العدوان الإسرائيلي ومحاولات حرف البوصلة
نشرت صحيفة الوطن العمانية في عددها
الصادر اليوم 7/5/2013 في زاوية رأي الوطن مقالة تحت عنوان "العدوان
الإسرائيلي ومحاولات حرف البوصلة" جاء فيها:
في الأزمة السورية لم تكن الصورة بحاجة
إلى مزيد من الأضواء لتتضح زواياها وأطرها من جميع الاتجاهات، فهي واضحة منذ بداية
نشوب الأزمة، ولم يكن العدوان الإرهابي الصهيوني على مركز البحث العلمي في جمرايا
بريف دمشق سوى توكيد المؤكد، وأضواء إضافية لمن لم يزل في أعينه عَوَرُ، ولمن لم
تزل في بصيرته غشاوة، حيث جاء هذا الانتهاك الجديد في سياقاته المعروفة التي تشكلت
بفعل سياسة التدخل التآمري المراد تحقيقه ضد سوريا دولةً ومؤسسةً عسكريةً ودوراً
مؤثراً.
لقد جاء العدوان الصهيوني على سوريا بعد
عجاف سنتين ونيف في محاولة بائسة ويائسة لدمغ الحق بالباطل لترميم المنكسر، وإقالة
عثار العثر أساساً، وبقدر ما كشف هذا العدوان الصهيوني عن أن كيان الاحتلال
الصهيوني هو الطرف الأصيل في الأزمة السورية منذ نشوبها، وأن ما عداه مجر عملاء
وأدوات تنفيذ ليس إلا، وبقدر ما أراد أن يضر الخصم (سوريا الدولة والشعب) وينفع
العميل والأداة، بقدر ما فتح أبواب الحقائق على مصراعيها لتأتي مسرعة تفضح الواقع
التآمري المحبوك.
وفي خضم سخونة المشهد وافتضاح الحقائق، جاء
اعتراف المدعية العامة السابقة في المحكمة الجنائية الدولية والعضو في لجنة التحقيق
الدولية في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا كارلا ديل بونتي بأن العصابات
المسلحة استخدمت أسلحة كيميائية مستعينة بغاز السارين، رغم محاولات التعتيم
والتسييس من قبل المتدخلين، ليعطي دليلاً إضافياً على حجم المؤامرة ضد سورية. إلا
أن الاعتراف في تقديرنا ليس من قبيل المصادفة أن يأتي في أعقاب العدوان وحالة
الاستعداد لمحور المقاومة للرد في المكان والزمان المناسبين، والإعلان عن نصب
بطاريات صواريخ سورية متطورة باتجاه أهداف صهيونية حيوية، وإنما في إطار عملية
تدوير زوايا المشهد نحو الأزمة، ذلك الهدف من تقديم قضية الأسلحة الكيماوية
والتأكيد على أن العصابات المسلحة هي من استخدمها، هو محاولة لحرف اتجاه الرأي
العام وبوصلة اهتماماته وتذويب العدوان الصهيوني السافر بين ثنايا قضية الأسلحة
الكيماوية، بدليل أنه بمجرد إعلان بونتي هذه الحقيقة دون مواربة أو تورية
والتأكيد على أنها مبنية على شهادات، سارعت الأطراف المتدخلة في الشأن الداخلي
السوري والداعمة للعنف والإرهاب ضد سوريا إلى تطويق هذا الاعتراف بأسيجة التعويم
والتشكيك وعد وجود أدلة، ولذلك فإنه من المؤكد إن إعادة تدوير أسطوانة الأسلحة الكيماوية
بالاتجاه المعاكس الهدف منه تبريد أجواء العدوان الصهيوني وما أحدثه من ردود أفعال
مستنكرة؛ وعندما يتأكد المتدخلون من تحقق هذا الهدف تعود أسطوانة اتهام الحكومة
السورية باستخدام السلاح الكيماوي.
أما الحقيقة الأخرى التي لا تقبل الجدال
بأي حال من الأحوال، فهي العلاقة العضوية القائمة بين العصابات المسلحة وكيان
الاحتلال الصهيوني، فالأولى مجرد أدوات في الداخل السوري، والثاني طرف أصيل يسعى
إلى إشراك بقية الأدوات الموجودة بالخارج مع أدوات الداخل بصورة مباشرة بحيث لا
يقتصر الأمر على أدوات الخارج على التدليس وفبركة الكذب وتسويقه والتكفل بالدعم
المالي والتسليحي. ويبدو أنه لما شعرت أدوات الخارج بالحرج من انكشاف حقيقة
العلاقة العضوية القائمة، سارع الإعلام الصهيوني إلى تسريب ما مفاده بأن رئيس
حكومة كيان الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو أرسل رسالة عبر وسطاء إلى
الرئيس السوري بشار الأسد بأن المستهدف بالعدوان هو السلاح الذي يراد
إرساله إلى حزب الله وليس الجيش العربي السوري؛ بمعنى أنهم لما رأوا أن ظهور حقيقة
الأزمة السورية إلى العلن وانكشاف الأدوار الأصيلة والعميلة سوف يغير ما حاول
الإعلام الغربي والعميل التابع له تزييفه وسلب حالة الوعي لدى شريحة كبيرة من
الشعوب وخاصة الشعوب العربية، يمكن أن يرتد سلباً على معسكر التدمير والتقسيم،
يحاولون الهرولة إلى الإبقاء على الوعي العربي المغيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق