الأحد، 24 يناير 2010

العولمة والأمن القومي والإقليمي


العولمة والأمن القومي والإقليمي ودور ومكانة الدول الخليجية العربية وجمهورية أوزبكستان فيها



كتبها أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية DC، بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. 9/8/2006

"العولمة والأمن القومي والإقليمي ودور ومكانة الدول الخليجية العربية وجمهورية أوزبكستان فيها" كان عنوان الكتاب الذي صدر مؤخراً (عام 2006م) في العاصمة الأوزبكية طشقند، عن دار النشر "زار قلم" باللغة الروسية.

من تأليف البروفيسور سرفار جان غفوروف عميد كلية العلاقات الدولية والاقتصاد بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. وكتب مقدمته: البروفيسور نعمة الله إبراهيموف: عضو أكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان، والمستعرب المعروف في الأوساط الأوزبكية والعربية. وراجعه: البروفيسور تلمان ستاروف، المستعرب، ورئيس قسم اقتصاد دول جنوب آسيا بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، والبروفيسور سيف الدين جوراييف، الخبير في أكاديمية بناء الدولة والمجتمع التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان.

الكتاب يقع في 240 صفحة من القطع المتوسط. ويتضمن خمسة فصول تناول المؤلف في الفصل الأول: الأطر العامة لمبادئ الأمن القومي: من مداخلها النظرية، وأنظمتها، ومستلزماتها، وخلص إلى نتيجة أن المدخل الجديد لتوفير الأمن القومي اليوم لم يعد يعتمد اليوم على القدرات العسكرية وحدها بل أصبح يعتمد على جملة الإنجازات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تلبي حاجات الإنسان وتطلعاته نحو الحرية والمساواة والعدالة والرفاهية، من خلال التركيز على شخصية الدولة وبنية مجتمعها.

وفي الفصل الثاني تناول الكاتب: دول الخليج العربية وأمن منطقة الخليج: مركزاً على المركز القيادي الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية في منطقة الخليج، ملقياً الضوء على التطورات التي حققتها المملكة العربية السعودية من خلال تقسيمها إلى أربعة مراحل تبدأ من عام 1946 وتتوقف عند وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه في عام 2005، وخلص إلى أن المملكة العربية السعودية تتمتع باستقرار وقدرات اقتصادية وسياسية لابد أن تنعكس على دول المنطقة.

وتناول بالتحليل قضايا الأمن الوطني في السياستين الداخلية والخارجية للدول الخليجية الصغيرة، كدولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة البحرين، ودولة الكويت. مشيراً إلى ما تتمتع به دولة الكويت من احترام وتقدير كبيرين على الصعيد العربي والإسلامي والدولي، وركز في تحليله على التأثيرات التي نتجت عن العدوان العراقي على دولة الكويت، وسلط الضوء على الكفاح البطولي للشعب الكويتي ضد العدوان، مما آثار الذعر والخوف في صفوف القوات العراقية المعتدية والمتفوقة عدداً وعدة وسلاحاً، واستمد المؤلف معلوماته التي اعتمد عليها للتحليل من الوثائق الكثيرة المنشورة التي تحدثت بإسهاب عن آثار العدوان والاحتلال العراقي للكويت على الصعيد الإقليمي والدولي.

وخلص بنتيجة أن الدول العربية الخليجية الصغيرة تعزز استقلالها وأمنها بالدرجة الأولى عن طريق المنجزات التي حققتها في مجال الطاقة، والتعليم، والإعلام، وتوفير السلع الاستهلاكية لمواطنيها، ومن خلال دورها الذي تقوم به من أجل تعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق التوازن بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة.

أما الفصل الثالث فقد تناول فيه: الأمن الإقليمي في منطقة الخليج: مستعرضاً التهديدات الأمنية، والقوى المؤثرة في منطقة الخليج: وبدأه باستعراض شامل لتاريخ منطقة الخليج منذ القرن الخامس عشر مروراً بالصراعات العثمانية والصفوية والبرتغالية والإنكليزية والروسية والفرنسية والألمانية على المنطقة، وركز على الصراع العثماني البريطاني الذي دار حول الكويت التي كانت تتبع اسمياً للسلطان العثماني، الصراع الذي أخرج بريطانيا عن التواجد السلمي في منطقة الخليج، لتلجأ لاستعمالها القوة العسكرية لتدعيم تواجدها في منطقة الخليج.

وقام بتحليل موقع وتأثير منطقة الخليج من وجهة النظر التاريخية كمركز إقليمي هام جرت فيه تفاعلات جغرافية وسياسية كبيرة، كان لها أكبر الأثر على الأمن الوطني والسياسة الخارجية للدول العربية الخليجية الست دولة الكويت، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ودولة البحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وأبرز المؤلف تأثير الصراعات الإقليمية على الأمن الوطني لدول المنطقة وخاصة الحرب العراقية الإيرانية المدمرة خلال ثمانينات القرن العشرين، والعدوان العراقي الغاشم في مطلع تسعينات القرن العشرين بقوات عسكرية كبيرة مدججة بالسلاح على الكويت واحتلاله وتدمير بنيته التحتية ونهبه عمداً. ومن ثم استعرض المؤلف دور قوات التحالف الدولي بتحرير الكويت وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بشأنها.

وبعدها ركز على دور الدول الخليجية العربية الست في حل قضايا الأمن القومي في منطقة الخليج في القرن الحادي والعشرين، من خلال مجلس تعاون الدول الخليجية العربية ومساعيه في توفير الأمن الوطني والإقليمي، وخلص إلى نتيجة أن الدول الأعضاء في مجلس تعاون دول الخليج العربية دون استثناء تتطلع نحو تحويل منطقة الخليج إلى منطقة سلام واستقرار وأمن وأنها لا تتطلع ولا تهدد أحد بالعدوان، وتعمل جميعها على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الفصل الرابع تناول المؤلف موضوع: الأمن القومي والدولي في السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان: منطلقاً من جدلية الأمن في السياسة الأوزبكية، والتهديدات الأساسية للأمن الإقليمي والدولي من وجهة النظر الأوزبكية، والمبادرات والخطوات العملية التي اتبعتها أوزبكستان لمواجهة التطرف الديني والإرهاب، والتجارة غير الشرعية للمخدرات، والكارثة البيئية الناتجة عن جفاف بحر الأورال والمشاكل الإنسانية في منطقة حوض بحر الأورال، وتطلع أوزبكستان لتوفير الأمن النووي لدول وسط آسيا. وخلص إلى نتيجة أن إعلان منطقة وسط آسيا منطقة خالية من الأسلحة النووية تعتبر خطوة على طريق تأمين علاقات من حسن الجوار تحقق الأمن للمنطقة تدعم الأمن الإقليمي والعالمي.

وفي الفصل الخامس تناول المؤلف: التعاون الأوزبكي العربي في مجال إيجاد حلول لقضايا الأمن الإقليمي: معتبراً أنه لابد من وضع إستراتيجية لتوفير الأمن القومي للدول العربية الخليجية وجمهورية أوزبكستان: مركزاً على تعاون أوزبكستان مع الدول العربية الخليجية في حل قضايا الأمن الوطني والإقليمي التي نسبها إلى عوامل داخلية في كل دولة من دول المنطقة على حدى، وإلى عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأمن الإقليمي والدولي.

ودعا إلى وضع إستراتيجية مشتركة للأمن القومي تشمل الأصعدة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية والدفاعية تحشد الرأي العام وتوظف وسائل الإعلام الجماهيرية لصنعه. واستند في رأيه على تطور العلاقات بين دول الخليج العربية وأوزبكستان التي قدم لها استعراض شامل منذ سبعينات القرن العشرين، ملقياً الضوء على خلفيتها وجذورها التي تمتد إلى الفتوحات الإسلامية التي اتجهت شرقاً في عام 633م.

وخلص إلى نتيجة مفادها أن العامل الإسلامي سيبقي العامل المؤثر في العلاقات الأوزبكية مع دول مجلس تعاون الدول الخليجية العربية، والعالم العربي، مشيراً إلى أن الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ترى إبقاء الدين بعيداً عن الصراعات السياسة، وأن الإسلام يعتبر من المصالح الوطنية لأوزبكستان كما هو من المصالح الوطنية للدول العربية، وأن الدين الإسلامي هو دين الطيبة والعدالة والإنسانية ولا حاجة لزج الدين الإسلامي في النزاعات والصراعات السياسية والاقتصادية العالمية. مشيراً إلى ضرورات التعاون الايجابي بين أوزبكستان والدول العربية الخليجية الذي يعتمد على الضرورات الاقتصادية اللازمة لتعزيز استقلال أوزبكستان، وعلى المصالح الاقتصادية المشتركة، وعلى المصالح الإستراتيجية المشتركة، وعلى الضرورات الدينية لمكافحة الإرهاب المتستر بالدين، بالإضافة لاشتراك أوزبكستان والدول الخليجية العربية بمساحة جغرافية تمتد في وسط آسيا، وعلى الدور الحضاري الذي لعبته أوزبكستان في الحضارة الإسلامية التي تجمعهم منذ أيام ازدهارها في القرون الوسطى.

وفي الخاتمة خلص المؤلف إلى حقيقة أن الصلات التي تربط بين أوزبكستان والعالم العربي محصورة بالأوضاع السياسية والجغرافية، وأن أوزبكستان تقع في المركز الاستراتيجي الهام للمناطق الغنية بالبترول والممتدة من الخليج، إلى حوض بحر قزوين، ووسط آسيا، وأن أوزبكستان تستخرج اليوم النفط والغاز من أراضيها، في الوقت الذي يواجه فيه العالم نقصاً حاداً في مصادر الطاقة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، وأن أوزبكستان يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً لحل هذه القضية في منطقة أوروآسيا وفي العالم, وأن لأوزبكستان والدول الخليجية العربية صلات تاريخية قديمة، ولهم دين واحد هو الإسلام، ولهم تطلعات واحدة، وأنماط حياة متشابه، وتقاليد واحدة، وأعياد دينية واحدة، وتراث حضاري واحد، ولهم واحات وصحارى متشابهة. وأن لأوزبكستان والدول الخليجية العربية مجموعة من المصالح المشتركة تحتاج لإستراتيجية سياسية تضمن الدفاع عن مصالحهم الوطنية. وأن تعزيز التعاون بين أوزبكستان والدول العربية الخليجية أمر مطلوب من أجل حل قضايا الأمن الإقليمي ولإيضاح أنه بالإمكان توفير حياة مستقرة في المنطقة للعالم كله، وأن هذه الدول تسعى لحياة يعمها السلام والتفاهم مع دول الجوار الإقليمي انطلاقاً من الفكر الإسلامي، ومن خلال الحلول الحضارية لقضايا الخلاف انطلاقاً من الفكر الإسلامي الأزلي الذي تعتز به شعوب الشرق على الدوام.

ويعتبر هذا الكتاب الأول من نوعه يتناوله قضية تستحق برأيي الترجمة إلى اللغة العربية لإصداره باللغة العربية ليكون بمتناول الباحثين العرب. لأنه أول بحث كامل يعكس قضايا الأمن والاستقرار والتعاون في منطقتي وسط آسيا (تضم جمهوريات أوزبكستان، وقازاقستان، وقرغيزستان، وطاجكستان، وتركمانستان)، والخليج والمشرق العربي ومجموعة دول رابطة أوروآسيا (تضم المجموعة جمهوريات: بيلاروسيا، وروسيا، وقازاقستان، وقرغيزستان، وطاجكستان، وأوزبكستان. وحصلت ملدافيا، وأوكرانيا، على صفة عضو مراقب فيها)، من وجهة نظر باحث أكاديمي أوزبكي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق