نظرة في نتائج خطوات الإصلاح والتطور الاقتصادي المحققة في جمهورية أوزبكستان عام 2001
كتبها أ.د. محمد البخاري: مستشار بجامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، بتاريخ 17/2/2002 وأرسلت لصحيفة الاتحاد بأبو ظبي.
في الجلسة الموسعة التي عقدتها الإدارة الحكومية خلال النصف الثاني من فبراير\شباط 2002، تناول رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف في تقرير مطول أهم نتائج خطوات الإصلاح والتطور الاقتصادي الاجتماعي التي تحققت في الجمهورية خلال عام 2001.
وعبر الرئيس كريموف في تقريره عن ارتياحه لاستمرار وثبات الخطوات المستمرة منذ الاستقلال في عام 1991 وحتى اليوم، من أجل تحقيق الليبرالية وتعميق إجراءات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في الجمهورية، وأكد على ثبات واستمرار تلك الخطوات رغم كل الصعوبات التي واجهتها كل القطاعات الهامة في الدولة والمجتمع خلال عام 2001.
وتشير الأرقام التي أوردها في تقريره والذي نشرته وسائل الإعلام الأوزبكستانية، أن الاقتصاد القومي الأوزبكستاني قد حقق خلال العام المنصرم ارتفاعاً ملحوظاً قدره 4,5 % بزيادة قدرها 0,5 % عن عام 2000، وأن الإنتاج الصناعي سجل ارتفاعا بلغ نسبة 8,1 % بزيادة قدرها 1,7 % عن العام الأسبق، وفي الإنتاج الزراعي 4,5 % بزيادة قدرها 1,3 % عن العام الأسبق، إضافة إلى تحقيق نتائج ملموسة في خفض العجز في الموازنة العامة. إذ حقق الدخل القومي ارتفاعاً بنسبة 103 مقارنة بعام 1991، ولأول مرة بلغت حصة الفرد من الدخل القومي 103,1 %، وارتفع بذلك دخل المواطن الفعلي بنسبة 16,9 %.
وأشار التقرير إلى أنه نتيجة للإجراءات التي اتبعتها الحكومة الأوزبكستانية خلال عام 2001، لمواجه العجز في الموازنة تم خفض العجز في الموازنة العامة إلى أقل من واحد بالمائة بدلاً من النسبة المتوقعة وهي 1,5 %. ونتيجة لسياسة خفض الضرائب المباشرة انخفضت موارد الموازنة العامة من الضرائب بمعدل بلغ 26 % مقارنة بالعام السابق. وسجل تحسن ملحوظ في نظام الدورة النقدية الداخلية وانخفضت الكتلة النقدية المتداولة إلى 6,5 % مقارنة بـ 9 % في العام السابق، إضافة إلى ازدياد دوران الحركة النقدية مما أدى إلى ارتفاع حجم الكتلة النقدية بنسبة 16,4 % من الدخل القومي مقابل 17,1 % في عام 2000.
كما وأشار التقرير إلى ارتفاع قدرة المؤسسات الاقتصادية على سداد ديونها رغم الصعوبات التي واجهتها في تصدير منتجاتها، وقد تحقق ارتفاعاً بنسبة 3,1 % في نشاطات التبادل التجاري الخارجي، الذي حقق عائداً بلغ 128 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي ساعد الحكومة الأوزبكستانية على الاحتفاظ بمستوى احتياطيها من الذهب والعملات الأجنبية.
ووفقاً لما أورده التقرير فقد شهد العام الماضي نشاطاً ملموساً في السياسة الاستثمارية بما فيها الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ عدد الشركات المشتركة التي تم تأسيسها بمشاركة رؤوس أموال أجنبية عام 2001 تسعين شركة، انصبت مع الاستثمارات الوطنية في بوتقة الاقتصاد الأوزبكستاني، وخاصة في مجالات الطاقة والنفط والغاز، والتعدين، والصناعات الكيماوية، وتصنيع الحرير والقطن الخام، والصناعات الخفيفة، وصناعة الأثاث والأحذية. وأبرز التقرير التطور السريع الحاصل في مجال الصناعات الجديدة كصناعة السيارات، التي بدأت بإنتاج أنواعاً جديدة من السيارات الخفيفة، وصناعة المستحضرات الطبية والبيولوجية، وصناعة الزجاج الطبي. إلى جانب تحسين معدات وسائل الاتصال الحديثة، وتحسين طرق المواصلات البرية وبالسكك الحديدية وبناء الجديد منها.
وسجل العام 2001 تدشين العمل الإنتاجي في المجمع البتروكيماوي الضخم في منطقة شرتان، وهو المجمع المتخصص في إنتاج البوليتيلين والغاز المضغوط، والذي بلغت تكاليف بنائه وتجهيزه حوالي المليار دولار أمريكي، وسجل انتهاء العمل في المرحلة الأولى من مصنع إنتاج الفوسفوريت في قزل قوم، إضافة لتطوير وتحسين إنتاج مصانع صيانة عربات السكك الحديدية، وإنتاج الكلور ناتيري، والكلور ماغني ديفوليانت في مجمع إنتاج الآزوت بفرغانة. إضافة لدخول بعض المنتجات الجديدة كالمعدات الزراعية، والزجاج الطبي، والكابلات الناقلة إلى قائمة المنتجات المصدرة من الجمهورية.
وأشار الرئيس كريموف في تقريره إلى أن أوزبكستان حققت خلال العام المنصرم تقدماً ملموساً على طريق إنتاج المنتجات البديلة للمستورد منها، باستخدام المواد الأولية المحلية في تصنيعها، حيث بدأ محلياً بتصنيع اللنت والسيلولوز، وصودة الكاوستيك، والكلور السائل، وحمض الملح، ومواد الوقاية الصحية، والألياف البازلتية، والدهانات، والآجر الحراري. إضافة لاستمرار العمل في تصنيع يعض المنتجات المستخدمة في صناعة السيارات والمعدات الزراعية. كما وأشار التقرير إلى حدوث تحسن ملحوظ على إنتاج الأقمشة من القطن المحلي بلغت نسبته 24 % من إجمالي القطن المنتج في الجمهورية، مقارنة بـ 12 % في عام 1991، بفضل زيادة الاستثمارات في هذا المجال الإنتاجي الهام لأوزبكستان لأكثر من 62 %، وهو ما سمح تلقائياً بزيادة القدرات التصديرية من الأقمشة القطنية والحريرية المصنعة من الخامات المحلية.
وأورد الرئيس في تقريره أن حجم الاستثمارات في المجالات الاقتصادية في أوزبكستان بلغت 24,5 % من حجم الاستثمارات القومية، بينما بلغت حصة الاستثمار الأجنبي في هذا المجال 30 % من حجم الاستثمارات الفعلية، أو حوالي مليار دولار أمريكي.
كما وشهد العام الماضي إجراءات واسعة لدعم وتسريع مشاركة استثمارات رجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج الصناعي والزراعي، تم من خلالها وضع حوافز قانونية وتسهيلات مالية وضريبية وتصديرية تشجع رجال الأعمال على دخول عالم الإنتاج الصناعي والزراعي، ووضع حيز التنفيذ نظام لمنح القروض المالية لدعم رأس المال اللازم لبدء نشاطات رجال الأعمال، حيث سجل حجم القروض الممنوحة زيادة بلغت 2,4 مرة مقارنة بالعام الأسبق، منها 70 % قروضاً متوسطة وطويلة الأجل بلغت قيمتها 27 مليار صوم (العملة المحلية). وهو ما سمح بزيادة حصة إنتاج الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من حجم الإنتاج القومي إلى 24,5 %، بينما كان في عام 2000 يشكل 21,6 % من حجم الإنتاج القومي، إضافة إلى أنها تشكل حالياً 53 % من الفعاليات الاقتصادية في أوزبكستان.
وعن سير الإصلاحات الجارية في القطاع الزراعي أشار الرئيس كريموف في تقريره إلى استمرار الجهود المبذولة على طريق إنشاء تعاونيات زراعية تعود ملكية حصصها للفلاحين مكان المزارع الخاسرة التي تملكها الدولة، والتي بلغ عددها 1,9 ألف مزرعة حتى مطلع عام 2002، ضمنها 112 في عام 2001 فقط، ويبلغ عدد الفلاحين المنضمين إلى التعاونيات الزراعية 1,4 مليون مزارع، وأشار التقرير إلى أنه خلال العام المنصرم فقط تم إنشاء 3,4 ألف مزرعة تعاونية جديدة، مكان 52 مزرعة حكومية، ليبلغ عددها الإجمالي حتى الآن 55,4 ألف مزرعة.
وعن خطوات الإصلاح في مجال التجارة الخارجية والقطع الأجنبي أشار التقرير إلى أنه اتخذت الخطوات العملية اللازمة خلال عام 2001 التي يسمح بموجبها لكل المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة وبمجرد حصولها على الترخيص بممارسة أعمال التصدير، إضافة لإلغاء شرط البيع الإجباري للدولة لجزء من مواردها التصديرية من العملات الأجنبية، إضافة للسماح بتبديل العملات المحلية والأجنبية بشكل حر وفقاً لقانون العرض والطلب وأسعار السوق المالية المحلية. ونوه الرئيس كريموف إلى تحسن علاقات المؤسسات المالية الدولية مع أوزبكستان، وخاصة صندوق النقد الدولي.
وعن الوضع الصعب في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية، القطن، والأرز والخضراوات في العام المنصرم بشكل كبير، بسبب الجفاف وقلة الأمطار ونقص المياه وارتفاع ملوحة الأرض، والعوامل الجوية، الذي أدى إلى انخفاض مساحات الأراضي الزراعية المستخدمة فعلاً في الزراعة في كافة أنحاء الجمهورية إلى أقل من 10 %. ونوه إلى مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب الناتجة عن شح المصادر المائية في مناطق عديدة من الجمهورية، مؤكداً حقيقة سوء التصرف بتلك المياه واستخدامها في بعض الأحيان في المجالات الصناعية وفي ري الحدائق المنزلية، مما سبب ارتفاعاً في نسبة استخدام المياه الصالحة للشرب في الجمهورية إلى أكثر من ثلاث أضعاف النسب المعتادة لاستهلاك المياه الصالحة للشرب في الجمهورية.
وأشار التقرير كذلك إلى الهدر والتعدي الحاصل على شبكات الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي. مما دفع على ما نعتقد بالرئيس كريموف إلى توجيه اللوم للمسؤولين في الوزارات والإدارات المختصة وحكام الولايات والمناطق لتقصيرهم في توجيه الاهتمام الكافي لكل تلك المشاكل الحيوية في القطاعين الزراعي والمدني.
وعن تطور القطاع الخاص ودوره في مجال الخدمات أشار الرئيس كريموف إلى أنه في عام 2001 بلغ عدد مؤسسات القطاع الخاص في مجال الخدمات 63 ألف مؤسسة، ولا يتضمن هذا الرقم المؤسسات الزراعية الخاصة. وأشار إلى أن عدد مؤسسات القطاع الخاص التي سجلت خلال العام المنصرم فقط بلغ 1,5 ألف مؤسسة في قطاع الخدمات، وأن كل سادس مؤسسة منها تعمل في مجال الخدمات الصناعية. ونبه إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الذي لم يزل يشغل 30 % فقط من الدخل المحلي، رغم أنه يعتبر الأهم في كل دول العالم المتقدمة، مؤكداً على حقيقة اتجاه المستثمرين الأجانب أساساً للاستثمار في القطاع الخاص قبل كل شيء. وأشار إلى أن نجاح القطاع الخاص في قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة يحقق الانتقال الحقيقي من النظام الاقتصادي الشمولي السابق وملكية الدولة الذي ورثته عن العهد السوفييتي البائد، إلى اقتصاد السوق والملكية الخاصة.
وأشار التقرير إلى ضعف العمل الجاري في مجال استقطاب المستثمرين الأجانب، وأورد حقيقة خلو 31 منطقة من مناطق الجمهورية من أية استثمارات بمشاركة مستثمرين أجانب، وأن حصة الاستثمار الأجنبي لم تتجاوز 13,4 % في القطاع الخاص من حجم الاستثمار الأجنبي الإجمالي في الاقتصاد بشكل عام خلال عام 2001.
وختاماً أستطيع أن أقول أن الخطط الطموحة التي وضعتها الجمهورية الفتية لنفسها خلال العقد الأول من استقلالها، ورغم كل الصعوبات التي تعترضها تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق اندماج حقيقي في المجتمع والاقتصاد الدولي. وأن أوزبكستان اعتمدت في خططها التنموية على سياسة دعم الإنتاج الوطني الذي يغنيها عن الاستيراد ويشجع على التصدير، دون التخلي عن سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها مع الدول المتطورة والصديقة، من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أعلنت منذ الاستقلال، إضافة لسياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المطبقة حتى اليوم، ولكن من الملحوظ استمرار قلة الاستثمارات العربية عن غيرها من رؤوس الأموال الأجنبية الموظفة فعلاً في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، مما يضعف العامل العربي كعامل مؤثر في سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية، ويجعل السياسة الأوزبكستانية الخارجية أكثر ميلاً نحو الدول التي تستثمر وتزيد من استثماراتها الفعلية في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، لأنها تساعد الحكومة الأوزبكستانية في التغلب على بعض مشاكلها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. وهو الرأي الذي ينطبق مع رأي بعض المحللين الاقتصاديين المحليين والأجانب.
وحقيقة أخرى لابد أن أشير إليها ومفادها وضع أوزبكستان لحوافز ملموسة ومناسبة لتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص الوطني على إقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين أجانب، للدخول في عالم الصناعة المتقدمة، وعالم تصنيع المحاصيل الزراعية المتنوعة وتصديرها، من خلال سياسة ثابتة تشجيع القطاع الخاص على توفير المزيد من فرص العمل لليد العاملة الفائضة في الجمهورية وخاصة في المناطق الريفية المكتظة بالسكان. مع التركيز في نفس الوقت على إتباع سياسة متزنة لإعداد كوادرها الوطنية الشابة اللازمة والقادرة على متابعة تنفيذ الخطط الطموحة لبناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والاجتماعية في البلاد، بشكل يتماشى ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي.
كتبها أ.د. محمد البخاري: مستشار بجامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، بتاريخ 17/2/2002 وأرسلت لصحيفة الاتحاد بأبو ظبي.
في الجلسة الموسعة التي عقدتها الإدارة الحكومية خلال النصف الثاني من فبراير\شباط 2002، تناول رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف في تقرير مطول أهم نتائج خطوات الإصلاح والتطور الاقتصادي الاجتماعي التي تحققت في الجمهورية خلال عام 2001.
وعبر الرئيس كريموف في تقريره عن ارتياحه لاستمرار وثبات الخطوات المستمرة منذ الاستقلال في عام 1991 وحتى اليوم، من أجل تحقيق الليبرالية وتعميق إجراءات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في الجمهورية، وأكد على ثبات واستمرار تلك الخطوات رغم كل الصعوبات التي واجهتها كل القطاعات الهامة في الدولة والمجتمع خلال عام 2001.
وتشير الأرقام التي أوردها في تقريره والذي نشرته وسائل الإعلام الأوزبكستانية، أن الاقتصاد القومي الأوزبكستاني قد حقق خلال العام المنصرم ارتفاعاً ملحوظاً قدره 4,5 % بزيادة قدرها 0,5 % عن عام 2000، وأن الإنتاج الصناعي سجل ارتفاعا بلغ نسبة 8,1 % بزيادة قدرها 1,7 % عن العام الأسبق، وفي الإنتاج الزراعي 4,5 % بزيادة قدرها 1,3 % عن العام الأسبق، إضافة إلى تحقيق نتائج ملموسة في خفض العجز في الموازنة العامة. إذ حقق الدخل القومي ارتفاعاً بنسبة 103 مقارنة بعام 1991، ولأول مرة بلغت حصة الفرد من الدخل القومي 103,1 %، وارتفع بذلك دخل المواطن الفعلي بنسبة 16,9 %.
وأشار التقرير إلى أنه نتيجة للإجراءات التي اتبعتها الحكومة الأوزبكستانية خلال عام 2001، لمواجه العجز في الموازنة تم خفض العجز في الموازنة العامة إلى أقل من واحد بالمائة بدلاً من النسبة المتوقعة وهي 1,5 %. ونتيجة لسياسة خفض الضرائب المباشرة انخفضت موارد الموازنة العامة من الضرائب بمعدل بلغ 26 % مقارنة بالعام السابق. وسجل تحسن ملحوظ في نظام الدورة النقدية الداخلية وانخفضت الكتلة النقدية المتداولة إلى 6,5 % مقارنة بـ 9 % في العام السابق، إضافة إلى ازدياد دوران الحركة النقدية مما أدى إلى ارتفاع حجم الكتلة النقدية بنسبة 16,4 % من الدخل القومي مقابل 17,1 % في عام 2000.
كما وأشار التقرير إلى ارتفاع قدرة المؤسسات الاقتصادية على سداد ديونها رغم الصعوبات التي واجهتها في تصدير منتجاتها، وقد تحقق ارتفاعاً بنسبة 3,1 % في نشاطات التبادل التجاري الخارجي، الذي حقق عائداً بلغ 128 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي ساعد الحكومة الأوزبكستانية على الاحتفاظ بمستوى احتياطيها من الذهب والعملات الأجنبية.
ووفقاً لما أورده التقرير فقد شهد العام الماضي نشاطاً ملموساً في السياسة الاستثمارية بما فيها الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ عدد الشركات المشتركة التي تم تأسيسها بمشاركة رؤوس أموال أجنبية عام 2001 تسعين شركة، انصبت مع الاستثمارات الوطنية في بوتقة الاقتصاد الأوزبكستاني، وخاصة في مجالات الطاقة والنفط والغاز، والتعدين، والصناعات الكيماوية، وتصنيع الحرير والقطن الخام، والصناعات الخفيفة، وصناعة الأثاث والأحذية. وأبرز التقرير التطور السريع الحاصل في مجال الصناعات الجديدة كصناعة السيارات، التي بدأت بإنتاج أنواعاً جديدة من السيارات الخفيفة، وصناعة المستحضرات الطبية والبيولوجية، وصناعة الزجاج الطبي. إلى جانب تحسين معدات وسائل الاتصال الحديثة، وتحسين طرق المواصلات البرية وبالسكك الحديدية وبناء الجديد منها.
وسجل العام 2001 تدشين العمل الإنتاجي في المجمع البتروكيماوي الضخم في منطقة شرتان، وهو المجمع المتخصص في إنتاج البوليتيلين والغاز المضغوط، والذي بلغت تكاليف بنائه وتجهيزه حوالي المليار دولار أمريكي، وسجل انتهاء العمل في المرحلة الأولى من مصنع إنتاج الفوسفوريت في قزل قوم، إضافة لتطوير وتحسين إنتاج مصانع صيانة عربات السكك الحديدية، وإنتاج الكلور ناتيري، والكلور ماغني ديفوليانت في مجمع إنتاج الآزوت بفرغانة. إضافة لدخول بعض المنتجات الجديدة كالمعدات الزراعية، والزجاج الطبي، والكابلات الناقلة إلى قائمة المنتجات المصدرة من الجمهورية.
وأشار الرئيس كريموف في تقريره إلى أن أوزبكستان حققت خلال العام المنصرم تقدماً ملموساً على طريق إنتاج المنتجات البديلة للمستورد منها، باستخدام المواد الأولية المحلية في تصنيعها، حيث بدأ محلياً بتصنيع اللنت والسيلولوز، وصودة الكاوستيك، والكلور السائل، وحمض الملح، ومواد الوقاية الصحية، والألياف البازلتية، والدهانات، والآجر الحراري. إضافة لاستمرار العمل في تصنيع يعض المنتجات المستخدمة في صناعة السيارات والمعدات الزراعية. كما وأشار التقرير إلى حدوث تحسن ملحوظ على إنتاج الأقمشة من القطن المحلي بلغت نسبته 24 % من إجمالي القطن المنتج في الجمهورية، مقارنة بـ 12 % في عام 1991، بفضل زيادة الاستثمارات في هذا المجال الإنتاجي الهام لأوزبكستان لأكثر من 62 %، وهو ما سمح تلقائياً بزيادة القدرات التصديرية من الأقمشة القطنية والحريرية المصنعة من الخامات المحلية.
وأورد الرئيس في تقريره أن حجم الاستثمارات في المجالات الاقتصادية في أوزبكستان بلغت 24,5 % من حجم الاستثمارات القومية، بينما بلغت حصة الاستثمار الأجنبي في هذا المجال 30 % من حجم الاستثمارات الفعلية، أو حوالي مليار دولار أمريكي.
كما وشهد العام الماضي إجراءات واسعة لدعم وتسريع مشاركة استثمارات رجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج الصناعي والزراعي، تم من خلالها وضع حوافز قانونية وتسهيلات مالية وضريبية وتصديرية تشجع رجال الأعمال على دخول عالم الإنتاج الصناعي والزراعي، ووضع حيز التنفيذ نظام لمنح القروض المالية لدعم رأس المال اللازم لبدء نشاطات رجال الأعمال، حيث سجل حجم القروض الممنوحة زيادة بلغت 2,4 مرة مقارنة بالعام الأسبق، منها 70 % قروضاً متوسطة وطويلة الأجل بلغت قيمتها 27 مليار صوم (العملة المحلية). وهو ما سمح بزيادة حصة إنتاج الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من حجم الإنتاج القومي إلى 24,5 %، بينما كان في عام 2000 يشكل 21,6 % من حجم الإنتاج القومي، إضافة إلى أنها تشكل حالياً 53 % من الفعاليات الاقتصادية في أوزبكستان.
وعن سير الإصلاحات الجارية في القطاع الزراعي أشار الرئيس كريموف في تقريره إلى استمرار الجهود المبذولة على طريق إنشاء تعاونيات زراعية تعود ملكية حصصها للفلاحين مكان المزارع الخاسرة التي تملكها الدولة، والتي بلغ عددها 1,9 ألف مزرعة حتى مطلع عام 2002، ضمنها 112 في عام 2001 فقط، ويبلغ عدد الفلاحين المنضمين إلى التعاونيات الزراعية 1,4 مليون مزارع، وأشار التقرير إلى أنه خلال العام المنصرم فقط تم إنشاء 3,4 ألف مزرعة تعاونية جديدة، مكان 52 مزرعة حكومية، ليبلغ عددها الإجمالي حتى الآن 55,4 ألف مزرعة.
وعن خطوات الإصلاح في مجال التجارة الخارجية والقطع الأجنبي أشار التقرير إلى أنه اتخذت الخطوات العملية اللازمة خلال عام 2001 التي يسمح بموجبها لكل المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة وبمجرد حصولها على الترخيص بممارسة أعمال التصدير، إضافة لإلغاء شرط البيع الإجباري للدولة لجزء من مواردها التصديرية من العملات الأجنبية، إضافة للسماح بتبديل العملات المحلية والأجنبية بشكل حر وفقاً لقانون العرض والطلب وأسعار السوق المالية المحلية. ونوه الرئيس كريموف إلى تحسن علاقات المؤسسات المالية الدولية مع أوزبكستان، وخاصة صندوق النقد الدولي.
وعن الوضع الصعب في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية، القطن، والأرز والخضراوات في العام المنصرم بشكل كبير، بسبب الجفاف وقلة الأمطار ونقص المياه وارتفاع ملوحة الأرض، والعوامل الجوية، الذي أدى إلى انخفاض مساحات الأراضي الزراعية المستخدمة فعلاً في الزراعة في كافة أنحاء الجمهورية إلى أقل من 10 %. ونوه إلى مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب الناتجة عن شح المصادر المائية في مناطق عديدة من الجمهورية، مؤكداً حقيقة سوء التصرف بتلك المياه واستخدامها في بعض الأحيان في المجالات الصناعية وفي ري الحدائق المنزلية، مما سبب ارتفاعاً في نسبة استخدام المياه الصالحة للشرب في الجمهورية إلى أكثر من ثلاث أضعاف النسب المعتادة لاستهلاك المياه الصالحة للشرب في الجمهورية.
وأشار التقرير كذلك إلى الهدر والتعدي الحاصل على شبكات الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي. مما دفع على ما نعتقد بالرئيس كريموف إلى توجيه اللوم للمسؤولين في الوزارات والإدارات المختصة وحكام الولايات والمناطق لتقصيرهم في توجيه الاهتمام الكافي لكل تلك المشاكل الحيوية في القطاعين الزراعي والمدني.
وعن تطور القطاع الخاص ودوره في مجال الخدمات أشار الرئيس كريموف إلى أنه في عام 2001 بلغ عدد مؤسسات القطاع الخاص في مجال الخدمات 63 ألف مؤسسة، ولا يتضمن هذا الرقم المؤسسات الزراعية الخاصة. وأشار إلى أن عدد مؤسسات القطاع الخاص التي سجلت خلال العام المنصرم فقط بلغ 1,5 ألف مؤسسة في قطاع الخدمات، وأن كل سادس مؤسسة منها تعمل في مجال الخدمات الصناعية. ونبه إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الذي لم يزل يشغل 30 % فقط من الدخل المحلي، رغم أنه يعتبر الأهم في كل دول العالم المتقدمة، مؤكداً على حقيقة اتجاه المستثمرين الأجانب أساساً للاستثمار في القطاع الخاص قبل كل شيء. وأشار إلى أن نجاح القطاع الخاص في قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة يحقق الانتقال الحقيقي من النظام الاقتصادي الشمولي السابق وملكية الدولة الذي ورثته عن العهد السوفييتي البائد، إلى اقتصاد السوق والملكية الخاصة.
وأشار التقرير إلى ضعف العمل الجاري في مجال استقطاب المستثمرين الأجانب، وأورد حقيقة خلو 31 منطقة من مناطق الجمهورية من أية استثمارات بمشاركة مستثمرين أجانب، وأن حصة الاستثمار الأجنبي لم تتجاوز 13,4 % في القطاع الخاص من حجم الاستثمار الأجنبي الإجمالي في الاقتصاد بشكل عام خلال عام 2001.
وختاماً أستطيع أن أقول أن الخطط الطموحة التي وضعتها الجمهورية الفتية لنفسها خلال العقد الأول من استقلالها، ورغم كل الصعوبات التي تعترضها تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق اندماج حقيقي في المجتمع والاقتصاد الدولي. وأن أوزبكستان اعتمدت في خططها التنموية على سياسة دعم الإنتاج الوطني الذي يغنيها عن الاستيراد ويشجع على التصدير، دون التخلي عن سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها مع الدول المتطورة والصديقة، من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أعلنت منذ الاستقلال، إضافة لسياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المطبقة حتى اليوم، ولكن من الملحوظ استمرار قلة الاستثمارات العربية عن غيرها من رؤوس الأموال الأجنبية الموظفة فعلاً في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، مما يضعف العامل العربي كعامل مؤثر في سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية، ويجعل السياسة الأوزبكستانية الخارجية أكثر ميلاً نحو الدول التي تستثمر وتزيد من استثماراتها الفعلية في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، لأنها تساعد الحكومة الأوزبكستانية في التغلب على بعض مشاكلها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. وهو الرأي الذي ينطبق مع رأي بعض المحللين الاقتصاديين المحليين والأجانب.
وحقيقة أخرى لابد أن أشير إليها ومفادها وضع أوزبكستان لحوافز ملموسة ومناسبة لتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص الوطني على إقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين أجانب، للدخول في عالم الصناعة المتقدمة، وعالم تصنيع المحاصيل الزراعية المتنوعة وتصديرها، من خلال سياسة ثابتة تشجيع القطاع الخاص على توفير المزيد من فرص العمل لليد العاملة الفائضة في الجمهورية وخاصة في المناطق الريفية المكتظة بالسكان. مع التركيز في نفس الوقت على إتباع سياسة متزنة لإعداد كوادرها الوطنية الشابة اللازمة والقادرة على متابعة تنفيذ الخطط الطموحة لبناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والاجتماعية في البلاد، بشكل يتماشى ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق