الأربعاء، 3 مارس 2010

العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي

العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي
طشقند - 2010

بسم الله الرحمن الرحيم


الإهداء
أرفع أسمى آيات الاحترام والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود (حفظهما الله ) وأهديهم هذا العمل المتواضع تقديراً لدعمهم ورعايتهم، للقطاعات التعليمية والعلمية في المملكة وتفعيل دورها لخدمة برامج التنمية الشاملة لتقوم على أسس علمية ومنهجية معتبرة وسليمة، والذي يعتبر امتدادا لجهود القيادة السعودية الرشيدة لتوطين التقنية ودعم مبادرات كل جديد منها.
و تقديراً لصاحب السمو الملكي نائب أمير منطقة الرياض سطام بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) راعي المؤتمر وعرفاناً بالجهود التي بذلها معالي الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان مدير الجامعة، والدكتور فهد الكليبي عميد كلية الآداب، والدكتور فهد بن عبد العزيز الخريجي رئيس قسم الإعلام، والأساتذة أعضاء لجان المؤتمر الدولي الأول لتقنيات الاتصال والتغيير الاجتماعي الذي ترك عندي أفضل الانطباعات والأثر الجيد عن النهضة العلمية والتعليمية القائمة في المملكة؛ أضع هذا الكتاب تحت تصرف أساتذة وطلاب قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، آملاً أن تكون فيه فائدة لهم والله الموفق؛
المؤلف

تأليف:
أ.د. محمد البخاري:دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة، ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD) اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة بجامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.

مراجعة:
د. شهرت يفقاتشوف:دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية PhD، مستعرب ومتخصص بالشؤون العربية، رئيس قسم العلوم السياسية بكلية العلوم السياسية، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.

المقدمة
أصبح التبادل الإعلامي الدولي في ظل النظام الدولي الراهن واحداً من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، وذلك نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة للتبادل الإعلامي الدولي على ضوء التطور الهائل الحاصل في مجال تقنيات الاتصال الإلكترونية الحديثة التي أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية تستخدمها فعلاً لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت، وبأية لغة تفهمها، وسمحت تقنيات الاتصال الحديثة للتدفق الإعلامي الدولي أن يكون تبادلاً إعلامياً دولياً تسيطر عليه الدول المتطورة بفضل إمكانياتها المادية والعلمية والتقنية. ولو أن أية دولة أو أية جماعة مهما كان حجمها وإمكانياتها تستطيع ولوج عالم التبادل الإعلامي الدولي بالحرف والصوت والصورة دون عوائق تذكر، وقد التفتت حكومات الدول والتجمعات الدولية اليوم إلى حقيقة الثورة المعلوماتية من خلال التركيز على أهداف ووظائف التبادل الإعلامي الدولي، وردم الهوة بين الدول المتطورة والغنية، والدول الأقل تطوراً والمتخلفة والفقيرة.
وأصبحت وظائف التبادل الإعلامي الدولي مدخلاً لدراسة مشاكل الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي، ودراسة قضايا الإعلام والاتصال الجماهيري، والسعي لإقرار نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، يهدف أساساً إلى الحد من اختلال التوازن بين الدول المتقدمة والدول النامية، ليجعل من التبادل الإعلامي الدولي المفتوح والايجابي مجالاً للحوار بين الأمم والثقافات والحضارات.
والدولة بقيت وكما كانت الحال منذ القدم العنصر الأساسي في العلاقات الدولية رغم التأثر الواضح الذي بدرت ظواهره تزداد وضوحاً كل يوم، من خلال تأثير وسائل الاتصال والمعلوماتية المتطورة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، لأن مفهوم قوة الدولة على الساحة الدولية، كان ولم يزل مرتبطاً منذ البداية بقوة وتماسك الدولة من الداخل، الذي تعززه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الوطنية من خلال تأثيرها على الجمهور الإعلامي وتكوينها للرأي العام.
ولكن تأثير الثورة المعلوماتية شمل الدولة سلباً بكل مكوناتها من حدود سياسية معترف بها، وشعب وحكومة ومصالح وطنية. وأصبحت السيطرة على عملية تدفق المعلومات شبه مستحيلة بعد أن تحولت المعلومات إلى عناصر غير ملموسة وغير مرئية يسهل تنقلها واختراقها لأي حدود سياسية أو جغرافية كانت، مهما بلغت نوعية وكمية ودرجة إجراءات الحماية ضد الاختراقات الإعلامية الحديثة. وتقلص البعد الجغرافي، وزال الفاصل الزمني، وأصبحت تقنيات الاتصال الحديثة تقفز من فوق الحواجز وتخرقها.
وما كان مستحيلاً في عالم الاتصال الأمس، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، وكأن مصدر المعلومات والقائم بالاتصال والجمهور الإعلامي مهما باعدت المسافة الجغرافية بينهم داخل ساحة إعلامية واحدة تعجز الدول عن التحكم بها، مما ترك بدوره أثاراً بالغة على الشعور الوطني والتماسك الاجتماعي والولاء للدولة من قبل المواطنين المنتمين للدول المعرضة للاختراق الإعلامي.
والكادر العلمي بكلية العلاقات الدولية والاقتصادية منذ تأسيسها عام 2000 قام بدراسات عديدة شملت هذا الاتجاه المعاصر ومن بينها هذا الجهد الذي قام به أ.د. محمد البخاري، بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون في الكلية قبل تقسيمها إلى كليتي العلاقات الدولية، والعلوم السياسية، وإنشاء قسمي العلوم السياسية، والعلاقات الدولية بدلاً عن قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون عام 2009، وتفرغ أ.د. محمد البخاري، للعمل في كلية الصحافة بجامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
والمؤلف أطلق على كتابه اسم "العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي" وهو الذي نقدمه للباحث والطالب والقارئ والمهتم، كمحاولة من المؤلف لتسليط الضوء على آفاق العلاقات الدولية، ومراحل تكوين الإعلام الدولي ودوره في تحديد أطر السياسات الخارجية وتنفيذها، والعلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية والعولمة وسلبياتها وأخطارها على السياسة الخارجية والصراعات الدولية كأدوات للنظم السياسية في إطار العلاقات الدولية والتفاهم الدولي، والتبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القومي، وأهمية التخطيط الإعلامي لنجاح الحملات الإعلامية في محاولة لسد شيء من الفراغ الذي تعاني منه المكتبة في هذا المجال الهام.
د. شهرت يفقاتشوف
مستعرب، متخصص في الشؤون العربية والإسلامية،
رئيس قسم العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية
معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية


تمهيد

آفاق العلاقات الدولية
في مقارنة قام بها بعض المؤرخين بين التنبؤات التي وضعها السياسيون عام 1900 وما حدث فعلاً خلال قرن من الزمن ظهر أنهم لم يتوقعوا في تنبؤاتهم الأحداث الهامة التي جرت خلال القرن العشرين، لا بالحربين العالميتين، ولا بثورة البلاشفة في روسيا، ولا بتشكل الدول الاشتراكية، ولا بانهيار النظم الاستعمارية العالمية، ولا انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السوفييتي السابق، ليثبت أن التنبؤ في مجال التطورات العالمية صعب جداً، وهو أصعب بكثير من التنبؤ في مجال برامج الاستنساخ الطبية أو في مجال غزو الفضاء وانتقال البشر إلى الكواكب الأخرى، ومع ذلك فقد حاول البعض وضع سيناريوهات ممكنة للمستقبل منطلقين من حقائق العصر، منها:
أنه من الممكن توقع مستقبل انفراد الولايات المتحدة الأمريكية في مسعاها لفرض هيمنتها على العالم خلال السنوات العشرين القادمة. لأن هذه الدولة مستمرة في المضي على طريق زيادة الهوة بينها وبين المجتمع الدولي في مجالات العلاقات المالية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والسياسية والحربية وغيرها، وخلال سنوات الفترة الرئاسية الأولى من حكم كلينتون للولايات المتحدة الأمريكية (1992 – 1996)، ارتفع المؤشر الاقتصادي للدخل القومي بحوالي 4 % سنوياً، وهو ما حدث للدخل القومي الألماني، وخلال الفترة الرئاسية الثانية لكلينتون (1996 - 2000) زاد الدخل القومي الياباني، وتحدث الكثيرون عن "المعجزات الاقتصادية" الأخرى، وفي الواقع أن المعجزة جرت في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. لأن العولمة في ظروف نظام القطب الواحد تضيق على الدول المستقلة الكبرى الأخرى، ولا تدعهم يسلمون بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعولمة. ولا يستبعد أن واشنطن كقائد ستقوم بتنفيذ خطط إستراتيجية لإضعاف أو إنهاك تلك الدول، والأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة خير مثال عليها.
وأدى تركيز مراكز القوى المالية والاقتصادية والتجارية إلى تحول شرق وجنوب شرق آسيا إلى مركز لنصف الاقتصاد العالمي المالي والتجاري والسكاني. وتوقع البعض أن تملك الصين حتى عام 2020 أكبر اقتصاد عالمي، مشيرين إلى أن هذا لا يعني وزنها العسكري والسياسي بل بمستوى الحياة في الصين نفسها الذي سيتفوق على نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وأن الصين لن تترك واشنطن تتحكم بالعالم وحدها. وأن الهند بسكانها الـ 1.2 مليار نسمة ستصبح الدولة الرابعة في عالم الاقتصاد، ووفق توقعات البنك الدولي، وستبقى ثلاث دول غربية هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، والبرازيل؛ ضمن الدول العشر الأكثر تتطوراً اقتصادياً في العالم حتى عام 2020 والسبع الباقية في آسيا. رغم أن التأثير المباشر على العلاقات الدولية خلال العشر سنوات القادمة سيبقى كما في السابق متركزاً في ثلاثة مراكز للقوة هي: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، واليابان، ومن المتوقع أن تنضم إليهم الصين والهند وأن تلعب روسيا وحلفائها دور مركز الثقل على تطور الأحداث العالمية.
وجاءت العولمة لتعزز التشابك الاقتصادي والأمني لمختلف الدول، وتغيرت الأجندة السياسية الدولية، ورافقها تغيير لأفضليات مصالح الدول على الساحة الدولية وتبدلت إمكانيات وسائل تنفيذ سياساتهم الخارجية. وتغير مفهوم "قوة الدولة" من الاعتماد على القوة العسكرية إلى الاعتماد على تطوير الموارد المالية والاقتصادية والمعلوماتية والفكرية للدولة. وتبدل دور اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية من التحالفات والاتحادات العسكرية والسياسية، إلى التحالفات والاتحادات التجارية والاقتصادية الإقليمية، والدولية مثال: الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، والرابطة الاقتصادية "أوروآسيا"، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومجلس تعاون دول الخليج العربية، وغيرها لتبقى في مقدمتها مجموعة "دول الثمانية الكبرى"، وهو ما يعني تحول السياسة العالمية والدبلوماسية نحو الاقتصاد. وأدت العولمة إلى ارتفاع نسبة الوعي القومي بين سكان الكرة الأرضية. وبعد أن كان عدد الدول المستقلة بعد الحرب العالمية الثانية (50) دولة، نرى أن منظمة الأمم المتحدة تضم في عضويتها الآن نحو 200 دولة، مع إمكانية زيادة هذا العدد خلال السنوات القادمة، بسبب وجود أقليات عرقية في أكثر من (100) دولة ويزيد عدد أفراد كل جالية عن المليون نسمة، مع إمكانية انهيار تلك الدول وانقسامها إلى دول مستقلة، كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق الذي انقسم إلى خمسة عشر دولة مستقلة، ويوغوسلافيا التي انقسمت إلى عدة دول ولم يزل الصراع قائماً بينها حتى الآن، وتشيكوسلوفاكيا التي انقسمت إلى دولتين مستقلتين، وإثيوبيا التي انقسمت إلى دولتين مستقلتين. وفي أحسن الظروف يمكن قيام فيدراليات شبه مستقلة ذاتياً في بعض الدول متعددة القوميات، وهو ما تسعى إليه الدول العظمى وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحاضر، مثال: الحالة العراقية، والحالة السودانية، والحالة الروسية، وغيرها. مع ظهور س. هنتيجتون الذي تحدث في كتابه "تصادم الحضارات" عن الصراع بين سبع حضارات قائمة حالياً في العالم. و ز. بجيزينسكي الذي دعى في كتابه "رقعة الشطرنج العظمى" إلى هيمنة الولايات المتحدة على أوروبا وآسيا. وازدياد خطر انتشار السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل، وزيادة عدد الدول التي تملك السلاح النووي بعد انضمام إسرائيل والهند وباكستان لتلك الدول إضافة لعشرات الدول القريبة من امتلاك السلاح النووي.
وظهر تأثير العولمة على العلاقات الدولية والعمل الدبلوماسي منذ بداية القرن الحادي والعشرين حيث أخذت تظهر على الخط الأول مسائل عسكرية وسياسية، رافقتها أزمات عسكرية، ولقاءات قمة، غلبت عليها مسائل التجارة الخارجية، والمالية، وحماية البيئة، والتبادل الإعلامي الدولي وغيرها.
وأدرك أطراف اللعبة الدولية أن العولمة غيرت جوهر العلاقات الدولية، وأفضلياتها، ووسعت من إمكانيات العمل المشترك لمختلف الدول، وفتحت الآفاق أمام المجتمع الدولي لتعاون متعدد الأطراف. وأبرزت وزن "الدبلوماسية الاقتصادية"، التي رافقتها "الدبلوماسية البيئية"، مع ازدياد أهمية "الدبلوماسية الشعبية"، و"دبلوماسية التنمية" لحل مشاكل دول الجنوب الفقيرة. الأمر الذي يدعو العالم إلى تشكيل منظومة عالمية لمواجهة التهديدات والأخطار الجديدة، الناتجة عن العولمة في القرن الحادي والعشرين. وكلها وضعت معظم الدول العربية أمام تحديات لم تكن تتوقعها تهدد أمنها ومصيرها ووحدة أراضيها، ولابد من التصدي لها بدأ من ساحة التبادل الإعلامي الدولي الذي تفتقر لها معظم الدول العربية، وأمام عجز جامعة الدول العربية عن تأسيس إعلام خارجي عربي موحد يمكن أن يتصدى للهجمات الإعلامية التي تتعرض لها الأمة العربية وشرح القضايا والمواقف العربية مما هو جار الآن على الساحتين الدولة والإقليمية.
مراحل تكوين الصحافة الدولية
نشأت الصحافة الدولية وبدأت بالتطور بعد أن تمكن ميانكيس، وجوهان جنسفليش، الملقب بـ غوتينبرغ، وجوهان فوست، وبيتر شوفير، من التوصل عام 1450م إلى اختراع الطباعة بالحروف المنقوشة على مادة مصنوعة من الخشب أو الحجر أو الحديد، واعتبر الأساس لنشأة الطباعة الحديثة التي عرفت فيما بعد بالتيبوغرافية. وكان هذا الاختراع لاحقاً من أسباب ظهور أولى الصحف الدورية في القارة الأوروبية، التي ظهرت في براغ وإنفسبورغ عام 1597، ودانيفر عام 1605، وبال عام 1610، وفيينا وفرانكفورت عام 1615، وهامبورغ عام 1616، وبرلين عام 1617، ولندن عام 1622، وباريس عام 1631. واستمرت هذه الدوريات في التطور والانتشار حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في المجتمع الأوروبي.
وتعد الصحافة الدولية وسيلة هامة من وسائل التبادل الإعلامي الدولي، نظراً للإمكانيات التي تملكها سواء أكانت تقنية أم بشرية، أم مالية، إضافة للعدد الضخم من النسخ التي تصدرها وتوزعها في مختلف دول العالم، وما يترتب عن هذا التوزيع من نتائج سياسية واقتصادية لصالح الدول المصدرة داخل الدول المستوردة.
وفي أواخر القرن الماضي كان متوسط توزيع الصحف اليومية ذات الاهتمامات العامة يزيد عن 59 مليون نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. وتذكر بعض المراجع أن أوروبا تستهلك 38% من الصحف اليومية في العالم، وأن أمريكا الشمالية تستهلك 23% من تلك الصحف، وأن القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تستهلك حوالي 26% من الصحف على الرغم من أن سكان هذه القارات يشكلون 70% من سكان العالم. ومن الصحف الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وشيكاغو تريبيون، ونيويورك ديلي نيوز. ومن الصحف البريطانية: تايمز، وغارديان، وفايننشال تايمس، وصنداي تايمز. ومن الصحف الفرنسية: لوموند، ولورور، ولوفيغارو. إضافة لصحيفة إنترناشيونال هيرالد تربيون التي أنشأت عام 1887 وتصدر في باريس، إلى جانب إصدارها من قبل صحيفة النيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست في الولايات المتحدة الأمريكية. وجريدة العرب الدولية: الشرق الأوسط التي تصدر من لندن باللغة العربية عن الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية المحدودة، وتوزع في أنحاء العالم، وتطبع في وقت واحد في كل من: الظهران، والرياض، وجدة، في المملكة العربية السعودية. والكويت، والدار البيضاء، والقاهرة، وبيروت، وفرانكفورت، ومرسيليا، ولندن، ونيويورك. وتنقل عبر شبكة الإنترنيت الدولية. ومن المجلات الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: تايم، ونيوزويك. ومن المجلات الفرنسية: باري ماتش، وإكسبريس. ومن المجلات البريطانية: إيكونوميست. إضافة للمجلات الدولية المتخصصة بمنطقة معينة من العالم كمجلة أفريكا التي تصدر في لندن، ومجلة جون أفريك التي تصدر في باريس. وتوزع هذه الصحف والمجلات على نطاق عالمي واسع، إذ يبلغ عدد ما توزعه مجلة تايم الأمريكية وحدها حوالي 6,5 مليون نسخة، ومجلة نيوزويك 2,5 مليون نسخة، ومجلة إكسبريس الفرنسية 433 ألف نسخة. وتعتبر الصحف والمجلات الدولية الواسعة الانتشار من الوسائل الفاعلة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول التي تؤثر عليها بأي شكل من الأشكال، كما وتعتبر من الوسائل التي تلجأ إليها مختلف المؤسسات والجماعات للاستفادة من خدماتها في تحقيق أغراضها الثقافية والسياسية والاقتصادية المختلفة.
وتعد الصحف والمجلات في الولايات المتحدة الأمريكية، نتاجاً للنظام الأمريكي بكل جوانبه، وتعكس صورة هذا النظام وتؤثر وتتأثر به، وتساعد السياسة الخارجية الأمريكية على تحقيق أهدافها عن طريق العمل ضمن إطار المصالح الأمريكية في العالم؛ والدعوة لهذه المصالح، وتغطية أنباء مختلف فعاليات السياسة الخارجية الأمريكية على نطاق عالمي واسع، وتختار لذلك اللغة المفهومة للجمهور الإعلامي، والأسلوب والمنطق الإعلامي المقبول لدى الجمهور الذي تتوجه إليه. بينما أدى تركز السلطة الإعلامية في بريطانيا خلال ثمانينات القرن العشرين إلى خلق تيار عالمي، أصبحت معه الصحف البريطانية والمصالح الإعلامية البريطانية في حالات كثيرة، مجرد مخافر حراسة متقدمة للإمبراطوريات الإعلامية على نطاق عالمي. حيث مثلت صحف مردوخ البريطانية الخمس جزءاً من سلسلة صحف تمتد على محور شمالي - جنوبي ما بين لندن وأديلاند، وعلى محور شرقي، غربي مابين بودابست وبوسطن. لتتبلور معها إمبراطورية إعلامية كبرى تشمل شركة تونتيياث سنتشري فوكس السينمائية الأمريكية الضخمة، وشبكة فوكس TV التلفزيونية الأمريكية، ومحطة بي سكاي بي الأوروبية التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار هاربر كولينز الكبرى للنشر في بريطانيا، ودار هاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة مجلات ترتينغل واسعة الانتشار الجماهيري في الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة لسيطرة إمبراطوريتين إعلاميتين مركزهما في كندا على: تلغراف، وصنداي تلغراف، ومجموعة طومسون الصحافية في بريطانيا. بينما تدخل مجموعة ميرور البريطانية ضمن مجموعة كبرى للاتصال التي تضم شركة TVA التلفزيونية الفرنسية، ومحطة MTV التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار بير غامون البريطانية لنشر الكتب، ودار ماكميلان لنشر الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية، ويسيطر عليها مجتمعة ماكسويل.
وقد أدت الاندماجات في الصحافة البريطانية إلى خلق مصالح أساسية، ومصالح إعلامية أخرى، ومصالح غير إعلامية متعددة في عدد من الدول لكل من التجمعات التالية:
مجموعة بير غامون هولدنغ فوندايشن التي يسيطر عليها ماكسويل، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميرر، وصنداي ميرور، وصنداي بيبل، وديلي ريكورد، وصنداي ميل التي توزع بمجموعها 10,5 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في بريتش كابل سيرفيسز TFA في فرنسا، وببر غامون بريس في بريطانيا، ومريل بابليشينغ، وماكميلان في الولايات المتحدة الأمريكية، وماغيار هيرلوب في هنغاريا؛ ومصالح غير إعلامية في أي. جاي. أرنولد للأثاث، وهوليس بلاسنيكس، وبولتون إنفستمانتس في بريطانيا، وجيت فيري إنترناشيونال في باناما، وميلثورب ماشينري في أستراليا.
ومجموعة نيوز كوربوريشن التي يسيطر عليها مردوخ، ولها مصالح صحافية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: صن، ونيوز أوف ذي وورلد، وذي تايمز، وصنداي تايمز، وتوداي التي توزع بمجموعها 11,5 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في بي سكاي بي، وهاريير كولينز في فونتانا، وتشانيل تين في سيدني، وهيرالد إند ويكلي تايمز غروب في أستراليا، وفوكس TV، وهاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومصالح غير إعلامية في أنسيت ترانسبورت، وسانتوس للغاز الطبيعي، ونيوز إيغل لتصدير النفط في أوستراليا، وسنود لاند فايبرز، وايتفرايرزر إنفستمانت في بريطانيا.
ومجموعة يونايتد نيوز بابيرز التي يسيطر عليها ستيفنز، ولها مصالح صحفية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي إكسبريس، وصنداي إكسبريس، وديلي ستار، ويونايتد بروفيشنال نيوز بايبر، ويونايتد ماغازينز، ومورغان غرامبيان ماغازينز التي توزع بمجموعها 5,6 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في TV-M، وآجيان بيزنسبرس في سنغافورة، وسبيشاليست بوبليكايشنز في هونغ كونغ، وكابيتال راديو في بريطانيا، وإنترميديا غروب في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومصالح غير إعلامية في جاي. بي. أس. بروبارتيز، وإم جي إنشورنس، ومونكروفت فايننس في بريطانيا، وب. ر. ن. هولدينغز، وديفيد ماكّاي إنشورنس في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومجموعة ريد غروب، التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أي. بي. سي ماغازينز، وأي. بي. سيبيزنس برس، وريد ريجونال ببليشنغ التي توزع بمجموعها نصف مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في بترورث البريطانية، وأي. بي. سي بيزنس برس في الولايات المتحدة الأمريكية، وتريد نيوز آجيا في سينغافورة، ويوروبيان دو بوبليكاسيون أس. أ. في فرنسا؛ ومصالح غير إعلامية في ريد فايننس بجنوب إفريقيا، وريد كانديان هولدينغز ببريطانيا، و أو. ب. م فايننس في برمودا.
ومجموعة أسوشيتد نيوز بايبرز، التي يسيطر عليها روثرمير، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميل، وميل أون صنداي، وويك إند، ونورثكليف نيوز بايبرز التي توزع بمجموعها 5,3 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في لندن برودكاستنغ كومباني في بريطانيا، وهيرالد صن TV في أستراليا، وإسكواير ماغازين غروب في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومصالح غير إعلامية في بوفيري إنفستمانتس، وكونسوليدايتد باثورست في كندا، وترانسبورت غروب هولدينغز، وجيتلينك فيريز في بريطانيا.
ومجموعة ذي ثومسون كوربوريشن، التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ثومسون ريجينال نيوزبايبر، وسكوتمان، ويسترن ميل، بيلفست تلغراف التي توزع بمجموعها 1,5 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في ثومسون داتا ببريطانيا، و41 صحيفة يومية في كندا، و121 صحيفة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية، وراوتليدج في بريطانيا؛ ومصالح غير إعلامية في ثومسون نورث سي، وثومسون ترافيل في بريطانيا.
ومجموعة بيرسون، التي يسيطر عليها كاودراي، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ويستمنستر برس غروب، وفايننشيال تايمز، وذي إكونوميست، ونورثرن إيكو التي توزع بمجموعها 1,1 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في إلسيفيا بفرنسا، وبنغوين في بريطانيا، ويوركشاير TV N.A.L. في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريتش سكاي برودكاستنغ في بريطانيا؛ ومصالح غير إعلامية في ميدهيرست كوربوريشن في الولايات المتحدة الأمريكية، ولازارد بارتنرز، ورويال دولتون في بريطانيا، وكامكو إنترناشيونال في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومجموعة لونرهو، التي يسيطر عليها رولاند، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أوبزرفر، وجورج أوترام إند كومباني، وسكوتيش إند يونيفرسال نيوز بايبر التي تصدر بمجموعها 1,3 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في راديو كلايد، وبوردر TV في بريطانيا، وراديو ليمتد، وتايمز نيوز بابير في زامبيا، وميلودي ركوردس في زيمبابوي؛ ومصالح غير إعلامية في وايت إند ماكامي فرستيل غروب في بريطانيا، وكونسوليدايتد هولدينغز في كينيا، وكونتراكشن أسوشيتد في زيمبابوي، هـ. س. س. إنفستمانتس في جنوب إفريقيا.
ومجموعة هولينغر، التي يسيطر عليها بلاك، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي تلغراف، وصنداي تلغراف التي توزع بمجموعها 1,8 مليون نسخة من الصحف؛ ومصالح إعلامية أخرى في سترلينغ نيوز بايبر غروب بكندا، وتي. جي. إند كاي برس ميديا في الولايات المتحدة الأمريكية، وستاندرد برودكاستنغ كوربوريشن في كندا؛ ومصالح غير إعلامية في هانّا في الولايات المتحدة الأمريكية، ورافلستون هولدينغز في كندا، ونورسن أنيرجي في بريطانيا، وريسورسز في كندا.
وهذه التجمعات تعنى بالاتصال والإعلام أساساً، وتنمو بوتيرة متسارعة، الأمر الذي تعززه تطورات ثلاث هي: صعود بث الإذاعات المرئية عبر الأقمار الصناعية والدارات المغلقة بالكابلات؛ وانتقال أعمال البث الإذاعي المسموع إلى القطاع الخاص؛ وتراخي قوانين التملك الإعلامي المتقاطع (من قبل بعض الحكومات)، مما سمح للأقطاب المسيطرة على الإعلام البريطاني أن يصبحوا لوردات (القرية الكونية - Global Village). والجدير بالذكر أن سائر الصحف والمجلات الدولية تختار لغتها من بين أكثر اللغات العالمية انتشاراً بسبب المواريث الاستعمارية والعوامل التاريخية التي ساعدت على انتشار تلك اللغات في أنحاء واسعة من الكرة الأرضية، كاللغة الإنكليزية على وجه الخصوص واللغات: الفرنسية، والإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، والروسية. وفي بعض الأحيان إحدى اللغات القومية كالصينية أو العربية أو الفارسية أو التركية... وغيرها من اللغات الحية في الإعلام الموجه لتلك الشعوب تحديداً، لمخاطبة القارئ باللغة والأسلوب الذي يفهمه دون أية عراقيل تذكر.
ومعروف أن الصحافة أخذت مكانة كبيرة في المجتمع البريطاني على الرغم من الرقابة والضغوط الحكومية عليها، حيث أصدر البرلمان الإنكليزي أول نظام للتأليف عام 1662 شدد فيه الرقابة على المطبوعات وفرض شرط الحصول على ترخيص مسبق لإصدار أي مادة مطبوعة، ومنع نشر ما يدور في جلسات البرلمان من مناقشات في الصحف. ولكن سرعان ما ألغى البرلمان هذا النظام عام 1695 تحت ضغوط الصحافة الإنكليزية التي دافعت بشدة عن حريتها. وشهدت الفترة اللاحقة ظهور صحف إنكليزية كثيرة، نذكر منها: صحيفة ديلي، وهي أول صحيفة إنكليزية يومية صدرت عام 1702 واستمرت في الصدور حتى عام 1704؛ وأول المجلات الأسبوعية، التي أصدرها دانيال ديفو عام 1704؛ ومجلة تاتلير التي أصدرها كلاً من أديسون وأستيل عام 1709، وظهرت أولى الصفحات السياسية في الصحف الإنكليزية عام 1771 بعد السماح للصحافة الإنكليزية بنشر التعليقات على جلسات البرلمان، وفي نفس الفترة بدأت بالظهور الصحف التي تعتبر أمهات الصحف الصادرة حالياً في بريطانيا، حيث ظهرت: صحيفة ديلي العالمية عام 1785، التي أسسها جون والتير، واستقرت بعد ذلك على اسم تايمز عام 1788، لتصبح من أكبر الصحف البريطانية اعتباراً من عام 1803 وحتى الآن. كما ويعتبر البريطانيون اليوم أكثر سكان العالم قراءة للصحف استناداً لتقارير اليونسكو التي تشير إلى أن نسبة عدد نسخ الصحف لكل ألف مواطن بريطاني تبلغ 488 نسخة، وأن ما يصدر في بريطانيا من صحف هو أكثر من 125 صحيفة يومية، وكلها تصدر ملاحق أسبوعية أيام الأحد، علاوة عن الصحف المتخصصة، وحوالي 1200 صحيفة محلية أغلبها أسبوعي، منها 145 صحيفة تصدر في لندن الكبرى وحدها. ونشرت كلها 25,338 مليون نسخة يومية، و26,837 مليون نسخة من صحف يوم الأحد، إضافة إلى 13,423 مليون نسخة من الصحف الأسبوعية خلال عام 1969، ومن بحث نشرته صحيفة ديلي إكسبريس عام 1971 تبين أن كل ألف راشد يقرؤون 181 صحيفة يومية وطنية، وتعتبر بريطانيا أول دولة في العالم اعترفت بحرية الصحافة عندما ألغت الرقابة على الصحف عام 1695، وقامت بإنشاء مجلس للصحافة عام 1953 للمحافظة على حرية الصحافة، ويتكون هذا المجلس من: رئيس مستقل من خارج المؤسسات الصحفية؛ و20 عضواً يمثلون الجمعيات الصحفية البريطانية، أغلبهم من ممثلي هيئات تحرير الصحف؛ و5 أعضاء يمثلون القراء. كما ولجأت الصحف البريطانية إلى إنشاء التجمعات (Trust تروست) لضمان استقلالها وتدعيم سلطتها، ومن هذه التجمعات الصحفية:
تجمع سكوت تروست الذي يصدر صحيفة غارديان؛ وتجمع أوبزيرفر تروست الذي يصدر صحيفة أوبزرفر؛ وتجمع بيوفر بروك الذي يملك 51% من أسهم شركة بيوفر بروك نيوز بيبر ليمتد التي تصدر: ديلي إكسبريس، وصانداي إكسبريس، وإيفينينغ ستاندرد (غلاسكو). ويعمل هذا التجمع من خلال توجيهات اللورد بيوفر بروك، القاضية بمساندة سياسة الإمبراطورية البريطانية، ويحرص على تعيين الأشخاص المؤيدين لهذه السياسة فقط لإدارة المؤسسات الصحفية التابعة له. وقد رفعت التجمعات الصحفية الكبرى حصتها في مجمل سوق الصحف اليومية والأسبوعية، خلال الفترة الممتدة من عام 1947 وحتى عام 1988 إلى أكثر من الثلث تقريباً. مما سمح لثلاثة من أباطرة الصحافة البريطانية، وهم: مردوخ وماكسويل وستيفنز بالسيطرة عام 1988 على 57% من مجموع التوزيع اليومي والأسبوعي للصحف البريطانية. وأدى تطور التركيز والتجمع في الصحافة إلى بروز اتجاه متزايد نحو السيطرة على صناعات وقت الفراغ، وأصبحت معه خمس شركات في قطاعات الإعلام تسيطر في أواسط الثمانينات على ما يقارب 40% من مبيعات الكتب و45% من عمليات الإرسال من محطة A TV التلفزيونية... الخ، وتصدر جميع الصحف اليومية الوطنية البريطانية في لندن، عدا صحيفة غارديان فتصدر من لندن ومانشستر في آن معاً، ويتراوح عدد صفحاتها مابين الـ 14 و32 صفحة. وقد أشار الباحث الفرنسي رولان كايرول إلى أن الصحافة البريطانية تعاني من ركود وتراجع في أعداد نسخها الصادرة منذ ستينات القرن العشرين، وهذا الأمر شمل الصحف المتخصصة والشعبية على حد سواء. وفي استطلاع أجرته صحيفة فايننشل تايمز عام 1971 تبين أن عدد قراء الصحف البريطانية يزيد عن عدد النسخ الصادرة من كل عدد.
أما الصحف الفرنسية فينتسب معظمها لتجمعات صحفية مثلها مثل الصحافة في الدول المتقدمة الأخرى في العالم، وقد عرَّفَ إيف لير التجمع الصحفي بأنه: "عبارة عن مجموعة من عناوين متنوعة خاضعة لسلطة مالية واحدة يمكن أن تكون شخص، أو شركة أو مجموعة شركات تدار من قبل شخص عمله الأساسي تقديم الاستشارات الإدارية".
ويعتبر تجمع آشيت من أوائل التجمعات الصحفية في فرنسا، وتعود بدايات تأسيسه لعام 1826 عندما أنشأت مكتبة آشيت تجمع إعلامي هام في فرنسا حمل اسم "آشيت غراسيه ستوك" وضم داراً لنشر الكتب بلغ ما نشرته في السبعينات من القرن العشرين حوالي 80 مليون نسخة في السنة، وشركة للتبغ والتنباك، إضافة لامتلاكها حصصاً هامة في إنتاج وتجارة الاسطوانات والورق والأفلام، وحصصاً في شركة الدعاية ريجي بريس، ووكالات توزيع الصحافة الباريسية (N M P P) وحصص في مجموعة من دور النشر الهامة الفرنسية، و40% من الشركة البلجيكية فام دوجور دوي، و 50% من شركة تيلي سيت جور، وحصة في أوديج بريس، كما ويصدر هذا التجمع منذ عام 1968 بالاشتراك مع تجمع فيليباتشي صحيفة غران ميوزي. ويصدر آشيت منذ أيلول/سبتمبر عام 1972 الصحيفة الأسبوعية لوبوين الشبيهة بصحيفة ليكسيبريس، مشكلاً بذلك لنفسه إمبراطورية داخل الصحافة الفرنسية.
ويعتبر تجمع بروفست الذي أسسه ج. بروفست أحد أكبر رجال صناعة النسيج في الشمال الفرنسي، من التجمعات الشهيرة في ميدان الصحافة الفرنسية بفضل نجاح صحيفته اليومية باري سوار، وصحيفة ماري كلير، وصحيفة ماتش. وأدت شراكته مع فرديناند بيغن رجل صناعة السكر والورق عام 1949 إلى إصدار صحيفة باري ماتش. كما ويسيطر تجمع بروفست على صحف: لوفيغارو، ولوفيغارو أغريكول، ولاميزون دو ماري كلير لي بارون. ويملك مناصفة مع تجمع آشيت، تيلي سيت جور، ويشارك آشيت بـ 15% في ملكية شركة تلفزيون وإذاعة لكسمبورغ R T L. والتجمع الصحفي الآخر هو تجمع أموري الذي يـسـيطر على إصدارات 16 صحيفة. وتجمع روبير إرسان الذي تأسس عام 1945 ويسيطر على إصدارات 21 صحيفة؛ وتجمع فيليباتشي الذي تأسس عام 1962 بعد انفصاله عن لي كاييه دو سينيما ويسيطر على إصدارات 10 صحف، وبالاشتراك مع تجمع آشيت صحيفة غران موزيه؛ أما تجمع غروب إكسبريس الذي يملك شركة إكسبريس يونيون وحصصاً كبيرة في شركة ليست يونيون وشركة ديدو بوتين، فيسيطر على إصدارات 3 صحف، ويصدر مع الشركة الأمريكية ماك غرو- هيل صحيفة تيكنيك يونيون. ومع شركة إنتر يونيون صحيفة لو مانجمنت. كما وتعمل في فرنسا تجمعات أخرى مسيطرة في مجال الإعلام نذكر منها: تجمع ديل دوكا؛ وتجمع بايار بريس الذي يعتبر من التجمعات الصحفية الكاثوليكية (الدينية) القوية، الذي ينشر 19 صحيفة. أما صحيفة بانوراما داجوردوي فيصدرها بالاشتراك مع كريكسيون دان لي موند رورال، وصحيفة كاتيشيست دوجوردوي التي يصدرها مع C. N. E. R.. وتجمعات بوساك، فلوارا، وداسو. وإتحاد الخدمات الكاثوليكية (ديني) لونيون دي زوفير كاتوليك إن فرانس الذي ينشر الصحف داخل وخارج فرنسا، مثال: صحيفة إيباليتا في مدغشقر. وتجمع الحياة الكاثوليكية (ديني) لا في كاتوليك؛ وتجمع المسيحيين في العالم الريفي (ديني) كريتيان دون لو موند رورال سي إم إر؛ وتجمعات: دارغو، وفانتيار، وبورجين، والحزب الشيوعي الفرنسي لو بارتي كومونيست دو فرانس، وألفا، ونوي إيه جور، وإكسيلسيور، ومونسينيور، وأموري، وإرسانت، وبروفوس. ويرجع تاريخ الصحافة الموجهة للنساء في فرنسا إلى القرن الثامن عشر، عندما صدرت أول مجلة نسائية تحمل اسم لوكوريير دولا نوفوت عام 1758، وتبعتها مجلة لو بو تيت إكو دو لا مود عام 1878، وتبدل اسمها فيما بعد إلى ليكو دولا مود، وكانت السباقة في مجال نشر المسلسلات على صفحاتها منذ عام 1893 عندما نشرت مسلسل لو باترون غراتويك. وتشير الدراسات إلى أنه صدر في فرنسا خلال السبعينات من القرن العشرين حوالي 20 مجلة موجهة للجنس اللطيف يزيد عدد نسخ إصدارها عن المليون نسخة، وكان يصدر في فرنسا في النصف الثاني من القرن العشرين حوالي 23 مجلات موجهة للأسرة والبيت، و12 مجلة للعاطفة والخيال، وأكثر من 27 مجلة موجهة للشباب والمراهقين والأطفال، وحوالي 15 مجلة دينية كاثوليكية، ومجلات رياضية ونقابية ومتخصصة أخرى.
أما في ألمانيا فقد ظهرت أولى الصحف عام 1660 باسم ليبزيغور زايتنغ، وظلت الصحافة الصادرة في الإمبراطورية الألمانية خاضعة لنظام دقيق من الرقابة الصارمة وقيود الحصول على رخص الإصدار منذ البداية. بعد أن أنشأ فريدريك الثاني نظاماً دقيقاً للرقابة على الصحف، ووظفها لخدمة حكمه في السلم والحرب، حتى أنه كان يشارك شخصياً أحياناً في الكتابة للصحف. وبعد فترة قصيرة من الحرية الصحفية استمرت من عام 1731 وحتى عام 1739، اتبع جوزيف الثاني سياسة حاسمة ضد الصحف، وتم توظيفها لخدمة مصالح الدولة، ووضع نظاماً صارماً للرقابة على الصحف وفرض ضريبة الطابع على الصحف منذ عام 1789، ومن القوانين التي لم تزل سارية حتى الآن في ألمانيا القانون الإمبراطوري الصادر عام 1874 الذي يحدد شروط الرد على ما تنشره الصحف الألمانية. وقد تميزت الصحافة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، حسب رأي آلفرد غروسر بالتركيز على الأخبار العامة والابتعاد قدر الإمكان عن الوقائع والتعليقات السياسية، واستقلالية الصحافة التي تصدرها الأحزاب السياسية الألمانية. وخلال ستينات وسبعينات القرن العشرين شهدت الصحافة الألمانية ميلاً واضحاً نحو التركيز والهيمنة وبدا هذا واضحاً من خلال تراجع أعداد الصحف الصادرة خلال تلك الفترة من 1460 صحيفة عام 1967 إلى 998 صحيفة عام 1970، وظهور التجمعات المهيمنة على الصحافة الألمانية وعلى رأسها التجمع الذي يملكه أكسل شبرينغر المهيمن على 39% من الصحف اليومية، و10% من الدوريات الأخرى، إضافة لسيطرته على 69% من الصحف الصادرة في برلين و80% من الصحف الأسبوعية. وكان أكسل شبرينجر أول شخص يحصل من السلطات البريطانية على تراخيص لإصدار الصحف في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وقد بدأ في هامبورغ عام 1946 بإصدار المجلة الشهرية نورتدوتش هيفته وبعدها بدأ بإصدار مجلة هورتزو المتخصصة بالبرامج الإذاعية. وبفضل نجاحه الكبير هذا تمكن شبرينغر من فرض هيمنته لاحقاً على القسم الأكبر من الصحف الألمانية. ورغم الضغوط التي تعرض لها خلال ستينات القرن العشرين واضطراره عام 1968 إلى بيع خمسة مجلات كبيرة كان يملكها وهي: دير نوييه بلات، وجاسمين، وإلتيرن، وبرافو، وتوين، إلا أنه ظل متربعاً على عرش الصحافة المهيمنة في ألمانيا الاتحادية، محققاً رقماً قياسياً من خلال أعماله التي بلغت آنذاك أكثر من ملياري مارك ألماني، ومن خلال كبريات الصحف اليومية واسعة الانتشار التي يملكها أمثال: صحيفة بلت زايتونغ والصحف اليومية الأخرى كـصحف: بيرلينر ميرغينبوست، ودي ويلت، وآبينتبلات، وبيرلينر تسايتونغ هامبورغير. والصحف الأسبوعية: ويلت إم زونتاغ، وبيلت إم زونتاغ، ومجلات: فونك أور، وهير زو، إضافة لامتلاكه لدار النشر القوية أولشتين في هامبورغ وبرلين، التي تنشر حتى لمنافسيه أمثال: نوييه، وريفيو، وشتيرن، وكويك. ومن التجمعات الصحفية الألمانية الأخرى: تجمع هنري باوير الذي يهيمن على 17% من سوق الصحف؛ وبوردا الذي يهيمن على 12% من سوق الصحف؛ وغرومر يير الذي يهيمن على 8% من السوق؛ ووايتبيرت الذي يهيمن على 6% من السوق؛ إضافة لـتجمعات: شتوتغارتير تسايتونغ، وزوتدوتشي تسايتونغ، وفرانكفورت ألغيماينه، ويستدوتشه ألغيماينه، التي لا تزيد حصتها في السوق الإعلامية الألمانية عن 4%. وما تجب الإشارة إليه أن هذه الأرقام هي أرقام التوزيع لأن أكثر الصحف توزع على القراء عن طريق الاشتراكات، وأن المرتجع من الصحف المعروضة للبيع قليل جداً في ألمانيا، وبالمقارنة مع الصحف، نرى أن المجلات الدورية الألمانية توزع نسخاً أكثر من الصحف الدورية. إضافة لاهتمامها بقضايا الساعة، ونشرها عادة لمقالات في السياسة والاقتصاد على صفحاتها الأولى. وتنوع خطابها الإعلامي وفق الشرائح الاجتماعية التي تخاطبها من خلال تخصصها كمجلات: نسائية، أو شبابية، أو للآباء، أو المنزل والأسرة ، أو التسلية، أو الشؤون العاطفية، أو برامج الإذاعة والتلفزيون...الخ، وعن بنية الصحافة الألمانية في تسعينات القرن العشرين بعد توحيد شطري ألمانيا، وخصخصة الصحافة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة من قبل مجلس الوصاية الذي شكل لهذا الغرض تحدث هيرمان ماين في كتابه "وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية" فذكر أنها تتميز بـ: الملكية الخاصة؛ وكثرة الأسماء؛ والعلاقات المحلية للعديد من الصحف اليومية؛ وقوة صحافة الأقاليم الألمانية؛ وقلة عدد الصحف التي تصدر في عدة أقاليم ألمانية؛ وتنوع المجلات الألمانية؛ وضعف الصحف الحزبية؛ وتأثر الصحف الألمانية بكمية الإعلانات التي تحصل عليها؛ وتمركز الملكية، وأن حصة كل ألف مواطن بلغت 328 صحيفة عام 1993، في الوقت الذي بلغ فيه عدد النسخ الصادرة في نفس العام من المجلات المنوعة 122.12 مليون نسخة، والصحف اليومية 30.93 مليون نسخة، ومجلات الشركات التجارية 22.59 مليون نسخة، والمجلات المتخصصة 16.45 نسخة، والصحف الأسبوعية 2.21 مليون نسخة، ولابد هنا من ذكر أن صحف الدعاية اليومية والنصف شهرية والشهرية كان عددها في ألمانيا 1228 صحيفة عام 1992، تصدرها 489 مؤسسة صحفية، وتوزع مجاناً على المنازل 70.547.616 نسخة، تمول بالكامل من أجور الدعاية الإعلان، ومن أبرز التحولات في وسائل الإعلام الجماهيرية في أراضي شرق ألمانيا كما سبق وذكرت، تحول ملكيتها إلى القطاع الخاص، وتوزع ملكيتها من جديد على ضوء اشتراك رأس المال من غرب ألمانيا في ملكيتها، وظهور ملاك جدد للصحف الصادرة في شرق ألمانيا وبلغ عدد ما توزعه حوالي 4,5 مليون نسخة، وبمقارنة هذه الأرقام مع ما يصدر في أراضي غرب ألمانيا نلاحظ زيادة واضحة في عدد نسخ الصحف الصادرة في غرب ألمانيا تلبية لاحتياجات السوق في شرق ألمانيا، مثال: مجلة دير شبيغل الشبيهة بمجلة تايم الأمريكية التي نرى أن عدد نسخها الصادرة عام 1993 قد ارتفع إلى أكثر من مليون نسخة، بينما كان في الثمانينات يقل عن 924 ألف نسخة، بينما نلاحظ تراجعاً واضحاً في عدد نسخ الصحف الصادرة في شرق ألمانيا، رغم ظهور حوالي 34 صحيفة يومية جديدة هناك تصدر إجمالياً حوالي 1.215 مليون نسخة. وتشير إحصائيات نهاية 1996 إلى أن مبيعات الصحف اليومية في جمهورية ألمانيا الاتحادية بلغت حوالي 25.5 مليون نسخة في اليوم، وهو المباع فعلاً لأهم الصحف الألمانية بتاريخ 31/3/1997.
وتدخلنا صحافة الولايات المتحدة الأمريكية عالماً ضخماً إذا ما قارناها بما هو موجود في أوروبا، إذ تطالعنا المراجع أنه كان يصدر في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 8000 مجلة دورية، و1748 صحيفة يومية، أصدرت أكثر من 62 مليون نسخة عام 1970. وبلغ متوسط عدد صفحات الصحف اليومية الأمريكية 53 صفحة، وأن القارئ الأمريكي يستهلك سنوياً حوالي36.3 كغ من ورق الصحف. وفي عام 1971 فقط أنفق القراء الأمريكيون أكثر من ثلاثة مليارات دولار أمريكي على شراء الصحف والمجلات والدوريات الأخرى، منها ملياري دولار على الصحف اليومية، و745 مليوناً على المجلات الأسبوعية وصحف أيام الأحد. وكان يعمل حينها أكثر من 350 ألف شخص في الصحافة الأمريكية، وهذه الأرقام بالطبع لا تعبر عن الوضع الحقيقي للإعلام الجماهيري الأمريكي Mass Media لأنه اليوم أكثر من ذلك بكثير. رغم أن الصحافة المقروءة في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تعيش أزمة حقيقية من المنافسة الشديدة التي وضعتها فيها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المسموعة والمرئية، والمأزق الحرج الذي وضعتها فيه شبكة الإنترنيت العالمية التي دفعت بالصحافة الأمريكية كغيرها من دول العالم إلى الإسراع لفتح نوافذ لها عبر هذه الشبكة، تلك النوافذ التي أصبحت بفضل التطور التكنولوجي الهائل للحاسبات الإلكترونية، تسهل آفاق تسلم المادة المنشورة في الصحف من مسافات جغرافية شاسعة بسرعة هائلة ودون عقبات حتى قبل خروج الصحيفة ذاتها من المطبعة مما قلل من الإقبال على شراء الصحف والدوريات المطبوعة الأخرى، وهو ما تعاني منه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والدول المتقدمة في مناطق أخرى من العالم، بشكل أو بآخر.
وتطالعنا المصادر بأن صدور أول صحيفة في المستعمرات الإنجليزية بأمريكا الشمالية كان في عام 1690 وتمثلت بالصحيفة الشهرية بوبليك التي صدرت بمدينة بوسطن، والتي أصدرها بنيامين هاريس صاحب مطبعة في المدينة. أما أول صحيفة حقيقية فكانت صحيفة بنسلفانيا التي أصدرها بن يامين فرانكلين عام 1728 في فيلادلفيا. وكان فرانكلين آنذاك من أفضل الصحفيين القلائل الذين تمكنوا من العمل في ظروف الرقابة الشديدة للسلطات البريطانية. وتطور عدد الصحف الصادرة في المستعمرة البريطانية آنذاك ليبلغ 14 صحيفة عام 1740، و34 صحيفة عام 1775، و43 صحيفة عام 1782. وأثناء اندلاع الثورة ضد الإنجليز عام 1776 لعبت الصحيفتان الصادرتان في بوسطن سام وآدامز، ومجلة بنسلفانيا التي أصدرها توماس بن فور وصوله من أوروبا عام 1774 دوراً هاماً وكبيراً في تغطية الأحداث الجارية آنذاك. وبعد انتهاء الحرب الأهلية عام 1782، شهدت الصحافة الأمريكية تطوراً ملحوظاً، وكانت صحيفة بنسلفانيا بوكات أول صحيفة تصدر بشكل يومي اعتباراً من عام 1784، وفي عام 1800 بلغ عدد الصحف الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية 200 صحيفة منها 17 صحيفة يومية. وألزم أول دستور أقر باستفتاء عام في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1791 الكونغرس بعدم إصدار أي قانون يمنع حرية التعبير أو الصحافة. وشهدت الفترة الممتدة من عام 1930 وحتى عام 1970 اختفاء حوالي 3500 صحيفة في الولايات المتحدة الأمريكية، إما بالتوقف عن الصدور اعتيادياً لمشاكل خاصة بها، أو عن طريق امتصاصها من قبل صحف أخرى. ويذكر ريموند ب. نيكسون أنه كانت 3% من المدن في الولايات المتحدة الأمريكية تصدر صحيفة يومية واحدة فقط في عام 1830، أما في نهاية الستينات من القرن العشرين فقد بلغت نسبة تلك المدن 86.5% وما هذا إلا دليل على تمركز ملكية الصحف في أيدي قلة من المالكين، مما يلغي المنافسة القوية بين الصحف لاستمالة القراء، ويحد من ضمان الصحافة تنوع المصادر الإعلامية للقارئ في المدن الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن 150 ألف نسمة في السوق المحلية.
ومن أهم التجمعات الصحفية في الولايات المتحدة الأمريكية تجمع شيكاغو تريبيون نيوز بيبرز الذي يعتبر أكبر تجمع صحفي في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك فإنه لا يسيطر إلا على 6% من عدد النسخ المطبوعة من الصحف اليومية، و10% من عدد النسخ المطبوعة من صحف يوم الأحد.
ومجموعة طومسون نيوز بيبرز التي يديرها طومسن فليت الكردي الأصل، والذي أصبح سيداً للصحافة البريطانية، وصاحب صحيفة تايمز اللندنية، وهذا التجمع الصحفي في الولايات المتحدة الأمريكية، يسيطر على عدد كبير من الصحف الصغيرة التي تصدر في المدن التي لا يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة. وقد اقتنى هذا التجمع عام 1967 من تجمع براتش مور، 12 صحيفة.
واستناداً لما ذكره الباحث الأمريكي روبيرت رور بوج، فإن تقنيات الاتصال الحديثة والمتطورة مكنت الصحف من إيصال صفحات كاملة إلى كافة أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك فإن إدارات التحرير المحلية في حالات أخرى تبقى الأهم، أما التجمعات الصحفية فإنها تكتفي بإرسال المقالات الافتتاحية والمناقشات السياسية والتقارير التي تحمل توقيع صحفي مشهور لتضفي على الصحيفة التابعة لها أهمية خاصة دون زيادة في نفقات التحرير. ومن هنا نرى أن الصحف المنتمية لتجمع صحفي واحد تتميز عن بعضها البعض في تناول الأخبار والمواد المحلية، وتلتقي في المقالات الافتتاحية والمواد الرئيسية فقط، ويبدو هذا واضحاً بصورة خاصة إبان الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، حين يقرر المسؤولون في التجمعات الصحفية سياسة الافتتاحية الموحدة أو المشتركة، مما يوفر للتجمع موارد مالية هامة عن طريق كسبه لبرامج الدعاية الوطنية. وبالإضافة للصحف والمجلات تضم التجمعات الصحفية في الولايات المتحدة الأمريكية محطات للإذاعتين المسموعة والمرئية، مثال:
تجمع تايم الذي يضم مجلات: ليس ماغازينز، وتايم، وفورشين، وسبورتز، وإللوستريتد أركيتيكتشوال فورم، وهاوس إند هوم إضافة لشركة كبيرة للبث الإذاعي المسموع والمرئي، و13 شبكة للبث الإذاعي المرئي عبر الدارات المغلقة بار كيبلز، وداراً للنشر، ومؤسسة لإنتاج الوسائل السمعية والبصرية التعليمية، ومعامل للورق، وآلاف الكيلومترات المربعة من الغابات، وشراكة في ميترو غولدوين ماير، ومؤسسات للاتصالات في أمريكا اللاتينية، وألمانيا الاتحادية، وأستراليا، وهونغ كونغ؛
وتجمع بوست كومباني الذي يملك: صحيفة واشنطن بوست، ومجلة نيوزويك، ومجلة أرت نيوز، ومحطات الإذاعة المسموعة والمرئية المتنقلة سي بي إس أوف جيكسون فيل فلوريدا، وواشنطن D.C.؛
وتجمع شيكاغو تربيون المهم والذي يضم: صحيفة شيكاغو تريبيون، وصحيفة شيكاغو تودي، وصحيفة نيويورك ديلي نيوز، إضافة لمصالحه في محطات الإذاعة المسموعة والمرئية في مدن مينيسوتا، وكولورادو، وكونكتيكت، إلى جانب شبكات البث الإذاعي المرئي بالكابلات في كاليفورنيا وميتشغان، وصحف فلوريدا اليومية؛
وتجمع نيوز هاوس الذي يملك إضافة للـ23 صحيفة يومية عدداَ من المجلات النسائية كمجلة مس كالس، ومجلة كلمور، ومجلة فوغ، ومجلة مدموزيل، ومجلة هاوس إند غاردن، إضافة لسيطرته على عدد من المحطات الإذاعية المسموعة والمرئية التي تبث لبعض المدن المسيطرة على سوق أهم صحف التجمع: سيراكوس بولاية نيويورك، وبورتلاند بأراغون، وسان لويس بميسوري، وبيرمنغام بآلاباما. مما سمح للتجمع باحتكار للوسائل الإعلامية الجماهيرية المطبوعة والمسموعة والمرئية على حد سواء؛
وتجمع هيرست الذي يضم 8 صحف يومية وعدد كبير من المجلات، من بينها: هربرز بازار، وغود هاوس، وكيبنك، وكوزموبوليتان، وتاون إند كانتري، وهاوس بيوتيفول، وبوبيولار، وميكانيكس. إضافة لمحطات الإذاعة المسموعة والمرئية في بالتيمور، ومحطات للإذاعة المسموعة والمرئية مرتبطة بشبكة NBC، والصحيفة المسائية نيوز أميركان.
وتشير بعض الدراسات أن مجموع ما يصدر من الصحف اليومية في الولايات المتحدة الأمريكية يعادل ربع عدد الصحف اليومية الصادرة في دول العالم مجتمعة، ومع ذلك فإننا نرى أن ترتيب الولايات المتحدة الأمريكية يأتي بعد بريطانيا والسويد وألمانيا الاتحادية والليكسمبورغ واليابان وسويسرا من حيث النسبة المؤوية بين عدد القراء وعدد النسخ الصادرة من الصحف اليومية. والجدير بالذكر أن أكثر الصحف في الولايات المتحدة الأمريكية تصدر مساءً، أو تصدر بطبعتين صباحية ومسائية وبلغ عددها 18 صحيفة عام 1970. كما وتظهر أن عدد النسخ الصادرة من الصحف اليومية في الولايات المتحدة الأمريكية، صغير بالمقارنة مع ما يصدر من صحف يومية في اليابان وبريطانيا وألمانيا الاتحادية. وتعتبر الدعاية من أهم مصادر الدخل للصحف في الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم صدور الصحف بحجم كبير وعدد صفحات لا يقل عن 53 صفحة، وقلة الصحف التي تصدر بحجم صغير تابلويد والتي لا يتجاوز عددها عن الـ20 صحيفة فقط، فإننا نرى القارئ مضطراً للبحث عن تتمات الموضوع الذي يقرأه في عدة صفحات متباعدة بسبب تقاطع المواد الإعلامية ومواد الدعاية والإعلان التي تنشرها تلك الصحف مما يجعل من مطالعة هذه الصحف صعباً للغاية كما أشار الباحث الأمريكي ج. هنبرج، بقوله: أن الصحف اليوم أصبحت سميكة كدليل الهاتف، وصعبة القراءة. ومما تتميز به الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية عن غيرها في العالم، طريقة التوزيع المباشر إلى المنازل الذي تبلغ نسبته 90% من التوزيع اليومي للصحف، ويقوم به يومياً أكثر من 700 ألف طفل تتراوح أعمارهم مابين الـ10 والـ15 سنة، الوضع الذي يسمح بحد ذاته بإقامة سوقاً حقيقية لليد العاملة، التي يدفع المستهلك الأمريكي أجرها عن طيب خاطر لقاء الحصول على صحيفته يومياً في البيت مباشرة، ومن المميزات الأخرى للصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية، تنوع مادة صحف يوم الأحد من أدبية وفنية وعلمية واجتماعية واقتصادية ورياضية واستطلاعات مصورة... الخ، إضافة لكثرة عدد الصفحات الذي يتراوح مابين الـ 350 و400 صفحة مما يجعل وزنها يزيد عن الكيلو غرام، مثال صحيفة: نيويورك تايمز مثلاً، وقد بلغ عدد صحف يوم الأحد عام 1969 حوالي 585 صحيفة، وبلغ إجمالي ما أصدرته من نسخ 59.675 مليون نسخة. وتشتمل الصحف الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية على صحف موجهة للأقليات الأمريكية، كالصحف الموجهة لأصحاب البشرة السوداء من المواطنين الأمريكيين كصحيفة أتلانتا ديلي وورلد التي توزع 30 ألف نسخة، وصحيفة ديلي ديفندر التي تصدر في شيكاغو بـ40 ألف نسخة. إضافة للصحف الناطقة بلغات أخرى غير اللغة الإنكليزية والموجهة للأقليات الأمريكية بالإيطالية والصينية والمجرية والروسية والإسبانية والعبرية والعربية ... الخ. ومن الواضح أن القارئ في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر ميلاً لمطالعة المجلات الدورية من مطالعة الصحف اليومية، لأنه ينتظر من مجلته المفضلة توضيحاً أكثر، وتفصيلاً وشرحاً للأحداث الجارية، وهي التي تعرف عليها من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية فور وقوعها، فهو ينتظر في المجلة الريبورتاج والمقالة والتعليق والمقابلة التي تذهب به إلى أعمق من الأخبار التي تلقاها من خلال نشرات الأخبار المسموعة عبر الإذاعة والمصورة على شاشة الإذاعة المرئية. وهو ما يعتبره المراقبون من أسرار نجاح المجلات في الولايات المتحدة الأمريكية أمثال: مجلة نيوز ماغازين، ومجلة نيوز ويك، ومجلة يو إس نيوز إند وورلد ريبورت، والمجلة واسعة الانتشار عالمياً تايم التي ذاع أسلوبها في كل مكان من العالم وأصبح معروفاً من خلال مجلات تصدر في دول مختلفة من العالم مثال: مجلة ديرشبيغل في ألمانيا الاتحادية، ومجلة لكسبريس في فرنسا، ومجلة إلزفيرز في هولندا، ومجلة تيمبو في المكسيك، وجاء في دراسات عادات المطالعة لدى الجمهور الإعلامي في الولايات المتحدة الأمريكية أن العدد الواحد من المجلة يطالعه مابين 6.67 و2.26 قارئ، وهذا يعني أن المجلات في الولايات المتحدة الأمريكية عكس الصحف اليومية، هي التي تمثل الصحافة الوطنية الجماهيرية.
وفي القارة الآسيوية تعتبر اليابان واحدة من عمالقة الصحافة الآسيوية. فقد صدرت أولى الصحف الوطنية فيها متأخرة عن أوروبا عام 1872، بصدور صحيفة طوكيو نيتشي نيتشي شيمبون التي بدلت اسمها فيما بعد إلى ماينيتشي شيمبون، وصحيفة يوميوري شيمبون التي صدرت عام 1874، وصحيفة آساهي شيمبون التي صدرت عام 1899 وتعتبر من الصحف اليومية الكبيرة التي لم تزل تصدر حتى الآن. وتتوجه الصحافة اليابانية بشكل عام إلى كافة الشرائح الاجتماعية دون تمييز، ضمن الإطار المقبول في المجتمع الياباني. وتعمل على خدمة القضايا السياسية التي تضمن تطور المجتمع الياباني من خلال تحملها للمسؤولية التي يفرضها عليها الضمير الصحفي دائماً.
ويصدر في اليابان حالياً أكثر من 172 صحيفة لا يقل عدد صفحاتها عن 25 صفحة. وتهيمن على السوق الإعلامية الوطنية اليابانية ثلاث صحف يومية يبلغ مجموع ما تصدره حوالي الخمسة ملايين نسخة أو 47% مما تصدره الصحف اليومية اليابانية. وأكثر الدوريات انتشاراً في اليابان خلال سبعينات القرن العشرين هي: آساهي، وآموري، وماينيتشي، وساركي، وسييدو، ونيهانكيزاي، وسبورتز نيكان، وسبورتز كوميي. وتصدر الصحف اليابانية الرئيسية بإصدارين يوميين صباحي ومسائي، وتصدر في عدة مدن في وقت واحد، وعلى سبيل المثال: صحيفة آساهي تصدر في طوكيو، وأوزاكا، وناجويا، وسيبو، وهكايدو في نفس الوقت. كما وتصدر صحفاً يومية متخصصة في الرياضة وصحفاً يومية متخصصة في الشؤون الدينية كصحيفة سوكو شيمبون التي تصدرها طائفة سوكا غاكاي، وصحفاً حزبية كصحيفة كوميي الناطقة باسم حزب الكوميتو الذي يمثل طائفة سوكاغاكاي، وصحفاً متخصصة في الشؤون الاقتصادية مثل صحيفة نيهونكييزاي. ومن الصحف الرئيسية الصادرة خارج العاصمة طوكيو، هناك صحفاً كبيرة نذكر منها على سبيل المثال: تشونييهي، وهوكايدو، ويشيويهون، وهوتشي، ونيهون كيزاي شيمبون أو الـ"نيكاي" وهي الصحيفة الاقتصادية الأولى خارج العالم الناطق بالانجليزية. وهي صحيفة يومية عريقة ومحترمة أسست في أواخر عام 1876، وتصدر في نسختين صباحية ومسائية وتوزع في كل أنحاء العالم، مقرها الرئيسي طوكيو ورئيس تحريرها الحالي ريوكي سوغيتا. فضلاً عما تقدم تصدر دار النشر التي تملك الصحيفة بجانب الـ"نيكاي" عدة مطبوعات تتصل بالصناعة والاقتصاد ونسخة أسبوعية باللغة الانجليزية هي نيكاي ويكلي. كذلك تملك الدار محطتين للإذاعة المرئية "تي في طوكيو" و"نيكاي سي إن بي سي". ومعها شركات ومطبوعات شقيقة أخرى منها شركة نيكاي للمنشورات التجارية وشركة كويك و"راديو نيكاي" و"تي في أوساكا". أما المجلات الأسبوعية والشهرية اليابانية فهي أقل تطوراً وانتشاراً من الصحف اليومية، بسبب ارتفاع أسعارها وقلة الموارد التي تحصل عليها المجلات من أجور الإعلان على صفحاتها. ومعظم هذه المجلات تصدر عن الأحزاب السياسية اليابانية، ومن أهم المجلات اليابانية: آساهي غرافو، وإيكونوميستو، وماينيتشي، وغرافور، وأكاتشاتا شوكان، وآيو مينشو (الأحرار الديمقراطيون)، وشاكاي شيمبون (الأخبار للشعب)، وبونغاي شينجي (أدب الربيع والخريف)، ومجلة الأطفال يوشيين (مدرسة الأمومة).
ولا أحد يستطيع على الإطلاق إنكار الجهود الجبارة التي قام بها اليابانيون في حل المشاكل المعقدة لطباعة الحرف المرسوم إيديوغرامّه أولاً، والقراءة العامودية للصحيفة ثانياً، الصفة التي تتميز بها اللغة اليابانية المكتوبة. وكانت صحيفة أساهي الأولى في العالم في استخدام الأسلوب المضاعف لإصدار الصحيفة في وقت واحد في طوكيو وسابورو (1000كم) بفارق زمني لا يتجاوز الـ20 دقيقة فقط. ومن ثم انتشر هذا الأسلوب في أرجاء أخرى من العالم. إضافة لاستخدام أسلوب الناظم الآلي أورديناتور، للتشكيل التلقائي لصفحات الصحيفة. وتمت في اليابان أولى التجارب الناجحة على التوزيع الآلي للصحف على المنازل، هذا الأسلوب الذي طورته شركة ميتسوهيتا ويسمح باستلام الصحيفة في المنزل صفحة صفحة عبر التليراديومودوليشين دي فريكوينس، الذي أصبح اليوم أكثر تطوراً وسهولة بفضل شبكة إنترنيت العالمية التي سارعت صحف العالم لفتح منافذ لها فيها. وهنا لابد من الإشارة إلى التجربة اليابانية التي جرت عام 1952 عندما تخلت الصحف عن خدمات شركات توزيع الصحف، واستبدلتها بالتوزيع المباشر من قبلها مستخدمة لهذه الغاية 300 ألف من الفتيان في سن الدراسة كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية والتوزيع المباشر إلى المنازل وعبر البريد للمشتركين، وعلى سبيل المثال: نرى أنه في عام 1967 تم بيع 90.1% من نسخ الصحف عن طريق التوزيع المنزلي، و0.8% عن طريق الخدمات البريدية، و 9.1% في الشوارع والأكشاك وغيرها.
وتختلف وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية الصين الشعبية عن غيرها من دول العالم، ومفهوم حرية الصحافة فيها يختلف تماماً عن مفهومه في الدول الرأسمالية، ولو أن عودة مستعمرة هونغ كونغ البريطانية السابقة إلى الوطن الأم الصين عام 1997 قد خلق ظروفاً جديدة داخل الصين الشعبية التي أصبح يعيش ضمنها كيانان مختلفان تماماً الأول شيوعي والثاني رأسمالي في هونغ كونغ المتمتعة باستقلال ذاتي ضمن جمهورية الصين الشعبية. وحدد دستور جمهورية الصين الشعبية الصادر عام 1954 أن الدولة هي التي تضمن حرية المواطنين في القول والتجمع والتظاهر، وهي التي تضع تحت تصرفهم الوسائل المادية الضرورية للتمتع بها، وتلزم وسائل الإعلام الجماهيرية بوجهة النظر الماركسية فقط، وتخضع كل المواد المتعلقة بسياسة الحزب الشيوعي الصيني لتعليمات السلطات الحزبية المختصة وبذلك يكون مضمون وسائل الإعلام الجماهيرية متمشياً مع المهام والأهداف الراهنة والبعيدة للحزب الشيوعي الصيني. وقد أشار الباحث الفرنسي روجر بليسييه في مقالة نشرتها له الصحافة الفرنسية عام 1971 إلى أن الحزب وحده هو الذي يقرر تاريخ ومكان وعدد الصحف التي تنشأ، وكذلك الأوساط الاجتماعية التي يجب أن تتوجه إليها تلك الصحف، وذكر مثالاً على ذلك: أن اللجنة المركزية للحزب قررت في عام 1956 إنشاء 360 صحيفة موجهة للأرياف في نفس الوقت الذي بدأت فيه أعمال تشكيل التعاونيات الزراعية في الصين. وتعتبر الصحافة الصينية مثل هذه القرارات أمراً طبيعياً وهو ما تؤكده صحيفة الشعب اليومية في مقالة افتتاحية لها، عندما ذكرت: "أن الصحافة سلاح فعال يمكن للحزب بواسطته نشر الثقافة الاشتراكية بين الجماهير". ورغم وجود بعض الاستثناءات في الصحف النادرة الصادرة في الصين بالتعاون بين الحزب الشيوعي الصيني والبرجوازية الوطنية الصينية، فإن وسائل الإعلام الجماهيرية الصينية بكاملها خاضعة مباشرة للسلطات الحزبية بما فيها صحف الحائط الشهيرة في الصين تو تسو باو، وتخضع المواد الإعلامية لرقابة حزبية صارمة من قبل السلطات الحزبية المختصة بالصحافة، وفق التسلسل الإداري للجان الحزبية على مختلف المستويات، إضافة لخضوع السلطات الحزبية الأدنى للرقابة الدورية للسلطات الحزبية الأعلى التي تتابع عمل ونشاطات وسائل الإعلام، والغرض منها التأكد من الخط الفكري الذي تلتزم به الصحف وإعادة النظر بهذا الخط عند الضرورة. كما ويخضع محرري الصحف الصينية لدورات تدريبية دورية وندوات تدعو إليها السلطات الحزبية المركزية لضمان الالتزام بالخط الفكري للحزب، أما تعيينهم في العمل فيتم حصراً من قبل السلطات الحزبية المختصة للمستوى الذي تصدر فيه الصحيفة، بعد موافقة السلطات الحزبية الأعلى، ويتم اختيار المحررين عادة من بين أعضاء الحزب الأكثر التزاماً بالخط الفكري للحزب والمتخرجين من معهد الصحافة في بكين. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على عشرات آلاف المراسلين الصحفيين الصينيين المنتشرين في جميع أنحاء جمهورية الصين الشعبية. وتشير المصادر إلى قلة أعداد نسخ الصحف الصادرة في الصين بالمقارنة مع عدد السكان لأنه مرتبط بأسلوب مطالعة الصحف المتبع في الصين، مثال: صحيفة الشعب اليومية جين مين جي باو التي أسستها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في 15/6/1949 لتنطق باسمها، ولا يتجاوز عدد النسخ الصادرة منها عن المليونين. حيث توزع على المنظمات الحزبية والأجهزة الحكومية التي تلتزم بتنظيم قراءتها على العمال والفلاحين والجنود، إضافة لنشاطات نوادي المطالعة التي أنشئت في الإدارات الحكومية والمنظمات الشعبية والوحدات العسكرية والمصانع والإدارة المحلية والمدارس والجامعات، لتنظيم المطالعة الجماعية للصحف، كما ويتم إعادة نشر افتتاحياتها وموادها الهامة في الصحف الريفية، وتبث مقتطفات منها عن طريق الإذاعة المسموعة. ولهذا يعتقد روجر بليسييه أن الصحافة الصينية تصل إلى أغلبية الشعب الصيني بما فيهم الأميين. ومن الصحف الصينية الهامة الأخرى: صحيفة جي فانجن باو جيش الشعب اليومية، التي يزيد عدد نسخ إصدارها اليومي عن المليون نسخة؛ وصحيفة هانغ هاي وين هوي باو، الموجهة للمعلمين، وهي التي أعطت إشارة الانطلاق للثورة الثقافية في الصين عام 1965 عندما نشرت مقالة ياو وين يوان التي حرض فيها على تلك الثورة؛ ومجلة العلم الأحمر هونغ كوي، والمجلة نصف الشهرية الفكرية للحزب الشيوعي الصيني، وتصدر بأكثر من مليون نسخة.
أما في جمهورية كوريا "الجنوبية" فمع نهاية عام 1992 كان يصدر 100 صحيفة يومية و6841 إصدارة دورية مابين أسبوعية وشهرية وربع سنوية، و2000 إصدارة غير تجارية، أي ما مجموعه 6955 صحيفة ومجلة ونشرة دورية. ويعود تاريخ الصحافة الكورية الحديثة إلى القرن التاسع عشر، عندما قام الطبيب والمبشر الأمريكي فيليب جي صن، المعروف باسمه المحلي المستعار سو تشجي بخبل، بإصدار صحيفة تونيب سينمون (الصحيفة المستقلة) عام 1896. بـ 300 نسخة من القطع الصغير ثلاث مرات في الأسبوع بأربع صفحات، باللغتين الإنكليزية والكورية. وتعتبر صحيفة تشاسون إلبو، وصحيفة تونا إلبو، اللتان أسستا عام 1920 من أقدم الصحف المعاصرة التي لم تزل تصدر في كوريا، وقد صاحب ظهورهما فترة نضال الشعب الكوري ضد الاحتلال الياباني. وتعمد الصحف الكورية إلى عدم نشر آية أرقام إحصائية عن عدد النسخ المطبوعة والموزعة فعلاً معتبرة ذلك من الأسرار التجارية التي لا يجوز البوح بها، ورغم تشكيل المكتب الكوري للتحقق من الانتشار في 31/8/1989، فإنه لم ينشر أية أرقام حتى الآن. وتعتمد الصحافة الكورية في مصادرها المالية أساساً على ما تنشره من دعاية وإعلانات حيث تبلغ نسبة الدخل منها 70% من مجموع الموارد المالية الإجمالية للصحف، والتي بلغت 1,1 تريليون فون عام 1992، وهو ما يعادل 1,4 مليار دولار أمريكي. وتعادل هذه النسبة 40.5% من إجمالي الدخل الوطني من صناعة الدعاية والإعلان في كوريا الجنوبية.
أما في جمهورية أوزبكستان فقد صدرت أول صحيفة بعد الاحتلال الروسي عام 1870 باسم تركستانسكيه فيدومستي باللغة الروسية وكانت تصدر بألف نسخة فقط. وفي عام 1883 صدرت أول صحيفة باللغة الأوزبكية حملت اسم تركستانينغ غازييتي. وبعد استقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفييتي السابق أصبحت تصدر فيها أكثر من 600 إصدارة دورية منها 444 صحيفة والباقي مجلات ونشرات دورية. باللغات الأوزبكية، والروسية، والإنكليزية، والقازاقية، والقرغيزية، والطاجيكية، والتركمانية، والقره قلباقية، والعربية. أهمها صحيفة "خلق سوزي" بالأوزبكية و"نارودنويه صلوفا" و"برافدا فاستوكا" بالروسية. وصدرت جملة من القوانين الناظمة لعمل الصحافة، وأنشئ اتحاد للصحفيين وصندوق حكومي لتقديم الدعم المادي لوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وفي الهند ظهرت الصحف والمجلات الدورية بعد الاحتلال الإنكليزي. وأول صحيفة طبعت في الهند كانت باللغة الإنكليزية وهي صحيفة البنغال، التي صدر العدد الأول منها في عام 1780 في كالكوتا، وأول صحيفة صدرت باللغة المحلية البنغالية ديغ دارشان التي صدرت في عام 1818، وفي عام 1998 صدر في الهند حوالي 40 ألف صحيفة يومية وأسبوعية، ونصف شهرية، وشهرية. منها 36 صحيفة تصدر منذ أكثر من مائة عام. وأقدم صحيفة لم تزل تصدر في الهند حتى الآن هي صحيفة بومبي ساماتشار أخبار بومباي اليومية بلغة كوجاراتا، وصدر العدد الأول منها عام 1822. وأكبر عدد من النسخ (أكثر من 1,2 مليون نسخة) تصدره صحيفة تايمز أوف إنديا اليومية. وأكبر عدد من النسخ بين الصحف المحلية (حوالي مليون نسخة) تصدره صحيفة مالايالا مانوراما بلغة مالايالام. وفي طليعة المجلات مجلة صاندي تايمز التي تصدر 1,3 مليون نسخة. والصحف والمجلات الهندية تصدر بـ 23 لغة من بينها اللغة السنسكريتية. في الآونة الأخيرة لوحظ تحسن في نوعية الصحف والمجلات الصادرة في الهند، والكثير من الصحف بدأت بالصدور بالألوان والصور، ومعظمها أصبح تصف حروفها وتخرج بالكمبيوتر، مما جعل الصحف الهندية تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة. ومن خصائص الصحف الهندية، صدور العدد الواحد من الصحيفة بنسختين متشابهتين وبلغتين مختلفتين، مثال صحيفة تايمز أوف إنديا باللغة الإنكليزية، وناف بهرات تايمز باللغة الهندية. وصحيفة هندوستان تايمز باللغة الإنكليزية، وهندوستان باللغة الهندية. وصحيفة إنديا توداي باللغتين الإنكليزية والهندية، ومانوراما باللغات: الهندية، والتاميلية، والماليامية، والبنغالية، كما وأحدث مجلس الصحافة في الهند عام 1965 للحرص على حرية الكلمة، ونوعية ومضمون الصحف الصادرة فيها وتطويرها.
وأجرى الاتحاد الهندي للغرف التجارية والصناعية «برايس ووترهاوس كوبرز Price Waterhouse Coopers» دراسة أشار فيها إلى أن قيمة قطاع الاتصال والإعلام الجماهيري في الهند ستصل بنهاية عام 2010 إلى 19 مليار دولار أمريكي بسبب الطفرة الاقتصادية وارتفاع نسبة التعليم وارتفاع نسبة الذين لا تزيد أعمارهم عن الـ 30 عاماً بين السكان. واتجاه مجموعة من الشركات العالمية للقيام بعملياتها في الهند أمثال شركات «سوني»، و«باراماونت»، و«ديزني»، و«وفوكس»، و«تايم وورنر»، و«بيرسون»، والشركة الناشرة لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، وشركات «انديبيندانت» و«تيرنر انترناشونال» و«بي بي سي وورلد وايد». وأكد آشوتوش سيرفاستافا، الرئيس التنفيذي لشركة مينشار انديا وهي الفرع المحلي لمؤسسة ميديا انفستمنت مانجمنت ومقرها لندن «أن الصين والهند هما نقطتا الجذب بالنسبة للمستثمرين من الخارج في جميع المجالات، غير أن الصين مغلقة تماما بالنسبة للمستثمرين في مجال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وهو ما جعل الهند بديلا جيدا للاستثمار بالنسبة للمستثمرين الأجانب». وهو ما أشار إليه باسكارا راو رئيس مركز الدراسات الإعلامية في نيودلهي إلى أن معدلات النمو في كل مجالات الاتصال والإعلام الجماهيرية في الهند خلال الفترة الأخيرة كان أعلى بكثير من الولايات المتحدة وبريطانيا. وأن «قطاع الصحف ينمو بمعدل 14% سنويا ويوجد 27 قناة إخبارية إذاعية مرئية في الهند تعمل على مدار الساعة. ومعظم الشركات متعددة الجنسيات التي تنفق كميات كبيرة على الإعلانات موجودة في الهند أيضا»، وأكد على أن "كل ذلك يجعل الهند مجالا جيدا للاستثمارات بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الأجنبية وأن احتمالات النمو ضخمة ولم نتمكن من الاستفادة من جزء كبير منها بعد".
وبعد أن أصبحت سياسات الحكومة ايجابية بالنسبة للاستثمار في الهند فيما يخص الإعلام المطبوع، وبالرغم من ارتفاع مستوى الأمية في المناطق الريفية، فإن حجم قطاع المطبوعات الهندي يصل إلى 2.3 مليار دولار أميركي ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى 5.8 مليار دولار بحلول عام 2010 وأن الحكومة الهندية غيرت سياستها في مجال الإعلام عام 2002 وخففت من قيود ملكية الأجانب للصحف بحيث يسمح القانون الهندي للأجانب بملكية 26 في المائة من أسهم المطبوعات الهندية، إلا أن الإدارة التحريرية يجب أن تبقى هندية.
وأظهرت استبيانات عدد القراء في الهند، أن عدد قراء الصحف اليومية والمجلات مستمر في الزيادة من 206 ملايين قارئ إلى 222 مليون قارئ في عام 2005 وأن 12 صحيفة هندية يومية من بين 5 آلاف صحيفة يومية تبيع أكثر من مليون نسخة يومية، وتصل مبيعات الصحف اليومية إلى ما يتراوح بين 16 إلى 17 مليون نسخة يوميا.
وقد دفعت صحيفة فاينانشيال تايمز الانجليزية المملوكة لشركة بيرسون 3.4 مليون دولار أميركي للحصول على 14% من أسهم صحيفة بيزنيس ستاندرد ثاني اكبر صحيفة يومية في الهند. بينما بدأ مؤشر داو جونز الأميركي في عام 2005 شراكة مع بينت وكولمان لطباعة النسخة الآسيوية من صحيفة وول ستريت المالية. واشترت هندرسون برايفت كابيتال آسيا فاند حصة قيمتها 20 مليون دولار في صحيفة هندوستان تايمز اليومية. كما بدأت صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون في طباعة نسخة في الهند في أوائل عام 2006. وأن مجموعة مترو وهي أسرع المجموعات الصحفية نموا في العالم، تعد نسخة للسوق الهندي. وأن مجموعة اندبندنت نيوز وميديا لندن اشترت 26 % من أسهم مجموعة جاغران براكشان الهندية بقيمة 18.6 مليون جنيه إسترليني.
وأوضح سنجاي غوبتا المدير التنفيذي ورئيس تحرير داينك جاغران أن رئيس مجلس إدارة الاندبندنت نيوز وميديا لندن، توني اوريلي، كان السباق في اكتشاف إمكانات السوق الهندية. وأن عدد قراء داينك جاغران يصل 21 مليون قارئ وهي رسميا اكبر صحيفة تصدر في الهند. وقال غوبتا «سنطبع نسخة دولية من الاندبندنت في الهند قريبا ولكنها ستكون بالانجليزية»، لأن السلطات الهندية تسمح الآن بطباعة نسخ من الصحف الأجنبية في الهند، وهذه السياسة تساعد الصحف الأجنبية على توفير نفقات توزيعها في السوق الهندية. وتعتبر تكلفة الإنتاج الرخيصة نقطة جذب رئيسية بالنسبة لدور النشر.
ويتوقع تقرير اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية، أن يجلب قطاع الإذاعات المسموعة الـ إف إم في الهند توظيفا ماليا أجنبيا يصل إلى 111 مليون دولار أميركي خلال الفترة القادمة، ليحقق نمواً قدره 22% من حجمه الحالي البالغ 53 مليون دولار أميركي وليصل إلى 145.9 مليون دولار قبل انتهاء عام 2010.
وأن قطاع محطات بث الإذاعة المرئية في الهند أصبح ثالث أكبر سوق للإذاعة المرئية في العالم اليوم ويبلغ عدد قنوات بث الإذاعة المرئية في الهند أكثر من 350 قناة تحقق دخلاً من الإعلانات عبر محطات بث الدارات المغلقة "بالكابل" بلغ 1.02 مليار دولار عام 2005 ومن المتوقع أن يبلغ هذا الدخل 1.8 مليار دولار قبل انتهاء عام 2010 بزيادة قدرها 24%. وأن 50 قناة لبث الإذاعة المرئية ستبدأ بالبث سنوياً. ولم تزل شركات بث برامج الإذاعات المرئية الهندية تبحث عن شركات منتجة للبرامج لتغطية ساعات بثها. بالإضافة إلى زيادة عدد البيوت التي تستخدم شبكات التوزيع عن طريق الدارات المغلقة لاستقبال البث عبر الأقمار الاصطناعية في الهند بنسبة 12% ليصبح عددها 68 مليون بيت عام 2006.
وأن شركة والت ديزني اشترت حصة من أسهم يو تي في التي تمتلك قناة للأطفال مقابل 30 مليون دولار. بالإضافة لحصة قناة سي إن إن ـ إي بي إن في الشركة الهندية غلوبال برودكاست نيوز. واشترت رويترز حصة 26% بمبلغ 19 مليون دولار أميركي في الأخبار التي تبث على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم بقناة تايمز تي في ناو. وإطلاق الشركة الإعلامية المتمركزة في الولايات المتحدة بلومبيرغ قناة لرجال الأعمال مع شركة تي في غروب الهندية.
وفي باكستان حقق الإعلام بكل أشكاله (المقروء والمرئي والمسموع) تطورا سريعا وملحوظا في السنوات الأخيرة، وأصبح له دور فعال وهام في الساحة السياسية الباكستانية، رغم ما يواجهه من قيود وعقبات قانونية وديمقراطية من قبل السلطات الرسمية في البلاد، خصوصا أثناء الأزمات السياسية. وليس أدل على ذلك من تلك المضايقات التي يلاقيها مراسلو الصحف والقنوات الإخبارية أثناء نقلهم أعمال الشغب التي تلت اغتيال رئيس الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو عام 2007، حيث وجهت الشرطة تهما جنائية لمئات الصحافيين بمشاركتهم في أعمال العنف. وهو الأمر الذي جعل منظمة «مراسلون بلا حدود»، تصنف باكستان تحت مسمى «من أخطر البلاد الآسيوية على العاملين في الحقل الإعلامي عام 2007»، وترصد مقتل 6 صحافيين، وإصابة 30 آخرين على الأقل بإصابات خطيرة، وكذلك توقيف 120 منهم على الأقل، في هذا العام، حسب المنظمة.
وقد بدأت في باكستان ثورة في الإعلام تجتاح البلاد منذ 10 سنوات، فبينما كان يوجد في باكستان قناة تلفزيونية واحدة فقط، أصبح اليوم يوجد ما يزيد على 100 قناة، معظمها خاصة، ساعدت وأسهمت بشكل كبير في الرقابة على أداء الحكومة، وكسر المحرمات الاجتماعية. وخلال 4 أو 5 سنوات مضت كان للقنوات الإخبارية أثر كبير على المجتمع الباكستاني، الذي شهد عدة أزمات سياسية متتالية انتهت باستقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف، حيث يتابع إرسال هذه القنوات الإخبارية ملايين الأشخاص في مدن وأرياف باكستان. ولعبت هذه القنوات دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام ضد الحكومة، حينما أصدر مشرف قرارا بتعليق عمل رئيس القضاء السابق افتخار محمد شودري واتهمه باستغلال منصبه. ولذلك فرضت الحكومة على معظم القنوات التوقيع على برنامج «سلوك حكومي» للحد من نقدها أوضاع البلاد. وتشير تقديرات مؤسسة «غالوب» باكستان إلى ارتفاع عدد مشاهدي التلفزيون من سن 10 سنوات وما فوقها، من 63 مليونا في عام 2004 إلى 86 مليونا في عام 2009، على الرغم من أن العدد الدقيق من الصعب العثور عليه.
أما على صعيد الصحف والمطبوعات الورقية، فوفقا لدائرة الإحصاء في باكستان فإن هناك 1464 صحيفة بمختلف اللغات تنتشر في أربع مقاطعات في باكستان، هي: السند (45 إنجليزية، 35 سيندية، 28 أردية). وولاية البنجاب (268 أردية، 40 إنجليزية، 17 بنجابية). والإقليم الحدودي الشمالي الغربي (677 أردية، 26 إنجليزية، 25 بشتونية). بلوشستان (363 أردية، 22 إنجليزية، 8 بشتونية، 8 بلوشية).
ومن أهم هذه الصحف، بالأردية، وهي اللغة الوطنية، (Aaj «آج»، تأسست عام 1989، Al Akhbar، Islamabad and Peshawar، Asas، Awam، Evening newspaper). وباللغة الإنجليزية، باعتبارها اللغة الأجنبية الرسمية، هناك (Business Recorder منذ عام 1965، Pakistan›s first financial daily، The Daily Mail في إسلام آباد، Daily News في كراتشي وتأسست عام 1962، Dawn عام 1947، National Herald Tribune منذ عام 2005).
وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 1.5 مليون باكستاني يقرؤون الصحف من جملة 169 مليون نسمة.
ويعود تاريخ الصحافة في شبه القارة الهندية الباكستانية إلى يناير/كانون الثاني عام 1780، حين صدرت أول صحيفة أسبوعية من كلكتا باللغة الإنجليزية، وأصدرها أحد موظفي شركة الهند الشرقية الذين تم فصلهم من عملهم وهو جيمس أوغستس هيكي، وكانت تسمى «Hickys Bengal Gazette» واشتهرت باسم «Hickys Gazette» نسبة إلى مالكها، وعانى هذا الرجل كثيرا بسبب تعرضه في جريدته لشخصيات كبيرة في المجتمع، فدخل السجن مرتين، لكنه لم يتراجع عن موقفه، وعندئذ صادرت الشركة مطبعته في مارس (آذار) من عام 1782، وبذا توقفت أول صحيفة في البلاد عن الصدور.
وهناك حاليا نحو 3 وكالات أنباء كبرى في البلاد، هي: وكالة «أسوشييتد برس» الباكستانية (كونا)، ونقابة الصحافة وباكستان، التي سميت لاحقا في الصحافة الدولية الباكستانية (بي بي آي)، ووكالة «أسوشييتد برس» للخدمات العامة هي الوكالة الباكستانية الإخبارية الأولى المعنية بتكنولوجيا المعلومات وتقوم على قاعدة التخصص في الكتابة التحريرية. بالإضافة إلى عدد من وكالات الأنباء الأخرى أصغر حجما، ووصلت إلى حيز الوجود، ومنها شبكة الأخبار الدولية «إن إن آي».
وتشير التقديرات إلى أن النمو السريع لسوق وسائل الإعلام في باكستان على مدى العقد الماضي جذب استثمارات كبيرة في نطاق المليارات من الدولارات، وأنتج مئات الملايين من الدولارات من العائدات. ومع تزايد نفوذ وسائل الإعلام في تشكيل المجتمع الباكستاني، والرأي العام وسياسة الحكومة، تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تعتزم إنفاق ما يقرب من 50 مليون دولار على وسائل الإعلام الباكستانية من أجل إنهاء المشاعر المناهضة للولايات المتحدة وتخفيف حدة التوتر وتحسين العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة مرة أخرى، وشددت الإدارة الأميركية على أهمية أن يكون هناك مزيد من الشفافية في مصادر الدخل والاستثمارات في مجال وسائل الإعلام، ومزيد من الحرية في تداول المعلومات.
ويكتسب الإعلام الجماهيري في المملكة العربية السعودية أهمية بالغة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود(حفظهما الله)، لما عرف عنه من رصانة وعقلانية ومنطقية في الطرح، أجبرت وسائل الاتصال والإعلام الأخرى على تكثيف متابعته وتحليل مضامينه وتوثيق تطوراته. وباتت قنوات وصحف ووسائل إعلامية محلية وعربية ودولية تعتمد الاقتباس والمتابعة المستمرة والنقل اليومي عن أبرز تحركات الإعلام السعودي، وطروحات قنواته وإذاعاته المسموعة والمرئية، وصحفه التي حظيت باهتمام ملكي غير مسبوق، من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود "رحمه الله" وولي عهده سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) اللذان دفعا بإعلام بلادهم إلى أعلى المستويات، بإصدار قرارات إستراتيجية ذكية، وحشد الآلات والتقنيات الإعلامية، وجلب الأيدي العاملة لإكساب السعوديين المزيد من الحرفية والمهنية الإعلامية، وإبتعاث العاملين في حقل الإعلام إلى المعاهد التدريبية خارج السعودية.
وأجمع عدد من العاملين في الإعلام السعودي على أن الملك فهد "رحمه الله" وولي عهده (حفظه الله) كان لهما اهتمام خاص بالإعلام السعودي بكافة وسائله، إذ شهدت الصحافة السعودية في عهدهم تطورات كبيرة، أوصلتها إلى التمتع بهامش مناسب من الحرية، ومكنتها من نشر آراء قادة الرأي والمجتمع بكل شفافية ووضوح، حول مختلف القضايا، إلى جانب التطور الهائل في الإمكانات التقنية والتجهيزات الفنية الحديثة والكوادر البشرية المؤهلة.
كما حظيت الإذاعتين المسموعة والمرئية بالتطورات ذاتها فخرجت البرامج الجماهيرية المباشرة على الموجات الإذاعية المرئية والمسموعة، مع قدرة فائقة لدى الكوادر الإعلامية السعودية على إدارة هذه البرامج بكل حرفية، وبث آراء بعض المفكرين والمحللين والمراقبين حتى وان لم تتفق مع بعض آراء الجهات الحكومية.
ويرجح د. فهد بن عبد العزيز العسكر في كتاب له حول تطور الصحافة في عهد الملك فهد "رحمه الله"، بأن هامش الحرية الذي أتيح أمام الصحف السعودية يعود إلى قناعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز "رحمه الله" وولي عهده سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله)، بأن ما تنشره الصحافة السعودية إنما يستهدف الصالح العام، وقناعتهما بأهمية دور الصحافة في المجتمع، ورغبة القيادة السعودية في فتح قنوات للحوار بين المسؤولين في الأجهزة المختلفة والمستفيدين من خدمات هذه الأجهزة من المواطنين والمقيمين من خلال هذه الصحف التي تعد مادة يومية لكل مواطن ومقيم على الأراضي السعودية.
ويؤكد د. محمد الأحمد أستاذ الإعلام، في جامعة الملك سعود، أن عهد الملك الراحل تضمن العديد من القفزات الهائلة في مجال الإعلام، إذ زاد عدد القنوات الفضائية إلى أربع قنوات؛ إحداها عامة والثانية تبث باللغتين الإنجليزية والفرنسية والثالثة متخصصة في الحقل الرياضي وموجهة للشباب، والرابعة إخبارية متخصصة في السياسة والاقتصاد، إضافة إلى صدور صحيفة الوطن السعودية، وإنشاء مؤسسة عسير للصحافة والنشر، ليصبح عدد المؤسسات الصحافية السعودية 9 مؤسسات، مما أثرى الإعلام السعودي المقروء، وأعطى مزيداً من هامش الحرية والمنافسة، فضلاً عن سماح السعودية لدخول الإعلام الإلكتروني والبث عبر شبكة الإنترنت.
ويتابع الأحمد أن دمج الثقافة مع الإعلام، ونقل جميع المؤسسات الثقافية تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، يعدان نقلة نوعية في عهد المرحوم الملك فهد "رحمه الله" وولي عهده سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله)، إضافة إلى الأوامر السامية بتحويل وكالة الأنباء السعودية والإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسات، ويضيف أستاذ الإعلام أن «هناك آمال عريضة، غير أننا نتطلع إلى رؤية مؤسسات مربوطة بالقطاع الخاص ومدينة إعلامية سعودية، وكليات إعلام للفتاة السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود "حفظه الله".
من جانبه يرى عادل المكينزي، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، أن مرحلة حكم الملك فهد "رحمه الله" وولي عهده سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) شهدت العديد من التطورات والمؤثرات على الصعيد الإعلامي، أبرزها انطلاق الفضائيات على المستوى الإعلامي العربي والدولي، والمرحلة الانتقالية لبعض الصحف من المحلية إلى العربية والعالمية والعكس للبعض الآخر، إلى جانب تطور الطواقم الإعلامية السعودية وتطور البرامج المهنية والحرفية، بشكل أفضل من السابق. ويؤكد المكينزي أن اهتمام الملك فهد "رحمه الله" الخاص بالإعلام ألقى بظلاله على الأداء الإعلامي وعلى المؤسسة الإعلامية السعودية، حيث يلحظ تطور نوعي في المهنية والتقنية داخل المؤسسة الإعلامية، على مستوى التنظيمات، وفي ذات الإعلاميين السعوديين أنفسهم، مشيراً إلى أن اهتمام القيادة السعودية بالإعلام بث الحيوية داخل المؤسسة الإعلامية، وأبرز شخصية إعلامية سعودية مختلفة عن بقية الإعلامات الأخرى الموجودة على الساحة. ويصل المكينزي إلى نتيجة مفادها أن الإعلام السعودي تغلب على العديد من التحديات التي أحاطت بالإعلام السعودي، أبرزها ما حدث في حرب الخليج حينما كان الإعلام العراقي يمثل تحديا كبيراً، التفت إليه الإعلام السعودي، وحرص هذا الآخر على التطوير السريع والحضور القوي في المحافل المختلفة، من خلال المراقبين السعوديين والمثقفين والمفكرين. ويتطلع المكينزي إلى استمرارية الدور الإعلامي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز "حفظه الله"، في استيعاب التحديات الإقليمية والدولية، وإتاحة مساحة جيدة من الحرية للإعلاميين السعوديين في ظل الثوابت الوطنية والدينية التي ارتضاها المجتمع، وفي ظل حكم رجل ذي رؤية تطويرية، مشيراً إلى أن النظرة التطويرية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود "حفظه الله"، والتي تسير في جميع الاتجاهات، ستؤتي أكلها الإيجابي، وسترفع من أسهم الإعلام السعودي وتعلي صوته في المحافل المختلفة.
وفي عام 1999 كانت تصدر في المملكة العربية السعودية أكثر 100 صحيفة ومجلة، منها صحيفة البلاد التي تصدر منذ عام 1934 بحوالي 20 ألف نسخة، وصحيفة الندوة وتصدر منذ عام 1958 بعشرة آلاف نسخة، وصحيفة المدينة المنورة التي تصدر من عام 1937 بعشرين ألف نسخة، وصحيفة الرياض التي تصدر من عام 1964 بعشرة آلاف نسخة، وصحيفة نيوز فروم ساودي أرابيا News from Saudi Arabia التي تصدرها وزارة الإعلام باللغة الإنكليزية منذ عام 1961.
وتعتبر الصحافة الدورية في المملكة من أوائل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وبدأت في الصدور من كانون أول/ ديسمبر 1924 عندما بدأت بالصدور صحيفة أم القرى في مكة المكرمة. وفي نهاية خمسينات القرن العشرين أصدرت الحكومة السعودية قراراً بتركيز إصدار الصحف في دور النشر التي من أهمها دار اليمامة التي تصدر صحف الرياض من عام 1965، والرياض ديلي، ومجلة اليمامة، وصحيفة عكاظ من عام 1960، وصحيفة الجزيرة من عام 1964. كما وتصدر في المملكة صحف أراب نيوز، والرياض ديلي، وساعودي غازييت، باللغة الإنكليزية.
وفي الجمهورية العربية السورية يمكن اعتبار صدور جريدة "سورية" بدمشق بتاريخ 19/11/1865، نقطة البداية لنشوء الصحافة. ومنذ ذلك الحين مرت الصحافة السورية بعدة عهود تاريخية متباينة، وهي:
العهد العثماني: الذي بدأ بإلحاق سورية بالدولة العثمانية في القرن السادس عشر، وانتهت عام 1918، بدخول القوات العربية بعد إعلان الثورة العربية الكبرى، وإعلان قيام المملكة السورية. وخلال تلك الفترة بدأت بالصدور صحفاً ومجلات عديدة، في العديد من المدن السورية كدمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والقنيطرة ودير الزور تميزت كلها بقصر العمر، وتنوع الموضوعات وبلغ عدد ما صدر منها آنذاك 83 صحيفة، و18 مجلة، وصفها المفكر العربي السوري محمد كرد علي في كتابه "خطط الشام" بأنها كانت أدوات كسب وتدجيل، كما ظهرت خلال ذلك العهد أولى التشريعات التي كانت الغاية منها الحد من حرية الصحافة الوطنية التي كانت تناضل آنذاك من أجل: مقاومة سياسة فرض اللغة التركية على العرب، والدعوة إلى المساواة بين العرب والأتراك؛ والمطالبة بالحرية والإصلاحات الإدارية.
وأدى تحول الصحافة العربية الوطنية آنذاك إلى صفوف المعارضة للحكم العثماني، إلى إعدام العديد من الصحفيين العرب السوريين لمواقفهم الوطنية في 6/5/1916، وكان من بينهم: عبد الغني العريسي، وعبد الحميد الزهراوي، وشكري العسلي، وأحمد طبارة، وجلال البخاري، وغيرهم.
العهد الوطني: وبدأ بدخول القوات العربية بقيادة الأمير فيصل إلى سورية عام 1918 وإعلان قيام المملكة السورية، واستمر حتى الاحتلال الفرنسي لسورية إثر موقعة ميسلون الشهيرة بين الجيش الوطني الفتي بقيادة وزير الدفاع في الحكومة الملكية يوسف العظمة، وقوات الاحتلال الفرنسية في 24/7/1920.
وتميز ذلك العهد بوقوف الصحف الصادرة في دمشق وحلب وحماة وحمص واللاذقية إلى جانب الحكم الوطني، منددة بالحكم العثماني البائد، ومطالبة بالحرية والاستقلال، ورفض الانتداب الفرنسي، وتقسيم سورية الطبيعية إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية بموجب اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت. وبلغ عدد الصحف الصادرة خلال تلك الحقبة من الزمن 41 صحيفة و13 مجلة، أخذت شكلين اثنين متميزين: الأول: سياسي يخدم المصلحة الوطنية والسياسية؛ والثاني: ثقافي أدبي علمي تربوي يهدف إلى رفع المستوى الفكري للشعب، إضافة لصدور أول صحيفة رسمية ناطقة باسم الحكومة العربية السورية تحت اسم "العاصمة".
عهد الاحتلال الفرنسي: وبدأ بدخول الجيوش الفرنسية إلى دمشق بتاريخ 27/7/1920 وامتد حتى خروجهم منها وإعلان الاستقلال بتاريخ 17/4/1946. وصدر خلال ذلك العهد 102 صحيفة و95 مجلة في مدن دمشق، وحلب، وحماة، وحمص، واللاذقية.
وتميزت صحف تلك الحقبة التاريخية بقصر مدة صدورها، وخضوعها للتعسف والاضطهاد الذي فرضته عليها مفوضية الاحتلال الفرنسي من خلال الرقابة الصارمة على الصحافة الوطنية، وإجراءات منع صدورها، والحكم بالغرامات المالية الكبيرة والسجن على الصحفيين الوطنيين لقاء مواقفهم الوطنية الشجاعة ومقاومتهم للاحتلال.
وشهدت تلك الحقبة التاريخية أيضاً ظهور الصحافة السرية التي كانت توزع على المواطنين على شكل منشورات مطبوعة أو منسوخة باليد، وخاصة أثناء الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي ما بين عامي 1925و1927.
وأجمعت الصحف الوطنية خلال تلك المرحلة على التصدي لحكم الانتداب الفرنسي، والمطالبة بالاستقلال التام، والتصدي لسياسة التقسيم التي اتبعتها فرنسا في تقسيم سورية إلى دويلات صغيرة (مديريات)، وطالبت بوحدة كامل الأراضي السورية. وحثت على التمسك بالثقافة الوطنية ومحاربة الثقافة واللغة الفرنسية اللتان فرضتهما سلطات الاحتلال الفرنسية على الشعب السوري ودعت الشعب السوري إلى الثورة ضد الاحتلال، ومساندة الثورات والانتفاضات المسلحة التي شملت كل الأراضي السورية من لحظة الاحتلال واستمرت حتى خروج جيوش الاحتلال من سورية.
كما وشهد ذلك العهد قيام أول تنظيم نقابي للعاملين في مجال الصحافة عند تأسيس نقابة أصحاب الصحف عام 1932، ونقابة عمال الطباعة عام 1934، ونقابة محرري الصحف عام 1935.
عهد الاستقلال: واستمر من 17/4/1946 وحتى قيام الوحدة الاندماجية بين سورية ومصر في 22/2/1958، وقيام الجمهورية العربية المتحدة. وتميز هذا العهد بدخول الصحافة السورية عصر الصراعات الحزبية والانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي، وهو ما كان يؤدي إلى وقف صدور الصحف والمجلات بالجملة. وبلغ عدد الصحف الصادرة في المدن السورية دمشق، وحلب، وحمص، وحماة، والحسكة، ودير الزور، واللاذقية، والسلمية آنذاك 110 صحف، و53 مجلة.
وجرت خلال ذلك العهد أيضاً أولى محاولات دمج الصحف للإقلال من عددها وتقوية إمكانياتها الفنية والمادية وظهور المكاتب الصحفية في بعض المدن السورية، كما وتأسست وكالة الصحافة السورية في 25/7/1952، ووكالة أنباء الجمهورية في 23/6/1957، ووكالة أنباء الشرق العربي في 6/7/1957.
عهد الوحدة السورية المصرية: واستمر منذ قيام الجمهورية العربية المتحدة في 22/2/1958، وحتى وقوع الانفصال في 28/9/1961. واقتصر صدور الصحف في سورية خلال تلك المرحلة على 4 صحف، و10 مجلات صدرت في دمشق، وحلب، وحمص بسبب الإجراءات التي طبقتها حكومة الوحدة، ومن ضمنها إلغاء الأحزاب السياسية مما أدى إلى وقف إصدار العديد من الصحف، وإلغاء رخص إصدار الصحف التي لم يتنازل أصحابها عنها طوعاً.
وخلال تلك المرحلة من تاريخ سورية تم ربط الصحف السورية ولأول مرة في تاريخها بالتنظيم السياسي الوحيد آنذاك والذي أنشأته الحكومة "الاتحاد القومي"، وانبثق عن ذلك التنظيم السياسي نقابة الصحافة التي ضمت العاملين في الصحافة. وتميزت صحف تلك المرحلة بملامح جديدة للصحافة القومية الواعية التي تتجاوب مع مصالح الجماهير.
عهد الانفصال: واستمر من تاريخ وقوع الانفصال في 28/9/1961 وحتى قيام ثورة 8/3/1963، وكان من أول الأعمال التي قامت بها حكومة الانفصال أن ألغت كل التنظيمات والتشريعات التي صدرت خلال الوحدة السورية المصرية، وأعيدت الملكية الخاصة للصحف، ونتيجة لذلك عادت بعض الصحف التي كانت تصدر قبل الوحدة للصدور من جديد ومن بينها صحف بعض الأحزاب السياسية التي عادت للنشاط من جديد. وبلغ عدد الصحف التي صدرت خلال ذلك العهد 16 صحيفة، و7 مجلات صدرت كلها في دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وأعيد التنظيم النقابي للصحفيين إلى عهده السابق وهو: نقابة أصحاب الصحف، ونقابة المحررين والمراسلين الصحفيين.
ومن الإجراءات البارزة خلال ذلك العهد إحداث وزارة الإعلام التي جاء ضمن أهدافها: استخدام وسائل الإعلام لتنوير الرأي العام، وترسيخ اتجاهات القومية العربية في البلاد، ودعم الصلات مع الدول الصديقة وفقاً لسياسة الدولة.
العهد الحالي: وبدأ مع وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سورية يوم 8/3/1963 لتبدأ المرحلة الراهنة من تاريخ الصحافة في الجمهورية العربية السورية. وجاء في المنهاج المرحلي للثورة أن الإعلام في الجمهورية العربية السورية يجب أن ينتهج: شرح أهداف الثورة وتوضيحها وتفنيد الأفكار والنظريات المعادية لقضية الشعب في التقدم؛ ونشر الوعي الاشتراكي والقومي والإنساني في القطر العربي السوري؛ وكسب الرأي العام القومي والعالمي لصالح قضايا العرب الوطنية والقومية، وقضايا الشعوب وتعزيز الحريات الأساسية للبشرية.
ومنذ الأيام الأولى للثورة بدأت خطوات عملية من قبل الدولة لتنظيم عمل الصحافة، فأصدر المجلس الوطني لقيادة الثورة قراراً بإلغاء امتيازات كل الصحف والمجلات، وبالتالي إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإعلام، ماعدا حالات خاصة سمح بموجبها لبعض الصحف والمجلات غير السياسية بالاستمرار في بالصدور. وأحيلت ملكية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى الدولة والمنظمات الشعبية والمهنية. وتبع ذلك جملة من الإجراءات لتنظيم مهنة الصحافة، وتم وقف نشاط جميع وكالات الأنباء والمكاتب الصحفية وتنظيم أوضاع المراسلين وحصر الموضوع تماماً بوزارة الإعلام.
ولتنظيم مهنة الصحافة صدر المرسوم التشريعي 58 تاريخ 27/7/1974 الذي نص على إنشاء اتحاد الصحفيين في الجمهورية العربية السورية، كشخصيه اعتبارية ومنظمة مهنية، ليعمل من أجل الدفاع عن مكاسب الجماهير الشعبية، والوقوف إلى جانب أهدافها المشروعة في القضاء على التخلف، وبناء المجتمع المتقدم والمتحرر من الجهل والخوف والتبعية، والعمل على ترسيخ التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في القطر وتطويرها وصيانتها، والنضال لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية، ودعم النضال العربي في مواجهة الصهيونية والإمبريالية، وفضح جميع القوى المعوقة لتحرير الشعب العربي ووحدته، والعمل على نشر الفكر القومي الاشتراكي وممارسة الرقابة الشعبية من خلال الصحافة على أجهزة الدولة وقطاعات الإنتاج والخدمات الثقافية والتربية.
وتعمل في الجمهورية العربية السورية اليوم:
مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر: التي أسست بتاريخ 27/5/1963 وتتبع وزارة الإعلام، وجاء في ديباجة تأسيسها، العمل على تدعيم الاتجاه القومي العربي في جميع مجالات النشر، عن طريق تغذية الشعور الوطني بين الأفراد والجماعات، بالدعوة إلى الوحدة والحرية والاشتراكية. وإحياء التراث الأدبي والفني والعلمي عن طريق تجديده وإغناءه عن طريق إصدار الكتب والمجلات والصحف وسائر النشرات الدورية وغير الدورية، مركزها دمشق ولها فروعاً في بعض المدن السورية.
وتصدر المؤسسة صحيفة الثورة اليومية وصحيفة الموقف الرياضي في دمشق، وعدد من الصحف في المحافظات السورية منها: الجماهير، والوحدة، والعروبة، والفداء، والفرات.
مؤسسة تشرين للصحافة والنشر: تأسست في دمشق بتاريخ 2/10/1975 لتعمل عن طريق إصدار الصحف والمجلات والمطبوعات الدورية وغير الدورية، على نشر التوعية السياسية وتقديم الخدمات الإعلامية والثقافية، عن طريق تشجيع الإنتاج العلمي والأدبي والفكري والفني، وإطلاع القارئ داخل القطر وخارجه على الحقائق بما يخدم أهداف الأمة العربية وقضاياها، والفكر القومي الاشتراكي، وبدعم النضال العربي الوطني والقومي والتقدمي في مواجهة الإمبريالية والصهيونية. وتصدر المؤسسة صحيفة تشرين اليومية. وجرى في عام 2007 دمجها بمؤسسة الوحدة للطباعة والنشر.
ومن الصحف والمجلات التي تصدر اليوم في سورية: صحيفة البعث ويصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي من 3/7/1946 وتصدر حالياً بـ 40 ألف نسخة، وصحيفة الثورة وتصدر من 1/7/1963 بـ60 ألف نسخة، وصحيفة تشرين وتصدر من 6/10/1975، وصحيفة نضال الفلاحين ويصدرها الاتحاد العام للفلاحين من 14/12/1965، وصحيفة كفاح العمال الاشتراكي ويصدرها الاتحاد العام لنقابات العمال من 1/5/1963. وصحيفة العروبة وتصدر من 12/3/1963، وصحيفة الفداء وتصدر من 15/5/1961، وصحيفة الجماهير وتصدر من 1/3/1965، وصحيفة الموقف الرياضي وتصدر من 1/1/1963، ومجلة المسيرة ويصدرها اتحاد شبيبة الثورة من عام 1976، ومجلة مجمع اللغة العربية وتصدر من عام 1921، ومجلة تاريخ العلوم وتصدر عن جامعة دمشق من عام 1977، ومجلة عاديات حلب وتصدر عن جمعية العاديات من عام 1975، ومجلة دراسات تاريخية وتصدر من عام 1979، ومجلة المعلم العربي وتصدرها وزارة التربية من عام 1948، ومجلة الاقتصاد وتصدرها وزارة الاقتصاد من 16/9/1967، ومجلة الشرطة وتصدرها وزارة الداخلية من عام 1965، ومجلة هنا دمشق وتصدرها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من 1/9/1953، ومجلة نهج الإسلام وتصدرها وزارة الأوقاف من عام 1980، ومجلة الطيران المدني وتصدر من عام 1967، ومجلة الحوليات وتصدر من عام 1951، ومجلة المعرفة وتصدرها وزارة الثقافة من 1/3/1962، ومجلة أسامة وتصدرها وزارة الثقافة من 1/2/1969، ومجلة الحياة السينمائية وتصدرها وزارة الثقافة من عام 1978، ومجلة الحياة المسرحية وتصدرها وزارة الثقافة من عام 1977، ومجلة الحياة التشكيلية وتصدرها وزارة الثقافة من عام 1978، ومجلة الجندي العربي وتصدر عن وزارة الدفاع من عام 1962، ومجلة الفكر العسكري وتصدر عن وزارة الدفاع من عام 1973، ومجلة الموقف الأدبي وتصدر عن اتحاد الكتاب من عام 1971، ومجلة الآداب الأجنبية وتصدر عن اتحاد الكتاب من عام 1974، ومجلة التراث العربي وتصدر عن اتحاد الكتاب من 1/11/1979، ومجلة المرأة العربية وتصدر عن الاتحاد العام النسائي من 15/8/1968، ومجلة الشبيبة ويصدرها اتحاد شبيبة الثورة من عام 1969، ومجلة صوت المعلمين وتصدر عن نقابة المعلمين من عام 1963، والمجلة الطبية العربية وتصدر عن نقابة الأطباء من عام 1962، ومجلة اليقظة وتصدر عن جمعية اليقظة من عام 1955.
وفي المملكة الأردنية الهاشمية تصدر مجلة الأقصى من عام 1970، وصحيفة الأخبار من عام 1975، وصحيفة أخبار الأسبوع من عام 1959 بمائة ألف نسخة، وصحيفة الجماهير، وصحيفة الدستور من عام 1967 بتسعين ألف نسخة، وصحيفة جوردان تايمز باللغة الإنكليزية من عام 1975 بخمسة عشرة ألف نسخة.
وتصدر في دولة الكويت صحف أخبار الكويت من عام 1961 بأربعة آلاف نسخة، والرأي العام من عام 1961 بثمانية آلاف نسخة، والسياسة من عام 1968 بألفي نسخة، وديلي نيوز باللغة الإنكليزية من عام 1963، وكويت تايمز باللغة الإنكليزية من عام 1961 بألفي نسخة، ومجلة العربي واسعة الانتشار في العالم العربي من عام 1958 بأكثر من مئة ألف نسخة.
وتصدر حالياً في الكويت عشرات الصحف اليومية والمجلات منها مجلة العربي وتصدر بأكثر من 350 ألف نسخة، وصحف الأنباء وتصدر بثمانين ألف نسخة، والوطن وتصدر بـ 57 ألف نسخة، والقبس وتصدر بتسعين ألف نسخة، والرأي العام وتصدر بتسعين ألف نسخة، وملحقها الأسبوعي النهضة ويصدر بمائة وخمسين ألف نسخة، والهدف وتصدر بمائة وثلاثة وخمسين ألف نسخة، واليقظة وتصدر باثنين وتسعين ألف نسخة، وأراب تايمز باللغة الإنكليزية وتصدر بـ 31,1 ألف نسخة، وكويت تايمز وتصدر بثلاثين ألف نسخة.
وبلغ عدد الصحف والدوريات الصادرة في دولة الإمارات العربية المتحدة من عام 1961 وحتى عام 1996 نحو 185 دورية عربية وأجنبية وتتضمن جميع الدوريات التي تولت إصدارها أو تمويلها أو تحريرها مؤسسات حكومية أو خاصة أو جهات أكاديمية أو هيئات متخصصة، وقد توقفت منها 39 دورية حتى عام 1996 لأسباب سياسية واقتصادية وفنية وإدارية.
ومن بين الإصدارات في الإمارات توجد ثماني صحف يومية خمس منها باللغة العربية، وهي: الاتحاد، والخليج، والبيان، والوحدة، والفجر، وأربع صحف باللغة الإنكليزية هي: الخليج تايمز، والجلف نيوز، والإمارات نيوز، وجلف توداي.
وقد أصدر مجلس الوزراء برئاسة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في عام 1979 قراراً بوقف الترخيص لإصدار مطبوعات أخرى جديدة في الدولة نظراً لكثرة الموجود منها في الساحة المحلية، وتوقف الكثير منها، إضافة إلى عدم انتظام العديد من هذه المطبوعات في الصدور، ويمكن تصنيف ما يصدر من دوريات في الإمارات العربية المتحدة على النحو التالي:
تصدر 27 دورية في المجال الاقتصادي ، إلى جانب 18 دورية عامة، و18 دورية في مجال الرياضة والشباب، و12 دورية في مجال التعليم والتربية، و11 صحيفة يومية وأسبوعية منها 6 باللغة العربية و5 باللغة الإنكليزية، و10 دوريات للمرأة والأسرة، و8 دوريات في القانون، و7 دوريات إسلامية، و6 دوريات في الفنون، و5 دوريات في مجال النفط، و6 دوريات في مجال البلديات، و8 دوريات في مجال الأدب والفكر، و4 دوريات في الإحصاء، و4 دوريات في الطيران المدني، و4 دوريات سياسية، و3 دوريات في الشرطة والأمن، و3 دوريات في العلوم التطبيقية، و3 دوريات في العلوم البحتة، و4 دوريات عسكرية، و3 دوريات في مجال الهندسة، و3 دوريات للمعاقين، ودوريتان في كل من المجالات الاجتماعية، والإدارة، والتاريخ، والإسكان، والطفل، والحاسب الآلي، ودورية واحدة في كل من المجالات التالية: الآثار، والبريد، والزراعة، والسياحة، والديكور، والشؤون البحرية.
ومن بينها صحيفة الاتحاد وتصدر من 20/10/1969 بـ 50 ألف نسخة، ومجلة ماجد وتصدر من 28/2/1979، ومجلة زهرة الخليج وتصدر من 21/3/1979، وصحيفة الخليج وتصدر من 19/10/1970 بـ 82 ألف نسخة، وإمارات نيوز وتصدر من 7/5/1970، ومجلة الشروق وتصدر من 9/4/1994، ومجلة كل الأسرة وتصدر من 20/10/1993، وThe gulf today وتصدر من 16/4/1996، وصحيفة البيان وتصدر من 10/5/1980 بـ 49 ألف نسخة، ومجلة الرياضة والشباب وتصدر من عام 1981 بـ 45 ألف نسخة.
وتعتبر نيجيريا في القارة الإفريقية من أكثر الدول ثراء في مجال الصحافة، وتصدر فيها حوالي مائة صحيفة يومية ودورية اتحادية ومحلية، ويصدر بعضها باللغة الإنكليزية والبعض الآخر باللهجات المحلية كالهاوسا، واليوربا، والايبو. وتعمل الصحافة النيجيرية وفقاً لقانون الأسرار الرسمية الصادر عام 1962. ومن أهم الصحف: ديلي تايمز وهي يومية، تصدر بـ 400 ألف نسخة؛ وديلي شامبيون اليومية، التي تصدر منذ 1/10/1988، بـ 150 ألف نسخة؛ وغارديان اليومية، التي تصدر منذ 4/7/1983، بـ 250 ألف نسخة؛ وناشيونال كونكورد اليومية، التي تصدر منذ 10/3/1984، بـ 200 ألف نسخة؛ وأفانغارد اليومية، التي تصدر منذ 15/7/1984، بـ 150 ألف نسخة؛ وتودي اليومية، التي تصدر منذ 0/1/1995؛ ونيجيريا تربيون اليومية، التي تصدر منذ 9/11/1949، بـ 10 آلاف نسخة؛ وديلي سكتش اليومية، التي تصدر منذ 31/3/1964، بـ 65 ألف نسخة؛ والجارديان اكسبريس اليومية، التي تصدر منذ 0/8/1985، بـ 65 ألف نسخة وغيرها. ومن أهم المجلات: أفريكان كونكورد الأسبوعية، وبريزيدينت النصف شهرية، وسوسيتي الشهرية، ونيو هوريزون الشهرية، وبلاتفورم الشهرية. ومن المجلات المتخصصة بالرياضة: سبورت ورلد، وكومبليت فوتبول، وسبورتينغ ريكورد.
وأحدثت في إثيوبيا هيئة إشراف تشرف على الصحفيين والصحافة، وهي: "هيئة الصحفيين الإثيوبيين". وتصدر في إثيوبيا صحف ومجلات يومية وأسبوعية وشهرية وربع سنوية، منها: صحيفة إثيوبيا هيرالد اليومية الحكومية، التي تصدرها وزارة الإعلام في أديس أبابا منذ عام 1941، وتوزع حوالي 40 ألف نسخة؛ وصحيفة أديس زيمن "العهد الجديد" اليومية الحكومية التي تصدرها وزارة الإعلام في أديس أبابا منذ عام 1943 باللغة الأمهرية، وتهتم بالشؤون الداخلية وتعتبر الصحيفة القومية الأولى، وتوزع حوالي 37 ألف نسخة؛ وصحيفة العلم الأسبوعية، وتصدر باللغة العربية في أديس أبابا منذ عام 1962، وتهتم بالتعريف بالثقافة والأدب العربي، وتوزع حوالي 3 آلاف نسخة؛ وصحيفة بيريسا الأسبوعية، وهي حكومية تصدرها وزارة الإعلام في أديس أبابا، وتوزع حوالي 3500 نسخة؛ وصحيفة بازاريتو إثيوبيا "إثيوبيا اليوم" الأسبوعية، وهي حكومية تصدر باللغة الأمهرية في أديس أبابا منذ عام 1991، وتوزع حوالي 30 ألف نسخة؛ وصحيفة أديس تربيون الأسبوعية، التي تأسست عام 1993، وتوزع حوالي 5 آلاف نسخة؛ وصحيفة نيجاريت جازتيا المتخصصة في الشؤون القانونية، وتصدر في أديس أبابا بشكل غير منتظم؛ وصحيفة اثيوسكوب وتصدرها وزارة الخارجية في أديس أبابا؛ وصحيفة نجدينا ليمان الحكومية الشهرية، تصدر عن الغرفة التجارية الأثيوبية في أديس أبابا؛ وصحيفة نيجرديس وتصدرها الغرفة التجارية الإثيوبية؛ وصحيفة تبنساي الدينية وتصدرها الغرفة التجارية في أديس أبابا؛ ومجلة إثيوبيا تريد جورنال الحكومية الربع سنوية، وتصدر عن الغرفة التجارية؛ ومجلة بيرهان فاميلي ماغازين الشهرية النسائية؛ بالإضافة إلى صحف ويت إثيوبيا، وينادرناألماو، وتوبيا، وهانوس، ومسكريم.
وفي جمهورية جنوب إفريقيا صدر في نهاية عام 1993 تشريع خاص ينص على إنشاء لجنة إعلامية مستقلة للإشراف الشامل على الصحافة. ويصدر في العاصمة كيب تاون، وإقليم ناتال، وترانسفال عدد كبير من الصحف يزيد عن 40 صحيفة يصدر معظمها باللغة الإنجليزية (14 صحيفة)، وتصدر صحف أخرى بلغة الأفريكانز (6 صحف)، وعدد قليل من الصحف تصدر بلغة الزولو، والأكسوزا (حوالي الـ 20 صحيفة). منها: إفننغ بوست يومية مستقلة، تصدر في كيب منذ عام 1845، بـ 30 ألف نسخة؛ وأرغوس يومية تصدر في كيب تاون منذ عام 1857، بـ 106,5 ألف نسخة؛ وكيب تايمز يومية تصدر في كيب تاون منذ عام 1872، بـ 60 ألف نسخة؛ وديلي دسباتش يومية تصدر في كيب تاون منذ عام 1972، بـ 35,9 ألف نسخة؛ ودي بورغر يومية حزبية، تصدر في كيب تاون منذ عام 1915، بـ 90 ألف نسخة؛ وفيستا تصدر مرتين أسبوعيا في كيب تاون منذ عام 1971، بـ 26 ألف نسخة؛ والصليب الجنوبي دينية تصدر في كيب تاون مرتين في الأسبوع منذ عام 1920، بـ 10 ألف نسخة؛ وويك أند أرغوس تصدر في كيب تاون مرتين في الأسبوع منذ عام 1957، بـ 128,5 ألف نسخة؛ ومجلتك تصدر في كيب تاون مرتين في الأسبوع منذ عام 1987، بـ 232 ألف نسخة؛ والجنوب متطرفة للسود تصدر في كيب تاون مرتين في الأسبوع، بـ 25 ألف نسخة؛ وويك اند بوست تصدر مرتين في الأسبوع في كيب تاون، بـ 38 ألف نسخة؛ وجمز بوك تصدر في كيب تاون مرتين في الأسبوع، بـ 8 آلاف نسخة؛ وفير ليدي نصف شهرية تصدر في كيب تاون، بـ 150,3 ألف نسخة؛ وساري نصف شهرية تهتم بالمرأة، تصدر في كيب تاون، بـ 227 ألف نسخة؛ ونيوز إرا ربع سنوية، تصدر في كيب تاون؛ والجريدة القانونية ربع سنوية تصدر في كيب تاون منذ عام 1884، بـ 2,5 ألف نسخة؛ ووتنس ربع سنوية، تصدر في ناتال منذ عام 1846، بـ 28 ألف نسخة؛ وناتال ميركوري ربع سنوية تصدر في ناتال منذ عام 1852، بـ 61 ألف نسخة؛ وذا ديلي نيوز ربع سنوية تصدر في ناتال منذ عام 1878، بـ 96,4 ألف نسخة؛ والانجا تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال منذ عام 1903، بـ 126 ألف نسخة؛ وليدي سميث غازييت تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال منذ عام 1902، بـ 7 آلاف نسخة؛ وفاز مرزوكلي زراعية تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال منذ عام 1911، بـ 17 ألف نسخة؛ وبوست ناتال تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال منذ عام 1935، بـ 51 ألف نسخة؛ وساندي تريبيون تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال منذ عام 1937، بـ 125,7 ألف نسخة؛ والشخصية تصدر مرتين أسبوعيا في ناتال، بـ 107 ألف نسخة؛ ورووي روز نصف شهرية تصدر في ناتال، بـ 165 ألف نسخة؛ وسكوب نصف شهرية تصدر في ناتال، بـ 153,3 ألف نسخة؛ وذي إواني شهرية يصدرها اتحاد المدرسين في ناتال منذ عام 1905، بـ 8 آلاف نسخة؛ وفينوير شهرية تهتم بزراعة الكروم، تصدر في ناتال منذ عام 1931، بـ 10 آلاف نسخة؛ ودرام شهرية تصدر في ناتال منذ عام 1951، بـ 135,9 ألف نسخة؛ وساوز أفريكان ميدكال شهرية تصدر في ناتال، بـ 20 ألف نسخة؛ وبوكسينغ ورلد شهرية تصدر في ناتال، بـ 10 آلاف نسخة؛ وساوز أفريكان جاردن هوم تصدر في ناتال مرة كل شهرين منذ عام 1947، بـ 146 ألف نسخة؛ وزا تروث حرة تصدر في ناتال مرة كل شهرين منذ عام 1969؛ وورلد ايرنيوز تهتم بشؤون الطيران تصدر مرة كل شهرين في ناتال منذ عام 1973، عدد النسخ 13 ألف نسخة؛ ويور فاميلي تهتم بشؤون الأسرة، تصدر مرة كل شهرين في ناتال منذ عام 1973، بـ 216 ألف نسخة؛ وذا ستار تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1887، بـ 209 ألف نسخة؛ وبريتوريا نيوز مستقلة، تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1898، بـ 25,8 ألف نسخة؛ وروستن بورج هيرالد تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1924، بـ 11 ألف نسخة؛ وبليد تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1974، بـ 21,1 ألف نسخة؛ وذا سيتزن تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1976، عدد النسخ 108 ألف نسخة؛ وذي بزنس تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1985، عدد النسخ 32,9 ألف نسخة؛ وسويتان تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1981، بـ 255 ألف نسخة؛ وترانسفالار تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال، بـ 40 آلاف نسخة؛ وفولكس بلاد مستقلة، تصدر مرة كل شهرين في ترانسفال منذ عام 1904، بـ 27 ألف نسخة؛ وفينتر سدورب هيرالد تصدر مرتين أسبوعيا في ترانسفال منذ عام 1908، بـ 5,4 آلاف نسخة؛ واليهودية الأفارقة تصدر مرتين أسبوعيا في ترانسفال منذ عام 1938، بـ 160 ألف نسخة؛ وساندي ستار مستقلة، تصدر مرتين أسبوعيا في ترانسفال منذ عام 1984، بـ 89 ألف نسخة: والأمة تصدر مرتين أسبوعيا في ترانسفال منذ عام 1986، بـ 16 ألف نسخة؛ وفري ويك بلد مناهضة للتطرف العنصري، تصدر مرتين أسبوعيا في ترانسفال منذ عام 1988، بـ 13 ألف نسخة؛ وماينغ ويك نصف شهرية تصدر في ترانسفال منذ عام 1979، بـ 10 آلاف نسخة؛ وساوز أفريكان دايجست نصف شهرية، يصدرها مكتب الإعلام في ترانسفال؛ وسنتر نيوز شهرية تصدرها RIG للنشر، بـ 30 ألف نسخة؛ وبوستال شهرية يصدرها اتحاد العمال في ترانسفال منذ عام 1970، بـ 50 ألف نسخة؛ وترسنغ نيوز شهرية تصدر عن هيئة التمريض في ترانسفال منذ عام 1978، بـ 110 آلاف نسخة؛ وتكنو بريف شهرية تصدر عن CSTR في ترانسفال منذ عام 1991، بـ 15,5 نسخة؛ ولانترن ربع سنوية تصدرها مؤسسة التعليم والعلوم والتقنية في ترانسفال منذ عام 1952، بـ 5 آلاف نسخة؛ وزا موتورست ربع سنوية تهتم بشؤون السيارات، تصدر في ترانسفال منذ عام 1966، بـ 184 ألف نسخة؛ والجريدة الاقتصادية ربع سنوية تصدرها جامعة بريتوريا.
وفي جمهورية مصر العربية ذكر الباحث الإعلامي المصري صلاح الدين حافظ: "أن مصر تعتبر الحضارة الأقدم التي عرفت شكلاً من أشكال الصحافة والإعلام والإبلاغ، حين نقش الفراعنة نشاطاتهم ودونوا دقائق حياتهم، ومعاركهم وأمجادهم، وانتصاراتهم وانكساراتهم، على جدران المعابد والمسلات، لتبليغ الناس فيما بعد عما جرى وكان .... وبنفس المقياس تعتبر مصر الحضارة الأحدث، التي عرفت الصحافة الحديثة والطباعة الأولى، منذ أكثر من قرنين، فإذا كانت المطبعة العربية الأولى قد هبطت في لبنان أولاً، فإن الثانية نزلت بر مصر بعدها بقليل، حين جاء بها نابليون بونابرت ضمن حملته الشهيرة. ومنذ ذلك التاريخ، صارت الصحافة والطباعة والنشر والإعلام، مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع المصري بنشاطاته المختلفة وتفاعلاته العديدة، خاصة حين ارتبط ذلك كله بمناخ التحديث والتنوير، الذي قاده رفاعة الطهطاوي، بعد أن عاد من البعثة التي أرسله فيها محمد علي إلى فرنسا، حاملاً في عقله الفكر الجديد الذي شاع في العالم الغربي، المعتمد على إعمال العقل وترجيح التفكير، وحاملاً في يده مؤلفه الأشهر (تخليص الإبريز في تخليص باريز)، الذي غزا به العقل المصري والعربي، فاتحاً أمامه الآفاق الواسعة لإعادة بناء الإنسان، وإحياء الثقافة وترسيخ الحضارة وإشاعة الديمقراطية والمساواة".
وتواجه الصحافة المصرية اليوم كواحدة من البلدان النامية، تحديات كثيرة منها التحدي السياسي والقانوني، فمنذ أن عرفت مصر الصحافة عبر الصحف الفرنسية التي أصدرها نابليون بونابرت أثناء حملته على مصر، امتداداً لظهور الصحافة المصرية الأصيلة على يد محمد علي، حين أصدر جريدة الوقائع في عام1828 ظهرت قوانين الرقابة التي حددت حرية الرأي والتعبير، وتراكمت هذه القوانين عاماً بعد عام، حتى أصبحت مصر تمتلك منها موروثاً، يعادل موروث حرية الصحافة.
وتواجه الصحافة المصرية تحدي الثورة التكنولوجية الهائلة، التي بدأت تغزو العالم وتسيطر على حركته، وخاصة تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية. وبقدر ما شهدت تسعينات القرن العشرين انطلاق ثورة العلوم والإلكترونيات الدقيقة، بقدر ما تميزت تلك الفترة باندلاع ثورة المعلومات وتدفقها عبر مصادر عديدة، خاصة مع تقدم تكنولوجيا الإعلام والاتصال، التي أتاحت للإنسان في أي مكان في العالم، إمكانية استقاء المعلومات وحرية تداولها، ومتابعة الأحداث والتطورات فور وقوعها.
وقد تفوق البث الإذاعي المرئي المباشر الذي يستخدم الأقمار الصناعية والكوابل والألياف الضوئية، ذات القدرات الفنية الهائلة والمبهرة، في التسابق الهائل مع الصحف المطبوعة في نقل الأحداث وتغطية التطورات، التي تجري في أي مكان، لحظة بلحظة، الأمر الذي وضع الصحافة المطبوعة في العالم كله في مأزق صراع البقاء.
والتحدي المطروح أمام الصحافة المصرية اليوم هو ضرورة اللحاق بثورة تكنولوجيا العصر بالسرعة اللازمة والكفاءة المميزة، وإلا تخلفت في سوق المنافسة، مع الصحف العربية، وصحف الدول الأقل تطوراً، وصحافة الدول المتطورة، وتخلفت في مواجهة وسائل الإعلام الالكترونية، وخاصة البث التلفزيوني المباشر. وهذا يتطلب من مصر ومن سائر دول العالم النامية والأقل تطوراً ضرورة إعادة النظر وبعمق، في مفهوم المجتمع لرسالة الصحافة وعلاقتها بنظم الحكم المتغيرة والمتتالية في البلدان النامية، وطبيعة مهمتها في ظل المتغيرات المتعاقبة ونوعية القوانين التي تحكم هذه العملية التفاعلية.
وتعتبر مصر أول بلد عربي عرف الصحافة المطبوعة منذ أن وصل إليها نابليون بونابرت يحمل مع مدافعه المطبعة ليخاطب عبر الكلمة المطبوعة، عقول الشعب المصري محاولاً استمالته، وقام بإصدار صحيفة باللغة الفرنسية عام 1798.
وعندما اضطر الفرنسيون إلى الرحيل عن مصر بسبب المقاومة الباسلة للمصريين، جاء إلى الحكم محمد على وأصدر أول صحيفة الوقائع المصرية الرسمية عام 1828 ثم صدرت صحيفة وادي النيل و هي أول صحيفة شعبية في عام 1867 وما لبث أن تدفق سيل الصحف في هذه الفترة وما بعدها، لتعبر الصحافة المصرية عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر حتى بلغ عدد الصحف المصرية الصادرة خلال الفترة من عام 1872 حتى عام 1892 حوالي 86 صحيفة، وأخذت الصحف المصرية تتطور تبعاً للعصر الذي تصدر فيه وتتأثر بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية الناتجة عنها وتصدر في ظلها.
وصدر أول تشريع للمطبوعات في مصر أثناء الحملة الفرنسية على مصر، وأصدره الجنرال بونابرت بتاريخ 14/1/1799، ثم تلاه الجنرال عبد الله مينو في أمره الصادر بتاريخ 26/11/1800 بشأن جريدة التنمية. وفي 13/7/1823 أصدر محمد علي الوالي العثماني على مصر، أمراً يحرم طبع أي كتاب في مطبعة بولاق إلا بإذن من الباشا.
وعندما تولى سعيد باشا الحكم أصدر تشريعين لتنظيم المطبوعات، نص أولهما على فرض الرقابة الواقية على المطبوعات، وعدم جواز نشر الصحف دون الحصول على رخصة من ديوان الداخلية، ونص ثانيهما على منع صحف الأجانب في مصر من نشر أي نقد لأعمال الحكومة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1866 تأسس قلم الصحافة والمطبوعات في مصر وألحق بنظارة الخارجية، وكانت مهمته مراقبة الصحف العربية والإفرنجية. وفي 11/12/1870 صدر القانون الهمايوني الذي اعترف بحرية المطبوعات في الدولة العثمانية وسائر ولاياتها. وفي 13/12/1878 تقرر أن تكون الصحف والمطبوعات تابعة لوزارة الداخلية. وفي 26/11/1881 صدر قانون المطبوعات والصحافة، الذي يعتبر بحق أول تشريع يصدر للصحافة في مصر، يرتب شؤونها ويحدد واجباتها ويعلن حقوقها. وقد صدر هذا القانون في 23 مادة نص فيها على وجوب طلب الترخيص قبل إصدار أية صحيفة، كما فرض دفع تأمين قدره مائة جنيه لكل صحيفة، وأعطى الحكومة حق تعطيل أو مصادرة أو قفل الصحيفة بأمر من ناظر الداخلية بعد إنذار، وبقرار من مجلس النظار بدون إنذار، وذلك حفاظاً على النظام والآداب العامة والدين. وأعطى لوزير الداخلية الحق بمنع دخول أية صحيفة أجنبية إلى البلاد.
وقد كفل هذا القانون حرية الرد وألزم صاحب الجريدة أن ينشر بدون أجر الرد الذي يرد إليه من الشخص الذي يحصل التعريض به أو ذكر اسمه في تلك الجريدة خلال الأيام الثلاثة التالية ليوم ورود هذا الرد أو في أول عدد يصدر من هذه الجريدة إذا كان ميعاد صدورها بعد انقضاء هذه الأيام الثلاثة مع عدم الإخلال بما يترتب على تلك المقالة من العقوبات والتعويضات، وأعطى القانون السلطات الإدارية حق تعطيل الصحف من أجل المحافظة على النظام العام أو الدين أو الآداب.
وفي 27/2/1936 صدر مرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات والمطابع في مصر. وفي 24/5/1960 صدر القانون رقم 156 لسنة 1960 لتنظيم الصحافة والذي ينص في مادته الثالثة على أن تؤول ملكية الصحف القومية المحددة في القانون إلى الإتحاد القومي، وذلك حتى تتحقق ملكية الشعب لأداة التوجيه الأساسية وهي الصحافة، وتمكيناً لرسالتها من أن تؤدى على خير وجه تتحقق به أهداف المجتمع الديمقراطي الاشتراكي التعاوني. وقد أضيف بعدها عدد آخر من دور الصحف القومية بالقانون رقم 140 لسنة 1963 والقانون رقم 46 لسنة 1967 والقانون رقم 22 لسنة 1969. وفي24/3/1964 صدر القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية والذي نصت مادته الرابعة على أن تحل اللجنة التنفيذية للإتحاد الاشتراكي محل الإتحاد القومي في كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة له طبقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960. وفي عام 1975 صدر قرار الإتحاد الاشتراكي العربي بإنشاء المجلس الأعلى للصحافة وتحديد اختصاصاته، والذي ينص في مادته الأولى على أن الصحافة في جمهورية مصر العربية سلطة شعبية مستقلة (السلطة الرابعة) تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام وإسهاماً في تكوينه بمختلف وسائل التعبير، وذلك في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين.
وتؤدي الصحافة المصرية دورها حالياً في حرية كاملة كسلطة شعبية محمية بكل الحصانات التي يكفلها لها الدستور، حيث ينص على أن "الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المعين بالقانون"، وتأتي الصحافة بذلك سلطة رابعة عقب السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.
وتنقسم الصحافة في مصر إلى نوعين:
1- الصحف القومية: وهي الصحف التي تصدر حالياً أو مستقبلاً عن المؤسسات الصحفية التي يملكها الإتحاد الاشتراكي العربي أو يسهم فيها، وكذلك وكالة أنباء الشرق الأوسط والشركة القومية للتوزيع، ومجلة أكتوبر، والصحف التي تصدرها المؤسسات التي ينشئها مجلس الشورى.
2- والصحف الحزبية: وفقاً للمادة 13 من قانون الصحافة، تعتبر "حرية إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقاً للقانون" ونصت المادة 19 على أن "ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة للصحف مكفولة طبقاً للقانون".
ووظيفة الصحافة كما بينها القانون هي التعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه وتزويد المجتمع بالمعرفة المستنيرة، والإسهام في ترشيد الحلول الأفضل لما يواجه الوطن والمواطنين، وضمان حق المواطن في المعرفة والاتصال، ويشرف على شؤون الصحافة في مصر مجلس أعلى يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقته بسلطات الدولة.
والمجلس الأعلى للصحافة هو هيئة مستقلة تشرف على شؤون الصحافة بما يحقق حريتها واستقلالها في إطار القانون ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية، ويضم: رئيس مجلس الشورى، ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، ورؤساء تحرير الصحف الحزبية التي تصدر وفقاً لقانون الأحزاب، ونقيب الصحفيين، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ورئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، ورئيس مجلس أمناء إتحاد الإذاعة والتلفزيون، ورئيس نقابة العاملين بالصحافة والطباعة والنشر، ورئيس مجلس إدارة الشركة القومية للتوزيع أو أحد خبراء التوزيع الصحفي، ورئيس إتحاد الكتاب، وعدداً من الشخصيات العامة المهتمة بشؤون الصحافة يختارهم مجلس الشورى، واثنين من المشتغلين بالقانون يختارهما مجلس الشورى أيضاً ومدة عضوية المجلس الأعلى للصحافة أربع سنوات قابلة للتجديد والمجلس بتكوينه هذا وكما حدده القانون يشبه مجلس عائلة للصحافة يلتقون فيه من أجل العمل على حسن أداء رسالتهم المقدسة والحفاظ على كرامتها.
ويتولى المجلس الاختصاصات التالية: إبداء الرأي في مشروعات القوانين التي تنظم شؤون الصحافة؛ واتخاذ كل ما من شأنه دعم الصحافة المصرية وتنميتها وتطويرها، بما يساير التقدم العلمي الحديث في مجالات الصحافة ومدها إقليمياً إلى أوسع رقعة، وله في سبيل ذلك إنشاء صندوق لدعم الصحف، ويصدر المجلس اللائحة المنظمة للصندوق؛ وحماية العمل الصحفي وكفالة حقوق الصحفيين وضمان أدائهم لواجباتهم وذلك كله على الوجه المبين في القانون؛ وإقرار ميثاق الشرف الصحفي والقواعد الكفيلة بضمان احترامه وتنفيذه؛ وضمان حد أدنى مناسب لأجور الصحفيين والعاملين بالمؤسسات الصحفية؛ وجميع الاختصاصات التي كانت مخولة في شأن الصحافة للإتحاد الاشتراكي العربي وتنظيماته، والوزير القائم على شؤون الإعلام والمنصوص عليها في القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين؛ والإذن للصحفي الذي يرغب العمل بصحيفة أو وكالة صحفية أو إحدى وسائل الإعلام غير المصرية داخل جمهورية مصر العربية أو في الخارج أو مباشرة أي نشاط فيها سواء كان هذا العمل بصفة مستمرة أو متقطعة، وذلك بعد حصوله على موافقة الجهة التي يعمل بها؛ واتخاذ كل ما من شأنه توفير مستلزمات إصدار الصحف وتذليل العقبات التي تواجه دور الصحف؛ وتحديد حصص الورق لدور الصحف وتحديد أسعار الصحف والمجلات وتحديد أسعار ومساحات الإعلانات للحكومة والقطاع العام، بما لا يخل بحق القارئ في المساحة التحريرية وفقاً للعرف الدولي؛ والتنسيق بين الصحف في المجالات الاقتصادية والإدارية المقررة في قانون سلطة الصحافة وقانون نقابة الصحفيين، أو فيما يمس حرية الصحافة واستقلالها، وفي الشكاوي المتضمنة مساساً بحقوق الأفراد أو كرامتهم، واتخاذ القرار المناسب في ذلك كله.
وتصدر مؤسسة الأهرام: الأهرام اليومية؛ والأهرام الدولي اليومية؛ والأهرام المسائي اليومية؛ والصناعة والاقتصاد الأسبوعية؛ والأهرام الرياضي الأسبوعية؛ والأهرام الاقتصادي الأسبوعية؛ ومجلة علاء الدين الأسبوعية؛ ومجلة نصف الدنيا الأسبوعية؛ و AL-Ahram weekly الأسبوعية؛ وL'Hebdo الأسبوعية؛ والسياسة الدولية الربع سنوية؛ والتقرير السنوي الإستراتيجي السنوي؛ والشباب وعلوم المستقبل الشهرية؛ وكراسات الأهرام الإستراتيجية كل شهرين؛
ويعمل ضمن مؤسسة الأهرام، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام برئاسة السيد ياسين، ويصدر المركز: السياسة الدولية، والتقرير السنوي الإستراتيجي، وكراسات الأهرام الإستراتيجية.
وتصدر مؤسسة الأخبار: جريدة الأخبار اليومية؛ وأخبار اليوم الأسبوعية؛ ومجلة آخر ساعة الأسبوعية؛ وأخبار الرياضة الأسبوعية؛ وأخبار الحوادث الأسبوعية؛ وأخبار النجوم الأسبوعية؛ وأخبار الأدب الأسبوعية؛ وأخبار السيارات الأسبوعية؛ وكتاب اليوم الشهري؛ وكتاب اليوم الطبي الشهري.
وتصدر دار التحرير للصحافة والنشر: جريدة الجمهورية اليومية، وجريدة المساء اليومية، وجريدة الكورة والملاعب الأسبوعية، وEgyptian gazette اليومية، ومجلة حريتي الأسبوعية.
وتصدر مؤسسة التعاون: جريدة التعاون الأسبوعية، والمجلة الزراعية الشهرية، وجريدة السياسي المصري الأسبوعية. ودار الهلال: مجلة المصور الأسبوعية، ومجلة حواء الأسبوعية، ومجلة الكواكب الأسبوعية، وكتاب الهلال الشهري، وطبيبك الخاص الشهرية. ومؤسسة دار المعارف: مجلة أكتوبر الأسبوعية، ومجلة كمبيوتر الشهرية. ومؤسسة دار الشعب: جريدة رأي الشعب الأسبوعية.
وتصدر الأحزاب السياسية المرخصة في مصر 22 إصدارة دورية تتراوح مابين يومية وأسبوعية وشهرية. والإتحادت المهنية 13 دورية، بينها مجلة الدراسات الإعلامية (مستقلة)، ومجلة الفنون، ومجلة إدارة الأعمال، ومجلة البريد الإسلامي... الخ. والنقابات المهنية 19 دورية، من بينها: مجلة الصحفيون، ومجلة السياحة والفنادق، ومجلة الاتصالات، والمجلة المصرية للعلوم الطبية.... الخ. والجمعيات 37 دورية، منها: المجلة المصرية لجراحة التجميل والإصلاح، ومجلة الهلال الأحمر المصري، ونشرة تنظيم الأسرة، ومجلة الطرق العربية، ومجلة الثقافة الجديدة، ومجلة الثقافة الهندسية، ومجلة عالم البناء، ومجلة الحرفيون، ومجلة رسالة الإسلام، ومجلة رسالة الشباب المسيحي، وغيرها.
ومن الصحف والمجلات والدوريات التي تصدرها الهيئات والمصالح الحكومية: مجلة منبر الإسلام الشهرية؛ ومجلة العمل الشهرية؛ ومجلة الإرشاد الزراعي الشهرية؛ ومجلة علم النفس الربع سنوية؛ ومجلة الإذاعة والتلفزيون الأسبوعية؛ وأخبار المركز القومي للبحوث الربع سنوية؛ ومجلة الشعر الفصلية؛ ومجلة الأزهر الشهرية؛ ومجلة الدفاع الشهرية؛ ومجلة الدفاع الجوي الربع سنوية؛ ومجلة التنمية والبيئة الشهرية؛ ومجلة العلم الشهرية؛ ومجلة المسرح الشهرية؛ ومجلة المجاهد الشهرية؛ ومجلة النصر الشهرية؛ ومجلة الشرق للتأمين الربع سنوية؛ والتكنولوجيا والتسليح الربع سنوية؛ ومجلة الشؤون الإدارية الربع سنوية؛ ومجلة عالم الكتاب الربع سنوية؛ ومجلة القاهرة النصف شهرية؛ ومجلة الهاتف الربع سنوية؛ والجريدة الرسمية الأسبوعية؛ والوقائع الرسمية الأسبوعية؛ ومجلة البترول الشهرية؛ ومجلة الفنون الشعبية الربع سنوية؛ ومجلة أشعار الفصلية؛ والخدمات الاجتماعية الربع سنوية؛ وجريدة حسابات الحكومة الربع سنوية؛ ومجلة التنمية الصناعية الربع سنوية؛ ومجلة الشرطة الشهرية. وتصدر مؤسسات التعليم العالي المصرية 19 دورية، والنوادي 7 دوريات، والشركات الاقتصادية والصناعية 8 دوريات، والسفارات الأجنبية 3 دوريات، ومنظمة اليونسكو 5 دوريات من بينها مجلة العلم والمجتمع، والمجلة الدولية للعلوم الاجتماعية، ومجلة الدراسات الإعلامية. وتصدر بعض وكالات الأنباء العاملة في جمهورية مصر العربية نشرات كوكالة أنباء Reuters التي تصدر نشرة يومية، ووكالة أنباء M.E.N.A التي تصدر نشرة أسبوعية، ووكالة أنباء C.P.R. التي تصدر نشرة يومية. وفي محافظات جمهورية مصر العربية تصدر 54 صحيفة ومجلة ودورية تصدر مابين اليومية والشهرية والنصف سنوية.
وتصدر في المملكة المغربية أكثر من 400 صحيفة يومية وأسبوعية ودورية معظمها باللغة العربية، وتتلقى الصحافة الوطنية بما فيها الصحافة الحزبية المعارضة دعماً مالياً من الحكومة المغربية يبلغ حوالي 5.7 مليون دولار أمريكي سنوياً. وتتبع أجهزة الإعلام الرسمية في المغرب لوزارة الإعلام والداخلية. والصحيفة الرسمية "الأنباء" مسؤولة عن نشر الأخبار والبيانات الرسمية، وهناك أيضاً صحف شبه رسمية، وصحف عربية مؤيدة للحكومة، وصحف معارضة، وصحف معارضة تصدر باللغة الفرنسية وقراؤها من المثقفين المغاربة.
الصحف الصادرة باللغة العربية: الأنباء وهي الجريدة الرسمية، يومية تصدر من عام 1963؛ والصحراء يومية شبه رسمية محدودة التوزيع؛ والاتحاد الاشتراكي يومية معارضة واسعة الانتشار يصدرها الاتحاد الاشتراكي منذ 30/5/1998؛ والعلم يومية إسلامية معارضة واسعة الانتشار يصدرها حزب الاستقلال منذ عام 1946؛ وأنوال يومية معارضة يصدرها حزب منظمة العمل الشعبي الديمقراطي؛ وبيان اليوم يومية معارضة يصدرها حزب التقدم والاشتراكية منذ 0/4/1991؛ والميثاق الوطني يومية معارضة يصدرها حزب التجمع الوطني الديمقراطي منذ أيار/مايو 1978؛ والنضال الديمقراطي يومية محدودة التوزيع يصدرها الحزب الديمقراطي منذ تاريخ 1/1/1984؛ ورسالة الأمة يومية يصدرها حزب الاتحاد الدستوري؛ والحركة يومية يصدرها حزب الحركة الشعبية.
ومن الصحف المغربية التي تصدر باللغة الفرنسية: لوبنيون التابعة لصحيفة العلم؛ ولوماتان الصحراء التابعة لصحيفة الصحراء؛ وماروك ستار التابعة لصحيفة الصحراء؛ والبيان التابعة لصحيفة بيان اليوم وتأسست في 22/11/1972؛ وليبراسيون التابعة لصحيفة الاتحاد الاشتراكي.
والصحافة في موريتانيا تتمتع بالحرية الصحفية وتوجه للحكومة الموريتانية الانتقادات بما لا يتعارض مع القوانين المعمول بها. ويوجد في موريتانيا عدد كبير من الصحف تقدر بحوالي 40 صحيفة، يصدر منها بشكل دوري حوالي 10 صحف، منها: جريدة الشباب اليومية، ومقرها نواكشوط، وتشرف عليها الوكالة الموريتانية للإعلام؛ ونشرة الغرفة التجارية الموريتانية، التي تصدرها الغرفة التجارية الموريتانية؛ وجريدة البياني المستقلة، وتصدر من عام 1991؛ والجريدة الرسمية Journal officiel، وهي صحيفة حكومية نصف شهرية، تصدرها وزارة العدل؛ وجريدة موريتانيا دومان، "موريتانيا الغد"، وهي صحيفة شهرية مستقلة؛ وجريدة الشعب Le people، وهي صحيفة نصف شهرية تصدر باللغتين العربية والفرنسية؛ وجريدة الأخبار التي تصدر في نواكشوط باللغة العربية؛ وجريدة الأفق، وجريدة إفي ابدو، ولوكالامي.
وبعد قيام ثورة الإصلاح الوطني في السودان عام 1989، بدأت الحكومة بتشجيع الملكية الجماعية للصحف، وأصدرت جملة من التشريعات التي أصبحت مرجعاً للعمل الصحفي في السودان. وفي عام 1996 صدر قانون جديد للصحافة، وتم إنشاء الدار الوطنية للطباعة.
ويصدر في العاصمة السودانية الخرطوم في الوقت الحاضر عدد من الصحف اليومية، منها: السودان الحديث وهي حكومية تأسست عام 1989، وتوزع 40 ألف نسخة؛ والإنقاذ الوطني وهي حكومية تأسست عام 1989، وتوزع 40 ألف نسخة؛ وأخبار اليوم وهي مستقلة موالية للحكومة، وتوزع 30 ألف نسخة؛ والرأي الآخر غير حكومية تصدرها مؤسسة صحفية خاصة؛ والرأي العام غير حكومية تصدرها مؤسسة صحفية خاصة؛ وأخبار الناس غير حكومية تصدرها مؤسسة صحفية خاصة؛ وأخبار المجتمع غير حكومية تصدرها مؤسسة صحفية خاصة؛ وألوان غير حكومية تصدرها مؤسسة صحفية خاصة؛ وظلال غير حكومية تصدرها من عام 1990 مؤسسة صحفية خاصة؛ ونيو هورايزون حكومية، وتوزع 5 آلاف نسخة؛ والنصر حكومية تأسست عام 1992، وتوزع 20 ألف نسخة؛ وسوداناو حكومية شهرية تصدرها وكالة السودان للأنباء منذ عام 1993؛ ودار فور الجديدة حكومية أسبوعية تصدر منذ عام 1994؛ وصحيفة الشارع الرئيسي تصدر عن شركة دار البلد؛ وصحيفة الأسبوع تصدرها شركة دار الأسبوع؛ وجريدة الصحافة تصدرها شركة الإعلاميات؛ وصحيفة الصحافي الدولي تصدرها شركة الصحافي للطباعة والنشر؛ وصحيفة الأنباء تصدرها شركة الدار الوطنية، وهي شركة مساهمة تملك الدولة نصف أسهمها تقريباً.
وإلى جانب هذه الصحف، يصدر في السودان عدد من الصحف الاجتماعية والرياضية، مثل: الدار، والحدث، والقمة، ونجوم الرياضة، وعالم النجوم، وقوون ومونديال، والهدف، والكورة. وعدد من المجلات الشهرية، منها: بلادي، والمقدمة، والأسرة، ومجلة الشباب والرياضة، ومجلة أسرتي. إضافة لعدد من الدوريات المتخصصة في الاقتصاد والأدب والثقافة والفكر.
ووسائل الإعلام الجماهيرية الكينية مرت مثلها مثل جميع دول القارة الإفريقية بثلاث مراحل رئيسية، هي: مرحلة الاستعمار، وكانت كينيا خلالها من أوائل الدول الإفريقية التي ظهرت فيها الصحافة المطبوعة من خلال صحيفة ستاندارد، التي أنشأها المستعمرون البريطانيون عام 1902، ولا تزال نسبة كبيرة من أسهمها مملوكة لشركة لونرو البريطانية؛ وشهدت مرحلة ما بعد الاستقلال عام 1963 صدور عدد كبير من الصحف والمجلات، وتأسيس وكالة الأنباء الكينية؛ ومرحلة تطبيق نظام التعددية الحزبية وظهور المعارضة السياسية والمطالبة بالمزيد من حرية الرأي التي بدأت عام 1992، ورافقها تنبه المجتمع الكيني لأخطار الغزو الثقافي والإعلامي القادم من الخارج، ومنحت الحكومة الكينية خلال الأعوام الماضية العديد من تصاريح إصدار الصحف للأفراد والمنظمات غير الحكومية. ومن أهم دور النشر في كينيا، مجموعة "نيشن" التي تصدر أهم الصحف اليومية الأكثر انتشاراً في شرق إفريقيا. وهي المجموعة التي أسسها عام 1960 كريم الدين أغا خان الذي نشأ وتربى في كينيا، ويملك 41 % من أسهمها، ويدير المجموعة مجلس إدارة منتخب.
وتصدر في كينيا اليوم الصحف التالية: ديلي نيشن يومية باللغة الإنكليزية، وتوزع 4 ملايين نسخة؛ وصنداي نيشن الأسبوعية باللغة الإنكليزية، وتوزع 500 ألف نسخة؛ وتايفا ليو اليومية باللغة السواحيلية، وتوزع 50 ألف نسخة؛ وايست أفريكان الأسبوعية باللغة الإنكليزية، وتوزع 50 ألف نسخة؛ وستاندرد وتعتبر أقدم صحيفة يومية صدرت في شرق إفريقيا عام 1902، وكانت تمتلكها شركة لونرو العالمية البريطانية الجنسية حتى عهد قريب، ولهذا اعتبرت من الصحف المستقلة؛ وايست أفريكان ستاندرد يومية، وتوزع حوالي 80 ألف نسخة؛ وصنداي ستاندرد يومية، وتوزع حوالي 90 ألف نسخة؛ وكينيا تايمز يومية ناطقة باسم حزب كانو الحاكم، وتوزع حوالي 20 ألف نسخة؛ وصنداي تايمز يومية، وتوزع 25 ألف نسخة؛ وبيبول وهي صحيفة يومية مستقلة يملكها كينيث ماتيبا، وتهتم بالموضوعات التي تهم أبناء قبيلة الكيكيو التي ينتمي إليها ماتيبا. ومن أهم المجلات: مجلة ANALIST وتهتم بالموضوعات التحليلية والقضايا ذات الأهمية على ساحة الأحداث؛ وALTERNATIVES وهي مجلة سياسية اقتصادية وتهتم بالموضوعات الإفريقية وتصدر كل شهرين؛ وMARKET INTELLIGENCE أسبوعية وتهتم بقضايا السوق ورجال الأعمال؛ وPOST أسبوعية تصدر كل يوم أحد.
شكلت الحكومة الغانية في عام 1992 لجنة لتنظيم عمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وفقاً لمواد الدستور التي تنص على حرية التعبير والصحافة، ويصدر فيها حالياً عدد لا بأس فيه من الدوريات الحكومية اليومية والأسبوعية والربع سنوية منها: ديلي غرافيك يومية، وتصدر من عام 1950، بـ 100 ألف نسخة؛ وجانيان تايمز يومية تصدر منذ عام 1958، بـ 40 ألف نسخة؛ وتشامبيون أسبوعية تصدر 30 ألف نسخة؛ واكسبيريانس أسبوعية تصدر 60 ألف نسخة؛ وتشانيان فويس أسبوعية تصدر 100 ألف نسخة؛ وغرافيك سبورت أسبوعية تصدر 60 ألف نسخة؛ ونيو نيشين أسبوعية تصدر 30 ألف نسخة؛ وسبورتينغ نيوز أسبوعية تصدر منذ عام 1967؛ وويك إند أسبوعية تصدر 40 ألف نسخة؛ ونيو غانا أسبوعية تصدرها هيئة الاستعلامات الغانية؛ وليجون أوبزرفر أسبوعية تصدرها هيئة شؤون الدولة منذ عام 1966؛ وإندبندنت تصدر باللغة الإنجليزية مرة كل أسبوعين؛ وإيديال ومن، تصدر مرة كل أسبوعين من عام 1971؛ وأفريكان فلامينغو تصدر مرة كل أسبوعين، بـ 50 ألف نسخة؛ وأفريكان ومن، تصدر مرة كل أسبوعين؛ وغانا جورنال أوف ساينس تصدر مرة كل أسبوعين عن مؤسسة غانا العلمية؛ وذا بوست تصدرها هيئة الاستعلامات الغانية مرة كل أسبوعين منذ عام 1980، بـ 25 ألف نسخة؛ وستودينت ورلد مجلة تعليمية متخصصة تصدر مرة كل أسبوعين منذ عام 1974، بـ 10 ألف نسخة؛ وبوليس نيوز تصدر مرة كل أسبوعين، بـ 20 ألف نسخة؛ وراديو إند تي في تايمز تصدرها هيئة الإذاعة الغانية مرة كل ثلاثة أشهر.
وتصدر في العاصمة السنغالية داكار العديد من الصحف منها: لو سولي يومية رسمية تصدر باللغة الفرنسية منذ عام 1970، بـ 50 ألف نسخة؛ ورفر دو أفريك نوار يومية تصد منذ عام 1986؛ وسود أوكوتبدان يومية تصدر 30 ألف نسخة؛ والفجر (إسلامية) يومية تصدر 15 ألف نسخة؛ وأفريك نوفل أسبوعية كاثوليكية موالية للحكومة؛ وستاديوم أسبوعية رياضية؛ والصحيفة الرسمية لجمهورية السنغال Journal officiel de La Republique du senegal أسبوعية؛ ولو تيموا صحيفة أسبوعية مستقلة؛ ولو بوليتسيان نصف شهرية مستقلة تصدر من عام 1989؛ وريبوبليك نصف شهرية مستقلة؛ وأفريكو ديكومينت شهرية؛ وأفريكا شهرية صدر 20 ألف نسخة؛ وأفريكو ميديكال شهرية تصدر من عام 1960، بسبعة آلاف نسخة؛ وإثيوبيكو شهرية حزبية تصدر منذ عام 1972؛ وأمينة، شهرية تهتم بشؤون المرأة؛ وبينغو شهرية تصدر منذ عام 1952، بـ 11 ألف نسخة؛ وسوبي شهرية ناطقة باسم الحزب الديمقراطي؛ ولا لوت شهرية حزبية تصدر منذ عام 1977؛ وميمساريو شهرية حزبية تصدر منذ عام 1958؛ ولويس أفريكان شهرية مستقلة؛ والسنغال اليوم شهرية تصدر عن وزارة الإعلام؛ وسينيغال إندوستري شهرية؛ ولونبت أفريكان شهرية.
وفي الختام نستطيع القول أن الصحف والمجلات الدولية تعد من الوسائل الهامة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، نظراً للإمكانيات الهائلة التي تملكها، سواء أكانت تلك الإمكانيات تقنية أم بشرية، أم مالية، إضافة للعدد الضخم من النسخ التي تصدرها وتوزعها في مختلف دول العالم مقارنة بالصحف الصادرة في الدول النامية، وما يترتب عن هذا التوزيع من نتائج سياسية لصالح الدول المصدرة داخل الدول المستوردة. وتعتبر الصحف والمجلات الدولية واسعة الانتشار، من الوسائل الفاعلة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول الواقعة تحت تأثير دول أخرى بأي شكل من الأشكال، وهي من الوسائل التي تلجأ إليها مختلف المؤسسات والجماعات للاستفادة من خدماتها لتحقيق أغراضها الثقافية والسياسية والاقتصادية المختلفة. وكان من الطبيعي أن يؤدي تركيز السلطة الإعلامية الدولية في بعض الدول المتقدمة خلال ثمانينات القرن العشرين إلى خلق تيار عالمي جديد أصبحت معه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والمصالح الإعلامية خاضعة لسلطة الاتحادات الدولية التي ظهرت نتيجة للتركيز في حالات كثيرة، وبدأت تغزو الساحة الإعلامية العالمية وتسيطر على حركتها، وخاصة من خلال سيطرة تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، التي شهدت تسعينات القرن العشرين انطلاقة حقيقية لثورة علوم الإلكترونيات الدقيقة، ورافقها اندلاع الثورة المعلوماتية وتدفق المعلومات عبر مصادر عديدة، وهي التي أتاحت للإنسان في أي مكان من العالم، إمكانية استقاء المعلومات وحرية تداولها، ومتابعة الأحداث والتطورات فور وقوعها. وقد تفوق البث الإذاعي المرئي المباشر، الذي يستخدم الأقمار الصناعية والكوابل والألياف الضوئية، ذات القدرات الفنية الهائلة، في التسابق الهائل الحاصل مع الصحف المطبوعة في نقل الأحداث ببث مباشر وتغطية التطورات، التي تجري في أي مكان من العالم، لحظة بلحظة، الأمر الذي وضع الصحافة المطبوعة في العالم كله في مأزق الصراع من أجل البقاء. والتحدي المطروح أمام وسائل إعلام الدول النامية اليوم وفق آراء الباحثين هو ضرورة اللحاق بثورة تكنولوجيا العصر، بالسرعة اللازمة والكفاءة المميزة، وإلا تخلفت عن سوق المنافسة، مع صحافة الدول المتطورة، وتخلفت أكثر في مواجهة وسائل الإعلام الإلكترونية، وخاصة وسائل البث الإذاعي المرئي المباشر. وهذا يتطلب من الدول النامية في العالم، والدول الأقل تطوراً، ضرورة إعادة النظر وبعمق، في مفهوم المجتمع لرسالة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وعلاقتها بنظم الحكم المتغيرة والمتتالية في البلدان النامية، وطبيعة مهمتها في ظل المتغيرات المتعاقبة ونوعية القوانين التي تحكم هذه العملية التفاعلية. لتكون أداة أمن واستقرارا لتلك الدول في عالم تعصف فيه متغيرات سريعة. ولعل في الخبرة اليابانية ما يستحق الدراسة للتعرف على الطريقة التي تتوجه من خلالها الصحافة اليابانية بشكل عام إلى كافة الشرائح الاجتماعية دون تمييز، ضمن الإطار المقبول في المجتمع الياباني، وخدمتها للقضايا السياسية التي تضمن تطور المجتمع الياباني وتحملها للمسؤولية التي يفرضها عليها الضمير الصحفي دائماً، وتركيزها منذ أربعينات القرن الماضي على حل العوائق التقنية بدلاً عن حملات الصد والرد التي تلهيها عن أداء دورها الاجتماعي الوطني على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية دون التنازل عن ذرة من مصالحها الوطنية.
وكالات الأنباء العالمية
ودورها في تحديد أطر السياسات الخارجية وتنفيذها
تعتبر وكالات الأنباء العالمية من المصادر الهامة للأنباء الدولية التي تعتمد عليها وسائل الإعلام الجماهيرية لإعداد موادها عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم المتغيرات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية. خاصة وأن الكثيرين يعتبرون وكالات الأنباء العالمية جزء لا يتجزأ من سياسات القوة التي تعتمد عليها القوى العظمى لتحقيق جزء هام من سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء مختلفة من العالم. وتعتبر فرنسا المهد الذي رأت فيه أول وكالة أنباء عالمية النور عام 1845، والتي أشار لدورها الهام أنوريه دي بلزاك في مقالة كتبها عام 1840 ونشرتها إحدى المجلات الباريسية "بأن الجمهور يمكن أن يصدق أنه يوجد صحف كثيرة، ولكن في الحقيقة لا توجد سوى صحيفة واحدة..... فللسيد هافاس مراسلين في العالم بأسره، وتصله الصحف من بلدان مختلفة في الكون، وهو الأول.... لأن كل الصحف الباريسية امتنعت، لأسباب مادية عن العمل لحسابها تجنباً للمصاريف، ولكن المصاريف التي يتحملها السيد هافاس هي أكبر، ولهذا كان له الاحتكار. وكل الصحف التي امتنعت في الماضي عن ترجمة الصحف الأجنبية، وعن اعتماد مراسلين لها في الخارج، تتلقى اليوم المساعدة من السيد هافاس الذي يزودها بالأخبار الأجنبية في ساعة محددة لقاء مبلغ شهري .... وتقوم كل صحيفة بصبغ تلك الأخبار التي يرسلها السيد هافاس إليها باللون الأبيض أو الأزرق أو الأخضر أو الأحمر....". ويعتبر شارل هافاس اليهودي الفرنسي، أول من أطلق اسم وكالة أنباء على الوكالة التي حملت اسمه أي وكالة هافاس، في باريس عام 1845، وكانت أول وكالة تمارس تجارة الأخبار والإعلانات في العالم. وقد استفاد هافاس من الخبرة التي تكونت لدى الصرافين في مراسلاتهم منذ القرن السادس عشر، واستفاد خاصة من الحادثة التي سمحت لأسرة روتشيلد التي كانت تمارس المراسلة مع الصرافين، أن تصبح من الأسر الثرية عندما علمت بخبر انتصار إنكلترا في معركة واترلو قبل حكومة ملك إنكلترا بثمان ساعات. كما استفاد هافاس من الموقع الهام لمكتبه الذي افتتحه عام 1832، وسط العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من مركز البريد، وبورصة باريس التجارية، والمحكمة، ومقرات الصحف الباريسية. ومنذ عام 1857 أخذت وكالة هافاس تتمتع بشهرة واسعة، تتناسب وشعارها (المعرفة الجيدة والسريعة)، واستعملت وكالة هافاس كل الوسائل المتاحة آنذاك للقيام بعملها، من استخدام الحمام الزاجل في الاتصالات اليومية بين باريس، ولندن، وبروكسل، إلى استخدام التلغراف الذي أخترع عام 1837، ووضع في الخدمة العامة عام 1850، وعبر الكبل البحري الذي امتد تحت مياه بحر المانش عام 1851، وتحت المحيط الأطلسي عام 1866، واستخدمت كذلك التيليسكربتور في عام 1880. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية وريثة وكالة هافاس أول من استخدم الراديو تيليسكربتور في العالم عام 1950. وعندما عانت وكالة هافاس من أزمة مالية حادة، أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، في ثلاثينات القرن العشرين، قامت الحكومة الفرنسية بالتدخل لمساعدتها مادياً.
ولما انهزمت فرنسا أمام ألمانيا النازية مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقعت وكالة هافاس تحت السيطرة الألمانية، وحكومة فيشي الفرنسية الخاضعة لألمانيا، ووضعت تحت إشراف الديوان الفرنسي للإعلام، وخضعت لرقابة الحكومة الفرنسية وجماعة تجارية ألمانية اعتباراً من خريف عام 1940. في نفس الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة الفرنسية الحرة من لندن مقراً لها تقود منها المقاومة ضد النازية، وليتحول بذلك مكتب وكالة هافاس في لندن وبعض مكاتبها الأخرى في العالم إلى أداة من أدوات كفاح حكومة فرنسا الحرة والحكومة المؤقتة في الجزائر ضد الاحتلال النازي. وبعد هزيمة النازيين وتحرير فرنسا من احتلالهم عام 1944، صدر مرسوم عن الحكومة الفرنسية بتاريخ 30/9/1944 يقضي بإنشاء وكالة الأنباء الفرنسية AFP، كوريثة لما تبقى من وكالة هافاس، وتمتعت من الناحية القانونية باستقلالها كمؤسسة عامة مستقلة مالياً، مع إمكانية حصولها على إعانات مالية من الحكومة الفرنسية. وفي عام 1954 ترأس وكالة أنباء AFP جان ماران، وكان يعمل فيها آنذاك نحو 2000 موظف و700 صحفي، ولها 18 مكتباً في فرنسا، و92 مكتباً في الخارج، ومراسلين في 157 دولة، وكانت توزع حوالي 500 ألف كلمة يومياً، إضافة لمصالحها في 138 دولة، و12400 مشتركاً بين صحيفة ومحطة إذاعية ومحطة تلفزيونية، و447 مشتركاً خاصاً. ووزعت وكالة أنباء AFP أنباءها باللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والألمانية والعربية والبرتغالية. إضافة لامتلاكها مراكز استماع للإذاعات الأجنبية، وخاصة إذاعة موسكو وبعض الدول الشرقية، والشرق الأوسط والشرق الأقصى. وكان مركزيها في ليما وسنغافورة يرسلان الأنباء الهامة مباشرة للمشتركين في أمريكا اللاتينية وقارة آسيا دون الحاجة لإرسالها عبر باريس. وحققت أعمال وكالة أنباء AFP عام 1967 نتائج بلغت 89.811.600 فرنك فرنسي، في الوقت الذي كانت فيه ميزانيتها لذلك العام لا تزيد عن 50 مليون فرنك فرنسي فقط. وحسب مصادر وكالة أنباء AFP فهي تنقل الأنباء بصدق وموضوعية، وتتسم بطابع استقلالي. ولكن المتابعة الموضوعية لما تنشره فعلاً يظهر بوضوح أنها وسيلة من وسائل السياسة الخارجية الفرنسية، من خلال تركيزها على نقل الأخبار وفق الأولويات التي تراها مناسبة لها، وبما يتناسب والمواقف الفرنسية، ومما ساعدها على الانتشار الواسع في العالم الخبرة الطويلة التي تكونت لديها، والمناخ السياسي السائد في فرنسا، وإمكانياتها المادية والتقنية وقدرات السياسة الخارجية الفرنسية، إضافة لدعم الحكومة الفرنسية.
أما في بريطانيا فقد افتتح عام 1851 جوليوس رويتر اليهودي الألماني الذي اكتسب الجنسية الإنكليزية عام 1857، وتعلم في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً للأنباء في لندن كشركة تجارية عادية، وسرعان ما تحول هذا المكتب إلى وكالة للأنباء ووسيلة هامة من وسائل السياسة الخارجية البريطانية، الأمر الذي ظهر جلياً واضحاً إبان الحرب العالمية الثانية. واستفاد رويتر من مد الكبل البحري بين دوفر وكالي، ليوفر عامل السرعة في إرسال واستقبال الأنباء. ومن ثم حصوله على موافقة سرية أثناء الحرب الأمريكية لمد كبل بحري عبر المحيط الأطلسي ربط بين مينائي كروك، وكروكابين على ساحل إيرلاندا، وسير سفناً أبحرت بمحاذاة السفن الأمريكية لتلتقط محافظ الأخبار الجاهزة منها وإيصالها لمراكز التلغراف التابعة له موفراً بذلك حوالي ثمان ساعات من الطرق المألوفة آنذاك. وأطلق على تلك الطريقة اسم التلغراف الناقص. وهي الفكرة التي استفادت منها الصحافة الأمريكية عندما أنشأت كبريات الصحف في نيويورك أول وكالة للأنباء واتفقت مع سفن الركاب المتوجهة عبر المحيط الأطلسي لالتقاط الأخبار الواردة من أوروبا عام 1848 بسرعة أكثر من انتظارها في نيويورك. ومنذ عام 1941 تحولت وكالة رويتر للأنباء إلى مؤسسة مستقلة "تروست" وفق المفهوم البريطاني. وضم هذا التروست: نيوزبيبر بروبيتورز أسوسيشن، وشركة الصحف اللندنية، وشركة الصحافة، وشركة الصحافة الجهوية، وشركة الصحافة الاسترالية، وصحافة نيوزيلندة، وتعاونية الصحف الاسترالية والنيوزيلندية. ومعنى ذلك أن وكالة رويتر كانت ملكاً غير قابل للتجزئة لعموم الصحف في المملكة المتحدة، باستثناء الصحافة الشيوعية غير الممثلة في تلك الشركات، وعمل في الوكالة آنذاك نحو 2000 موظف و 500 صحفي، وكان لها 75 مكتباً في 69 دولة، وكانت توزع حوالي 1.3 مليون كلمة في اليوم على 6500 مشتركاً و4770 صحيفة في 120 بلداً في العالم. وكانت تملك أكثر مراكز الرصد الإذاعي في العالم، وأوسع خط للتيليسكربتور في العالم، يبلغ طوله 990.700 كلم حتى عام 1967 بامتياز استخدام نافذ لمدة خمسين عاماً. ومنذ عام 1961 استخدمت الكبل البحري الممتد تحت مياه المحيط الأطلسي بين لندن ونيويورك. وأثناء الحرب العالمية الثانية تعرضت وكالة رويتر لأزمة مالية حادة، دعت الحكومة البريطانية لتقديم المساعدات لها، إلا أنها سرعان ما استغنت عن تلك المساعدات. ويقول الرسميون في وكالة رويتر، أن وكالتهم هي مؤسسة تمثل الصحافة البريطانية أساساً، وأنها تتوخى الموضوعية والدقة في أخبارها، ولكن تحليل مضمون موادها الإعلامية يبين أنها وسيلة من الوسائل الفعالة للسياسة الخارجية البريطانية، وأنها كسائر وسائل الإعلام الجماهيرية البريطانية تستخدم أساليب غاية في الدقة لإخفاء نواياها الحقيقية، الأمر الذي يساعدها على القول بأنها تعمل بموضوعية.
وفي العاصمة الألمانية برلين افتتح اليهودي الألماني برنارد وولف الذي تتلمذ في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً صحفياً له أطلق عليه اسمه عام 1849. ومن ثم أنشأ خط تلغراف للدولة البروسية ربط بين برلين وأكس لاشبال، وبقيت وكالة وولف للأنباء أكبر وكالة أنباء في أوروبا حتى هزيمة ألمانيا النازية على أيدي الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وكانت هذه الوكالة واحدة من أكثر الوسائل الفعالة من بين وسائل تنفيذ السياسة الخارجية الألمانية، وخاصة أثناء العهد النازي، حيث أثبتت تفوقها حتى على وكالة معلمه هافاس الفرنسية. وانتهت هذه الوكالة بهزيمة ألمانيا النازية، لتحل محلها وكالة الصحافة الألمانية DPA التي تأسست عام 1949 في هامبورغ كشركة تعاونية يملكها ناشري الصحف ومحطات البث الإذاعي، على قاعدة وكالة الأنباء DENA في المنطقة الخاضعة للولايات المتحدة الأمريكية من ألمانيا، ووكالة الأنباء DPD في المنطقة الخاضعة لبريطانيا، ووكالة الأنباء SUEDENA في المنطقة الخاضعة لفرنسا، وافتتحت 46 مكتباً لها في ألمانيا و70 مكتباً في الدول الأجنبية. وحصلت DPA من مراسليها في ألمانيا ومختلف العواصم العالمية يومياً على 200 ألف كلمة وزعت منها الثلث على مشتركيها عبر شبكتها الإلكترونية للتوزيع، لتصبح بذلك وسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية، وفق الدور المسموح لها به في السياسة الدولية. وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي، وحلف وارسو، والمنظومة الاشتراكية، وهدم جدار برلين الشهير، وانضمام الأراضي الشرقية التي كانت تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية إلى ألمانيا الاتحادية في مطلع تسعينات القرن العشرين، جرت محاولة فاشلة خلال صيف 1990 لدمج وكالة الأنباء DPA مع منافستها وكالة أنباء جمهورية ألمانيا الديمقراطية ADN، وفي عام 1992 سلم مجلس الوصاية وكالة الأنباء ADN لبولكو هوفمان صاحب Effectenspiegel A G في دوسلدورف، والذي يملك أيضاً القسم الأكبر من رأس مال وكالة: DEUTSCHER DEPESCHEH – DIENST لتصبح بذلك وكالة الأنباء الألمانية DPA، ووكالة ADN، ووكالة DDP (DEUTSCHE DEPESCHEN - DIENST) من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، إلى جانب وكالات الأنباء الدينية EPD وKNA وVWD.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كونت بعض الصحف الأمريكية عام 1848 بنيويورك جمعية أطلقت على نفسها اسم جمعية أخبار الميناء، لتستفيد من خدماتها الإخبارية. وفي عام 1856 تبدل اسم هذه الجمعية إلى نيويورك أسوشيتد بريس AP وتبع ذلك قيام عدد من وكالات الأنباء الصغيرة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الهدف من إقامة تلك الوكالات، الاقتصاد في نفقات الحصول على الأنباء، وأدى اتجاه هذه الوكالات نحو التركيز إلى نشوء الاحتكارات الإعلامية داخل السوق الأمريكية. ويشترك في عضوية مجلس إدارة AP عدد من ممثلي الصحف والإذاعات الأمريكية، طبقاً لإسهاماتهم المالية، ويتكون مجلس الإدارة من 18 عضواً يتم انتخابهم مرة كل ثلاث سنوات، ويعين هذا المجلس المدير العام للوكالة. وتعمل الوكالة بشكل مستقل معتمدة في مواردها المالية على اشتراكات المشتركين فيها، وكان لها 34 مكتباً رئيسياً دائماً، ومئات المكاتب الصغيرة، وكانت تملك 600 ألف كم من خطوط التلغراف عبر أكثر من 100 دولة في العالم، وبلغ عدد موظفيها 7500 موظفاً، وتشكلت الوكالة أساساً على شكل جمعية تعاونية دون أهداف معلنة، وبلغ عدد المشتركين فيها 1778 صحيفة ومجلة أمريكية، و2042 محطة إذاعية مسموعة ومرئية، وكانت توزع في اليوم أكثر من 3 ملايين كلمة، على 8500 مشترك في العالم. وفي عام 1958 اندمجت كلاً من: وكالة يونايتيد بريس أسوسييشين. التي تأسست عام 1907 نتيجة لاندماج عدد من وكالات الأنباء الأمريكية المحلية، ولم تشترك هذه الوكالة منذ تأسيسها في الاحتكار الدولي للأنباء مفضلة العمل بحرية داخل سوق الأنباء العالمية، كجمعية تعاونية (شركة تجارية)؛ ووكالة إنترناشيونال نيوز سيرفيس. التي تأسست عام 1909 وكانت عضواً في الاحتكار الدولي للأنباء؛ وشكلتا مع بعضهما بعد الدمج وكالة اليونيتيد بريس إنترناشيونال UPI كمؤسسة تجارية عادية، لها 148 مكتباً في الولايات المتحدة الأمريكية، و100 مكتباً موزعة في مختلف دول العالم. وبلغ عدد موظفيها حوالي 10 آلاف موظفاً. ووزعت أكثر من 4 ملايين كلمة في اليوم إلى 114 دولة في أنحاء العالم بـ 48 لغة. إضافة لامتلاكها لقناة خاصة لتوزيع الصور الفوتوغرافية (أونيفاكس) تعمل على مدار الساعة. وبلغ عدد مشتركيها 3609 صحف، و2325 محطة إذاعية مسموعة و528 محطة إذاعية مرئية، و622 مشتركاً خاصاً، وتعتبر وكالات الأنباء الأمريكية أداة فعالة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، بفضل الانتشار العالمي الواسع الذي تتمتع به، ولاعتماد الكثير من وسائل الإعلام الجماهيرية في شتى أنحاء العالم عليها كمصدر لتلقي الأخبار العالمية. وهو ما أثبتته دراسات تحليل المضمون التي تناولت خدمات تلك الوكالات، حيث تبين أنها تعرض مختلف الموضوعات وفقاً لمفهوم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، والأولويات التي تطرحها تلك السياسة، ومن خلال متابعتها لتطورات الأحداث من خلال الخبر والتعليق، واستخدام مصطلحات Semantics. ومن المعروف أن وكالات الأنباء العالمية توزع أخبارها وفقاً لأولويات سياستها الإعلامية الخاصة، فإذا كان هناك خبراً عاجلاً وضعت في مقدمته عبارة Snap أو Urgent التي ترتبط بالأصوات العالية التي تحدثها أجراس أجهزة استقبال الأخبار، بقصد التنبيه لأهمية الخبر، وأثبتت دراسات تحليل المضمون أن هذا التوزيع كان مطابقاً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في أكثر الحالات المدروسة. وهذا يعني أن وكالات الأنباء العالمية الأمريكية تعتبر أداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، وتعكس الأدوات الأخرى التي تعتمد عليها السياسة الخارجية الأمريكية، إضافة لتمتع وكالات الأنباء بخصائص إضافية منها تعدد المصادر التي تستقي منها الأخبار، ومنافستها لغيرها من وكالات الأنباء العالمية في الحصول على الأخبار، وتوزيعها لتلك الأخبار على مشتركيها قبل حصول الوكالات المنافسة على تلك الأخبار. وهو ما يعرف في عالم الصحافة بالسبق الصحفي. إضافة لتمتع وكالات الأنباء الأمريكية بقدرات مالية وتكنولوجية هائلة، وكوادر مؤهلة كفوءة تجعل منها أكثر قدرة على التنافس من وكالات الأنباء العالمية في دول العالم الأخرى.
ومن الناحية التاريخية نرى أن وكالة الأنباء الفرنسية هافاس Havas، ووكالة الأنباء البريطانية رويتر Reuter، ووكالة الأنباء الألمانية وولف Wolff، قامت بتقسيم العالم قبل أكثر من قرن ونيف من الزمن إلى مناطق نفوذ إعلامية، تمشياً مع السياسات الاستعمارية التي كانت تتبعها آنذاك الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وبروسيا وبريطانيا، الشركاء الثلاثة في الاحتكار الدولي للأنباء، وكان همهم الوحيد آنذاك الحصول على الربح ودعم الحكومات المتعاونة معها في الداخل والخارج، وتقدم لها المساعدة والمؤازرة للاحتفاظ بالسلطة والأوضاع الراهنة. واتفقت وكالات الأنباء الثلاث على تنسيق أعمالها عام 1856 لتجنب المنافسة، وتحقيق معدلات عالية من الربح، وتزايد الاحتكار الدولي للأنباء بعد توقيع اتفاقية الأنباء بينهم عام 1870 وقاموا بتقسيم العالم إلى عدد من مناطق النفوذ، يكون لكل منها وكالة أنباء معينة لها الحق الكامل في جمع وتوزيع الأنباء. وعلى هذا الأساس منحت وكالة الأنباء الألمانية وولف حق السيطرة على جمع ونقل الأنباء من وإلى ألمانيا والنمسا وهولندا واسكندينافيا والإمبراطورية الروسية والبلقان، وكانت وكالة أنباء فيينا آنذاك تابعة لوكالة الأنباء الألمانية وولف. بينما منحت وكالة الأنباء الفرنسية هافاس نفس الحق في إيطاليا، وسويسرا، وإسبانيا، والبرتغال، وأمريكا الوسطى والجنوبية، ومصر بالتعاون مع وكالة الأنباء البريطانية رويتر. ومنحت وكالة الأنباء البريطانية رويتر نفس الحقوق في الإمبراطورية البريطانية والشرق الأقصى والإمبراطورية العثمانية، ومصر بالاشتراك مع وكالة الأنباء الفرنسية هافاس، أما وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتد بريس التي كانت عضواً صغيراً في الاحتكار الدولي فمنحت نفس الحقوق داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط. بينما اعتمدت وكالة الأنباء الروسيةThe Russian Telegraph Agency على وكالة الأنباء الألمانية وولف. ورغم تمتع وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتد بريس بعد إعادة تنظيمها، بكامل العضوية في هذا الاحتكار الدولي، خلال السنوات العشر الأولى من القرن العشرين، إلا أنها لم تحقق نجاحاً ملحوظاً أمام منافسة شركائها في الاحتكار، ورفضت طلب الصحف الأمريكية الجنوبية للتعاون معها بعد أن ضاقت تلك الصحف ذرعاً من الدعاية الفرنسية والأنباء التي كانت تزودها بها وكالة الأنباء الفرنسية هافاس.
وبدأ الاحتكار بالتداعي عندما بدأت وكالة الأنباء الأمريكية اليونيتيد بريس التي لم تدخل في عضوية الاحتكار العالمي للأنباء، بمنافسة وكالة الأسوشيتد بريس، في سوق الأنباء العالمية، ودخولها سوق أمريكا الجنوبية، فما كان من الاحتكار الدولي إلا أن منح وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتد بريس العضو في الاحتكار حق السيطرة المطلقة على تلك السوق، واستمرت تلك الحال حتى مطلع ثلاثينات القرن العشرين حين خرقت وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتد بريس الاتفاق المبرم مع الاحتكار الدولي، وبدأت باستغلال السوق اليابانية الغنية متحدية بذلك الاحتكار القائم لوكالة الأنباء البريطانية رويتر فيها. وأظهرت بعض الدراسات الإعلامية أنه إضافة للاحتكار وتوزيع مناطق النفوذ في عملية التبادل الإعلامي الدولي، فإن وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، حرصت على نقل وتوزيع الأخبار والتعليقات والتحليلات السياسية والاقتصادية والعسكرية من منظور المصالح التي تمثلها، أخذة بعين الاعتبار مصالحها السياسية والاقتصادية، وهذه معضلة لم تزل تعاني منها الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة، المضطرة لاستخدام ما يصلها من المصادر الإعلامية الدولية، متأثرة في أكثر الأحيان بمواقف تلك المصادر، وهذا يفسر محاولات بعض الدول الأقل تطوراً والدول النامية، التكتل عالمياً وإقليمياً لإنشاء وسائل إعلام جماهيرية قوية، يمكن أن تخلصها من هيمنة واحتكار وسائل الاتصال ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، في جمع ونقل وتوزيع ونشر الأنباء عالمياً.
أما نظام الحكم الجديد في روسيا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة عام 1917، فقد أنشأ وكالة التلغراف الروسية التي باشرت عملها ابتداء من عام 1918، وبعد قيام الإتحاد السوفييتي تغير اسمها إلى وكالة تلغراف الإتحاد السوفييتي TASS وكانت تابعة لمجلس وزراء الإتحاد السوفييتي السابق ويديرها أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي السابق، وتجمع الأخبار من 60 دولة، وتوزعها على المشتركين في 40 دولة، إضافة لاحتكارها تجميع وتوزيع الأخبار داخل جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق، باعتبارها المصدر الوحيد والإلزامي لجميع الصحف السوفييتية، وكان يعمل فيها حوالي 1500 موظف، ومقرها موسكو، وتوزع حوالي 1500 كلمة في اليوم كلها نصوص رسمية وشبه رسمية. وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي تحولت هذه الوكالة إلى وكالة ITAR TASS بينما تحولت فروعها في الجمهوريات السوفييتية السابقة: لاتفيا، وليتوانيا، واستونيا، وبيلاروسيا، وملدافيا، وأوكرانيا، وجورجيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وتركمانستان، وأوزبكستان، وطاجكستان، وقازاقستان، وقرغيزستان إلى وكالات أنباء وطنية للجمهوريات التي استقلت.
وفي عام 1961 أنشأت الحكومة السوفييتية وكالة نوفوستي الصحفية، لإنتاج المواد الإعلامية التي تعكس أوجه الحياة في الإتحاد السوفييتي السابق، وتعد هذه الوكالة مكملة لوكالة تاس في الإعلام السوفييتي، وتعمل في إطار السياستين السوفييتيتين الداخلية والخارجية، وسارت وسائل الإعلام الجماهيرية السوفييتية، في إطار النظام الشيوعي السوفييتي الذي استخدم الدعاية كوسيلة من الوسائل الأساسية لتحقيق أهدافه، من خلال الإقناع وغسل الأدمغة، والتلقين الإيديولوجي، والتركيز على وجهة النظر السوفييتية فقط، وإهمال كافة وجهات النظر الأخرى خاضعة تماماً لسيطرة الحزب الشيوعي السوفييتي، ولا سيما لجنته المركزية، ومكتبه السياسي، ولم تعرف وسائل الإعلام الجماهيرية السوفييتية طيلة فترة حياتها السبق الصحفي، كما هي الحال في وسائل الإعلام الجماهيرية في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والدول السائرة على النمط الغربي. وكثيراً ما كانت تحدث أحداثاً جسيمة في الإتحاد السوفييتي نفسه وفي دول العالم الأخرى دون أن تنقلها وسائل الإعلام الجماهيرية السوفييتية بناءً على تقدير السلطات السوفييتية، ولهذا كان المواطن السوفييتي ملماً بمسائل من نوع خاص يحصل عليها بناءً على حسابات السلطة السوفييتية، ولا يعرف الكثير مما يدور حوله من شؤون العالم. وكثيراً ما كانت الأخبار تذاع بتأخر كبير يتجاوز عدة أيام أحياناً بعد وقوع الحدث. وكانت الأخبار التي تنقلها بعيدة عن الموضوعية، وتنشر الحقائق التي تدخل في إطار السياستين الداخلية والخارجية للدولة فقط. وبهذا كانت وكالتي تاس ونوفوستي أداة طيعة من أدوات دعاية السياسة الخارجية السوفييتية، حتى أن الكثير من الدول غير الشيوعية كانت تتجنب الاعتماد على وكالة تاس، وأن بعض تلك الدول اشتركت في وكالة تاس مجاملة للإتحاد السوفييتي كقوة عظمى آنذاك. وكانت تنشر حيزاً ضئيلاً جداً من الأخبار التي يوزعها الإعلام السوفييتي، وخاصة تلك التي تمس بشكل مباشر الإتحاد السوفييتي السابق وحلفائه المقربين، واقتصر اعتمادها على ما توزعه وكالات الأنباء الغربية فقط.
وكانت وكالات الأنباء الوطنية تمارس جمع وتوزيع الأنباء الداخلية في الدولة المعنية وترتبط بوكالات الأنباء العالمية باتفاقيات ثنائية تخولها التقاط الأخبار التي توزعها تلك الوكالات ومن ثم توزيعها داخل الدولة المعنية من خلال شبكة توزيعها الخاصة، وبالمقابل كانت وكالة الأنباء العالمية تلك تحتكر توزيع أنباء وكالات الأنباء الوطنية المرتبطة معها عالمياً أي أنها كانت حجر العثرة الذي يعيق توزيع تلك الأخبار بشكل مباشر. ومع ذلك كانت هناك وكالات أنباء وطنية تمتعت بشهرة دولية تتعدى حدود الدولة المعنية، ومن أشهر هذه الوكالات:
في القارة الآسيوية: وكالة أنباء الصين الجديدة التي أنشأتها جمهورية الصين الشعبية في 1/9/1937 لتحل مكان وكالة أنباء الصين الحمراء التي أسست عام 1929. وتخضع هذه الوكالة للإشراف المباشر لمجلس الدولة والحزب الشيوعي الصيني، وهي المصدر الوحيد للأنباء بالنسبة لوسائل الإعلام الجماهيرية الصينية. ومقرها في العاصمة بكين، ولها مكاتب في شنغهاي، وشن يانغ، وهان كيو، وسيان، وتشينغ كينغ، وعدد كبير من المراسلين في أنحاء الصين، و59 مكتباً خارج الصين منها 18 مكتباً في دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، ونشرت وكالة أنباء الصين الجديدة يومياً حوالي 62 ألف كلمة، منها 32 ألف كلمة تعالج الأخبار المحلية و30 ألف كلمة تعالج الأخبار الدولية، إضافة للتقارير الصحفية التي تعكس وجهة النظر الرسمية الصينية من الأحداث المحلية والعالمية. ووكالتي الأنباء اليابانيتين: وكالة أنباء كيودو نيوزسرفيس، ووكالة أنباء جيجي بريس سرفيس، اللتان أسستا عام 1945 بعد اختفاء الوكالة الرسمية للأنباء Domei. وتعتبر وكالة كيودو التعاونية أول وكالة استخدمت طريقة Telefax لإرسال المعلومات عام 1949، كما واستخدمت Tele type Kanji الذي أقيم بالقرب من طوكيو وافتتح نحو 50 مركزاً وشبكة من المراسلين خارج اليابان، منذ عام 1960. أما وكالة أنباء جيجي فقد تشكلت كشركة مساهمة تهتم بالأخبار الاقتصادية والمالية، ومن ثم بدأت بتوسيع خدماتها الإعلامية اعتباراً من عام 1965 لتشمل الأحداث كافة. وأول وكالة أنباء كورية كانت وكالة أنباء خيبان تخونسين التي تأسست عام 1945 مباشرة بعد إعلان قيام جمهورية كوريا، وتبعتها العديد من وكالات الأنباء الوطنية الصغيرة التي بمعظمها لم تستطع الاستمرار في العمل لصعوبات عدة. وفي عام 1980 ونتيجة لاندماج وكالتي الأنباء الكوريتين الجنوبيتين خابتون، وتونيان ظهرت وكالة أنباء ينخاب تخونسين التي استطاعت السيطرة على الخدمات الإخبارية في كوريا بعد ابتلاعها لثلاث وكالات أنباء وطنية صغيرة، لتصبح بذلك وكالة الأنباء المسيطرة في جمهورية كوريا. ويعمل فيها 100 مراسل و300 صحفي، ولها 13 مكتباً إعلامياً في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وتتعامل مع 45 وكالة للأنباء بينها وكالات الأنباء العالمية الكبيرة أسوشيتد بريس، وUPI، ورويتر، وفرانس بريس، وتقدم خدماتها الإعلامية باللغة الكورية لـ 500 مشتركاً محلياً، وتقدم خدمات إعلامية بحدود 5000 كلمة يومياً باللغة الإنكليزية لـ 110 مشتركين أجانب.
وفي الجمهورية العربية السورية أحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بموجب المرسوم التشريعي رقم 150 تاريخ 24/6/1965، وباشرت عملها فعلياً عام 1966، باستقبال وإرسال الأخبار والصور والتعليقات كمصدر وحيد للنشر والتوزيع لكافة الأنباء والصور في الجمهورية العربية السورية. ويدير الوكالة مدير عام، ويعاونه مدير عام مساعد، ورئيس تحرير، ورؤساء تحرير مساعدون، إضافة لمدير الشؤون الإدارية في الوكالة. ويضم الهيكل التنظيمي في الوكالة: مديرية التحرير وتضم: قسم الدراسات والبحوث، قسم الأخبار الداخلية، قسم الأخبار الخارجية، قسم أخبار وكالات الأنباء العربية والأجنبية، قسم الأرشيف، قسم الاستماع السياسي، وقسم التصوير. ومديرية الشؤون الإدارية وتضم: الدائرة الإدارية وشؤون العاملين، دائرة المحاسبة، قسم المراسلين، الديوان، أمانة السر. ومديرية الخدمات الفنية وتضم: قسم الإرسال، قسم محطة الإرسال، قسم الصيانة، قسم الكهرباء والميكانيك، قسم الاستقبال اللاسلكي والخدمات المصورة، وقسم اللوازم الفنية. ودائرة العلاقات العامة والتخطيط وتضم: قسم العلاقات العامة، وقسم التخطيط والتأهيل. وتملك الوكالة محطة للبث اللاسلكي تمكنها من إيصال الخبر إلى كافة أنحاء العالم، إضافة لشبكة اتصالات لاسلكية هاتفية موزعة في السيارات التابعة للوكالة، وشبكة متطورة من الأجهزة الإلكترونية والحاسبات الآلية التي تؤمن للوكالة النجاح في عملها، وبث واستقبال الأخبار والصور. وللوكالة مكاتب في بعض العواصم العربية والعالمية، منها: الجزائر والكويت وبيروت وعمان وطرابلس الغرب والخرطوم وبغداد وموسكو ولندن وباريس وطهران وتونس وتتابع الوكالة جهودها لافتتاح مكاتب لها في العواصم العربية والأجنبية الأخرى. وبالإضافة لمكاتب الوكالة في الخارج لها مراسلين معتمدين في بعض العواصم العربية والعالمية، من بينها: أبو ظبي وصوفيا وبراغ ووارسو وكاراكاس وبخارست وبرلين ونيويورك وهافانا وأثينا وبلغراد وروما وكندا واسطنبول. والوكالة العربية السورية للأنباء عضو في اتحاد وكالات الأنباء العربية واتحاد وكالات أنباء دول عدم الانحياز واتحاد وكالات أنباء الدول الإسلامية ولها علاقات مباشرة مع ثلاثين وكالة عربية وأجنبية للأنباء، وتصدر الوكالة في دمشق نشرة أنباء يومية باللغات العربية، والإنكليزية، والفرنسية إلى جانب نشرة للأنباء الاقتصادية.
وتعتبر وكالة الأنباء السعودية (واس) التي تأسست عام 1970م المصدر الرئيسي للأنباء لوسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية ويعمل في الوكالة حوالي 500 موظف أكثرهم من مواطني المملكة.
وتعتبر وكالة أنباء بترا وكالة الأنباء الحكومية الرسمية في المملكة الأردنية الهاشمية تأسست عام 1965 ومقرها في العاصمة عمان. وكانت معروفة باسم وكالة الأنباء الأردنية. ومن 16/8/1980 تحول اسمها إلى وكالة بترا.
وفي أوزبكستان تأسست وكالة الأنباء الأوزبكية UZA في عام 1918 كمكتب صحفي لجمهورية تركستان، وخلال عامي 1919 و1920 أصبحت تابعة لوكالة الأنباء الروسية، وفي عام 1934 تحولت إلى وكالة أنباء آسيا الوسطى وتبعت وكالة أنباء تاس. ومن عام 1972 تحولت إلى وكالة أوزتاغ وخضعت لإشراف مجلس الوزراء في جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية. وكانت تقدم خدماتها لحوالي 200 صحيفة تصدر في أوزبكستان. وافتتحت فرعاً لها في نوقوس عاصمة جمهورية قره قلباقستان ذات الحكم. وكانت أوزتاغ توزع يومياً حوالي المليون كلمة عن الحياة في أوزبكستان، وتغطية أنباء الحزب الشيوعي السوفييتي. وتوزع عبر وكالة تاس 1500 كلمة يومياً عن الحياة في أوزبكستان إلى خارج الإتحاد السوفييتي. وبعد استقلال أوزبكستان تحولت بموجب قرار رئيس الجمهورية بتاريخ 5/2/1992 إلى الوكالة الوطنية للأنباء UZA، لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية. ومن أجل توزيع الأنباء الإيجابية عن أوزبكستان أصدر مجلس الوزراء قراراً بتاريخ 8/11/1995 بتأسيس وكالة أنباء JAHON التابعة لوزارة الخارجية. ويعمل مراسلوها في الخارج ضمن السفارة الأوزبكية. وتأسس المكتب الصحفي لرئيس جمهورية أوزبكستان عام 1996 لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية.
وفي القارة الأوروبية أنشأت إيطاليا وكالة أنباء ANSA على أنقاض وكالة أنباء Stefani التي عملت دون انقطاع من عام 1853 حتى هزيمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية. وفي 13/1/1945 بدأت أنسا عملها كشركة تعاونية ذات مسؤولية محدودة، تضم كافة الصحف الإيطالية اليومية.
وفي القارة الإفريقية تعد وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية MENA أول وكالة أنباء في مصر ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، أنشأت عام 1956 كشركة مساهمة تمتلكها الصحف المصرية مناصفة مع الدولة، وانتقلت ملكيتها بالكامل عام 1962 إلى الدولة وأصبحت إحدى الشركات التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم انتقلت ملكيتها إلى مجلس الشورى المصري عام 1978. وللوكالة مكتبين رئيسيين في القاهرة وباريس، ويعمل فيها 1067 موظفاً منهم 390 صحفياً، وتبث الوكالة يومياً: نشرة أنباء الشرق الأوسط باللغة العربية بنحو 57 ألف كلمة تقريباً؛ ونشرة أنباء الشرق الأوسط باللغتين الإنكليزية والفرنسية بنحو 23.800 كلمة تقريباً؛ والنشرة الدولية الخاصة بنحو 13.260 كلمة تقريباً؛ والنشرة الاقتصادية بنحو 17.930 كلمة تقريباً. كما وتبث التحقيقات والصور للمشتركين في داخل مصر وخارجها، وللوكالة 4 مكاتب و21 مراسلاً داخل مصر، و30 مكتباً ومراسلاً في العواصم العالمية. وتتبادل الوكالة الأنباء والصور مع 25 وكالة أنباء عربية وأجنبية، ولها إسهام في تطوير التعاون الإعلامي بين الدول العربية والإفريقية. وتسهم في تدريب الكوادر الإعلامية للدول العربية والصديقة عن طريق دورات تدريبية منتظمة في مجال التحرير والإدارة والهندسة الإعلامية، وتقيم علاقات تعاون مع وكالات الأنباء العالمية ووكالات الأنباء العربية ووكالات أنباء دول عدم الانحياز ووكالات الأنباء الإفريقية عن طريق الاتفاقيات الثنائية، وهي وكالة الأنباء الوحيدة في العالم الثالث التي تسمح بتدفق الأنباء محلياً إلى وسائل الإعلام الجماهيرية المصرية من خلال كافة وكالات الأنباء مباشرة ودون تدخل أو وصاية منها كوكالة وطنية في مصر. وقد دخلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عالم الكمبيوتر منذ عام 1990، وبدأت باستخدام الأقمار الصناعية في نقل الأخبار اعتباراً من 25/10/1994.
ووكالة المغرب العربي للأنباء هي الوكالة الوطنية للأنباء في المملكة المغربية، أسست في نوفمبر/تشرين ثاني علم 1959، ثم تحولت إلى مؤسسة عامة في 19/9/1973 مقرها الرئيسي في العاصمة الرباط، ولها ثمانية مكاتب إقليمية في المدن الرئيسية، وسبعة عشر مكتباً دولياً في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتضم الوكالة أربعة أقسام هي: قسم الإعلان؛ قسم الشؤون المالية والإدارية؛ القسم الفني؛ قسم العلاقات الخارجية. وتصدر الوكالة نشرتين يومياً، ونشرة دورية.
وتأسست الوكالة الموريتانية للإعلام AMT عام 1966، ومقرها نواكشوط العاصمة الموريتانية وتخضع لإشراف وزارة الثقافة والإعلام والبريد والمواصلات. وبالإضافة لوكالة الأنباء الوطنية تعمل في موريتانيا الوكالات الأجنبية التالية: وكالة الأنباء الفرنسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".
ومع تأميم الصحافة السودانية عام 1970، أنشأت الحكومة وكالة الأنباء السودانية (سونا)، لتعمل على التحكم بتدفق الأخبار داخلياً وخارجياً. وبعد صدور قانون وكالة الأنباء السودانية عام 1981، بدأت الوكالة بالابتعاد عن وزارة الثقافة والإعلام لتصبح هيكلاً مستقلاً ومتكاملاً، حتى غدت واحدة من أقوى وكالات الأنباء في القارة الأفريقية بفضل خدماتها المتطورة، حتى أن وكالة أنباء عموم أفريقيا "PANA" اختارتها مركزاً لها في شرق أفريقيا عام 1985. وبصدور القانون الجديد أصبحت وكالة الأنباء السودانية وكالة وطنية تزود عدد كبير من وكالات الأنباء بالأخبار عبر اتحاد وكالات الأنباء العربية FANA، ووكالة عموم إفريقيا PANA، ووكالات دول عدم الانحياز. وفي عام 1985 تأسست الوكالة السودانية للصحافة التي يملكها صحفيين ومقرها الخرطوم. كما وتعمل في السودان وكالة الأنباء الفرنسية AFP؛ ووكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا؛ ووكالة أنباء الشرق الأوسط.
وهناك تجمعات لوكالات الأنباء تأخذ إما طابعاً إقليمياً أو قارياً أو منحى سياسياً معيناً أو تخصصاً، مثال: إتحاد وكالات الأنباء الأوروبية الذي يضم أكثر من 16 بلداً أوروبياً؛ وإتحاد وكالات الأنباء العربية الذي يضم وكالات أنباء الدول العربية؛ وإتحاد وكالات الأنباء الإفريقية الذي يضم وكالات أنباء الدول الإفريقية؛ وإتحاد وكالات الأنباء الأسيوية، ...وغيرها من التكتلات والتجمعات.
وهناك وكالات متخصصة تقدم خدمات في موضوع معين ديني أو رياضي أو فني....الخ، أو مواد إعلامية جاهزة للنشر، أو صور صحفية، مثال: وكالة فيدس في الفاتيكان؛ ووكالة الأنباء الإسلامية؛ ووكالة جويس تلغرافيك؛ ووكالة كيوسنون؛ ووكالة أجيب؛ ووكالة دلماس؛ ووكالة إنتربريس؛ ووكالة فاما؛ وتعتبر وكالة أوبيرا ماندي التي تمثل في أوروبا مصالح: King's Features Syndicate americain، التي تعتبر من أقدم الوكالات الصحفية المتخصصة في تقديم النصوص الصحفية الجاهزة في العالم، أنشأها بول وينلكار عام 1928، لتوزع المقالات بلغات العالم المختلفة عن الأحداث الهامة، ومقالات عن الشخصيات الكبيرة في العالم، وريبورتاجات مصورة. وتتميز هذه الوكالات بفهمها العميق لأذواق الجمهور وميوله العلمية، والاقتصادية، والثقافية، والفنية.
وفي الختام لابد من التأكيد على ملاحظة هامة وهي أن معظم وكالات الأنباء الوطنية في دول العالم كما هي الحال في الدول النامية تخضع تماماً لسلطة القانون في تلك الدول، بالإضافة لخضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطاتها الإعلامية داخلها، وهو ما يستدعي التفكير جدياً في ما تدعيه بعض الجهات العالمية لنفسها من ديمقراطية وحرية كلمة وحرية التصرف واتهامها لبعض الدول وخاصة الدول النامية التي تحاول الخروج من دائرة تأثير تلك الجهات بغياب الديمقراطية وحرية الإعلام وكأن تلك الدول تعيش دون قوانين ناظمة لشؤون الإعلام في بلادها.
العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية
أصبحت الثورة المعلوماتية في الآونة الأخيرة من أهم المواضيع حساسية في إطار الحوار الدولي الجاري لتحليل تأثيرات الثورة المعلوماتية المختلفة وطرق التحكم بتطورات الأحداث على الساحة الدولية. ويجري هذا في الوقت الذي يشكك فيه البعض بإيجابيات العولمة على الجوانب المالية والاقتصادية، والسياسية، والثقافية والأيديولوجية والإعلامية والاتصالية في العلاقات الدولية المعاصرة، وجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة لتؤيد شكوكهم. في الوقت الذي كان صندوق النقد الدولي يصور العولمة بأنها: "مستوى متصاعد من التكامل الحثيث للأسواق السلعية والخدمية ورؤوس الأموال". وكان ي.س. إيفانوف وزير الخارجية الروسي أشار في كتابه "السياسة الخارجية الروسية في عصر العولمة" إلى بعض العناصر الرئيسية لعملية العولمة، السياسية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية وحاول تحليلها من وجهة النظر الروسية، وذكر أنها فجرت الحياة الحضارية وغيرت صورة الإنسانية.
بينما اعتبر أكثر المتخصصين أن مصطلح "العولمة" يعني مرحلة حديثة من التطور الرأسمالي الدولي، أو أنها تمثل المرحلة الأخيرة للإمبريالية. والتعريف الأكثر وضوحاً جاء على لسان الأكاديمي الروسي المعروف أ.ي. أوتكين الذي قال أن "العولمة فرضت نفسها بعد انتهاء الحرب الباردة، وأفرزت نظاماً عالمياً يوحد الاقتصادات الوطنية لدول العالم ويجعلها تعتمد على حرية تنقل رؤوس الأموال، والاعتماد على الانفتاح الإعلامي الدولي، وعلى التجدد السريع للتكنولوجيا، وتخفيض الحواجز الجمركية وإطلاق حركة البضائع ورؤوس الأموال، وزيادة التقارب الاتصالي بين الدول الذي هو من ميزات الثورة العلمية التي ترافقها حركة اجتماعية دولية أصبحت تستخدم أشكال جديدة من وسائل النقل وتكنولوجيا الاتصال المرئية، وخلقت نوعاً من التعليم الأممي".
ولكن الآراء اختلفت عند التحدث عن بدايات العولمة فالبعض يعتبر بداياتها من عصر الفاتحين الغربيين الأوائل أمثال: ماركو بولو، وماجيلان، وكولومبوس. في الوقت الذي يعتبر البعض الآخر أن نصف العالم كان معولماً منذ العصر الروماني القديم، وعصر الإسكندر المقدوني، وعصر جينغيز خان، متجاهلين تماماً العولمة التي نتجت عما قدمته الحضارة العربية والإسلامية للإنسانية في عصر ازدهارها عندما كانت أوروبا تسبح في غياهب الظلمات. بينما اعتبر بعض الباحثين أن التاريخ المعاصر كان المرحلة الأولى للعولمة، وتلتها المرحلة الثانية التي نعيشها اليوم.
ويقولون بأن المرحلة الأولى بدأت خلال المرحلة الانتقالية التي امتدت خلال القرنين التاسع عشر، والقرن العشرين أي فترة حروب التوسع الاستعمارية الغربية التي اجتاحت قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، والحربين العالميتين الأولى والثانية وما رافقهما من منجزات تكنولوجية وعلمية حديثة سرعان ما تطورت بشكل هائل أثر مباشرة في الاقتصاد الوطني والدولي، ورافقه ظهور وسائل اتصال جماهيرية متطورة دخلت عالم التجارة العالمية، وانتقال رؤوس الأموال والأشخاص بشكل واسع. وأدت إلى تشابك المصالح الاقتصادية والتجارية الداخلية والخارجية لتصبح معها المصالح المتبادلة بين الدول الكبرى الأهم وتبعد معها خطر الحروب بين تلك الدول حتى تصبح شبه مستحيلة. ولم ينسوا طبعاً الإشارة إلى أن ذلك التوجه لم يستطع إبعاد شبح الحرب وأشعل نيران حربين عالميتين خلال أقل من نصف قرن هي: الحرب العالمية الأولى التي انتهت بالقضاء على الدولة العثمانية وتثبيت السيطرة الاستعمارية واقتسام معظم مناطق العالم. والحرب العالمية الثانية، التي استخدمت فيها الولايات المتحدة الأمريكية ولأول مرة القنبلة الذرية أشد أسلحة الدمار الشامل فتكاً مرتين وبشكل متعمد ضد الشعب الياباني، ولم تستطع أية علاقات اقتصادية أو تجارية منعها بل على العكس كانت سبباً لها.
واعتبر بعض الباحثين أن الأرضية التي انطلقت منها المرحلة الثانية للعولمة كانت العقود الأخيرة من القرن العشرين، عندما أشاعوا أن المسيرة نحو العولمة بدأت في الغرب. وكانت في البداية تستخدم كمصطلح "الترابط المشترك"، ولكن الحركة الفعلية باتجاهها بدأت بالفعل مع حملات العلاقات العامة الدولية خلال أربعينات وخمسينات القرن العشرين، لتبدو العولمة وكأنه مخطط لها ودخلت حيز التنفيذ من قبل الأوساط المهيمنة على عالم المال والاقتصاد في الدول الغربية وحكومات تلك الدول، والبنك الدولي للإنشاء والتنمية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.
وأصبحت بعض إيجابيات التطور الإنساني في ظروف العولمة مرئية حتى لضيقي الأفق، وأدت إلى ارتفاع المستوى المعيشي للناس، ووفرت وسائل اتصال وإعلام دولية تجتاز الحدود السياسية للدول بسهولة بالغة. وحققت لبعض الدول قفزات اقتصادية متقدمة كما حدث في دول آسيان "النمور الآسيوية" وشملت جنوب كوريا، وسنغافورة، وماليزيا وغيرها من الدول الآسيوية، وأصبحت الهند منتجة للصناعات الإلكترونية الغربية، وتحولت إلى واحدة من كبار مصدري المنتجات الإلكترونية وبرامج الكمبيوتر إلى العالم. وأدت العولمة بالتدريج إلى نمو حركة تدفق رؤوس الأموال حتى أصبح حجم التعامل المالي الدولي اليومي يبلغ حوالي 1.5 تريليون دولار أمريكي لتصبح عبارة "التصدير يحكم العالم" حقيقة ملموسة. فمع بدايات خمسينات القرن الماضي كانت الصادرات العالمية تقدر بـ 53 مليار دولار أمريكي، أما اليوم فتشير بعض المراجع إلى أنه بلغ حوالي 7 تريليون دولار أمريكي. وأخذت تظهر جزر كاملة للتكنولوجيا المتطورة في الدول النامية كـ: سان باولو في البرازيل، والشريط الحدودي من مصانع التجميع في شمال المكسيك، ومدن كاملة في الهند، وكل تايوان وغيرها من الدول.
وسهلت العولمة انتقال القوى العاملة والسياح، إذ تشير معطيات البنك الدولي إلى أن العمال المهاجرين يحولون من الدول الغنية التي تستخدمهم إلى أسرهم في الدول الفقيرة حوالي 70 مليار دولار أمريكي في السنة، وهذا الرقم يفوق بكثير الأرقام الرسمية للمساعدات التي تمنحها الدول المتطورة للدول النامية، وأن مئات الآلاف من العائلات تعيش معتمدة على تلك الأموال ولا تعرف أي شيء عن مصطلح العولمة. وأن تطور السياحة الدولية يعتبر من الظواهر الإيجابية للعولمة حيث وصل عدد السياح في العالم إلى 500 مليون سائح في السنة. وأن الإنسان العادي يصطدم يومياً في حياته اليومية العادية بمظاهر العولمة بكل أشكالها من شراء البضائع، ومشاهدة البرامج التلفزيونية، واستعمال أجهزة الاتصال المحمولة، وغيرها. حتى أن البعض أصبحوا يقولون أن العولمة وفرت السبل من أجل مشاركة عشرات الدول والشعوب بالتقدم المالي والاقتصادي والعلمي المشترك.
وحتى الآن لم تعلن أية دولة في خطها السياسي الرسمي على الأقل معاداتها للعولمة، وأن الجميع يتقبلون العولمة كمؤشر إيجابي ولكن بوجهات نظر متفاوتة رغم الظروف الصعبة التي خلقتها الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة.
سلبيات وأخطار العولمة
ولكن في حال اعترافنا بحتمية الانتقال إلى العولمة الشاملة من الضروري الإشارة إلى السلبيات والظواهر القاتلة والأخطار التي تفرضها العولمة على الإنسانية والموجودة فعلاً، ومنها:
1. خطر تعرض العالم لأزمات مالية واقتصادية بسبب خضوع العالم للشركات متعددة الجنسيات التي أصبحت فوق الدول؛
2. وأخطار فرض مفاهيم وأسلوب التفكير والحياة الأمريكية على العالم؛
3. وخطر تعميق الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة في العالم (دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة)؛
4. وخطر اتساع ظاهرة إضعاف دور الدول القومية، وعولمة الإرهاب، والتضييق على الثقافات واللغات القومية ومحاولة القضاء عليها، وإثارة الفتن والقلائل والاضطرابات الدينية والعرقية في الدول متعددة القوميات.
والنتائج السلبية للظاهرة الأولى قد تحصل على المدى البعيد نتيجة لزيادة هيمنة الشركات متعددة الجنسيات الكبرى على إدارة الاقتصاد العالمي وتحويلها إلى أداة دفع أيديولوجية للعولمة، لتجني من خلال دورها العالمي أرباحاً خيالية تدعم من قدراتها وإمكانياتها المالية والاقتصادية بشكل يفوق قدرات وإمكانيات بعض الدول في عالم اليوم، وهو ما تشير إليها بعض المصادر التي تقول أن حوالي 160 دولة عضوه في منظمة الأمم المتحدة تقل إمكانياتها وقدراتها عن إمكانيات وقدرات الشركات متعددة الجنسيات. وتنبأ البعض أنه في حال استمرار ظواهر العولمة أنفة الذكر فإنها ستؤدي حتماً إلى سيادة الشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا واليابان وحكومات تلك الدول على الواقع الاقتصادي والمالي والتجاري في العالم ومن ثم السيطرة التامة عليه وعلى تفاعلات العلاقات الدولية. الأمر الذي يثير موجة احتجاجات واسعة من قبل الذين يعتبرون العولمة هي محاولة لفرض نمط الحياة الأمريكية على العالم من خلال 50 شركة أمريكية متعددة الجنسيات. ويرون أن الولايات المتحدة الأمريكية في الواقع مستمرة بتقدمها متجاوزة مصالح كل الدول الأجنبية، وحتى حلفائها المقربين، في المجالات العلمية والتكنولوجية، والتكنولوجيا العسكرية، لأنها تصرف ما يقارب الـ400 مليار دولار على شؤون الدفاع في السنة، وأن هذا الرقم يشكل نصف الميزانيات المخصصة في دول العالم للشؤون العسكرية. لأن حجم الإنفاق على مشاريع تطوير التكنولوجية العسكرية المتطورة في الولايات المتحدة الأمريكية يفوق بكثير ما تخصصه الدول السائرة في ركب الولايات المتحدة الأمريكية من الدول الأعضاء السبع الأخرى في مجموعة الدول الثمانية الكبرى مجتمعة. ولا يخفي القادة الأمريكيون سعيهم الحثيث لتوظيف كل القدرات الاقتصادية والمالية، والعلمية والتكنولوجية والعسكرية والسياسية من أجل فرض السيطرة الأمريكية على العالم في القرن الحادي والعشرين.
وتتمثل الهيمنة الثقافية الأمريكية اليوم من خلال تحويل اللغة الإنكليزية باللهجة الأمريكية إلى لغة وحيدة لعولمة وسائل الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. وهو ما أشار إليه كتاب البريطاني د. كريستال "اللغة الإنكليزية لغة العولمة"، وكتابه "موت اللغات"، حيث أشار إلى أنه في نفس الوقت الذي يتسع فيه استخدام اللغة الإنكليزية تنقرض كل أسبوعين لغة من اللغات النادرة في العالم. وأشار بعض المتخصصين إلى أن أكثر اللغات جماهيرية على الكرة الأرضية ليست اللغة الإنكليزية بل اللغة الصينية التي يتحدث بها أكثر من 1.4 مليار إنسان، ولكنهم جميعاً خلف سور الصين العظيم، وفي جنوب شرق آسيا، وفي الأحياء الصينية المنتشرة في بعض بلدان العالم. عكس اللغة الإنكليزية التي يتحدث بها الجميع في كل مكان حتى أن الصين ألزمت مدارسها الابتدائية بتعليم اللغة الإنكليزية، ويتعلمها هناك في الوقت الحاضر عشرات الملايين من الصينيين الصغار والشباب والكبار. مما دفع بالكثيرين في الولايات المتحدة الأمريكية لاعتبار العولمة على الطريقة الأمريكية الطريق لوضع البشرية في خدمة المصالح الأمريكية والشعب الأمريكي الذي اختاره الله ! كما يزعمون.
أما خطر تعميق الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة في العالم فيتمثل بالتفاعل الذي لا يؤدي إلى تسوية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للإنسانية، بل على العكس يؤدي إلى تعميق الهوة بين الأغنياء والفقراء. والهوة تلك موجودة فعلاً داخل أكثر دول العالم، وحتى داخل الدول الغنية، ففي الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 3 مليار إنسان من سوء التغذية، نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق أكثر من 100 مليار دولار أمريكي في السنة لمكافحة أمراض التخمة التي يعاني منها مواطنيها. في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 1.3 مليار إنسان على أقل من دولار واحد في اليوم، ووجود أكثر من مليار إنسان متعطلين عن العمل. وهو ما يعمق الآثار السلبية للعولمة وأشار إليها حتى التقرير الذي تعده منظمة الأمم المتحدة عن "تأثير العولمة على التطور الاجتماعي" حيث قدر المتخصصون العاملون على إعداده بأنه لا أمل خلال السنوات الخمسين القادمة للتقريب بين الدول الفقيرة والغنية من حيث مستوى الدخل وهو ما ينذر باشتداد المواجهة بينهما.
أما خطر اتساع ظاهرة إضعاف دور الدول القومية، وعولمة الإرهاب، والتضييق على الثقافات واللغات القومية ومحاولة القضاء عليها، وغيرها من الظواهر فيتمثل بنمو وانتشار الجريمة المنظمة متعددة القوميات، والتي تنمو سنوياً بمعدل 5 % في الوقت الذي يبلغ فيه معدل نمو سكان العالم 1 %، وأشارت بعض المصادر إلى نمو الجريمة المنظمة الدولية بمعدل أربع مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن 450 مليون جريمة سجلت في عام 2001. وأدت العولمة إلى فتح الحدود أمام تدفق الأموال، والمعلومات، وملايين الناس، مما ساعد على نمو الجريمة متعددة القوميات، وأدت بدورها إلى تسارع نمو نوعين من الجريمة وهي: التجارة العالمية للمخدرات ليزيد عدد المدمنين على المخدرات في العالم حتى الـ180 مليون مدمناً، وليبلغ حجم تجارة المخدرات 800 مليار دولار أمريكي، مع اتساع جرائم أخرى كغسيل الأموال، حيث أشارت معطيات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، إلى غسل 1.5 تريليون دولار أمريكي سنوياً في العالم، وهذا يعادل 5% من الدخل العالمي.
ولا أحد ينكر أن العولمة ساعدت على انتشار الإرهاب الدولي الذي تحول بالتدريج إلى ظاهرة عالمية يحاول البعض وبإصرار ربطها بالعالم الإسلامي قبل وبعد الأعمال الإرهابية التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية في 11/9/2001، وأعقبتها أعمالاً إرهابية شملت الكثير من دول العالم كإسبانيا وبريطانيا وروسيا ومصر والمملكة العربية السعودية وتركيا وإندونيسيا وباكستان والهند وسورية والأردن وغيرها من دول العالم وكلها تثبت العلاقة بين الإرهاب والعولمة، مما دفع بالملتقى الدولي الذي عقد في كرواتيا خلال نوفمبر/تشرين ثاني 2002 لمناقشة مشاكل الدبلوماسية العلنية، ووسائل الإعلام الجماهيرية والإرهاب. وتكرار ذلك من خلال المناقشات التي دارت أكثر من مرة وأظهرت حقيقة جديدة مفادها أنه لولا عولمة بث الإذاعة المرئية لما كان الإرهاب. لأن الهدف الرئيسي للإرهاب كما أشار البعض ، ليس قتل بضع مئات أو حتى آلاف الناس، بل إخافة ملايين البشر، ولنكون أكثر دقة دب الخوف في قلوب 2 مليار مشاهد تلفزيوني تقريباً في كل دول العالم يشاهدون عادة الأخبار الرئيسية التي تبثها الإذاعات المرئية. هذا إن لم نشر إلى دخول المنظمات الإرهابية والجريمة المنظمة نفسها عالم استخدام وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لتصعيد مشكلة الإرهاب في عالم اليوم أي عولمة هذا الشر عبر وسائل الاتصال الجماهيرية الإلكترونية الحديثة.

الثورة المعلوماتية
تعتبر ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية التي بدأت أولى خطواتها مع غزو الإنسان للفضاء الكوني بعد إطلاق الاتحاد السوفييتي السابق لأول قمر صناعي تابع للأرض عام 1957 لتصبح تلك الخطوة من القوى الرئيسية الدافعة للعولمة، تتمة لمراحل النجاحات الاقتصادية في تاريخ البشرية منذ الثورة الصناعية التي لم نزل نعيش نجاحاتها كل يوم، إلى أن أحدثت اكتشافات ثورية في مجال الاتصالات والمعلوماتية فاقت بقدراتها اختراع التلغراف في أواسط القرن التاسع عشر، واختراع التلفون السلكي، والراديو، والسينماغراف في نهاية القرن التاسع عشر، ليجيء بعدها اختراع البث الإذاعي المرئي الذي أصبح شعار القرن العشرين للعمل على التطوير النوعي والكمي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وهكذا تمكنت البشرية مع نهاية القرن العشرين من امتلاك أكثر من 2.5 مليار جهاز استقبال إذاعي مسموع، وأكثر من 2 مليار جهاز استقبال إذاعي مرئي، وأكثر من 10 آلاف صحيفة يومية .. إلخ. وأخذ العالم بالفعل بالتحول حسبما توقع م. ماكلوهين، إلى "قرية عالمية"، وأصبح كل سكان العالم تقريباً يتلقونً في نفس الوقت نفس المعلومة. حتى تمكن 3.6 مليار مشاهد، في نفس الوقت من مشاهدة افتتاح الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000، والهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 عبر شاشات الإذاعة المرئية، وهذا الرقم يمثل عملياً كل البالغين من سكان الأرض. وحتى أن حوالي 2 مليار مشاهد من محبي كرة القدم أصبح بإمكانهم متابعة نهائيات كأس العالم بكرة القدم من مختلف عواصم العالم.
وتدريجياً تحسنت نوعية المصادر المعلوماتية ووسائل تداول المعلومات وحفظها واسترجاعها، وشهدت الحقبة الأخيرة من القرن العشرين ولادة عشرات شبكات البث الإذاعي المرئي الدولية كشبكة سي إن إن العالمية وغيرها، وشهدت ولوج شبكة الانترنيت العالمية حيز الاستخدام الفعلي واسع النطاق. وتحول البث الإذاعي المرئي إلى أداة من أدوات العولمة. وأصبحت شبكة الانترنيت العالمية أشد تأثيراً في عالم اليوم، وبعد أن كان عدد مستخدمي شبكة الإنترنيت في العالم عام 1993 حوالي 90 ألف مستخدم قفز هذا الرقم ليصبح 580 مليون مستخدم في عام 2004 ليتنبأ البعض بأن يصل هذا الرقم إلى مليار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وهذا النمو السريع لم تشهده أية وسيلة اتصال وإعلام جماهيرية في تاريخ الإنسانية أبداً، واتجه التفاؤل نحو وسائل الاتصال الجماهيرية بعد أن أصبح عدد الهواتف المحمولة يقدر بحوالي 800 مليون جهاز في العالم، إضافة لمئات ملايين الهواتف العادية وكلها متصلة بشبكة الانترنيت عملياً. ومع اتساع استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية لوسائل النشر الإلكترونية الحديثة، مثل شبكة الانترنيت، زاد إلى حد كبير إشباع الإنسان أينما وجد بالمعلومات، وهو ما أصطلح على تسميته بمجتمع المعلومات أي دخول المعلومات والمعرفة عصر العولمة، الأمر الذي ضاعف كمية المعارف الإنسانية في سبعينات القرن العشرين، ولم تزل تلك الزيادة مستمرة حتى اليوم، ويطالب البعض بالقيام بعمليات كثيرة من أجل تحقيق المهام المتعلقة بالنشاطات الإنسانية والاقتصادية والعلمية والفضائية والطبية وغيرها، رغم أن الآلة في الوقت الحاضر أمست تكمل يد الإنسان، والكمبيوتر أمسى مكملاً لعقل الإنسان. ورغم أن العقل الإنساني هو أرقى مخلوقات الله، وحسب بعض المعطيات العلمية يتضمن 10 مليار نيرون، كل منها لها تقريباً ألف ارتباط مع غيرها من النيرونات ويمكنها القيام تقريباً بمأتي عملية في الثانية. ورغم أن المعادن نصف الناقلة لا تستطيع أن تسبق العقل البشري فقد ظهرت إمكانيات لصنع أنواع جديدة من الخلايا الخازنة للكمبيوتر تفوق مليون مرة العقل البشري من وجهة نظر التعامل والإمكانيات. وكان من المتوقع الانتهاء في عام 2003 من صنع كمبيوتر يفوق بحجمه حجم ثلاجتين منزليتين تبلغ سرعته ألف تريليون عملية في الثانية ويتفوق خمسة عشر مرة على 500 حاسب من أقوى الحاسبات الآلية لعام 2000.
وفي الوقت الذي تجهز الدول المتقدمة في العالم نفسها للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، نرى أن الاتحاد الأوروبي أعد في عام 1999 إستراتيجية "الرابطة المعلوماتية الأوروبية"، من أجل تجاوز التخلف عن الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب النجاح الهائل الذي حققته اليابان في هذا المجال، مما مكنها من أن تصبح في الطليعة (لأن مصطلح "المجتمع المعلوماتي" ولد في اليابان أصلاً)، وأنهت سنغافورة برنامجاً لتعميم استخدام الكمبيوتر في كل أنحاء البلاد لتتحول إلى "جزيرة المعرفة"، وهو ما نجده في السياسة القومية للصين، والهند، وجميع الدول المتقدمة. وحتى أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت أمامها مهمة الانتقال إلى مرحلة ما بعد المجتمع الصناعي إلى مرحلة المجتمع المعلوماتي حتى عام 2020. عند ذلك سيشتغل 17% من سكانها فقط في مجال الإنتاج المادي والباقي في مجال المعلوماتية، والتعليم، والخدمات. وأن عمل 17% من السكان سيؤمن الرخاء لكل الشعب الأمريكي، لتتفوق الولايات المتحدة الأمريكية في العالم في كل المجالات. وفي نفس الوقت يعتبر المجتمع المعلوماتي نقطة تحضيرية للانتقال إلى عصر جديد، وهو مجتمع عصر الفضاء الكوني.
وأوصل التقدم الحثيث لتكنولوجيا المعلومات المتقدمة في السنوات الأخيرة إلى ظهور مستقبل آخر للأخطار التي تواجهها البشرية وحصلت على تسمية "الهوة الرقمية"، والحديث هنا يدور عن زيادة الهوة بين الأمم الغنية والأمم الفقيرة من حيث توفر وسائل الاتصال والمعلوماتية. و"الهوة الرقمية" عرفت من خلال تواجد من 250 مليون كمبيوتر على الكرة الأرضية اليوم، 40% منها في الولايات المتحدة الأمريكية، ونفس الكمية تقريباً في الدول "السبع الكبرى" الأخرى، و20% فقط هي حصة 5.5 مليار إنسان. فحوالي ثلث مستخدمي الإنترنت في العالم اليوم يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية، ونفس الكمية في أوروبا، وأقل قليلاً في اليابان، وجنوب كوريا، وجنوب شرق آسيا، وأقل من 10% في دول العالم الأخرى. وللمقارنة في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد 600 هاتف لكل ألف نسمة، بينما في تشاد تلفون واحد لكل ألف نسمة وهذا يظهر عملياً أن كامل المعلومات وكل الاكتشافات في هذا المجال متمركز في الدول التي يعيش فيها 15% من سكان الأرض (وهذا يعني "المليار الذهبي")؛ في الوقت الذي يستطيع استخدامها 50% من السكان، ليبقى 35% (يعني 2 مليار إنسان) خارج هذه العملية. وأن عدم توفر شبكات الهاتف يفسر أسباب عدم تمكن أكثر من نصف الكرة الأرضية من إجراء اتصال هاتفي عام 2000. والتفوق الهائل للغرب في هذا المجال يشكل تهديداً ليس بتعميق الهوة بين الأغنياء والفقراء في العالم ، بل ويمهد لإساءة استخدام الساحة المعلوماتية من أجل العدوان، من خلال تحكم الغرب وتوجيهه للحملات الإعلامية لتحقيق أهداف محددة له، وخير مثال على ذلك أن قصف أفغانستان، وقصف العراق، وقصف يوغسلافيا، وقصف لبنان، وقصف فلسطين، بدأ والأمريكيين والأوروبيين يتابعون تلك الأحداث باهتمام على شاشات الإذاعة المرئية، وكأنها ألعاب كمبيوتر لا غير.

الإعلام الدولي والسياسة الخارجية
تقوم مؤسسات الإعلام عادة بنشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار بواسطة وسائل الاتصال الجماهيرية المتنوعة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات محلياً داخل المجتمع الواحد، وخارجياً بعد أن تخرج عن نطاق المحلية وتجتاز الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، من أجل خلق نوع من التأثير أولاً، ومن أجل تحقيق نوع من الحوار الثقافي ثانياً متجاوزة الحواجز اللغوية والسياسية والجغرافية لتتحول المؤسسات الإعلامية ووسائل اتصالها الجماهيرية إلى مؤسسات إعلامية دولية.
ويعتبر الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الوطنية الكاملة، ووسيلة فاعلة من وسائل تحقيق بعض أهدافها السياسية الخارجية داخل المجتمع الدولي.
ويخدم الإعلام الدولي المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة أو تلك في المعادلات الدولية القائمة، وتأثيرها وتأثرها في الأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدولة، أو الدول المجاورة لها، أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم، أو في حال حدوث كوارث طبيعية أو أوبئة وأخطار بيئية تهدد الحياة على كوكب الأرض، ككارثة الانحباس الحراري الذي يهدد البشرية اليوم.
وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والعلمية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة المعنية، وتنبع كلها من المصالح الوطنية العليا للدولة، وقد يعمل الإعلام من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، ليؤدي إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره أو إلى نظام ثقافي شمولي تديره جهات معينة من وراء الحدود للوصول إلى أهداف معينة تخدم مصالحها الخاصة.
وكان للإعلام الدولي دوراً أساسياً في هذا التحول بعد التطور الهائل الذي حدث في تقنيات الاتصال خلال القرن العشرين، وساعد على إحداث تغيرات ثقافية واجتماعية واضحة، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والصراعات الإيديولوجية المؤثرة على القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي هادف بين مختلف دول العالم.

وظائف الإعلام الدولي
ومن الأمور التي تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات الحية أنهم قادرون على التواصل وإعلام بعضهم البعض. وكانوا منذ القدم بحاجة دائمة لمراقبة وفهم الظروف المحيطة بهم، ونشر الآراء والحقائق التي تساعد الجماعات الإنسانية على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، ونشر تلك القرارات على نطاق واسع دون تأخير، ونقل تراث الأجداد وبلورة التطلعات السائدة في المجتمع ووضعها في خدمة الأجيال الصاعدة، والترفيه عن أفراد المجتمع.
ولم تزل مهام الإعلام في المجتمعات القديمة وحتى يومنا هذا كما كانت قائمة عليه، ولكن بفارق أصبحت تطال معه قطاعات جماهيرية واسعة جداً، وبأساليب وتقنيات حديثة متطورة بعيدة المدى تحيط بالكرة الأرضية برمتها وبامتداد يشمل الفضاء الكوني لإشباع حاجات الأفراد والجماعات للمعلومات عن الظروف المحيطة بهم، وأصبحت تصلهم بسرعة فائقة ودقة كبيرة عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، وأجهزة الاستشعار عن بعد التي باتت تستخدم أحدث المعدات الإلكترونية والتجهيزات المتطورة باهظة التكاليف، وتساعد على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب.
وهكذا نرى أن مهام الإعلام التي وجدت في المجتمعات القديمة هي نفسها الموجودة في المجتمعات الحديثة اليوم من حيث المبدأ والفارق الوحيد أنها أصبحت متعددة ومتشعبة وأكثر دقة بفضل وسائل الاتصال الحديثة المتطورة التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت الدول أكثر من ذي قبل تشارك عن طريق ممثليها في التأثير على مجرى الحياة الاجتماعية في الداخل والخارج من خلال سياساتها الداخلية والخارجية مستعينة بوسائل الاتصال الجماهيرية، وأصبحت المصالح الوطنية العليا للدولة أكثر تأثيراً في عملية اتخاذ القرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي. بعد أن دخلت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية القرية والمدينة والتجمعات السكانية أينما كانت، وتحولت إلى نظام مفتوح أمام قوى التغيير الآتية من الداخل والخارج، ومعنى هذا أن الوظائف القديمة للإعلام اختلفت من حيث درجتها وحجمها فقط وليس في نوعها، والسؤال المطروح اليوم لماذا كل هذا الاهتمام بوسائل الإعلام الجماهيرية ؟
والجواب أن تلك الوسائل أصبحت تصل اليوم إلى جمهور واسع متعدد الشرائح والقيم والانتماءات، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي كانت يوماً ما تصل إلى جمهور محدود وبتأثير محدود، أصبحت اليوم تصل إلى شرائح سكانية كبيرة منتشرة في أنحاء متباعدة من العالم، وأصبحت تؤثر على آراء الناس وتصرفاتهم وأسلوب حياتهم، فالصحيفة والمجلة والكتاب الذي كان يقرؤه في الماضي عدد محدود من الأفراد، يقرؤه اليوم ملايين البشر، مطبوعاً أم منقولاً عبر شبكات الحاسب الآلي المتطورة "الانترنيت". والبرنامج الإذاعي المسموع الذي كان يسمع ضمن دائرة محدودة أصبحت تسمعه ملايين البشر موزعين في مناطق متباعدة من العالم، والبرنامج الإذاعي المرئي الذي كان حكراً على منطقة جغرافية محدودة أصبح اليوم في متناول المشاهد في قارات العالم. وتقنيات البريد الإلكتروني والفاكس أخذت تحل مكان التلكس والمبرقات التلغرافية القديمة، مما جعل الناس يؤمنون بأن تلك الوسائل تؤثر في المجتمعات وتعمل على تغييرها بشكل كبير وليس على الصعيد المحلي وحسب، بل وعلى صعيد العالم برمته وبرز الإعلام الدولي الذي عزز من مكانته وتأثيراته ووظائفه.
وللإعلام الدولي دوافعه ووظائفه المحددة يؤديها تنفيذاً للدور الذي تفرده له السياسة الخارجية للدولة أو الهيئة التي يتبع لها، وهي:
1- الاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات داخل الدولة الخاضع لقوانينها أو التابع لها وتتمثل بالحوار مع القوى المؤثرة على عملية اتخاذ القرار السياسي من شخصيات وتجمعات وأحزاب وكتل برلمانية، سواء أكانت في السلطة أم في المعارضة على السواء، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية التي تخدم سياستها الخارجية.
وتخضع عملية الاتصال هذه عادة لمعطيات هامة من حيث المواقف والقضايا المطروحة قيد الحوار، ومواقف السلطة والمعارضة منها والخط السياسي الرسمي للدولة حيالها. وتتراوح هذه المواقف عادة مابين المؤيد التام، والمؤيد، والحياد التام، والحياد، والمعارضة التامة، والمعارضة، والعداء التام، والعداوة، ولهذا كان لابد من تحديد دقيق للموقف السياسي للدولة، ومقارنته بالمواقف الأخرى، للعمل على كسب التأييد اللازم لصالح القضايا المطروحة للنقاش، والعمل على زحزحة المواقف السياسية المعلنة للدولة، لصالح تلك القضايا. أو محاولة خلق مناخ ملائم للحوار الإيجابي حولها على الأقل.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النظام السياسي السائد في تلك الدولة، ومستوى ديمقراطية هذا النظام، وطرق اتخاذ القرارات السياسية في ظل النظام السياسي القائم، ومدى المشاركة الفعلية لكل القوى السياسية المشاركة في اتخاذ تلك القرارات. لأن الاتصال بالجماهير الشعبية في أي دولة من دول العالم يتم من خلال تلك القوى التي تمثل النخبة المؤثرة، وهي أولاً: أصحاب الحق باتخاذ القرارات؛ وثانياً: الجماهير الشعبية، التي هي بمثابة قوة ضاغطة على أصحاب حق اتخاذ القرار.
ومن هنا نفهم مدى أهمية إلمام خبراء الإعلام والمخططين للحملات الإعلامية الدولية بالنظم السياسية للبلدان المستهدفة والقوى المؤثرة فيها سواء أكانت تلك القوى في السلطة أم في المعارضة، ودور تلك القوى في اتخاذ القرارات لاستخدامها في وضع خطط الحملات الإعلامية المؤيدة، أم المضادة وأن نأخذ بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية والثقافية التي تساعد على نجاح الحملات الإعلامية الدولية.
2- الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية، عن طريق النشرات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، والبرامج الإذاعية المسموعة والمرئية، والعروض السينمائية والمسرحية، وأفلام الفيديو، وإقامة المعارض الإعلامية، وتشجيع السياحة وتبادل الزيارات، وغيرها من الوسائل التي تتيح أكبر قدر ممكن من الصلات المباشرة مع الجماهير، للوصول إلى تأثير إعلامي أفضل وأكثر فاعلية.
وتأخذ بعض الدول لتحقيق سياستها الخارجية أسلوب مخاطبة الجماعات المؤثرة فقط، توفيراً للنفقات التي تترتب من جراء استخدام أسلوب الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية العريضة، وتوفيراً للوقت الذي يستغرق مدة أطول من الوقت اللازم عند مخاطبة قطاعات وشرائح اجتماعية متباينة من حيث المصالح والتطلعات، ومستوى التعليم، والثقافة، والاتجاه الفكري ومزاجية تلك الجماهير العريضة في متابعة القضايا المطروحة، والمحصورة في بوتقة اهتمامات شريحة اجتماعية معينة فقط، لأن أسلوب الاتصال الفعال بالجماهير الشعبية يحتاج أيضاً لإمكانيات كبيرة ووسائل متعددة، تفتقر إليها الدول الفقيرة والنامية بينما نراها متوفرة لدى الدول المتقدمة والغنية والقادرة من حيث الإمكانيات المادية والتقنية والخبرات الإعلامية، وتمكنها من استخدام الأسلوبين في آن معاً.
3- ويمثل الإعلام الدولي الدولة أو الجهة التي ينتمي إليها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية أم متخصصة أم تجارية، كمكاتب الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة في العديد من دول العالم، ومكاتب جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية، ومنظمة الأوبك، والسوق الأوربية المشتركة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة الدول المستقلة، ورابطة أوروآسيا الاقتصادية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة جنوب شرق آسيا، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ونحن عندما ننظر اليوم إلى الطريقة التي تستخدم فيها الدول الغنية كل تقنيات وسائل الاتصال الحديثة في خدمة حملاتها الإعلامية الدولية، عبر أبسط صورها المتمثلة بقنوات الإذاعة المرئية الفضائية، بعد انتشار استعمال الدوائر المغلقة، وهوائيات استقبال البث الإذاعي المرئي عن طريق الأقمار الصناعية في المنازل. وشيوع استخدام شبكات الحاسب الآلي واسعة الانتشار، ومن أهمها، شبكة الـ "إنترنيت" العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل دون منافس يذكر حتى الآن، وموجات البث الإذاعي المسموع الوطنية الـ FM المؤجرة للغير. في الوقت الذي نرى فيه الدول النامية تتخبط بمشاكلها الإعلامية، وتعاني من الآثار المترتبة عن التطور التكنولوجي الحديث، والخلل الفاحش في التدفق الإعلامي الدولي أحادي الجانب والتوجه والتأثير.

مشاكل الإعلام الدولي في الدول النامية
ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها الدول النامية والفقيرة حتى اليوم، للخروج من المأزق الإعلامي الذي تعاني منه، نراها تتخبط بمشاكلها الإعلامية التي تزداد تشعباً وتعقيداً كل يوم، بسبب التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في ميدان وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية حتى على الصعيد الوطني، ومن أهم تلك المشاكل:
الخلط بين الوظيفة الإعلامية المحلية، والوظيفة الإعلامية الإقليمية، والوظيفة الإعلامية الدولية، ومتطلبات كل من تلك الوظائف وخصائصها المتميزة؛ والخلط بين السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية للدولة عند التخطيط للحملات الإعلامية الدولية، والارتباك في تحديد الأولويات؛ وضعف أجهزة وتقنيات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وافتقارها للمعدات والتجهيزات المتطورة، والإمكانيات المالية اللازمة للحملات الإعلامية الدولية، أو استخدامها للإعتمادات المالية المتاحة بشكل سيء، أو بشكل غير فعال لتحقيق الأغراض المطلوبة، إضافة لسطحية المساعدات الخارجية التي تحصل عليها تلك الدول من الدول الغنية، والمنظمات الدولية المتخصصة؛ والنقص الفاضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة بالإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وندرة أصحاب التخصص الأكاديمي بينهم، مما يؤدي إلى اختيار كوادر غير كفوءة للعمل الإعلامي الدولي، لاعتبارات سياسية في أكثر الأحيان، وهذا بدوره يؤدي إلى:
غياب التنسيق بين المخطط، والمنفذ، وأجهزة متابعة الحملات الإعلامية الدولية؛ وضعف الإلمام بخصائص الجمهور الإعلامي الأجنبي، وعدم إتباع أسلوب إعلامي منطقي ملائم ومتطور قادر على إيصال مضمون الرسالة الإعلامية للقطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية؛ وغياب التعاون وحتى التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، ومؤسسات التعليم العالي المتخصصة، ومؤسسات البحث العلمي، فيما يخص إعداد الكوادر الإعلامية الوطنية والبحوث العلمية التطبيقية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة راجع الصدى الإعلامي وتأثير المادة الإعلامية، وفاعلية الخطط الإعلامية، والاكتفاء بالبحوث النظرية البحتة التي تتناول الجوانب الوصفية والتاريخية فقط، بابتعاد عن الدراسات التي تتناول جوهر التخطيط، وتحليل مضمون الرسائل الإعلامية، وتقدير راجع الصدى الإعلامي المخطط له وراجع الصدى الفعلي للمواد الإعلامية وقدرات الوسيلة الإعلامية المستخدمة.

الإعلام الدولي والصراعات الدولية
يعاني عالم اليوم كما في الماضي من صراعات سياسية ومنازعات عسكرية عديدة، وتبقى في مقدمتها اليوم القضية الفلسطينية التي مازالت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ مدة تجاوزت النصف قرن وأدت إلى عدة حروب مدمرة منذ قيام دولة إسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الذي قضى بإنشاء دولتين عربية وعبرية على أرض فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني بتجاهل لمصالح الشعب الفلسطيني، وبدأت تلك الحروب بالحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 وانتهت باحتلال إسرائيل لقسم من الأراضي المخصصة للدولة العربية في فلسطين وإعلان الهدنة، التي استمرت حتى العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956 وانتهى بانسحاب القوات المعتدية من الأراضي المصرية المحتلة، ثم العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن وسورية عام 1967 الذي انتهى باحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني الذي كان تحت الإدارة المصرية آنذاك، وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن الفلسطينية والتي كانت آنذاك تحت الإدارة الأردنية، وهضبة الجولان السورية بعد إعلان وقف إطلاق النار. والحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 التي خاضتها مصر وسورية مدعومة من بعض جيوش الدول العربية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي وانتهت باحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي المصرية والسورية. لتعقبها المعركة السياسية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تكللت بتوقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل والعرب، وهي المعاهدة الإسرائيلية المصرية المعروفة بمعاهدة كمب ديفيد، التي صمدت رغم الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 وعدوانها المستمر عليه، واحتلالها المستمر لجزء من أراضيه. لتبدأ عام 1991 المسيرة السلمية الشاملة في الشرق الأوسط بانعقاد مؤتمر مدريد الدولي لحل قضية الشرق الأوسط بمشاركة جميع الأطراف المعنية، وأطراف دولية أخرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وما أعقبها من اتفاقيات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية. لتعود وتصطدم الجهود السلمية مرة أخرى بالعدوان والتعنت الإسرائيلي المستمر والذي يحظى بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها دون قيد أو شرط، التعنت الذي يحول دون التوصل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يقضي بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، بما فيها هضبة الجولان السورية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن بؤر الصراع الخطيرة الأخرى في العالم، الصراع الباكستاني الهندي الدائر حول مقاطعة كشمير الحدودية المتنازع عليها بين الطرفين والتي تهدد بالانفجار في أي وقت كان خاصة بعد سلسلة التجارب النووية التي نفذتها الدولتين في أيار/ مايو 1998، معلنة عن مرحلة جديدة في إطار سباق التسلح الجاري في القارة الآسيوية.
والحرب الأهلية الدامية والمدمرة في أفغانستان، التي بدأت عام 1979 ضد التدخل العسكري السوفييتي في الشؤون الداخلية لأفغانستان، وتحولها بعد ذلك إلى حرب عرقية ودينية إثر انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، تلك الحرب التي هددت أمن واستقرار الدول المجاورة لها، وخاصة دول وسط آسيا المستقلة حديثاً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق ولها حدوداً مشتركة معها: أوزبكستان وطاجكستان وتركمانستان. واستمرار الخطر رغم قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغزو الأراضي الأفغانية والقضاء على حكومة طاليبان فيها بذريعة الهجمات الإرهابية التي تمت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
إضافة إلى مناطق التوتر الكثيرة التي ظهرت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، كالصراع في منطقة قره باغ الأذربيجانية، والصراع في الشيشان بين روسيا الاتحادية والمطالبين باستقلال جمهورية إشكيريا، والصراع في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا المطالبتان بالاستقلال عن جورجيا، والحرب الأهلية التي هدأت نسبياً في طاجكستان، والصراع بين البوسنيين، والصرب، والكروات وألبان كوسوفو، فيما كان يعرف سابقاً بيوغسلافيا الاتحادية، والوضع الشاذ في ألبانيا التي انهارت فيها وبكل سهولة أجهزة وبنى الدولة العسكرية والسياسية خلال تسعينات القرن العشرين.
والصراعات الكامنة الأخرى بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، والحرب الأهلية في الصومال والسودان والمغرب العربي والخلافات الحدودية الإريترية اليمنية، والإريترية الإثيوبية، والوضع المتوتر في منطقة الخليج العربي بسبب الحرب العراقية الإيرانية المدمرة، والغزو العراقي للكويت وقيام التحالف الدولي بتحرير وطرد القوات العراقية من الكويت، ومن ثم غزو قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العراق واحتلاله وإسقاط نظام الحكم القائم فيه عام 2003 حتى دون قرار من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتحول العراق بسبب الاحتلال إلى ساحة للصراعات العقائدية والطائفية والعرقية التي لا يحمد عقباها، وتهدد وحدة ترابه وثرواته الوطنية، التهديد الذي أصبح واقعاً بعد صدور قرار الكونغرس الأمريكي بتقسيم العراق إلى كيانات فيدرالية في سبتمبر 2007، وغيرها من بؤر التوتر الكثيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بمعظمها من التركة الثقيلة للاستعمار الأوروبي الطويل في تلك المناطق.
وقد بينت السوابق التاريخية أن لكل صراع أبعاده الداخلية، والإقليمية، والدولية، وعناصر قوى يجب مراعاة التفاعلات الجارية بينها، وتأثير هذا التفاعل على تطور الصراع بشكل عام، بقصد التعامل مع هذا الصراع ومعالجته بالشكل المناسب، وهذا لا يمنع وجود عناصر مشتركة بين الصراعات المختلفة، ويمكن الاستفادة منها عند معالجة تلك الصراعات أو التعامل معها إعلامياً.
وتعتمد النتائج النهائية لأي صراع من الصراعات، على عناصر القوة المتوفرة لدى كل طرف من أطرافه، وتضم هذه العناصر القوى المعلوماتية، والعسكرية، والتكنولوجية، والإمكانيات الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، والحالة المعنوية للقوى البشرية. وتعتمد كلها على مسائل أخرى كعنصر المفاجأة، وتطور استخدام الإستراتيجية والتكتيك، واللجوء إلى أساليب جديدة غير معروفة من قبل، مما تجعل عملية التنبؤ بنتائج الصراع صعبة جداً، وفي بعض الأحيان غير مجدية، إضافة للإمكانيات الذاتية للأشخاص القائمين على إدارة الصراع، ومدى توفر المعلومات لديهم، والتقنيات والأدوات الحديثة التي يستخدمونها في الصراع، فصانع القرار في أي صراع يبني قراره على معطيات ملموسة أولاً، وعناصر غير ملموسة تشمل الخصائص النفسية والحالة المعنوية للخصم ثانياً.
وتقتضي معالجة الصراع الاعتماد على العقلانية وبعد النظر، واستبعاد العواطف والانفعالات، لأن عملية معالجة أي صراع هي عملية معقدة وشاقة، ونابعة أساساً من عناصر القوى المشاركة فعلاً في الصراع من الجانبين أو من قبل الأطراف المتصارعة، أو المعنية بالصراع، مبنية على الحسابات الدقيقة والخطط الموضوعة والمستخدمة فعلاً من قبل طرفي أو أطراف الصراع.
وتتنوع أدوات الصراع، عندما تقتضي ظروف الصراع اللجوء إلى القوة العسكرية تارة، وإلى القوة الاقتصادية تارة أخرى، أو إلى العمل السياسي والدبلوماسية الهادئة في حالات أخرى، أو قد يلجأ الجانبان المتصارعان إلى استخدام القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية في آن معاً، مستخدمين المرونة في تكتيك إدارة الصراع وفقاً لطبيعة الظروف المتبدلة محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويبقى دور الإعلام الجماهيري في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي حول وجهة النظر الرسمية للدولة من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد هذا الصراع وأسبابه، مع مراعاة أن يأخذ خبراء الاتصال والإعلام والصحفيين بعين الاعتبار، خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للدولة المعنية في هذا الصراع، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية، لأن السلاح الإعلامي في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، لأنه الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوى البشرية في الدول المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراعات الدائرة، مع التأكيد على أن الإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.

مستقبل العلاقات الدولية
في مقارنة قام بها بعض المؤرخين للتنبؤات التي وضعها السياسيون عام 1900 وما حدث فعلاً خلال قرن من الزمن ظهر أنهم لم يتوقعوا من خلال تنبؤاتهم بالأحداث الهامة التي جرت خلال القرن العشرين، لا بالحربين العالميتين، ولا بثورة أكتوبر البلشفية في روسيا، ولا بقيام الاتحاد السوفييتي وتشكل منظومة الدول الاشتراكية، ولا بانهيار النظم الاستعمارية العالمية، لتثبت أن التنبؤ في مجال التطور العالمي صعب جداً، وهو أصعب بكثير من التنبؤ في مجال برامج الاستنساخ الطبية أو في مجال غزو الفضاء وانتقال البشر إلى الكواكب الأخرى، ومع ذلك فقد حاول البعض وضع سيناريوهات ممكنة للمستقبل منطلقين من حقائق العصر، منها:
أن توقع مستقبل انفراد الولايات المتحدة الأمريكية في مسعاها لفرض هيمنتها على العالم خلال السنوات العشرين القادمة ممكن لأن هذه الدولة مستمرة في المضي على طريق زيادة الهوة بينها وبين المجتمع الدولي في مجالات العلاقات المالية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية والسياسية وغيرها، وخلال سنوات الفترة الرئاسية الأولى من حكم بيل كلينتون (1992 – 1996) للولايات المتحدة الأمريكية، ارتفع المؤشر الاقتصادي للدخل القومي بحوالي 4% سنوياً، وهو ما حدث للدخل القومي الألماني، وخلال الفترة الرئاسية الثانية لبيل كلينتون (1996 - 200) زاد الدخل القومي الياباني، وتحدث الكثيرون عن "المعجزات الاقتصادية" الأخرى، وفي الواقع أن المعجزة جرت في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. لأن العولمة في ظروف القطب العالمي الواحد تضيق على الدول المستقلة الكبرى الأخرى، ولا تدعهم يسلمون بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعولمة، ولا يستبعد أن واشنطن كقائد ستقوم بتنفيذ خطط إستراتيجية لإضعاف أو إنهاك تلك الدول. وهنا لابد من التذكير بما كتبه س. هنتنجتون: من أن "النظام أحادى القطبية يبشر بقيام دولة عظمى واحدة، وغياب الدول العظمى الأخرى وعدد كبير من الدول الصغيرة". لنستنتج أن دولاً كبيرة مثل روسيا، والصين، والهند، غير مرغوب بها للولايات المتحدة الأمريكية ليبرز سؤال مهم إلى متى ستستمر حالة عالم القطب الواحد هذه ؟ وهو ما حاول الإجابة عنه الأكاديمي الروسي ن. مويسييف معتمداً على قوانين الرياضيات مؤكداً عدم إمكانية الاحتفاظ بهذا الوضع لفترة طويلة، لأن التاريخ أثبت أنه في كل مرة أدارت فيها قوة عظمى واحدة العالم دون أن يكون لها قوة معادلة انهارت كروما والإمبراطوريات الأخرى التي سيطرت على العالم القديم منفردة، وشبه هذا الوضع بكرسي يستند على ساق واحدة. وذكر أنه: "بعد التدمير الإجرامي لمركز القوة الثاني في العالم (الاتحاد السوفييتي السابق)، الذي قامت به جماعة صغيرة انهار التوازن السلمي لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، ودمرت طبيعة تطور الأحداث في عملية التفاعل الكوني، وأصبح كل شيء مرتبط بشكل جديد من أشكال القوة العسكرية" وبدأت تظهر مساعي واشنطن التي تعلم أنه لا يمكنها الصمود طويلاً وحيدة، للحصول على مساندة غرب أوروبا لتكون الشريك الاستراتيجي الأصغر. في الوقت الذي أخذت فيه بالظهور دعوات تدعوا الغرب بالسعي لبناء تحالف أمريكي أطلسي من أجل تحقيق الاستقرار في العالم.
وأدى تركيز مراكز القوة المالية والاقتصادية والتجارية إلى تحول شرق وجنوب شرق آسيا إلى مركز لنصف الاقتصاد العالمي المالي والتجاري والسكاني. وتوقع البعض أن تملك الصين حتى عام 2020 أكبر اقتصاد عالمي، مشيرين إلى أن هذا لا يعني وزنها العسكري والسياسي بل مستوى الحياة في الصين نفسها الذي سيتفوق على نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وأن الصين لن تترك واشنطن تتحكم بالعالم وحدها. وأن الهند بسكانها الـ 1.2 مليار نسمة ستصبح الدولة الرابعة في عالم الاقتصاد، ووفق توقعات البنك الدولي، وستبقى ثلاث دول غربية هي الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، والبرازيل؛ ضمن الدول العشر الأكثر تتطوراً اقتصادياً في العالم حتى عام 2020 والسبع الباقية في آسيا. رغم أن التأثير المباشر على العلاقات الدولية خلال العشر سنوات القادمة سيبقى كما كان في السابق متركزاً في ثلاثة مراكز للقوة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، واليابان، ومن المتوقع أن تنضم إليهم الصين والهند وأن تلعب روسيا وحلفائها دور مركز الثقل في تطور الأحداث العالمية.
ومن تحليل لتوقعات المتخصصين الدوليين، يمكن أن نجد أن العولمة:
- عززت التشابك الاقتصادي والأمني لمختلف الدول، وتغيرت إلى حد بعيد الأجندة السياسية الدولية، ورافقها تغيير لأفضليات مصالح الدول على الساحة الدولية وتبدلت إمكانيات وسائل تنفيذ سياساتهم الخارجية.
- وأن مفهوم قوة الدولة تغير من الاعتماد على القوة العسكرية إلى الاعتماد على تطوير الموارد المالية والاقتصادية والمعلوماتية والفكرية للدولة.
- وأن دور اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية تبدل من التحالفات والاتحادات العسكرية والسياسية إلى التحالفات والاتحادات التجارية والاقتصادية الإقليمية والدولية مثال: الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، ورابطة أوروآسيا الاقتصادية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومجلس تعاون دول الخليج العربية، وغيرها. لتبقى في مقدمتها مجموعة "دول الثمانية الكبرى"، وهو ما يعني تحول السياسة العالمية والدبلوماسية نحو الاقتصاد.
- وأن العولمة كانت السبب في ارتفاع نسبة الوعي القومي بين سكان الكرة الأرضية، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع عدد الدول المستقلة. خاصة وأن عدد الدول المستقلة كان (50) دولة بعد الحرب العالمية الثانية، وأن منظمة الأمم المتحدة تضم في عضويتها الآن أكثر من 192 دولة، مع إمكانية زيادة هذا العدد خلال السنوات القادمة، بسبب وجود أقليات عرقية في أكثر من (100) دولة ويزيد عدد أفراد كل جالية عن المليون نسمة، مع إمكانية انهيار تلك الدول وانقسامها إلى دول مستقلة، كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق الذي انقسم إلى خمسة عشر دولة مستقلة، ويوغوسلافيا التي انقسمت إلى عدة دول لم يزل الصراع قائماً بينها حتى الآن، وتشيكوسلوفاكيا التي انقسمت إلى دولتين مستقلتين، وإثيوبيا التي انقسمت إلى دولتين مستقلتين. وفي أحسن الظروف يمكن قيام فيدراليات شبه مستقل ذاتياً في بعض تلك الدول متعددة القوميات، وهو ما تسعى إليه الدول العظمى وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحاضر، مثل الحالة العراقية التي اتخذ الكونغرس الأمريكي قراراً في عام 2007 يدعو قوى الاحتلال إلى تقسيمه لكيانات فيدرالية على أسس عرقية ودينية، والحالة السودانية، والحالة الروسية، وغيرها.
- وأن ارتفاع عدد الدول قد يؤدي إلى تراجع دور تلك الدول وشخصيتها ضمن الحدود الدولية المعترف بها (كما يجري الآن في غرب أوروبا).
- وأنه من المرجح زيادة عدد الصراعات العرقية والحدودية وإعلان أكثر من (50) منطقة مناطق نزاع، بالإضافة إلى أكثر من (150) صراعاً على الحدود البحرية، وأكثر من (30) جزيرة تقع ضمن مناطق النزاعات.
- وتوقع انهيار دور المنظمات الدولية الحكومية بداية من منظمة الأمم المتحدة مع ازدياد تأثير المنظمات غير الحكومية، مثل: الخضر، وأطباء بلا حدود، وغيرهم.
- ومطالبة أغلبية الدول النامية بحق تقرير المصير مما سيعرض مبدأ عدم المساس بحدود الدولة ووحدة أراضيها إلى خطر كبير، ولنتصور ماذا سيحدث لو أعلنت التيبت، ومنغوليا الداخلية، وسينزيان حق تقرير المصير في جمهورية الصين الشعبية، أو إذا أعلنت كشمير حق تقرير مصيرها في جمهورية الهند، أو إعلان السكان السود واللاتينيين في الولايات المتحدة الأمريكية حق تقرير مصيرهم ؟
- وزيادة خطر انتشار السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل، وزيادة عدد الدول التي تملك السلاح النووي بعد انضمام إسرائيل والهند وباكستان لتلك الدول إضافة لعشرات الدول القريبة من امتلاك السلاح النووي.
- وتأثير العولمة على العلاقات الدولية والعمل الدبلوماسي منذ بداية القرن الحادي والعشرين حيث أخذت تظهر على الخط الأول مسائل عسكرية وسياسية، رافقتها أزمات عسكرية، ولقاءات قمة، غلبت عليها مسائل التجارة الخارجية، والمالية، وحماية البيئة، والتبادل الإعلامي الدولي وغيرها.
- وظهور س. هنتيجتون الذي تحدث في كتابه "تصادم الحضارات" عن الصراع بين سبع حضارات قائمة حالياً في العالم، و ز. بجيزينسكي الذي دعى في كتابه "رقعة الشطرنج العظمى" إلى هيمنة الولايات المتحدة على قارتي أوروبا وآسيا.
وبقيت المشكلة أمام روسيا (القطب المنافس السابق للولايات المتحدة الأمريكية قبل انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية) تدور حول التعامل مع العولمة، دون خلق مشكلة منها. والعمل على أن تتكامل روسيا مع العولمة دون إلحاق خسائر بمصالحها القومية، خاصة وأنها تشغل المركز 15 في العالم من حيث عدد أجهزة الكمبيوتر المستخدمة فعلاً، إضافة لتخلفها عن الدول الأوروبية بـ 8 مرات تقريباً من حيث حصة الفرد من عدد أجهزة الكمبيوتر لكل ألف نسمة من السكان، ونسبة المشتغلين في إنتاج تكنولوجيا المعلوماتية وخدماتها التي لا تزيد في روسيا عن 1%، بينما هي أكثر من 20% في الدول المتقدمة.
في الوقت الذي يدعو فيه المتفائلون إلى عدم التخوف، مذكرين بالإمكانيات الضخمة التي تملكها روسيا من ثروات طبيعية وبشرية يمكنها إخراج روسيا من أزمتها الراهنة. وهو ما أعلنه رئيس الحكومة الروسية السابق م. كاسيانوف في المؤتمر الدولي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الذي عقد في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا وذكر أن روسيا تملك 25% من احتياطي الثروات الباطنية (12% من الفحم، و13% من النفط، و20% من المياه الصالحة للشرب، و20% من الكوبالت، و27% من الحديد، و30% من النيكل، و35% من الغاز، و40% من البلاتين)، ولكنها كلها خامات، والأسواق الدولية تنتظر المنتجات المتطورة الجاهزة، التي تنتج وتباع وهي غير كافية في روسيا. بالإضافة لمواجهتها بمنافسة شديدة على صعيد الاقتصاد والتجارة الدولية. الأمر الذي يدفعها وبإصرار للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وهو ما لم يتحقق لها بعد، لتسهل خروجها إلى الأسواق الخارجية، وتبديل هياكل صادراتها. وسعيها من خلال برنامج العشر سنوات للدخول في حلبة التقدم العلمي الاقتصادي الذي تفرضه العولمة.
وعلى الرغم من امتلاك روسيا لصواريخ ذرية قوية عابرة للقارات، والعضوية الدائمة في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة، ومشاركتها في مؤتمرات قمة الدول الثمانية المتطورة في العالم، ومشاركتها في مؤتمرات الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وعضويتها في رابطة الدول المستقلة، ورابطة أوروآسيا الاقتصادية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها إلا أنه هناك محاولات حثيثة للتضييق عليها على صعيد السياسة الدولية، من أجل تهميش مصالحها الوطنية. حتى أن عضو أكاديمية العلوم الروسية ن. مويسييف كان مضطراً للإعلان عن: أن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في السنوات القريبة التالية هو التضييق على روسيا لإخراجها من بحر البلطيق (عن طريق قبول دول البلطيق في حلف الناتو) وإخراجها من البحر الأسود (عن طريق استدراج أوكرانيا إلى حلف الناتو) وحصرها في المحيط المتجمد الشمالي، وتحويلها إلى دولة بحرية شمالية. أو كما كتب ز. بجيزينسكي تحويلها إلى دولة هامشية. وأن هذا الهدف مخفي تحت عبارات براقة عن الشراكة، وعن العلاقات الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو.
بينما نرى أن الدبلوماسيون يفهمون أن العولمة غيرت جوهر جداول أعمال السياسة الدولية، وأفضلياتها، ووسعت من إمكانيات العمل المشترك لمختلف الدول، وفتحت الآفاق أمام المجتمع الدولي للتعاون متعدد الأطراف. وأبرزت وزن الدبلوماسية الاقتصادية، التي رافقتها الدبلوماسية البيئية، مع ازدياد أهمية الدبلوماسية الشعبية، ودبلوماسية التنمية لحل مشاكل دول الجنوب الفقيرة. الأمر الذي يدعو العالم إلى تشكيل منظومة عالمية لمواجهة التهديدات والأخطار الجديدة، الناتجة عن العولمة في القرن الحادي والعشرين. وهو ما دعى إليه مجلس وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بجلسته التي عقدها بمدينة بورتو في بداية ديسمبر/كانون أول 2002 بمشاركة روسيا من خلال إصدار قرار لإعداد إستراتيجية تتعامل من خلالها المنظمة مع التهديدات الجديدة للأمن والاستقرار في القرن الحادي والعشرين. وتبعته موافقة الهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة في منتصف ديسمبر/كانون أول 2002 على مشروع القرار الروسي للتعامل مع تهديدات وأخطار العولمة، والنظر في إمكانية تشكيل نظام عالمي لمواجهة تلك التهديدات والأخطار، على أن يتم دراستها وتقديم تقرير عنها للدورة التالية للهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة.

الدول العربية والساحة الإعلامية الدولية
وحدث هذا في دولة عظمى سابقة بينما نرى أن الأوضاع في العالم العربي حالياً هي أشد قسوة، ويعيش نكبة ليست أقل وطأة من نكبة فلسطين عام 1948 عندما قامت القوات الأمريكية و‏البريطانية بتدمير البنية التحتية للعراق واحتلاله، وهو الذي كان مهداً للحضارة العلمية والفنية والأدبية للإنسانية في عصر بابل، وحمورابي،‏ وهو الذي كان في العصر الإسلامي العباسي مركز العالم ومنارته وأداة تقدمه العلمية والثقافية والحضارية،‏ وهو الذي كان أحد أعمدة الوطن العربي المعاصر، وأحد أهم البلدان النامية في حقبة ما بعد التحرر من الاستعمار الأوروبي‏.‏ والاجتياحات البربرية التي تستبيح من خلالها القوات الإسرائيلية بدعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية وتدمر البنية التحتية لفلسطين ولبنان وتعمل القتل والتشريد واقتلاع شعبين من مساكنهم وأرضهم على مرأى ومسمع من دول العالم دون أن يحرك ساكناً. حتى أن مؤتمر روما في تموز/يوليو 2006 خرج بما معناه تفويض لإسرائيل يطلق يدها لإبادة ما تستطيع من الشعبين الفلسطيني واللبناني واستكمال تدمير بنيتيهما التحتيتين وتدمير اقتصادهما بالكامل. ليشهد العالم ميلاد الشرق الأوسط الجديد الذي يريدونه دون أي مراعاة لمصالح شعوب المنطقة.
وهذه النكبة ليست عربية فقط وإنما هي نكبة للإنسانية وللنظام الدولي وللمنظمة الدولية التي تعتبر عنوانا له وهي الأمم المتحدة التي لم تعبأ بها لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا إسرائيل الخارجة على النظام الدولي بحماية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن الفلسطيني واللبناني والعراقي،‏ وبقرارات الأمم المتحدة بشأنهم، ‏حتى وصلت الأمور إلى قصف المقرات التابعة لهذه المنظمة الدولية في العراق ولبنان وقطاع غزة بالصواريخ، وهدم تلك المقرات وقتل وجرح من كانوا فيها بما في ذلك الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق‏ لا لشيء إلا لتصريحه بأن الاحتلال الأمريكي للعراق مذل وجارح للعراقيين،‏ ولابد أن الهدف الأساسي من اجتياح العراق كان تحطيم البنية الأساسية لقطاع البحث العلمي العراقي واعتقال أو تصفية كبار علمائه‏.‏ ووقف الاختراق العلمي الذي حققه العراق ويمكن أن يضمن القوة والمنعة للدول العربية‏ ويضمن لها التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والقدرة علي المنافسة في الأسواق الدولية التي يتزايد انفتاحها بشكل تدريجي‏ في ظروف العولمة.‏
وللمقارنة نرى أن إسرائيل خصصت خلال الفترة الممتدة من عام 1989 وحتى عام 2000 نحو ‏2.38%‏ من دخلها القومي الإجمالي للبحث والتطوير العلمي في الوقت الذي خصصت فيه مصر أقل من ‏0.2%‏ من ناتجها القومي للبحث والتطوير العلمي، وسورية 0.18%، والإمارات العربية المتحدة 0.45%‏، والكويت 0.2%، والأردن 0.26%، أما بقية الدول العربية فلم يكن هناك أية مؤشرات عن إنفاقها على البحث والتطوير العلمي، وهذا أقل بكثير من المعدلات الدولية المخصصة للإنفاق في هذا المجال، وأقل بكثير مما تنفقه إسرائيل العدو المصيري للعرب التي أنفقت (3.8) مليار دولار أمريكي علي البحث والتطوير العلمي في عام ‏2002 فقط وهذا ضعف ما أنفقته الدول العربية مجتمعة في هذا المجال، بالإضافة إلى ترهل الأجهزة الإدارية المشرفة على البحث العلمي التي تستنزف القسم الأكبر من المخصصات الموجهة للبحث العلمي في موازنة الدولة في أغلب الدول العربية.
ومن مقارنة بسيطة لثمار البحث العلمي التطبيقية وفي مجال نشر المقالات والدراسات العلمية في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي والتقني نرى أن الدول العربية مجتمعة نشرت خلال عام 1999 حوالي (3416) مقالة وبحثاً علمياً، بينما نشرت إسرائيل وحدها (5025) بحثاً ومقالة علمية وهو ما يساعدها على تبادل نتائج البحوث العلمية المتكافئة نوعاً ما وتبادل المصالح في مجال التطوير العلمي مع الدول المتقدمة، خاصة وأن إسرائيل استطاعت خلال عام 2001 تصدير منتجات عالية التقنية بلغت قيمتها 7456 مليون دولار أمريكي، بينما بلغت صادرات مصر من تلك المنتجات في ذلك العام نحو 12 مليون دولار أمريكي، وتونس 154 مليون دولار أمريكي، واستوردت الدول العربية مجتمعة منتجات عالية التقنية بقيمة 314 مليون دولار أمريكي، وهذا يعني وبكل بساطة أن الدول العربية ليست منتجة وليست مستهلكة لمنتجات التقنية العالية وهذا الأمر لا يحتاج لأي تعليق. ولكن لا بد من القول أن الدول العربية مجتمعة دون استثناء بحاجة لتطوير مداخلها وتوجهاتها نحو البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي ودخول عام التكنولوجيا المتقدمة التي يفرضها دخول عالم اليوم عصر العولمة الشاملة وتتطلب تفعيل مراكز البحث العلمي القائمة وترشيد عملها وإيجاد الناقص منها لتتكامل دائرة التعليم والإعلام والبحث العلمي وإنتاج واستهلاك التكنولوجيا المتقدمة وتنسيق الجهود على صعيد العالمين العربي والإسلامي.
وكمثال أورد الإعلام الذي يعتبره البعض متفوقاً على الساحة العربية دون أي إشارة لمدى الخروقات الغربية للساحة الإعلامية العربية، وعجز الإعلام العربي عن مخاطبة الساحة الإعلامية الدولية وعجزه عن إيصال الخبر والصورة في موعدها دون تأخير وفق منطق ومفهوم وتفوق وسائل الاتصال والتقنيات الرقمية المتطورة عبر الأقمار الصناعية التي استخدمتها بنجاح كبير وسائل الإعلام الأمريكية لتغطية أخبار الأحداث الإرهابية التي وقعت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية والحرب التي يخوضها الجيش الأمريكي حتى الآن في أفغانستان والعراق. وشهدت عمليات التغطية الإعلامية تطورات هائلة في القرن الحادي والعشرين، وأصبحت لا تعترف لا بالحدود الجغرافية ولا بالحدود السياسية لدول العالم، هذا إن لم نتطرق لبنوك المعلومات وطرق التعامل معها بعد تدشين موقع الإعلام الجديد www.ekateb.net الذي اعتبره البعض أول موقع عربي متخصص في مجال الإعلام الجديد يجري تحديثه بصفة دورية بهدف تزويد الإعلاميين العرب بكل ما يحتاجون معرفته عن الإعلام الجديد New Media، والتكنولوجيا المرتبطة به ومدى تأثيرها على الصناعة التي يعملون بها سواء كانت إعلاماً مقروءاً أو مرئياً أو مسموعاً، ولكن تلك المصادر (حسنة النية) لم تشر ولو بالتلميح لا لمصادر تمويل الموقع ولا لمصادر تلك المعلومات التي ستلبي وجهة نظر مموليها لتمريرها عبر موقع الإعلام الجديد، ولا لتوجهات تلك المصادر التي سيكون لها تأثير كبير دون شك على الوعي العربي وخاصة وعي الإعلاميين البسطاء الذين سينقلون عن موقع الإعلام الجديد عن حسن نية.
يتبع

هناك 5 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. بارك الله فيكم دكتور على كتابكم القيم، ونرجو من حضرتكم أن تطلعوننا على طريقة من أجل اقنائه

    ردحذف
  3. الكتاب بنسخته الإلكترونية والورقية أرسل لجامعة الرياض للنشر، ولكنه لم ينشر، ويمكنكم الحصول على النسخى الإلكترونية فقط من هذه الصحة. أجمل تحية ABADNA Mohamed Amine

    ردحذف