تحديات العولمة وتكامل الإعلام العربي
مع المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً
كتبه أ. د. محمد البخاري:
مستشار رئيس جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية في العلاقات الدولية، عضو هيئة
التدريس بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانونية في كلية العلاقات
الدولية والاقتصاد. بتاريخ 30/8/2001.
مخطط البحث: مفهوم المجتمع
المعلوماتي؛ خطوات الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي؛ مصاعب الانتقال إلى المجتمع
المعلوماتي؛ ضرورة وضع ضوابط وخطط شاملة للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي؛ تطوير
البنى التحتية اللازمة للمجتمع المعلوماتي؛ العولمة والمجتمع المعلوماتي؛ حتمية
الثورة الاتصالية والمعلوماتية؛ تطور تكنولوجيا ووسائل الاتصال كقاعدة أساسية
لتطور المجتمع؛ الانتقال بالحاسب الآلي الإلكتروني الشخصي إلى شبكات الاتصال
المفتوحة؛ التقنيات الرقمية؛ خصائص المجتمع المعلوماتي؛ شبكة الانترنيت العالمية
والمجال الإعلامي للدول النامية؛ مشاكل تشكل المجتمع المعلوماتي في الدول النامية؛
شروط بناء المجتمع المعلوماتي؛ مشكلة الإدارة والتحكم بسيل المعلومات؛ المجتمع
المعلوماتي في الدول العربية؛ مراجع البحث.
موضوع العولمة والمجتمع
الإعلامي أصبحا الشغل الشاغل للباحثين في العالم، بعد أن أصبح الحاسب الآلي
الإلكتروني الشخصي المرتبط اليوم بشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية،
يخزن وينقل وينشر المعرفة بكل أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية، ليحدث بذلك
ثورة حقيقية داخل الأنظمة الإعلامية التقليدية، وأنظمة تراكم المعلومات
واستعادتها. ويساهم في تطوير عملية نقل المعرفة التقليدية داخل المجتمعات، بعد أن
انتقلت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية لاستخدام تقنيات الأنظمة
المعلوماتية الإلكترونية الحديثة في مجالات العلوم والبحث العلمي والتعليم، إلى
جانب فروع الأنشطة الإنسانية المختلفة. مما وفر فرصة كبيرة لرفع مستوى الأداء
العلمي والمعرفي وأفسح المجال أمام عملية الحصول على المعارف المختلفة ودمجها
وإعادة نشرها، وتسهيل استخدامها في عملية تفاعل دائمة لا تتوقف.
وأصبح هذا الواقع الجديد
بديلاً للطرق الإعلامية التقليدية، وبمثابة التحول من المألوف في أساليب وطرق
التعليم والإعداد المهني والمسلكي المتبعة حتى الآن في بعض الدول الأقل حظاً في
العالم، إلى أساليب أكثر تطوراً وأكثر فاعلية من ذي قبل. وارتبط هذا التحول بظاهرة
العولمة والتكامل المتنامية في النشاطات الإعلامية الضرورية واللازمة لتطور
الثقافة والعلوم والتعليم والبحث العلمي، في إطار ما أصبح يعرف اليوم بالمجتمع
المعلوماتي.
ومفهوم المجتمع المعلوماتي
يعني حسب رأي العديدين من الباحثين في شؤون الإعلام والاتصال، أنه: المجتمع الذي
تتاح فيه لكل فرد فرصة الحصول على معلومات موثقة من أي شكل ولون ومذهب واتجاه
للمعرفة من أي دولة من دول العالم دون استثناء، عبر شبكات المعلومات الدولية، بغض
النظر عن البعد الجغرافي، وبأقصى سرعة، وفي الوقت المناسب للمشارك في عملية
التبادل الإعلامي؛ والمجتمع الذي تتحقق فيه إمكانية الاتصال الفوري والكامل بين أي
عضو من أعضاء المجتمع، وأي عضو آخر من المجتمع نفسه أو من المجتمعات الأخرى، أو
مع، أو بين مجموعات محددة من السكان، أو مع المؤسسات والأجهزة الحكومية، أو
العامة، أو الخاصة بغض النظر عن مكان وجود القائمين بعملية الاتصال والتبادل
الإعلامي داخل الكرة الأرضية أو حتى خارجها في محطات الفضاء الكوني؛ والمجتمع الذي
تتكامل فيه نشاطات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية، وتتسع فيه
إمكانيات جمع وحفظ وإعداد ونشر المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية، من خلال
التكامل مع شبكات الاتصال والمعلومات الإلكترونية الرقمية الدولية دائمة التطور
والنمو والاتساع. والتي تشكل بالنتيجة وسط إعلامي مرئي ومسموع ينشر معلوماته عبر
قنواته التي تشمل حتى وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية من خلال شبكات
الاتصال والمعلومات المحلية والإقليمية والدولية؛ والمجتمع الذي تختفي معه الحدود
الجغرافية والسياسية للدول التي تخترقها شبكات الاتصال والمعلوماتية، وهو الاختراق
الذي يشكل تهديداً مباشراً وخطيراً لأمن وقوانين الدول وللأعراف والتقاليد داخل
المجتمعات المختلفة، وخاصة في الدول الأقل حظاً من التطور والدول النامية بشكل عام.[1]
وخطوات الانتقال إلى
المجتمع المعلوماتي التي تقوم الكثير من دول العالم المتقدم فعلياً في الوقت
الحاضر بإعداد أو تعد برامج خاصة لدخوله، وتتخذ العديد من الخطوات الجدية والعملية
من أجل تحقيق مثل تلك البرامج في الواقع العملي. وتنتظر تلك الدول من تطبيق تلك
البرامج الوصول إلى الأهداف التالية: رفع مستوى التكامل والحوار بين الهياكل
الحكومية، والصناعية، ورجال الأعمال، والأفراد في المجتمع، بهدف تحقيق الاستخدام
الأقصى لإمكانيات تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة من أجل تطوير المجتمع اقتصادياً
وتحقيق فرص العمل لكل الشرائح السكانية؛ وتحديث وتوسيع وتقوية البنية التحتية
لوسائل الاتصال والإعلام التقليدية ورفع مستوى فاعلية أدائها الوظيفي؛ والدفاع عن
مصالح المجتمع، وحقوق الأفراد أثناء استخدام تكنولوجيا تخزين ونقل المعلومات؛
وحماية موارد المعلومات المتوفرة في شبكات المعلوماتية؛ وتوسيع إمكانيات استخدام
تكنولوجيا الاتصال والإعلام في كافة المجالات العلمية والتطبيقية للاقتصاد الوطني؛
وتشجيع وتعميم استخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام وتعميم أساليب المعلوماتية الحديثة
في الأجهزة الحكومية، قبل غيرها بغية تأمين حقوق المواطنين في تبادل المعلومات
والحصول عليها من تلك الأجهزة؛ وتعميم استخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام على
جميع الأنشطة الإنسانية، مثل: العمل، والمواصلات، وحماية البيئة، والصحة وغيرها من
الأنشطة الإنسانية التي تهم المجتمع بأسره؛ وتوفير إمكانيات المنافسة الحرة
والشريفة في إطار المجتمع المعلوماتي؛ وتحسين ظروف وصول وتداول المعلومات
التكنولوجية والتقنية والبيئية والاقتصادية والعلمية وغيرها من الموارد
المعلوماتية عبر شبكات الاتصال والإعلام؛ وتطوير البحوث العلمية والبحوث التمهيدية
في مجال تطوير تكنولوجيا وتقنيات الاتصال والإعلام؛ وتنسيق الجهود الوطنية
والقومية والدولية أثناء وضع سياسة الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي بما يضمن
تحقيق المصالح الوطنية من التعاون الدولي والاعتماد المتبادل بين الدول والأمن
الإعلامي الوطني والدولي.[2]
ومصاعب الانتقال إلى
المجتمع المعلوماتي برأيينا تتطلب إعداد نظم الاتصال الكفيلة بتوفير الموارد
المعلوماتية الضرورية لتطور العلوم النظرية والتطبيقية في ظروف إصلاح النظم
الإعلامية القائمة والتطور الاقتصادي وتحتم على تلك الدول أن يكون التصدي لهذه
المشكلة من المهام الأساسية للسياسة الحكومية وواجباتها لتلبية احتياجات نمو وتطور
الاقتصاد الوطني. سيما وأن العنصر الرئيسي اللازم للأبحاث العلمية والاستفادة
العملية من نتائجها، يبقى مرتبطاً بالكامل بأشكال وأساليب توفير المعلومات
والحقائق العلمية الحديثة والمتطورة. أخذين بعين الاعتبار أهمية مؤشرات ونوعية
الموارد المعلوماتية المتاحة لكوادر البحث العلمي في أي بلد من بلدان العالم. لأن
أي قصور في تأمين حاجة الباحثين العلميين من المعلومات الضرورية لمواضيع أبحاثهم
العلمية سيؤدي حتماً ومن دون أدنى شك إلى تأخير تطور البحث العلمي، وبالتالي إلى
تخلف حركة التطور العلمي والاقتصادي والثقافي والمعرفي في جميع فروع الاقتصاد
الوطني.
وهنا تبرز ضرورة وضع ضوابط
وخطط شاملة للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي في الدول التي هي في دور التأهب
لدخوله، والتي تتطلب إقامة نظام متكامل للموارد المعلوماتية وتوزيعها، وهذا يعني
إقامة نظام من شبكات الاتصال الإلكترونية التي تعتمد على تكامل عمل الحاسبات
الآلية الشخصية، وتستخدم مقاييس معينة متفق عليها لإدخال واسترجاع المعلومات بشكل
مدروس وممنهج، وإعادة توزيع تلك المعلومات على المستخدمين محلياً وإقليمياً
وعالمياً. ومشروع كهذا يمكن أن يبدأ في إطار شبكة المؤسسات الحكومية التي يمكن أن
تتكامل مع شبكات الموارد المعلوماتية وبنوك المعلومات الأخرى الكبرى داخل الدولة،
وداخل دول الجوار الإقليمي، والشبكات العالمية، آخذين بعين الاعتبار مصالح الأمن
القومي والمصالح العليا للدولة في إطار هذا التكامل، والذي يمكن أن يأخذ الشكل
التالي: الشبكات الإلكترونية المرتبطة بوزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية الخاصة
والعامة، أي المشروع الوطني لبنوك المعلومات؛ والشبكات الإلكترونية العلمية
للمكتبات ومراكز المعلومات التابعة لمؤسسات التعليم المتوسط والعالي ومراكز البحث
العلمي. والتي بدورها يمكن أن تتكامل مع شبكات المعلومات الإلكترونية الإقليمية
والدولية. والإنفاق على مثل تلك الشبكات يمكن توفيره من خلال التعاون المشترك
وتضافر الإسهامات المالية المحلية والإقليمية والدولية للمعنيين بتنظيم تراكم
ومعالجة وتداول تلك المعلومات.
والأهم من كل ذلك أن تنظيم
البنية التحتية الأساسية للموارد المعلوماتية العلمية الوطنية، وتنظيم تكاملها
الشبكي مع الموارد المعلوماتية الإقليمية والدولية لابد وأن يمر عبر قاعدة قانونية
دقيقة تشمل حمايتها عن طريق تنظيم: الضوابط القانونية للملكية الخاصة، وحقوق الملكية
الفكرية المشتركة، التي تصبح في ظلها أية مادة إعلامية أو أي مصنف معلوماتي
إلكتروني في الظروف التقنية الحديثة سهل التداول والسحب والنسخ؛ والوضع القانوني
للإصدارات الإعلامية الإلكترونية ونشرها؛ والضوابط القانونية لضمان عدم مخالفة
مضمون المصنفات الإعلامية الإلكترونية للقوانين النافذة؛ والوضع القانوني للقائمين
على تقديم وتقييم الخدمات الإعلامية عبر شبكات المعلومات الإلكترونية المسموعة
والمرئية؛ والأوضاع القانونية والمالية لموزعي المعلومات، وخاصة منها المؤسسات
الممولة من ميزانية الدولة أو من المؤسسات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية؛
وفاعلية الرقابة على تنفيذ مشاريع تنظيم البنية التحتية للموارد الإعلامية العلمية
الوطنية، وتكاملها الشبكي الإقليمي والدولي؛ وضوابط الوصول للمعلومات الإلكترونية
عن نتائج الأبحاث العلمية الوطنية، وشروط الاستفادة من تلك النتائج خدمة للأوساط
العلمية المحلية والإقليمية والدولية.
وتطوير البنى التحتية
اللازمة للمجتمع المعلوماتي هو رهن بالسياسات الحكومية الرسمية، خاصة وأن عملية
بناء المجتمع المعلوماتي هي عملية متكاملة، تحتاج لتكثيف جهود الجميع، ومختلف
الاتجاهات العلمية. بعد أن طغت الثورة المعلوماتية اليوم على حياة الناس وغيرت من
طبيعة حياتهم اليومية، ومست حتى علاقة الفرد بذاته. وهي عكس الثورات التكنولوجية
السابقة التي انطلقت من المادة والطاقة، لأنها جاءت بتغييرات جذرية جديدة نعيشها
اليوم وتعرضت لمفاهيمنا عن الزمان، والمكان، والأفق، والمسافة، والمعرفة.[3]
والعولمة والمجتمع
المعلوماتي هما نتاجاً واقعياً لتطور وسائل وتقنيات وتكنولوجيا المعلوماتية
والإعلام والاتصال والاستشعار عن بعد، ووسائل نقل وتخزين والتعامل مع المعلومات
واسترجاعها. الأمر الذي سمح في نفس الوقت بإحداث نقلة نوعية وتغيير في الأدوار
التي أصبحت تؤديه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية في المجتمع بعد
حلول عصر العولمة الإعلامية، وانتقالها من دور تقديم الخدمات الإعلامية للمجتمع،
إلى دور المشارك الفعال في الشبكة الكثيفة متعددة الأطراف التي تشبه اليوم إلى حد
ما نسيج خيوط العنكبوت، يتصل من خلالها ويتفاعل مع غيره عبر اتصال كثيف وتبادل
معلوماتي مباشر ملايين البشر على الكرة الأرضية، دون عوائق أو قيود تذكر، في مجتمع
أصبح يطلق عليه تسمية "المجتمع المعلوماتي" المتشابك بواسطة شبكات
الحاسبات الآلية الشخصية المنتشرة في كل أرجاء العالم. والتي في ظل المجتمع
المعلوماتي يجب أن تكون الأرضية التي ينطلق منها لتحقيق تطور هادف في وعي وحياة
الإنسان، وتدعم مواقف جميع الشرائح الاجتماعية بكل اتجاهاتها مما يزيد من لحمتها،
وإسهامها في تطوير المجتمع المعلوماتي بحد ذاته.[4]
وحتمية الثورة الاتصالية
والمعلوماتية التي تعمل اليوم على تغيير معالم العالم بسرعة هائلة، وحتمية هذه
التغييرات تجعلها في وضع لا مفر منه وشاملة، وتزداد سرعتها بشكل دائم ومضطرد ودون
توقف. وتختلف نتائجها الاقتصادية، لأنها تجلب معها فوائد ليست أقل أهمية وفاعلية
ومؤثرة على القيم الإنسانية من فوائد الثورات الإنسانية السابقة في مختلف دول
العالم ومن بينها الدول الأقل نمواً والنامية أيضاً. حتى أصبح مصطلح
"المعلوماتية" يملك وقعاً سحرياً بالفعل، بعد أن أصبحت تكنولوجيا
المعلوماتية والاتصال والإعلام الحديثة اليوم القوة المحركة الحقيقية والمتحكمة
بالاقتصاد العالمي والتقدم التكنولوجي والعلمي في العالم بأسره، وأصبحت مصدراً
هاماً لمضاعفة المعارف والقيم الروحية الجديدة لدى الإنسان، خاصة بعد توسع وانتشار
مجالات استخدام المنجزات العلمية والتكنولوجية للقرن العشرين.[5]
وتطور تكنولوجيا ووسائل
الاتصال كقاعدة أساسية لتطور المجتمع منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى أصبحت فيه
أجهزة الحاسب الآلي الشخصية اليوم في بعض الدول تلعب دوراً هاماً وحاسماً بعد أن
أصبحت الحاسبات الآلية الإلكترونية الشخصية تنتج وتباع بشكل شعبي في الدول المتطورة.
إذ بلغ عدد الحاسبات الآلية
الإلكترونية المستخدمة في العالم حتى عام 1960 حوالي السبعة آلاف جهاز. ولكن
المنعطف التاريخي الكبير في استخدام الحاسبات الإلكترونية الآلية حدث في عام 1993
عندما تجاوز وللمرة الأولى حجم إنتاج الحاسبات الإلكترونية الآلية الشخصية، حجم
إنتاج السيارات الخفيفة حيث بلغ 35,4 مليون جهاز، وارتفع حجم الإنتاج بعد عام واحد
بمعدل 27 % ووصل إلى 48 مليون جهاز، وحتى عام 1995 ارتفع مرة أخرى بمعدل 25 % ووصل
إلى 60 مليون جهاز تقريباً. لتصبح أجهزة الحاسب الآلي الشخصية اليوم في بعض الدول
المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية تنتج وتباع أكثر من أجهزة استقبال الإذاعة
المرئية وهو ما يؤكد ظاهرة انتشار أجهزة الحاسبات الإلكترونية الآلية شعبياً في
الدول المتطورة.[6]
وعملية الانتقال بالحاسب
الآلي الإلكتروني الشخصي إلى شبكات الاتصال المفتوحة حدثت خلال العقود الأخيرة من
القرن العشرين، حيث جرت تغييرات جوهرية في تكنولوجيا الحاسبات الإلكترونية الآلية،
التي بدلت النظرة السائدة من استخدامها. لتصبح نظم الحاسب الآلي حتى عام 1994
نظماً مفتوحة على بعضها البعض، ولتصبح نظم إدارة المعلومات، ونظم معالجة النصوص،
ونظم إدارة وتمرير المعلومات، وحتى تقنيات نقل الصور المتحركة، تستخدم كوسيلة
عادية داخل آليات العمل في المؤسسات الحكومية والشركات والمؤسسات العامة والخاصة،
وكوسيلة من وسائل نظم الإدارة والتنسيق والسيطرة والتوجيه والمتابعة فيها. وما أن
حل عام 1995، حتى تبدل الوضع من جديد وأصبحت نظم الحاسب الآلي الإلكترونية
المنفتحة تتغير بسرعة، ولتشمل مختلف دول العالم المتقدمة والنامية على السواء،
ولكن بوتائر وبأشكال ومستويات مختلفة طبعاً. وأصبح الاتجاه العام للتطور يتجه بذلك
نحو الدمج والتوحيد، وخاصة بعد أن تم الاعتراف دولياً بشبكة المعلومات الدولية
"الانترنيت"،[7]
وهكذا أصبحت التقنيات
الرقمية بالتدريج البديل للتقنيات التقليدية، والتي من حقائقها الهامة: أن الصحف
أخذت بتجميع وتنضيد وإخراجها صفحاتها على الحاسبات الإلكترونية الآلية أو ما يعرف
بالتنضيد الضوئي، بدلاً عن طرق صف الحروف والطرق التقليدية الأخرى. وأصبحت النسخة
الإلكترونية الجاهزة تنقل إلى أي مكان من العالم عبر شبكة الانترنيت العالمية ليتم
طبعها في أماكن عدة متفرقة من العالم في آن معاً؛ وأصبحت برامج الإذاعتين المسموعة
والمرئية تنقل عبر ترددات إذاعية رقمية تزيد من إمكانيات انتشارها ووصولها
للمستهدف من عملية الاتصال أينما كان بصفاء ووضوح تام. وهي البرامج نفسها التي
يمكن سماعها ومشاهدتها عبر أجهزة الحاسب الآلي الإلكتروني الشخصي، الموصولة بشبكة
المعلومات الدولية "الانترنيت". مما جعل من تلك العملية سهلة جداً
وميسرة، تؤمن تواصل كل وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية مع بعضها البعض وفي نفس
الوقت مع الساحة الإعلامية الواسعة جداً، بما يوحي بتوحيد خدمات وسائل الإعلام
والاتصال الجماهيرية التقليدية، واتصالها واندماجها مع بعضها البعض، ليس عير شاشات
الحاسب الآلي الشخصي وحسب، بل وعبر شاشة التلفزيون أيضاً.
وكل هذا تحقق في ظل المجتمع
المعلوماتي الذي من خصائصه أنه: مجتمع من شكل جديد، تشكل في الدول المتقدمة نتيجة
للعولمة والثورات العلمية والمعلوماتية والتقنية والاقتصادية والثقافية
والاجتماعية، التي نتجت عن التطور الهائل لتكنولوجيا وتقنيات وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية؛ ومجتمع المعرفة، الذي يتحقق فيه لكل إنسان وفي أية دولة من
دول العالم الرفاهية والتقدم والنجاح عن طريق الوصول الحر للمعلومات التي يحتاجها
دون أية حواجز أو معيقات. وكل ما يحتاجه الإنسان هنا هو إتقان مهارات استخدام
وسائط ووسائل الاتصال بشبكات المعلومات الوطنية والإقليمية والدولية والتعامل مع
المعلومات التي تتيحها له تلك الشبكات؛ ومجتمع العولمة الإعلامية، الذي لا يوجد
فيه ما يعيق تبادل المعلومات بين الأفراد والمجتمعات ودول، من وقت ومساحة، وحدود
سياسية؛ وهو المجتمع الذي تتحول فيه المعلومات تدريجياً إلى وسيلة من وسائل
التكامل المتبادل للثقافات المختلفة، ولا يعيق من جانب آخر خلق الإمكانيات الجديدة
للتطور الذاتي لكل مجتمع بحد ذاته.[8]
وأصبح المجتمع المعلوماتي
يوفر المعلومات الكاملة ويضعها في متناول الجميع، للاعتماد عليها عند إجراء
الدراسات التحليلية والعلمية التي لابد وأن تساعد على اتخاذ قرارات صحيحة وموزونة
عند وضع السياسات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، ولتوجيه النشاطات
الإنتاجية نحو رفعة وتقدم ورفاهية الأمم والشعوب المختلفة.[9]
ومن هذه النظرة التفاؤلية نرى أن المجتمع المعلوماتي قد يحمل في طياته إمكانيات
كبيرة، تتيح فرصة ترشيد بناء الدولة القومية والمجتمع القومي، وتتيح الظروف المثلى
لاستخدام الموارد والمقدرات المحلية، وتوظيفها عملياً في خدمة كل ما يساعد على رفع
فاعلية ووتائر الإنتاج. وهذا على ما نعتقد لا يمكن أن يتم دون تطوير البنى التحتية
للخدمات العامة، وتطوير التعليم الوظيفي بما يتلاءم واحتياجات المجتمع المعلوماتي
الآخذ بالتوسع والانتشار، ومن أجل الوصول بالاقتصاد إلى مرحلة الاستثمار الأمثل
للموارد الطبيعية، وحماية البيئة والمحافظة عليها سليمة معافاة للأجيال القادمة.
والانتقال عبر مراحل التطور المتعاقبة بشكل سليم يضمن حماية الأمن القومي والمصالح
الوطنية العليا.
ولكن موضوع شبكة الانترنيت
العالمية والمجال الإعلامي للدول النامية يقف وجهاً لوجه اليوم أمام تحديات
المجتمع المعلوماتي الآخذ بالتطور والتوسع والثبات في دول العالم المتقدم، والتأخر
عنه في الدول النامية يزيد من هوة التخلف عن الركب الحضاري الإنساني سريع التطور،
إن لم تتخذ حكومات تلك الدول إجراءات عاجلة تؤدي إلى تحقيق نقلة نوعية في البنى
التحتية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية فيها. عن طريق إقامة البنية
التحتية الأساسية الحديثة لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وإعداد الأجيال الناشئة
وتمكينها من استخدام تقنيات وتكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية الحديثة التي تكفل
دخولها المتكافئ إلى المجتمع المعلوماتي الدولي الذي تفرضه العولمة وتجعله حتمياً
لا مفر منه.
ومشاكل تشكل المجتمع
المعلوماتي في الدول النامية أصبحت تهدد أمن وسلامة المجتمع والبيئة في الدول
الأقل تطوراً والنامية على السواء، وأصبحت تهدد بانتشار البطالة وتقليص فرص العمل
التقليدية المتوفرة عالمياً. وهو وضع أشبه ما يكون بالوضع الذي رافق الثورة
الصناعية في الدول الأوروبية المتقدمة. [10]
وللخروج من المأزق لابد للدول النامية من تحقيق شروط بناء المجتمع المعلوماتي التي
تتلخص في: تشكيل ساحة معلوماتية عالمية موحدة. وتعميق عمليات التكامل الإعلامي
والاقتصادي للأقاليم والدول والشعوب؛ وإنشاء القاعدة المادية المعتمدة على منجزات
التكنولوجية الحديثة، ومنها تكنولوجيا المعلومات، وشبكات الحاسب الآلي، وشبكات
الاتصال المسموعة والمرئية عبر الأقمار الصناعية، ووضعها في خدمة الاقتصاد الوطني،
الذي لا بد وأن يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلوماتية وإمكانياتها الواعدة؛
وإنشاء سوق المعلومات واعتباره أحد عوامل الإنتاج مثله مثل الموارد الطبيعية، وقوة
العمل، ورأس المال، لأن الموارد المعلوماتية هي من موارد التطور الاجتماعي
والاقتصادي والثقافي، والعمل على تلبية الحاجات الاستهلاكية للمجتمع من المنتجات
والخدمات الإعلامية؛ وتطوير البنية التحتية للاتصالات المسموعة والمرئية،
والمواصلات، وتنظيمها؛ ورفع مستوى التعليم بمستوياته وتخصصاته المختلفة، وتطوير
العلوم والتكنولوجيا والثقافة من خلال توسيع إمكانيات نظم تبادل المعلومات على
المستوى القومي والإقليمي والعالمي، ورفع مستوى الكفاءة المهنية وتشجيع المواهب
الإبداعية؛ وتوفير سبل حماية الأمن الإعلامي للفرد، والمجتمع، والدولة؛ ووضع السبل
الكفيلة باحترام وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة في حرية الوصول
والحصول على المعلومات وتوزيعها كشرط من شروط التطور الديمقراطي.[11]
ولكن هناك مشكلة الإدارة
والتحكم بسيل المعلومات المتدفق إلى داخل المجتمع المعلوماتي، الذي من المفترض أن
يكون مفتوحاً وحراً ولا يتعرض لأية حواجز أو عوائق. لأن أسلوب التحكم من الأعلى
إلى الأسفل لا يصلح للمجتمع المعلوماتي الديمقراطي. ولأنه من المستحيل فيه تعميم
المعلومات من خلال مركز واحد، لأن شبكات المعلوماتية الإلكترونية هي شبكات منفتحة
ومتعددة الأطراف.
وآفاق المجتمع المعلوماتي
للدول العربية لابد وأن تساهم بشكل فعال في عملية التفاعل المشترك بين وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية العربية كقناة لتوصيل المعلومات، والساحة
الإعلامية التي تشكل السوق الاستهلاكية الكبيرة للموارد الإعلامية التي تتيحها تلك
الوسائل عبر شبكات الحاسب الآلي الآخذة في الانتشار يوماً بعد يوم. لأنه في ظروف
الدول العربية التي تملك ساحة إعلامية ضخمة تمتد من الخليج إلى المحيط لابد من
تطوير وتحسين قنوات اتصالها عبر شبكة الانترنيت العالمية، وتطوير البدائل اللغوية
لمواردها الإعلامية لجعلها في متناول أكبر ساحة ممكنة من الساحة الإعلامية
العالمية وبلغاتها القومية، أخذاً وعطاءً، ولتوضيح وجهة النظر العربية من القضايا
الراهنة للعالم أجمع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مشكلة الضرائب التي تفرضها
الدول المتقدمة (المستهلكة) على النفط ومنتجاته وآثارها السلبية على دول الخليج
العربية المنتجة للنفط.[12]
والحفاظ في نفس الوقت على
أمن وسلامة الساحة الإعلامية العربية وتطويرها بما يكفل الحوار الثقافي متعدد
الأطراف، ويضمن انتقال المعلومات العلمية والتقنية المتطورة من العالم المتقدم إلى
المستخدم العربي ليساهم بدوره في عملية تطوير المجتمع العربي اقتصادياً وعلمياً
وثقافياً واجتماعياً. ويضمن للعرب وجوداً أكثر فاعلية على الساحة الإعلامية
الدولية، وليكون له تأثيراً أكبر على الرأي العام العالمي الذي هو اليوم أسيرا
وحكراً للإعلام الصهيوني الذي يتحكم به.
وهي الصورة التي أوضحها
بعفوية وصدق البابا شنودة، بابا الأقباط في مصر، وهو الإنسان غير المتخصص بتقنيات
وتكنولوجيا وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، في واحدة من مقابلاته الصحفية،
عندما قال: أن "اليهود ... لم يرجعوا إلى الأراضي المقدسة بوعد من الله وإنما
رجعوا بوعد من بلفور ... فعلى الرغم من أن اليهود أعداء للعالم كله فإنهم يخططون
بطريقة خطيرة ومدروسة منذ زمن طويل، فرغم قلتهم استطاعوا أخذ وعد بلفور، ثم دخول
الأراضي الفلسطينية تحت الوصاية البريطانية، وفي هذا الوقت كان العرب يشجبون
ويدينون، وهم استطاعوا أن يتغلغلوا داخل الإعلام الأمريكي والأوروبي، وكذلك داخل
السياسة والاقتصاد حتى جاء وقت كان عمدة نيويورك يهودياً، فهم ناس يخططون ويصلون
إلى تنفيذ ما يخططون له، ونحن نزعق ونشجب ولا نعمل، والمفروض أن يوجد
"لوبي" عربي في البلاد الأوروبية وفي أمريكا ينشط منها ويكون له نشاط
سياسي مثلما فعل اليهود .. ثم لماذا لا يقوم العرب بما لديهم من أموال ضخمة وبترول
بإنشاء إذاعة مرئية ومسموعة خاصة بهم في أوروبا وأمريكا تنطق بلغاتهم وليس بلغتنا
وكذلك صحف تتحدث باللغات الأجنبية تدخل البلاد الأجنبية وتؤثر عليهم وعلى
سياستهم".[13]
وأعتقد أن ما قاله البابا شنودة واضح كل الوضوح ولا يحتاج لأي شرح أو تعليق.
وأخيراً فإنه هناك دور
حقيقي ومهم ينبغي على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية أن تقوم به
مجتمعة على المستوى الاقتصادي، والسياسي، والثقافي، والعلمي القومي استمراراً
لدورها الرائد والطليعي في خدمة القضايا القومية والدفاع عن القيم الديمقراطية
والحريات العامة وحقوق الأمة العربية في إطار المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً.
ومنها أن تخوض وسائل الاتصال والإعلام العربية التقليدية والحديثة على السواء،
المعركة الإعلامية الدولية بهدف توضيح الحقائق الأساسية الناتجة عن أزمات النفط
وأسعاره التي تسببها الاحتكارات والدول المتقدمة المستهلكة للنفط والتي تخلق مشاكل
كثيرة للدول المنتجة للنفط وخاصة دول الخليج العربية التي يعتمد اقتصادها وخططها
التنموية أساساً على الموارد النفطية. والصراعات الحدودية مع دول الجوار الإقليمي
التي خلفها الاستعمار الأوروبي وتغذيها وتؤججها بعض القوى الخارجية التي لها مصلحة
في إبقاء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة العربية. والصراع التاريخي والظلم الذي
لحق بالشعب الفلسطيني، وفضح ممارسات العدوان الإسرائيلي المستمر والمتعاظم ضد
الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بشكل عام، جنباً إلى جنب مع خوض المعركة للمطالبة
بالتطبيق الكامل لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي،
ومناهضة التطبيع الاقتصادي والمهني والسياسي مع إسرائيل قبل اعترافها وإعادتها
للحقوق العربية المغتصبة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. ومن أجل هذا نقول أنه
لابد من إعداد الكوادر غير التقليدية المتخصصة والمدربة بشكل جيد للقيام بهذه
المهمة على الصعيد الدولي، وتمكينها من التأثير على الرأي العام ليس المحلي فقط،
بل والرأي العام العالمي في كل أرجاء العالم بما فيه التأثير الإيجابي على الرأي
العام الإسرائيلي والمؤيد لإسرائيل. من خلال توضيح أهداف ومرامي الخيار
الاستراتيجي للعرب الذين اختاروا هدف السلام العادل والحل السلمي للصراع المحتدم
منذ أكثر من نصف قرن مضى.[14]
وضرورة نشر الوعي في
الأوساط الإعلامية العربية، بمتطلبات النهضة العلمية والتقنية لوسائل الاتصال
والإعلام الحديثة بدرجة أكبر تتفق ومتطلبات الثورة الإعلامية والعولمة والمجتمع
المعلوماتي، ولتشجيع المؤسسات الصحفية على تنويع أنشطتها، وقيام المؤسسات الصغيرة
بأنشطة تعاونية مشتركة فيما بينها، وحثها على الاندماج والتركز في مؤسسات أو
اتحادات إعلامية قوية، ولتكوين هياكل أكبر عندما يكون ذلك مناسباً، لأن الاندماج
والتركيز حتمياً لبقائها واستمرارها وازدهارها في عصر العولمة والمجتمع
المعلوماتي، ولعل في خبرة وأنشطة مؤسسة الأهرام مثال يحتذى في هذا المضمار. ولا بد
من قيام الأجهزة والاتحادات والمؤسسات الإعلامية على مستوى مجلس التعاون لدول
الخليج العربية، والجامعة العربية، وغيرها من الأجهزة والمؤسسات الإعلامية والبحث
العلمي العربية بوظائف أكثر حيوية وأوسع نطاقاً في مساندة التركيز والدمج بين تلك
المؤسسات، بدلاً من مساندة جميع تلك المؤسسات وخاصة الصغيرة منها.
وفي الوقت نفسه، فإن النهوض
بوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية التقليدية يتطلب أيضاً ابتكار صيغة
عامة للمشاركة بين المؤسسات الإعلامية والجماعات المثقفة والعلماء والباحثين العرب
في داخل الوطن العربي وخارجه، من أجل استنباط أطر جديدة ومتنوعة للتعاون. ولا بد
هنا من التركيز على مسائل التمويل وتنظيم الأنشطة المكلفة التي تتطلب درجة عالية
من المخاطرة، مثل التوسع في فتح المكاتب الخارجية، ونشر النشاط الصحفي والإعلامي
العربي، ضمن إطار الدبلوماسية الشعبية ليشمل أكبر ساحة إعلامية في العالم، وتغطية
الأحداث المهمة في المناطق البعيدة عن الوطن العربي، والقيام بالدراسات والبحوث
العلمية وعمليات الاستيراد والتصدير ذات الصلة بالنشاط الصحفي والإعلامي، وبحوث
التسويق والتوزيع داخل الوطن العربي وخارجه وغيره من النشاطات المرتبطة بالتحقق من
الانتشار والتوزيع.
وفي الخاتمة نكرر أنه لابد
من تعزيز التعاون بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية، والمؤسسات
الإعلامية مع دول الجوار للدول العربية من خلال دعم كل صور التبادل العلمي والفكري
والثقافي ونشاطات الدبلوماسية الشعبية على المستوى القومي معها، وهي مهمة تقع في
رأيي على عاتق أصحاب القرار السياسي في الدول العربية أولاً، وعلى اتحاد الصحفيين
العرب، واتحاد الإذاعات العربية، وكل المنظمات المعنية الإعلامية العربية للاضطلاع
بالمهام القومية في المجال الإعلامي والفكري والعلمي، والعمل على تعزيز قدرة وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية على إرساء أسس السلام وتعزيز الأمن
والاستقرار والوئام داخل الأقطار العربية وفي المنطقة وفي العالم أجمع، دون إغفال
أهمية التعاون الإيجابي مع الاتحادات والمؤسسات الإعلامية العالمية المعنية بتقدم
الإعلام وحرية التعبير والثقافة، وهي مسألة تأخر فيها العرب كثيراً حسب رأي الصحفي
العربي المعروف إبراهيم نافع. [15]
وأرى أنه لابد من وضع
برنامج منطقي وواقعي على المستوى العربي لتحقيق التعاون والتنسيق في العمل الهادف
للولوج إلى المجتمع المعلوماتي الزاحف بإصرار، بالشكل الذي يتعزز فيه مشاركة
الصحفيين العرب من خلال ومؤسساتهم الإعلامية والمهنية في المنابر الإعلامية
والمهنية العالمية، ومشاركتهم الفاعلة في صناعة وتسويق ونشر الخبر عن أهم الأحداث
العالمية الجارية هنا وهناك، وعن الأحداث العربية، وتوجيهه إلى الساحة الإعلامية
العربية والعالمية. وقبل ذلك بطبيعة الحال، فإنه من الضروري تنمية علاقة المشاركة
والتعاون البناء بين الأوساط الصحفية العربية والدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية
في كل الأقطار العربية، على أساس من العمل المشترك لمصلحة الوطن والنهوض به قطرياً
وعربياً، وفي الوقت نفسه الاضطلاع بالمهام المطلوبة على المستوى الإقليمي
والعالمي. وهذا يتطلب الإسراع في وضع وتطبيق برنامج إعلامي عربي يضمن فاعلية أكبر
لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية في المجتمع الإعلامي، ويضمن لها دوراً
أكثر فاعلية يساعدها على أداء أدوارها المتنوعة في مجالات التوعية العلمية
والاقتصادية والتقنية والمعرفية والتنويرية والتثقيفية والتربوية وفي التصدي
لأعباء التنمية الشاملة. كما أنه سوف يساعد أيضاً على الارتقاء بوسائل الاتصال
والإعلام العربية إلى مصاف كبريات وسائل الاتصال والإعلام العالمية، وسوف يساعد
بالضرورة على تمكين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية من الأخذ بدورها
الريادي والطليعي في كل القضايا الوطنية والقومية والعالمية، وفي الانتقال إلى المجتمع
المعلوماتي المنفتح وليد العولمة وتداعياتها الإعلامية، بشكل أكثر إيجابية وفاعلية
وتأثير.
طشقند: الخميس، 30
آب/أغسطس، 2001
مراجع البحث:
1.
إبراهيم نافع: مستقبل الصحافة في مصر. القاهرة: الأهرام، 29 يونيو/حزيران 2001،
العدد 41843.
2.
حسام عبد القادر: البابا شنودة في لقاء مفتوح. القاهرة: أكتوبر، العدد 1288،
1/يوليو 2001.
3.
خالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة
الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999.
4.
زاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل الإعلام الجماهيرية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm (باللغة الروسية)
5.
سيونتيورينكو و.ف.: المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm (باللغة الروسية)
6.
د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار
علاء الدين، 1999.
7.
غ.ل. صاموليان، د.س. تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون: طريق روسيا إلى المجتمع
المعلوماتي (الأسس، المؤشرات، المشاكل، والخصائص). موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية
العلوم الروسية، 1997. (باللغة الروسية)
8.
د. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. أبو ظبي: صحيفة
الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001.
9.
د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد،
الاثنين 22 يناير 2001.
10.
د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر
لطلاب الماجستير. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة
الروسية)
11.
د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. مجلة "معلومات دولية"
دمشق: العدد 65/ صيف 2000.
12.
د. محمد نعمان جلال: العولمة بين الخصائص القومية والمقتضيات الدولي. القاهرة:
مجلة السياسة الدولية، عدد 145، يوليو 2001.
13.
كليمينكو س.، أورازميتوف ف.: وسط حياة المجتمع المعلوماتي // ИФВЭ، МФТИ.
– Протвино: РЦФТИ،
1995. (باللغة الروسية)
14.
يرشوفا ت.ف.: آفاق قضايا الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي في القرن الحادي
والعشرين. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_5.htm (باللغة الروسية)
15.
Building the
European Information Society for us all: Final policy report of the high-Level
expert group, April 1997 / European Commission. Directorate- General for
employment, industrial relations and social affairs. Unit V/B/4. - [Brussels,
manuscript completed in April 1997]
16.
Information Socity:
Challenges for Politics, Economy and Society. - http://www.bmwi-info2000.de/gip/fakten/zvei
e/index.html
17.
The Information
Society and the Developing World: A South Africa Perspective (Draft 5, Version
5.1, April 1996).
هوامش:
[1] أنظر: سيونتيورينكو و.ف.:
المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm (باللغة الروسية)
[2] أنظر: سيونتيورينكو و.ف.:
المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm (باللغة الروسية)؛ ود. محمد نعمان جلال: العولمة بين الخصائص
القومية والمقتضيات الدولي. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد 145، يوليو 2001.
ص 42-48؛ ود. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي
الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية،
2000. ص 18-66. (باللغة الروسية)؛ ود. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن
الإعلامي الوطني. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001. صفحة 33؛ ود.
محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. أبو ظبي: صحيفة الاتحاد،
الاثنين 22 يناير 2001. صفحة 34؛ ود. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي
الدولي. مجلة "معلومات دولية" دمشق: العدد 65/ صيف 2000. ص 129 – 144.
[3] The
Information Society and the Developing World: A South Africa Perspective (Draft
5, Version 5.1, April 1996).
[4] أنظر: يرشوفا ت.ف.: آفاق
قضايا الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي في القرن الحادي والعشرين. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_5.htm (باللغة الروسية)
[5] أنظر: غ.ل. صاموليان، د.س.
تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون: طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس،
المؤشرات، المشاكل، والخصائص). موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية العلوم
الروسية، 1997. ص 64. (باللغة الروسية)
[6] Information Socity: Challenges for
Politics, Economy and Society. - http://www.bmwi-info2000.de/gip/fakten/zvei
e/index.html
[7] أنظر: كليمينكو س.،
أورازميتوف ف.: وسط حياة المجتمع المعلوماتي // ИФВЭ، МФТИ. – Протвино: РЦФТИ، 1995.
(باللغة الروسية)
[8] أنظر: يرشوفا ت.ف.: آفاق
قضايا الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي في القرن الحادي والعشرين. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_5.htm (باللغة الروسية)؛ وكليمينكو س.، أورازميتوف ف.: وسط حياة المجتمع
المعلوماتي // ИФВЭ، МФТИ.
– Протвино: РЦФТИ، 1995. (باللغة الروسية)؛ وزاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل
الإعلام الجماهيرية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm
(باللغة الروسية)؛ و
- Building
the European Information Society for us all: Final policy report of the
high-Level expert group, April 1997 / European Commission. Directorate- General
for employment, industrial relations and social affairs. Unit V/B/4. -
[Brussels, manuscript completed in April 1997]
[9] أنظر: د. محمد البخاري:
العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير.
طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2000.ص 26-27. (باللغة الروسية)
[10] The Information Society and the
Developing World: A South Africa Perspective (Draft 5, Version 5.1, April 1996).
[11] أنظر: غ.ل. صاموليان، د.س.
تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون: طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس،
المؤشرات، المشاكل، والخصائص). موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية العلوم
الروسية، 1997. ص 64. (باللغة الروسية)
[12] أنظر: خالد يوسف السلمي:
العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة الأوروبية. الرياض:
في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999. ص 103- 180.
[13] أنظر: حسام عبد القادر:
البابا شنودة في لقاء مفتوح. القاهرة: أكتوبر، العدد 1288، 1/يوليو 2001. ص 27.
[14] للمزيد أنظر: د. صابر
فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار علاء الدين،
1999. ص 19-22.
[15] أنظر: إبراهيم نافع:
مستقبل الصحافة في مصر. القاهرة: الأهرام، 29 يونيو/حزيران 2001، العدد 41843.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق