منظمة شنغهاي للتعاون ورياح التغيير في آسيا المركزية
كتبها أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم DC في العلوم السياسية، أستاذ التبادل الإعلامي الدولي بقسم العلاقات الدولية، والعلوم السياسية، والقانون / كلية العلاقات الدولية والاقتصادية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. بتاريخ 18/11/2005
عقدت القمة العادية لقادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، في طشقند بتاريخ 17/6/2004وهي منظمة حلت مكان "خماسية شنغهاي" التي سبق وأسستها الصين، وروسيا، وقازاقستان، وقرغيزيا، وطاجكستان، لتعزيز التفاهم المتبادل بين الدول الأعضاء، وتخفيض القوات المسلحة في المناطق الحدودية الدولية المشتركة. وعاد واجتمع قادة الدول الخمس بمشاركة أوزبكستان في 15/6/2001 بشنغهاي في الصين وأعادوا تشكيلها كمنظمة إقليمية للتعاون الدولي متعدد الأطراف، ولتفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدول الستة المشاركة في إطار العلاقات السياسية الدولية المعاصرة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للدول الستة الأعضاء في المنظمة أكثر من 30 مليون كيلو متر مربع، وهو ما يعادل ثلاثة أخماس مساحة آسيا وأوروبا. ويبلغ عدد سكان هذه الدول 1,455 مليار نسمة، وهذا يعادل ربع سكان الكرة الأرضية تقريباً والدول الستة المشاركة في المنظمة تتبع في الأساس مواقف متوافقة أو قريبة من أهم الأحداث العالمية. وكانت المنظمة من أوائل المنظمات الدولية التي أولت اهتماماً خاصاً لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وأبدى قادة وحكومات الدول الأعضاء في المنظمة ودون أي تأخير إدانتهم الشديدة لتلك الأحداث من خلال تصريحاتهم الخاصة التي أدانت هذا الفعل الإرهابي، وركزت على الطبيعة العامة للتهديدات التي يحملها الإرهاب للإنسانية.
وبعد قمة موسكو، انتقلت رئاسة المنظمة إلى أوزبكستان، وشرعت المنظمة مباشرة بإنشاء الأجهزة الدائمة للمنظمة التي بدأت فعلاً بأداء وظائفها. وتم رسمياً في بكين يوم 15/1/2004 افتتاح الأمانة العامة للمنظمة، وفي فبراير من نفس العام بدأ الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب أي اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب عمله في طشقند. وبمبادرة من أوزبكستان عقدت بطشقند الدورة الاستثنائية لوزراء الاقتصاد والتجارة للدول الأعضاء في المنظمة، بتاريخ 28/5/2004 بهدف إعداد مقترحات محددة لبرنامج التعاون الاقتصادي. وفي بداية يونيو/حزيران 2004 وبمبادرة من أوزبكستان أيضاً تم في طشقند عقد اللقاء الأول لأمناء سر مجالس الأمن القومي في الدول الأعضاء في المنظمة الذي وضع بداية لآلية العمل المشترك الدائم للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب.
وهنا لا بد من التوقف عند اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، والتي وفقاً للقرارات المتخذة في قمة موسكو أيار/مايو من عام 2003، اتخذت من طشقند مقراً دائماً لها وجرى حفل الافتتاح الرسمي لمقر اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب أثناء القمة التي عقدت في طشقند، وكان هذا الجهاز قد بدأ عمله العادي قبل ذلك. وأثناء انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الجهاز تم تعيين مدير اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، ونوابه الثلاثة، وموظفي الجهاز، وانتهت المرحلة الأخيرة من إعداد الوثائق اللازمة لرسم الاتجاهات الرئيسية لعمل الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب. وهنا يجب أن نشير إلى أن مدير اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتم تعين موظفيه لمدة ثلاث سنوات يجري بعدها تقييم شامل لعملهم. وهذا يعني أنه خلال فترة رئاسة أوزبكستان للمنظمة كان قد تم الانتهاء من تشكيل الأجهزة الرئيسية للمنظمة وشرعت بالعمل فعلاً. وكان من المقرر أن تبت قمة طشقند بالاتجاهات والأفضليات في عمل تلك الأجهزة، ولكن ذلك لم يحدث، والجديد الذي حدث خلال تلك القمة كان مشاركة رئيس أفغانستان حميد قرضاي بمبادرة من أوزبكستان، ورئيس منغوليا ن. باغاباندي بمبادرة من الصين.
منظمة شنغهاي للتعاون في مجال التعاون الاقتصادي: ويشمل التعاون في إطار منظمة شنغهاي للتعاون مجالات عديدة كالأمن، والمواصلات، والثقافة، والإنذار المبكر وتصفية آثار الحالات الطارئة، وحماية الحقوق وغيرها. ولكن على خلفية كل تلك المسائل تبقى المجالات الأكثر أهمية، وهي التعاون في مجالات: الأمن والاقتصاد لأهميتهما وترابطهما لأنه وكما أثبت الواقع دون تحقق الاستقرار السياسي والأمن لا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي، وبدون حل المشاكل الاقتصادية لا يمكن تأمين الأمن والاستقرار السياسي. ولكن عند الحديث عن التعاون في مجال الأمن، يجب التركيز على أن أوزبكستان تؤيد التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة من خلال تبادل المعلومات الضرورية لمكافحة الإرهاب على أساس من الثقة المتبادلة. أما الجانب الاقتصادي للتعاون فيوفر التوازن الأكثر إيجابية ضمن مجموعة مصالح الدول الأعضاء في المنظمة، دون أن تطغى المصالح العسكرية الإستراتيجية على تلك العلاقات متعددة الأطراف، وهو ما يؤدي بدوره إلى ظهور تصورات غير إيجابية كبيرة من جانب الدول غير الأعضاء في المنظمة.
ويلاحظ المراقبون أن الطبيعة الانتقالية للاقتصاد في الدول الستة الأعضاء في المنظمة، وتقاربها الجغرافي، واتساع مساحتها، وثرواتها الغنية، واقتصادها الذي يفترض أنه يكمل بعضه بعضاً، ويشمل إمكانيات كبيرة يمكن أن تخلق تعاوناً اقتصادياً وتجارياً لم يستخدم بعد استخداماً كاملاً. وأبرزت معاهدة تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون الاتجاه الاقتصادي والتجاري من بين أفضليات عمل المنظمة، وبعد اللقاء الأول لقادة حكومات دول منظمة شنغهاي للتعاون الذي عقد في 14/9/2001 في ألما آتا وصدر عنه بيان تضمن أهم أهداف واتجاهات التعاون الاقتصادي الإقليمي بدأت عملية خلق ظروف مشجعة في مجال التجارة والاستثمار. كما وحددت الوثيقة المهام الرئيسية لتطور التعاون في المجال الاقتصادي وآليات تحقيقها، وفي عام 2002 عقد لقاء ضم المسؤولين في المؤسسات التجارية والاقتصادية ووزراء النقل في الدول الأعضاء بالمنظمة، خصص للبحث عن أساليب توسيع التعاون العملي. وفي مؤتمر سان بطرسبرغ في يونيو/حزيران 2002 أثار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف الانتباه إلى أهمية العمل المشترك في المجالات الاقتصادية المتعددة، وخاصة في اتجاهات الاستخدام الأمثل للثروات المعدنية والخامات، وإقامة نظام موحد للطاقة، وحماية البيئة.
وكان موضوع توسيع التعاون الاقتصادي محط اهتمام قمة قادة الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في موسكو. حيث أشار رئيس الفيدرالية الروسية فلاديمير بوتين حينها إلى أن روسيا تخطط لتوسيع العمل المشترك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون من خلال التعاون الاقتصادي، أما القائد الصيني خو تسيزينتاو فقد أشار إلى قرب توقيع الدول "الستة" على اتفاقية للنقل البري. وأشار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، أمام قمة موسكو إلى أن "مستقبل المؤشرات الاقتصادية في عمل منظمة شنغهاي للتعاون سيتصاعد باستمرار". وحسب رأيه يكون من الأهم إنجاز مدخل موحد "للتكامل وإنشاء سوقاً مشتركة في الإقليم". وأشار كريموف إلى أن "أهم الاتجاهات الإستراتيجية للتعاون يجب أن تظهر من خلال إعداد وتطبيق مشاريع للنقل والمواصلات ويجب أن يدور الحديث قبل كل شيء عن بناء طرق المواصلات التي يمكن أن تربط آسيا المركزية وأسواق الصين وروسيا وأوروبا والعالم، لفتح الآفاق والإمكانيات الواسعة من أجل التطور الاجتماعي والاقتصادي في الدول الأعضاء، وتأمين سيل واسع من الاستثمارات للإقليم". وعبر عن رأيه بأن لا توزع منظمة شنغهاي للتعاون قواها وإمكانياتها على مشاريع عديدة. ووفق رأيه يجب أن تركز على ثلاثة مشاريع كبيرة لكل دول الإقليم تشمل مشاريع بناء طرق المواصلات البرية التي تربط أوزبكستان بقرغيزيا والصين وهو ما أيدته الصين.
أهداف ومبادئ منظمة شنغهاي للتعاون: وخلال القمة الثانية لقادة الدول الستة الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في بكين يوم 23/9/2003 اتخذ قراراً يهدف توحيد الجهود الاقتصادية المشتركة والموافقة على "برنامج للتعاون التجاري والاقتصادي متعدد الأطراف للدول الأعضاء في المنظمة" وحددت أفضلياته ومجالات ومهام وآليات تطبيقه الأساسية. وفي إطار الأفضليات تمت الموافقة على تطوير البنية التحتية للمواصلات، والطاقة، وحماية البيئة، وخاصة في مجال مياه الشرب. واعتبرت أن التجارة والاستثمار وتشجيع الأعمال متعددة الأطراف في مجال الطاقة، والمعلوماتية، والاتصالات اللاسلكية، وحماية البيئة المحيطة والاستخدام العقلاني للثروات الطبيعية من بين المهام الأساسية التي يجب خلق الظروف الملائمة لها. وشمل برنامج المرحلة الممتدة حتى عام 2020، خلق الظروف المناسبة من أجل التنقل الحر للبضائع، والخدمات، ورؤوس الأموال والقوى العاملة وأكد الكثير من المراقبين والمحللين على مستقبل إمكانيات توسيع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في المنظمة واعتبر س.غ. لوزيانين، بروفيسور معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية ورئيس صندوق دعم الدراسات الإستشراقية أنه بالإضافة لإقامة مشاريع مشتركة في مجال النقل ومضاعفة تجارة الترانزيت ضمن إطار المنظمة كان من الممكن التحدث عن إقامة بنك آسيا المركزية للتنمية، الذي يمكنه أن يصبح أملاً للمستثمرين ومنظماً للبرامج الاقتصادية الأساسية في الدول الأعضاء بالمنظمة وأن مثل هذا المشروع سيجذب العلماء ليس من الدول الأعضاء في المنظمة وحسب، بل ومن الدول التي لم تنضم للمنظمة بعد.
منظمة شنغهاي للتعاون والعالم الخارجي: وقد أدى تعميق التعاون الناجح بين الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون لإثارة اهتمام المجتمع الدولي وازداد عدد الدول والمنظمات الدولية التي عبرت عن رغبتها بإقامة علاقات تعاون مع المنظمة التي ظلت متمسكة بمبدأ الانفتاح واستعدادها له. وورد في الوثيقة التي أقرت خلال مؤتمر موسكو، بأن منظمة شنغهاي للتعاون ترحب بأية صلات مع غيرها من المنظمات الدولية، والدول بغض النظر عن موقعها الجغرافي. وأن آليات التعاون الخارجي للمنظمة تعتمد على الوثائق التي أقرتها المنظمة، وتنص على أن المنظمة مفتوحة لانتساب الدول الأخرى التي توافق على مبادئ والتزامات المنظمة، وعدم التوجه ضد الدول الأخرى، والانفتاح والاستعداد لإجراء الحوار متعدد الأطراف بهدف تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. وخلال جلسة وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة الذي انعقدت في تشرين ثاني/نوفمبر 2002، اعتمدت "الخارطة المؤقتة للعلاقات الخارجية لمنظمة شنغهاي للتعاون"، والتي بموجبها يحق للمنظمة دعوة الدول الأخرى والمنظمات الدولية كضيوف لاجتماعات وزراء الخارجية للتشاور حول مسائل السياسة الخارجية، وإرسال ممثلين عنها من أجل المشاركة في نشاطات غيرها من المنظمات الدولية. ومن أجل ترشيد وزيادة فاعلية العمل المشترك لدول الأعضاء في المنظمة في مجال السياسة الخارجية تم إعداد "بروتوكول التعاون وتنسيق النشاطات بين وزارات الخارجية للدول الأعضاء"، والذي يسمح بإقامة آليات متعددة المستويات للتشاور، بما فيها عقد لقاءات دورية للممثلين الدائمين للدول الأعضاء بالمنظمة وفي منظمة الأمم المتحدة. وتم إعداد مشروع قرار "يحدد وضع عضوية المراقب في منظمة شنغهاي للتعاون"، حيث عرض على قمة طشقند وتم إقراره.
منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة الأمم المتحدة: وتطورت علاقات المنظمة بشكل خاص مع منظمة الأمم المتحدة. وأشار بيان المنظمة الذي صدر عن قمة موسكو إلى أن "قادة الدول الأعضاء يعبرون عن ضرورة الاعتراف بأهمية دور منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في حل المشاكل الدولية الكبير وأن لها أهمية أساسية. وأن منظمة الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاح يتماشى والوضع الدولي سريع التبدل، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجات حل مشاكل السياسة والأمن الدوليين. وأن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون انطلاقاً من مبدأ أن الإجراءات الاحتياطية المتخذة لتجنب الصراعات طبقاً لنظام منظمة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، فإنه يجب التوقف عند أحد الاتجاهات الرئيسية لجهود منظمة الأمم المتحدة في توفير الأمن. وأشار البيان كذلك إلى "أنه إلى جانب تطور العمل المشترك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، الدول الأعضاء في المنظمة تنوي زيادة تعاونها مع لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة". وأشار الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان في تحيته التي وجهها إلى الأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون في يناير/كانون ثاني عام 2004 إلى أنه: "خلال السنوات الأخيرة تعززت منظمة شنغهاي للتعاون تنظيمياً وأصبحت أكثر من ذي قبل منظمة هامة في مجال الأمن. وأن أعضاءها الستة تجمعت لديهم خبرات كافية من خلال الحوار والتعاون، وطوروا من تفاهمهم المتبادل ووعيهم للمسؤولية الجماعية حيال المستقبل المشترك". وأشار كوفي أنان إلى أنه خلال السنوات العشر الأخيرة حققت بعض الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون نجاحات اقتصادية ملحوظة وأن الدول الأخرى وبإصرار تحاول إيجاد طرق للاستفادة من إمكانياتها. وأن منظمة الأمم المتحدة تعقد آمالها على التعاون الشامل مع منظمة شنغهاي للتعاون. ونظراً للتقارب الشديد بين أهداف المنظمتين تطورت اتصالاتهما الرسمية وحضر ممثلون عن منظمة شنغهاي للتعاون اجتماع لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة (آذار/مارس 2003، في نيويورك)، ولقاء حوار الشركاء لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (نيسان/أبريل 2003 في فيينا)، واجتماع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية رفيع المستوى (تموز/يوليو 2003 في نيويورك)، ومؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة الإرهاب والوقاية منه (أيلول/سبتمبر عام 2003 في لشبونة).
ويتضمن جدول أفضليات منظمة شنغهاي للتعاون مسائل أخرى كتوسيع العمل المشترك بين المنظمة وغيرها من المنظمات الدولية. وفي 2/9/2003 أعلن رئيس اللجنة الدائمة لمؤتمر نواب الشعب لعموم الصين و. بانغو، ورئيس مجلس النواب في البرلمان الفيليبيني خوسيه دي فينيسي على الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (АСЕАН) أن تعقد اتفاقية مع منظمة شنغهاي للتعاون لتنسيق الجهود المشتركة لمكافحة الإجرام والإرهاب الدولي. ودعوا زملاءهم من الدول الآسيوية الأخرى إلى الإسراع في إنشاء الجهاز الإقليمي لاتحاد آسيا لمكافحة الإرهاب، وأن يشمل هذا الإتحاد الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا. كما وناقشت الأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون في جلستها الافتتاحية ببكين في كانون ثاني/يناير من عام 2004، والتي حضرها ممثلون عن المنظمات الدولية ودول عديدة وأشار في تلك الجلسة سفير ايرلندا لدى جمهورية الصين الشعبية ديكلان كونولي إلى أن "الاتحاد الأوروبي ينوي إقامة صلات وثيقة مع منظمة شنغهاي للتعاون"، بينما أعلن الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يان كوبيش بأن "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مهتمة جداً في تطوير التعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون" وأن الأساس الذي سيتم الاعتماد عليه هو أن: خمسة من الدول الأعضاء الستة في منظمة شنغهاي للتعاون هم أعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. بينما أشار نائب الأمين العام لرابطة الدول المستقلة أصلان كاجاكوف إلى أن منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة يربطهم الكثير، وأعرب عن إيمانه بأنه "في القريب العاجل ستقوم بين المنظمتين أعمالاً مشتركة ومثمرة".
منظمة شنغهاي للتعاون وتطوير العلاقات الدولية: وقد أبدت المنظمات الدولية والكثير من دول العالم، اهتمامها بالتعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون، وأبدى بعضها الرغبة في الانضمام إلى المنظمة. وفي أيار/مايو عام 2004 وأثناء حديثه مع الصحفيين الصينيين في إطار التحضير لزيارة رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية تشجو جونتشي إلى باكستان صرح الرئيس الباكستاني الجنرال برفيس مشرف بأنه من الممكن أن تسهم باكستان إسهاماً هاماً في إحلال الهدوء في الإقليم من خلال الانضمام إلى هذه المنظمة. وفي 23/4/2004 أعلنت وكالة "إيتار تاس" للأنباء عن أن الهند تقدمت بطلب للانضمام إلى عضوية منظمة شنغهاي للتعاون. وقد صرح وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرغي لافروف، بأن "الهند وجهت مثل هذا الطلب ليس إلى روسيا أو الصين، بل بشكل مباشر إلى المنظمة. وهذا الموضوع سيتم بحثه انطلاقا من المبادئ العامة حيال الدول الراغبة في الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون". وحسب رأي المراقبين، فإن الإطار الممكن للانضمام إلى عضوية منظمة شنغهاي للتعاون واسع جداً ويشمل: الهند، وباكستان، وإيران، ومنغوليا، وكوريا الجنوبية، وتركمانستان.
منظمة شنغهاي للتعاون في معادلة الجغرافيا السياسية: وخلال السنوات الأخيرة تم على الساحة التي خلفها الاتحاد السوفييتي السابق إنشاء عدد غير قليل من التكتلات العسكرية والسياسية، ومنها ذات الطبيعة الاقتصادية مثل (رابطة الدول المستقلة، وغواام، والاتحاد الاقتصادي الآسيوي الأوروبي وغيرها). ولكنها جميعها لم تحقق الآمال التي عقدت عليها. وانطلاقاً من هذه الخلفية نرى أن الجهاز الأكثر حيوية وتبشيراً بمستقبل واعد هو منظمة شنغهاي للتعاون. لأنه لا توجد بين الدول الأعضاء في هذه المنظمة لا نزاعات حدودية ولا صراعات بل على العكس هناك مصالح مشتركة وهامة تجمع بينها، وأن الصين ودول آسيا المركزية تجمعها الجهود المبذولة من قبل كل منها لمكافحة الإرهاب والأخطار التي يمثلها نشاط الانفصاليين المسلحين والمتطرفين. وأن انتشار التطرف الإسلامي نحو الشمال لا يمكن أن لا يقلق روسيا التي تتعرض لضربات الإرهابيين منذ سنوات. وروسيا والصين ودول آسيا المركزية لها مصالح مشتركة كبيرة تتعلق بتوسيع التعاون المشترك المثمر بينها في مجال النقل، خاصة وأنه عبر الحدود المشتركة لتلك الدول تمر طرق مواصلات جديدة تصل المناطق الاقتصادية الشرقية بالمناطق الغربية، وإقليم آسيا والمحيط الهادئ، مع المناطق الأوروبية والمحيط الأطلسي.
والمصالح المشتركة والتعاون الوثيق لا يعنيان أبداً تشكيل تحالف جغرافي سياسي جديد سيوجه ضد بعض الدول أو تحالفات لتلك الدول. وهو ما أشار إليه البيان الختامي لقمة موسكو من أن منظمة شنغهاي للتعاون "قامت من أجل تعزيز التفاهم المتبادل بين الدول الأعضاء، والصداقة وحسن الجوار" ولا تعتبر حلف، أو رابطة منغلقة، وليست موجهة ضد دول بعينها أو مجموعة من الدول". وفي هذا انعكاس مباشر لرأي رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، الذي أعلنه في كلمته خلال القمة المذكورة: من أن " منظمة شنغهاي للتعاون التي تتشكل اليوم يجب أن تؤكد بأنها جهاز للسياسة الدولية، حيث تؤخذ بالاعتبار مصالح كل دولة من الدول الداخلة في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون. وأعتقد أن في هذا نفي لأي تحالف موجه للتنافس الإقليمي". وعبر السكرتير التنفيذي لمنظمة شنغهاي للتعاون تشان ديغوان خلال زيارته لطشقند: عن "أن منظمة شنغهاي للتعاون تعتبر تحالف مسالم ولا تبحث عن المواجهة مع أي جهة كانت". وأشار أيضاً إلى أنه لا يرى أية أسس يمكن الاعتماد عليها للقول بأن منظمة شنغهاي للتعاون والناتو تشكلان جبهتين متواجهتين، خاصة وأن الكفاح المشترك ضد الإرهاب الدولي والتطرف يجمعهما مع بعضهما البعض. ورغم أن بعض المحللين أشاروا إلى أن لكل دولة من الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون علاقاتها الوثيقة والعملية مع الولايات المتحدة الأمريكية، نرى أن أوزبكستان على سبيل المثال ترتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقية شراكة إستراتيجية وهناك علاقات أوثق تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وتعتمد تلك العلاقات على تعاون واسع في المجالات الاقتصادية المفيدة للطرفين. وفي الصين تتركز استثمارات أمريكية ضخمة وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة للصين سوقاً رئيسة لتصريف الكم الهائل من الصادرات الصينية. وقد لوحظ توسع كبير في صادرات مصادر الطاقة من روسيا إلى الأسواق الأمريكية بسبب توتر الأوضاع في الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة ومن حيث المبدأ ينتظر تغير ملحوظ في طبيعة الأوضاع الجغرافية السياسية في وسط آسيا التي تنطلق من خلالها من المواجهة إلى اللحمة المتمثلة بالتعاون الأوسع بين دولها.
المنظمة بعد قمة طشقند: وعقدت الجلسة الدورية لمجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة القرغيزية بشكيك لمتابعة تطبيق الاتفاقيات التي توصلت إليها قمة رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة الذي عقد يوم 17/6/2004 في طشقند، وخلال الجلسة بحث المجتمعون عدداً من المسائل ومن بينها مسألة مستقبل تطوير وتعميق التعاون في إطار المنظمة في المجالات التجارية، والاقتصادية، والاستثمارية، والمواصلات، والمحافظة على الطبيعة، والقضايا الإنسانية وغيرها من المجالات، كما وعبر رؤساء الحكومات عن ارتياحهم للجهود التي تبذلها الوزارات والجهات المختصة في الدول الأعضاء من أجل توثيق العلاقات العملية في إطار المنظمة.
وتنفيذاً لقرارات القمة تلك بدأت بالعمل مجموعات مختصة بالتجارة الإلكترونية، والتعاون الجمركي، وتطبيق معايير التكنولوجيا، ومطابقة المواصفات، وتطوير الترانزيت، وتشجيع الاستثمارات. حيث أقر رؤساء الحكومات خطة للتعاون الاقتصادي والتجاري للدول الأعضاء في المنظمة، ضمت أكثر من مائة مشروعاً مع تبيان طرق تنفيذها، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى حرية تنقل البضاعة ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء، بعد الانتهاء من وضع الأسس القانونية اللازمة لذلك. وأقر رؤساء الحكومات مشروعاً لإقامة صندوقاً للتنمية، ومجلس للعمل، وتأسيس صفحة "الكترونية" للمنظمة في شبكة الانترنيت. وتم الاتفاق على عقد الجلسة القادمة في موسكو خلال النصف الثاني من عام 2005.
قمة أستنه: وجاءت قمة رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة القازاقستانية أستنه إثر الأحداث العاصفة التي أطبقت على قرغيزستان وأدت إلى تنحية رئيسها عسكر أكاييف عن الحكم، وانسحاب أوزبكستان من منظمة غووام، والتهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي في جورجيا من أنه جاء دور وسط آسيا لمواجهة رياح التغيير الديمقراطية، والأحداث الإرهابية التي عصفت بولاية أنديجان الأوزبكستانية والتي لم تزل أصداؤها تتردد حتى الآن إقليمياً ودولياً. ولهذا لم يتردد البيان الختامي لقمة رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون والذي شاركت فيه: جمهورية قازاقستان، وجمهورية الصين الشعبية، وجمهورية قرغيزستان، والفيدرالية الروسية، وجمهورية طاجكستان، وجمهورية أوزبكستان، وانعقد في أستنه بإطار مجلس رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة يوم 5/7/2005 من إعلان: أنه خلال الفترة الماضية ومنذ لقاء قمة رؤساء الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون الذي انعقد في طشقند يوم 17/6/2004، تم إنجاز كل المهام التي حددت من أجل تطوير وتعزيز المنظمة. وأن منظمة شنغهاي للتعاون ماضية بثبات نحو الأمام على طريق توسيع العلاقات المتعددة بين الدول الأعضاء، وتقيم علاقات مع غيرها من الدول والمنظمات الدولية. وأن الجهاز التنفيذي لمنظمة شنغهاي للتعاون الذي بدأ عمله منذ عام 2004 في بكين، والجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب في طشقند قد أصبحا من الأجهزة الفاعلة للمنظمة. وكلف مجلس المنسقين الوطنيين بتجهيز مقترحات من أجل رفع مستوى العمل في المنظمة قبل لقاء القمة القادم عام 2006 على أن تشمل وصفاً وظيفياً للمسؤولين في سكرتارية المنظمة. وتقديم المساعدة للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب من أجل تنفيذ اتفاقية شنغهاي لمكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية، والمتطرفين، ووافق رؤساء الدول على إحداث منصب الممثلين الدائمين للدول الأعضاء على أساس المبادئ التي بموجبها تعمل السكرتارية الدائمة للدول الأعضاء في المنظمة. وقرر أن تعقد القمة القادمة في موسكو خريف عام 2005 وإنشاء صندوق لتطوير المنظمة. ومتابعة التنسيق والمشاورات في القضايا الدولية. ومنح صفة العضو المراقب في المنظمة لكل من الهند، وباكستان، وإيران، وهي نفس الصفة التي حصلت عليها منغوليا خلال قمة طشقند.
وأكد الرؤساء على ضرورة الالتزام بمبادئ المساواة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، وعدم المواجهة، والانتقال التدريجي نحو ديمقراطية العلاقات الدولية، ودعوة المجتمع الدولي بغض النظر عن التمايز الأيديولوجي والنظم الاجتماعية، لتشكيل مبادئ جديدة للأمن، تعتمد على الثقة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والمساواة والعمل المشترك، والتخلص من المداخل والتقييمات المتطرفة، وتطوير الحوار نحو توفير حقوق كل شعب من شعوب العالم في التطور الخاص به. والمساواة في استقلال كل الدول والوقوف إلى جانب الإصلاحات الجوهرية والضرورية لمنظمة الأمم المتحدة. واعتبر الرؤساء أن مواجهة التهديدات والتحديات الجديدة للأمن الإقليمي والدولي والاستقرار تحتاج إلى توحيد جهود الدول الأعضاء فيها لتأمين الدفاع عن الأراضي، والسكان، والمنشآت الهامة لتأمين الحياة والبنية التحتية للدول الأعضاء من النشاطات المدمرة والتهديدات الجديدة، وخلق الظروف الضرورية من أجل التطور الثابت واجتثاث الفقر، ومواجهة الأعمال الإرهابية، وعدم توفير مأوى للأشخاص المتورطين أو المتهمين في القيام بنشاطات إرهابية، أو انفصالية، أو متطرفة وتسليمهم في حال توفر طلب بذلك من جانب دولة أخرى عضوه في المنظمة وفقاً للقوانين النافذة في الدول الأعضاء. واتخاذ إجراءات بهدف رفع مستوى العمل الإقليمي الموجه ضد الإرهاب، والقضاء على قاعدته المادية، ومكافحة التجارة غير القانونية للأسلحة والذخيرة، والمواد المتفجرة والمخدرات، ومكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية واستخدامها، ومنع استخدام الإرهابيين لمكونات أسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها، ومنع الإرهاب الإعلامي. وطالبوا بتحديد نهاية للاستخدام المؤقت للمواقع والمنشآت العسكرية والبنية التحتية وتواجد القطعات العسكرية الأجنبية على أراضي الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون.
وكان رد الفعل الأوزبكستاني على القرار الأخير أن أصدرت وزارة خارجية جمهورية أوزبكستان نشرة إعلامية بتاريخ 7/7/2005 تدعوا فيها لمناقشة خيارات أخرى لتحديد آفاق تواجد وحدات القوات المسلحة التابعة للولايات المتحدة على الأراضي الأوزبكستانية. وتسديد النفقات المستحقة عليها وتسديد المبالغ التي قام الجانب الأوزبكستاني فعلاً بدفعها لضمان أمن مطار "خان آباد", وتشكيل واستخدام المرافق العامة اللازمة لذلك, والتعويض عن الخسائر التي سببها تلوث البيئة والأوضاع غير المريحة والملائمة للسكان المحليين. وتسديد الأموال المستحقة عن إقلاع وهبوط طائرات الأسطول الجوي التابع للولايات المتحدة الأمريكية في المطار من يوم البدء باستخدامه وحتى الآن. وكان الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف قد تحدث في 5/7/2005 أمام قادة الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون ورؤساء وفود الهند، وإيران، ومنغوليا، وباكستان، وأعضاء الوفود المشاركة في القمة التي جرت في العاصمة القازاقستانية أستنه معبراً عن ارتياحه لتقيد الدول الأعضاء بأهداف ومهام المنظمة، وتنفيذهم لقرارات المؤتمرات السابقة، والدور الذي تضطلع به المنظمة في مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية والتطرف وإنتاج وتهريب المخدرات وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع الدولي. وعبر الرئيس الأوزبكستاني عن أمله بفتح آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والمواصلات والاتصالات واستثمار ثروات المنطقة بين الدول الأعضاء، وأبدى تأييده لطلب قادة الهند وباكستان وإيران للحصول على صفة مراقب في المنظمة، معتبراً أن انضمامهم بالإضافة لمنغوليا التي حصلت على صفة مراقب في المنظمة سابقاً، سيعزز من شخصية المنظمة أمام المجتمع الدولي، وعبر عن عدم ارتياحه للأوضاع غير المستقرة والمتأزمة في آسيا المركزية، معتبراً أن تلك الأوضاع أشبه بغياب الأهداف الإستراتيجية في المنطقة، واعتبر أن ما يجرى في المنطقة حتى الآن هو تحقيقاً لأهداف إستراتيجية طويلة الأمد لجهة معينة تتطلع لإجراء تغييرات لصالحها من النواحي السياسية والاقتصادية وإعادة توزيع القوى في المنطقة. ونبه إلى حقيقة تغيير الوسائل والطرق التي أصبحت متبعة لتهدد الاستقرار في المنطقة، وعن تداخل القوى الانفصالية والمتطرفة والمنظمات الدينية المتطرفة الذين لا يمكن أن تلتقي في ظروف أخرى في صفوف الإرهابيين، ومحاولتها خلق ظروف من "عدم الاستقرار المسيطر عليه من قبل تلك الجهة المعينة" وتفجير الاستقرار السياسي والاجتماعي لفرض نموذجها للتطور، وأضاف أن زراعة المخدرات وتهريبها في المنطقة تعتبر المصدر الأساسي للإرهاب، معتبراً أفغانستان التي وفقاً لمعطيات الأمم المتحدة في طليعة الدول المنتجة والمصدرة لها وعبر عن أسفه لعدم التأثير على تلك الأوضاع رغم الوجود العسكري الأجنبي على أراضيها (أي التواجد العسكري الأمريكي). واعتبر أن ذلك يحتاج لتنسيق المواقف وجهود الدول الأعضاء في المنظمة لمواجهتها. وعبر عن شكره لتضامن قادة روسيا والصين وكل الذين تضامنوا مع الشعب الأوزبكستاني أثناء الأحداث الأليمة التي جرت في أنديجان.
ورافق القمة عقد مؤتمر مائدة مستديرة بمعهد الأبحاث الإستراتيجية والإقليمية التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان في طشقند تحت عنوان " الأوضاع الراهنة والمتطورة في منطقة وسط آسيا ومنظمة "شنغهاي" للتعاون " وشارك فيه أعضاء وفد معهد "شنغهاي" للأبحاث والدراسات الدولية برئاسة مديره فان سياشو. وأشار المشاركون في اللقاء إلى ضرورة تنشيط وتفعيل نشاطات وجهود الدول المشتركة وخاصة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون من اجل مواجهة تهديدات الإرهاب الدولي والتطرف وتهريب وبيع المخدرات التي تشكل خطرا مباشرا على الأمن والاستقرار والسلام للدول ويتطلب العمل المشترك لمواجهته أكثر من التكامل الاقتصادي، وأن الصين تعد من اكبر شركاء أوزبكستان في منطقة آسيا المركزية وأن العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين تتعزز وتتطور في كافة المجالات ومن هنا كان هدف اتفاقية علاقات التعاون المشتركة والشراكة والصداقة التي وقعها الرئيسان الصيني والأوزبكستاني أثناء زيارة الرئيس كريموف للصين في شهر مايو/أيار من عام 2005، وضع أساس قانوني ثابت لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية. والتقى وفد معهد "شنغهاي" للأبحاث والدراسات الدولية بأساتذة وطلاب جامعة الاقتصاد العالمي والدبلوماسية بمدينة طشقند.
قرارات قمة أستنه: وشملت الوثائق التي تم توقيعها أثناء جلسات مجلس قادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون التي عقدت في مدينة أستنه, في الخامس من شهر يوليو 2005: بيان لقادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون؛ وقرار للتعاون بين الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية والتطرف؛ وقرار عن الوضع الخاص للممثلين الدائمين للدول الأعضاء بالمنظمة وفي الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب؛ وقرار بالموافقة على تقرير مجلس الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع للمنظمة " بشأن نشاطات الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب عن عام 2004م؛ وقرار بمنح جمهورية باكستان الإسلامية صفة مراقب في المنظمة؛ وقرار بمنح جمهورية إيران الإسلامية صفة مراقب في المنظمة؛ وقرار بمنح جمهورية الهند صفة مراقب في المنظمة.
ردود الفعل على مبدأ سحب القوات الأمريكية من آسيا المركزية: ولم تتأخر ردود الفعل على نتائج تلك القمة وخاصة قرار تواجد القوات الأجنبية على أراضي بعض الدول الأعضاء في المنظمة عبر محطات التلفزيون الروسية نقلاً عن وكالات الأنباء العالمية وعن صحيفة «واشنطن بوست» وعن مسؤولين في البنتاغون في نهاية تموز/يوليو، وتضمنت خبر إمهال أوزبكستان للولايات المتحدة مدة 180 يوماً لسحب طائراتها وقواتها وتفكيك منشآتها العسكرية من قاعدة خان آباد الجوية بولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان، لمتها وزارة الخارجية الأوزبكية يوم الجمعة 29/7/2005 إلى السفارة الأميركية في العاصمة الأوزبكية طشقند. وأضافت الصحيفة أن هذا القرار سيصعب من بعض المشاكل اللوجستية على القوات الأميركية للقيام بعمليات في أفغانستان. وأضافت أن قاعدة خان آباد الجوية بولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان تستقبل جوا المساعدات الإنسانية التي توزع بعد ذلك عن طريق البر في أفغانستان، وخاصة في منطقة مزار الشريف بشمال أفغانستان وتستخدم القاعدة المعروفة باسم «كاي ـ 2» أيضا لتزويد الطائرات الأميركية بالوقود وتملك مدرجا يكفي طوله لهبوط الطائرات الثقيلة. وفي رد على سؤال لصحيفة «واشنطن بوست» قال الناطق باسم البنتاغون لورانس دي ريتا، أن عمليات الجيش الأميركي أينما كانت في العالم ليست مرهونة بقاعدة واحدة،وأوضح أننا «سنكون قادرين على القيام بعملياتنا كما نريد ومهما جرى لأنها قضية دبلوماسية حاليا». وكانت طشقند قد أعربت مطلع شهر يوليو/ تموز عن نفاد صبرها وشددت على الطابع المؤقت لانتشار القوات الأميركية في هذه القاعدة استناداً للاتفاق الموقع بين البلدين عام 2001. وجاء في بيان وزارة الخارجية الأوزبكية أنه «عندما تم التوقيع على ذلك الاتفاق ودراسة فترة مرابطة القوات هناك كانت الوثيقة تنص على أن منح مطار خان آباد لسلاح الجو الأميركي يتعلق مباشرة بالعمليات العسكرية في شمال أفغانستان»، وتزامنت تلك التصريحات مع تصاعد التوتر مع واشنطن بشأن هذه القاعدة. وقررت أوزبكستان أخيراً الحد من عدد رحلات الطائرات الأميركية المرابطة على أراضيها، وأكدت على أن هذا القرار ليس مرتبطا بالانتقادات التي وجهتها واشنطن لأوزبكستان اثر قمعها الحازم للتمرد الذي قامت به عناصر متطرفة متشددة مسلحة بمدينة أنديجان شرق البلاد. والجدير بالذكر أن واشنطن كانت قد حصلت الثلاثاء 26/7/2005 على موافقة الحكومة القرغيزية حسب مصادر التلفزيون الروسي للاحتفاظ بقاعدة مناس العسكرية في قرغيزستان طالما كان ذلك ضروريا، أثناء الزيارة الرسمية لوزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد لقرغيزستان ولقائه بالمسؤولين فيها، والتي لم يقم خلالها بزيارة أوزبكستان كما كان في السابق. واعتبر هذا القرار انتصارا للدبلوماسية الأمريكية حينه على روسيا والصين اللتان كانتا ترغبان في تحديد مهلة رحيل القوات الأميركية المنتشرة في آسيا المركزية بموجب القرار الذي اتخذته قمة أستنه لرؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في وقت سابق من هذا العام. في الوقت الذي لم تتطرق فيه وسائل الإعلام الأوزبكية المقروءة والمسموعة والمرئية لهذا الخبر نهائياً، بينما أعلنت محطات التلفزيون الروسية نبأ عن وصول اللاجئين الأوزبك الذين تم نقلهم مؤخراً من قرغيزستان بمساعدة من ممثلي الأمم المتحدة جواً إلى رومانيا التي منحتهم حق اللجوء السياسي على أراضيها. وأخيراً جاء رد فعل وزارة الخارجية الأوزبكية التي أصدرت نشرة إعلامية آخذت فيها بعين الاعتبار النقاش الدائر في وسائل الإعلام وتناول البيان الذي تم تبنيه من قبل قادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون أثناء لقائهم في مدينة أستنه وعلى ما تعرضت له الكلمات التي ألقاها حول هذا البيان بعض المحللين والسياسيين للبيان الذي أقر خلال لقاء القمة بشأن ما يتعلق بضرورة أن يقوم الأعضاء المشاركون في التحالف المضاد للإرهاب في أفغانستان بتحديد المواعيد النهائية للاستخدام المؤقت لشبكة الطرق والمواصلات الأرضية وتواجد الوحدات العسكرية على أراضى الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون، وفي إطار مناقشة البيان المذكور، بالإضافة لما ذكر أعلاه أعلنت وزارة خارجية جمهورية أوزبكستان أن الاتفاقية التي وقعت بين حكومتي جمهورية أوزبكستان والولايات المتحدة الأمريكية في 7/10/2001 حول مرور شحنات الترانزيت على أراضيها وحق دخول واستخدام المرافق العامة والمرافق العسكرية في جمهورية أوزبكستان اشترطت.
أولاً: أن يسعي الجانب الأوزبكي كمشارك فعال في التحالف المضاد للإرهاب في أفغانستان إلى تقديم المساهمة الفعالة من أجل وقف التهديد المباشر لحركة "طالبان" وقوى الإرهاب الدولي ضد سلامة ووحدة أراضيها والأمن والاستقرار في أوزبكستان باعتبارها دولة ذات سيادة. ومن هنا كان الهدف الأساسي من وجهة النظر الأوزبكية تقديم مطار "خان آباد" لاستخدامه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بعمليات البحث والإنقاذ والعمليات الخاصة بتقديم المساعدات الإنسانية أثناء شن العمليات العسكرية في الأراضي المتاخمة من أفغانستان.
وثانيا: اشترطت الاتفاقية تقديم مطار "خان آباد" لاستخدامه من قبل القوات الجوية للولايات المتحدة الأمريكية وتوقيع اتفاقية ومناقشة مواعيد تواجد القوات المسلحة الأمريكية في "خان آباد" بشكل مباشر وعدم شن أية عمليات عسكرية في شمال أفغانستان. وأوضح البيان أنه لم يناقش الجانب الأوزبكي أية خيارات أخرى خاصة بآفاق تواجد وحدات القوات المسلحة التابعة للولايات المتحدة على الأراضي الأوزبكستانية.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة عمليا لم تقم بتسديد النفقات المستحقة عليها ولم تسدد المبالغ التي قام الجانب الأوزبكي فعلاً بدفعها لضمان أمن مطار "خان آباد", وتشكيل واستخدام المرافق العامة اللازمة لذلك, ولم تقم بتعويض الخسائر التي سببها تلوث البيئة والأوضاع غير المريحة والملائمة للسكان المحليين. وكما لم تقم بتسديد أية أموال عن إقلاع وهبوط طائرات الأسطول الجوي التابع للولايات المتحدة في المطار من يوم البدء في استخدامه وحتى الآن. ولهذا اعتقدت وزارة خارجية أوزبكستان أن هذه الأسباب مبدئياً يجب أن تكون أساسا لمناقشة آفاق تواجد وحدات القوات المسلحة الأمريكية في مطار "خان آباد". وهو ما يمكن فهمه بأن المطروح من الجانب الأوزبكي في الوقت الحاضر لا يعني بشكل من الأشكال خروج تلك القوات من مطار خان آباد، وإنما تسوية الأوضاع القائمة بين البلدين وتنفيذ قرار قمة شنغهاي للتعاون الذي يطالب بتحديد مدة تواجد تلك القوات لا أكثر ولا أقل.
المراجع المستخدمة في الدراسة:
1. أرشيف وزارة الخارجية الأوزبكستانية؛
2. برامج محطات التلفزيون الناطقة باللغة الروسية؛
3. موقع أرشيف وزارة الخارجية الروسية على شبكة الانترنيت؛
4. موقع وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" على شبكة الانترنيت؛
5. موقع وكالة الأنباء الروسية "إتار تاس" على شبكة الانترنيت ؛
6. موقع وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" على شبكة الانترنيت ؛
7. موقع المركز الإعلامي الإلكتروني الصيني على شبكة الانترنيت ؛
8. موقع وكالة الأنباء الأوزبكستانية "أوزا" على شبكة الانترنيت ؛
9. موقع وكالة الأنباء الأوزبكستانية "جهان" على شبكة الانترنيت؛
10. صحيفة "نارودنويه صلوفا" لأعوام 2001 – 2005.
11. صحيفة "برافدا فاستوكا" لأعوام 2001 – 2005.
كتبها أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم DC في العلوم السياسية، أستاذ التبادل الإعلامي الدولي بقسم العلاقات الدولية، والعلوم السياسية، والقانون / كلية العلاقات الدولية والاقتصادية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. بتاريخ 18/11/2005
عقدت القمة العادية لقادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، في طشقند بتاريخ 17/6/2004وهي منظمة حلت مكان "خماسية شنغهاي" التي سبق وأسستها الصين، وروسيا، وقازاقستان، وقرغيزيا، وطاجكستان، لتعزيز التفاهم المتبادل بين الدول الأعضاء، وتخفيض القوات المسلحة في المناطق الحدودية الدولية المشتركة. وعاد واجتمع قادة الدول الخمس بمشاركة أوزبكستان في 15/6/2001 بشنغهاي في الصين وأعادوا تشكيلها كمنظمة إقليمية للتعاون الدولي متعدد الأطراف، ولتفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدول الستة المشاركة في إطار العلاقات السياسية الدولية المعاصرة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للدول الستة الأعضاء في المنظمة أكثر من 30 مليون كيلو متر مربع، وهو ما يعادل ثلاثة أخماس مساحة آسيا وأوروبا. ويبلغ عدد سكان هذه الدول 1,455 مليار نسمة، وهذا يعادل ربع سكان الكرة الأرضية تقريباً والدول الستة المشاركة في المنظمة تتبع في الأساس مواقف متوافقة أو قريبة من أهم الأحداث العالمية. وكانت المنظمة من أوائل المنظمات الدولية التي أولت اهتماماً خاصاً لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وأبدى قادة وحكومات الدول الأعضاء في المنظمة ودون أي تأخير إدانتهم الشديدة لتلك الأحداث من خلال تصريحاتهم الخاصة التي أدانت هذا الفعل الإرهابي، وركزت على الطبيعة العامة للتهديدات التي يحملها الإرهاب للإنسانية.
وبعد قمة موسكو، انتقلت رئاسة المنظمة إلى أوزبكستان، وشرعت المنظمة مباشرة بإنشاء الأجهزة الدائمة للمنظمة التي بدأت فعلاً بأداء وظائفها. وتم رسمياً في بكين يوم 15/1/2004 افتتاح الأمانة العامة للمنظمة، وفي فبراير من نفس العام بدأ الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب أي اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب عمله في طشقند. وبمبادرة من أوزبكستان عقدت بطشقند الدورة الاستثنائية لوزراء الاقتصاد والتجارة للدول الأعضاء في المنظمة، بتاريخ 28/5/2004 بهدف إعداد مقترحات محددة لبرنامج التعاون الاقتصادي. وفي بداية يونيو/حزيران 2004 وبمبادرة من أوزبكستان أيضاً تم في طشقند عقد اللقاء الأول لأمناء سر مجالس الأمن القومي في الدول الأعضاء في المنظمة الذي وضع بداية لآلية العمل المشترك الدائم للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب.
وهنا لا بد من التوقف عند اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، والتي وفقاً للقرارات المتخذة في قمة موسكو أيار/مايو من عام 2003، اتخذت من طشقند مقراً دائماً لها وجرى حفل الافتتاح الرسمي لمقر اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب أثناء القمة التي عقدت في طشقند، وكان هذا الجهاز قد بدأ عمله العادي قبل ذلك. وأثناء انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الجهاز تم تعيين مدير اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، ونوابه الثلاثة، وموظفي الجهاز، وانتهت المرحلة الأخيرة من إعداد الوثائق اللازمة لرسم الاتجاهات الرئيسية لعمل الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب. وهنا يجب أن نشير إلى أن مدير اللجنة التنفيذية للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتم تعين موظفيه لمدة ثلاث سنوات يجري بعدها تقييم شامل لعملهم. وهذا يعني أنه خلال فترة رئاسة أوزبكستان للمنظمة كان قد تم الانتهاء من تشكيل الأجهزة الرئيسية للمنظمة وشرعت بالعمل فعلاً. وكان من المقرر أن تبت قمة طشقند بالاتجاهات والأفضليات في عمل تلك الأجهزة، ولكن ذلك لم يحدث، والجديد الذي حدث خلال تلك القمة كان مشاركة رئيس أفغانستان حميد قرضاي بمبادرة من أوزبكستان، ورئيس منغوليا ن. باغاباندي بمبادرة من الصين.
منظمة شنغهاي للتعاون في مجال التعاون الاقتصادي: ويشمل التعاون في إطار منظمة شنغهاي للتعاون مجالات عديدة كالأمن، والمواصلات، والثقافة، والإنذار المبكر وتصفية آثار الحالات الطارئة، وحماية الحقوق وغيرها. ولكن على خلفية كل تلك المسائل تبقى المجالات الأكثر أهمية، وهي التعاون في مجالات: الأمن والاقتصاد لأهميتهما وترابطهما لأنه وكما أثبت الواقع دون تحقق الاستقرار السياسي والأمن لا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي، وبدون حل المشاكل الاقتصادية لا يمكن تأمين الأمن والاستقرار السياسي. ولكن عند الحديث عن التعاون في مجال الأمن، يجب التركيز على أن أوزبكستان تؤيد التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة من خلال تبادل المعلومات الضرورية لمكافحة الإرهاب على أساس من الثقة المتبادلة. أما الجانب الاقتصادي للتعاون فيوفر التوازن الأكثر إيجابية ضمن مجموعة مصالح الدول الأعضاء في المنظمة، دون أن تطغى المصالح العسكرية الإستراتيجية على تلك العلاقات متعددة الأطراف، وهو ما يؤدي بدوره إلى ظهور تصورات غير إيجابية كبيرة من جانب الدول غير الأعضاء في المنظمة.
ويلاحظ المراقبون أن الطبيعة الانتقالية للاقتصاد في الدول الستة الأعضاء في المنظمة، وتقاربها الجغرافي، واتساع مساحتها، وثرواتها الغنية، واقتصادها الذي يفترض أنه يكمل بعضه بعضاً، ويشمل إمكانيات كبيرة يمكن أن تخلق تعاوناً اقتصادياً وتجارياً لم يستخدم بعد استخداماً كاملاً. وأبرزت معاهدة تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون الاتجاه الاقتصادي والتجاري من بين أفضليات عمل المنظمة، وبعد اللقاء الأول لقادة حكومات دول منظمة شنغهاي للتعاون الذي عقد في 14/9/2001 في ألما آتا وصدر عنه بيان تضمن أهم أهداف واتجاهات التعاون الاقتصادي الإقليمي بدأت عملية خلق ظروف مشجعة في مجال التجارة والاستثمار. كما وحددت الوثيقة المهام الرئيسية لتطور التعاون في المجال الاقتصادي وآليات تحقيقها، وفي عام 2002 عقد لقاء ضم المسؤولين في المؤسسات التجارية والاقتصادية ووزراء النقل في الدول الأعضاء بالمنظمة، خصص للبحث عن أساليب توسيع التعاون العملي. وفي مؤتمر سان بطرسبرغ في يونيو/حزيران 2002 أثار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف الانتباه إلى أهمية العمل المشترك في المجالات الاقتصادية المتعددة، وخاصة في اتجاهات الاستخدام الأمثل للثروات المعدنية والخامات، وإقامة نظام موحد للطاقة، وحماية البيئة.
وكان موضوع توسيع التعاون الاقتصادي محط اهتمام قمة قادة الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في موسكو. حيث أشار رئيس الفيدرالية الروسية فلاديمير بوتين حينها إلى أن روسيا تخطط لتوسيع العمل المشترك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون من خلال التعاون الاقتصادي، أما القائد الصيني خو تسيزينتاو فقد أشار إلى قرب توقيع الدول "الستة" على اتفاقية للنقل البري. وأشار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، أمام قمة موسكو إلى أن "مستقبل المؤشرات الاقتصادية في عمل منظمة شنغهاي للتعاون سيتصاعد باستمرار". وحسب رأيه يكون من الأهم إنجاز مدخل موحد "للتكامل وإنشاء سوقاً مشتركة في الإقليم". وأشار كريموف إلى أن "أهم الاتجاهات الإستراتيجية للتعاون يجب أن تظهر من خلال إعداد وتطبيق مشاريع للنقل والمواصلات ويجب أن يدور الحديث قبل كل شيء عن بناء طرق المواصلات التي يمكن أن تربط آسيا المركزية وأسواق الصين وروسيا وأوروبا والعالم، لفتح الآفاق والإمكانيات الواسعة من أجل التطور الاجتماعي والاقتصادي في الدول الأعضاء، وتأمين سيل واسع من الاستثمارات للإقليم". وعبر عن رأيه بأن لا توزع منظمة شنغهاي للتعاون قواها وإمكانياتها على مشاريع عديدة. ووفق رأيه يجب أن تركز على ثلاثة مشاريع كبيرة لكل دول الإقليم تشمل مشاريع بناء طرق المواصلات البرية التي تربط أوزبكستان بقرغيزيا والصين وهو ما أيدته الصين.
أهداف ومبادئ منظمة شنغهاي للتعاون: وخلال القمة الثانية لقادة الدول الستة الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في بكين يوم 23/9/2003 اتخذ قراراً يهدف توحيد الجهود الاقتصادية المشتركة والموافقة على "برنامج للتعاون التجاري والاقتصادي متعدد الأطراف للدول الأعضاء في المنظمة" وحددت أفضلياته ومجالات ومهام وآليات تطبيقه الأساسية. وفي إطار الأفضليات تمت الموافقة على تطوير البنية التحتية للمواصلات، والطاقة، وحماية البيئة، وخاصة في مجال مياه الشرب. واعتبرت أن التجارة والاستثمار وتشجيع الأعمال متعددة الأطراف في مجال الطاقة، والمعلوماتية، والاتصالات اللاسلكية، وحماية البيئة المحيطة والاستخدام العقلاني للثروات الطبيعية من بين المهام الأساسية التي يجب خلق الظروف الملائمة لها. وشمل برنامج المرحلة الممتدة حتى عام 2020، خلق الظروف المناسبة من أجل التنقل الحر للبضائع، والخدمات، ورؤوس الأموال والقوى العاملة وأكد الكثير من المراقبين والمحللين على مستقبل إمكانيات توسيع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في المنظمة واعتبر س.غ. لوزيانين، بروفيسور معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية ورئيس صندوق دعم الدراسات الإستشراقية أنه بالإضافة لإقامة مشاريع مشتركة في مجال النقل ومضاعفة تجارة الترانزيت ضمن إطار المنظمة كان من الممكن التحدث عن إقامة بنك آسيا المركزية للتنمية، الذي يمكنه أن يصبح أملاً للمستثمرين ومنظماً للبرامج الاقتصادية الأساسية في الدول الأعضاء بالمنظمة وأن مثل هذا المشروع سيجذب العلماء ليس من الدول الأعضاء في المنظمة وحسب، بل ومن الدول التي لم تنضم للمنظمة بعد.
منظمة شنغهاي للتعاون والعالم الخارجي: وقد أدى تعميق التعاون الناجح بين الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون لإثارة اهتمام المجتمع الدولي وازداد عدد الدول والمنظمات الدولية التي عبرت عن رغبتها بإقامة علاقات تعاون مع المنظمة التي ظلت متمسكة بمبدأ الانفتاح واستعدادها له. وورد في الوثيقة التي أقرت خلال مؤتمر موسكو، بأن منظمة شنغهاي للتعاون ترحب بأية صلات مع غيرها من المنظمات الدولية، والدول بغض النظر عن موقعها الجغرافي. وأن آليات التعاون الخارجي للمنظمة تعتمد على الوثائق التي أقرتها المنظمة، وتنص على أن المنظمة مفتوحة لانتساب الدول الأخرى التي توافق على مبادئ والتزامات المنظمة، وعدم التوجه ضد الدول الأخرى، والانفتاح والاستعداد لإجراء الحوار متعدد الأطراف بهدف تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. وخلال جلسة وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة الذي انعقدت في تشرين ثاني/نوفمبر 2002، اعتمدت "الخارطة المؤقتة للعلاقات الخارجية لمنظمة شنغهاي للتعاون"، والتي بموجبها يحق للمنظمة دعوة الدول الأخرى والمنظمات الدولية كضيوف لاجتماعات وزراء الخارجية للتشاور حول مسائل السياسة الخارجية، وإرسال ممثلين عنها من أجل المشاركة في نشاطات غيرها من المنظمات الدولية. ومن أجل ترشيد وزيادة فاعلية العمل المشترك لدول الأعضاء في المنظمة في مجال السياسة الخارجية تم إعداد "بروتوكول التعاون وتنسيق النشاطات بين وزارات الخارجية للدول الأعضاء"، والذي يسمح بإقامة آليات متعددة المستويات للتشاور، بما فيها عقد لقاءات دورية للممثلين الدائمين للدول الأعضاء بالمنظمة وفي منظمة الأمم المتحدة. وتم إعداد مشروع قرار "يحدد وضع عضوية المراقب في منظمة شنغهاي للتعاون"، حيث عرض على قمة طشقند وتم إقراره.
منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة الأمم المتحدة: وتطورت علاقات المنظمة بشكل خاص مع منظمة الأمم المتحدة. وأشار بيان المنظمة الذي صدر عن قمة موسكو إلى أن "قادة الدول الأعضاء يعبرون عن ضرورة الاعتراف بأهمية دور منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في حل المشاكل الدولية الكبير وأن لها أهمية أساسية. وأن منظمة الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاح يتماشى والوضع الدولي سريع التبدل، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجات حل مشاكل السياسة والأمن الدوليين. وأن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون انطلاقاً من مبدأ أن الإجراءات الاحتياطية المتخذة لتجنب الصراعات طبقاً لنظام منظمة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، فإنه يجب التوقف عند أحد الاتجاهات الرئيسية لجهود منظمة الأمم المتحدة في توفير الأمن. وأشار البيان كذلك إلى "أنه إلى جانب تطور العمل المشترك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، الدول الأعضاء في المنظمة تنوي زيادة تعاونها مع لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة". وأشار الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان في تحيته التي وجهها إلى الأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون في يناير/كانون ثاني عام 2004 إلى أنه: "خلال السنوات الأخيرة تعززت منظمة شنغهاي للتعاون تنظيمياً وأصبحت أكثر من ذي قبل منظمة هامة في مجال الأمن. وأن أعضاءها الستة تجمعت لديهم خبرات كافية من خلال الحوار والتعاون، وطوروا من تفاهمهم المتبادل ووعيهم للمسؤولية الجماعية حيال المستقبل المشترك". وأشار كوفي أنان إلى أنه خلال السنوات العشر الأخيرة حققت بعض الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون نجاحات اقتصادية ملحوظة وأن الدول الأخرى وبإصرار تحاول إيجاد طرق للاستفادة من إمكانياتها. وأن منظمة الأمم المتحدة تعقد آمالها على التعاون الشامل مع منظمة شنغهاي للتعاون. ونظراً للتقارب الشديد بين أهداف المنظمتين تطورت اتصالاتهما الرسمية وحضر ممثلون عن منظمة شنغهاي للتعاون اجتماع لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة (آذار/مارس 2003، في نيويورك)، ولقاء حوار الشركاء لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (نيسان/أبريل 2003 في فيينا)، واجتماع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية رفيع المستوى (تموز/يوليو 2003 في نيويورك)، ومؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة الإرهاب والوقاية منه (أيلول/سبتمبر عام 2003 في لشبونة).
ويتضمن جدول أفضليات منظمة شنغهاي للتعاون مسائل أخرى كتوسيع العمل المشترك بين المنظمة وغيرها من المنظمات الدولية. وفي 2/9/2003 أعلن رئيس اللجنة الدائمة لمؤتمر نواب الشعب لعموم الصين و. بانغو، ورئيس مجلس النواب في البرلمان الفيليبيني خوسيه دي فينيسي على الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (АСЕАН) أن تعقد اتفاقية مع منظمة شنغهاي للتعاون لتنسيق الجهود المشتركة لمكافحة الإجرام والإرهاب الدولي. ودعوا زملاءهم من الدول الآسيوية الأخرى إلى الإسراع في إنشاء الجهاز الإقليمي لاتحاد آسيا لمكافحة الإرهاب، وأن يشمل هذا الإتحاد الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا. كما وناقشت الأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون في جلستها الافتتاحية ببكين في كانون ثاني/يناير من عام 2004، والتي حضرها ممثلون عن المنظمات الدولية ودول عديدة وأشار في تلك الجلسة سفير ايرلندا لدى جمهورية الصين الشعبية ديكلان كونولي إلى أن "الاتحاد الأوروبي ينوي إقامة صلات وثيقة مع منظمة شنغهاي للتعاون"، بينما أعلن الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يان كوبيش بأن "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مهتمة جداً في تطوير التعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون" وأن الأساس الذي سيتم الاعتماد عليه هو أن: خمسة من الدول الأعضاء الستة في منظمة شنغهاي للتعاون هم أعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. بينما أشار نائب الأمين العام لرابطة الدول المستقلة أصلان كاجاكوف إلى أن منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة يربطهم الكثير، وأعرب عن إيمانه بأنه "في القريب العاجل ستقوم بين المنظمتين أعمالاً مشتركة ومثمرة".
منظمة شنغهاي للتعاون وتطوير العلاقات الدولية: وقد أبدت المنظمات الدولية والكثير من دول العالم، اهتمامها بالتعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون، وأبدى بعضها الرغبة في الانضمام إلى المنظمة. وفي أيار/مايو عام 2004 وأثناء حديثه مع الصحفيين الصينيين في إطار التحضير لزيارة رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية تشجو جونتشي إلى باكستان صرح الرئيس الباكستاني الجنرال برفيس مشرف بأنه من الممكن أن تسهم باكستان إسهاماً هاماً في إحلال الهدوء في الإقليم من خلال الانضمام إلى هذه المنظمة. وفي 23/4/2004 أعلنت وكالة "إيتار تاس" للأنباء عن أن الهند تقدمت بطلب للانضمام إلى عضوية منظمة شنغهاي للتعاون. وقد صرح وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرغي لافروف، بأن "الهند وجهت مثل هذا الطلب ليس إلى روسيا أو الصين، بل بشكل مباشر إلى المنظمة. وهذا الموضوع سيتم بحثه انطلاقا من المبادئ العامة حيال الدول الراغبة في الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون". وحسب رأي المراقبين، فإن الإطار الممكن للانضمام إلى عضوية منظمة شنغهاي للتعاون واسع جداً ويشمل: الهند، وباكستان، وإيران، ومنغوليا، وكوريا الجنوبية، وتركمانستان.
منظمة شنغهاي للتعاون في معادلة الجغرافيا السياسية: وخلال السنوات الأخيرة تم على الساحة التي خلفها الاتحاد السوفييتي السابق إنشاء عدد غير قليل من التكتلات العسكرية والسياسية، ومنها ذات الطبيعة الاقتصادية مثل (رابطة الدول المستقلة، وغواام، والاتحاد الاقتصادي الآسيوي الأوروبي وغيرها). ولكنها جميعها لم تحقق الآمال التي عقدت عليها. وانطلاقاً من هذه الخلفية نرى أن الجهاز الأكثر حيوية وتبشيراً بمستقبل واعد هو منظمة شنغهاي للتعاون. لأنه لا توجد بين الدول الأعضاء في هذه المنظمة لا نزاعات حدودية ولا صراعات بل على العكس هناك مصالح مشتركة وهامة تجمع بينها، وأن الصين ودول آسيا المركزية تجمعها الجهود المبذولة من قبل كل منها لمكافحة الإرهاب والأخطار التي يمثلها نشاط الانفصاليين المسلحين والمتطرفين. وأن انتشار التطرف الإسلامي نحو الشمال لا يمكن أن لا يقلق روسيا التي تتعرض لضربات الإرهابيين منذ سنوات. وروسيا والصين ودول آسيا المركزية لها مصالح مشتركة كبيرة تتعلق بتوسيع التعاون المشترك المثمر بينها في مجال النقل، خاصة وأنه عبر الحدود المشتركة لتلك الدول تمر طرق مواصلات جديدة تصل المناطق الاقتصادية الشرقية بالمناطق الغربية، وإقليم آسيا والمحيط الهادئ، مع المناطق الأوروبية والمحيط الأطلسي.
والمصالح المشتركة والتعاون الوثيق لا يعنيان أبداً تشكيل تحالف جغرافي سياسي جديد سيوجه ضد بعض الدول أو تحالفات لتلك الدول. وهو ما أشار إليه البيان الختامي لقمة موسكو من أن منظمة شنغهاي للتعاون "قامت من أجل تعزيز التفاهم المتبادل بين الدول الأعضاء، والصداقة وحسن الجوار" ولا تعتبر حلف، أو رابطة منغلقة، وليست موجهة ضد دول بعينها أو مجموعة من الدول". وفي هذا انعكاس مباشر لرأي رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، الذي أعلنه في كلمته خلال القمة المذكورة: من أن " منظمة شنغهاي للتعاون التي تتشكل اليوم يجب أن تؤكد بأنها جهاز للسياسة الدولية، حيث تؤخذ بالاعتبار مصالح كل دولة من الدول الداخلة في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون. وأعتقد أن في هذا نفي لأي تحالف موجه للتنافس الإقليمي". وعبر السكرتير التنفيذي لمنظمة شنغهاي للتعاون تشان ديغوان خلال زيارته لطشقند: عن "أن منظمة شنغهاي للتعاون تعتبر تحالف مسالم ولا تبحث عن المواجهة مع أي جهة كانت". وأشار أيضاً إلى أنه لا يرى أية أسس يمكن الاعتماد عليها للقول بأن منظمة شنغهاي للتعاون والناتو تشكلان جبهتين متواجهتين، خاصة وأن الكفاح المشترك ضد الإرهاب الدولي والتطرف يجمعهما مع بعضهما البعض. ورغم أن بعض المحللين أشاروا إلى أن لكل دولة من الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون علاقاتها الوثيقة والعملية مع الولايات المتحدة الأمريكية، نرى أن أوزبكستان على سبيل المثال ترتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقية شراكة إستراتيجية وهناك علاقات أوثق تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وتعتمد تلك العلاقات على تعاون واسع في المجالات الاقتصادية المفيدة للطرفين. وفي الصين تتركز استثمارات أمريكية ضخمة وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة للصين سوقاً رئيسة لتصريف الكم الهائل من الصادرات الصينية. وقد لوحظ توسع كبير في صادرات مصادر الطاقة من روسيا إلى الأسواق الأمريكية بسبب توتر الأوضاع في الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة ومن حيث المبدأ ينتظر تغير ملحوظ في طبيعة الأوضاع الجغرافية السياسية في وسط آسيا التي تنطلق من خلالها من المواجهة إلى اللحمة المتمثلة بالتعاون الأوسع بين دولها.
المنظمة بعد قمة طشقند: وعقدت الجلسة الدورية لمجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة القرغيزية بشكيك لمتابعة تطبيق الاتفاقيات التي توصلت إليها قمة رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة الذي عقد يوم 17/6/2004 في طشقند، وخلال الجلسة بحث المجتمعون عدداً من المسائل ومن بينها مسألة مستقبل تطوير وتعميق التعاون في إطار المنظمة في المجالات التجارية، والاقتصادية، والاستثمارية، والمواصلات، والمحافظة على الطبيعة، والقضايا الإنسانية وغيرها من المجالات، كما وعبر رؤساء الحكومات عن ارتياحهم للجهود التي تبذلها الوزارات والجهات المختصة في الدول الأعضاء من أجل توثيق العلاقات العملية في إطار المنظمة.
وتنفيذاً لقرارات القمة تلك بدأت بالعمل مجموعات مختصة بالتجارة الإلكترونية، والتعاون الجمركي، وتطبيق معايير التكنولوجيا، ومطابقة المواصفات، وتطوير الترانزيت، وتشجيع الاستثمارات. حيث أقر رؤساء الحكومات خطة للتعاون الاقتصادي والتجاري للدول الأعضاء في المنظمة، ضمت أكثر من مائة مشروعاً مع تبيان طرق تنفيذها، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى حرية تنقل البضاعة ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء، بعد الانتهاء من وضع الأسس القانونية اللازمة لذلك. وأقر رؤساء الحكومات مشروعاً لإقامة صندوقاً للتنمية، ومجلس للعمل، وتأسيس صفحة "الكترونية" للمنظمة في شبكة الانترنيت. وتم الاتفاق على عقد الجلسة القادمة في موسكو خلال النصف الثاني من عام 2005.
قمة أستنه: وجاءت قمة رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة القازاقستانية أستنه إثر الأحداث العاصفة التي أطبقت على قرغيزستان وأدت إلى تنحية رئيسها عسكر أكاييف عن الحكم، وانسحاب أوزبكستان من منظمة غووام، والتهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي في جورجيا من أنه جاء دور وسط آسيا لمواجهة رياح التغيير الديمقراطية، والأحداث الإرهابية التي عصفت بولاية أنديجان الأوزبكستانية والتي لم تزل أصداؤها تتردد حتى الآن إقليمياً ودولياً. ولهذا لم يتردد البيان الختامي لقمة رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون والذي شاركت فيه: جمهورية قازاقستان، وجمهورية الصين الشعبية، وجمهورية قرغيزستان، والفيدرالية الروسية، وجمهورية طاجكستان، وجمهورية أوزبكستان، وانعقد في أستنه بإطار مجلس رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة يوم 5/7/2005 من إعلان: أنه خلال الفترة الماضية ومنذ لقاء قمة رؤساء الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون الذي انعقد في طشقند يوم 17/6/2004، تم إنجاز كل المهام التي حددت من أجل تطوير وتعزيز المنظمة. وأن منظمة شنغهاي للتعاون ماضية بثبات نحو الأمام على طريق توسيع العلاقات المتعددة بين الدول الأعضاء، وتقيم علاقات مع غيرها من الدول والمنظمات الدولية. وأن الجهاز التنفيذي لمنظمة شنغهاي للتعاون الذي بدأ عمله منذ عام 2004 في بكين، والجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب في طشقند قد أصبحا من الأجهزة الفاعلة للمنظمة. وكلف مجلس المنسقين الوطنيين بتجهيز مقترحات من أجل رفع مستوى العمل في المنظمة قبل لقاء القمة القادم عام 2006 على أن تشمل وصفاً وظيفياً للمسؤولين في سكرتارية المنظمة. وتقديم المساعدة للجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب من أجل تنفيذ اتفاقية شنغهاي لمكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية، والمتطرفين، ووافق رؤساء الدول على إحداث منصب الممثلين الدائمين للدول الأعضاء على أساس المبادئ التي بموجبها تعمل السكرتارية الدائمة للدول الأعضاء في المنظمة. وقرر أن تعقد القمة القادمة في موسكو خريف عام 2005 وإنشاء صندوق لتطوير المنظمة. ومتابعة التنسيق والمشاورات في القضايا الدولية. ومنح صفة العضو المراقب في المنظمة لكل من الهند، وباكستان، وإيران، وهي نفس الصفة التي حصلت عليها منغوليا خلال قمة طشقند.
وأكد الرؤساء على ضرورة الالتزام بمبادئ المساواة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، وعدم المواجهة، والانتقال التدريجي نحو ديمقراطية العلاقات الدولية، ودعوة المجتمع الدولي بغض النظر عن التمايز الأيديولوجي والنظم الاجتماعية، لتشكيل مبادئ جديدة للأمن، تعتمد على الثقة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والمساواة والعمل المشترك، والتخلص من المداخل والتقييمات المتطرفة، وتطوير الحوار نحو توفير حقوق كل شعب من شعوب العالم في التطور الخاص به. والمساواة في استقلال كل الدول والوقوف إلى جانب الإصلاحات الجوهرية والضرورية لمنظمة الأمم المتحدة. واعتبر الرؤساء أن مواجهة التهديدات والتحديات الجديدة للأمن الإقليمي والدولي والاستقرار تحتاج إلى توحيد جهود الدول الأعضاء فيها لتأمين الدفاع عن الأراضي، والسكان، والمنشآت الهامة لتأمين الحياة والبنية التحتية للدول الأعضاء من النشاطات المدمرة والتهديدات الجديدة، وخلق الظروف الضرورية من أجل التطور الثابت واجتثاث الفقر، ومواجهة الأعمال الإرهابية، وعدم توفير مأوى للأشخاص المتورطين أو المتهمين في القيام بنشاطات إرهابية، أو انفصالية، أو متطرفة وتسليمهم في حال توفر طلب بذلك من جانب دولة أخرى عضوه في المنظمة وفقاً للقوانين النافذة في الدول الأعضاء. واتخاذ إجراءات بهدف رفع مستوى العمل الإقليمي الموجه ضد الإرهاب، والقضاء على قاعدته المادية، ومكافحة التجارة غير القانونية للأسلحة والذخيرة، والمواد المتفجرة والمخدرات، ومكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية واستخدامها، ومنع استخدام الإرهابيين لمكونات أسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها، ومنع الإرهاب الإعلامي. وطالبوا بتحديد نهاية للاستخدام المؤقت للمواقع والمنشآت العسكرية والبنية التحتية وتواجد القطعات العسكرية الأجنبية على أراضي الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون.
وكان رد الفعل الأوزبكستاني على القرار الأخير أن أصدرت وزارة خارجية جمهورية أوزبكستان نشرة إعلامية بتاريخ 7/7/2005 تدعوا فيها لمناقشة خيارات أخرى لتحديد آفاق تواجد وحدات القوات المسلحة التابعة للولايات المتحدة على الأراضي الأوزبكستانية. وتسديد النفقات المستحقة عليها وتسديد المبالغ التي قام الجانب الأوزبكستاني فعلاً بدفعها لضمان أمن مطار "خان آباد", وتشكيل واستخدام المرافق العامة اللازمة لذلك, والتعويض عن الخسائر التي سببها تلوث البيئة والأوضاع غير المريحة والملائمة للسكان المحليين. وتسديد الأموال المستحقة عن إقلاع وهبوط طائرات الأسطول الجوي التابع للولايات المتحدة الأمريكية في المطار من يوم البدء باستخدامه وحتى الآن. وكان الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف قد تحدث في 5/7/2005 أمام قادة الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون ورؤساء وفود الهند، وإيران، ومنغوليا، وباكستان، وأعضاء الوفود المشاركة في القمة التي جرت في العاصمة القازاقستانية أستنه معبراً عن ارتياحه لتقيد الدول الأعضاء بأهداف ومهام المنظمة، وتنفيذهم لقرارات المؤتمرات السابقة، والدور الذي تضطلع به المنظمة في مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية والتطرف وإنتاج وتهريب المخدرات وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع الدولي. وعبر الرئيس الأوزبكستاني عن أمله بفتح آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والمواصلات والاتصالات واستثمار ثروات المنطقة بين الدول الأعضاء، وأبدى تأييده لطلب قادة الهند وباكستان وإيران للحصول على صفة مراقب في المنظمة، معتبراً أن انضمامهم بالإضافة لمنغوليا التي حصلت على صفة مراقب في المنظمة سابقاً، سيعزز من شخصية المنظمة أمام المجتمع الدولي، وعبر عن عدم ارتياحه للأوضاع غير المستقرة والمتأزمة في آسيا المركزية، معتبراً أن تلك الأوضاع أشبه بغياب الأهداف الإستراتيجية في المنطقة، واعتبر أن ما يجرى في المنطقة حتى الآن هو تحقيقاً لأهداف إستراتيجية طويلة الأمد لجهة معينة تتطلع لإجراء تغييرات لصالحها من النواحي السياسية والاقتصادية وإعادة توزيع القوى في المنطقة. ونبه إلى حقيقة تغيير الوسائل والطرق التي أصبحت متبعة لتهدد الاستقرار في المنطقة، وعن تداخل القوى الانفصالية والمتطرفة والمنظمات الدينية المتطرفة الذين لا يمكن أن تلتقي في ظروف أخرى في صفوف الإرهابيين، ومحاولتها خلق ظروف من "عدم الاستقرار المسيطر عليه من قبل تلك الجهة المعينة" وتفجير الاستقرار السياسي والاجتماعي لفرض نموذجها للتطور، وأضاف أن زراعة المخدرات وتهريبها في المنطقة تعتبر المصدر الأساسي للإرهاب، معتبراً أفغانستان التي وفقاً لمعطيات الأمم المتحدة في طليعة الدول المنتجة والمصدرة لها وعبر عن أسفه لعدم التأثير على تلك الأوضاع رغم الوجود العسكري الأجنبي على أراضيها (أي التواجد العسكري الأمريكي). واعتبر أن ذلك يحتاج لتنسيق المواقف وجهود الدول الأعضاء في المنظمة لمواجهتها. وعبر عن شكره لتضامن قادة روسيا والصين وكل الذين تضامنوا مع الشعب الأوزبكستاني أثناء الأحداث الأليمة التي جرت في أنديجان.
ورافق القمة عقد مؤتمر مائدة مستديرة بمعهد الأبحاث الإستراتيجية والإقليمية التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان في طشقند تحت عنوان " الأوضاع الراهنة والمتطورة في منطقة وسط آسيا ومنظمة "شنغهاي" للتعاون " وشارك فيه أعضاء وفد معهد "شنغهاي" للأبحاث والدراسات الدولية برئاسة مديره فان سياشو. وأشار المشاركون في اللقاء إلى ضرورة تنشيط وتفعيل نشاطات وجهود الدول المشتركة وخاصة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون من اجل مواجهة تهديدات الإرهاب الدولي والتطرف وتهريب وبيع المخدرات التي تشكل خطرا مباشرا على الأمن والاستقرار والسلام للدول ويتطلب العمل المشترك لمواجهته أكثر من التكامل الاقتصادي، وأن الصين تعد من اكبر شركاء أوزبكستان في منطقة آسيا المركزية وأن العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين تتعزز وتتطور في كافة المجالات ومن هنا كان هدف اتفاقية علاقات التعاون المشتركة والشراكة والصداقة التي وقعها الرئيسان الصيني والأوزبكستاني أثناء زيارة الرئيس كريموف للصين في شهر مايو/أيار من عام 2005، وضع أساس قانوني ثابت لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية. والتقى وفد معهد "شنغهاي" للأبحاث والدراسات الدولية بأساتذة وطلاب جامعة الاقتصاد العالمي والدبلوماسية بمدينة طشقند.
قرارات قمة أستنه: وشملت الوثائق التي تم توقيعها أثناء جلسات مجلس قادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون التي عقدت في مدينة أستنه, في الخامس من شهر يوليو 2005: بيان لقادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون؛ وقرار للتعاون بين الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية والتطرف؛ وقرار عن الوضع الخاص للممثلين الدائمين للدول الأعضاء بالمنظمة وفي الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب؛ وقرار بالموافقة على تقرير مجلس الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع للمنظمة " بشأن نشاطات الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب عن عام 2004م؛ وقرار بمنح جمهورية باكستان الإسلامية صفة مراقب في المنظمة؛ وقرار بمنح جمهورية إيران الإسلامية صفة مراقب في المنظمة؛ وقرار بمنح جمهورية الهند صفة مراقب في المنظمة.
ردود الفعل على مبدأ سحب القوات الأمريكية من آسيا المركزية: ولم تتأخر ردود الفعل على نتائج تلك القمة وخاصة قرار تواجد القوات الأجنبية على أراضي بعض الدول الأعضاء في المنظمة عبر محطات التلفزيون الروسية نقلاً عن وكالات الأنباء العالمية وعن صحيفة «واشنطن بوست» وعن مسؤولين في البنتاغون في نهاية تموز/يوليو، وتضمنت خبر إمهال أوزبكستان للولايات المتحدة مدة 180 يوماً لسحب طائراتها وقواتها وتفكيك منشآتها العسكرية من قاعدة خان آباد الجوية بولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان، لمتها وزارة الخارجية الأوزبكية يوم الجمعة 29/7/2005 إلى السفارة الأميركية في العاصمة الأوزبكية طشقند. وأضافت الصحيفة أن هذا القرار سيصعب من بعض المشاكل اللوجستية على القوات الأميركية للقيام بعمليات في أفغانستان. وأضافت أن قاعدة خان آباد الجوية بولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان تستقبل جوا المساعدات الإنسانية التي توزع بعد ذلك عن طريق البر في أفغانستان، وخاصة في منطقة مزار الشريف بشمال أفغانستان وتستخدم القاعدة المعروفة باسم «كاي ـ 2» أيضا لتزويد الطائرات الأميركية بالوقود وتملك مدرجا يكفي طوله لهبوط الطائرات الثقيلة. وفي رد على سؤال لصحيفة «واشنطن بوست» قال الناطق باسم البنتاغون لورانس دي ريتا، أن عمليات الجيش الأميركي أينما كانت في العالم ليست مرهونة بقاعدة واحدة،وأوضح أننا «سنكون قادرين على القيام بعملياتنا كما نريد ومهما جرى لأنها قضية دبلوماسية حاليا». وكانت طشقند قد أعربت مطلع شهر يوليو/ تموز عن نفاد صبرها وشددت على الطابع المؤقت لانتشار القوات الأميركية في هذه القاعدة استناداً للاتفاق الموقع بين البلدين عام 2001. وجاء في بيان وزارة الخارجية الأوزبكية أنه «عندما تم التوقيع على ذلك الاتفاق ودراسة فترة مرابطة القوات هناك كانت الوثيقة تنص على أن منح مطار خان آباد لسلاح الجو الأميركي يتعلق مباشرة بالعمليات العسكرية في شمال أفغانستان»، وتزامنت تلك التصريحات مع تصاعد التوتر مع واشنطن بشأن هذه القاعدة. وقررت أوزبكستان أخيراً الحد من عدد رحلات الطائرات الأميركية المرابطة على أراضيها، وأكدت على أن هذا القرار ليس مرتبطا بالانتقادات التي وجهتها واشنطن لأوزبكستان اثر قمعها الحازم للتمرد الذي قامت به عناصر متطرفة متشددة مسلحة بمدينة أنديجان شرق البلاد. والجدير بالذكر أن واشنطن كانت قد حصلت الثلاثاء 26/7/2005 على موافقة الحكومة القرغيزية حسب مصادر التلفزيون الروسي للاحتفاظ بقاعدة مناس العسكرية في قرغيزستان طالما كان ذلك ضروريا، أثناء الزيارة الرسمية لوزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد لقرغيزستان ولقائه بالمسؤولين فيها، والتي لم يقم خلالها بزيارة أوزبكستان كما كان في السابق. واعتبر هذا القرار انتصارا للدبلوماسية الأمريكية حينه على روسيا والصين اللتان كانتا ترغبان في تحديد مهلة رحيل القوات الأميركية المنتشرة في آسيا المركزية بموجب القرار الذي اتخذته قمة أستنه لرؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون في وقت سابق من هذا العام. في الوقت الذي لم تتطرق فيه وسائل الإعلام الأوزبكية المقروءة والمسموعة والمرئية لهذا الخبر نهائياً، بينما أعلنت محطات التلفزيون الروسية نبأ عن وصول اللاجئين الأوزبك الذين تم نقلهم مؤخراً من قرغيزستان بمساعدة من ممثلي الأمم المتحدة جواً إلى رومانيا التي منحتهم حق اللجوء السياسي على أراضيها. وأخيراً جاء رد فعل وزارة الخارجية الأوزبكية التي أصدرت نشرة إعلامية آخذت فيها بعين الاعتبار النقاش الدائر في وسائل الإعلام وتناول البيان الذي تم تبنيه من قبل قادة الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون أثناء لقائهم في مدينة أستنه وعلى ما تعرضت له الكلمات التي ألقاها حول هذا البيان بعض المحللين والسياسيين للبيان الذي أقر خلال لقاء القمة بشأن ما يتعلق بضرورة أن يقوم الأعضاء المشاركون في التحالف المضاد للإرهاب في أفغانستان بتحديد المواعيد النهائية للاستخدام المؤقت لشبكة الطرق والمواصلات الأرضية وتواجد الوحدات العسكرية على أراضى الدول الأعضاء في منظمة "شنغهاي" للتعاون، وفي إطار مناقشة البيان المذكور، بالإضافة لما ذكر أعلاه أعلنت وزارة خارجية جمهورية أوزبكستان أن الاتفاقية التي وقعت بين حكومتي جمهورية أوزبكستان والولايات المتحدة الأمريكية في 7/10/2001 حول مرور شحنات الترانزيت على أراضيها وحق دخول واستخدام المرافق العامة والمرافق العسكرية في جمهورية أوزبكستان اشترطت.
أولاً: أن يسعي الجانب الأوزبكي كمشارك فعال في التحالف المضاد للإرهاب في أفغانستان إلى تقديم المساهمة الفعالة من أجل وقف التهديد المباشر لحركة "طالبان" وقوى الإرهاب الدولي ضد سلامة ووحدة أراضيها والأمن والاستقرار في أوزبكستان باعتبارها دولة ذات سيادة. ومن هنا كان الهدف الأساسي من وجهة النظر الأوزبكية تقديم مطار "خان آباد" لاستخدامه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بعمليات البحث والإنقاذ والعمليات الخاصة بتقديم المساعدات الإنسانية أثناء شن العمليات العسكرية في الأراضي المتاخمة من أفغانستان.
وثانيا: اشترطت الاتفاقية تقديم مطار "خان آباد" لاستخدامه من قبل القوات الجوية للولايات المتحدة الأمريكية وتوقيع اتفاقية ومناقشة مواعيد تواجد القوات المسلحة الأمريكية في "خان آباد" بشكل مباشر وعدم شن أية عمليات عسكرية في شمال أفغانستان. وأوضح البيان أنه لم يناقش الجانب الأوزبكي أية خيارات أخرى خاصة بآفاق تواجد وحدات القوات المسلحة التابعة للولايات المتحدة على الأراضي الأوزبكستانية.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة عمليا لم تقم بتسديد النفقات المستحقة عليها ولم تسدد المبالغ التي قام الجانب الأوزبكي فعلاً بدفعها لضمان أمن مطار "خان آباد", وتشكيل واستخدام المرافق العامة اللازمة لذلك, ولم تقم بتعويض الخسائر التي سببها تلوث البيئة والأوضاع غير المريحة والملائمة للسكان المحليين. وكما لم تقم بتسديد أية أموال عن إقلاع وهبوط طائرات الأسطول الجوي التابع للولايات المتحدة في المطار من يوم البدء في استخدامه وحتى الآن. ولهذا اعتقدت وزارة خارجية أوزبكستان أن هذه الأسباب مبدئياً يجب أن تكون أساسا لمناقشة آفاق تواجد وحدات القوات المسلحة الأمريكية في مطار "خان آباد". وهو ما يمكن فهمه بأن المطروح من الجانب الأوزبكي في الوقت الحاضر لا يعني بشكل من الأشكال خروج تلك القوات من مطار خان آباد، وإنما تسوية الأوضاع القائمة بين البلدين وتنفيذ قرار قمة شنغهاي للتعاون الذي يطالب بتحديد مدة تواجد تلك القوات لا أكثر ولا أقل.
المراجع المستخدمة في الدراسة:
1. أرشيف وزارة الخارجية الأوزبكستانية؛
2. برامج محطات التلفزيون الناطقة باللغة الروسية؛
3. موقع أرشيف وزارة الخارجية الروسية على شبكة الانترنيت؛
4. موقع وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" على شبكة الانترنيت؛
5. موقع وكالة الأنباء الروسية "إتار تاس" على شبكة الانترنيت ؛
6. موقع وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" على شبكة الانترنيت ؛
7. موقع المركز الإعلامي الإلكتروني الصيني على شبكة الانترنيت ؛
8. موقع وكالة الأنباء الأوزبكستانية "أوزا" على شبكة الانترنيت ؛
9. موقع وكالة الأنباء الأوزبكستانية "جهان" على شبكة الانترنيت؛
10. صحيفة "نارودنويه صلوفا" لأعوام 2001 – 2005.
11. صحيفة "برافدا فاستوكا" لأعوام 2001 – 2005.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق