والجرائم والأعمال الإرهابية تتم دون استخدام الأسلحة المعلوماتية التي كانت سمة من سمات الحقبة الأخيرة من القرن العشرين ؟ ومن الخطأ إخراج الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي من مفهوم الأمن المعلوماتي الدولي، لأنها تهدد الكيان الإنساني برمته.

3. وأنه لا وجود للأسلحة المعلوماتية وهي ليست سوى عبارة عن وسائل للتأثير على نظم المعلومات وشبكات الاتصال فقط، ولا تشمل غيرها من الوسائل والطرق التي هي من أشكال الأسلحة التي تستخدم في تنفيذ الحروب النفسية.

4. وأنه لا يمكن متابعة وتسجيل وضبط القائمين بالتأثير المعلوماتي. وهذه بحد ذاتها حجة واهية لأن الحقائق تثبت عكس ذلك، والتاريخ يتضمن أمثلة محددة على ذلك منها: حل مشكلة تحديد مواقع إطلاق الصواريخ العابرة للقارات، والحجم الكبير للقضايا الجنائية المرفوعة ضد المتسللين إلى شبكات الحاسب الآلي الخاصة، ومخربي محتويات شبكات الحاسب الآلي، مما يثبت إمكانية وفعالية الإجراءات المتبعة حتى الآن والتي يمكن تطويرها والزيادة من فعاليتها كل يوم لو توفرت النوايا الصادقة.

5. وأن غياب المصطلحات الموحدة وغياب المداخل الموحدة لمفهوم الأمن المعلوماتي يؤدي إلى الخلاف في الاتجاهات نحو تناول المشكلة وفق المفهوم الدولي. وهي مشكلة تحتاج للحل قبل النظر في المشكلة جدياً ضمن إطار منظمة الأمم المتحدة كهيئة سياسية دولية وحيدة تملك حق النظر في قضايا "العولمة المعلوماتية" وآثارها.

6. وأن القوانين الوطنية التي تلبي المصالح القومية العليا لمختلف الدول غير متوافقة، وهو وضع يجب تصحيحه.

وهنا يبرز السؤال التالي: على أي أساس يجب تصحيحه ؟ هل على أساس قوانين دولة مختارة من دول العالم ؟ ومن هي تلك الدولة المختارة صاحبة الحظ السعيد؟ ومن يملك الحق بنشر مفاهيمه القانونية الوطنية ومصالحه القومية العليا على كافة دول العالم ؟ ومن هي تلك الدولة التي ستكون المبادرة في فرض قوانينها الوطنية، والمبادرة لفرض مفهومها وإجراءاتها في الدفاع عن المجال المعلوماتي وأمنه على غيرها من دول العالم ؟ فهذا غير واقعي وغير منطقي تماماً. لأن المرجعية والأساس يجب أن تكون للقانون الدولي فقط، وهو ما دعت إليه الهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة في قراريها 53/70 و 54/49.

7. وأخيراً حجة عدم كفاية الدراسات اللازمة للإعداد لعرض الموضوع على الهيئة العامة للأمم المتحدة، وضرورة الانتظار حتى اكتمال واستلام نتائج البحوث العلمية والقانونية الجارية في بعض الدول، وهي أبحاث لا يمكن أن تنتهي كالتطور البشري الذي لا يمكن أن ينتهي إلا بمشيئة الله (جل) وحده.

الأمن المعلوماتي الدولي من وجهة نظر البحث العلمي: والجدال حول هذه النقطة صعب لأن الأبحاث العلمية الأساسية المنتهية والمنشورة والمناقشة على مستوى الخبراء كثيرة، وتم اقتراح الكثير من الحلول التطبيقية للمشكلة من قبلهم. مما يفسح المجال للشك في النوايا التي يمكن أن يكون الغرض منها الانتظار حتى تنتهي بعض الدول من إعداد الوسائل العسكرية التي تعمل على إنشائها، للوصول إلى التفوق المنتظر الذي يتيح لتلك الدول الفرصة الكاملة لفرض وجهات نظرها على الغير. ولعزل الدول التي لم تبدأ بعد بالقيام بمثل تلك الإجراءات والحيلولة دون أن يكون لها صوت مؤثر في حل تلك المشكلة الخطيرة. ولتبقى الثغرات في الأنظمة المعلوماتية لمختلف دول العالم قائمة، ولتبقى عرضة للعدوان المعلوماتي دون القدرة حتى على الدفاع عن النفس. ولتبقى الطريق أمام الدول المتفوقة مفتوحة لشن الحروب المعلوماتية وفرض السيطرة والإشراف المعلوماتي على النظم المعلوماتية للدول الأضعف.[20]

ولكن هل ستقبل الدول الأقل تقدماً بهذا الوضع المختل ؟ في حال غياب آلية دولية للحد من السباق في مجال امتلاك واستخدام السلاح المعلوماتي، وبالتالي منع قيام الحروب المعلوماتية. ففي ذلك الوضع ستفقد الأمم المتحدة دورها الريادي في "العولمة المعلوماتية"، مما يؤدي إلى الفوضى المعلوماتية الدولية مع كل النتائج الوخيمة التي لابد وأن تؤثر في صميم الثقافة الإنسانية، وتدفن إلى الأبد أية إمكانية لقيام حوار ديمقراطي عادل بين الحضارات والثقافات، ولتحل مكانه الثقافة المفروضة من قبل الدولة المهيمنة الأقوى.[21]

الأمن المعلوماتي والتفاهم الدولي: ومن الصعب الآن بعد أن توضحت الصورة إيجاد شكل محدد لتلك الآلية الدولية دون تحقيق التفاهم داخل المجتمع الدولي. ويكون التفاهم فيه مبنياً على مبادئ عامة دولية، مدعومة من البداية بوثيقة دولية متعددة الأطراف تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، تتضمن تصور شامل للأمن المعلوماتي الدولي. ويأخذ في اعتباره طبيعة كل التهديدات العسكرية والإجرامية والإرهابية، بما فيها استخدام سياسة الفرض والإكراه لفرض هيبة القانون سواء في المجال العسكري أو في المجال المدني والإنساني. وهذا يتطلب من وجهة نظر أنصار "عولمة الأمن المعلوماتي" القيام بما يلي:

1. إعداد نظم للفهم المشترك، تستخدم أثناء تحليل ومناقشة المشاكل المطروحة حول الأمن المعلوماتي، وتحديد المصادر التكنولوجية وطبيعة الأخطار المتوقعة؛

2. وإعداد المبادئ الأساسية لبناء "عولمة النظم" لتأمين الأمن المعلوماتي الدولي؛

3. وإصدار بيان متعدد الأطراف في إطار منظمة الأمم المتحدة يخلق تصور للأمن المعلوماتي الدولي على أساس المبادئ الأساسية المعلنة؛

4. وإعداد اتفاقية تتضمن المواضيع الخاصة، مثل قضايا مكافحة الإرهاب المعلوماتي الدولي والجريمة في مجال المعلومات، تتفق ومبادئ المنظمات الدولية العاملة والقائمة في مجال الإعلام والاتصالات المرئية، ووسائل الإعلام الجماهيرية وحقوق الإنسان؛

5. وإعداد المبادئ الأساسية الخاضعة للمحاسبة في إطار منظمة الأمم المتحدة للنظر في ملائمة القوانين الوطنية بهدف التوفيق بينها؛

6. وإدخال جميع الدول الأعضاء لإضافات وتغييرات في قوانينها الأساسية بما يتفق والمبادئ الأساسية المعلنة؛

7. وإعداد المبادئ الأساسية لتنظيم آلية للرقابة والسيطرة في مجال الأمن المعلوماتي الدولي، وضمان تناسقه مع النظم العالمية العاملة في مجال المعلوماتية والاتصالات المرئية ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وحقوق الإنسان، والرقابة على تصدير مواد وتكنولوجيا المعلوماتية.

ويعني هذا العمل المشترك في أجهزة الرقابة على تصدير المنتجات والخدمات في مجال المعلوماتية والاتصالات المسموعة والمرئية، وخاصة منها التي يمكن أن تستخدم عسكرياً أو للاستخدامات الثنائية، بما فيها المواد المخصصة لإنتاج أسلحة الحرب النفسية.

ويرى أنصار هذا الاتجاه أن تتوج المرحلة الختامية بتوقيع كل الدول في المجتمع الدولي على اتفاقية متعددة الأطراف لها صبغة نهائية تؤكد مبادئ الأمن المعلوماتي الدولي، وتفرض آلية دولية معينة لمراقبة مجال الأمن المعلوماتي الدولي ووضعه حيز التطبيق.[22]

الفصل الرابع

التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية

يعد العمل الدبلوماسي أحد الوسائل الأساسية لتنفيذ السياسات الخارجية للدول. ومن مهام وزارات الخارجية، مزاولة الوظيفة الدبلوماسية، من خلال إداراتها المركزية، وهي إدارات جغرافية، كإدارات غرب وشرق أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط ... الخ، ووظيفية، كاقتصادية، وإعلامية ...الخ، وإدارية، كالشؤون القنصلية، والبعثات الدبلوماسية... الخ.[23] وتزود السفارات والقنصليات في الخارج عادة بمستشارين أو ملحقين في الشؤون الإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، يشرف عليهم رئيس البعثة الدبلوماسية، ولكنهم يتبعون الجهة الرسمية التي أوفدتهم في الدولة.

وكانت الدبلوماسية في السابق سرية، إلى أن تحولت إلى دبلوماسية مفتوحة وعلنية أكثر، بعد الأحداث الهامة في تاريخ العمل الدبلوماسي التي أقدمت عليها السلطة البلشفية بعد استيلائها على السلطة في روسيا عام 1917، وكشفها لكل الالتزامات السرية لروسيا القيصرية على الملأ. وإعلان الرئيس الأمريكي ويلسون لمبادئه الأربعة عشر عام 1918. وقيام عصبة الأمم بمطالبة الدول الأعضاء فيها بتسجيل معاهداتها والتزاماتها الدولية، لتقوم بعد ذلك عصبة الأمم بتوثيقها، وهو الدور الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة بعد تأسيسها إثر الحرب العالمية الثانية، بنشر تلك المعاهدات والالتزامات ضمن إطار الدبلوماسية المفتوحة.

ورغم ذلك فهناك جوانب كثيرة في العمل الدبلوماسي لم يزل يحمل طابع السرية كالمفاوضات الخاصة بالمعاهدات، والاتفاقيات، واتفاق الأطراف المعنية على بعض البنود السرية، تمشياً مع ضرورات الأمن القومي، والمصلحة القومية العليا، وضرورات السياسة الخارجية لتلك الدول.

وينقسم العمل الدبلوماسي إلى:

الدبلوماسية التقليدية: وتتم من خلال المحادثات الثنائية التي تجري بين طرفين، ولم تزل متبعة حتى الآن.

دبلوماسية المؤتمرات: وهي الدبلوماسية الجماعية التي تمارس من خلال المؤتمرات الدولية، وتشمل كل الجوانب السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والمهنية، والعلمية، والثقافية ... الخ.

وتحتم الدبلوماسية الجماعية أن يكون المندوب المشارك، على اطلاع ودراية بموضوع أو موضوعات المؤتمر، وأن يتمتع بقدرات إعلامية من خلال ما يدلي به من تصريحات داخل المؤتمر، أو خارج المؤتمر لوسائل الإعلام الجماهيرية.

الدبلوماسية البرلمانية: وهي دبلوماسية المنظمات الدولية، ويتم ممارستها من خلال إلقاء البيانات، والمناورات الدبلوماسية، والاتصالات من وراء الكواليس.

وهنا يظهر واضحاً الدور القوي الذي تلعبه التكتلات السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية. كما ويؤثر النظام الدولي على العمل الدبلوماسي، في إدارة الصراع بين الدول والسياسات الخارجية المتعلقة بها، والمواقف السياسية المتعددة في العلاقات الدولية، وخير مثال على ذلك الدبلوماسية التي تدور داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة.[24]

دبلوماسية القمة: وهي سمة أساسية من سمات العصر الراهن، وتتميز بالسرعة في اتخاذ القرارات الهامة، بعد التطور الهائل في وسائل الاتصالات والمواصلات، الذي أثر بدوره على العمل الدبلوماسي، الذي كان في السابق يعتمد على الدبلوماسي نفسه، ليتحول إلى تنفيذ تعليمات دولته في أكثر الأحيان. وأصبح من المعتاد اليوم أن يجتمع رؤساء الدول والحكومات، لبحث الأمور الهامة. يسبقها العمل الدبلوماسي الذي يمهد لتلك اللقاءات، والأشكال الأخرى للعمل الدبلوماسي الذي يؤمن استمرارية العمل الدبلوماسي، كالدبلوماسية الثقافية والاقتصادية ... الخ.

الدبلوماسية الشعبية: ويدخل ضمن إطارها العلاقات العامة، والدبلوماسية الإعلامية، ودبلوماسية المنظمات المهنية والشعبية والمؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الاتصالات التي تتم مع مثيلاتها في مختلف دول العالم، وتسعى دائماً لخدمة أهداف الدولة، وأهداف سياستيها الداخلية والخارجية.

إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض: فإذاً العمل الدبلوماسي هو الوسيلة التي تنفذ من خلالها السياسية الخارجية للدولة،[25] عبر إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض،[26] كما وتعرف بفن التفاوض من أجل تحقيق الحد الأقصى للأهداف، بالحد الأدنى للنفقات، من خلال نظام سياسي يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب،[27] ولو افترضنا بأنه هناك دبلوماسية إعلامية بحد ذاتها، فإننا نستطيع القول بأن تطور وظيفة العمل الدبلوماسي، قد جعل الدبلوماسي يقوم بمهام إعلامية من خلال إلقاء البيانات، وإطلاق التصريحات، ونشر الأخبار، وإجراء الاتصالات، وإقامة علاقات مع صانعي القرار السياسي والصفوة الاجتماعية وقادة الرأي. وعملية الاتصال بالجماهير اليوم أصبحت من المهام المرتبطة بالعمل الدبلوماسي. وهكذا نرى أن العمل الدبلوماسي أصبح مرتبطاً بالعمل الإعلامي، وهذا يفسر الأسباب التي دعت بعض فروع العلوم السياسية لتعتبر الإعلام، والعلاقات العامة فرعاً من فروعها الدراسية التي يتحتم على الطالب دراستها. حتى أن مظاهر العمل الدبلوماسي خلال القرن العشرين قد اتخذ منحى الرغبة في نشر ثقافة الدولة التي يمثلها الدبلوماسي، بالإضافة لممارسته الوظيفة الإعلامية الدولية.

الملحقون الإعلاميون: بعد التطور الكبير الذي شمل مهام عمل البعثات الدبلوماسية خلال القرن العشرين، وتزويدها بالمستشارين والملحقين الثقافيين والتجاريين والإعلاميين والعسكريين وغيرهم، تمشياً مع وزن الدولة التي يمثلونها. والراغبة بزيادة عدد أعضاء بعثاتها الدبلوماسية العاملة في الخارج بمختلف التخصصات لرعاية مصالحها في الدول المعتمدين فيها، وتنفذ المهام المطلوبة منهم ضمن إطار سياستها الخارجية. بدأت بعض الدول بتعيين مستشارين وملحقين إعلاميين، ضمن بعثاتها الدبلوماسية العاملة في الخارج.

وظيفة المستشار والملحق الصحفي: ونرى أن المستشارون والملحقون الصحفيون يمارسون الوظيفة الإعلامية الدولية، أو وظيفة التبادل الإعلامي الدولي، من خلال الاتصال بالجماعات المؤثرة في الدول المعتمدين لديها، كالمسؤولين في الدولة، وأعضاء البرلمان، والأحزاب السياسية، وجماعات الضغط وقادة الرأي وغيرهم من المؤثرين في صناعة القرارات السياسية بشكل عام.

كما ويمارسون وظيفة الاتصال الجماهيري من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية، بكتابة المقالات ومتابعة والرد على ما تنشره وسائل الإعلام الجماهيرية، وإلقاء المحاضرات، وعقد المؤتمرات الصحفية، والمشاركة في البرامج التلفزيونية والإذاعية، وإصدار المطبوعات، وإقامة المعارض الإعلامية، والأسابيع السياحية، وتشجيع السياحة، وتبادل الوفود الاطلاعية .. الخ.

ويخطرون دولهم بأوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الإعلام المضاد واقتراح طرق مواجهته، والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواقف الرأي العام الرسمي والشعبي في الدولة المعتمدين فيها من القضايا التي تهم دولهم.

ولكن من الملاحظ معاناة الدول الفقيرة والنامية من انخفاض كفاءة مستشاريها وملحقيها الإعلاميين، واختيارهم في أكثر الأحيان انطلاقاً من اعتبارات أخرى، خاصة بتلك الدول، خارجة عن إطار الكفاءة المطلوبة للوظيفة التي اختيروا من أجلها.

ولهذا نعتقد بأن الدول الفقيرة والنامية بحاجة دائماً لتطوير أجهزتها وكوادرها الإعلامية لتتماشى مع احتياجات العمل المطلوب في عصر تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية المتطورة، وفي هذا يمكن أن تسهم المنظمات الدولية المعنية والدول المتقدمة في العالم، بمساعدتها للولوج في عملية الحوار الثقافي العالمي.

وظيفة المكاتب الإعلامية في الخارج: وقد عملت جمهورية أوزبكستان مثلاً ومنذ استقلالها في عام 1991 وحتى اليوم على تدعيم بعثاتها الدبلوماسية في الخارج بالملحقين الإعلاميين، بعد أن أحدثت وكالة أنباء "JAHON" التابعة لوزارة الخارجية، والتي يتبع لها الملحقون الإعلاميون في الخارج ويتلقون تعليماتهم منها، ويرسلون تقاريرهم الإعلامية لها، عن أوجه نشاطاتهم الإعلامية، وتطور الرأي العام في الدول المعتمدين لديها، في القضايا التي تهم أوزبكستان، ويخضعون في الوقت نفسه لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الدول المعتمدين لديها.

ومن الخبرة العالمية لوظيفة المستشار أو الملحق الصحفي في البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية في الخارج، فإنهم يتبعون وحدة خدمات الإعلام الأمريكية U.S. Information Service" (USIS)" وهي الجهة المسؤولة عن العمل الإعلامي الأمريكي في الخارج، وتتبع وكالة الاستعلامات الأمريكية U.S. Information Agency" (U.S.I.A)"، وإن كانوا يخضعون لإشراف رؤساء البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية في الخارج. ويشرفون على مراكز الإعلام Information Centers"" التي يتوفر فيها المواد الإعلامية عن الولايات المتحدة الأمريكية اللازمة للإطلاع عليها في الدول المعتمدة فيها. وقد تطور الإعلام الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد موافقة الرئيس السابق جيمي كارتر، على إنشاء وكالة جديدة للإعلام الدولي International Communication Agency. لتحل مكان وحدة خدمات الإعلام الأمريكية، ومارست الوكالة الجديدة مهامها الإعلامية رسمياً في الأول من نيسان/أبريل 1978. ومهمتها العمل على زيادة التفاهم بين شعوب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى في العالم. وتوضيح معالم المجتمع الأمريكي، وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الثقافي والحريات الفردية، وتوضيح صورة العالم للولايات المتحدة الأمريكية بغية إثراء الثقافة الأمريكية، وتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من تفهم القضايا العالمية والتفاعل معها بشكل فعال.

بينما يتبع ضباط الإعلام Information Officers"" في البعثات الدبلوماسية البريطانية في الخارج، وزارة الشؤون الخارجية والكومنولث ""The Foreign and Commonwealth Ornce. ويركزون في عملهم على إقامة العلاقات الشخصية مع كبار المحررين والصحفيين وغيرهم من رجال الإعلام. وفي هذا الصدد قال السير هارولد بيلي السفير السابق في الخارجية البريطانية " أنه لحد معين، فإن هذا يبين العودة للمفهوم التقليدي للملحق الصحفي، الذي يعمل بشكل وثيق مع القسم السياسي لسفارته... ويهتم بتوثيق العلاقات مع الصحف ".[28]

بينما حددت لجنة بلودين "The Plowden Commice" البريطانية عام 1964 مواصفات الملحق الصحفي، من حيث المستوى السياسي بالمواصفات الفنية للدرجة الأولى، وأن الملحق الصحفي يحتاج بالدرجة الأولى التعاون الوثيق مع زملائه في البعثة الدبلوماسية في الشؤون السياسية والتجارية، وتقدير ما يحاولون القيام به، كعضو في السفارة، وأن حصوله على موافقة رؤسائه وزملائه في السفارة سيزيد من وزنه وتأثيره في العمل.[29]

ومع ذلك فهو بحاجة إلى قدر كبير من المواد الإعلامية التي تساعده على أداء وظيفته الإعلامية، والتي يمده بها المكتب المركزي للإعلام في لندن "The Central Office of Information in London." وهو مؤسسة مهنية تتولى تزويد الإدارات الحكومية في داخل بريطانيا وخارجها بالمواد الإعلامية.

التبادل الإعلامي كوظيفة دولية: تعتبر الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي، من أشكال وظائف العلاقات الدولية. وبدأ الإعلام بالظهور كوظيفة دولية إثر قيام عصبة الأمم، وتأصل هذا المفهوم بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى في التاريخ المعاصر. حيث يقوم الموظفون الدوليون العاملون في الجوانب الإعلامية، بخدمة أهداف المنظمة التي يعملون في إطارها، ولا يتلقون أية تعليمات من مصادر أخرى متمتعين بالموضوعية والحياد، من خلال الإدلاء بالتصريحات الصحفية، وإصدار البيانات، ونشر الوثائق، وإلقاء المحاضرات، والعمل في المكاتب الإعلامية التابعة للمنظمة الدولية التي يعملون فيها بمختلف دول العالم.

المراكز الإعلامية للمنظمات الدولية: وتعتبر المراكز الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة في مختلف دول العالم، أداة لنشر وإبراز نشاطات المنظمة. وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً في الأول من شباط/فبراير 1946 تضمن قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بوضع تنظيم إداري، يمكنه من أداء المهام الموكولة إليه، وكانت إدارة الإعلام واحدة من بين ثماني إدارات شملها ذلك التنظيم. وأشار القرار المذكور إلى إنشاء مكاتب فرعية للإعلام، وبالفعل تم إنشاء مركز للإعلام تابع لمنظمة الأمم المتحدة في واشنطن عام 1946، وفي موسكو عام 1947، وتزايد عدد تلك المكاتب تباعاً في مختلف العواصم العالمية.[30]

كما وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 595 (6) بتاريخ 4 شباط/فبراير 1952 طالبت فيه إدارة الإعلام بالمنظمة بوضع برنامج لعمل المنظمة في المجال الإعلامي، مع الأخذ بعين الاعتبار النواحي الإقليمية واللغوية، وكلفت الإدارة بإنشاء شبكة من المراكز الإعلامية في مختلف دول العالم للوصول إلى شعوب الأمم المتحدة، لتقوم بنشر رسالة منظمة الأمم المتحدة، وتغطية نشاطاتها ومنجزاتها إعلامياً، وتسليط الأضواء على دور منظمة الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية. من خلال المواد الإعلامية التي يمكن توزيعها، وتوفير المراجع الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة في مكتباتها، والتنسيق مع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في العواصم الموجودة فيها.

ووافقت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1962، على برنامج منظمة اليونسكو الخاص بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في الدول النامية، تأكيداً لدورها في مجال التبادل الإعلامي الدولي. بعد أن كان دورها محصوراً بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتدعيم التدفق الحر للمعلومات والأفكار، والتعليم، بعد مؤتمر لندن الذي انعقد خلال الفترة من 1 إلى 16 تشرين ثاني/نوفمبر 1945 وحضره مندوبون عن 45 دولة، وأسفر عن قيام "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO بمسائل التعاون الدولي بين الحكومات، في ميادين الثقافة والفكر.[31]

دور اليونسكو في مجال التبادل الإعلامي الدولي: وبعد أن قامت منظمة اليونسكو في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، باستطلاع الاحتياجات التكنولوجية والتعليمية لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، وأوفدت لهذا الغرض 29 باحثاً ميدانياً، تجولوا في 126 بلداً من بلدان العالم، وتبادل المسؤولين في منظمة اليونسكو الرسائل مع شخصيات في 31 بلداً. وظهرت بالنتيجة الحاجة للاهتمام بتدريس مادة الصحافة، وتوفير الوسائل السمعية والبصرية اللازمة لها، وضرورة قيام الحكومات بحل مشاكل الاتصال، وتقديم المساعدة لعدد من الدول لتطوير وسائل الإعلام الجماهيرية فيها، والاهتمام بربط حرية الإعلام بالتشريعات الإعلامية في دول العالم.

كما وقامت بتشكيل لجنة دولية مكونة من ستة عشر خبيراً دولياً بارزاً، ينتمون إلى أقاليم جغرافية وثقافية مختلفة، لدراسة مشكلات الإعلام والاتصال. ورأس اللجنة العالم الأيرلندي ماكبرايد الحائز على جائزة نوبل للسلام. ونشرت اليونسكو تقرير هذه اللجنة بخمس عشرة لغة، تحت عنوان: "أصوات متعددة: وعالم واحد". وقد بحث هذا التقرير بشكل مستفيض العلاقة بين عملية الاتصال والمجتمع، ببعديها التاريخي والمعاصر. وكذلك في إطارها الدولي، كما وبحث وضع عملية الاتصال في عالم القرن العشرين، من حيث سماتها والإشكاليات التي تطرحها، وهموم مهنة الإعلام وإطارها المؤسسي والحرفي...الخ.

وتناول هذا التقرير، ضمن القضايا العديدة، قضية احتكار بعض وكالات الأنباء العالمية للرسالة الإعلامية، وما تمارسه من سيطرة إعلامية تحمل في طياتها، خطر غزو ثقافي من نوع جديد، أو تشويه مضمون الرسالة الإعلامية ذاتها، وسريانها في اتجاه واحد، قد لا يعبر عن الحقائق الموضوعية بالضرورة. كما وحدد هذا التقرير الأسس والقواعد التي يتعين أن يقوم عليها نظام إعلامي جديد أكثر عدلاً وقدرة على خدمة السلام والتنمية البشرية والتقدم في العالم، ومن أهمها:

1. استئصال أوجه الخلل وعدم التوازن أو التكافؤ التي يتميز بها الوضع القائم في ذلك الوقت؛

2. والقضاء على الآثار السلبية للاحتكارات العامة والخاصة والتركز الزائد في وسائل الإعلام؛

3. وضمان تعدد مصادر وقنوات الإعلام، وحرمة الإعلاميين.. الخ.

4. واحترام الذاتية الثقافية، وحق كل أمة في إعلام الرأي العام العالمي بوجهة نظرها، وبمصالحها وطموحاتها وقيمها الاجتماعية والثقافية؛

5. واحترام حق كل الشعوب في المشاركة في التبادل الإعلامي الدولي، على أساس من التوازن والتكافؤ والمصلحة المتبادلة؛

6. وحق الجمهور والفئات الاجتماعية والإثنية، في الوصول إلى مصادر المعلومات، والمساهمة النشطة في عملية الاتصال.

وقد أثار هذا التقرير عند مناقشته في كل من المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام لليونسكو جدلاً صاخباً، وخصوصاً عندما حاولت دول العالم الثالث أن تترجمه إلى برامج وسياسات، تضطلع بها اليونسكو، أو قواعد واجبة الاحترام من جانب الاحتكارات العالمية. ورأت فيه بعض الدول، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكذلك معظم وكالات الأنباء العالمية وهي أمريكية وبريطانية أساساً، محاولة لتقويض حرية الإعلام والإعلاميين. لكن أياً كان الأمر فإن ما يهمنا في هذا الصدد هو التأكيد على أن الخصوصيات والذاتيات الثقافية والحضارية أصبحت في صلب المسألة الإعلامية أيضاً.

وقامت منظمة اليونسكو كذلك بإصدار العديد من المطبوعات عن حرية الإعلام، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم. فأصدرت عام 1952 سلسلة "تقارير وأراق الإعلام الجماهيري"، وحتى عام 1970 أصدرت 600 دراسة عن وسائل الإعلام الجماهيرية في المناطق الريفية، والنامية، وعن دور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في التعليم، وإعداد الكوادر الصحفية. ومعلومات إحصائية عن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، والاتصال عبر الأقمار الصناعية.

وفي عام 1955 شكل الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة من الخبراء لدراسة أنشطة منظمة الأمم المتحدة خارج مقرها، بما فيها النشاطات الإعلامية. ودعت تلك اللجنة المنظمة، لتوجيه اهتمام أكبر لمراكز الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في الخارج.

كما وقدمت منظمة اليونسكو مساعدات ملموسة لإنشاء مراكز التدريب الصحفي في أنحاء مختلفة من العالم، منها:[32]

- المركز الدولي للتعليم العالي الصحفي The International Center for Higher Education in Journalism.، في استراسبورغ، والذي بدأ التدريس فيه عام 1957.

- والمركز الدولي للدراسات العليا في الصحافة The International Center for Higher Studies in Journalism for Latin America.، بأمريكا اللاتينية، والذي أفتتح في كيوتو عام 1959.

- ومركز دراسات تقنيات الاتصال الجماهيري The Center for Studies in Mass Communication Sciences and Techniques، في جامعة داكار بالسنغال، لتدريب الكوادر الصحفية الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية.

- ومعهد الإعلام الجماهيري في جامعة مانيلا بالفلبين؛

- ومعهد الإعلام في بيروت، بلبنان؛

- ومعهد الإعلام في أنقرة، بتركيا؛

- ومعهد الإعلام في نيودلهي، بالهند.

ونتيجة لجهود منظمة اليونسكو تم:

- تأسيس المنظمة الدولية لبحوث الاتصال الجماهيري The International Association for Mass Communication Research. في عام 1957.

- والمجلس الدولي للفيلم والتلفزيون The International Council for film and Television.، في عام 1959.

- ومعهد الأفلام التربوية في أمريكا اللاتينية The Educational film Institute for Latin America.، بمكسيكو سيتي عام 1956.

- وجمعية جنوب وشرق آسيا للمدرسين في مجال الصحافة The South and East Asia Association for Journalism Educators.، عام 1961.

- واتحاد وكالات الأنباء الإفريقية عام 1963.

وفي عام 1959 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بدعوة منظمة اليونسكو لدراسة المساعدات المقدمة للدول المتخلفة في المجال الإعلامي.[33]

ومن منتصف ستينات القرن العشرين بدأت منظمة اليونسكو تصب اهتمامها على استخدام وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في المجالات التعليمية، وأقرت في عام 1964 برنامجاً مدته ست سنوات في السنغال، وجه لاستخدام الوسائل السمعية والبصرية وغيرها من الوسائل في مجال تعليم الكبار. وشجعت على استخدام الأفلام والوسائل الإلكترونية الحديثة في التعليم.

وحتى اليوم تعمل منظمة اليونسكو على زيادة فعالية مساعداتها لمختلف دول العالم المحتاجة للمساعدة في مجال الإعلام، وتشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بوسائل الإعلام والاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتدعو دائماً لاستخدام الأقمار الصناعية لأغراض التعليم ونشر المعلومات العلمية والثقافية.

وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي السابق، برزت مشكلات جديدة أمام منظمة اليونسكو، في مجال مساعدة الدول المستقلة حديثاً، لتحديث أطرها الإعلامية وللولوج في عالم الأسرة الإعلامية الدولية، بشكل يضمن التدفق الحر للمعلومات، ويدعم حرية الإعلام في تلك الدول.

وتظل اليونسكو المنظمة الحكومية الرئيسية في العالم، التي يمكن أن تسهم بدور فعال في تهيئة أفضل الشروط لمتابعة الحوار بين الحضارات والثقافات في القرن الحادي والعشرين، على ضوء ما تفرضه ثورة الاتصال والمعلومات، التي لابد وأن تؤدي في النهاية إلى مزيد من الكونية، وقد تؤدي إلى نجاح الغرب الذي يحتكر اليوم أحدث وسائل المعلوماتية والاتصال والإعلام في العالم، في فرض نوع من الهيمنة السياسية الثقافية والسياسية الاقتصادية وترجح الكفة لنموذجه الحضاري. وتجعل من الثقافات القومية مغلوبة على أمرها، لا طائل لها ولا صوت للدفاع عن بقائها واستمرارها في الحياة على الأرض.

الفصل الخامس

العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي

كانت المجتمعات البدائية تتسم بالمباشرة والبساطة، وأخذت بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي. وأدت التغييرات التقنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم، وخاصة مع نهاية ثمانينات القرن العشرين، إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال التي أتاحتها وسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية العلاقات العامة في العلاقات الدولية.

تعريف العلاقات العامة الدولية: وتعتبر العلاقات العامة الدولية حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات الأخرى. عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة انطلاقاً من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية، وقوة تأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وللعلاقات العامة تعريفين أساسيين، هما:

1- التعريف الوظيفي المتخصص: ويقصد فيه إقامة علاقات حسنة بين المؤسسة داخلياً وخارجياً، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال الاهتمام وإبراز الوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في أي مؤسسة كانت حكومية أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة. وهو التعريف الذي تبلور مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة في بداية القرن العشرين، أمثال: أيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل.

وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت المتخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية خلال أربعينات وخمسينات القرن العشرين، حيث ساهمت بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها.

ففي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها والعاملين في مجال العلاقات العامة. جاء فيه أن "العلاقات العامة هي وظيفة الإدارة التي تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور، وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وبتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفاهمه".

بينما اعتبر أيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، تبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم.[34]

أما إدوارد بيرنر، خبير العلاقات العامة الأمريكي، فاعتبر العلاقات العامة، محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية أو حركة أو مؤسسة، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف. أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها، مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر.

أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: "نشاط أي صناعة أو اتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أية منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء، والموظفين، والمساهمين، والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع".

أما معهد العلاقات العامة البريطاني فكان تعريفه للعلاقات العامة بأنها: "الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها".

وعرفت جمعية العلاقات العامة الفرنسية، العلاقات العامة بأنها: "طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، اللذان يهدفان إلى إقامة علاقات مفعمة بالثقة، والمحافظة عليها. وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة ذات الشخصية الاعتبارية، التي تمارس وظائف وأنشطة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات".

بينما توصلت جمعية العلاقات العامة الدولية إلى التعريف التالي: "العلاقات العامة هي: "وظيفة الإدارة المستمرة، والمخططة، التي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة، والعامة، لكسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير التي تهمها، والحفاظ على استمرار هذا التفاهم والتعاطف والتأييد. من خلال: قياس اتجاه الرأي العام، لضمان توافقه قدر الإمكان، مع سياساتها، وأنشطتها. وتحقيق المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال، للمصالح المشتركة، باستخدام الإعلام والاتصال الشامل والمخطط".[35]

2- التعريف الاجتماعي السلوكي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه الباحث العربي د. محمد البادي، بأنه: "الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، يشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظهر واستعدادات وتكوينات مادية. لأن كل ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته، المعنوية على الجماهير، التي ترتبط مصالحها بها. وهذه التأثيرات هي التي تعطي لهذه العناصر طبيعتها، كأنشطة للعلاقات العامة، وهي أيضاً التي تعطي لاتجاه العلاقات العامة صفتها الاجتماعية".[36]

وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين في ذلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية، في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم، والمحافظة على البيئة، والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وحضارياً ومادياً.

وعرفها كانفيلد، بأنها: "الفلسفة الاجتماعية للإدارة، التي ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه".[37]

أما نولت، فقد عرف العلاقات العامة بأنها: "مسؤولية الإدارة التي تهدف إلى تكييف المؤسسة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تماماً، كما تهدف إلى تكييف البيئة لخدمة المؤسسة، لتحقيق مصلحة الطرفين".[38]

ومما سبق نستنتج أن وظيفة خبير العلاقات العامة ينحصر في:

1. إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛

2. وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي.

وظيفة العلاقات العامة تنحصر في:

1. تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛

2. ووضع السياسات الملائمة لها؛

3. والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛

4. لتؤدي إلى خلق رأي عام مؤيد؛

5. لدى جماهير المؤسسة، لينشأ لديها؛

6. مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛

7. وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛

8. وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة.

ويشمل نشاطات العلاقات العامة اليوم:

في المجال الحكومي:

1. التوعية والإرشاد والإعلام، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، لتحقيق مساندة الجماهير ومشاركتهم المعنوية والمادية في البرامج التنموية التي تخطط لها الحكومة؛

2. وكسب تأييد الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛

3. ومعرفة الرأي العام، وتقييم أداء الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛

4. والعمل على دحض الشائعات، والتصدي للحملات الإعلامية المضادة، وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛

5. والاهتمام بشؤون الموظفين المستخدمين الحكوميين.

وفي مجال المؤسسات والهيئات الحكومية:

1. التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الأهداف؛

2. ودراسة مواقف الرأي العام ونقل رغبات ومطالب الجماهير للمسؤولين فيها، تمهيداً لتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛

3. والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المؤسسات والهيئات الحكومية؛

4. والاتصال بالهيئات والمؤسسات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها، في الداخل والخارج؛

5. وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمسموعة والمرئية عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛

6. وتوثيق كل ما ينشر في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وغيرها من الوسائل في الداخل والخارج؛ وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة.

ومجالات أخرى كالمؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات السياسية وغيرها.

العلاقات العامة الدولية في الدول المتقدمة: وتستخدم العلاقات العامة في القارة الأوروبية، كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب ودول القارة الأوروبية.

ومن المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية، وتوجهت نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالعلاقات العامة، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام يطلق عليها اسم أقسام العلاقات العامة.

وقد تطورت العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها تطوراً خاصاً لمفهوم العلاقات العامة، ليصبح ممارسة العلاقات العامة ذو مفهوم دولي ويمارس فعلاً في العلاقات الدولية.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي تم إنشاؤها في عام 1953، مسؤولية العلاقات العامة وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر تلك السياسة، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم. ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة، من خلال مجلس الأمن القومي.[39]

وفي بريطانيا تم في عام 1948 تأسيس المعهد البريطاني للعلاقات العامة، لتجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة في بريطانيا. ويصب اهتمامه على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية. كما ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية في العالم، وظيفة العلاقات العامة من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية.

وتطورت العلاقات العامة كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية في فرنسا، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955، بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية.

وتزايد الاهتمام في العلاقات العامة في إيطاليا إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة.

وفي بلجيكا ظهر الاهتمام في العلاقات العامة عند تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953، لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا.

وفي أوزبكستان بدأ الاهتمام الجدي بالعلاقات العامة بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء "JOHAN" ضمن جهاز وزارة الخارجية الأوزبكستانية، لتوزيع الأخبار الإيجابية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان، وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية، وتسريع عملية دخول الجمهورية الساحة الإعلامية الدولية. وجمع وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية وفي الدول الأجنبية، عن الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها، واحتياجات السوق العالمية، ونشاطات المنظمات الدولية، وكبريات المؤسسات والشركات الأجنبية، المهتمة بالتعاون مع أوزبكستان.[40] وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الصحفي في جهاز رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العاميأأ بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية، عبر شبكة الانترنيت.

ومع انتشار مفهوم وظيفة العلاقات العامة في العالم، سارعت مؤسسات التعليم العالي في دول العالم المختلفة لافتتاح أقسام العلاقات العامة في معاهدها وكلياتها المتخصصة، وتدريس هذه المادة للدارسين فيها.

وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية، والصحافة، والمطبوعات، والخدمات العامة، التي يعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف للمنظمة.[41]

كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم، العلاقات العامة الدولية من خلال الاتصال بالمؤسسات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل، وتوزع الأفلام وبرامج الإذاعة والتلفزيون، والمطبوعات، وتدلي بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق تفهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة.

ومما زاد من دور العلاقات العامة الدولية دخول شبكات الكمبيوتر العالمية عالم الاتصال المعاصر، واهتمام الشركات متعددة الجنسية بالعلاقات العامة الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين، وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي.

وقد ساعدت العلاقات العامة وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، للحصول على المعلومات، والمواد الإعلامية، وزادت من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزيون، والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الانترنيت خير مثال على تحول العالم بالفعل إلى قرية كونية.

ولم تستثني العلاقات العامة الدولية كوظيفة من وظائف السلك الدبلوماسي، حيث أصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية العاملة في الخارج، بما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم.

الإعلان كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي: يعتمد الإعلان الدولي على أسس يسعى من خلالها لخلق المناخ الملائم لترويج السلع والبضائع والخدمات، ومهمته الأولى الوصول للأسواق الخارجية. وتختلف أساليب الإعلان المحلي عن الإعلان الدولي، بسبب تباين خصائص مستقبل الرسالة الإعلانية في الخارج عنها في الداخل. والإعلان الدولي يجب أن يراعي بدقة الخصائص المحلية لكل منطقة يتوجه إليها في العالم، بحيث لا يتعرض بالسوء لمشاعر ومقدسات أي شعب من شعوب العالم في النصوص والصور الإعلانية، ومراعاة معاني الألوان لدى شعوب العالم المختلفة، فاللون الأبيض هو لون الحداد، والأزرق يرمز لقلة السعادة لدى الصينيين، والأسود لون الحداد لدى شعوب الشرق الأوسط، واللون الأحمر رمز للسعادة لدى الشعوب الإفريقية والشرقين الأوسط والأقصى. وتجنب استخدام الرموز الدينية المقدسة في الإعلان الدولي، مثال الهلال لدى المسلمين، والصليب المقدس لدى المسيحيين، ونجمة داوود السداسية لدى اليهود، والبقرة المقدسة لدى الهندوس، وغيرها من المقدسات والرموز. كي لا ينقلب الإعلان عن تحقيق أهدافه التي صدر من أجلها.[42]

كما ويجب مراعاة الخصائص اللغوية عند ترجمة النصوص الإعلانية الدولية من لغة إلى أخرى. ومحاولة قدر الإمكان أن يتضمن النص المترجم نفس المعاني التي يحملها في اللغة الأصل حتى ولو تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات في كلمات النص الأصلي، من أجل مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية لكل شعب من شعوب العالم، كما هي الحال مثلاً للناطقين بالإنجليزية التي تختلف عنها في أمريكا، وأستراليا، والعامية السائدة في كل منطقة من مناطق انتشار اللغة الإنجليزية.

وبرز الإعلان الدولي في البداية على صفحات الصحف والمجلات الدولية، خدمة للمنتجين والتجار وأصحاب المهن، الذين أرادوا من خلال إعلاناتهم في الصحف اختصار الطريق إلى المستهلكين والأسواق التجارية في العالم. وبعد ذلك تطور استخدامه ليشمل الإعلانات على شاشات الصالات السينمائية، ومن خلال البرامج الإعلانية الإذاعية والتلفزيونية. وبالتدريج أصبحت المعارض والأسواق التجارية من أهم منابر الإعلان الدولي لأنها تفسح المجال واسعاً ليس للإعلان فقط، بل وتوفر الفرصة ليلتقي المنتج والمستهلك وجهاً لوجه حول نماذج من البضاعة أو الخدمات المعروضة، وهو الدور الذي تلعبه أيضاً شبكات المعلومات العالمية التي ألغت المسافة والزمن الفاصل بين المعلن والمستهلك.

فقد شهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تطوراً ملحوظاً في مجال الإعلان الدولي، عندما أصبح يستخدم قنوات الاتصال الحديثة وشبكات المعلومات العالمية، التي وفرت الفرصة الذهبية للمعلن والمستهلك للحوار عن بعد، وعقد الصفقات التجارية وإبرام العقود ومتابعة تنفيذها خلال دقائق فقط، بعد أن كانت في السابق تتطلب فترة زمنية أكبر. وهذا بدوره ساعد على تطوير أساليب وطرق الإعلان الدولي وزاد من فاعليته.

ولم يقف التطور الهائل لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية عند هذا الحد، بل ساعد على انتشار الثقافات المختلفة، وتقريبها من بعضها البعض، من خلال الحوار الثقافي العالمي عبر وسائل الاتصال الدولية الحديثة. مما ساعد على خلق قيم إنسانية مشتركة بين مختلف الشعوب، رافقتها عادات استهلاكية مشتركة سهلت للإعلان الطريق للوصول إلى أهدافه. وأدخلت أفكاراً قريبة يمكن ترجمتها بسهولة ويسر من لغة إلى أخرى دون صعوبة تذكر.[43]

ومع ذلك لم تزل الحاجة ماسة وملحة لمتابعة دراسة تأثير الإعلان الدولي والتخطيط له من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف حماية الثقافات الوطنية في الدول الأقل تطوراً والفقيرة من احتواء ثقافات الدول الغنية لها، وبالتالي اندثارها إلى اللا عودة. وحماية الأجيال الصاعدة من الانحراف، وحماية المستهلكين بصورة عامة من الإعلانات المنحرفة والمضللة، وتوخي الدقة عند اختيار وكالات الإعلان الدولية، وتسجيلها في المنظمات الدولية، وإلزامها بمراعاة الخصائص الثقافية المحلية للمناطق التي توجه لها تلك الإعلانات.[44]

ولابد من أن تتحمل الحكومات، والمنظمات الدولية، ووكالات الإعلان الدولي، المسؤولية الإنسانية بصورة مشتركة، أمام مستقبل البشرية جمعاء، لأن المعلن لا يهمه إلا تصريف بضاعته أو خدماته بالدرجة الأولى، والتأثير على منافسيه في السوق الاستهلاكية الدولية بالدرجة الثانية. ولهذا نعتقد أن الدراسة الدقيقة لمشاكل الإعلان الدولي فيها فائدة للجميع، ولا تقتصر الفائدة على المعلن ووكالة الإعلان، في العصر الراهن، عصر القرية الكونية، بعد أن أصبح للمستهلك دوراً يلعبه ويضغط من خلاله عبر وسائل الاتصال الحديثة على المنتج، والمعلن، ووكالة الإعلان، وحتى على وسيلة الاتصال الناقلة لمضمون الإعلان الدولي. ويدخل هذا ضمن إطار التخطيط للإعلان وللإعلام والحملات الإعلامية.

التخطيط الإعلامي والحملات الإعلامية الدولية: أحدث التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال وسائل الاتصال الجماهيرية، تغييرات جوهرية في العلاقات الدولية. أثرت على دور الدولة التي كانت تحتكر السياسة الدولية في السابق، وأضعفت من دورها، وتخلت عن بعض وظائفها لمؤسسات أخرى، ولم يعد هناك مجال للتحدث عن السيادة الإعلامية للدولة، أو التحكم شبه الكامل أو شبه المطلق بعملية التدفق الإعلامي إلى داخل الدول في القرن الحادي والعشرين. وأصبح أشبه بالمستحيل بعد ظهور شبكة شبكات المعلومات "الانترنيت" وغيرها من تقنيات الاتصال الحديثة، السيطرة التامة على نوع وكمية المعلومات التي تتدفق إلى عقول الناس. وقد ساهمت شبكات الاتصال الجماهيرية الحديثة إلى حد كبير في تخطي حاجزي الزمان والمكان. بعد أن أصبح عدد هائل من الأشخاص مرتبطين معاً عبر أجهزة الكمبيوتر المشتركة في شبكة عالمية، عبر الأقمار الصناعية. مما زاد من تفاعل المجتمع الدولي، وأصبحت عملية التبادل الإعلامي الدولية أكثر يسراً وسهولة، مما زاد من أهمية التخطيط للعمل الإعلامي، والتنسيق بين جهود مختلف الجهات على الساحتين المحلية والدولية.

ويعتبر تخطيط العمل الإعلامي من أساسيات التبادل الإعلامي الدولي، ويتم من خلاله تحديد الأهداف العامة للخطة التي تراعي السياستين الداخلية والخارجية للدولة، وحصر الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية وتصنيفها، وتحديد الوسائل والفترة الزمنية اللازمة لتحقيقها، مع المراعاة الدقيقة للتكاليف الاقتصادية من خلال دراسة الجدوى الاقتصادية والسياسية للخطة. ولتخطيط العمل الإعلامي إطارين أساسيين، هما:

أولاً: الإطار النظري للخطة الإعلامية، ويشمل الأهداف الثابتة محددة الغايات والواضحة المعالم والعناصر، والأهداف المرنة التي لا تحتوي على درجة كبيرة من التحديد ويمكن تطويرها وتكييفها مع الظروف أثناء التطبيق العملي.

وتشمل عملية التخطيط بشكل عام، مشاكل اختيار الوسائل لتحقيق أهداف الخطة من بين البدائل المتعددة، ومشاكل التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الخطة، ومشاكل التطبيق والتنفيذ الفعلي للوصول إلى أهداف الخطة. وفق التسلسل التالي:[45]

1. الأهداف؛

2. الأهداف المحددة؛

3. الأهداف المرنة؛

4. الوسائل؛

5. مشكلة الخيارات؛

6. مشكلة التدابير؛

7. مشكلة التنفيذ.

وعند وضع أي خطة لابد من تحديد إطارها العام من أرقام ومؤشرات، ليتم معالجتها مع المشاكل المحتملة عند التنفيذ الفعلي للخطة الموضوعة. وبعد الانتهاء من تحديد الإطار العام للخطة، تبدأ عملية تحديد الإطار التفصيلي للخطة، عن طريق دراسة تفاصيل الخطة، وتحويل الأهداف العامة إلى أهداف تفصيلية، مع تحديد الوسائل انطلاقا من الإمكانيات، والمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ بدقة. وكما هو متعارف عليه من الناحية الزمنية، فهناك خططاً سنوية، وخطط متوسطة الأمد تتراوح عادة ما بين الأربع والسبع سنوات، وفي أكثر الحالات هي خطط خمسية، أي لمدة خمس سنوات، والخطط طويلة الأمد وهي الخطط التي تزيد مدتها عن السبع سنوات.[46]

وعادة ما تقسم الخطط متوسطة الأمد، والخطط طويلة الأمد إلى خطط سنوية متكاملة، للاستفادة من إمكانية التجربة وإجراء الإصلاح على الخطط للسنوات اللاحقة بقصد زيادة فاعليتها، وفقاً لمعطيات تنفيذ خطط السنوات السابقة. والمتعارف عليه أيضاً تقسيم الخطط السنوية، إلى خطط ربع سنوية، وشهرية وهكذا.

وهنا يجب على المخططين الإعلاميين أن يدركوا دائماً، أن تخطيط العمل الإعلامي الدولي هو شكل من أشكال التخطيط السياسي، ويدخل في إطار تحقيق أهداف السياستين الداخلية والخارجية للدولة، ولا يجوز تخطيهما أبداً.

كما ويجب أن يدرك المخططون الإعلاميون، أن ضمان التنفيذ الناجح لأي خطة كانت، مرتبط بمدى تحديد الأساليب الممكنة والملائمة لتحقيق الأهداف الموضوعة انطلاقاً من الإمكانيات الفعلية. وأن الأهداف الواقعية والواضحة، تسهل عملية التنفيذ وبالتالي الوصول للأهداف المرتقبة. ومن عوامل النجاح الأخرى التقدير السليم للوسائل والإمكانيات والغايات، وبقدر ما تكون متناسقة، وتكون الغايات متوافقة مع الإمكانيات، بقدر ما يكون التنفيذ أكثر نجاحاً.

ولا بد من دراسة صلاحية الأهداف، من وجهة نظر احتمالات تحقيقها من خلال الإمكانيات المتاحة، وتقييم احتمالات تحقيق الهدف مع متغيرات الإمكانيات المتاحة، والذي يمكن من خلال التالي:[47]

1. الاحتياجات اللازمة؛

2. مقارنة الاحتياجات والإمكانيات؛

3. تحديد الهدف؛

4. الإمكانيات المتاحة؛

5. تقييم صلاحية الهدف.

وبعد الانتهاء من دراسة صلاحيات الأهداف، يتم الانتقال إلى عملية اختيار الأساليب من خلال البدائل المتاحة، وبعد دراسة تلك البدائل من كافة الجوانب يتم اختيار الأساليب الناجعة والملائمة من بين تلك البدائل، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التالية، وهي وضع تفاصيل الخطة الإعلامية، والتي يجب أن تراعى فيها الخطوات العشرة الموضحة في التالي:[48]

1. تحديد الأهداف ومضمون الرسالة الإعلامية؛

2. تحديد مجالات التنفيذ؛

3. المدة الزمنية؛

4. وضع نظام لمتابعة التنفيذ؛

5. تحديد مستقبل الرسالة الإعلامية؛

6. والإمكانيات؛

7. والأساليب؛

8. والمسؤولين عن التنفيذ؛

9. والمسؤول عن متابعة التنفيذ؛ تقييم الفاعلية.

وعلى المخططين الإعلاميين أن يأخذوا في اعتبارهم قوة وإمكانيات الإعلام المضاد، ومحاولة الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر الإمكان. وأن يبنوا خططهم على قدر كبير من المعلومات عن المستهدفين في الخطة الإعلامية الدولية، والاستعانة بفريق عمل من المتخصص في مجالات التخطيط، وخبراء الاقتصاد والسياسة الخارجية، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الدولية، والنظم السياسية، وتكنولوجيا وسائل الاتصال الدولية، وعلم النفس الاجتماعي وغيرها من التخصصات حسبما تقتضي الظروف. مع توخي نتائج الخطط السابقة، والتجارب المحلية والإقليمية والعالمية في موضوع الخطة الإعلامية التي يعدونها، مع مراعاة آراء أولئك الممارسين للعمل الإعلامي الدولي فعلاً، ففي ملاحظاتهم الكثير مما يمكن أن يفيد في نجاح تنفيذ الخطة الإعلامية ووصولها لأهدافها المرجوة.

ثانياً: الإطار التطبيقي للخطة الإعلامية، ويأتي تلبية للمبادئ والأهداف التي تضمنتها خطة العمل الإعلامي الدولي، ومن أهم مبادئها الأساسية التنسيق بين الأجهزة والوسائل المختلفة للوصول إلى أفضل تنفيذ للخطة الإعلامية، وأعلى درجة من الفاعلية. من خلال الإجابة على السؤال التالي: من يخاطب من؟

فالدبلوماسية الرسمية المعتمدة في الخارج، بالإضافة للدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة الدولية)، أي الزيارات الرسمية والإطلاعية والسياحية، والمعارض والمهرجانات الثقافية والفنية، واللقاءات والمؤتمرات الدولية، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية كلها من وسائل تنفيذ الخطة الإعلامية، من خلال مخاطبتها للقطاعات المستهدفة في الخطة الإعلامية الدولية، والتي يمكن أن تكون:

1. قيادات حاكمة؛

2. وقيادات وأعضاء البرلمان، والمعارضة البرلمانية؛

3. وقيادات الأحزاب السياسية، سواء أكانت داخل السلطة أم في صفوف المعارضة؛

4. وقيادات المنظمات الجماهيرية والمهنية والاجتماعية؛

5. وقيادات إعلامية؛

6. ورجال أعمال؛

7. وأقليات أو تجمعات دينية، أو عرقية، أو ثقافية، أو قومية؛

8. والجاليات المقيمة في الخارج؛

9. وهيئات ثقافية، ودينية؛

10. والمشاركين في المهرجانات الثقافية والفنية؛

11. والمشاركين في اللقاءات الرياضية؛

12. والمشاركين في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية والعلمية الدولية؛

13. وزوار المعارض الاقتصادية والتجارية والسياحية والإعلامية والفنية الدولية؛

14. والجماهير العريضة من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.

ومن خلال متابعتها لمراحل تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، من المفيد جداً دراسة متغيرات الساحة التي ينشطون فيها، وتشمل الوجود الإعلامي الصديق والمحايد والمضاد في تلك الساحة، ومجال التأثير الإعلامي على الفئات والقطاعات المستهدفة، من خلال المفاهيم المتكونة مسبقاً لديها. وتزويد الجهات المسؤولة بالمعلومات عن تنفيذ مراحل الخطة الإعلامية الدولية ومتابعة تلك المعلومات تباعاً، من أجل المساعدة على تحديد المجموعات والفئات والقطاعات التي يجب مخاطبتها أكثر من غيرها، وتكييف القواعد التي يجب أن يلتزم بها كل المشاركين في تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، وإعداد المواد الإعلامية الرئيسية من معلومات وأخبار وملفات إعلامية تفيد في إنجاح تنفيذ الخطة وتساعد على الوصول لأقصى قدر ممكن من الفاعلية والتأثير.

الخاتمة

ومما سبق نرى أن هناك مشكلة حقيقية ماثلة للعيان تهدد الأمن الإعلامي الوطني والقومي للدول الأقل تطوراً والنامية، وتعاني منها الدول العربية والإسلامية، وتهدد الأمن الإعلامي الإقليمي والدولي، وتعيق التفاهم الدولي، وتضع البشرية أمام مسؤولية التصدي لها وتقديم الحلول الناجعة لمعالجتها، قبل أن تصبح مفاتيح المشكلة حكراً على البعض مستعصية على البعض الآخر، ويؤدي استخدامها لاندفاع البشرية إلى تطوير أنواع جديدة من السيطرة الإعلامية والمعلوماتية والأسلحة الفتاكة التي أصبح الاتجاه فيها يتطلع نحو الفضاء الكوني من قبل دول تتحدث دائماً عن حقوق الإنسان وتستخدمه ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتستثني نفسها منه وتتجاهل حق الإنسان الأساسي الذي وهبه له الله عز وجل، ألا وهو الحق في الحياة الحرة الكريمة البعيدة عن التسلط والفرض والإكراه.

وأرى أن يجري البحث عن الحلول في إطار التفاهم الدولي والعلاقات الدولية انطلاقا من مبدأ الاحترام المتبادل، واحترام السيادة الوطنية، وفي إطار الدبلوماسية الدولية داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة، وعلى مستوى منظماتها المتخصصة، والمنظمات الإقليمية التي هي أدرى بمصالحها الوطنية الإقليمية المرتبطة بالمصالح الإنسانية لعالم اليوم. وهذا يحتاج قبل كل شيء إعادة النظر في السياسات الإعلامية الحالية، وتحديد مواقف الحكومات والقوى السياسية من المشكلة وفق منظور المصالح الوطنية العليا لكل دولة، وتوحيدها على ضوء المصالح القومية للدول العربية، والإسلامية التي تجمع الدول الإسلامية والمسلمين في العالم قاطبة، والمصالح الإنسانية التي تجمع شعوب العالم بأسره.

وهنا يبرز دور جامعة الدول العربية وأجهزتها المتخصصة، ومجلس تعاون دول الخليج العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من التجمعات الإقليمية والدولية، والدبلوماسية الثنائية بين الدول، في تنسيق الجهود والمواقف والعمل الجماعي من خلال المنظمات الدولية، ومن خلال مواقف محددة من المشكلة، التي يمكن أن تساعد على إيجاد أطر للعمل الجماعي لمواجهة المشكلة، من ضمن إطار الشرعية الدولية لتحقيق أوسع تعاون دولي مفيد وواقعي وممكن يساعد على حل مشاكل الأمن الإعلامي الوطني والقومي والإقليمي والدولي. ويضمن تنفيذ الإجراءات الجماعية المتخذة لحل المشاكل الجديدة والصعبة الناتجة عن دخول الإنسانية عصر "العولمة المعلوماتية". وتوفر الأمن الإعلامي الوطني والدولي الواقعي الذي يضمن سيادة المصالح الوطنية ومساواتها لجميع دول العالم صغيرها وكبيرها، فقيرها وغنيها. ويتصدى لأي عدوان خارجي أو إجرامي أو إرهابي يتعرض له المجال المعلوماتي من قبل أي كان، ولأي دولة من دول العالم.

وهذا على ما أعتقد لا يعفي الدول العربية والإسلامية القادرة، من واجب إعادة النظر في سياساتها الإعلامية والشروع بإنشاء مؤسسات متخصصة للقيام بالدراسات والأبحاث الضرورية التي تمكنها من مواجهة وامتلاك ناصية تقنيات وتكنولوجيا سلاح القرن الحادي والعشرين "السلاح المعلوماتي"، لتقدمه دعماً للدول الشقيقة عند الضرورة، ولمواجهة عدو شرس ينتشر كالأخطبوط في كل أنحاء العالم ويتربص بالجميع ويملك أفتك صنوف الأسلحة التي تفتقت عنها العبقرية البشرية، ومن بينها طبعاً "الأسلحة المعلوماتية" الذي برع في استخدامه، لشل قدرة خصومه على المواجهة، وخداع الرأي العام العالمي، وإقناعه بحقائق محرفة تخالف حتى الثوابت التاريخية والثقافية والشرعية غير القابلة للجدل.

المراجع والمصادر:

باللغة العربية:

1. د. أسامة الغزالي حرب: الأحزاب السياسية في العالم الثالث. القاهرة: سلسلة المعرفة. 1987 سبتمبر.

2. أصوات متعددة: عالم واحد. اليونسكو، باريس، 1976.

3. أندريه بوفر: مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية. ترجمة: الهيثم الأيوبي. دار الطليعة، بيروت 1968.

4. إسلام كريموف: أوزبكستان، طريقها الخاص للتجديد والتقدم.ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السر وات، 1999.

5. إسلام كريموف: أوزبكستان، نموذجها الخاص للانتقال إلى اقتصاد السوق. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السر وات، 1999.

6. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق الإصلاحات الاقتصادية. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 1996.

7. د. بطرس بطرس غالي: حقوق الإنسان في 30 عاماً. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية 1979/يناير.

8. د. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. // القاهرة: الأهرام 30/12/1997.

9. د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. // القاهرة: السياسة الدولية، 1997، العدد 127.

10. د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. دار المسيرة، عمان 1998.

11. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. القاهرة: دار الفكر العربي.

12. د. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. // القاهرة: الأهرام 30/12/1997.

13. د. شمس الدين عبد الله شمس الدين: نظرية المعلومات: مفاهيم ومقولات وقضايا أساسية. // دمشق: مجلة المعرفة العدد 450/2001.

14. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار علاء الدين، 1999.

15. عاطف الغمري: الأسلحة الجديدة في ترسانة الهجوم الاقتصادي العالمي. // القاهرة: الأهرام 30/1/1996.

16. د. علي محمد الخثلان: أوزبكستان على طريق الإصلاح. // الرياض: الجزيرة، 30/5/1996.

17. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية. العدد 123/ يناير 1996.

18. ليدل هارت: الإستراتيجية وتاريخها في العالم.ترجمة: الهيثم الأيوبي. دار الطليعة، بيروت 1967.

19. د. محمد محمد البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1975.

20. د. محمد محمود الإمام: التخطيط من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. معهد الدراسات العربية العالية. جامعة الدول العربية، 1962.

21. د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام. 1979.

22. د. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997.

23. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.

24. أ.د. محمد البخاري: الإعلام وتحديات العولمة في الدول الأقل حظاً. الرياض: مواد المؤتمر الدولي الأول لتقنيات الاتصال والتغير الاجتماعي، جامعة الملك سعود 15-17/3/2009.

25. أ.د. محمد البخاري: المعلوماتية وأمن الموارد الإعلامية بين التخصص والاختصاص. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

26. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي والعلاقات الدولية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 4/8/2008. http://www.dardolphin.org

27. أ.د. محمد البخاري: رؤية مستقبلية للصحافة العربية والدولية. القاهرة: جمعية العلاقات العامة العربية APRS، الأحد 27-07-2008. http://www.aprs-info.org/

28. أ.د. محمد البخاري: وسائل الإعلام الجماهيرية والتبادل الإعلامي الدولي وكالات الأنباء العالمية والصحافة الدولية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 10/7/2008. http://www.dardolphin.org

29. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية في إطار التبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 17/5/2008. http://www.dardolphin.org

30. أ.د. محمد البخاري: الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي. 17/5/2008. http://www.dardolphin.org

31. أ.د. محمد البخاري: رؤية مستقبلية للصحافة العربية والدولية. دمشق 22/1/2008. http://www.albukhari.com/muhammad/

32. أ.د. محمد البخاري: الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

33. أ.د. محمد البخاري: قضايا الأمن الوطني في إطار العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

34. أ.د. محمد البخاري: المجتمع المعلوماتي وتحديات العولمة في الدول الأقل حظاً. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

35. أ.د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

36. أ.د. محمد البخاري: الإعلام والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

37. أ.د. محمد البخاري: التدفق الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 1/8/2007. http://www.dardolphin.org

38. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 521/محرم 1428، شباط/فبراير 2007.

39. أ.د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 519/ ذي القعدة 1427، كانون أول/ديسمبر 2006.

40. أ.د. محمد البخاري: المجتمع المعلوماتي وتداعيات العولمة. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 21/7/2006. http://www.dardolphin.org

41. أ.د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. جدة: مجلة المنهل، العدد 592/2004 أكتوبر ونوفمبر.

42. أ.د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/2004 آب/أغسطس. ص 120-133.

43. أ. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.

44. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.

45. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (6). // أبو ظبي: الاتحاد، 13 أكتوبر 2001.

46. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (5). // أبو ظبي: الاتحاد، 9 أكتوبر 2001.

47. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (4). // أبو ظبي: الاتحاد، 7 أكتوبر 2001.

48. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (3). // أبو ظبي: الاتحاد، 2 أكتوبر 2001.

49. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (2). // أبو ظبي: الاتحاد، 1 أكتوبر 2001.

50. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (1). // أبو ظبي: الاتحاد، 27 سبتمبر 2001.

51. أ. د. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001.

52. أ.د. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001.

53. أ. د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الاثنين 22 يناير 2001.

54. أ. د. محمد البخاري: وكالات الأنباء والصحافة الدولية في إطار التبادل الإعلامي الدولي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. طشقند 2000.

55. أ.د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000. ص 129 – 144.

56. أ. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب السنة الثالثة علاقات دولية. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. 1999.

57. أ. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة طشقند الحكومية، 1997.

58. أ.د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. دار إحياء الفنون الإسلامية، دمشق 1997.

59. أ. د. محمد البخاري: أهمية البحوث الميدانية في نجاح السياسات الإعلامية العربية. // صنعاء: الثورة، العدد 9335/1990.

60. أ.د. محمد البخاري: التخطيط الإعلامي السليم شرط أساسي للإعلام الناجح، والبحوث الميدانية من أولوياته. // صنعاء: صحيفة 26 سبتمبر، العدد 407/1990.

61. أ.د. محمد البخاري: وسائل الإعلام الوطنية ودورها في تعميق الثقافة القومية وتطوير التعليم. // صنعاء: صحيفة 26 سبتمبر، العدد 326/1989.

62. أ. د. محمد البخاري: أفكار حول الصحافة والتعليم والثقافة. // دمشق: مجلة المعرفة، العدد 306-307/1988.

63. د. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971.

64. د. ممدوح شوقي: الأمن القومي والعلاقات الدولية. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية 1997/العدد 127.

65. نبيل عمر: ذئب المخابرات الأحمر: الباب السري لجمال عبد الناصر. عرض: إمام أحمد. // القاهرة: الأهرام الاقتصادي، العدد: 1681/2001.

66. د. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1998 العدد 134؛

67. د. هالة مصطفى: المشروع القومي في مصر: دور الدولة الأساسي. // القاهرة: الأهرام 28/4/1997؛

68. د. هالة مصطفى: المشروع القومي بناء الداخل أولاً. // القاهرة: الأهرام 31/3/1997؛

69. د. هالة مصطفى: حقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان.القاهرة: 1997 العدد 3. أكتوبر.

باللغتين الروسية والأزبكية:

70. أندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: عن الأمن الإعلامي الدولي. // موسكو: مجلة الحياة الدولية، العدد 2 لعام 2000.

71. أ.د. محمد البخاري، أ.د. قدرت إيرنازاروف: الجمهورية العربية السورية. دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 11/8/2008. http://www.dardolphin.org.

72. أ.د. محمد البخاري، أ.د. سرفار جان غفوروف: دولة الكويت. طشقند: دار نشر مكتبة علي شير نوائي الوطنية، 2007.

73. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006.

74. أ.د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006.

75. أ. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006.

76. أ.د. محمد البخاري: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة دكتوراه علوم DC في العلوم السياسية من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان. الاختصاص: 23.00.03 – الثقافة السياسية والأيديولوجيا؛ و23.00.04 – المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي (2005).

77. أ.د. محمد البخاري: الجوانب الثقافية في التبادل الإعلامي الدولي وفاعليتها. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004.

78. أ.د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة بصمة، 2004.

79. أ.د. محمد البخاري، غينادي غيورغيفيتش نيكليسا: الأسس السياسية والقانونية لتكامل وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان مع الساحة الإعلامية الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003.

80. أ. د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: جمهورية مصر العربية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2002.

81. أ.د. محمد البخاري: الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2002.

82. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية. مقرر لطلاب البكالوريوس، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2002.

83. أ.د. محمد البخاري: وظيفة التبادل الإعلامي الدولي. // طشقند: مياك فاستوكا، العدد 1-2، 2001.

84. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة دبلوماسية. // طشقند: فوستوكافيدينيه، العدد 2/2001.

85. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001.

86. أ. د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: المملكة العربية السعودية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001.

87. أ.د. محمد البخاري: وكالات الأنباء العالمية. // طشقند: مجلة "أوزبكستان مطبوعاتي"، العدد 4/2000.

88. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000.

89. أ.د. محمد البخاري: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000.

90. أ.د. محمد البخاري: وكالات الأنباء العالمية. // طشقند: مجلة "أوزبكستان مطبوعاتي"، العدد 4/2000. (باللغة الأوزبكية)

91. أ.د. محمد البخاري: الصحافة الدولية. // طشقند: المجلة العلمية لمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (فستنيك). العدد 1/1999.

92. أ.د. محمد البخاري: وكالات الأنباء العالمية والصحافة الدولية في إطار التبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب السنة الثانية علاقات دولية. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 1999.

93. أ.د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب السنة الثانية علاقات دولية. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 1999.

94. أ.د. محمد البخاري: الصحافة الدولية. // طشقند: المجلة العلمية لمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية (فستنيك). العدد 1/1999.

95. د. محمد البخاري: من يبحث عن الحياة الهادئة لا يصنع صحيفة. // طشقند: مجلة كريسباندينت، العدد 6/1989.

96. د. محمد البخاري: العلم والتعليم والتطبيق العملي فقرات لسلسة واحدة. // طشقند: مجلة كريسباندينت، العدد 5/1989. ص 28-29.

97. د. محمد البخاري: دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم. أطروحة دكتوراه. كلية الصحافة، جامعة موسكو 1988.

98. محمد البخاري: دور الصحافة في التنمية والثقافة والتعليم. أطروحة ماجستير. كلية الصحافة، جامعة طشقند الحكومية 1984.

99. قاسيموف أ. فاسكين ي.: الاتجاهات الأساسية للسياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. أوزبكستان، طشقند 1994.

100. وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. وكالة أنباء "JAHON"، طشقند 1997.

باللغات الأجنبية الأخرى:

101. Argenti J., Corporate Planning, A practical Guide Edinburgh, G. Allen and Lenwin Ltd., 1968.

102. Beeley H. . The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.

103. Bettran Canfield, Public Relations Principles, Cases and Problems, 5 th Ed. Honewood ILL., Richard Irwin, Inc., Illinois, 1968,

104. Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication,

105. David Manning White, "Mass Communication Research: A Vuew in Perspective", in Lewis Antony Dexter and David Manning White (eds.) People, Society and Mass Communication (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1964.

106. Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996.

107. Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989.

108. Goetz B.E., Management, Planning and control, Mc Graw - Hill Book Co., 1949.

109. Gordon E. Miracle, Client's International Advertising Policies and Procedures, International Communication,

110. Habil Erhart Knauthe, Industrialization, Planning, financing in Developing Countries, Wdition Leipzig, German Democratic Republic, 1970.

111. Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28.

112. James N. Rosenau, New Dimensions of Security: The Interaction of Globalizing and Localizing Dynamics, Security Dialogue, 1994, Vol. 25 (3).

113. Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.

114. John C. Maloney, "Advertising Research and an Emerging science of Mass Persuasion", in Lee Richardson (ed.) Dimensions of Communication (N. Y.: Appleton Century Crafts, 1969)

115. “Joint Doctrine for Information Operations", Joint Chief of Staffs, Joint Pub. 3-13, October 9, 1998.

116. Karl W. Deutsch, "The Nerves of Government: Models of Political Communication and Control" (Clencoe, Illinois: The Free Press, 1963)

117. Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996.

118. Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, spring 1997.

119.Robert P. Kright, UNESCI'S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions.

120.Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication.

121.Stevan Marjanovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposium Ljubljana 1968,

122.UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985,

123.Wastson S., The International Language of Advertising, International Communication,

124.W. Schramm, "The Challenge to Communication Research". in Ralph O. Nafziger and David Manning White (Eds.) Introduction to Mass Communications Research (Baton Rouge, Louisiana State University Press, 1958)

تمت مراجعة هذا الكتاب والإضافة عليه يوم الأحد 21/6/2009

الفهرس

المقدمة

تمهيد 4

الفصل الأول: التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي 17

وظائف الدولة؛ سياسة الأمن القومي؛ مجالات وسياسة الأمن القومي؛ المجالات السياسية ؛ مجالات السياسة الخارجية؛ مجالات السياسة الداخلية؛ مجالات النشاط الدبلوماسي؛ المجالات الاقتصادية؛ المجالات العسكرية؛ إيجاد توازن بين المصادر المتاحة، والأهداف المطلوب تحقيقها؛ أجهزة جمع المعلومات؛ الحصانة الدبلوماسية من وجهة نظر: سلامة الدولة المضيفة، والحصول على المعلومات؛ المعلومات العسكرية؛ المعلومات السياسية؛ المعلومات الدبلوماسية؛ المعلومات الاقتصادية؛ منظمة الأمم المتحدة، ومشكلات الحصول على المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية؛ التعاون الدولي والنوايا الحسنة بين الدول.

الفصل الثاني: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي 39

تعريف العولمة؛ مقدمات العولمة؛ العولمة والدولة والسيادة الوطنية؛ موقف الأمم المتحدة من الأمن الإعلامي الدولي؛ الأمن الإعلامي الدولي والتفوق في تكنولوجيا الاتصال؛ البنى الإعلامية الدولية فوق الدولة؛ التهديدات الجديدة لـلعولمة الإعلامية؛ اعتراف المجتمع الدولي ولأول مرة بوجود الحرب المعلوماتية على المستوى الدولي؛ العولمة الإعلامية والسيطرة على الموارد الإعلامية؛ الأسلحة المعلوماتية في خدمة الدول الصناعية المتقدمة؛ السلاح الإعلامي وإدارة الصراع؛ مشكلة الأمن المعلوماتي والمصالح الوطنية والدولية؛ أطر مشاكل الأمن المعلوماتي الوطني والدولي.

الفصل الثالث: المصطلح والحروب المعلوماتية، ومجالات تأثير الصراعات المعلوماتية الدولية 72

المصطلح والحرب المعلوماتية؛ الحروب المعلوماتية؛ الصراع المعلوماتي؛ التأثير المعلوماتي؛ الأسلحة المعلوماتية؛ الأمن المعلوماتي؛ المجال المعلوماتي؛ الجرائم المعلوماتية؛ مجالات تأثير الصراعات المعلوماتية الدولية؛ التهديدات المتوقعة للأمن المعلوماتي الوطني؛ تهديدات البنى التحتية المعلوماتية؛ تهديدات الأمن الإعلامي؛ تهديدات الحياة الأخلاقية للمجتمع؛ تهديدات حقوق الفرد والحريات العامة؛ الخصائص الأساسية للأسلحة المعلوماتية وأهدافها؛ أنظمة نقل المعلومات؛ الوعي الاجتماعي (الرأي العام) ونظم تشكيله؛ الوعي الفردي أو الشخصي؛ التأثير الفعال على نظم المعلومات؛ التأثير النفسي والتخدير وشل قدرات العدو؛ مجالات استخدام الأسلحة المعلوماتية؛ مجالات الرقابة أو الإشراف على المجال المعلوماتي الدولي؛ سيناريوهات الحرب المعلوماتية؛ الأمن المعلوماتي الدولي من وجهة نظر المعارضين للمشكلة؛ الأمن المعلوماتي الدولي من وجهة نظر البحث العلمي والتفاهم الدولي؛ الأمن المعلوماتي والتفاهم الدولي.

الفصل الرابع: التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية والشعبية 95

تقسيم العمل الدبلوماسي؛ الدبلوماسية التقليدية؛ دبلوماسية المؤتمرات؛ الدبلوماسية البرلمانية؛ دبلوماسية القمة؛ الدبلوماسية الشعبية؛ إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض؛ الملحقون الإعلاميون؛ وظيفة المستشار والملحق الصحفي؛ وظيفة المكاتب الإعلامية في الخارج؛ التبادل الإعلامي كوظيفة دولية؛ المراكز الإعلامية للمنظمات الدولية؛ دور اليونسكو في مجال التبادل الإعلامي الدولي.

الفصل الخامس: العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية)، كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي 115

تعريف العلاقات العامة الدولية؛ التعريف الوظيفي المتخصص؛ التعريف الاجتماعي السلوكي الشامل؛ وظيفة خبير العلاقات العامة؛ وظيفة العلاقات العامة الدولية؛ نشاطات العلاقات العامة الدولية؛ في المجال الحكومي؛ في مجال المؤسسات والهيئات الحكومية؛ العلاقات العامة الدولية في الدول المتقدمة؛ العلاقات العامة الدولية وظيفة من وظائف المنظمات الدولية؛ الإعلان كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ التخطيط الإعلامي والحملات الإعلامية الدولية؛ إطارات تخطيط العمل الإعلامي الدولي؛ الإطار النظري للخطة الإعلامية؛ الإطار التطبيقي للخطة الإعلامية.

الخاتمة 141

المراجع والمصادر 144

الفهرس 160

هوامش:
[1] أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة:. ص 11؛ و

- John C. Maloney, “Advertising Research and an Emerging science of Mass Persuasion”, in Lee Richardson (ed.) Dimensions of Communication (N. Y.: Appleton Century Crafts, 1969) p. 26-27.

[2] أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: مصدر سابق ص 14؛ و

- David Manning White, "Mass Communication Research: A View in Perspective", in Lewis Antony Dexter and David Manning White (eds.) People, Society and Mass Communication (Glencoe, Illinois: The Free Press, 1964.

[3] أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: مصدر سابق ص 14؛ و

- W. Schramm, "The Challenge to Communication Research". in Ralph O. Nafziger and David Manning White (Eds.) Introduction to Mass Communications Research (Baton Rouge, Louisiana State University Press, 1958) p. 5-6.

[4] أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: مصدر سابق ص 15؛ و

- Karl W. Deutsch, «The Nerves of Government: Models of Political Communication and Control» (Clencoe, Illinois: The Free Press, 1963)б з 3.

[5] أنظر: د. جيهان أحمد رشتي: مصدر سابق ص 17؛ و

- John C. Maloney, «Advertising Research and an Emerging science of Mass Persuasion», in Lee Richardson (ed.) Dimensions of Communication (N. Y.: Appleton Century Crafts, 1969), p 28-29.

[6] أنظر: نبيل عمر: ذئب المخابرات الأحمر: الباب السري لجمال عبد الناصر. عرض: إمام أحمد. القاهرة: الأهرام الاقتصادي، العدد: 1681/2001. ص 71.

[7] أنظر: د. ممدوح شوقي: الأمن القومي والعلاقات الدولي. مجلة السياسة الدولية. القاهرة 1997، العدد/127. ص 14-47؛ وعاطف الغمري: الأسلحة الجديدة في ترسانة الهجوم الاقتصادي العالمي. صحيفة الأهرام 1996/يناير 30؛ ود. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام . 1979؛ و د. بطرس بطرس غالي: حقوق الإنسان في 30 عاماً. مجلة السياسة الدولية 1979/ يناير؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 171-172. و

- Hfns Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28; Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996.

[8] أنظر: د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. ص 8. (باللغة الروسية) - و د. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1998 العدد 134. ص 43؛

[9] أنظر: إسلام كريموف: أوزبكستان، طريقها الخاص للتجديد والتقدم.ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السر وات، 1999. وإسلام كريموف: أوزبكستان، نموذجها الخاص للانتقال إلى اقتصاد السوق. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السر وات، 1999؛ وإسلام كريموف: أوزبكستان على طريق الإصلاحات الاقتصادية. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 1996؛ وأ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص 9-12. (باللغة الروسية)

[10] أنظر: نبيل عمر: ذئب المخابرات الأحمر: الباب السري لجمال عبد الناصر. عرض: إمام أحمد. القاهرة: الأهرام الاقتصادي، العدد: 1681/2001؛ ود. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص 12-15. (باللغة الروسية)؛ ود. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1998 العدد 134. ص 47؛ ود. هالة مصطفى: المشروع القومي في مصر: دور الدولة الأساسي. القاهرة: الأهرام 1997/4.28؛ ود. هالة مصطفى: حقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان. 1997 العدد 3. أكتوبر.؛ ود. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997؛ ود. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. القاهرة: الأهرام 1997/12.30؛ و

- Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989; Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28; Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996; Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, spring 1997; Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.

[11] أنظر: د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص 12-15. (باللغة الروسية) ود. هالة مصطفى: العولمة .. دور جديد للدولة. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1998 العدد 134. ص 47؛ ود. هالة مصطفى: المشروع القومي بناء الداخل أولاً. القاهرة: الأهرام 1997/3.31.؛ ود. هالة مصطفى: حقوق الإنسان، وفلسفة الحرية الفردية. القاهرة: "نشطاء" البرنامج الإقليمي لدراسات حقوق الإنسان. 1997 العدد 3. أكتوبر.؛ ود. محمد عابد الجابري: قضايا في الفكر العربي المعاصر. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997؛ ود. حازم الببلاوي: العرب والعولمة. القاهرة: الأهرام 1997/12.30؛ و

- Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989; Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28; Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly, Vol. 13, No. 4. Fall 1996; Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives Quarterly, Vol. 14, No. 2, spring 1997; Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs, Vol. 73, No. 3, July 1997.

[12] أنظر: د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص 12 وما بعد. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: عن الأمن الإعلامي الدولي. موسكو: مجلة الحياة الدولية، العدد 2 لعام 2000. ص 37 وما بعد. (باللغة الروسية)

[13] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 44. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: مصدر سابق ص 37 وما بعد. (باللغة الروسية)

[14] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 38. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: مصدر سابق ص 46. (باللغة الروسية)

[15] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 42 وما بعد. (باللغة الروسية)

[16] أنظر: أ.د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 39. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: مصدر سابق ص 47. (باللغة الروسية)

[17] أنظر: أ.د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 50. (باللغة الروسية).

[18] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 60 وما بعد. (باللغة الروسية).

[19] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 61 وما بعد. (باللغة الروسية).

[20] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 33 وما بعد. (باللغة الروسية).

[21] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 66. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدر وف: مصدر سابق ص 47. (باللغة الروسية)

[22] أنظر: د. محمد البخاري: مصدر سابق ص 69. (باللغة الروسية)؛ وأندريه فلاديميروفيتش كروتسكيخ، وأليكساندر فلاديميروفيتش فيدروف: مصدر سابق ص 48. (باللغة الروسية)

[23] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 171-172. و

- Hfns Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap. 28.

[24] أنظر: نفس المصدر السابق.

[25] أنظر: نفس المصدر السابق. و

- Adi H. Doktor. op. cit., p. 146.

[26] أنظر: نفس المصدر السابق.

[27] أنظر: نفس المصدر السابق.

[28] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 176-177. و

- H. Beeley. The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971. p. 128.

[29] أنظر: نفس المصدر. و

- Ibid., p. 129.

[30] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 179. و

- Stevan Marjanovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 401-403.

[31] أنظر: د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. السياسة الدولية، القاهرة 1997، العدد 127. ص 14-31؛ أصوات متعددة: عالم واحد. اليونسكو، باريس، 1976؛ د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 181؛ و

- Robert P. Kright, UNESCI’S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions. Op. Cit., p. 219; UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985, p. 45.

[32] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 182.

[33] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 183.

[34] أنظر د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. دار المسيرة، عمان 1998. ص 22؛ ود. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971. ص 18.

[35] أنظر د. جميل أحمد خضر: مصدر سابق ص 24؛ و

- Cutilp and Center, opcit, p. 5.

[36] أنظر د. جميل أحمد خضر: مصدر سابق ص 24. ود. محمد البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1975. ص 39.

[37] أنظر: د. جميل أحمد خضر: مصدر سابق ص 24. ود. محمد البادي: مصدر سابق ص 39.

[38] أنظر: نفس المصدر السابق.

[39] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 184. و

- Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication, op. cit.. pp. 384-385.

[40] أنظر: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. وكالة أنباء "JAHON"، طشقند 1997. ص 81-86. (باللغة الروسية)

[41] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 185.

[42] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 187. و

- Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication. op. cit., pp. 346-349.

[43] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 188. و

- S. Wastson, The International Language of Advertising, International Communication, op. cit., pp. 357-365.

[44] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 188. و

- Gordon E. Miracle, Client's International Advertising Policies and Procedures, International Communication, op. cit., pp. 366-374.

[45] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 193؛ ود. محمد محمود الإمام: التخطيط من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. معهد الدراسات العربية العالية. جامعة الدول العربية، 1962. ص. 21-22؛ وعمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. مجلة السياسة الدولية. العدد 123/ يناير 1996. ص 83-101.

[46] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 195. و

- Habil Erhart Knauthe, Industrialization, Planning, financing in Developing Countries, Wdition Leipzig, German Democratic Republic, 1970. p. 27.

[47] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 196؛ وليدل هارت: الإستراتيجية وتاريخها في العالم.ترجمة: الهيثم الأيوبي. دار الطليعة، بيروت 1967. ص 408-409؛ وأندريه بوفر: مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية. ترجمة: الهيثم الأيوبي. دار الطليعة، بيروت 1968. ص 45-46.

[48] أنظر: د. محمد علي العويني: مصدر سابق ص 198؛ و

- B.E. Goetz, Management, Planning and control, Mc Grow - Hill Book Co., 1949; J. Argenti, Corporate Planning, A practical Guide Edinburgh, G. Allen and Len win Ltd., 1968.


هناك تعليق واحد: