الاثنين، 18 يناير 2010

التطرف الإسلامي في أوزبكستان لمصلحة من يا ترى ؟

التطرف الإسلامي في أوزبكستان لمصلحة من يا ترى ؟
كتبه أ.د. محمد البخاري: مستشار في العلاقات الدولية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، بتاريخ 11/8/2004.
مخطط البحث: العالمين العربي والإسلامي في السياسة الخارجية الأوزبكستانية؛ التهديد الأساسي والأول للأمن القومي الأوزبكستاني؛ النزاعات الإقليمية في آسيا؛ التهديد الثاني من التطرف الديني ذاته؛ التأثيرات الخارجية في صراعات القرن الحادي والعشرين؛ غياب التنسيق الأمني والمعلوماتي يعكر صفو العلاقات الأوزبكستانية العربية والإسلامية؛ أولى الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في أوزبكستان؛ مصادر تمويل المتطرفين؛ معسكرات تدريب المتطرفين الإسلاميين؛ الحزب الإسلامي لنهضة أوزبكستان؛ حزب التحرير الإسلامي؛ المراجع المستخدمة في البحث.
عند الحديث عن الروابط التاريخية المشتركة للعرب والأوزبك نرى أنها تمتد بجذورها إلى بدايات الفتح الإسلامي لما وراء النهر. وتشهد صفحات التاريخ بالدور الكبير الذي لعبه أجداد شعوب آسيا المركزية، وخاصة الشعب الأوزبكي في الثقافة العربية الإسلامية خلال القرون الوسطى، الثقافة التي أسهمت في تطوير الحضارة الإنسانية، ولم تزل آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم.
ومعروفة أسماء أعلام إسلامية من أجداد شعوب آسيا المركزية أمثال: عالم الفلك أحمد الفرغاني (توفي عام 850م)، وعلماء الرياضيات محمد بن موسى الفرغاني (783م-850م)، ومحمد بن موسى الخوارزمي (توفي حوالي 849م)، والفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي (873م-950م)، والطبيب الموسوعي أبو علي حسين بن سينا (980م-1037م)، والعالم الموسوعي أبو ريحان البيروني (973م-1048م)، والنحوي والمحدث الكبير الزمخشري (1075م-1144م)، والموسوعي فخر الدين الرازي (توفي حوالي 1210م)، وشيخ المحدثين الإمام البخاري، والكثيرون غيرهم. وهم اللذين ارتحلوا طلباً للعلم ما بين بغداد والبصرة ودمشق ومكة والقاهرة. وخير مثال على ذلك، التراث الغني الذي خلفه إمام المحدثين أبو عبد الله إسماعيل البخاري (809م-869م)، والذي يضم أكثر من عشرين مؤلفاً في علوم الحديث أشهرها الجامع الصحيح الذي يضم 7250 حديثاً نبوياً شريفاً. وغيره من علماء الحديث الشريف أمثال: محمد بن عيسى الترمذي (824م-892م)، والسمرقندي (785م-868م)، والهمذاني 1048م-1140م).
ويطالعنا التاريخ بأن العلاقات العربية بشعوب المنطقة أخذت تضعف بالتدريج منذ أن اجتاحها المغول خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وما نتج عن قيام الدولة المغولية في ما وراء النهر من تأثير على اللغة والثقافة العربية. ولكن دون أن يتمكن المغول من المساس بالثقافة الإسلامية بسبب اعتناق المغول أنفسهم للدين الإسلامي الحنيف. وتبعها قيام الدولة التيمورية التي أسسها الأمير تيمور "تيمور لانك" (1336م-1405م) وامتدت من ما وراء النهر إلى إيران وأفغانستان والقوقاز وبلاد الرافدين وسورية وشمال الهند. تلك الدولة التي اتخذت في أيام عزها وازدهارها من سمرقند عاصمة لها. وقامت جمهورية أوزبكستان في عشرينات القرن العشرين على القسم المركزي منها، وهو الذي كان يعرف منذ بدايات الاحتلال الروسي للمنطقة بتركستان الروسية.
وأدى تفكك الدولة التيمورية في تركستان إلى قيام ثلاث دول مستقلة متناحرة هي: بخارى، وخيوة، وقوقند، وهو ما سهل الطريق أمام الأطماع الروسية للتوسع في المنطقة. حيث قام الاحتلال الروسي فيما بعد بقطع كل الصلات التي كانت قائمة بين تركستان والعالمين العربي والإسلامي، اللذان كانا يخضعان أيضاً للاستعمار الأوروبي بالكامل تقريباً، سواء أثناء الحكم القيصري الروسي، أم خلال الحكم الشيوعي الروسي. واقتصرت علاقات الدول العربية والإسلامية المستقلة مع دول المنطقة فيما بعد على العلاقات الرسمية التي كانت تمر عبر موسكو فقط. وكان من النادر جداً كما أشار الباحث الأوزبكي البروفيسور زاهد الله منواروف أن تتصل طشقند مباشرة بالعواصم العربية، وأن الاحتلال الروسي والبلشفي قضى على أية إمكانية يمكن أن تسمح بإقامة علاقات مباشرة بين أوزبكستان والدول العربية. ويتابع أنه رغم ذلك فإن الروابط الثقافية والحضارية التي جمعت العرب والأوزبك استمرت، وعلى أساسها قامت العلاقات العربية الأوزبكستانية بعد الاستقلال عام 1991.
ورغم سرعة الدول العربية بالاعتراف الدبلوماسي باستقلال أوزبكستان، تلبية لقرار مجلس جامعة الدول العربية في آذار/مارس 1992، الذي حث الدول العربية على تنشيط الاتصالات بدول آسيا المركزية وفتح سفارات فيها، وإقامة تعاون في كل الميادين، وإقامة مراكز ثقافية عربية فيها، فإننا نرى أن مصر والأردن وتونس وفلسطين والجزائر والسعودية والكويت فقط افتتحت سفارات لها في العاصمة طشقند، بالإضافة للقنصلية الليبية التي كانت قد افتتحت في طشقند إبان الحكم السوفييتي في ثمانينات القرن العشرين، ولكن سرعان ما أغلقت السفارة التونسية، والقنصلية الليبية أبوابهما في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي بسبب الظروف الخاصة بتلك الدولتين العربيتين آنذاك. وكانت مصر الدولة العربية الوحيدة التي أقامت في أوزبكستان مركزاً ثقافياً عربياً لم يزل قائماً حتى الآن، ومركزاً إعلاميا أغلق أبوابه في 15/7/2003، ليترك خلفه فجوة إعلامية كبيرة، لأنه كان المركز الإعلامي العربي الوحيد في أوزبكستان.
ومع ذلك فإننا نرى أن العلاقات الاقتصادية والسياسية العربية الأوزبكستانية لم تزل بطيئة ولا تتجاوب مع العلاقات التاريخية بين الجانبين حتى الآن، رغم الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف في مطلع عام 2004 إلى الكويت، ورغم إجماع المراقبين المحليين والعرب على أنها تبشر ببداية خيرة تشكل دفعة جديدة تدعم وتقوي العلاقات الاقتصادية والسياسية العربية الأوزبكستانية. مع الإشارة للزيارات التي قام بها الرئيس كريموف إلى جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية عام 1992، وفلسطين عام 1998.
العالمين العربي والإسلامي في السياسة الخارجية الأوزبكستانية: وقد جاءت تلك الزيارات وغيرها من التي شملت بعض الدول الإسلامية الأخرى كتركيا، وباكستان، وإيران انطلاقاً من الخطاب السياسي للرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف منذ بدايات الاستقلال عام 1991، الذي ينطلق من تحليل موضوعي لطبيعة النظام العالمي وموقع أوزبكستان فيه، لأن هذا النظام كما يراه المحللون السياسيون في عصر العولمة مترابط ومتعدد الأبعاد. ويعني هذا أنه لم يعد هناك مكان في النظام العالمي للانعزال، ويتطلب الاندماج مع مجمل التيارات الفكرية والهيكلية للنظام العالمي الجديد. وهذه الرؤية للعولمة في النظام العالمي الجديد تشكل المدخل الحقيقي الأول لرؤية الرئيس كريموف لسياسة أوزبكستان الخارجية. والمدخل الثاني في تأكيده على أن أوزبكستان تقع في قلب هذا النظام، فهي تقع في قلب آسيا، حيث تتركز مصادر الطاقة، وبالذات منابع النفط والغاز، وفي منطقة تتقاطع فيها مصالح القوى الآسيوية والأوروبية القوية، والدول الكبرى من العالم الإسلامي. كما أنها بحكم موقعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية والبشرية، وخبراتها التكنولوجية، وتراثها الثقافي والحضاري، مؤهلة لتلعب دوراً هاماً في "مركز آسيا"، وهو ما عبر عنه الرئيس كريموف في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992، بأن أوزبكستان يمكن أن تكون "نافذة آسيا، وجسراً للتعاون بين المؤسسات الدولية لتوفير الأمن في آسيا".
وتواجه أوزبكستان في المنطقة الإستراتيجية الهامة، مجموعة من التهديدات التي تؤثر على أمنها الوطني. ولكن الرئيس كريموف يرى أن التهديد الأساسي والأول للأمن القومي الأوزبكستاني يكمن في النزاعات الإقليمية في آسيا، وفي مقدمتها الصراعات التي لم تزل تبعاتها قائمة في أفغانستان وطاجكستان، تلك النزاعات التي أدت إلى تأخير تطور تلك الدولتين لعشرات السنين. وثبت أن تلك الصراعات يمكن أن تمتد إلى أوزبكستان ذاتها حسب تعبير الرئيس كريموف "فكل نزاع في أية دولة من الدول لا يمكن أن يبقى لفترة طويلة محصوراً داخل حدود تلك الدولة. فلأسباب عديدة سيمتد هذا النزاع تلقائياً إلى الدول المجاورة". وأثبتت أحداث تسلل بعض المسلحين إلى جنوب قرغيزستان في صيف عام 1999 وما تلاها صواب تلك الرؤية. فالنزاعات يمكن أن تؤدي إلى نسف الوفاق الاجتماعي، والاستقرار في الدول المجاورة، وخاصة عند استخدام عنصر الدين فيها، واستمرار تلك النزاعات يعطي البعض فرصة لإثارة مشاكل الشعوب المقسمة لإعادة ترسيم الحدود تحت ستار توحيد الطاجيك أو الأوزبك أو القازاق أو غيرهم من الشعوب المقسمة في العالم. إضافة إلى أن الحرب الأهلية الأفغانية قد أعاقت بالفعل وصول أوزبكستان إلى بحر العرب والمحيط الهندي، وخلقت مشكلة اللاجئين الذين اندفعوا أيام الصراع المسلح عبر الحدود إلى الدول المجاورة هرباً من الحروب، وإلى بروز مشاكل أخرى تمثلت في ازدهار تجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وانتشار التطرف الديني والعنف المسلح والإرهاب.
ويأتي التهديد الثاني من التطرف الديني ذاته، فقد أكد الرئيس كريموف على الدور التربوي الهام للدين، وعلى دور الإسلام في الجهود السياسية من أجل توحيد المجتمع. ويعتبر الإفراط بالرأي الديني لطرف واحد، ومحاولة تغيير النظم السياسية بغير الطرق الدستورية والديمقراطية واستخدام القوة تهديداً أمنياً خطيراً. ويرى الرئيس كريموف أن أوزبكستان هي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، ولكن المشكلة تكمن في تحويل الشعارات الدينية من قبل البعض، إلى راية من أجل الوصول إلى السلطة بطرق غير شرعية، ودافعاً للتدخل في السياسة. خاصة وأن تلك القوى والحركات يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة، وتخلق مجابهة عالمية بين الحضارة الإسلامية وحضارات الأديان الأخرى، (وهو ما أثبتته أحداث 11/9/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية)، وهذا ليس من مصلحة لا الشعوب الإسلامية ولا غيرها من شعوب العالم.
خاصة وأن أوزبكستان قد سارت منذ استقلالها ورغم اختيارها للخط العلماني على طريق التسامح الديني والإسلام التقليدي، وافتتحت الجامعة الإسلامية في طشقند، ووفرت سبل العمل لعشرات المدارس الدينية المتخصصة، وافتتحت مئات المساجد الجديدة، وأدخلت مواد دينية جديدة إلى مناهج التعليم بكافة مستوياته. وبلغ عدد المنظمات الدينية المسجلة في الجمهورية 1671 منظمة، منها 1555 إسلامية، و 100 مسيحية و 8 بهائية و 8 يهودية، وفق معطيات تقرير منظمة undp التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عن التطور الإنساني في أوزبكستان لعام 1999.
التأثيرات الخارجية في صراعات القرن الحادي والعشرين: وتظهر معظم المراجع العلمية وبكل وضوح أن لبعض الدول الغربية مصالح معينة تحققها عن طريق استخدام عناصر إسلامية محددة ضد بعض الحكومات الإسلامية تحت ستار مساندة حرية العقيدة وحق الملجأ وحرية التعبير لتلك العناصر، ضد ما تسميه بعض الدول الغربية بالقمع الذي تمارسه الحكومات الإسلامية في أوطانها ضدهم، والهدف الحقيقي وراء ذلك هو حماية العناصر الإرهابية واستخدامها للضغط على الدول الإسلامية، وقد حدث ذلك كما أثبتت بعض المصادر في حالتي مصر والسعودية، وغيرها من الدول الإسلامية. وثبت استخدامها عبر شبكات المعلوماتية الدولية في ظروف العولمة وتشابك الحياة على الكرة الأرضية، وظهور وتشكل شبكات وبنى معلوماتية دولية فوق الدول، ولم يعد هناك مجالاً للشك من أن تلك الشبكات تستخدم كسلاح معلوماتي مؤثر على العقول والمواقف، ووسيلة لشن حروب واسعة النطاق تطال الإنسان أينما كان، بفاعلية يمكن أن تؤدي نتائجها بل وتعادل قوتها وتأثيرها التدميري الموجه ضد العقول والذاكرة البشرية وتتفوق في بعض الظروف من حيث التأثير على أسلحة الدمار الشامل التقليدية المعروفة.
وليس عبثاً أن بعض الدول المتقدمة ترصد في ميزانياتها مخصصات للأمن المعلوماتي تعادل بمستواها المخصصات التي ترصد لمواجهة أخطار استخدام أسلحة الدمار الشامل التقليدية. رغم اختلاف استخدام السلاح المعلوماتي في الحرب عن الأشكال التقليدية من أسلحة الدمار الشامل، لأن تأثيرها يمكن أن يطال الجبهة الداخلية في الصميم. مع إمكانية استخدام الأسلحة المعلوماتية الدولية التي تتميز بالقدرة المؤثرة الكبيرة ضد الأهداف المدنية، كوسيلة من وسائل الصراع على السلطة، وفي الصراعات القومية والعرقية والدينية. والأمثلة على ذلك في عالم اليوم كثيرة، ولا ينحصر تهديدها الواقعي على القوى البشرية فقط، بل اتسع ليشمل الأنظمة المعلوماتية والإعلامية التي تملكها الدول، والمنظمات والهيئات الدولية، من قبل دول معادية أو قوى الإرهاب العالمي والإجرام المنظم على السواء، مما أعطى لطابع تأثيرها طبيعة كارثية من خلال ليس التسلل لداخل تلك الأنظمة وحسب، بل وفي تخريب تلك الأنظمة، وسرقة أو التأثير على محتوياتها من معلومات وإتلافها، أو توجيه أصابع الاتهام ضد دول معينة بارتكاب أشياء لا علم لها بها، كما هو جار اليوم عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للنيل من العرب والمسلمين أينما كانوا، وللعالمين العربي والإسلامي خاصة بعد أحداث 11/9/2001 وتداعياتها المستمرة حتى اليوم.
غياب التنسيق الأمني والمعلوماتي يعكر صفو العلاقات الأوزبكستانية العربية والإسلامية: وقد جددت بعض الوسائل الإعلامية المشبوهة من حملتها المضللة والمستمرة لتعكير صفو العلاقات بين أوزبكستان والدول العربية والإسلامية، بعد الأعمال الإرهابية الأخيرة التي جرت في أوزبكستان نهاية آذار/مارس 2004. وكان تأثيرها ملحوظاً بسبب غياب التنسيق الأمني والمعلوماتي على ما يبدوا بين أوزبكستان والدول العربية والإسلامية التي طالتها الحملة الإعلامية المغرضة بالاتهام المفترض دون توفر أدلة أو براهين تؤكدها. ولتوضيح الصورة سأحاول هنا إلقاء نذر من الضوء على بعض يقال حول التنظيمات الدينية المتشددة في آسيا المركزية، من خلال الزخم الكبير المتناقض من المواد المنشورة عبر شبكة المعلومات العالمية "الانترنيت"، وبعض المراجع العلمية لقراء اللغة الروسية وأبناء آسيا المركزية جزء منهم، علها توضح شيئاً من الحقيقة للقارئ والمهتم والمتخصص، وتلقي شيئاً من الضوء على المرامي الحقيقية لتلك الجهات التي تقف وراءها. وأبدأ بأولى الجماعات الإسلامية المتطرفة في أوزبكستان:
أولى الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في أوزبكستان: تربط معظم المصادر المعلوماتية موضوع تأسيس أولى الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في أوزبكستان بجمعة باي أحمد جانوفيتش حجييف أو جمعة النمنغاني كما هو معروف في أوساط المتطرفين الإسلاميين. وهي الشخصية التي بدأت بالظهور بعد انضمامها في عام 1991 لما يعرف بالحركة الوهابية، في مسقط رأسه نمنغان، وهي الحركة التي سعت حسب تلك المصادر وتخطط لإقامة دولة إسلامية في أوزبكستان. وبعد مشاركته لطاهر يولداشوف بتأسيس الجماعة الوهابية "التوبة" بمدينة نمنغان أيضاً، من أجل العمل على إقامة دولة إسلامية في أوزبكستان عن طريق نشر الدعوة الإسلامية، وإعاقة عمل أجهزة السلطات الدستورية الشرعية، واستبدالها بأجهزة موازية عن طريق العنف، وبث النعرات القومية والطائفية، والقيام بأعمال إرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي في أوزبكستان، انتقل في عام 1992 مع مجموعة مؤلفة من 30 عنصراً من أنصاره إلى محافظة كورغان تيوبيه الطاجيكية، حيث شارك مع قوى المعارضة الطاجيكية في المعارك الدائرة آنذاك ضد القوات النظامية الطاجيكية. ومن هناك وبمساعدة من حكمت زادة محمد شريف أحد قادة "حزب البعث الإسلامي الطاجيكي"، والمسؤول عن التشكيلات العسكرية للحزب، عبر نهر بانج إلى داخل الأراضي الأفغانية المتاخمة لطاجكستان، حيث اتبع دورة تدريبية خاصة تحت إشراف مدربين أجانب في معسكرات تدريب المعارضة الطاجيكية. وتابع تدريبه في معسكر المنظمة الإسلامية المتطرفة "جماعات إسلامي" بالقرب من مدينة فرساج بمحافظة طهار، حيث أثار انتباه المدربين من المخابرات الباكستانية (ISI) حسب تعبير تلك المصادر. وبطلب منه تم إرساله إلى معسكر بدر-2، حيث خضع لإعداد خاص ومكثف من قبل ضباط المخابرات الباكستانية (ISI) المتخصصة بشؤون آسيا المركزية. ومن ثم أرسل إلى بيشاور في باكستان. وتشير بعض المصادر أيضاً إلى لقاء تم في بيشاور بين جمعه حجييف ونائب مدير المخابرات السعودية، الذي أعجب بجمعة حجييف، حسب تلك المصادر، وهو الذي رشحه لمتابعة تدريبه العسكري في معسكر "ميرام شاه"، حيث خضع لدرة تدريبية على قيادة الفصائل الإرهابية. وبعد عودته إلى طاجكستان في صيف عام 1993، ساهم حجييف بتأسيس سلسلة من معسكرات التدريب في شمال طاجكستان بالأموال التي حصل عليها من المخابرات الباكستانية (ISI)، ومن بعض المنظمات الإسلامية، وحافظ على اتصالاته بالمخابرات الباكستانية (ISI). وخلال الفترة من عام 1993 وحتى عام 1995 قام ومجموعته بالانتقال إلى الأراضي الأفغانية عدة مرات. وذاع صيته بعد النجاح الذي حققته مجموعة مسلحة بقيادته شاركت في القتال الدائر ضد القوات النظامية الطاجيكية في عام 1994. وهو ما دعى الحكومة الطاجيكية آنذاك لتوجيه أصابع الاتهام للحكومة الأوزبكستانية، عبر وسائل الإعلام، تتهمها بالتدخل في الشؤون الداخلية الطاجيكية. وهو الأمر الذي أدى إلى تعرض الأقلية الأوزبكية في طاجكستان لمضايقات أجبرت البعض منهم على الهجرة إلى أوزبكستان. لأن المجموعة التي كان يقودها حجييف آنذاك كانت مؤلفة أساساً من مقاتلين أوزبك وعرب ومجاهدين أفغان. وتشير بعض المصادر إلى أن جمعة حجييف يعتبر مؤسس وقائد المجموعات المسلحة التي عملت داخل الأراضي الطاجيكية، وأنه المسؤول عن تدريب العناصر الشابة من مختلف دول العالم على الأعمال التخريبية والإرهابية، ومن ضمنها مواطنين من جمهورية أوزبكستان. كما ونلاحظ من بعض المصادر بأن جمعة حجييف سبق وسافر إلى المملكة العربية السعودية في عام 1996، لتلقى تدريب خاص في أحد المراكز الدينية التابعة للمخابرات السعودية ؟ حسب تلك المصادر. وتضيف إلى أنه أصبح منذ عام 1997 قائداً عاماً لقوات الحركة الإسلامية الأوزبكستانية، التي قامت بعدة محاولات للتسلل إلى داخل أراضي جمهوريات آسيا المركزية المجاورة لطاجكستان (أوزبكستان، قرغيزستان، قازاقستان)، وبأعمال تجارة وتهريب المخدرات والذهب والمعادن الثمينة عبر الحدود المشتركة لتلك الدول. وتشير المصادر أيضاً إلى نبأ اكتشاف واعتقال قوات الأمن الأوزبكية لمجموعة مسلحة في عام 1997، تلقت التدريب في معسكرات جمعة حجييف في قرية طويل دار، أثناء توجهها وهي تحمل أسلحة نارية وذخائر ومتفجرات وتعليمات وكتب وخرائط إلى ولاية أنديجان في أوزبكستان للاعتداء على مصنع السيارات "أوزديو" بمدينة آساكا، وأنباء عن المحاكمات التي جرت وقضت بتجريم 15 شخصاً منهم. كما وتشير المصادر المعلوماتية إلى مشاركته في أيار/مايو، وتموز/يوليو، وتشرين ثاني/نوفمبر 1997، وفي كانون أول/ديسمبر 1998 في اللقاءات التي تمت على الأراضي التركية والأفغانية مع العناصر الأوزبكستانية المنشقة الأخرى التي أعلنت عن نفسها باسم المعارضة الديمقراطية، لتبادل الرأي حول طرق وأساليب الاستيلاء على السلطة بالقوة في أوزبكستان، بعد اقتناع تلك القوى بعدم إمكانية الوصول إلى السلطة بالطرق الديمقراطية. وللقرار الذي اتخذته تلك القوى بتوحيد جهودها السياسية والعسكرية. كما وتشير الكثير من المصادر المعلوماتية إلى قرب حجييف من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ولوزير الدفاع في حكومة طاليبان الملا عبد الله، ولقائد قوات منطقة قندهار أختار حسن عثماني، ولقائد المخابرات العسكرية قاري حميد الله. وتضيف أن المجموعات المسلحة التي أنشأها جمعة حجييف كانت تشارك بنشاط في المعارك الدائرة آنذاك في أفغانستان إلى جانب قوات طاليبان ضد قوات تحالف الشمال. وتؤكد على أن هدف حجييف الرئيسي من ذلك كان إقامة دولة على طراز حكومة طاليبان، على أراضي دول آسيا المركزية (أوزبكستان، وطاجكستان، وقرغيزستان، وقازاقستان، وتركمانستان). وهو ما تؤكده أنباء قيام جمعة حجييف في مايو 2001 بتأسيس حزب إسلامي متطرف جديد بمدينة ديهدادي الواقعة إلى الجنوب من مدينة مزار شريف عاصمة محافظة بلخ الأفغانية أطلق عليه اسم "حزب إسلامي تركستان" وفي بعض المصادر الأخرى "الحركة الإسلامية التركستانية"، من أجل نشر الدعوة الإسلامية في كل آسيا المركزية، ومنطقة سينزيان ويغور المتمتعة بالحكم الذاتي في جمهورية الصين الشعبية، ذات الأكثرية المسلمة. وضم هذا الحزب الجديد إلى جانب الأوزبك، عناصر شيشانية، وعربية، وباكستانية، وويغورية. وأضافت تلك المصادر إلى أن الحزب المذكور جاء بديلاً "للحركة الإسلامية الأوزبكستانية"، المسؤولة عن مجموعة من الأعمال الإرهابية المسلحة التي حدثت خلال عامي 1999 و2000 في عدد من جمهوريات آسيا المركزية، قبل أن تجبرهم القوات المسلحة الأوزبكستانية والقرغيزية على الانسحاب إلى داخل الأراضي الطاجيكية والأفغانية. وتناولتها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المحلية بالتفصيل أثناء المحاكمات العلنية التي تبعتها لبعض العناصر المتورطة بتلك الأحداث الدامية. وتعتبر تلك المصادر أن "الحركة الإسلامية التركستانية" كانت بمثابة المركز الذي تولى مهمة التنسيق بين المتطرفين وتدريبهم وإعدادهم في مجموعة من المعسكرات الموجودة على الأراضي الأفغانية. وفي أواسط عام 2001 ترددت أنباء عن تعيين جمعة حجييف مساعداً لأسامة بن لادن. ونبأ ضمه في النصف الثاني من آب/أغسطس، وبداية أيلول/سبتمبر 2001 إلى قيادة مجموعة قوات طاليبان شمال أفغانستان. ووفقاً لتلك المصادر أصدرت حكومة طاليبان أوامرها بضم جمعة حجييف إلى قيادة المجموعة (9000) في طالقان بمحافظة طهار شمال أفغانستان، الواقعة على بعد 60 كم عن الحدود الطاجيكية الأفغانية. وأشارت تلك الأنباء إلى أن قواته كانت مؤلفة أساساً من المرتزقة الأجانب والأوزبك، والطاجيك، والشيشان، والعرب (خاصة من الأردن)، والباكستانيين، وغيرهم. وأثناء العمليات العسكرية التي رافقت الحملة الدولية ضد الإرهاب في أفغانستان، التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية إثر أحداث 11/9/2001، ترددت أنباء عن مقتل جمعة حجييف. أكدها الجنرال الأمريكي تومي فرينك الذي أشار خلال واحدة من زياراته لأوزبكستان إلى صحة تلك الأنباء دون أن يكشف عن مصادر معلوماته. وفي نهاية ديسمبر 2001 عاد الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمانوف وأكد نبأ مقتل جمعة حجييف الملقب بجمعة نمنغاني أثناء المعارك التي دارت على الأراضي الأفغانية. لتنطوي معه صفحة من صفحات الإرهاب في آسيا المركزية.
أما طاهر يولداشوف، المولود أيضاً في ولاية نمنغان الأوزبكستانية، فقد تولى قيادة الحركة الإسلامية "عدالات إيوشماسي"، ("جمعية العدالة") في نمنغان منذ عام 1991، وشارك وفق تلك المصادر بنشاط في تأسيس المنظمة الأكثر تطرفاً "إسلام لاشكارلاري"، (المحاربين الإسلاميين). وشارك جمعة حجييف في تأسيس الحركة الإسلامية المتطرفة المسلحة "التوبة". مؤكدة على وثوق العلاقة بينهما، وازدادت تلك العلاقة وثوقاً بعد هرب يولداشوف عام 1992 إلى أفغانستان، وتوليه منصب القيادة السياسية للحركة الإسلامية الأوزبكستانية. وتشير بعض المصادر ومواد المحاكمات العلنية التي جرت للمتهمين في أحداث عام 1999 في طشقند إلى ضلوعه في تنظيم المحاولة الانقلابية ضد الحكومة الأوزبكستانية التي جرت في شباط/فبراير عام 1999، وضلوعه بترتيب تسلل مقاتلي الحركة الإسلامية الأوزبكستانية عبر الحدود الطاجيكية إلى أوزبكستان وقرغيزستان. وفي مطلع عام 2004 ترددت شائعات عن إصابة يولداشوف بجراح بليغة أثناء إحدى عمليات قوات التحالف الدولي في أفغانستان.
مصادر تمويل المتطرفين: وعن مصادر التمويل الأساسية لجمعة حجييف التي كان يحصل عليها حسب بعض المصادر من بعض الشيوخ العرب، فقد كانت تمر إليه عبر الكردي الكويتي أبو حافظ. وأضافت تلك المصادر أن التشكيلات المسلحة للحركة الإسلامية الأوزبكستانية كانت تضم قبل بداية عمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب في أفغانستان حوالي 5.5 ألف مقاتل، كانت تمولهم بعض الهيآت الإسلامية، وأسامة بن لادن، ورسول السعيد رئيس المنظمة الدولية "المساعدة الإسلامية العالمية"، ومقرها الرئيسي في بريطانيا بمدينة بيرمينغهام، ولها فروعاً في كل من أمريكا وأوروبا، ولها نشاطات في أماكن عديدة من أنحاء العالم في أوساط المسلمين حتى ولو كانوا أقلية صغيرة، ويضم نشاطها روسيا، ودول آسيا المركزية والقوقاز. وتضيف تلك المصادر أن المساعدات المالية للحركة الإسلامية الأوزبكستانية كانت تقدمها أيضا الهيئة الخيرية الباكستانية "جمعيتي إسلامي"، وجمعية "قطر"، و"هيئة الإغاثة الإسلامية السعودية" والعديد من الهيآت الخيرية لحركة "الإخوان المسلمين" العالمية، ومنظمة "المؤتمر العالمي للمسلمين الشباب" التي تمولها بعض الجهات في المملكة العربية السعودية. وتشير المصادر أيضاً للمساعدات السخية التي كانت تقدمها المنظمات والهيئات الخيرية التركية العاملة في ألمانيا الاتحادية للحركة الإسلامية الأوزبكستانية، خلال النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، وتذكر أن محمد كوتشاك سكرتير الممثلية التجارية التركية للمنظمة المتطرفة "مللي غيريوش وقفي"، المسجلة في كيولن قدم للحركة الإسلامية الأوزبكستانية مساعدات مادية بلغت قيمتها مئات الآلاف من الدولارات. ومساعدات مالية أخرى قدمتها للحركة الإسلامية الأوزبكستانية منظمات وهيأت تركية أخرى من بينها "الاتحاد التركي للشرق الأوسط"، و"الجبهة الإسلامية العظمى" و"مصادر النظام الإسلامي"، والمنظمة الإسلامية المتطرفة "نظامي عالم أوجاكلي". ومن أجل تعزيز التنسيق بين الحركة الإسلامية الأوزبكستانية والمنشقين الويغور، وخاصة منظمتي "نمور لوبنور"، و"حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، قدمت منظمة "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" في المملكة العربية السعودية مساعدات عسكرية وأسلحة ؟ إضافة لقيامها بتسليم طاهر يولداشوف مبلغاً كبيراً من المال في كانون أول/ديسمبر 1997، حيث قام بتسليم قسم منه للحركات الويغورية السرية عن طريق الحركة الإسلامية الأوزبكستانية، واحتفظ بالباقي لقاء الأتعاب والخدمات التي قدمها والحركة الإسلامية الأوزبكستانية لحركة تركستان الشرقية الإسلامية. وتضيف تلك المصادر أن قادة الحركة الإسلامية الأوزبكستانية طاهر يولداشوف، وجمعة حجييف، والمقاتلين الشيشان بقيادة شاميل بساييف، وخطاب تلقوا أكثر من مرة أموالاً من أسامة بن لادن لشراء الأسلحة والذخائر للقتال في آسيا المركزية، وفي داغستان (روسيا).
وفي إطار إعلان عام 1998 عاماً للجبهة العالمية للجهاد الإسلامي، التقى أسامة بن لادن قادة الحركة الإسلامية الأوزبكستانية عدة مرات، في تشرين ثاني/نوفمبر 1998 بمدينة خوست الأفغانية. وبوساطة من فضل الرحمن زعيم المنظمة الإسلامية المتطرفة "جمعياتي علمائي إسلام" تم لقاء جمع طاهر يولداشوف، وجمعة حجييف من جهة، وأسامة بن لادن من جهة أخرى أعرب الأخير خلالها عن استعداده لتقديم المساعدة اللازمة للحركة الإسلامية الأوزبكستانية وتعهد بتمويل 100 مقاتل من مقاتلي الحركة وتجهيزهم بالأسلحة والمعدات العسكرية والأموال اللازمة لتغطية نفقات تدريبهم في معسكرات خاصة. وكذلك لقاء تم بين أسامة بن لادن وطاهر يولداشوف في يناير 1999 في شمال أفغانستان، حيث تدارسا معاً الوضع وإمكانيات التعاون بينهما. وفي نهاية عام 1998 وبداية عام 1999 زار أسامة بن لادن هيرات، وشيبرغان، ومزار شريف، وقوندوز حيث بحث إمكانيات إقامة مراكز "للقاعدة" تنطلق منها للعمل في دول آسيا المركزية. وتشير بعض المصادر إلى أنه وبأوامر شخصية من أسامة بن لادن خلال النصف الأول من نيسان/أبريل 1999 أرسلت 500 قطعة سلاح ناري و 12 عبوة ناسفة توجه عن بعد، من محافظة قندهار إلى مزار شريف، لتسليمها لأتباع طاهر يولداشوف، وكان مقرراً إرسالها عن طريق قوندوز إلى طاجكستان ومنها إلى أوزبكستان من أجل تنفيذ أعمال تخريبية في عدد من مدنها. وأشارت للوعود التي قطعها أسامة بن لادن على نفسه بدفع مبالغ كبيرة من المال عن كل عملية ناجحة. ووعده بتجهيز مطبعة حديثة في مزار شريف ووضعها تحت تصرف الحركة الإسلامية الأوزبكستانية لطباعة المواد الإعلامية وإرسالها إلى جمهوريات آسيا المركزية. كما وتشير بعض المصادر إلى أن أسامة بن لادن بحث خلال لقاء جرى عام 2000 في خوست، إمكانية خطف طائرة ركاب أوزبكستانية لاستبدالها بالمتطرفين الإسلاميين المعتقلين اللذين أدانتهم السلطات القضائية أثناء المحاكمات العلنية التي جرت في أوزبكستان، وسبل تهريب ونشر المخدرات في أوساط الطلاب والشباب من الأسر الأوزبكية الموسرة ذات التوجه الغربي في طشقند وغيرها من المدن الكبرى الأوزبكستانية. ودفعه مبلغ 5 مليون دولار نقداً لطاهر يولداشوف خلال ذلك اللقاء من أجل احتلال وادي فرغانة لمدة 3 أشهر، وبالفعل حسب المصادر الصحفية تم تسلل لمقاتلي "الحركة الإسلامية الأوزبكستانية" إلى ولاية سورخانداريا في أوزبكستان وبابكينت في قرغيزستان بعد هذا اللقاء.
معسكرات تدريب المتطرفين الإسلاميين: وتتفق معظم المصادر على أن التدريب الأساسي لمسلحي الحركة الإسلامية الأوزبكستانية كان يتم على الأراضي الأفغانية، وعلى الأراضي الباكستانية، والشيشانية. ومعسكرات التدريب التابعة للمنظمات الإسلامية لـ"القاعدة" و"حركة الأنصار"، و"حزبي إسلامي"، و"حركة المجاهدين"، و"جماعة التبليغ والدعوة"، وحركة "طاليبان" الأفغانية. وأضافت أن مقاتلي الحركة الإسلامية الأوزبكستانية تلقوا التدريب في الشيشان بمعسكر "الجبهة الأوزبكستانية" التابع لخطاب. وأنه خلال عام 1992 فقط تم تدريب أكثر من 5 آلاف مقاتل من الحركة الإسلامية الأوزبكستانية على الأراضي الطاجيكية، والأفغانية، والباكستانية، والشيشانية.
الحزب الإسلامي لنهضة أوزبكستان: وتشير بعض المصادر إلى تأسيس حركة إسلامية متطرفة حملت اسم "الحزب الإسلامي لنهضة أوزبكستان" مع بداية عام 1996، بمساندة من ممولي المعارضة الطاجيكية المتحدة، والحركة الباكستانية المتطرفة "حزبي حركي جهاد"، وممثلها أبو عبد الله باكستاني. وإلى أنها سرعان ما بدلت اسمها إلى "الحركة الإسلامية الأوزبكستانية"، بهدف إقامة دولة إسلامية في وادي فرغانة والقضاء على نظام الحكم الدستوري في أوزبكستان. وكان تدريب مقاتلي الحركة على استخدام الأسلحة النارية والقيام بالأعمال التخريبية والإرهابية، واستخدام المواد السامة، والكتابة السرية، يتم على أيدي مدربين من باكستان، وأفغانستان، وعدد من الدول العربية باللغتين الأوزبكية والطاجيكية. وأن التدريب الديني كان يتم في المراكز الدينية في المملكة العربية السعودية، وإيران، وباكستان، والأردن وغيرها من الدول. وأن الحركة ضمت في صفوفها أوزبك وطاجيك، وقرغيز، ومصريين، وأردنيين، وسودانيين، وباكستانيين. أما تدريب مقاتلي "الحركة الإسلامية الأوزبكستانية" فقد كان يتم في معسكرات التدريب الموجودة على الأراضي الأفغانية حيث افتتحت خلال فترة تسعينات القرن الماضي معسكرات لتدريب مقاتلي المعارضة الطاجيكية المتحدة، وأتباع جمعة نمنغاني وطاهر يولداشوف، وفي بعض الحالات على الأراضي الطاجيكية. وفي معسكر الفاروق الواقع في منطقة خوست الباكستانية القريبة من الحدود الأفغانية الباكستانية الذي أنشأ في ثمانينات القرن العشرين بتمويل من أسامة بن لادن، وفي معسكرات بدر-1 وبدر-2. وتذكر المصادر أن أسامة بن لادن أرسل في عام 1997 رسالة لقائد "الجبهة الإسلامية المتحدة" الشمالية الأفغانستانية حملها إليه أ.ر. سياف يقترح فيها افتتاح مراكز تدريبية جديدة لتدريب المقاتلين الإسلاميين من جمهوريات آسيا المركزية في محافظة كوندوز بالقرب من بلدة خان آباد حيث بدأ مساعدو بن لادن بالظهور هناك، بعد أن تمكن مقاتلو طاليبان من التقدم إلى مناطق شمال أفغانستان وخاصة منطقة خايراتون القريبة من الحدود الجنوبية لأوزبكستان. وتضيف أنه بعد استيلاء طاليبان على معظم الأراضي الأفغانية، تمتع قادة الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بحماية حركة طاليبان، وتمتع طاهر يولداشوف بعلاقات وثيقة مع أكثر قادة طاليبان تطرفاً أمثال محمد عمر، وإحسان الله إحسان، ونور الدين ترابي وغيرهم.
حزب التحرير الإسلامي: أما فيما يتعلق بحزب التحرير الإسلامي فتشير بعض المصادر القليلة إلى أنه بدأ نشاطه عملياً من عام 1952، ولكنه قام بتوسيع نشاطاته العسكرية إثر القضاء على حكم طاليبان في أفغانستان. وأن الحزب المذكور يقوم بتوزيع منشورات في دول آسيا المركزية بشكل مكثف منذ عام 2001، يعلن فيها الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا اللتان وفق وجهة نظره أعلنتا الحرب ضد الإسلام، ويشيد بالعمليات الاستشهادية المنفذة ضد إسرائيل. ويدعو للثورة والحرب الأهلية للاستيلاء على السلطة وإقامة الخلافة الإسلامية. ويؤكد تيمور بيك إسلاموف في إحدى مقالاته على صفحات "الانترنيت" علاقة الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بحزب التحرير الإسلامي، انطلاقاً من تأييد الحزب لنشاطات الحركة، واستناداً لاعتراف وزارة الداخلية الألمانية بضلوع حزب التحرير بالعنف السياسي. ومن أصداء توزيع المنشورات في آسيا المركزية، وحملة الصحافة القرغيزية التي شرعت من خلالها بتوضيح أخطار تلك المنشورات المسالمة ظاهراً ولكن سرعان ما يتبعها السلاح والمخدرات، وتنبه قراءها لأخطار حزب التحرير الإسلامي على الشباب. بالإضافة للأنباء التي تحملها بين الحين والآخر وسائل الإعلام الجماهيرية المحلية عن المحاكمات الجارية في قرغيزستان، وقازاقستان، وأوزبكستان لعناصر تنتمي لحزب التحرير وإدانة تلك العناصر بتوزيع منشورات ومواد إعلامية تدعوا للتطاول على السلطات الدستورية والقضاء على السلطة الشرعية بطرق غير مشروعة. نرى في نفس الوقت أشخاصاً مثل مارك روزيمبرغ يتحدث عن علاقة حزب التحرير بالأعمال الإرهابية في آسيا المركزية، وبالحركة الإسلامية في أوزبكستان، والقاعدة، من خلال تأكيده على أن الحزب لا يشكل أي خطر ويدعوا لبناء الاشتراكية الإسلامية، ويستشهد بأن إسرائيل لا تحظر نشاط هذا الحزب ؟ وهنا يبرز سؤال محير يحتاج لإجابة مقنعة، فكيف لا تحظر إسرائيل نشاط حزب يقوم بتوزيع منشورات ضدها ؟!! كما سبق وأشرت. وكيف لا تحظر أوروبا نشاط حزب اعترف أحد أعضاءه في مقابلة صحفية معه بأن حزب التحرير الإسلامي يعادي الغرب ويعترف في نفس الوقت بوجود مقر الحزب في لندن فكيف يمكن أن نفهم ذلك ؟ ولعل في هذا إشارات واضحة للتناقض فيما تنقله تلك المصادر من مواقف وممارسات !!؟
وفي وسط هذا الزخم الإعلامي المتناقض يطالعنا شفارتس ستيفان في معرض اتهامه وتأكيده على ضلوع بعض الدول العربية بمساندة حزب التحرير الإسلامي، نراه يدعوا الحكومات الغربية لاستخدام سلاح حجز أموال حكومات دول الخليج العربية ومواطني تلك الدول، الذين لا يزالون مستمرين حسب زعمه في دعم حزب التحرير الإسلامي، "لإفهامهم بأنهم إن لم يمتنعوا عن ذلك الدعم فسيواجهون إجراءات مالية تطال حساباتهم وأموال دول الخليج العربية في البنوك الغربية. وفي نفس الوقت يدعوا فيه الولايات المتحدة، التي لها روابط عسكرية مع أوزبكستان، بدعم الأوزبك في كفاحهم الداخلي والخارجي؟ وعدم قبول ما تطرحه صناعة الدفاع عن حقوق الإنسان". أما سيوكياينين فإنه يعترف بمقالة له بأن حزب التحرير الإسلامي بالفعل يتطاول على الحقوق الدستورية في روسيا ويؤسس منظمات مسلحة غير شرعية من أجل ذلك فمن نصدق ؟ ولمصلحة من يجري كل هذا ؟ ولعل في هذا دعوة وشروع صريح في حملة شعواء الغرض منها تعبئة الرأي العام ضد العرب بالذات، وسلب أموالهم المودعة في البنوك الغربية بأية وسيلة أو حجة كانت. واستغلال صريح لما يدلي به مدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، والمنظمات الإرهابية التي تتخذ من الدول الغربية مقراً لها، في حملات إعلامية مركزة كوسيلة فاضحة للضغط على العديد من دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية. ومن ثم لماذا لا يتم التعرض للدول الغربية التي ثبت تورط ومشاركة مواطنيها في المنظمات والأعمال الإرهابية، وكل ما نراه هو إعلان بعض الأنباء القليلة عنهم، كظاهرة عابر تمر مرور الكرام وسرعان ما يتم نسيانها وتضيع وسط الزخم الكبير من المواد الإعلامية الموجهة ضد الدول العربية والإسلامية، عبر وسائل الإعلام الاتصال الدولية باللغة الروسية. فقد ثبت أن المملكة العربية السعودية التي كانت الهدف الأول من الحملات الإعلامية آنفة الذكر تتعرض كغيرها من دول العالم لإرهاب تقوده ما تسمى بحركة ''الإصلاح الإسلامي السعودية'' التي تتخذ لندن مقرا لها أيضاً، بالتعاون مع ''عناصر صهيونية متطرفة'' ولديها أهدافاً مشتركة تجمعها في حملتهم المشتركة ضد المملكة العربية السعودية كما صرح وزير الخارجية السعودي سمو الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي عقده في الرياض، وأكده بيان لوزارة الداخلية السعودية حول الأحداث الجارية في المملكة· وهذا بحد ذاته يعتبر دليل يبعد الشبهات التي تطلقها بعض الجهات المغرضة لبث الشقاق بين الأشقاء، ووضع المملكة وغيرها من دول الخليج العربية موضع شك وشبهات في العلاقات الدولية المعاصرة. والآن وبعد أن أصبح الإرهاب الدولي يتنقل ويضرب في مختلف عواصم وحواضر العالم بحقد ورعونة من قبل من احترف الإرهاب باسم الإسلام، وأصبحت ضرباتهم الرعناء تعصف بالعالمين العربي والإسلامي، ممهدة الطريق لجيوش التحالفات الدولية تفعل ما تشاء خارج الشرعية الدولية ودون حساب أو رقيب. ضربات أصبح العرب معها موضع شك وريبة في العالم الإسلامي، والمسلمين في ديار العرب. والعرب والمسلمين المقيمين في بقاع العالم أجمع باتوا في موضع حرج لا يحسدون عليه. بسبب فئة قليلة تفسر الدين السمح على هواها، وتيسر بين ليلة وضحاها، وتقدم براهين عجز عن تقديمها حتى جهابذة الاستشراق سيئ الصيت الذي مهد للاستعمار الأوروبي، لا وبل أشد وطأة منها، تطال من سماحة الدين الإسلامي الحنيف والمسلمين في جميع أرجاء العالم. وهنا يحق لي أن أتساءل لمصلحة من يجري ما يجري ؟ هل لمصلحة العرب ؟ أم لمصلحة المسلمين ؟ فلا للعرب ولا للمسلمين ناقة أو جمل فيما يحدث، ويمكن أن يحدث في هذا الإطار. والمستهدف الوحيد على ما أعتقد من تلك الضربات الرعناء هي العلاقات العربية العربية، والعلاقات العربية الإسلامية، والعلاقات الإسلامية الإسلامية الغارقة في الخلافات يوماً بعد يوم، والعلاقات العربية والإسلامية بشتى شعوب العالم وحكوماتهم.
ولهذا كله على ما أعتقد كانت أوزبكستان وقرغيزستان وقازاقستان ضمن الأهداف المختارة للإرهاب الدولي المتستر بالدين، كقوة طاردة تبعد تلك الدول عن شقيقاتها. وليث عبثاً أن نبه الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف، من خطر الإرهاب الدولي، ودعى لتعاون دولي لاستئصال شأفته قبل أن يستفحل أمره من على منبر الهيئة العامة للأمم المتحدة في مطلع تسعينات القرن الماضي. وجاء البرهان الذي لا يقبل الشك على شكل صور فظيعة من شوارع طشقند، ودمشق، ونيويورك، وواشنطن، والرياض، وجدة، والخبر، وينبع، وكراتشي، ومدريد، وبالي، والجزائر، والقاهرة، واسطنبول وغيرها من حواضر العالم. وأصبح جلياً أن الهدف الرئيسي للإرهاب الجبان هو ضرب الأبرياء في البيوت والشوارع والأسواق ومحلات بيع ألعاب الأطفال كما حدث في طشقند في نهاية آذار/مارس الماضي بشكل أثار نقمة واشمئزاز الشارع الأوزبكستاني، هو عزل أوزبكستان عن أشقائها المسلمين والعرب بستار من الشك والريبة والخوف من تسلل إرهابيين جدد قد يأتون من هناك حسب مزاعم السيل المتدفق من الاتهامات والأضاليل عبر وسائل الإعلام المشبوهة. وهذه الحالة شبه المستعصية لا تحل برأيي إلا بالمزيد من الحوار والتعاون الفعال بين الأجهزة الأمنية المعنية في العالمين العربي والإسلامي. فلا يمكن لأي مسلم أن يقر، أو يرضي عن تلك الاعتداءات الدنيئة التي ترتكبها فئة ضالة في المجتمع.‏ لأن الإسلام هو دين السلام والمحبة والرحمة والتسامح، وهو الدين الذي يصون ويحترم حق الإنسان في الحياة والأمن‏ ..‏ فهل يمكن وصف ما جري في الرياض أو الخبر أو ينبع أو طشقند أو غيرها من حواضر العالم بأنه جهاد، أو دفاعاً عن الدين الإسلامي الحنيف ؟ وهل قتل الأطفال المسلمين الأبرياء في السعودية أو أوزبكستان وغيرهم من أطفال العالم جهاداً في سبيل الله ؟ على كل حال فإن كل تلك الحوادث البشعة، وما سبقها من حوادث مماثلة،‏ سواء في أوزبكستان أم في سورية أم في تركيا أم في السعودية، أو غيرها من دول العالم، أعادت من جديد قضية الإرهاب الدولي إلى واجهة الأحداث، وأصبح من الضروري النظر إلى هذه الظاهرة البغيضة بمزيد من الجدية والمصارحة بين الأشقاء والأصدقاء، ولا بد من التوصل لفهم واضح وصحيح لهذه الظاهرة المثيرة للاشمئزاز.‏ والواقع أن هذه القضية لم تكن غائبة عن ذهن القادة العرب والمسلمين فقد تناولها أكثر من مرة الرئيس إسلام كريموف، وغيره من قادة دول آسيا المركزية، وتناولها الرئيس المصري حسني مبارك خلال زيارته الأخيرة لموسكو، وبحثها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.‏ حيث أوضح الرئيس مبارك أن هذه الأعمال الإجرامية التي صدرت، وتصدر، عن قلة ضئيلة لا تعبر أبدا عن الإسلام الصحيح، ولا تتحدث باسمه‏.‏ ومن هذا المنطلق، طالب الرئيس مبارك بضرورة الإسراع إلى عقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة‏، وهو المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس مبارك منذ أكثر من خمسة عشر عاما،‏ ودعا إليه الرئيس كريموف منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وتتمثل أهمية هذا المؤتمر في أنه سيؤدي إلى البدء في مواجهة الإرهاب بشكل جماعي، لا أن تترك المواجهة لكل دولة على حدى، أو تنفرد بها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها كما هو حاصل اليوم.
وفي هذا الصدد، فإنه من الضروري وضع إطار قانوني وإجرائي دقيق، يحدد التزامات كل دولة في مجال إجراءات مكافحة الإرهاب الدولي، والأهم من ذلك أن يتم وضع توصيف محدد للمفاهيم المتعلقة بالإرهاب كي لا تضيع الحقيقة‏ !‏ فالمطلوب هو أن تتعاون الدول مثلا في عدم منح الإرهابيين ملاذا آمنا، أو حق اللجوء السياسي، أو تقديم الدعم المادي والمعنوي لأنشطتهم‏. ولكن قبل كل ذلك لابد من وضع حد فاصل واضح ومحدد بين الإرهاب وحق الشعوب المحتلة في مقاومة الاحتلال الأجنبي لأراضيها‏.‏ ودراسة الطرق الكفيلة بسد وتجفيف منابع الإرهاب، وفي مقدمتها المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة‏، التي تعاني منها الدول الإسلامية جميعها دون استثناء.‏ ولعل فيما صرح به مؤخراً عبد الله جول نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركية من أنه "لابد من التحرك، وبسرعة. لتفعيل دعوة الرئيس مبارك إلى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب الذي أصبح أمرا ملحا الآن أكثر من أي وقت مضي"‏.‏ وهذا حقيقي ‏..‏ فمواجهة الإرهاب يجب أن يتم بحزمة من السياسيات ومنها الأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويجب أن نرى الظلم قد رفع عن البشر أيضا، ولابد من حل القضية الفلسطينية لتجفيف منابع الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وفي العالم أجمع. فبذريعة مكافحة الإرهاب الدولي شنت إدارة الرئيس جورج بوش الحرب على أفغانستان، والأخرى على العراق‏، وفي هذا السياق أيضاً يواصل أرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي حربه ضد الشعب الفلسطيني لاقتلاعه من أرضه بدعم مباشر ومباركة لا تقبل التأويل من إدارة الرئيس جورج بوش‏ !!‏ وبنفس الذريعة "مكافحة الإرهاب"، ويتم الإساءة عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المغرضة وغيرها من الوسائل للعلاقات بين دول العالم والدول العربية والإسلامية، وللنيل من الجاليات العربية والإسلامية المقيمة في الدول غير الإسلامية.
وفي الختام يحق لي أن أتساءل، هل احتاج المجتمع الدولي الانتظار حتى أحداث نيويورك وواشنطن عام 2001 لينهض من ثباته ويبدأ بتنسيق الجهود الدولية وتركيزها لمحاربة الإرهاب ؟ ولماذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل فعال لمواجهة التطرف والإرهاب ومنعه قبل حدوث ما حدث في أفغانستان والعراق ؟ وهل كان الإرهاب الدولي ينتظر غزو التحالف الدولي لأفغانستان والعراق ليشن حملته الرعناء ضد المدنيين الآمنين في العديد من دول العالم ؟ فلا بد من تحرك دولي فعال قبل أن يستفحل الأمر ويتعرض العالم لأخطار نشوب حرب عالمية ثالثة لا قدر الله.
والسؤال المحير والأخير، لماذا هذا الغياب حتى الآن لجهود التنسيق بين الدول العربية والإسلامية، ودول آسيا المركزية في إطار المنظمات الإقليمية البارزة وخاصة منظمة المؤتمر الإسلامي لتبادل المعلومات ووضع تصور مشترك لمكافحة العنف والإرهاب والجريمة المنظمة وحماية المصالح المشتركة ؟ وإذا أخذنا بعين الاعتبار بأن آسيا المركزية تضم اليوم 50 مليون نسمة، يعيش أكثر من نصفهم في أوزبكستان، فإننا نستطيع أن نستنتج أن أوزبكستان تعتبر الدولة الأهم في المنطقة جغرافياً وسياسياً وسكانياً. وهو ما يبرر استهدافها قبل غيرها من قبل قوى الإرهاب الدولي. لأنها الدولة المعنية أكثر من غيرها بحل القضية الأفغانية وتحقيق السلام في أفغانستان والمنطقة، والتصدي لانتشار التطرف والإرهاب حتى قبل وبعد دخولها لعضوية "منظمة شنغهاي للتعاون" في يونيو/حزيران 2001. وهو السلام الضروري لتوفير الأمن والاستقرار الدائم في دول المنظمة الإقليمية الجديدة التي أصبحت تشمل دولتين عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وهما روسيا والصين، إضافة لأربع دول إسلامية هي: أوزبكستان وقازاقستان وطاجكستان وقرغيزستان.
وكان الرئيس الأوزبكستاني كريموف على حق حينها عندما شبه أفغانستان بـ"حزام بكفورد" يشد ليس المنطقة وحدها، بل وكل نظام الأمن العالمي، بعد أن تحولت الحدود الأفغانية مع الدول المجاورة إلى قاعدة انطلاق، ومسرحاً لعمليات القوة العسكرية المدمرة للإرهاب الدولي والتطرف الديني، والأكثر من ذلك المصدر الرئيسي لأسواق المخدرات الدولية. وهو ما زاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة لأن بعض الدول كانت تحاول دائماً زيادة وتوسيع تأثيرها على أفغانستان، وتحويلها إلى قاعدة انطلاق، تنطلق منها لضرب الاستقرار والأمن في دول آسيا المركزية عبر نشرها لأفكار هدامة، وشعارات كاذبة تتحدث عن التضامن الإسلامي، وتستغل المشاعر الدينية لدى أتباع كل الديانات لـتأجيج المواقف، وتستغلها الحملات الإعلامية التي تشنها بتركيز شديد بعض وسائل الإعلام العالمية المعروفة لتشويه صورة العرب خاصة والمسلمين عامة في أذهان الرأي العام العالمي، ودق إسفين من الحقد قد يطال أتباع الديانتين السماويتين الإسلام والمسيحية على السواء. ولهذا كانت مشاركة أفغانستان ممثلة بشخص رئيس حكومتها الانتقالية حامد قرضاي في لقاء القمة الدوري الأخير لمنظمة شنغهاي للتعاون الذي انعقد في طشقند يوم 17/6/2004 تأكيداً لأهمية استقرارا الأوضاع على الأراضي الأفغانية بالنسبة لقادة الدول الأعضاء في المنظمة. ولعل في مشاركة رؤساء الصين وروسيا وقازاقستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان وأفغانستان في طشقند بتدشين مقر اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون والذي سبق وباشر أعماله رسمياً في 1/1/2004 إشارة واضحة للأهمية البالغة التي توليها حكومات تلك الدول لموضوع مكافحة الإرهاب والتطرف وتهريب والأسلحة والمخدرات.
وهو ما يتطلب على ما أعتقد من قيادات الدول العربية والإسلامية التحرك السريع لتنسيق المواقف فيما بينها لمواجهة هذا الوباء الآخذ بالانتشار. ومن وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية، فتح قنوات جديدة للحوار وتوضيح الحقائق ليس باللغات القومية وباللغة العربية وحدها كما هو حاصل اليوم، بل وباللغات العالمية الأكثر انتشاراً في العالم. للحوار ومواجهة المواقف قبل استفحالها، وإيلاء اللغة الروسية المنتشرة في دول المعسكر الاشتراكي السابق أهمية خاصة بعد أن أصبحت الحاجة ملحة اليوم لاستخدامها توضيحاً للحقائق بعد سيل الحقد والتشهير ضد العرب والمسلمين المتدفق ليل نهار دون كلل أو ملل خلال العقدين الأخيرين عبر بعض وسائل الاتصال والإعلام الدولية الناطقة باللغة الروسية المعروفة بعدائها الصريح والسافر للعرب بكل دياناتهم، والمسلمين بكل طوائفهم.
المراجع المستخدمة في البحث:
1. إسلام كريموف: كلمة في جلسة قادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون. // طشقند: صحيفة برافدا فاستوكا، 20/6/2001. (باللغة الروسية)
2. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي. ترجمة: د. مفيد قطيش، ود. فؤاد الجوابري. دبي: 2000.
3. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم. ترجمة: أ.د. محمد البخاري. جدة: دار السروات، 1999.
4. إسلام كريموف: بذكر الله تطمئن القلوب. طشقند: دار أوزبكستان للنشر، 1999. (باللغة الروسية)
5. إسلام كريموف: أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين: تهديدات الأمن، وظروف وضمانات التقدم. طشقند: "أوزبكستان"، 1997. (باللغة الروسية)
6. إسلام كريموف: على طريق البناء. طشقند: "أوزبكستان"، 1996. (باللغة الروسية)
7. إسلام كريموف: "لقاء مع مجموعة من الأكاديميين. // طشقند: صحيفة برافدا فاستوكا 2/9/1995. (باللغة الروسية)
8. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية. طشقند: دار أوزبكستان للنشر، 1995. (باللغة الروسية)
9. إسلام كريموف: هدفنا وطن حر ومزدهر. طشقند: دار أوزبكستان للنشر، 1994. (باللغة الروسية)
10. إسلاموف تيمور بيك: الصراع لا يقبل الضعف. من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
11. إسلاموف تيمور بيك: هل يمكن التوافق مع "أعداء السلام المتصلبين" ؟ من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
12. الإرهاب المعاصر: نظرة إلى آسيا المركزية. ألما آتا: دايك بريس، 2002. (باللغة الروسية)
13. باباجانوف بختيار: عن نشاط حزب التحرير في أوزبكستان // الإسلام بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. موسكو: أرت بيزنيس تسنتر، 2001. (باللغة الروسية)
14. بوريبوي أحمدوف (بوري باي أحميدوف)، وزاهد الله منروف (زاهد الله منواروف): العرب والإسلام في أوزبكستان، تاريخ آسيا الوسطى من أيام الأسر الحاكمة حتى اليوم. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 1996.
15. بيه سيمكولوف كاليمبيت: لا تنتظروا الخير من "حزب التحرير". من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
16. روزيمبرغ مارك: اليوم "تحريري" مسالم وغداً مقاتل في "القاعدة". من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
17. زاكورلاييف أ.: غويالار كوراش. طشقند: ما وراء النهر، 2001. ص 31. (باللغة الأوزبكية)
18. د. زاهيد الله إنعام خواجة، د. محمد البخاري: أوزبكستان والعرب: آفاق التعاون. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، القاهرة. العدد 128/1997 أبريل/نيسان.
19. سعيد محمد خاتمي: التقاليد والفكر في السلطة المطلقة. موسكو: دار نشر جامعة موسكو، 2001. (باللغة الروسية)
20. سيوكياينين ل.: تحصل الشريعة على مكان في النظام الحقوقي الروسي؟ // الإسلام بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. موسكو: أرت بيزنيس تسنتر، 2001. (باللغة الروسية)
21. شاريبوف أ.: حوار مع عضو في "حزب التحرير. من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
22. شفارتس ستيفان: دفاعاً عن الديمقراطية الشابة في أوزبكستان من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الإسلامية المتطرفة. من مواد شبكة "انترنيت". (باللغة الروسية)
23. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. بالاشتراك مع الدكتور صابر فلحوط. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
24. مجموعة صحف "برافدا فاستوكا"، و"نارودنويه صلوفا" الصادرتين في العاصمة الأوزبكستانية طشقند، منذ الاستقلال وحتى بداية عام 2004.
25. صحيفة الأهرام عددي 3 و31/5/2004.
26. صحيفة الاتحاد أبو ظبي 5/5/2004.
27. ليبهارت أ.: الديمقراطية في المجتمع المتنوع: بحث مقارن. موسكو: أسبيكت بريس، 1997. (باللغة الروسية)
28. د. عبد الله الأشعل: البعد الإسلامي في السياسات الخارجية الأوروبية. // القاهرة: السياسة الدولية، العدد 156/2004.
29. أ.د. محمد السليم، وأ.د. نعمة الله إبراهيموف، ود. إبراهيم عرفات، ود. صالح إنعاموف: أوزبكستان الدولة والقائد. القاهرة: مطابع الشروق، 1999.
30. أ.د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.
31. أ.د. محمد البخاري: إحياء تراث أوزبكستان بين الأمس واليوم. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 318/2003 ذو الحجة/فبراير.
32. أ.د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية في أوزبكستان في ضوء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد السادس عشر، 1422 هـ، 2002م.
33. أ.د. محمد البخاري: آفاق التعاون العربي الأوزبكستاني. // الرياض: مجلة "تجارة الرياض"، العدد 482/2002 نوفمبر/تشرين الثاني.
34. أ.د. محمد البخاري: واقع إستراتيجية السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. // أبو ظبي: الاتحاد، 7/1/2002.
35. أ.د. محمد البخاري: الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)
36. أ.د. محمد البخاري: جمهورية أوزبكستان .. خطوات إيجابية نحو النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. أبو ظبي: الاتحاد، 6/3/2001.
37. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (1-6). أبو ظبي: الاتحاد، 27 سبتمبر - 13 أكتوبر 2001.
38. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2001. (صفحة باللغة الروسية)
39. أ.د. محمد البخاري: أوزبكستان والشراكة والتعاون الإستراتيجي والأمن في أوروبا وآسيا الوسطى. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 138/1999 أكتوبر/تشرين أول.
40. www.uzland.narod.ru
41. www.ng.ru

هناك تعليق واحد: