السبت، 9 يناير 2010

الرياض درة الصحراء

الرياض درة الصحراء عاصمة المملكة العربية السعودية وعاصمة الثقافة العربية لعام 2000
كتبها أ.د. محمد البخاري في طشقند بتاريخ 12/9/2000
لعل الفرسان الستون الذين رافقوا جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه، لاستعادة الرياض في 15/1/1901، والذود عن دين الله، وجعل كلمة الله هي العليا، والقضاء على الأضاليل والبدع، وإعادة الدين الحنيف إلى صفائه ونقائه، ما كانوا ليتوقعوا أن عاصمة الدولة الراسخة التي أسسها قائدهم الشجاع ستصبح في العام 2000 عاصمة للثقافة العربية الأصيلة.
وهاهي العاصمة النواة التي انطلقت منها مسيرة ظافرة يقودها الملك المؤسس تحت راية التوحيد، لتوحد أجزاء شاسعة من بلاد العرب، وتخلصها من الجهل والمرض، ليحل في ربوعها الأمن والاستقرار الذي افتقده أبناء المملكة لقرون عدة قبل أن يأتي لنجدتهم المؤسس الظافر ومعه أئمة آل سعود لإبعاد البدع والضلالات عن دين الله، ولتطبيق شريعته بحذافيرها، كما وردت في القرآن والسنة. درة الصحراء وعاصمة العرب الثقافية.
وأصبحت الرياض عاصمة العرب الثقافية 2000 وهي التي عرفت منذ القدم بالخضرة والحدائق والبساتين والأشجار الباسقة، وتعتبر واحدة من أكثر عواصم العالم تطوراً ونمواً إن لم تكن أكثرها على الإطلاق.
فخلال مدة وجيزة جداً، نمت الرياض، واتسعت، ونفذت فيها المشروعات التنظيمية والعمرانية، حتى غدت اسماً مسمى، وصورة من صور الوثبة الحضارية المتصاعدة في المملكة العربية السعودية والمتميزة في الوطن العربي.
ولعل تطور مساحة مدينة الرياض، هو أقوى دليل على نموها السريع الذي رافق تطورها الحضاري الممتد. فقبل ستين عاماً كانت مساحة المدينة لا تتجاوز الـ 8,5 كم2، واتسعت في كل الجهات رحبة لسكانها لتصل إلى 1600 كم2، فزاد عددهم من 19 ألف نسمة عام 1918 إلى أكثر من مليوني نسمة عام 1985.
ومع الاتساع والزيادة ثبت العمران، وازدهر الاقتصاد بفضل الجهود المخلصة للملك المؤسس وأولاده البررة من بعده، الذين جعلوا من الرياض نقطة جذب حضاري كبيرة، ومنحت الدولة الأرض بالمجان لعشرات الآلاف من المواطنين، ويسرت لهم القروض لعمرانها، فظهرت فيها أحياء وضواحي جديدة. ومع اتساعها زادت أعباء ومسؤولية أمانة مدينة الرياض، فأنشأت لخدمتها سبع عشرة بلدية فرعية ترعى شأن المواطن وراحته.
وزاد التطور العمراني وكثرت فيها الحدائق والمنتزهات وفوارات المياه وحديقة الحيوان الضخمة، والأنوار الساطعة والشوارع العريضة والجسور والأسواق العامرة، وأصبحت الرياض المدينة الأكثر نظافة، تنساب فيها وسائط النقل دون ازدحام رغم عددها الكبير (سيارة لكل 3 من السكان).
واتصلت الرياض بالعالم الخارجي عبر مطار الملك خالد الدولي العصري الذي تبلغ مساحته 225 كم2 ويخدم 15 مليون راكب سنوياً، وتميز بطراز بنائه الإسلامي المتطور ومسجده الذي يعتبر تحفة عمرانية فريدة، وصمم وجهز ليسهم في حركة التطور الحضاري باتصال طرقه بشبكة الطرق الرئيسية في المملكة.
وازدادت المعالم الحضارية في الرياض فهاهو برج المجمع التلفزيوني المتطور الذي يرتفع إلى 176 متراً يطل على العاصمة كلها، ويبث المجمع التلفزيوني المشيد على مساحة 33 ألف م2 برامجه باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية.
وجاء إستاد الملك فهد الدولي عام 1988 هدية لشباب الرياض يتسع لـ 80 ألف مشاهد، بتصميم مستمد من فكرة الخيام العربية، إلى جانب ملاعب رعاية الشباب الكثيرة تشجيعاً وحرصاً على الرياضة والرياضيين.
ومن المعالم الحضارية أيضاً ما تميزت به الرياض عن غيرها من عواصم العالم، عندما شيدت حياً للدبلوماسيين يتسع لسكنى 31 ألف دبلوماسي مع عائلاتهم، على مساحة 7 ملايين م2.
ومن تحف العمارة الإسلامية، مبنى وزارة الخارجية الذي أخذ تصميمه من التراث الإسلامي وأفضل ما توصل إليه فن العمارة الحديثة.
والرياض بحكم المركز الدولي المرموق الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية، هي مقر للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمعهد العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ومكتب التربية العربي لدول الخليج، ومركز الاتصالات العربية، والأمانة العامة لاتحاد الجامعات العربية.
وتعتبر الرياض من أهم مراكز المواصلات والاتصالات في المملكة، وتمر بها شبكة الطرق الرئيسية من كل أنحاء المملكة، وطريق دائري حول المدينة، وتتصل بالدمام بسكة حديدية حديثة، وشبكة اتصالات ضخمة عبر الأقمار الصناعية والكوابل المحورية، مع مركز للمعلومات عبر الحاسب الآلي. وشبكة عامة لنقل الركاب تشمل كافة أنحاء المدينة.
ولمواجهة مشاكل نقص المياه العذبة تملك الرياض خمسة سدود سطحية تحجز 12 مليون م3 من مياه الأمطار، وأربعة مشاريع آبار، ومشروع أنابيب لجر مياه التحلية بطاقة 210 مليون غالون يومياً.
وكما هي الحال في جميع أرجاء المملكة، فالإنسان أهم عنصر في التنمية الوطنية، وخصته الدولة برعايتها بنهضة تعليمية واسعة، كان نصيب الرياض منها أكثر من 323 مدرسة و8 معاهد علمية ومئات مراكز محو الأمية وتعليم الكبار. وجامعة الملك سعود وهي أول جامعة تنشأ في شبه الجزيرة العربية عام 1957 وتضم أكثر من 25 ألف طالب، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ومن المراكز العلمية والتعليمية المتخصصة في الرياض: دارة الملك عبد العزيز؛ ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية؛ وكلية الملك فهد الأمنية التابعة لوزارة الداخلية؛ وكلية الملك عبد العزيز الحربية التابعة لوزارة الدفاع والطيران؛ وكلية الملك فيصل الجوية التابعة لوزارة الدفاع والطيران؛ وكلية الملك خالد العسكرية التابعة للحرس الوطني. وغيرها من الكليات ومعاهد الدراسات المتخصصة التابعة لبعض الوزارات ومؤسسات الدولة.
إضافة لعشرات المكتبات العامة ومراكز المعلومات المتطورة التي تقدم خدماتها لملايين المراجعين، وتضم ملايين الكتب والمخطوطات والتسجيلات السمعية والبصرية والإلكترونية.
والرياض مدينة الإعلام والنشر العلمي إذ يصدر فيها حولي عشرين دورية محكمة وعشرات الصحف، وتعمل فيها عدة دور للنشر، وعشرات النوادي الثقافية والفنية والمسرحية، والمتاحف.
والرياض مقر جائزة الملك فيصل العالمية، التي تعمل في خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والأدب العربي، والطب، والعلوم. وقيمة الجائزة 750 ألف ريال سعودي تقدمها مؤسسة الملك فيصل الخيرية. وفاز بها حتى الآن عشرات العلماء والشخصيات البارزة من أنحاء مختلفة من العالم من بينهم من فاز بعد ذلك بجائزة نوبل وغيرها من الجوائز العالمية.
وصحة الإنسان والقضاء على المرض كانت منذ قيام المملكة الهدف الأسمى إلى جانب القضاء على الجهل ونشر التعليم. ولهذا نرى اليوم مدينة الرياض عامرة بالمستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارات الصحة والتعليم العالي والدفاع والطيران والداخلية والحرس الوطني، والقطاع الخاص. إضافة للمستشفى الطائر الفريد من نوعه في المنطقة العربية، والذي يضم 17 طائرة من مختلف الأنواع والأحجام والمجهزة تجهيزاً جيداً بما يمكنها من إجراء العمليات الجراحية أثناء الطيران في طريقها إلى المستشفى الأرضي في أي مكان من العالم.
كما وشملت النهضة الصناعية الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية اليوم كافة المناطق، وشملت العاصمة التي تضم اليوم أكبر المصانع في المملكة وتنتج المواد الغذائية، والطبية، والخفيفة، والمعدنية، والهندسية، والكيماوية، والكهربائية، ومواد البناء، والأعلاف، وغيرها من المنتجات.
وفي الختام يجب أن نبين أن لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الدور المهم والأساسي في هذا الوهج الثقافي والتعليمي والصحي والنهضوي لمدينة الرياض، إذ عرف بحرصه الدائم على متابعة كل نشاط في المدينة، وبدعمه المتواصل وبوقوفه وراء الكثير من الإنجازات التي تفاخر بها الرياض والمملكة العربية السعودية. وفوق كل ذلك يعد الأمير سلمان صديقاً مخلصاً لكل حملة نهضة الرياض يستمع إلى آرائهم، ويساند مقترحاتهم، ويصغي لمطالبهم، ويدعم مشاريعهم بلا تردد. فاستحقت الرياض تقدير كل العرب فأصبحت عاصمتهم الثقافية لعام 2000.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق