قراءة لنتائج الإصلاح والتطور الاقتصادي المحققة في جمهورية أوزبكستان لعام 2001
أعدها أ.د. محمد البخاري: صحفي عربي مقيم في أوزبكستان ويعمل مستشاراً في العلاقات الدولية، ومحاضراً بكلية العلاقات الدولية والاقتصاد بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
عبر الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف في تقريره السنوي الذي استعرض فيه أهم نتائج خطوات الإصلاح والتطور الاقتصادي الاجتماعي التي تحققت في الجمهورية خلال عام 2001، عن ارتياحه لاستمرار وثبات الخطوات المستمرة منذ الاستقلال في عام 1991 وحتى اليوم، من أجل تحقيق الليبرالية وتعميق إجراءات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في الجمهورية، وأكد على ثبات واستمرار تلك الخطوات رغم كل الصعوبات التي واجهتها القطاعات الهامة في الدولة خلال عام 2001.
وتشير الأرقام التي أوردها التقرير الذي نشرته وسائل الإعلام المحلية، إلى أن الاقتصاد القومي الأوزبكستاني قد حقق خلال عام 2001 ارتفاعاً ملحوظاً قدره 4,5 % بزيادة قدرها 0,5 % عن عام 2000، وأن الإنتاج الصناعي سجل ارتفاعا بلغ نسبة 8,1 % بزيادة قدرها 1,7 % عن العام الأسبق، وفي الإنتاج الزراعي 4,5 % بزيادة قدرها 1,3 % عن العام الأسبق، إضافة إلى تحقيق نتائج ملموسة في خفض العجز في الموازنة العامة. بعد أن حقق الدخل القومي ارتفاعاً بنسبة 103 مقارنة بعام 1991، ولأول مرة بلغت حصة الفرد من الدخل القومي 103,1 %، ليرتفع بذلك دخل المواطن الأوزبكستاني الفعلي بنسبة 16,9 %.
وأشار التقرير إلى أنه نتيجة للإجراءات التي اتبعتها الحكومة الأوزبكستانية خلال عام 2001، لمواجه العجز في الموازنة، تم خفض العجز في الموازنة العامة إلى أقل من واحد بالمائة بدلاً من النسبة المتوقعة وهي 1,5 %. ونتيجة لسياسة خفض الضرائب المباشرة، انخفضت موارد الموازنة العامة من الضرائب بمعدل بلغ 26 % مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك سجل تحسن ملحوظ في نظام الدورة النقدية الداخلية وانخفضت الكتلة النقدية المتداولة إلى 6,5 % مقارنة بـ 9 % في العام السابق، إضافة إلى ازدياد دوران الحركة النقدية مما أدى إلى ازدياد حجم الكتلة النقدية بنسبة 16,4 % من الدخل القومي مقابل 17,1 % في عام 2000.
كما وأشار التقرير إلى ارتفاع قدرة المؤسسات الاقتصادية على سداد ديونها رغم الصعوبات التي واجهتها في تصدير منتجاتها إلى الخارج، ورغم تحقق ارتفاعاً بنسبة 3,1 % في نشاطات التبادل التجاري الخارجي، الذي حقق عائداً بلغ 128 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي ساعد الحكومة الأوزبكستانية على الاحتفاظ بمستوى احتياطها من الذهب والعملات الأجنبية.
ووفقاً للتقرير فقد شهد العام الماضي نشاطاً ملموساً في السياسة الاستثمارية بما فيها الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ عدد الشركات المشتركة التي تم تأسيسها بمشاركة رؤوس أموال أجنبية عام 2001 تسعين شركة، انصبت كلها مع الاستثمارات الوطنية في بوتقة الصناعة والاقتصاد الأوزبكستاني، وخاصة في مجالات الطاقة والنفط والغاز، والتعدين، والصناعات البتروكيماوية، وتصنيع الحرير والقطن الخام، والصناعات الخفيفة، وصناعة الأثاث والأحذية. وأبرز التقرير التطور السريع الحاصل في مجال الصناعات الجديدة كصناعة السيارات، التي بدأت بإنتاج أنواعاً جديدة من السيارات الخفيفة، وصناعة المستحضرات الطبية والبيولوجية، وصناعة الزجاج الطبي. إلى جانب تحسين معدات وسائل الاتصال الحديثة، وتحسين طرق المواصلات البرية وبالسكك الحديدية وبناء الجديد منها.
وشهد عام 2001 تدشين العمل الإنتاجي في المجمع البتروكيماوي الضخم في منطقة شرتان، وهو المجمع المتخصص في إنتاج البوليتيلين والغاز المضغوط، والذي بلغت تكاليف بنائه وتجهيزه حوالي المليار دولار أمريكي، وشهد انتهاء العمل من المرحلة الأولى في مصنع إنتاج الفوسفوريت في قزل قوم، إضافة لتطوير وتحسين إنتاج مصانع صيانة عربات السكك الحديدية، وإنتاج الكلور ناتيري، والكلور ماغني ديفوليانت في مجمع إنتاج الآزوت بولاية فرغانة. إضافة لدخول بعض المنتجات الجديدة كالمعدات الزراعية، والزجاج الطبي، والكابلات الناقلة إلى قائمة المنتجات المصدرة من الجمهورية.
وأشار الرئيس كريموف في تقريره إلى أن أوزبكستان حققت خلال العام المنصرم تقدماً ملموساً على طريق إنتاج المنتجات البديلة لما تستورده منها، باستخدام المواد الأولية المحلية في تصنيعها، حيث بدأ محلياً بتصنيع اللنت والسيلولوز، وصودة الكاوستيك، والكلور السائل، وحمض الملح، ومواد الوقاية الصحية، والألياف البازلتية، والدهانات، والآجر الحراري. إضافة لاستمرار العمل في تصنيع يعض المنتجات المستخدمة في صناعة السيارات والمعدات الزراعية. كما وأشار التقرير إلى حدوث تحسن ملحوظ في إنتاج الأقمشة من القطن المحلي بلغت نسبته 24 % من إجمالي القطن المنتج في الجمهورية، مقارنة بـ 12 % في عام 1991، بفضل زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال الإنتاجي الهام لأوزبكستان لأكثر من 62 %، وهو ما سمح تلقائياً بزيادة القدرات التصديرية من الأقمشة القطنية والحريرية المصنعة من الخامات المحلية.
وأورد التقرير أن حجم الاستثمارات في المجالات الاقتصادية في أوزبكستان بلغت 24,5 % من حجم الاستثمارات القومية، بينما بلغت حصة الاستثمار الأجنبي في هذا المجال 30 % من حجم الاستثمارات الفعلية، أو ما يعادل حوالي المليار دولار أمريكي.
كما وشهد العام الماضي إجراءات واسعة لدعم وتسريع مشاركة استثمارات رجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج الصناعي والزراعي، حيث تم من خلالها وضع حوافز قانونية وتسهيلات مالية وضريبية وتصديرية تشجع رجال الأعمال المحليين على دخول عالم الإنتاج الصناعي والزراعي، كما ووضع حيز التنفيذ نظاماً لمنح قروض مالية لدعم رأس المال المحلي اللازم لبدء نشاطات رجال الأعمال، حيث سجل حجم القروض الممنوحة زيادة بلغت 2,4 مرة مقارنة بالعام الأسبق، منها 70 % قروضاً متوسطة وطويلة الأجل بلغت قيمتها الإجمالية 27 مليار صوم (العملة المحلية). وهو ما سمح بزيادة حصة إنتاج الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من حجم الإنتاج القومي إلى 24,5 %، بينما كان في عام 2000 يشكل 21,6 % من حجم الإنتاج القومي، التي تشكل حالياً 53 % من الفعاليات الاقتصادية في أوزبكستان.
وعن سير الإصلاحات الجارية في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار الجهود المبذولة على طريق إنشاء تعاونيات زراعية تعود ملكية حصصها للفلاحين، مكان المزارع الخاسرة التي تملكها الدولة، والتي بلغ عددها 1,9 ألف مزرعة حتى مطلع عام 2002، ضمنها 112 في عام 2001 فقط، ويبلغ عدد الفلاحين المنضمين إلى التعاونيات الزراعية 1,4 مليون مزارع، وأشار التقرير إلى أنه خلال العام المنصرم فقط تم إنشاء 3,4 ألف مزرعة تعاونية جديدة، مكان 52 مزرعة حكومية، ليبلغ عدد المزارع التعاونية الجديدة الإجمالي حتى الآن 55,4 ألف مزرعة.
وعن خطوات الإصلاح في مجال التجارة الخارجية والقطع الأجنبي أشار التقرير إلى أنه اتخذت خطوات عملية خلال عام 2001 تسمح لكل المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة وبمجرد حصولها على الترخيص بممارسة أعمال التصدير، إضافة لإلغاء شرط البيع الإجباري لجزء من مواردها التصديرية من العملات الأجنبية للدولة، إضافة للسماح بتبديل العملات المحلية والأجنبية بشكل حر وفقاً لقانون العرض والطلب وأسعار السوق المالية المحلية. ونوه الرئيس إسلام كريموف في تقريره إلى تحسن علاقات المؤسسات المالية الدولية مع أوزبكستان، وخاصة صندوق النقد الدولي.
وعن الوضع الصعب في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية، القطن، والأرز والخضراوات في العام المنصرم بشكل كبير، بسبب الجفاف وقلة الأمطار ونقص المياه وارتفاع ملوحة الأرض، والعوامل الجوية، التي أدت كلها إلى انخفاض مساحات الأراضي الزراعية المستخدمة فعلاً في الزراعة في كافة أنحاء الجمهورية بنسبة تقل عن 10 %. ونوه التقرير إلى مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب الناتجة عن شح المصادر المائية في مناطق عديدة من الجمهورية، مؤكداً حقيقة سوء التصرف بتلك المياه واستخدامها في بعض الأحيان في المجالات الصناعية وفي ري الحدائق المنزلية، مما سبب ارتفاعاً كبيراُ في نسبة استخدام المياه الصالحة للشرب في الجمهورية بلغ أكثر من ثلاث أضعاف النسب المعتادة لاستهلاك المياه الصالحة للشرب في الجمهورية.
وأشار التقرير كذلك إلى الهدر والتعدي الحاصل على شبكات الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي. مما دفع على ما نعتقد بالرئيس إسلام كريموف إلى توجيه اللوم للمسؤولين في الوزارات والإدارات المختصة وحكام الولايات والمناطق لتقصيرهم في توجيه الاهتمام الكافي لكل تلك المشاكل الحيوية في القطاعين الزراعي والمدني.
وعن تطور القطاع الخاص ودوره في مجال الخدمات أشار التقرير إلى أنه في عام 2001 بلغ عدد مؤسسات القطاع الخاص في مجال الخدمات 63 ألف مؤسسة، (لا يتضمن هذا المؤشر المؤسسات الزراعية الخاصة). وأشار إلى أن عدد مؤسسات القطاع الخاص التي سجلت خلال العام المنصرم فقط بلغ 1,5 ألف مؤسسة في قطاع الخدمات، وأن كل سادس مؤسسة منها تعمل في مجال الخدمات الصناعية. ونبه إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الذي لم يزل يشغل 30 % فقط من الدخل المحلي، رغم أنه يعتبر القطاع الأهم في كل دول العالم المتقدمة. وأكد على حقيقة اتجاه المستثمرين الأجانب أساساً للاستثمار في القطاع الخاص قبل كل شيء. وأشار إلى أن نجاح القطاع الخاص في قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة يحقق الانتقال الحقيقي من النظام الاقتصادي الشمولي السابق وملكية الدولة الذي ورثته عن العهد السوفييتي البائد، إلى اقتصاد السوق والملكية الخاصة.
وأشار التقرير إلى ضعف العمل الجاري في مجال استقطاب المستثمرين الأجانب، وأورد حقيقة خلو 31 منطقة من مناطق الجمهورية من أية استثمارات أجنبية، وأن حصة الاستثمار الأجنبي لم تتجاوز نسبة 13,4 % في القطاع الخاص، من حجم الاستثمار الأجنبي الإجمالي الموظف في الاقتصاد الوطني بشكل عام خلال عام 2001.
وهنا لابد أن أذكر حقيقة أن الخطط الطموحة التي وضعتها الجمهورية الفتية لنفسها خلال العقد الأول من استقلالها، ورغم كل الصعوبات التي تعترضها تسير بخطى حثيثة ولو كانت بطيئة نحو تحقيق اندماجها في المجتمع والاقتصاد الدولي. وأن أوزبكستان اعتمدت في خططها التنموية على سياسة دعم الإنتاج الوطني الذي يغنيها عن الاستيراد ويشجع على التصدير، دون التخلي عن سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية مع الدول المتطورة والصديقة، من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادي التي سبق وأعلنت منذ الاستقلال. إضافة لسياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المطبقة حتى اليوم، وأن أذكر حقيقة استمرار ضعف الاستثمارات العربية عن غيرها من رؤوس الأموال الأجنبية الموظفة فعلاً في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني. وهذا برأيي لابد وأن يضعف العامل الاقتصادي العربي، كفاعل مؤثر في سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية، كعامل مؤثر في بلورة سياستها الخارجية، مما يجعل السياسة الأوزبكستانية الخارجية أكثر ميلاً نحو الدول التي تستثمر فعلاً وتزيد من استثماراتها في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، لأنها وفق وجهة نظر بعض المحللين الاقتصاديين المحليين والأجانب تساعد الحكومة الأوزبكستانية في التغلب على بعض مشاكلها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وحقيقة أخرى مفادها أن وضع أوزبكستان لحوافز ملموسة ومناسبة لتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص الوطني على إقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين أجانب، للدخول في عالم الصناعة المتقدمة، وعالم تصنيع المحاصيل الزراعية المتنوعة وتصديرها، من خلال سياسة ثابتة تشجع القطاع الخاص على توفير المزيد من فرص العمل لليد العاملة الفائضة في الجمهورية، وخاصة في المناطق الريفية المكتظة بالسكان. مع التركيز في نفس الوقت على إتباع سياسة متزنة لإعداد الكوادر الوطنية الشابة اللازمة والقادرة على متابعة تنفيذ الخطط الطموحة لإعادة بناء اقتصادها الوطني الذي ورثته مثقلاً بالهموم بعد الاستقلال، وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والاجتماعية في البلاد، بشكل يتماشى ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي، إضافة للثروات الطبيعية الكبيرة التي تملكها، هي التي تشجع المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في خطط التنمية الاقتصادية الطموحة التي وضعتها حكومة هذه الجمهورية الفتية.
أعدها أ.د. محمد البخاري: صحفي عربي مقيم في أوزبكستان ويعمل مستشاراً في العلاقات الدولية، ومحاضراً بكلية العلاقات الدولية والاقتصاد بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
عبر الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف في تقريره السنوي الذي استعرض فيه أهم نتائج خطوات الإصلاح والتطور الاقتصادي الاجتماعي التي تحققت في الجمهورية خلال عام 2001، عن ارتياحه لاستمرار وثبات الخطوات المستمرة منذ الاستقلال في عام 1991 وحتى اليوم، من أجل تحقيق الليبرالية وتعميق إجراءات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في الجمهورية، وأكد على ثبات واستمرار تلك الخطوات رغم كل الصعوبات التي واجهتها القطاعات الهامة في الدولة خلال عام 2001.
وتشير الأرقام التي أوردها التقرير الذي نشرته وسائل الإعلام المحلية، إلى أن الاقتصاد القومي الأوزبكستاني قد حقق خلال عام 2001 ارتفاعاً ملحوظاً قدره 4,5 % بزيادة قدرها 0,5 % عن عام 2000، وأن الإنتاج الصناعي سجل ارتفاعا بلغ نسبة 8,1 % بزيادة قدرها 1,7 % عن العام الأسبق، وفي الإنتاج الزراعي 4,5 % بزيادة قدرها 1,3 % عن العام الأسبق، إضافة إلى تحقيق نتائج ملموسة في خفض العجز في الموازنة العامة. بعد أن حقق الدخل القومي ارتفاعاً بنسبة 103 مقارنة بعام 1991، ولأول مرة بلغت حصة الفرد من الدخل القومي 103,1 %، ليرتفع بذلك دخل المواطن الأوزبكستاني الفعلي بنسبة 16,9 %.
وأشار التقرير إلى أنه نتيجة للإجراءات التي اتبعتها الحكومة الأوزبكستانية خلال عام 2001، لمواجه العجز في الموازنة، تم خفض العجز في الموازنة العامة إلى أقل من واحد بالمائة بدلاً من النسبة المتوقعة وهي 1,5 %. ونتيجة لسياسة خفض الضرائب المباشرة، انخفضت موارد الموازنة العامة من الضرائب بمعدل بلغ 26 % مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك سجل تحسن ملحوظ في نظام الدورة النقدية الداخلية وانخفضت الكتلة النقدية المتداولة إلى 6,5 % مقارنة بـ 9 % في العام السابق، إضافة إلى ازدياد دوران الحركة النقدية مما أدى إلى ازدياد حجم الكتلة النقدية بنسبة 16,4 % من الدخل القومي مقابل 17,1 % في عام 2000.
كما وأشار التقرير إلى ارتفاع قدرة المؤسسات الاقتصادية على سداد ديونها رغم الصعوبات التي واجهتها في تصدير منتجاتها إلى الخارج، ورغم تحقق ارتفاعاً بنسبة 3,1 % في نشاطات التبادل التجاري الخارجي، الذي حقق عائداً بلغ 128 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي ساعد الحكومة الأوزبكستانية على الاحتفاظ بمستوى احتياطها من الذهب والعملات الأجنبية.
ووفقاً للتقرير فقد شهد العام الماضي نشاطاً ملموساً في السياسة الاستثمارية بما فيها الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ عدد الشركات المشتركة التي تم تأسيسها بمشاركة رؤوس أموال أجنبية عام 2001 تسعين شركة، انصبت كلها مع الاستثمارات الوطنية في بوتقة الصناعة والاقتصاد الأوزبكستاني، وخاصة في مجالات الطاقة والنفط والغاز، والتعدين، والصناعات البتروكيماوية، وتصنيع الحرير والقطن الخام، والصناعات الخفيفة، وصناعة الأثاث والأحذية. وأبرز التقرير التطور السريع الحاصل في مجال الصناعات الجديدة كصناعة السيارات، التي بدأت بإنتاج أنواعاً جديدة من السيارات الخفيفة، وصناعة المستحضرات الطبية والبيولوجية، وصناعة الزجاج الطبي. إلى جانب تحسين معدات وسائل الاتصال الحديثة، وتحسين طرق المواصلات البرية وبالسكك الحديدية وبناء الجديد منها.
وشهد عام 2001 تدشين العمل الإنتاجي في المجمع البتروكيماوي الضخم في منطقة شرتان، وهو المجمع المتخصص في إنتاج البوليتيلين والغاز المضغوط، والذي بلغت تكاليف بنائه وتجهيزه حوالي المليار دولار أمريكي، وشهد انتهاء العمل من المرحلة الأولى في مصنع إنتاج الفوسفوريت في قزل قوم، إضافة لتطوير وتحسين إنتاج مصانع صيانة عربات السكك الحديدية، وإنتاج الكلور ناتيري، والكلور ماغني ديفوليانت في مجمع إنتاج الآزوت بولاية فرغانة. إضافة لدخول بعض المنتجات الجديدة كالمعدات الزراعية، والزجاج الطبي، والكابلات الناقلة إلى قائمة المنتجات المصدرة من الجمهورية.
وأشار الرئيس كريموف في تقريره إلى أن أوزبكستان حققت خلال العام المنصرم تقدماً ملموساً على طريق إنتاج المنتجات البديلة لما تستورده منها، باستخدام المواد الأولية المحلية في تصنيعها، حيث بدأ محلياً بتصنيع اللنت والسيلولوز، وصودة الكاوستيك، والكلور السائل، وحمض الملح، ومواد الوقاية الصحية، والألياف البازلتية، والدهانات، والآجر الحراري. إضافة لاستمرار العمل في تصنيع يعض المنتجات المستخدمة في صناعة السيارات والمعدات الزراعية. كما وأشار التقرير إلى حدوث تحسن ملحوظ في إنتاج الأقمشة من القطن المحلي بلغت نسبته 24 % من إجمالي القطن المنتج في الجمهورية، مقارنة بـ 12 % في عام 1991، بفضل زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال الإنتاجي الهام لأوزبكستان لأكثر من 62 %، وهو ما سمح تلقائياً بزيادة القدرات التصديرية من الأقمشة القطنية والحريرية المصنعة من الخامات المحلية.
وأورد التقرير أن حجم الاستثمارات في المجالات الاقتصادية في أوزبكستان بلغت 24,5 % من حجم الاستثمارات القومية، بينما بلغت حصة الاستثمار الأجنبي في هذا المجال 30 % من حجم الاستثمارات الفعلية، أو ما يعادل حوالي المليار دولار أمريكي.
كما وشهد العام الماضي إجراءات واسعة لدعم وتسريع مشاركة استثمارات رجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج الصناعي والزراعي، حيث تم من خلالها وضع حوافز قانونية وتسهيلات مالية وضريبية وتصديرية تشجع رجال الأعمال المحليين على دخول عالم الإنتاج الصناعي والزراعي، كما ووضع حيز التنفيذ نظاماً لمنح قروض مالية لدعم رأس المال المحلي اللازم لبدء نشاطات رجال الأعمال، حيث سجل حجم القروض الممنوحة زيادة بلغت 2,4 مرة مقارنة بالعام الأسبق، منها 70 % قروضاً متوسطة وطويلة الأجل بلغت قيمتها الإجمالية 27 مليار صوم (العملة المحلية). وهو ما سمح بزيادة حصة إنتاج الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من حجم الإنتاج القومي إلى 24,5 %، بينما كان في عام 2000 يشكل 21,6 % من حجم الإنتاج القومي، التي تشكل حالياً 53 % من الفعاليات الاقتصادية في أوزبكستان.
وعن سير الإصلاحات الجارية في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار الجهود المبذولة على طريق إنشاء تعاونيات زراعية تعود ملكية حصصها للفلاحين، مكان المزارع الخاسرة التي تملكها الدولة، والتي بلغ عددها 1,9 ألف مزرعة حتى مطلع عام 2002، ضمنها 112 في عام 2001 فقط، ويبلغ عدد الفلاحين المنضمين إلى التعاونيات الزراعية 1,4 مليون مزارع، وأشار التقرير إلى أنه خلال العام المنصرم فقط تم إنشاء 3,4 ألف مزرعة تعاونية جديدة، مكان 52 مزرعة حكومية، ليبلغ عدد المزارع التعاونية الجديدة الإجمالي حتى الآن 55,4 ألف مزرعة.
وعن خطوات الإصلاح في مجال التجارة الخارجية والقطع الأجنبي أشار التقرير إلى أنه اتخذت خطوات عملية خلال عام 2001 تسمح لكل المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة وبمجرد حصولها على الترخيص بممارسة أعمال التصدير، إضافة لإلغاء شرط البيع الإجباري لجزء من مواردها التصديرية من العملات الأجنبية للدولة، إضافة للسماح بتبديل العملات المحلية والأجنبية بشكل حر وفقاً لقانون العرض والطلب وأسعار السوق المالية المحلية. ونوه الرئيس إسلام كريموف في تقريره إلى تحسن علاقات المؤسسات المالية الدولية مع أوزبكستان، وخاصة صندوق النقد الدولي.
وعن الوضع الصعب في القطاع الزراعي أشار التقرير إلى استمرار انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية، القطن، والأرز والخضراوات في العام المنصرم بشكل كبير، بسبب الجفاف وقلة الأمطار ونقص المياه وارتفاع ملوحة الأرض، والعوامل الجوية، التي أدت كلها إلى انخفاض مساحات الأراضي الزراعية المستخدمة فعلاً في الزراعة في كافة أنحاء الجمهورية بنسبة تقل عن 10 %. ونوه التقرير إلى مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب الناتجة عن شح المصادر المائية في مناطق عديدة من الجمهورية، مؤكداً حقيقة سوء التصرف بتلك المياه واستخدامها في بعض الأحيان في المجالات الصناعية وفي ري الحدائق المنزلية، مما سبب ارتفاعاً كبيراُ في نسبة استخدام المياه الصالحة للشرب في الجمهورية بلغ أكثر من ثلاث أضعاف النسب المعتادة لاستهلاك المياه الصالحة للشرب في الجمهورية.
وأشار التقرير كذلك إلى الهدر والتعدي الحاصل على شبكات الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي. مما دفع على ما نعتقد بالرئيس إسلام كريموف إلى توجيه اللوم للمسؤولين في الوزارات والإدارات المختصة وحكام الولايات والمناطق لتقصيرهم في توجيه الاهتمام الكافي لكل تلك المشاكل الحيوية في القطاعين الزراعي والمدني.
وعن تطور القطاع الخاص ودوره في مجال الخدمات أشار التقرير إلى أنه في عام 2001 بلغ عدد مؤسسات القطاع الخاص في مجال الخدمات 63 ألف مؤسسة، (لا يتضمن هذا المؤشر المؤسسات الزراعية الخاصة). وأشار إلى أن عدد مؤسسات القطاع الخاص التي سجلت خلال العام المنصرم فقط بلغ 1,5 ألف مؤسسة في قطاع الخدمات، وأن كل سادس مؤسسة منها تعمل في مجال الخدمات الصناعية. ونبه إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الذي لم يزل يشغل 30 % فقط من الدخل المحلي، رغم أنه يعتبر القطاع الأهم في كل دول العالم المتقدمة. وأكد على حقيقة اتجاه المستثمرين الأجانب أساساً للاستثمار في القطاع الخاص قبل كل شيء. وأشار إلى أن نجاح القطاع الخاص في قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة يحقق الانتقال الحقيقي من النظام الاقتصادي الشمولي السابق وملكية الدولة الذي ورثته عن العهد السوفييتي البائد، إلى اقتصاد السوق والملكية الخاصة.
وأشار التقرير إلى ضعف العمل الجاري في مجال استقطاب المستثمرين الأجانب، وأورد حقيقة خلو 31 منطقة من مناطق الجمهورية من أية استثمارات أجنبية، وأن حصة الاستثمار الأجنبي لم تتجاوز نسبة 13,4 % في القطاع الخاص، من حجم الاستثمار الأجنبي الإجمالي الموظف في الاقتصاد الوطني بشكل عام خلال عام 2001.
وهنا لابد أن أذكر حقيقة أن الخطط الطموحة التي وضعتها الجمهورية الفتية لنفسها خلال العقد الأول من استقلالها، ورغم كل الصعوبات التي تعترضها تسير بخطى حثيثة ولو كانت بطيئة نحو تحقيق اندماجها في المجتمع والاقتصاد الدولي. وأن أوزبكستان اعتمدت في خططها التنموية على سياسة دعم الإنتاج الوطني الذي يغنيها عن الاستيراد ويشجع على التصدير، دون التخلي عن سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية مع الدول المتطورة والصديقة، من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادي التي سبق وأعلنت منذ الاستقلال. إضافة لسياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المطبقة حتى اليوم، وأن أذكر حقيقة استمرار ضعف الاستثمارات العربية عن غيرها من رؤوس الأموال الأجنبية الموظفة فعلاً في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني. وهذا برأيي لابد وأن يضعف العامل الاقتصادي العربي، كفاعل مؤثر في سياسة الاعتماد المتبادل التي تتبعها الحكومة الأوزبكستانية، كعامل مؤثر في بلورة سياستها الخارجية، مما يجعل السياسة الأوزبكستانية الخارجية أكثر ميلاً نحو الدول التي تستثمر فعلاً وتزيد من استثماراتها في الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني، لأنها وفق وجهة نظر بعض المحللين الاقتصاديين المحليين والأجانب تساعد الحكومة الأوزبكستانية في التغلب على بعض مشاكلها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وحقيقة أخرى مفادها أن وضع أوزبكستان لحوافز ملموسة ومناسبة لتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص الوطني على إقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين أجانب، للدخول في عالم الصناعة المتقدمة، وعالم تصنيع المحاصيل الزراعية المتنوعة وتصديرها، من خلال سياسة ثابتة تشجع القطاع الخاص على توفير المزيد من فرص العمل لليد العاملة الفائضة في الجمهورية، وخاصة في المناطق الريفية المكتظة بالسكان. مع التركيز في نفس الوقت على إتباع سياسة متزنة لإعداد الكوادر الوطنية الشابة اللازمة والقادرة على متابعة تنفيذ الخطط الطموحة لإعادة بناء اقتصادها الوطني الذي ورثته مثقلاً بالهموم بعد الاستقلال، وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والاجتماعية في البلاد، بشكل يتماشى ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي، إضافة للثروات الطبيعية الكبيرة التي تملكها، هي التي تشجع المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في خطط التنمية الاقتصادية الطموحة التي وضعتها حكومة هذه الجمهورية الفتية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق