أ.د.
محمد البخاري
الإعلام
والمجتمع في عصر العولمة
2002
متطلبات
المجتمع المعلوماتي:
خاصة بعد أن جاء التقدم التقني والتكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال والاستشعار عن
بعد بأنواع جديدة تماماً من التقنيات المعلوماتية لم تكن معروفة من قبل في العالم
المتقدم والنامي معاً، دمجت بين النص المكتوب، والصوت، والصورة، وبدورها أوجدت
أشكالاً جديدة من الخدمات الإعلامية والمعلوماتية، تطلبت كلها ابتكار وسائل جديدة
لنقل المعطيات والمعلومات، تعمل كلها بشكل متبادل يكمل بعضه بعضاً، وأدت بدورها
أيضاً لظهور نزعة يساندها البعض لتوحيد تلك التقنيات في وحدة متكاملة. وهذا إن تم
مع تطور تقنيات وتكنولوجيا وسائل الإعلام والاتصال التقليدية فلابد من أن يجر من
وراءه تحولات جذرية ونوعية عميقة في كل مجالات حياة الأفراد والمؤسسات والمجتمعات
والدول. وكل ذلك يعتبر من الملامح المميزة للمجتمع المعلوماتي، من حرية انتقال
ووصول المعلومات والتعامل معها ونشرها دون أية عوائق. وهذا بحد ذاته يدعوا دول
العالم كلها إلى ترشيد النظم الديمقراطية والشفافية داخل مجتمعاتها، بما يؤدي إلى
رفع مستوى النشاطات الاجتماعية والإنتاجية، وإلى تطور المنافسة الشريفة بما يضمن
حقوق الجميع، وخاصة حقوق المستهلك في ظل اقتصاد السوق المفتوحة التي تدعوا وتصر
عليها العولمة الاقتصادية. ورغم التشكيك في قدرات العولمة من قبل خصومها ومؤيديها
على السواء، يرى البعض أنها يمكن أن تحد من خطر انفراد الطبقات الحاكمة بالسيطرة
على الاقتصاد الوطني دون غيرها، وتفرد الاحتكارات الدولية في السيطرة على الاقتصاد
العالمي بشكل عام. وتعتقد بأن العولمة يمكنها إيقاف تفشي البيروقراطية والأشكال
الاحتكارية غير الفاعلة، وتحد من الانعزال الاقتصادي والفساد المستشري في بعض
الدول. لأن توفير المعلومات الكاملة ووضعها في متناول الجميع، والاعتماد عليها عند
إجراء الدراسات التحليلية والعلمية لابد وأن يساعد على اتخاذ قرارات صحيحة وموزونة
عند وضع السياسات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، ولتوجيه النشاطات
الإنتاجية نحو رفعة وتقدم ورفاهية الأمم والشعوب المختلفة. ومن هذه النظرة
التفاؤلية نرى أن المجتمع المعلوماتي قد يحمل في طياته إمكانيات كبيرة تتيح فرصة
ترشيد بناء الدولة القومية والمجتمع القومي، وتتيح الظروف المثلى لاستخدام الموارد
والمقدرات المحلية، وتوظيفها عملياً في خدمة كل ما يساعد على رفع فاعلية ووتائر
الإنتاج. وهذا على ما نعتقد لا يمكن أن يتم دون تطوير البنى التحتية للخدمات
العامة، وتطوير التعليم الوظيفي بما يتلاءم واحتياجات المجتمع المعلوماتي الآخذ
بالانتشار، ومن أجل الوصول بالاقتصاد إلى مرحلة الاستثمار الأمثل للموارد
الطبيعية، وحماية البيئة والمحافظة عليها سليمة معافاة للأجيال القادمة. والانتقال
عبر مراحل التطور المتعاقبة بشكل سليم يضمن حماية الأمن القومي والمصالح الوطنية
العليا. فاستخدام وسائل الاتصال، ونقل وتخزين واسترجاع المعلومات الإلكترونية
المتطورة بشكل واسع، يفرض على جميع الدول ضرورة إعادة النظر الفورية وبشكل جذري
بنظم التعليم التقليدية القائمة، وخاصة في الدول النامية والأقل حظاً من غيرها في
عصر العولمة الإعلامية. لأن تلك الدول تعتبر من أكبر المجتمعات التي يستفاد فيها
من فرص التعلم عن بعد أو ما يعرف بنظام التعليم عن طريق المراسلة، أو عبر البرامج
التعليمية التي تنشرها وتبثها وسائل الإعلام والاتصال التقليدية، أو التي أصبحت
تنقل عن طريق شبكات المعلوماتية الإلكترونية المتطورة، وكلها تصب في إطار برامج
التعلم المستمر مدى الحياة الذي أخذت الحاجة إليه تزداد في ظروف العولمة أكثر من
ذي قبل. وتتطلب برامج التعليم المستمر، وخاصة منها تلك التي تتم عن بعد، مهارات
فردية أكثر من ذي قبل للتعامل مع السيل الهائل من المعلومات التي توفرها العولمة الإعلامية،
ومن أجل تحقيق مبدأ رفع الكفاءة الذاتية تجنباً لاتساع هوة التخلف التي تهدد
المجتمعات النامية والأقل تطوراً في القرن الحادي والعشرين. ولا بد من تحسين إعداد
الفرد المتخصص، وتحسين برامج تدريبه المستمرة، بالشكل الذي يتيح للشركات والمؤسسات
العامة والخاصة آفاقاً وفرصاً جديدة تساعدها في إدارة شؤون العاملين فيها،
وتدريبهم المستمر الذي يضمن رفع مستوى أدائهم وطاقاتهم الإنتاجية. وهذا يتطلب قبل
كل شيء إدراك العاملين أنفسهم بأن الكفاءة الفردية وحسن الأداء الوظيفي هو الطريق
الوحيدة نحو مستقبل واعد وأكثر نجاحاً، مستقبل تحدده وتتحكم به دوافع وفرص العمل
وحدها. ومن الإمكانيات الأخرى التي يوفرها المجتمع المعلوماتي، إمكانية تحسين نظم
الوقاية الصحية عن طريق نشر معلومات الوقاية الصحية عبر وسائل وشبكات الاتصال
الإلكترونية، وإتاحة الفرصة أمام مؤسسات الوقاية الصحية لاستخدام شبكات الحاسب
الآلي لتبادل المعلومات الطبية والوقائية والصيدلانية بشكل مشترك، والتوسع
باستخدام الدارات التلفزيونية المغلقة، والتي تصبح تلقائياً دارات مفتوحة عبر
شبكات الاتصال الإلكترونية أمام المؤسسات الطبية في العالم لتبادل المعلومات
والمشاركة بالخبرات الطبية بشكل عاجل عند الضرورة. وهي الظروف نفسها التي يمكن أن
تنطبق أيضاً على تبادل المعلومات الأخرى في المجالات العلمية والثقافية والتعليمية
والتربوية .. إلخ. والمجتمع المعلوماتي يعتبر الوسط الملائم لتطور الشرائح
المتوسطة من المجتمع، وهي الشرائح الاجتماعية الأساسية في معظم دول العالم، وهي
الشرائح نفسها التي تمثل الأوساط المثقفة في جميع الدول المتقدمة والأقل تقدماً
والنامية في العالم على حد سواء. ومن المعروف أن هذه الشرائح تشغل كل الوظائف
التقليدية في المجتمع، من تعليم، وصحة، وبناء، وصناعة، وزراعة، ومواصلات، وخدمات،
وإعلام .. إلخ. والأكثر أهمية هنا أن هذه الشرائح تتضمن الفئة المنتجة في مجالات
التأليف والبحث العلمي سواء في التعليم أم في الثقافة أم في الإنتاج والتكنولوجيا.
ومنه نستطيع أن نستنتج مدى مصلحة هذه الشرائح الاجتماعية من وجود المجتمع
المعلوماتي الذي يتم فيه تبادل المعلومات دون حواجز أو عوائق. وكذلك مدى استعداد
تلك الشرائح الدائم لخلق الظروف المواتية لتشكيل وتطوير المجتمع المعلوماتي الذي
يخدم ويحمي مصالحها. ضمن ظروف دولية تسعى فيها كل الدول المتقدمة لاحتلال موقع
القيادة دون غيرها في تشكيل والسيطرة على المجتمع المعلوماتي الآخذ بالانتشار.
الاتجاه الذي يحتاج لدراسة علمية وتحليلية عميقة ومتأنية أكثر من غيره من اتجاهات
المجتمع المعلوماتي، لأنه يتشابك مع الأمن الإعلامي الوطني، والمصالح الوطنية لكل
دول العالم.[1]
وسائل
الإعلام والاتصال الجماهيرية والدولة القومية في المجتمع المعلوماتي: إذ يتحدث الكثيرون اليوم
عن اضمحلال دور الدولة القومية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. بينما يختلف
معهم البعض الآخر عندما يؤكدون أن المعلوماتية تأتي في إطار الدول والقوميات، لأن
المجتمع المعلوماتي أساساً يحمل في طياته عناصر قومية عابرة للقوميات، تتخطى
الحدود القومية عبر النشاطات العالمية للمؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية
الدولية، والاتحادات والشركات متعددة الجنسيات. ومن الأمثلة الواقعية للتطور
الناجح للمجتمع المعلوماتي في إطار الدولة القومية: فنلندا والسويد والدانمرك
وغيرها من الدول الاسكندينافية التي تملك كل منها نظاماً متزناً خاصاً بها، لوسائل
الإعلام الجماهيرية والاتصال الجماهيرية الوطنية كاف لحماية خصائصها القومية
الخاصة بها في إطار العولمة والمجتمع المعلوماتي. أما فيما يتعلق بالشبكات العابرة
للقوميات، فإن تلك الدول تشجع قيام جماعات محلية من مختلف الشرائح الاجتماعية،
وطبعاً من بينها النخبة المثقفة ورجال الإعلام للحوار ومخاطبة مثيلاتها من النخب
المثقفة ورجالات الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا،
وألمانيا، وروسيا، واليابان والصين وغيرها من دول العالم، بغض النظر عن المسائل
القومية الخاصة بتلك النخب. ويؤدي هذا الحوار وبشكل عفوي إلى ظهور اتحادات إعلامية
عابرة للقوميات بين المتحاورين، تتطور تلقائياً وتتعزز نشاطاتها مع اتساع رقعة
حوارها عبر الدول القومية. ومن هنا يرى البعض أن حوار كهذا في بعض الأحيان قد يكون
صعباً بسبب التناقضات العميقة والصعبة الحل بين بعض الجماعات القومية المتشددة،
وهو ما يوحي بأن العولمة ليست حلاً للمشاكل القومية المستعصية، بل هي أسلوباً
متقدماً للحوار الذي قد يساعد على إزالة العقبات من طريق التفاهم بين تلك
الجماعات، وبالتالي إزالة مشاكل التطور القومي بالحوار الواعي والبناء في إطار
المجتمع المعلوماتي المفتوح، ولوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية طبعاً دوراً
هاماً يجب أن تلعبه فيه. ولكن من معروف أن أوضاع وسائل الإعلام والاتصال
الجماهيرية التقليدية في الدول النامية في وضع لا تحسد عليه، وحتى في بعض الدول
الأقل تطوراً من الدول المتقدمة، ولا نبالغ إن قلنا أن من بين تلك الدول دولة عظمى
هي الاتحاد الروسي ومعظم الدول المستقلة حديثاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي
السابق والمعسكر الشرقي الذي كان يقوده. فعدد نسخ الصحف الصادرة في تلك الدول
انخفض بشكل كبير عما كان عليه في السابق، إضافة إلى الانخفاض المستمر في عدد قراء
الصحف، بسبب ارتفاع أسعار الصحف اليومية والإصدارات الدورية الأخرى بالمقارنة مع
نسبة الدخل الفردي للمواطن في تلك الدول. لتبقى الخدمات الإعلامية المقدمة
للمواطنين بذلك حكراً على الإذاعتين المسموعة والمرئية دون غيرها من وسائل الإعلام
والاتصال الجماهيرية التقليدية الأخرى. ويمكننا هنا إضافة احتكار استخدام
تكنولوجيا المعلومات الحديثة وشبكات الاتصال الحديثة ومنها شبكة
"الانترنيت" العالمية لفئة محدودة جداً من القادرين على الإنفاق على مثل
تلك الوسائل والتقنيات المتطورة باهظة التكاليف مقارنة بمستوى دخل الفرد المتوسط.
وضمن تلك الفئة المحدودة طبعاً دور النشر وإدارات وسائل الإعلام التقليدية
المطبوعة والمسموعة والمرئية القادرة على تحمل تلك النفقات، وهي الوسائل التقليدية
التي ستبقى على المدى المنظور المصدر الأكثر منالاً للمعلومات، للأكثرية المطلقة
من شرائح الساحة الإعلامية في تلك الدول، ومصدراً شبه مجاني للدول المتقدمة عبر
نوافذ تلك الوسائل التقليدية في شبكة الانترنيت، رغم أن تلك الوسائل لم تلعب الدور
المنتظر منها في مجتمعاتها بشكل كامل منذ إنشائها وحتى الآن، حسب تعبير البروفيسور
ياسن نيكولاييفيتش زاسورسكي، عميد كلية الصحافة بجامعة لومونوسوف الحكومية بموسكو.[2] والمشكلة أن
المجتمع المعلوماتي آخذ بالتطور والتوسع والثبات في دول العالم المتقدم، والتأخر
عنه يزيد من هوة التخلف عن الركب الحضاري الإنساني سريع التطور، إن لم تتخذ حكومات
تلك الدول إجراءات عاجلة تؤدي إلى تحقيق نقلة نوعية في البنى التحتية لوسائل
الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية فيها. عن طريق إقامة البنية التحتية
الأساسية الحديثة لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وإعداد الأجيال الناشئة وتمكينها
من استخدام تقنيات وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات الحديثة التي تكفل دخولها المتكافئ
إلى المجتمع المعلوماتي الدولي الذي تفرضه العولمة وتجعله حتمياً لا مفر منه. مما
يدفعنا لطرح السؤال التالي: هل يكتب لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في الدول
الأقل حظاً أن تعيش في ظل العولمة ؟ والجواب على هذا السؤال يكمن في أن تكنولوجيا
المعلومات والاتصال الحديثة فتحت آفاقاً جديدة تماماً للحصول على المعلومات، وهو
ما غير بشكل جذري اللوحة الاتصالية التقليدية، وفتح آفاقاً جديدة أمام عملية إيصال
ونشر المعلومات. وظهرت قنوات وسبل جديدة، وتشكلت قنوات جديدة عديدة للحصول على
المعلومات. وباتت الوسائل التقليدية كالصحف، والإذاعتين المسموعة والمرئية، واحدة
من بين الوسائل غير التقليدية عبر شبكات المعلومات الدولية وخاصة شبكة
"الانترنيت" وبنوك المعلومات المرتبطة بها. حيث تشكلت حالة تمكن معها
الفرد من الحصول على المعلومات غير الجماهيرية وتبادلها بصورة فورية ودون عوائق.
وهو ما دفع بالبعض للتنبؤ بانحسار دور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
التقليدية، ولو جزئياً مع التركيز على استخدام وسائل نقل المعلومات الحديثة. الوضع
الذي طرح للنقاش وبحدة موضوع مستقبل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية
وإمكانية احتفاظها بوجودها ودورها في المجتمع المعلوماتي. والطريقة التي يمكن أن
تكيف تلك الوسائل نفسها في الظروف الجديدة الناشئة عن الانتقال من تقديم الخدمات
الإعلامية للمجتمع إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح على العالم. ولكننا نعتقد هنا
أنه من الضروري النظر إلى المشكلة مثار النقاش من الناحية الموضوعية واقعياً، ومن
خلال التركيز على بعض الخصائص الهامة التي يتميز بها دور وسائل الإعلام والاتصال
الجماهيرية التقليدية من خلال وظيفتها الاجتماعية التي لا بد وأن تستمر حتى بعد
الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي. فلوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية
دور بارز وهام في مختلف المجتمعات، عن طريق تقديمها للخبر والتحليل عن الأحداث
والنشاطات الرسمية، ونشاطات المجتمع بمنظماته وتشكيلاته وشرائحه المختلفة، وتسليط
الضوء على النجاحات والإخفاقات الاقتصادية السياسية وغيرها، والأحداث على الساحات
المحلية والإقليمية والعالمية. وقد بدأت هذه الوظيفة بالتبلور بعد الإجراءات
الدستورية والتشريعية التي ضمنت حقوق الإنسان وحرية الكلمة في فرنسا وبريطانيا
والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم المتقدم منذ عدة قرون. ورافقت
تلك الإجراءات الديمقراطية عملية ظهور الصحافة المقروءة في تلك الدول وساعدت تلك
الإجراءات بشكل عام على تطور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية تباعاً.[3] أما المجتمع
المعلوماتي المنفتح، فهو يتناقض مع المجتمع الشمولي الذي يقيد المجتمع بشدة، ويقيد
حرية الكلمة ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية. ويؤمن المجتمع المعلوماتي
الانفتاح الإعلامي، ويتيح الوصول إلى المعلومات بشتى السبل، بما فيها حرية الوصول
إلى المعلومات الرسمية وشبه الرسمية المفتوحة. لتصبح عملية الحصول على المعلومات
وعملية التبادل الإعلامي في المجتمع المعلوماتي أداة تخدم المجتمع، وحقيقة ملموسة
تخدم تقدم المجتمع ومنعته لو أحسن استخدامها. ومع ذلك فإننا نرى فعلاً أن ظهور
شبكات المعلومات الإلكترونية الدولية وخاصة شبكة "الانترنيت" وما رافقها
من تشييد وانتشار بنى تحتية للمعلومات الإلكترونية عبر العالم، رافقه انخفاض نوعي
لدور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية. وأوضاعاً تهدد فعلاً بانقسام
المجتمع إلى مجموعة كبيرة تحصل عل المعلومات من خلال الصحافة المطبوعة رخيصة
الثمن، والإذاعتين المسموعة والمرئية. ومجموعة محدودة جداً في المجتمع تحصل على
المعلومات من شبكات المعلومات والاتصال الإلكترونية الحديثة وقنوات المؤسسات
الإعلامية الضخمة عبر شبكة "الانترنيت" باهظة التكاليف في الدول النامية
والأقل حظاً. مما جعل الكثيرين من الباحثين يرون في ذلك خطراً يهدد الديمقراطية في
العلاقات الدولية ومن بينهم بروفيسور جامعة واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية
شاليني فينتوريللي الذي أشار إلى تشعب وانقسام المجتمع في الكثير بالمقارنة مع
الأوضاع التي سبقت ظهور المجتمع المعلوماتي.[4] وفي الحقيقة
فإن تطور المجتمع المعلوماتي يأتي معه بأخطار اجتماعية جديدة غير متوقعة، ولا بد
من البحث عن طرق لحلها، وتجاوزها قبل استفحالها واستعصاء حلها. ومن أهم تلك
الأخطار الصراعات الجديدة الناتجة عن التقسيم المتسع للسكان وفق درجة اشتراكهم
وفعالية مشاركتهم في الوسط المعلوماتي. وخطر ازدياد الهوة بين الأغنياء
معلوماتياً، والفقراء معلوماتياً، وحتى بين الشرائح الاجتماعية التي تشكل المجتمع
الواحد، وهي الفروقات التي دفعت بالاتحاد الأوروبي للتفكير الجدي بإعداد برامج
خاصة موجهة نحو الحد من تلك التناقضات داخل المجتمع الأوروبي المتقدم نفسه.[5] وهي الفروقات
نفسها التي أخذت تظهر بحدة في بعض الدول المتقدمة والغنية، وفي دول العالم الأقل
حظاً والدول النامية والفقيرة. ضمن إطار ما يعرف بدول الشمال الغني ودول الجنوب
الفقير. إضافة للتناقضات داخل الدول نفسها والتي تدور ضمن إطار التركيبة
الاجتماعية الداخلية، ومنها التناقض بين الشرائح المثقفة القادرة على التعامل مع
التقنيات الإعلامية الحديثة، والشرائح محدودة الثقافة أو شبه الأمية أو الأمية
العاجزة عن التعامل مع تلك الوسائل، والتناقض بين القادرين على شراء أجهزة الاتصال
الحديثة، والقادرين على ربط تلك الأجهزة بشبكات المعلومات الدولية، وأولئك الذين
لديهم إمكانية الوصول إلى تلك الأجهزة واستعمالها عند الحاجة، وأولئك الذين لا
يملكون تلك الإمكانية بتاتاً. إضافة للتناقضات حتى داخل الأسرة الواحدة والمتمثلة
بالتناقض بين كبار السن الذين يستخدمون في بعض الأحيان خدمات الحاسب الآلي الشخصي
وشبكة المعلومات الدولية "الانترنيت" دون الإلمام بالتكنولوجيا الحديثة
التي يستخدمونها فعلاً، وجيل الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم ليلاً ونهاراً أمام
شاشات الحاسب الآلي الموصولة بـ"الانترنيت". ويبدوا هذا التناقض أكثر
حدة في الأوساط الطلابية وخاصة طلاب السنوات الأخيرة من الدراسة الجامعية في الدول
الأقل حظاً من دول العالم، ناهيك عن طلاب الدول النامية والفقيرة الذين يجيدون
نظرياً على الأقل استخدام التكنولوجيا الحديثة، والتعامل مع شبكات المعلومات
الدولية ومن بينها طبعاً شبكة "الانترنيت" نتيجة لدراستهم مبادئ التعامل
مع التكنولوجيا الإعلامية الحديثة في الجامعة، ويحتاجون لمعلومات شبكات المعلومات
الدولية لمشاريع تخرجهم، ولكنهم لا يملكون إمكانية الوصول الكافي لتلك الشبكات.
وقد أبرزت إحدى الدراسات أن نسبة ضئيلة جداً من طلاب كلية الصحافة بجامعة موسكو
تملك إمكانيات الوصول لأجهزة وشبكات المعلومات والاتصال الحديثة، وأن أكثر من 70 %
من طلاب السنة الأولى من طلاب الجامعات في روسيا لا يملكون مثل تلك الإمكانية
عملياً،[6] وهي من الدول
التي لا تنتمي للدول الغنية في مجال تقنيات الإعلام الحديثة نوعاً ما، وتعاني من
مشاكل في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة. وهذا الوضع يشمل
تقريباً كل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الوسطى والشرقية الأقل
تطوراً عن مثيلاتها الأوروبيات. وقد ظهر هذا جلياً في الأبحاث الميدانية
الاستكشافية عن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة في خمس دول من
المعسكر الشرقي السابق وهي: بولونيا وبلغاريا وهنغاريا ورومانيا وروسيا. وتم من
خلالها اكتشاف أن مصادر المعلومات في روسيا مثلاً موزعة بين عدة مصادر وفي أكثر
الأحيان تحمل طابع الشكلية والعرضية. وظهر أن الإدارة المركزية للإحصاء في روسيا
الاتحادية لا تقوم بإحصاء أجهزة الحاسب الآلي ولا أجهزة الهاتف المحمولة، ولا
الأجهزة الموصولة فعلاً بشبكة المعلومات الدولية "الانترنيت". وتقوم
بإعطاء معلومات سطحية تقول أنه في روسيا الاتحادية هناك حاسب آلي شخصي واحد لكل
10000 نسمة تقريباً، وطبعاً مثل هذه الإحصائيات ليست دقيقة ولا تفيد عملية البحث
العلمي. وقد أثبتت نتائج الأبحاث التي جرت، أن الوضع يتفاوت من منطقة إلى أخرى،
وأن من أكثر المناطق استيعابا لتكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة هي: العاصمة
موسكو، وسانت بيتربورغ، إضافة لمقاطعة ناديم التي تملك كل ثالث عائلة فيها حاسب
آلي شخصي نتيجة لعائدات النفط والغاز في المقاطعة. ومنه استنتج الباحثون أن روسيا
وتلك الدول التي أشرنا إليها تعاني من خلل إعلامي واضح، إضافة لانعدام الجهود
المخلصة لتطوير البنى التحتية الإعلامية الحديثة التي تعتبر المدخل الأساسي
للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، وأن الرأي العام داخل روسيا الاتحادية غير مهيأ
بعد لتقبل تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة.[7] ويورد البروفيسور
ياسن نيكولاييفيتش زاسوركي في إحدى مقالاته مثالاً آخر عن الخلل الإعلامي في
الاتحاد الروسي استمده من القاموس الموسوعي الموجز الصادر في موسكو عام 1998، الذي
لم يجد فيه أي ذكر أو أي تعريف أو إشارة لشبكة المعلومات الدولية
"الانترنيت"، وعدم قيام الناشر في تحديث وترشيد المعلومات الواردة في
القاموس، واكتفائه بالمعلومات القديمة الواردة في الطبعات السابقة فقط، وهو ما
يثبت حسب رأيه واقع مصادر المعلومات التقليدية التي تسيطر على الوعي الجماهيري في
روسيا. وفي نفس الوقت تعكس عدم اهتمام الأوساط العلمية والرسمية الروسية بمشاكل
المجتمع المعلوماتي، التي أصبحت تشكل عنصراً هاما من العناصر التي تعيق المجتمع
المعلوماتي وتعيق التطور اللاحق في مجالات الحياة الاقتصادية والمالية والتعليم
والثقافة وغيرها. ومن هنا نستطيع أن نضع تصوراً للواقع الأكثر تخلفاً في الدول
النامية والفقيرة على الإطلاق.
مشاكل
قيام المجتمع المعلوماتي في الدول النامية: وهنا لابد أن نعترف بأن الثورة
المعلوماتية والعولمة الإعلامية قد جلبتا معهما ملامح مجتمع جديد تماماً، هو
المجتمع المعلوماتي إلى الدول النامية، ذلك المجتمع الذي تتحول فيه الخدمات
الإعلامية المتاحة لكل الشرائح الاجتماعية من مجرد خدمات إلى أعصاب وشرايين تتحكم
بحياة المجتمع وتقدمه. ولابد أيضاً من الاعتراف بأنها جلبت معها العولمة
الاقتصادية سريعة الانتشار، وجاءت بالخطر الأساسي الذي يهدد عملية تطور الإنتاج في
الدول النامية والأقل نمواً في العالم، وأنها عززت من سلطة الاحتكارات والاتحادات
الإنتاجية والصناعية والاقتصادية والمالية العالمية في تلك الدول، وأصبحت تلك
السلطة تهدد أمن وسلامة المجتمع والبيئة في الدول النامية والأقل تطوراً على
السواء، وأصبحت تهدد بانتشار البطالة وتقليص فرص العمل التقليدية المتوفرة
عالمياً. وهو وضع أشبه ما يكون بالوضع الذي رافق الثورة الصناعية في الدول
الأوروبية المتقدمة. [8] وهو وضع تستفيد
منه الدول المتقدمة فقط ويصب في مصلحة اقتصاد الدول الأكثر تطوراً، والاحتكارات
الدولية والشركات متعددة القوميات والعابرة للقارات، إن لم تحسن الدول النامية
والأقل نمواً التصرف خلال الفترة الانتقالية التي قد تمتد وقد تقصر حسب الظروف.
وهذا التصرف مرتبط كما نرى بمدى تجهيز البنى التحتية لوسائل الإعلام والاتصال
التقليدية والموارد الإعلامية وتجديد قنواتها ومضمونها. وتهيئة المجتمع للتعامل مع
الظروف الجديدة التي أصبح لا مفر منها، ومحاولة توظيفها بالشكل الذي يخدم رفاهية
المجتمع، ويعزز الديمقراطية والسلطة الوطنية والاقتصاد الوطني. ومن الطبيعي أن
تظهر في ظروف استخدام شبكات المعلومات الدولية أشكالاً جديدة من التعديات وحتى
حالات من العدوان الثقافي تهدد فيه الدول الأكثر تقدماً الأمن الإعلامي وثقافة
الدول النامية والأقل تطوراً، بما يلوح بخطر ضياع الثقافات والخصائص والملامح
القومية لمجتمعات بأكملها، وتهدد بضياع الخصائص اللغوية المميزة للأمم الضعيفة.[9] وتنتشر عملية
فرض وتعويد الإنسانية على عادات استهلاكية تتفق ومصالح مجموعة ضيقة من الاحتكارات
والشركات متعددة القومية والعابرة للقارات. وكلها تتطلب من الدول النامية والأقل
تطوراً تحصين وإعداد مجتمعاتها المحلية لمواجهة أخطار الانفتاح الإعلامي، وتدريبها
على الطرق الفاعلة لمواجهة هذه وغيرها من أخطار العولمة والانفتاح الإعلامي
والاقتصادي، والمشاركة الإيجابية في عملية إنشاء المجتمع المعلوماتي الذي يحمي
المصالح الوطنية وينفتح على المجتمعات الأخرى أخذاً وعطاء، ويجنب تلك الدول خطر
الانغلاق على الذات الذي يفوق خطره أخطار العولمة نفسها. وهي الأخطار التي تجاوزت
عملياً خطر الانتشار الواسع لثقافة الشاشة الفضية الصغيرة أحادية الجانب، لتقف وجهاً
لوجه أمام أخطار الساحة المعلوماتية العاملة باتجاهين، والتي يلعب فيها الفرد دور
المتلقي ودور المرسل في نفس الوقت، بانفتاح على العالم دون قيود أو حدود، مما خلف
مشاكل وأثاراً نفسية واجتماعية لا حصر لها، إن لم نضف إليها خطر الخلط بين كم
المعلومات الهائل الذي يتعرض له الفرد الذي أصبح عاجزاً تقريباً عن التمييز بين
الواقع والخيال في مضمون هذا الكم الهائل من المعلومات، وعاجزاً عن حماية نفسه من
أخطارها. ومع إمكانية الوصول السهل للشبكات المفتوحة المليئة بالمعلومات تظهر
مشاكل ضرورة الحد من إمكانية الوصول للمعلومات التي تشكل خطراً على المجتمع
والثقافة والاقتصاد. إضافة إلى مشكلة انتشار المعلومات الشخصية على الشبكات
الإلكترونية، ومشكلة النخبة الإعلامية، التي تحظى بإمكانية الوصول إلى تكنولوجيا
وموارد المعلومات بما يحقق لها التفوق الإعلامي دون الشرائح الأخرى في المجتمع الواحد،
ومشكلة احترام حقوق التأليف وحقوق منتجي المعلومات الإلكترونية. ولحل مثل تلك
المشاكل وغيرها في المجتمع المعلوماتي لابد من تضافر الجهود الحقيقية للمتخصصين في
كل المجالات في إطار الدول القومية، وإطار الجزء المتضرر في عالم اليوم، وبعلاقة
إيجابية منفتحة على العالم المتقدم. وهذا التعاون يمكن أن يتم من خلال تحقيق
الشروط الأساسية لبناء المجتمع المعلوماتي والتي تتلخص في: - تشكيل ساحة معلوماتية
عالمية متساوية وموحدة. وتعميق عمليات التكامل الإعلامي والاقتصادي العادل
للأقاليم والدول والشعوب؛ - إنشاء القاعدة المادية المعتمدة على منجزات
التكنولوجية الحديثة، ومنها تكنولوجيا المعلومات، وشبكات الحاسب الآلي، وشبكات
الاتصال المسموعة والمرئية عبر الأقمار الصناعية، ووضعها في خدمة الاقتصاد الوطني،
الذي لا بد وأن يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلومات وإمكانياتها الواعدة؛ - إنشاء
سوق المعلومات واعتباره أحد عوامل الإنتاج مثله مثل الموارد الطبيعية، وقوة العمل،
ورأس المال، لأن الموارد المعلوماتية هي من موارد التطور الاجتماعي والاقتصادي
والثقافي، والعمل على تلبية الحاجات الاستهلاكية للمجتمع من المنتجات والخدمات
الإعلامية؛ - تطوير البنية التحتية للاتصالات المسموعة والمرئية، والمواصلات،
وتنظيمها؛ - رفع مستوى التعليم بمستوياته وتخصصاته المختلفة، وتطوير العلوم
والتكنولوجيا والثقافة من خلال توسيع إمكانيات نظم تبادل المعلومات على المستوى
القومي والإقليمي والعالمي، ورفع مستوى الكفاءة المهنية وتشجيع المواهب الإبداعية؛
- توفير سبل حماية الأمن الإعلامي للفرد، والمجتمع، والدولة؛ - وضع السبل الكفيلة
باحترام وحماية الأمن الوطني والقومي وحقوق الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة في
حرية الوصول والحصول على المعلومات وتوزيعها كشرط من شروط التطور الديمقراطي.[10]
وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة السعي أثناء تشكل المجتمع المعلوماتي، نحو تعميم
مهارات استخدام المنجزات التقنية والتكنولوجية لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة
على جميع أفراد المجتمع، لتمكينهم من الاستفادة والتعامل مع الخدمات الإعلامية
المتاحة لهم، والتي لابد أن توفر شروط التنافس الشريف بين المؤسسات الإنتاجية
والخدمية قدر الإمكان. والعمل على توفير أقصى قدر ممكن من التكامل بين الشبكات
المعلوماتية الوطنية والقومية والإقليمية والدولية من خلال تطوير وسائل الاتصال
ونقل المعلومات المرئية والمسموعة وتحديثها بشكل دائم. وطبعاً تحقيق هذا الطلب لا
يمكن أن يتم بجهود حكومية فقط، بل بتضافر جهود كل الشرائح الاجتماعية والقطاعين
العام والخاص، وجهود المؤسسات العلمية والهيئات والمنظمات الشعبية ووسائل الإعلام
والاتصال الجماهيرية التقليدية. وتطور المجتمع المعلوماتي يجر وراءه توفير فرص عمل
جديدة، لم تكن معروفة من قبل وتحتاج لإعداد مهني خاص رفيع المستوى، وإلى إعادة
تأهيل الكوادر المهنية القائمة على عملها بشكل دائم. وهو ما يفرض الحاجة لتنظيم
حملة وطنية تعليمية شاملة ودائمة، يشترك في إعدادها وتنفيذها كافة الإدارات
والمؤسسات الحكومية والعامة والخاصة والمنظمات المهنية والشعبية، ومؤسسات التعليم
والبحث العلمي والهيئات الاستشارية وغيرها. ولضمان نجاح الحملة التعليمية الوطنية
لابد من ضمان حصول المشاركين في الدورات القائمة على المعلومات الجديدة في هذا
المجال، واستخدام أحدث المنجزات التكنولوجية في مجال الإعلام والاتصال، وإدخال
الإعلام المرئي ضمن وسائل التعليم عن بعد، والتوسع في تحديث نظام تأهيل وإعادة
تأهيل المعلمين والمحاضرين والمدربين القائمين على الحملة الوطنية التعليمية
الدائمة والشاملة، لإعداد وتهيئة الإنسان القادر على تقبل واقع المجتمع
المعلوماتي. ولابد أيضاً من تدخل الدولة في إطار برامج التعاون الدولية من أجل وضع
مستوى مقبول من الأجور والتعرفات الخاصة باستخدام، وخدمات شبكات المعلومات والاتصالات
الوطنية والإقليمية والدولية في الدول النامية. ووضع تعرفات مخفضة خاصة لمؤسسات
البحث العلمي ومؤسسات التعليم العالي والجامعي وما قبل الجامعي والطلاب والمدرسين،
والعاملين في وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية. ومن الشروط الضرورية لنجاح
الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، الاستمرار في إجراء واستكمال الأبحاث العلمية
الجارية في مجالات تقنيات وتكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصال وتطويرها، والعمل
على تطبيق نتائجها في مختلف مناحي الحياة وخاصة فروع الاقتصاد الوطني مع مراعاة
حاجة ومتطلبات السوق الإعلامية المحلية. والأخذ بنتائج تلك الأبحاث لدى وضع
البرامج الخاصة بتطوير عملية إدخال واستخدام المعلومات العلمية والتقنية في خدمة
المجتمع المعلوماتي. ومراعاة حاجة جميع الشرائح الاجتماعية من المعلومات
الإلكترونية المفتوحة للاستخدام العام، ونوعية وخصائص المعلومات الإلكترونية ذات الاستعمال
الخاص والمعنية بالمعلومات الرسمية، وبأسرار الأبحاث العلمية الهامة، والأسرار
التجارية والمالية والاقتصادية وكل ماله علاقة بالأمن القومي والإعلامي والمصالح
الوطنية العليا، وأخذها كلها بعين الاعتبار عند العمل على توحيد مقاييس الانفتاح
والتكامل مع الشبكات الإعلامية الإلكترونية القومية والإقليمية والدولية في ظروف
العولمة، وعدم الاكتفاء بالنوايا الطيبة وحدها فيما يتعلق بالساحة الإعلامية
المنفتحة. خاصة وأن الكثيرون ممن تناولوا موضوع الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي
يتحدثون عن حتمية هذا الانتقال. ويعتبرون المجتمع المعلوماتي، الأكثر ملائمة
لتبادل ونقل المعلومات بانفتاح كامل ودون أية عوائق، بين مواطني المجتمع الواحد،
والمجتمعات الأخرى. ويعتبر البعض أن المجتمع المعلوماتي ينقذنا أخيراً من الاحتكار
الإعلامي ! ومن استغلال الاحتكارات الإعلامية الدولية ! ولكن السؤال الذي يطرح
نفسه هنا ألا يساعد ذلك على ظهور أنواعاً جديدة من الاحتكارات المسيطرة على شبكات
نقل المعلومات الدولية ؟ ومنها مثلاً على سبيل المثال احتكار المتمكنين فقط
لاستخدام شبكات المعلومات الإلكترونية الحديثة عالية التكاليف، بما ينبئ بتحولها
إلى وسيلة للحوار بين شرائح معينة داخل كل مجتمع، وبين المجتمعات المختلفة. ومن
نظرة إلى السيل الجارف للمعلومات التي تحملها شبكات المعلومات الإلكترونية، نرى
أنها تحمل سيلاً جارفاً من المعلومات التجارية والمالية، ونشرات أسعار البورصات
العالمية، وأسعار الأسهم، ونشرات أسعار صرف العملات الأجنبية، وخدمات شركات
التأمين، والإعلانات المختلفة، وحركة وسائط النقل البري والبحري والجوي، وخدمات
شركات النقل، ونشرات الأحوال الجوية، وكلها معلومات تهم أساساً رجال الأعمال،
وكلها طبعاً تسرع من عملية تطور وتكامل النظم المالية في الدول المختلفة سلباً
وإيجاباً في آن معاً. وهنا تظهر بحدة مشكلة الإدارة والتحكم بسيل المعلومات
المتدفق إلى داخل المجتمع المعلوماتي، والمفترض أن تكون مفتوحة وحرة ولا تتعرض
لأية حواجز أو عوائق. فأسلوب التحكم من الأعلى إلى الأسفل لا يصلح إذاً للمجتمع
المعلوماتي. لأنه من المستحيل فيه تعميم المعلومات من خلال مركز واحد، لأن شبكات
المعلومات الإلكترونية هي شبكات منفتحة ومتعددة الأطراف. وشبكات المعلومات
الإلكترونية تقدم المعلومات الواردة من شتى الاتجاهات والمستويات المختلفة إلى حد
كبير، ويلبي هذا التنوع حاجات إقامة أساس لبنية كل خلية من خلايا شبكات تبادل
المعلومات. ولكن هذه الخلايا والشبكات ليست بالضرورة بنى ديمقراطية تحترم فيها
حقوق كل الأطراف المشاركة بعملية الاتصال. ومن الطبيعي جداً أن تطغى معلومات شرائح
النخبة بإمكانياتها المادية والتقنية والتكنولوجية على المجال الإعلامي لتلك الشبكات،
بحيث تصبح شبكات شرائح النخبة المسيطرة التي تحظى بمجال أكبر للحركة ونشر
المعلومات داخل المجتمع المعلوماتي العالمي المنفتح.[11]
المجتمع
المعلوماتي ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية: لا أحد يستطيع إنكار
حقيقة أن تكنولوجيا الإعلام ووسائل الاتصال المتقدمة قد فتحت آفاقاً جديدة واسعة
أمام وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية: المقروءة والمسموعة والمرئية. وأن
استخدام شبكات الحاسب الآلي وخاصة شبكة الانترنيت العالمية قد أتاح، من ناحية سرعة
تلقي المعلومات وحفظها والتعامل معها، وأن تلك الشبكات ساعدت على انتقال ملفات
كاملة تتضمن صحفاً ومجلات وكتباً بكاملها لتطبع في أماكن أخرى بعيدة جداً عن مقرات
إدارة تلك الصحف والمجلات ودور النشر، وساعد على انتقال ملفات برامج إذاعية
وتلفزيونية كاملة لأشهر المحطات العالمية، لتبث عبر موجات محطات بث أخذت منذ
تسعينات القرن العشرين تقيد كمحطات إذاعية مرئية ومسموعة وطنية في بلدان بعيدة
جداً جغرافياً عن دولة المنشأة بسرعة كبيرة ووضوح خارق. ومن ناحية أخرى أتاح لها
سرعة الانتشار عبر صفحات WIB في شبكات المعلومات الإلكترونية الحديثة، وساعدها على الإسراع في
تقديم مضمون صفحاتها وبرامجها اليومية عبر شبكة الانترنيت العالمية، التي تتيح
للمشترك ليس مطالعة الصحف والمجلات والكتب، والاستماع لبرامج الإذاعتين المسموعة
والمرئية فقط، بل وإعادة استخدم الملفات والمعلومات الواردة عبرها. وهو ما يؤكد
تكامل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية مع وسائل الإعلام والاتصال
الحديثة، مما يؤكد ويعزز من دورها الفاعل داخل المجتمع المعلوماتي القائم في الدول
المتقدمة، والقادم منها إلى الدول النامية والأقل نمواً في العالم. ومن الملاحظ أن
تكامل الأداء بين وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية، ووسائل الإعلام والاتصال
الحديثة أدى بالضرورة إلى تحسين نوعية الأخبار المقدمة للجمهور الإعلامي، بسبب
الازدحام الهائل للأخبار المنقولة عبر أطراف الاتصال في شبكات المعلومات الدولية،
وساعد في نفس الوقت على تحسين شكل ومضمون الصحف والمجلات، وأتاح لأطراف الاتصال في
الساحة الإعلامية الدولية استخدام الموارد الإعلامية والتسجيلات الإخبارية
والتحليلية الفريدة التي تملكها وسائل الإعلام والاتصال التقليدية وتراكمت لديها
عبر السنين. ومن مظاهر التكامل أيضاً قيام وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
التقليدية بنشر مواد ترشد إلى كيفية استخدام العناوين المعلوماتية الإلكترونية
المتاحة في شبكة الانترنيت الدولية. ولكننا نرى أن هذا التكامل القائم والآخذ
بالتوسع يوماً بعد يوم بين شبكات الاتصال والمعلومات الدولية ووسائل الإعلام
والاتصال الجماهيرية التقليدية لم تدرس بعد بشكل كاف حتى اليوم، وهي تحتاج لدراسة
عميقة وتحليل جدي لمعرفة مدى تأثيره وفاعليته في المجتمع المعلوماتي المعاصر،
والرد على التخوفات التي يطلقها البعض، والآمال التي يعقدها البعض الآخر بشكل علمي
دقيق. ولعله من المناسب التذكير بما قيل عند ظهور الإذاعة المسموعة، وتنبؤ البعض
بقرب نهاية الصحف، وتنبؤ البعض الآخر مع ظهور الإذاعة المرئية بتضاؤل دور الصحافة
المكتوبة والمسموعة. والتذكير بأن تلك التوقعات والتنبؤات كلها لم تجد ما يبررها
عبر القرن العشرين وهو ما يتيح لنا التنبؤ بأن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
التقليدية ستحافظ على وجودها وتأثيرها حتى في القرن الحادي والعشرين. وأنها ستتطور
وتزدهر في ظروف التعددية الإعلامية التي يتيحها المجتمع المعلوماتي. ولابد
للتجمعات القارية والإقليمية ومن بينها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واتحاد
المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الوحدة
الإفريقية من أن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي للاتصالات اللذان
قاما بإعداد مشروعات خاصة جديد للانتقال المدروس إلى المجتمع المعلوماتي الذي
تحدثنا عنه بإسهاب، والذي يحتاج إلى معدات وتقنيات غالية الثمن وباهظة التكاليف
تعجز عنها دولة نامية بحد ذاتها. وظروف المجتمع المعلوماتي بالنسبة للدول العربية
والتي تنتمي إلى مجموعة الدول النامية، لابد أن تساهم بشكل فعال في عملية التفاعل
المشترك بين وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية العربية كقناة لتوصيل
ونقل وتراكم المعلومات، والساحة الإعلامية التي تشكل السوق الاستهلاكية الكبيرة
للموارد الإعلامية التي تتيحها تلك الوسائل عبر شبكات الحاسب الآلي الآخذة في
الانتشار يوماً بعد يوم. وفي ظروف الدول العربية التي تملك ساحة إعلامية ضخمة تمتد
من الخليج إلى المحيط لابد من تطوير وتحسين قنوات اتصالها بشبكة الانترنيت
العالمية، وتطوير البدائل اللغوية لمواردها الإعلامية لجعلها في متناول أكبر ساحة
ممكنة من الساحة الإعلامية العالمية وبلغاتها القومية، أخذاً وعطاءً، ولتوضيح وجهة
النظر العربية من القضايا الراهنة للعالم أجمع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
مشكلة الضرائب التي تفرضها الدول المتقدمة (المستهلكة) على النفط ومنتجاته وآثارها
السلبية على دول الخليج العربية المنتجة للنفط.[12]
والحفاظ في نفس الوقت على أمن وسلامة الساحة الإعلامية العربية وتطويرها بما يكفل
الحوار الثقافي متعدد الأطراف، ويضمن انتقال المعلومات العلمية والتقنية المتطورة
من العالم المتقدم إلى المستخدم العربي ليساهم بدوره في عملية تطوير المجتمع
العربي اقتصادياً وعلمياً وثقافياً واجتماعياً. ويضمن للعرب وجوداً أكثر فاعلية
على الساحة الإعلامية الدولية، وليكون له تأثيراً أكبر على الرأي العام العالمي
الذي هو اليوم أسيرا وحكراً للإعلام الصهيوني الذي يتحكم به. وهي الصورة التي
أوضحها بعفوية وصدق البابا شنودة، بابا الأقباط في مصر، وهو الإنسان غير المتخصص
بتقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية، في واحدة من مقابلاته الصحفية، عندما
قال: أن "اليهود ... لم يرجعوا إلى الأراضي المقدسة بوعد من الله وإنما رجعوا
بوعد من بلفور ... فعلى الرغم من أن اليهود أعداء للعالم كله فإنهم يخططون بطريقة
خطيرة ومدروسة منذ زمن طويل، فرغم قلتهم استطاعوا أخذ وعد بلفور، ثم دخول الأراضي
الفلسطينية تحت الوصاية البريطانية، وفي هذا الوقت كان العرب يشجبون ويدينون، وهم
استطاعوا أن يتغلغلوا داخل الإعلام الأمريكي والأوروبي، وكذلك داخل السياسة
والاقتصاد حتى جاء وقت كان عمدة نيويورك يهودياً، فهم ناس يخططون ويصلون إلى تنفيذ
ما يخططون له، ونحن نزعق ونشجب ولا نعمل، والمفروض أن يوجد "لوبي" عربي
في البلاد الأوروبية وفي أمريكا ينشط منها ويكون له نشاط سياسي مثلما فعل اليهود
.. ثم لماذا لا يقوم العرب بما لديهم من أموال ضخمة وبترول بإنشاء إذاعة وتلفزيون
خاصة بهم في أوروبا وأمريكا تنطق بلغاتهم وليس بلغتنا وكذلك صحف تتحدث باللغات
الأجنبية تدخل البلاد الأجنبية وتؤثر عليهم وعلى سياستهم".[13]
وأعتقد أن ما قاله لا يحتاج لأي شرح أو تعليق، بل الزيادة عليه بأن ما تحدث عنه
البابا شنودة أصبح يشمل عدداً كبيراً من دول ما كان يعرف بالكتلة الشرقية التي كان
يقودها الإتحاد السوفييتي السابق قبل انهياره في مطلع عقد التسعينات من القرن
العشرين. ومن ناحية أخرى فإننا نرى، أن الصحافة العربية تواجه العديد من التحديات
الخارجية، ويأتي في مقدمتها تحدي العولمة الإعلامية، التي أدت إلى زيادة هيمنة
وسائل الإعلام الغربية، مثل: وكالات الأنباء والقنوات الفضائية والصحف والمجلات
وشبكات الاتصال الإلكترونية، ومنها طبعاً شبكة الانترنيت على الصعيد العالمي.[14]
وإضعاف قدرة الصحافة ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية. ليس في الوطن العربي
وحسب، بل وفي الدول النامية عموماً، على المنافسة في مواجهة التدفق الهائل لوسائل
الإعلام والاتصال الجماهيرية الغربية. وتعتمد هذه الهيمنة الإعلامية على العديد من
الوسائل والآليات، في مقدمتها بطبيعة الحال واقعة التطور التكنولوجي والقدرات المادية
الضخمة وطغيان النموذج الغربي، بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
الغربية تستخدم كل الوسائل والتقنيات المتاحة لها، مثل حرية تدفق المعلومات، من
أجل التغلغل في الدول النامية ومن بينها الدول العربية وفرض هيمنتها الإعلامية
عليها، وتيسير المزيد من التدفق للأنباء والمعلومات الغربية إلى مجتمعات العالم
الثالث بأسره. وخلال الآونة الأخيرة، اتخذت العولمة الإعلامية العديد من المظاهر
والتجليات الجديدة، ولعل من أبرزها كان اتجاه بعض وسائل الإعلام الجماهيرية
وكبريات الصحف والمجلات الأمريكية والغربية نحو ترجمة بعض برامجها الإذاعية
المسموعة والمرئية وإصداراتها الأسبوعية والشهرية إلى العربية، وبثها وتسويقها
وتوزيعها في الدول العربية كوسائل إعلام وطنية، وهو ما يمثل نموذجاً مصغراً لظاهرة
يمكن أن يتسع نطاقها في المستقبل. وإذا لم يتم تطوير وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
التقليدية العربية، فإن قطاعات واسعة من القراء والمستمعين والمشاهدين قد يتجهون
نحو تفضيل البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية والصحف والمجلات الغربية، وبالذات
الأمريكية، سواء باللغات الأصلية أو المترجمة إلى العربية، وهو ما يمثل دافعاً
إضافياً أمام الدول العربية لتطوير وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية
التقليدية وتحسين أدائها. فهناك فارق أساسي بين متابعة البرامج الإذاعية المسموعة
والمرئية والصحف الغربية بغرض متابعة ما ينشر فيها، والتعرف على وجهات النظر
الغربية الواردة فيها، وبين أن تصبح تلك البرامج والصحف مصدراً رئيسياً أو وحيداً
للمتابعة والمعرفة للجمهور العربي، وهو ما نحذر منه بشدة. وبالتالي، فإن هذه
التحديات تؤكد أن هناك ضرورات متنوعة داخلياً وخارجياً، للتفكير في مستقبل وسائل
الإعلام التقليدية العربية، والاتجاهات الضرورية لتطويرها، فإن المطلوب هو تقوية
وتعزيز وتوسيع أدوار وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية العربية في
المستقبل من خلال التطوير التكنولوجي والمؤسسي والقانوني والمهني والسياسي
والتكاملي بينها. فعلى المستوى القانوني والمؤسسي، لابد من التركيز على معالجة
الثغرات القانونية والمؤسسية التي تحد من انطلاق وسائل الإعلام التقليدية العربية،
وذلك من خلال مواصلة الجهود لتبني مشروع جديد لقوانين الصحافة تعده الجهات المختصة
بالتعاون مع الخبراء والفقهاء العرب البارزين، والتحاور بشأنه مع القيادات
السياسية والمؤسسات الدستورية، تمهيداً لإصداره في الدول العربية. بالإضافة إلى
ضرورة تنقية القوانين والأوامر التنفيذية الحالية من القيود غير المبررة والمعارضة
للواقع الراهن الذي تفرضه العولمة والمجتمع المعلوماتي، سواء من أجل الوصول بحرية
الصحافة إلى أعلى مستوياتها أو من أجل ضمان التجانس والانسجام التشريعي بين الدول
العربية فيما يتعلق بالصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية. وفي الوقت نفسه لابد من
العمل على ضمان التمتع بالحق في الإعلام والمعلومات والنص على هذا الحق في المشروع
القومي لقانون الإعلام، وغيره من التشريعات ذات الصلة في حالة صدورها، والعمل على
تفعيل ميثاق الشرف الصحفي العربي والدفاع بحزم عن أخلاقيات المهنة، وتشجيع ارتياد
مجالات الصحافة الإلكترونية والصحافة المسموعة والمرئية لتدعيم اقتصاديات المهنة،
واستخدام آليات المناقشة والحوار ونبذ الخلافات، وتفعيلها في حوار إيجابي بناء بين
وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية التقليدية، ودفعها للحوار الإيجابي
والفعال مع وسائل الإعلام الأجنبية سواء أكانت في الدول المتقدمة أم في الدول
الإسلامية أم في الدول النامية. أما على المستوى المهني، فإن التركيز يجب أن ينصب
كما نعتقد على النهوض بوسائل الإعلام والاتصال العربية التقليدية، واستعادة
ريادتها العربية، والوصول بها إلى أعلى مستويات المصداقية والتنافسية والجدارة على
المستويين العربي والإسلامي والدولي، بما يمكنها من مواجهة الإعلام المضاد. وهناك
العديد من المجالات التي ينبغي العمل بها، وفي مقدمتها التحديث التكنولوجي وزيادة
كفاءة نظم الإنتاج والتوزيع، وتوسيع سوق الاستهلاك الإعلامية والإعلان على المستوى
العربي وضبطها وخاصة فيما يتعلق بالمواد الأجنبية منها بالتحديد، والعمل على تحقيق
التوازن المطلوب بينها، والسعي لحل وإنهاء الاختناقات التمويلية، وضرورة إسهام
الدول العربية في الوفاء بمتطلبات تطوير وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
العربية التقليدية فيها، وخاصة من خلال الإعانات والهبات غير المشروطة، وإسقاط
الديون وتخفيف العبء الضريبي وإعفاء المؤسسات الصغيرة منه. ولا بد من نشر الوعي في
الأوساط الإعلامية العربية، بمتطلبات النهضة العلمية والتقنية لوسائل الإعلام
والاتصال الحديثة بدرجة أكبر تتفق ومتطلبات الثورة الإعلامية والعولمة، ولتشجيع
المؤسسات الصحفية على تنويع أنشطتها، وقيام المؤسسات الصغيرة بأنشطة تعاونية
مشتركة فيما بينها، وحثها على الاندماج والتركيز في مؤسسات أو اتحادات إعلامية
قوية، ولتكوين هياكل أكبر عندما يكون ذلك مناسباً، لأن الاندماج والتركيز حتمياً
لبقائها واستمرارها وازدهارها في عصر العولمة والمجتمع المعلوماتي. ولا بد من قيام
الأجهزة والاتحادات والمؤسسات الإعلامية على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج
العربية، واتحاد المغرب العربي، والجامعة العربية، وغيرها من الأجهزة والمؤسسات
الإعلامية والبحث العلمي العربية بوظائف أكثر حيوية وأوسع نطاقاً في مساندة
التركيز والدمج بين تلك المؤسسات، بدلاً من مساندة جميع تلك المؤسسات وخاصة
الصغيرة منها. وفي الوقت نفسه، فإن النهوض بوسائل الإعلام والاتصال العربية
التقليدية يتطلب أيضاً ابتكار صيغة عامة للمشاركة بين المؤسسات الإعلامية
والجماعات المثقفة والعلماء والباحثين العرب في داخل الوطن العربي وخارجه، من أجل
استنباط أطر جديدة ومتنوعة للتعاون. ولا بد هنا من التركيز على مسائل التمويل
وتنظيم الأنشطة المكلفة التي تتطلب درجة عالية من المخاطرة، مثل التوسع في فتح
المكاتب الخارجية، ونشر النشاط الصحفي والإعلامي العربي ليشمل أكبر ساحة إعلامية
في العالم، وتغطية الأحداث المهمة في المناطق البعيدة والقيام بالدراسات والبحوث
العلمية وعمليات الاستيراد والتصدير ذات الصلة بالنشاط الصحفي والإعلامي، وبحوث
التسويق والتوزيع داخل الوطن العربي وخارجه وغيره من النشاطات المرتبطة بالتحقق من
الانتشار والتوزيع. يضاف إلى ذلك، أن التعاون بين تلك الجهات سوف يساعد على النهوض
بوسائل الإعلام العربية التقليدية من خلال تنمية التعاون بينها من أجل التوسع في
إنشاء مراكز البحوث والدراسات الإعلامية القادرة على الأداء المثمر، وعقد ورشات
للعمل، ومنح فرص أكبر للمفكرين والباحثين للإسهام بالرأي لتطوير وسائل الإعلام
والاتصال الجماهيرية العربية التقليدية، الرأي الذي يمكن أن يساعد على تقصير الطريق
نحو ولوجها السليم لعصر العولمة والمجتمع المعلوماتي الذي أصبح يطرق أبواب المجتمع
العربي. وهنا تبرز مسألة التدريب الصحفي وتأخذ مكان الصدارة بين القضايا المهنية
الحيوية، لأن الصحفي هو جوهر عملية نهوض وتطوير وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية
وتقنياتها. لهذا لابد من الاهتمام بالوصول بالصحفي العربي إلى أعلى المستويات
المتوفرة على الساحة العالمية من خلال التدريب الشامل والمستمر، بهدف زيادة
المستوى المهني والتقني للمؤسسات الإعلامية وللصحفيين العرب بشكل عام. الأمر الذي
يفرض الاهتمام ببرامج التدريب المستمر على مهارات استخدام تقنيات وتكنولوجيا
الحاسب الآلي وبرامجه المتطورة، وتقنيات استخدام شبكات المعلومات الدولية وخاصة
شبكة الانترنيت العالمية، والاهتمام بدراسة اللغات الأجنبية لأنها عصب عملية
الاتصال، التي اعتبرها بروفيسور الأكاديمية الدبلوماسية الروسية، غيورغي سيرغيفيتش
خازن دليلاً للثقافة الرفيعة.[15]
وكحد أدنى اللغات الأكثر انتشاراً والمعتمدة في عمل المنظمات التابعة لمنظمة الأمم
المتحدة وهي: الإنجليزية والفرنسية، والإسبانية، والصينية، والعربية، والروسية.
لأن اللغات الأجنبية هي صلب ومحور عملية الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي.[16]
ولا بد كذلك من التوسع في إرسال واستقبال البعثات الإطلاعية، وإيفاد البعثات
التدريبية إلى الدول الأجنبية المتقدمة من أجل الوصول إلى أعلى مستويات الأداء
الإعلامية العالمية، وزيادة الكوادر الإعلامية المهنية والتقنية من أجل تقديم
خدمات حقيقية ومتطورة للساحات الإعلامية المستهدفة من عملية الإعلام والاتصال، وهو
ما يمثل ضرورة قصوى في ظل الثورة المعلوماتية التي يشهدها المجتمع الدولي في مجال
وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية والمعلومات. وخلاصة القول أن الولوج في المجتمع
المعلوماتي مرتبط بالعولمة الإعلامية التي تهيمن فيها وسائل الإعلام والاتصال
الجماهيرية للدول المتقدمة، ولا يمكن مواجهة أخطارها في دول العالم الثالث، والدول
العربية عن طريق الانغلاق أو منع التدفق الإعلامي الخارجي، وإنما من خلال تحصين
المتلقي أينما كان في مواجهة سيل المعلومات والإعلام الجماهيري المتدفق من الدول
المتقدمة، بحيث يستطيع المتلقي العربي كغيره من المتلقين في دول العالم الثالث
الاستفادة من إيجابيات الإعلام الخارجي، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا
والتقنيات الحديثة، وتحييد سلبياته التي تستهدف كيان الإنسان العربي ووجدانه، كما
أنه من الضروري زيادة قدرة وسائل الإعلام والاتصال العربية على المنافسة على
الساحة الدولية. ويأتي هذا عن طريق التركيز على كل المجالات والقضايا المهمة التي
تمس وجهة النظر والمصالح العربية من مختلف القضايا العربية والعالمية، وعدم
الاكتفاء بنقل المواقف ووجهات النظر العربية إلى الرأي العام العربي فقط كما هي
الحال في الوقت الراهن، بل مضاعفة التركيز على الرأي العام العالمي في عملية النقل
تلك دون تحريف أو تشويه بشأن تلك القضايا الهامة والملحة من وجهة النظر العربية،
والتصدي للمغالطات والأكاذيب والافتراءات التي تنشرها وسائل الإعلام والاتصال
للدول المتقدمة ضد المصالح العربية. وأخيراً فإنه هناك دور حقيقي ومهم ينبغي على
وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية أن تقوم به مجتمعة على المستوى
الاقتصادي، والسياسي، والثقافي، والعلمي القومي استمراراً لدورها الرائد والطليعي
في خدمة القضايا القومية والدفاع عن القيم الديمقراطية والحريات العامة وحقوق
الأمة العربية، ومنها أن تخوض وسائل الإعلام والاتصال العربية التقليدية والحديثة
على السواء، المعركة الإعلامية الدولية بهدف توضيح الحقائق الأساسية الناتجة عن
أزمات النفط وأسعاره التي تسببها الاحتكارات والدول المتقدمة المستهلكة للنفط
والتي تخلق مشاكل كثيرة للدول المنتجة للنفط وخاصة دول الخليج العربية التي يعتمد
اقتصادها وخططها التنموية أساساً على الموارد النفطية. والصراعات الحدودية مع دول
الجوار التي خلفها الاستعمار الأوروبي وتغذيها وتؤججها بعض القوى الخارجية التي
لها مصلحة في إبقاء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة العربية، والصراع التاريخي
والظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني، وفضح ممارسات العدوان الإسرائيلي المستمر
والمتعاظم ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بشكل عام، جنباً إلى جنب مع خوض
المعركة للمطالبة بالتطبيق الكامل لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس
الأمن الدولي، ومناهضة التطبيع الاقتصادي والمهني والسياسي مع إسرائيل قبل
اعترافها وإعادتها للحقوق العربية المغتصبة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. كما
أنه من الضروري الدفاع عن حقوق ومصالح جميع الشعوب العربية والإسهام في إنهاء
النزاعات والصراعات العربية – العربية، والعمل على تصفية نظام العقوبات المجحد
الذي تعاني منه عدة أقطار عربية منذ سنوات طويلة وهو ما يعيق نمو وتطور تلك الدول،
ومن بينها العراق وليبيا والسودان، لرفع الظلم والمعاناة الأليمة عن شعوب تلك
الدول من جراء الحصار الطويل، عن طريق الحوار البناء الدائم والإيجابي مع الساحة
الإعلامية الدولية ورموزها. ويتطلب تحقيق تلك الأهداف حشد كل القدرات والإمكانيات
الاقتصادية والعلمية والتقنية والمعرفية، والاستعانة بالإنجازات الحديثة
لتكنولوجيا المعلومات والإعلام وتقنيات الاتصال المتطورة. ومن أجل هذا نكرر أنه
لابد من إعداد الكوادر غير التقليدية المتخصصة والمدربة بشكل جيد للقيام بهذه
المهمة على الصعيد الدولي، وتمكينها من التأثير على الرأي العام ليس المحلي فقط،
بل والرأي العام العالمي في كل أرجاء العالم بما فيه التأثير الإيجابي على الرأي
العام داخل إسرائيل والمؤيد لإسرائيل خارجها. من خلال توضيح أهداف ومرامي الخيار
الاستراتيجي للعرب الذين اختاروا هدف السلام العادل والحل السلمي للصراع المحتدم منذ
أكثر من نصف قرن مضى.[17]
ولابد من تعزيز التعاون بين وسائل الإعلام والاتصال العربية، والمؤسسات الإعلامية
مع دول الجوار للدول العربية من خلال دعم كل صور التبادل العلمي والفكري والثقافي
على المستوى القومي معها، وهي مهمة تقع في رأيي على عاتق أصحاب القرار السياسي في
الدول العربية، واتحاد الصحفيين العرب، ومعه كل المنظمات المعنية الإعلامية
العربية للاضطلاع بالمهام القومية في المجال الإعلامي والفكري والعلمي، والعمل على
تعزيز قدرة وسائل الإعلام والاتصال العربية على إرساء أسس السلام وتعزيز الأمن
والاستقرار داخل الأقطار العربية وفي المنطقة وفي العالم أجمع، دون إغفال أهمية
التعاون الإيجابي مع الاتحادات والمؤسسات الإعلامية العالمية المعنية بتقدم
الإعلام وحرية التعبير والثقافة، وهي مسألة تأخر فيها العرب كثيراً حسب رأي الصحفي
العربي المعروف إبراهيم نافع. [18]
وأرى أنه لابد من وضع برنامج منطقي وواقعي على المستوى العربي لتحقيق التعاون
والتنسيق في العمل، بالشكل الذي يتعزز فيه مشاركة الصحفيين العرب من خلال نقاباتهم
المهنية ومؤسساتهم الإعلامية في المنابر الإعلامية والمهنية العالمية، ومشاركتهم
الفاعلة في صناعة الخبر عن أهم الأحداث العالمية الجارية هنا وهناك. وقبل ذلك
بطبيعة الحال، فإنه من الضروري تنمية علاقة المشاركة والتعاون البناء بين الأوساط
الصحفية العربية والدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية في كل الأقطار العربية،
على أساس من العمل المشترك لمصلحة الوطن والنهوض به قطرياً وعربياً، وفي الوقت
نفسه الاضطلاع بالمهام المطلوبة على المستوى الإقليمي والعالمي. وهذا يتطلب
الإسراع في وضع وتطبيق برنامج إعلامي عربي يضمن فاعلية أكبر لوسائل الإعلام
العربية، ويضمن لها دوراً أكثر فاعلية يساعدها في أداء أدوارها المتنوعة في مجالات
التوعية العلمية والاقتصادية والتقنية والمعرفية والتنويرية والتثقيفية والتربوية
والسياسية، وفي التصدي لأعباء التنمية الشاملة. كما أنه سوف يساعد أيضاً على
الارتقاء بوسائل الإعلام العربية إلى مصاف كبريات وسائل الإعلام العالمية، وسوف
يساعد بالضرورة على تمكين وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية من الأخذ
بدورها الريادي والطليعي في كل القضايا الوطنية والقومية، في الانتقال إلى المجتمع
المعلوماتي المنفتح وليد العولمة وتداعياتها الإعلامية، بشكل أكثر إيجابية وفاعلية
وتأثير.
للبحث
بقية
هوامش:
[1]
للمزيد أنظر: د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي
الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية،
2000. ص 18-66. (باللغة الروسية) ود. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن
الإعلامي الوطني. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001. صفحة 33. ود.
محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد،
الاثنين 22 يناير 2001. صفحة 34. ود. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي
الدولي. مجلة "معلومات دولية" دمشق: العدد 65/ صيف 2000. ص 129 – 144.
[2]
أنظر: زاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل الإعلام الجماهيرية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm (باللغة الروسية)
[3]
أنظر: نفس المصدر السابق. و- د. محمد البخاري: وكالات الأنباء والصحافة الدولية في
إطار العلاقات الدولية. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص
12-13. (باللغة الروسية)
[4]
Venturelli
S. Prospects for Human Rights in the Political and Regulatory Design of the
Information Society // Media and Politics in Transition / Ed. by Jan Servaes
and Rico Lie. - Leuven, 1997. - p.61.
[5]
أنظر: وارتانوفا يي.ل.: الإتحاد الأوروبي في البحث عن المجتمع المعلوماتي. موسكو:
فستنيك جامعة موسكو. سلسلة الصحافة. 1998، الأعداد 4 و 5. (باللغة الروسية)
[6]
أنظر: زاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل الإعلام الجماهيرية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm (باللغة الروسية)
[8]
The
Information Society and the Developing World: A South Africa Perspective (Draft
5, Version 5.1, April 1996).
[9]
أنظر: د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. أبو ظبي: صحيفة
الاتحاد، الاثنين 22 يناير 2001. صفحة 34. و- د. محمد البخاري: العولمة والأمن
الإعلامي الدولي. مجلة "معلومات دولية" دمشق: العدد 65/ صيف 2000. ص ص
129 – 144.
[10]
أنظر: طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس، المؤشرات، المشاكل، والخصائص).
تأليف: غ.ل. صاموليان، د.س. تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون. موسكو: معهد نظم
التحليل في أكاديمية العلوم الروسية، 1997. ص 64. (باللغة الروسية)
[11]
Castells
M. The Information Age. Economy, Society and Culture. Volume I. The Rise of the
Network Society. - Oxford: Blackwell Publishers, 1996. – 556 p.
[12]
أنظر: خالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول
الجماعة الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999.
ص 103- 180.
[13]
أنظر: حسام عبد القادر: البابا شنودة في لقاء مفتوح. القاهرة: أكتوبر، العدد 1288،
1/يوليو 2001. ص 27.
[14]
للمزيد أنظر: د. محمد البخاري: وكالات الأنباء والصحافة الدولية في إطار العلاقات
الدولية. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)
[15]
أنظر: خازن غ.س.: فوق حاجز اللغات. موسكو: مجلة الولايات المتحدة وكندا، العدد
9/2000. ص 104. (باللغة الروسية)
[16]
أنظر: د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند:
جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. ص 52-55. (باللغة الروسية)
[17]
للمزيد أنظر: د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي.
دمشق: دار علاء الدين، 1999.
[18]
أنظر: إبراهيم نافع: مستقبل الصحافة في مصر. القاهرة: الأهرام، 29 يونيو/حزيران
2001، العدد 41843.
بانتظار تعليقاتكم
ردحذف