تحت عنوان "بالفيديو .."الفبركة" تدخل الإعلام في أزمة
أخلاقية" نشرت جريدة الإتحاد الصادرة في أبو ظبي يوم
الإثنين 22/9/2014 خبراً جاء فيه:
دماء ورؤوس مفصولة عن أجسادها ومئات الجثث هي فيديوهات وصور
مريعة انتشرت بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة، وتم تداولها على شبكات التواصل
الاجتماعي، ما أثار تساؤلات حول مدى صحة تلك الفيديوهات والصور.
وباتت تلك المقاطع تخضع لفحص نفسي وتقني شديدين، خاصة بعد نشر
"داعش" لأكثر المقاطع دموية، حيث بدأت الأصوات تتعالى لتشكك في صحة تلك
اللقطات، واعتبارها صناعة إعلامية لتهويل المواقف والأحداث لتحقيق هدف ما.
وبما أن إمكانية التلاعب بتغيير المقاطع ودمجها بمقاطع أخرى
صارت سهلة بالبرامج التي تتيح مثل هذه التعديلات حتى للهواة، حذر خبراء ومتخصصون
إعلاميون المؤسسات الإعلامية من الوقوع في فخ تلك الأخبار، مؤكدين على أهمية نسبة
المعلومات إلى مصادرها الأصلية بوضوح وعدم الاكتفاء بالنقل عن مصادر مجهولة.
وفي هذا الصدد، قال المتخصص في الإعلام الرقمي د. عمار بكار
"إن هناك أجهزة وبرامج حاليا (غير متاحة للاستخدام التجاري) تسمح بتقليد بصمة
الصوت بشكل يستحيل معه التفريق بين الصوت الأصلي والصوت المقلد، حتى مع استخدام
أدوات التحليل المتقدمة".
وأضاف "أن التكنولوجيا الحديثة التي تسمح
بفبركة المواد الصوتية والمرئية تتطور بسرعة مذهلة إلى درجة أن بعض أفلام السينما
الضخمة أنتجت باستخدام برامج الجرافيكس المتقدمة مع شيء من التمثيل في استديو مغلق".
وأوضح د. بكار "هذا كله سيحدث حالة من
الفوضى والشك في تعامل الجمهور مع المواد المرئية والمسموعة، وبينما قد يتفاءل
البعض بأن وعي الجمهور المتزايد بإمكانية فبركة هذه الفيديوهات والمواد السمعية
سيحميه من تأثيراتها، هناك دراسات علمية تقول بأن الشخص حتى لو كان يدرك مثل هذه
الإمكانية، ينسى ذلك عندما يشاهد أي مادة ويفترض مصداقيتها ما لم ينبه لعكس ذلك".
وتابع د. بكار "هذا كله يخلق تحديا ضخما
أمام الإعلاميين الباحثين عن الحقيقة، ليس فقط لأن عليهم مسؤولية ملاحقة هذه
المواد التي تؤثر على الرأي العام وتوضيح إمكانية تزويرها بشكل دائم، بل لأنهم هم
أيضا قد يقعون ضحية هذه الفيديوهات وينشرونها إعلاميا ويعلقون عليها دون أن يدركوا
الخطأ الذي هم عليه".
وقالت خولة المعمري المتخصصة في الإعلام
الرقمي: "إن الإعلام يعيش حالياً أزمة أخلاقية تتعلق بالصدق والمهنية، لأنه
تم نشر كثير من الأخبار والمقاطع المفبركة لجذب المشاهدين سواء بأشياء سلبية أو
إيجابية".
من جهته، حذر الخبير الإعلامي، الذي يعمل
بإحدى المؤسسات الإعلامية، محمد خالد من استفحال هذه الظاهرة بقوله: "هناك
الكثير من الفيديوهات والصور التي تبث على مواقع الإنترنت يتم التلاعب فيها
بتقنيات حديثة لخدمة أهداف ناشر هذه الفيديوهات وتحقيق أغراضه في التحريض على شيء
معين".
وأضاف "أن من يقوم بتلك الفيديوهات
مدربون على مستوى عال لصنع هذه المقاطع وكيفية تركيبها والتحكم حتى في تاريخ
إنتاجها وسرعة انتشارها، واستخدام بعض الفضائيات والصحف لهذه الأخبار دون التدقيق
حتى تصبح خبرا يتم استخدامه في شحن الرأي العام أو الخاص ضد جهة معينة".
يذكر أن وسائل الإعلام تناقلت مؤخرا الكثير من
المقاطع المفبركة من بينها، مقطع لشاب خليجي ظهر فيه كأنه يقف خلف الرئيس الأميركي
باراك أوباما يلقي خطابا على الجماهير وهو مقطع مفبرك تناقلته بعض وسائل الإعلام
الخليجية وشبكات التواصل الاجتماعي، وآخر لتمساح التهم فتاة أثناء تصوير صديقتها
لها في إحدى المتنزهات، والمقطع ما هو إلا إعلان ترويجي لإحدى المجلات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق